رواية ابتسامة الشيطان الفصل العشرون 20 بقلم اسماء ندا

        

 

 رواية ابتسامة الشيطان الفصل العشرون بقلم اسماء ندا


عاد فيكتور الى القصر وكانت الساعة تعدت الثامنة مساءا، دلف الى غرفته كى يستعد للقائه مع فتاته، وبعد مرور ساعة، كان يقف أمام ذلك السكن الملحق بين القصر والمستشفى، يستند على سيارته وذهنه شارد بالتفكير في ما  علمه من عمته، عيناه بتلقائية اتجهت انظارها الى الحارسان الواقفان عند باب الملحق بتأهب واحترام لوجوده، وبدأ يتفحص وجوههم وبعد قليل ركز بعينيه على واحد فقط وبدأ يدقق النظر له وكأنه يراه لاول مرة او يقوم برسم ملامحه بدقة

رجل مفتول العضلات، طويل القامة، ذات جسد رياضى، يتضح على ملامح وجهه الحده على الرغم من تلك الابتسامة المرتسمة على شفتيه، ذات نظرات تشبه الصقر، لكن تلك التجاعيد الخفيفة بوجه تظهر انه فى العقد الرابع من العمر، برغم من تناسق جسده الرياضى الا ان شعره الاسود الداكن يعطيه مظهر شاب فى بدايات الثلاثين، تذكر فيكتور عدت معارك خاضها وهذا الحارس بجواره يسرع بحمايته والمغامرة بحياته لانقاذه حتى اسرع من كوبر و دايمون، يتذكر جيدا تلك المرة عندما كان يشرف بنفسه على صفقة تبادل اسلحة غير شرعية وحدث هجوم من عائلة معادية لهم وكان الحصار قوى، واطلاق الاعيرة النارية من كل الاتجاهات، وكان قد تفرق وقت الهروب عن كوبر ودايمون، واضطر ان يخرج من السيارة ويلجأ للاختباء خلف احدى حاويات القمامة، وقد انتهى خزينة السلاح معه واوشك على الوقوع قتيلا.

 اذا بسيارة تندفع وسط النيران غير عابئ سائقها  بتلك الاعيرة  ثم ينزل منها ذاك الحارس بعد أن قام  بفتح الباب الخلفى للسيارة، وقف يتبادل إطلاق النار ويشتبك مع الاعداء  حتى دلف فيكتور داخل السيارة، فعاد وانطلق يقتحم صفوف السيارات المعادية وهو يقود بيد وبالاخرة يطلق النار من النافذة، حتى استطاع المرور والهروب منهم، وما ان وصل الى مكان أمن حتى توقف، لقد كان مصاب بأكثر من رصاصة ولكنه تحامل على الألم و قام بحمل فيكتور  الى داخل بيت فى الغابة، ثم قام بتضميد جروحه و جلس بعيدا، و بحرفية أخرج من جسده اكثر من اربع رصاصات ثم كوى الجروح بسكين ساخن كى يوقف النظيف، وبعد أن انتهى اقترب ومسح بيده على شعري انا  كأب حنون، ثم فقد وعيه، اتذكر ذلك اليوم جيدا لانى كنت اتظاهر بالغفوة حتى فقد هو وعيه ومنذ ذلك اليوم وانا اثق به واجعله يحرس احبائى فأنا على يقين انه سوف يدفع عمرة مقابل الا اتألم.

استفاق فيكتور من شروده على صوت أنثوى رقيق 

-هاى، الن نذهب للعشاء اليوم ام تنوى قضاء الليلة في غزل راؤول 

نظر لها بدهشة قائلا

-راؤول! وغزل، رحماك يا رب 

نظرت إلى راؤول الذي كان قد اقترب بعد أن استمع لاسمه معتقد  ان لوسيفر قد نادى عليه، فتحدث مبتسما وهو يتصنع براءة الأطفال 

-هل سوف اذهب معكم؟

لوسيفر :- أنت وذلك الذي معك اتبعنا بسيارة اخرى وأخفى تلك الابتسامه من وجهك إن أردت البقاء حيا 

وضع راؤول يده على صدرة متصنعا الطعنه قائلا بشكل مسرحى 

-تهددني، وهل يهون عليك ذلك الوجه الوسيم 

ضحكت أسلين بقوة وكادت ان تقع ارضا وهى تقول 

أرأيت لست وحدى من ظنك تتغزل به 

دفعه لوسيفر الى الخلف وهو يزأر كالأسد :- ان لم ترحل لسيارتك سوف اشوه ذلك الوجه الوسيم 

هرول راؤول لسيارته وهو يضحك ويرسم على وجهه نظرة الرعب وتبعه الحارس الآخر، وعند باب القصر صعد لسيارة راؤول حارسا إضافيان، اسلين  لم تقطع ضحكاتها لمسافة طويله خاصة كلما نظرت اليه ورأت ملامح الغيظ على وجهه ليصيح بها 

-كفى بربك، صباحا كنت قاتل والان اصبحت شاذا

ارتفعت ضحكاتها اكثر وهى تقول بحروف متقطعة 

-يا ليتنى التقت لك  صورة  لترى كيف كنت تنظر اليه 

-بربك أسلين، لقد كنت شارد الذهن 

-حسنا، حسنا، لا تقلق يمكننى ترتيب لكم ميعاد على النهر 

توقف بالسيارة فجأة على اثر حديثها ثم التفت لها بغيظ وجذب رأسها بكلتا يديه يلتهم فمها  بقبله عميقة  ثم افترق عنها عند شعوره باحتياجها للهواء، وعاد لقيادة السيارة  وهو يبتسم، تحت أنظارها المصدومه ثم قال بهدوء 

-اعتقد ان هذا يثبت لك انى لم اتغزل به 

لم تستطع الاجابة واكتفت بتغير نظرتها الى النافذة بجوارها لدقائق، ثم استدارت له وهى ترفع يدها بتحذير 

-إن فعلت ذلك مرة أخرى سوف اقتلع رأسك 

توقف بسيارته أمام احد المطاعم العائمة  ثم خرج من سيارته والتف حولها حتى فتح لها الباب، فخرجت وتوجهت الى الممر الخشبي الذي يوصل البر بالباخرة، التفت هو الى راؤول وقال 

-انتظروا هنا 

ثم تبعها ليجدها تيبست بمكانها فمد يده لتضع كف يدها به، وبدأت التحرك ببطء بجواره، شعر برعشة كفها فجذبها جواره اكثر واخذ ذراعها داخل ذراعه وهمس 

-هل تخافى الماء 

-لا، لكن هذه اول مرة اركب باخرة 

-لا تقلقي، انها آمنة وانا اجيد السباحة 

-ماذا؟ وهل سوف نغرق؟ 

ضحك من نظرة عينها المذعورة وهمس 

-اذا تخشين المياة، هيا لقد عبرنا وانتهى الامر.

نظرت حولها للمكان فكان يشبه بيت عائم على سطح الماء، بعد أن فتح لها باب كي  تداخل، تقدمت الى الداخل فوجدت المكان اشبه بغرفة كبيرة فى احدى زواياها هناك فراش على شكل فم أسد مفتوح مغطى بشرشف حمراء، وزاوية اخرى يوجد مدفأة خشب مشتعلة نيرانها تبعث الدفء فى المكان ويوجد أمامها فرشة أرضية مليئة بالوسادات المتفرقة، بجوار المدفأة يوجد مكتبة صغيرة ارضيه يعلوها شمعدان، و بالجهه الاخرى بجوار النافذة يوجد طاولة مستديرة مرص عليها أطباق مغطاة، وحولها مقعدين متقابلين وبعدها بقليل توجد اريكة من القطيفة الحمراء موجه الى النافذة حيث يظهر ظهرها للباب، أما الأرض ويغطيها سجاد من الشمواه (الفرو) الأسود الذي يتخلله خطوط حمراء، وعلى الجدار الجانبى بجوار الباب معلق ثلاث اشكال من الشمعدان المضاء.

-هل هربت تلك الغرفة من كتاب الاساطير؟

-افهم من ذلك لقد نجحت بأبهارك، جيد 

نظرت له وهى تقول :-نعم نجحت ولكن لا تعتمد ذلك، نأكل اولا ام نتحدث وتخبرني عن تلك الاسئلة التى تدور فى عقلك 

-نأكل اولا 

جلست  على المائدة  وقام هو برفع الاغطية من فوق الطعام وتقديمه لها مع ابتسامة ثم سكب بعض من مشروب غازى، فقالت 

مشروب غازى، اخضر اللون 

-اعلم انك لا تحبِ الخمر، ولا تحبى المشروبات السمراء 

-وانت 

-اليوم سوف اشرب ما تشربيه  

شرعوا فى تناول الطعام واكتفى هو بالصمت والنظر لها ولكن عقله ظل يشرد كل فترة الى حديث عمته صباحا، فنهض فجأة وأمسك هاتفه وهو يخرج من باب كابينة الباخرة، وبعد لحظات اجابه كوبر 

-اريد ملف راؤول، واى معلومه عنه سواء كبيرة او صغيرة، اريد ان اعلم كل شئ حتى مسقط رأسه وبيانات والديه 

-لقد تحققنا من ذلك سابقا، انت تعلم انه لقيط و كد نشأ فى دار رعاية للاطفال، ليس له عائلة او أصدقاء، لم يتزوج ولم يكن له حبيبة، وليس له اى علاقات نسائية او حتى رجالية، لدرجة انى اعتقدت انه راهب 

-لا يكفينى تلك المعلومات، تحقق من الامر كوبر، واعلم متى التقى اخر مرة مع ليو 

-ليو، لا يوجد اى شئ عن لقائه. ب راؤول، متى حدث ذلك 

-تقريبا قبل مولدنا، هل تسألنى كوبر، ماذا بك؟ اريد كل شئ قبل الصباح 

اغلق الهاتف دون انتظار اجابه منه ثم عاد إلى الكبينة، كانت أسلين انتهت وذهبت للجلوس على الاريكة بجوار النافذة، وهى تتبع بهدوء اشعة القمر المنعكسة على مياة النهر باللون الفضى مظهر اضواء بسيطه صاعدة للسماء، قام فيكتور بإطفاء بعض الشمعدانات ليقل الضوء بالكبينة، ثم جلس الى جوارها ونظر من النافذة وتنهد قائلا بصوت كاد ان يكون همسا

-عندما يتشتت فكرى، وتكثر الصدمات التى تقابلنى أتى الى هنا، كما كانت تفعل أمي بالماضى، انا فقط من كانت تصحبه معها تاركه اخوتى الفتيات بالقصر 

-تشتاق اليها 

-بالتأكيد، رغم علمى انها ليست أمي الحقيقية، ولكنى لم اعرف ام غيرها 

-أين هى؟

-قتلت وانا بالثانية عشر هى واختى الصغيرة، ثم تزوج ابى من ابنة الاب الروحي للعائلة التى كانت متزوجة من الشخص الذي اقنعنى ابى انه واحد من قتلت امي، ولكن اليوم فقط علمت انه كاذب وهذا الرجل الذي قتلناه لم يكن سوى مذنب ببعض السرقة التى كان من الممكن المسامحه بها 

دمعت عينها من خوف بداخله ان يأكد ظنها باجابة سؤالها القادم 

-ماذا كان أسم هذا الرجل؟ 

نظر لها ورأى تلك الدموع بمقلتها فقرر أن يراوغ بسال بعيد كل البعد عن الإجابة التى تريدها 

-اين تذهبين كل ليلة بالمهرة؟ 

تعجبت من تغيير الحديث وتعجبت أكثر من سؤال  وإجابة 

-أخبرنى راؤول انه يسمح لى اخذ المهرة، هل هذا ازعجك؟

-لا، بالطبع، كل ما املك تستطيعى استخدامه، فقط اقلق عليك فأنت تتسللين به الى خارج القصر دون حراسة ويوجد من بترصد لقتلك او اختطافك ولا نعلم من هو بعد فقط اردت ان اعلم كى احميكي دون ارسال اى حارس خلفك  

-كيف علمت انى اخرج بها من القصر؟ 

تبسم لها وقال 

-رأيتك ولكنى لم أتبعك، شعرت انك تريدين بعض الحرية، وايضا حتى لا تشعري انى اسجنك 

-لما تقلق على؟ لما تراقبي منذ زمن بعيد وقبل حتى محاولات خطفى؟

-وكيف علمتى انى افعل ذلك؟ 

-كنت اشعر بمراقبتك، وبحماية شخص ما لى، لكن لم اكن اعلم من هو، والان اجبنى لما تفعل ذلك

صمت قليلا وهو يعيد نظره الى النافذة ثم قال 

-اتعلمين، تتراكم فيكِ بقايا قصص وأشعار, تتراكم فيكِ بقاياي .. فوضاي, يتراكم فيكِ كل حزن وأمل، يختبئ الاشتياق في جدائلكِ وخِصلاتكِ, وفي عينيكِ أرى كل نشوة بعيدة وذِكرى سعيدة، تَلِفّكِ التساؤلات, تغيب الأجوبة في صوتكِ, وتختفي .. خلف الابتسامات، تَغوص فيكِ أفكاري, تستقرّ في الأعماق, ثم تطفو في الليل, بائسة .. فقيرة .. مُنطفِئة, وببتسامتك .. تُعيدي توهّج الرغبة. وتُعيديني للحياة. 

تنهد وكأنه يخرج عبأ تراكم بقلبه ثم تابع 

-في كل انفعالاتي تظهرين أنتِ, أراكِ , كأنكِ دواء لكل شيء,كأنكِ ثورة الخلاص في وطنٍ ظالم، فيكِ أدفِن وجَعي .. يا أرض لا تَطرُد ساكنيها, بِكِ أحتمي .. من الأعداء والوِحدة والزمن, إليكِ أهرب .. من نفسي وبؤسي و  تشاؤمي. ومِنكِ .. أقتبس نهايات سعيدة لحكايات تعيسة.

دون ان تتحدث اقتربت اليه و وضعت رأسها على كتفيه، فرفع ذراعه ليسقط رأسها على صدره وضمها اليه به، ثم ساد الصمت لفترة فشعر بثقل رأسها وانتظام انفاسها، فتبسم داخله ونهض بهدوء ثم حملها ووضعها على الفراش ليدهش بتشبث اصابعها بملابسه، فتمدد جوارها جاذبا الغطاء عليهم وظل ينظر الى ملامحها الهادئة المطمئنة، ولاول مرة له يغفوا دون دواء ولها ايضا.

****************

فى سيارة راؤول 

تذبذب جهاز داخل صدرية راؤول مصدرا اهتزازات بسيطة مفادها ان هناك رقم يقوم باستدعائه فرفع ساعة يده بالقرب من عينيه وضغط عليها ليظهر رقم وبحركة خفيفة من اصابعه على شاشة الساعة أرسل رسالة مفادها ميعاد اللقاء في مساء الغد،ثم اخفض يديه واضعا إياها على المقود ونظر من نافذة السيارة تجاه الباخرة ليطمئن ان كل شئ أمن، وكان من معه بالسيارة اثنان منهم قد غفو بالفعل اما زميله فكان يتابع شئ ما على هاتفه، وهكذا مر الليل يتبادلا مراقبة الباخرة ليغفو اثنان ويستيقظ اثنان .

****************
اثناء ظلام الليل داخل قصر أدريان، وقفت أستلين قرب المدفأة تعبث بأخشابها التى تحترق لتزيد احتراقها، ووقف خلفها ادريان يحتضن خصرها بذراعيه وهو يدفن وجهه فى منحنى رقبتها يشتم رائحة شعرها، ويهمس لها 

-احترق الفؤاد فى بعدك ولم يتبقى سوى رماده، بادرة بدفن   الشوق بدماء كل من له صله بابتعادك، أهان عليك قلبى تعذبيه بفراقك معتقدا موتك وانت لازلت على قيد الحياه معشوقتى 

التفت له وهى لم تنزع عنها بعد قناعها، تلامس وجهه بظهر كفها واليد الاخرى وضعتها على صدرة موضع القلب  وهمست 

-وهل كان ذاك القلب سيظل مشتعلا بلهيب حبي بعد ما انتهى جمالي وماتت بداخلى تلك الفتاة الحالمة وتشوهة كل معانى الامان بداخلى 
 
-وهل عشقت يوما ملامحك او اشتعل القلب بغرام خارجى لمظهرك، لما تقللي معشوقتى من عشقى لك، وكيف يموت الامان بداخلك وقلبى لك جندا لحماكي، وان انتهى جمال الشكل هل تصدقى أن ينتهى فيضان عشقى لروحك معشوقتى، وان غفت فتاتى الحالمة لفترة من الزمن فاحييها لتستيقظ بين حنايا قلبى صغيرتي 

رفع يديه ونزع عنها قناعها وهى يرى تلألؤ الدموع بعينيها طافية بعينيها، حاولت وضع كفيها لأخفاء تلك  الندوب للحروق بجوار فمها، فامسك كفاها بين كفيه و اقترب يلثم قبلات حنونه فوق الندوب متمتم بين قبلاته 

-انت الاجمل دائما دون جميع نساء العالم، لل تخجلى صغيرتى من تلك النمش البسيط فهو يزيد جمالك بعينى، اقسم لك أن من تسبب فى إيلامك لأذيقه عشر أضعافها 

اغمضت عينها مبادلة قبلاته بسعادة غامرة قلبها، فساكن القلب لم ينفر منها كما ظنت بل ظل على عهده لها محافظ على نيران الحب مشتعلة 

-صغيرتي المرأة القط  

همست له (لست أنا المراة القط، انا فقط بديلتها)

***********
(😁نسيب الناس يعيدوا احياء حبهم ونروح نشوف ارس بيعمل ايه )
****************

  قصر ارس بعدما عاد هو وزوجته وابنتها، تركهم ودلف الى مكتبه وأغلق عليه، ثم امسك الهاتف و هاتف كبير حراسة (ريدبك ) ثوانى واتاه الاجابة

-سيدى ان الرسائل تاتى من عدة ارقام مجهولة المصدر ولكن جميعها من داخل القصر 

-اخبرتنى ذلك سابقا وأعتطك الفرصة اثناء الهجوم المزيف لمعرفة موقع ذاك الهاتف المرسل لتلك الرسائل 

-لقد مسحت جميع اماكن القصر داخله وخارجه حتى فى خانات الهروب ولم اجد سوى غرفة اللجوء التى لا يوجد بها اثر لحياة احد ما بها طوال سنوات ولكن الغريب انها شديدة النظافة والدفء، ولكن أُستلين ابنتك اخبرتنى انها بعض الاوقات عند حزنها تتخفى بها 

دام صمت قليل ثم قال 

-سوف ترحل بعد يومين أبنتي عن القصر وسوف تذهب زوجتة لابيها، اريدك ان تبحث جيدا حتى وان اضطررت لهدم القصر وببنائه

-هدم القصر

-لا وقت للغباء ريد، فقط مثال لجدية البحث  

اغلق الهاتف ونظر فى الرسائل ليقرأ اخر رساله أتت منذ خمس ياعت  وهو فى قصر ليو متحدثا الى نفسه 

-لا يمكن أن  تكون  أستلين الصغيرة   هى المرسلة، فقد كانت امام عينى طوال اليوم هناك ولقد اتت الرساله ونحن بقصر ليو، من الذي يتجرأ لتهديد أرس ريمور 

*********************

صباح اليوم التالى اشرق على بعض القلوب الغارقة بالعشق وبعض القلوب المتوعدة بالانتقام و ذاك القلب الحائر بين العديد من الاسئلة التى اجابتها ظلام هالك ودمار حتمى لهيكل شيده بدماء الكثيرين 

تململت أسلين من نومها وهى تتثائب كطفل قد شبع من نومه، تبسمت بداخلها قبل ان تفتح عينها لشعورها بالامن لاول مرة منذ سنوات، فتحت عينها بمدوء تبحث برويه عن مصدر أمانها، لتجده جالس على الاريكة  شارد الذهن، نهضت لتقترب منه ثم حاوطت رقبته بذراعيها وامالت رأسها على كتفه لينسدل شعرها بجانبها حتى وصل الى كف يده وقالت 

-يمكنك الوثوق بى، واخبارى ما يحير عقلك، اى مشكله ممكن ان تحل ان فكر بها اثنان 

تنهد مخرج انفاس حارة من صدره ثم قال 

-أعترف بأني ظلمتك حين أحببتك.. حين سحبتك إلى  حياتى المظلمة، حين لم أقم بتحذيرك بأنى كالثقب الأسود، كظلام صحراء مقفرة لا يظهر بسمائها قمر قط، نعم ظلمتك.. وأعترف بأن ليس لى من عذرِ؛ ولكنك حبيبتى جنين النور بداخلى والذي يمنع ظلامى من تدميرى، أعترف بأنى أنانى ولكن حبى لك كالمرض الخبيث لا يمكن علاجه..

-عاهدتك دون معرفة هويتك انى لك دواء كما كنت لى أمان، عاهدت ذلك الذي يقف بالظلام كذئب يحمى وليفته، بان اكن له،وان اقتحم ذاك الظلام لاكن جواره فقط 

-هل سوف تظلين جوارى ولى حتى وان ظهر الوحش من داخلى 

-سأظل ولكن التزم الصراحة والصدق دائما فالكذب يدمر الحب 

-اجلسي  جوارى، واخبرينى كل شئ عنك حتى وان كنت اعلمه وان شعرت بصدقك صدقا سوف اخبرك كل ما بى 

تمددت على الاريكة واضعه رأسها على قدميه واغمضت عينها كى تخفى الالم بداخلها فهى ولاول مرة سوف تقص وتروى عن ماضيها الذي يؤلمها وعن شكها الذي اصبح كاليقين انه هو ذاك الفتى الذى رأته يوم مقتل والدها 

-لا اتذكر من الماضى الا يوم واحد فقط، وما قبله كان كالحلم الجميل الدافئ الذي انتهى بفزع لا استطيع تخطيه، كان لى بيت كالجميع ام حنونة رغم  قساوة افعالها الظاهرة، اتذكرها وقت معاتبتي لاتعلم كيف ادافع عن نفسي وان لا اثق بأحد، اتذكرها عندما مرض وهى جالسة جوارى تتحسس حرارتى بشفتيها ودموعها تسرى على وجهى اتذكر همساتها ان اكن قويه والا استسلم ان اكن سند لنفسي فلا سند لى غير نفسي، ان اتسلح بالعلم فهو اقوى الاسلحة، حتى اخر يوم رأيتها به، قالت لى اهربى ولا تنظرى خلفك، لا تنتظري احد حتى انا، فقط اهربى وارحلى عن تلك البلد، لا استطع نسيان نظراتها وذك الحقير يجذبها للخارج، كانت تودعنى ، اعلم انها صمتت ولم تخبر احد عنى كي تحمينى، نعم لا اعلم ان كانت قتلت ام لازالت على قيد الحياة، ولكن شئ بداخلى يخبرنى يوما لنا لقاء.

اعتدلت بجلستها ونظرت إلى عينيه وقالت 

-انت ذاك الفتى الذي رأنى وابتسم ثم اخذ القتله ورحل 

تبسم لها ثم نهض دون ان يجيب واقترب من المدفأة ثم سحب كتاب من رف فى منتصف المكتبه ففتح باب صغير خلفها، مد يديه واخرج دب قطني بعين واحدة، ثم اقترب وجلس بجوارها وهو يرى دموعها المنهمرة وهى تنظر لذلك الدب ويدها التى امتدت بشوف له وكانها تضم ماضيها وذكرياتها الجميلة.

بعد صمت دام لدقائق صاحت بحرقة من قلبها 

-لماذا؟ لماذا؟ 

مد يده ومسح دموعها قائلا 

الان سوف اجيب، قبل ذلك اليوم بسنة واحدة، فى ذلك  القصر الذي اقيم به الان، استمعت لعمتى وهى تتحدث الى ابى فى الهاتف وتقول له، انه عليه التوقف عن دفعي لحمل السلاح فوالدتى لن تسمح لى ان أصبح مثله، كانت تضع والدى على سماعة الهاتف فسمعته وهو يصيح بها أنني لست ابنها ولا يحق لها ان تحدد مصيري، يومها دلفت الى غرفة أمى وانا منهار من البكاء و أخبرتها بما قال وسألت عن أمى، ضمتني اليها وقالت (نعم، حقيقى ان والدتك الحقيقية توفت و تركتك لى، ولكن انا امك التى راعتك و سهرت جوارك فى مرضك، والتى تفرح بفرحك وتتألم لجرحك، هل شعرت يوما انك لست مثل اخوتك البنات، بالطبع لا فان لم تكن ابنى الذى انجبته، فأنت ابنى الذي امتلك قلبى) يومها دلفت الى غرفتى سعيد وعلى تصميم انى لن اصبح مثل ابى وسوف أظل كما تريدني هى.

 سوف اجتهد بدراستي ثم أخذها هى واخواتى الفتيات وارحل من روما، ولن اعود، لكن مساء ذلك اليوم هاجم كثير من الأشخاص على القصر فأسرعت بإخفاء اخوتى الفتيات الكبيرات،  ثم ذهبت متسللا الى غرفة امى والتى تنام بها اختى الصغرى، تسللت من النافذة الى شرفة غرفتها، رأيتهم يقتلونها ويذبحون أختى، يومها عاد أبي من السفر واتهمني بأن موتهم ذنبى انا، والقى بى فى المخزن لعدة شهور، كنت استمع رجاء عمتى ان يتوقف عن تعذيبي وأن يتركنى، ولكنه دائما كان يجيب انى لست رجل وإني ضعيف ولم أدافع عن أمي وأختي

اخرجنى بعد شهرين لم يسمح لى بحضور الجنازة او رأيت مدفنهم حتى تعلمت حمل السلاح  اخذنى الى بيت رجل كان مقيدا ويلصق فمه بلاصق، أعطاني السلاح وا خبرنى انه احد الذين قتلوا امى، وطلب منى قتله، نظرت بعين الرجل وهو يحاول قول شيء ولكن لا يستطيع، وجهت السلاح الى رأسه، لم استطع فى الاول ان اقتله، كدت ان اخفض يدى لكن صوت أبي وهو يعيد على مسامعي طريقة قتل صغيرتى سولى و امى جعل الغضب يعمينى فأطلقت جميع ذخيرة الرصاص برأسه، ثم ألقيت السلاح وعدت الى السيارة وانا ابكى وارتعش ليس خوف بل غضب ويقين ترسخ داخلى انى لو كنت استمعت لابى وحملت السلاح لكنت استطعت حمايتهم.

لم اتوقف من يومها بل اصبحت اتعلم كل شي عن الاسلحة بجميع انوعها عن التشريح، عن مراكز الالم فى الجسم، و عن ما يقتل ببطء، ست اشهر بعد خروجى من المخزن وانا اقتل كل من كان له علاقة وصله بذلك اليوم حتى بالصدفة وانا عائد للقصر بعد انهائى على اسرة كاملة ، رأيت ذلك الرجل الذي ذبح اختى بيديه داخل غرفة المكتب لأبى، تسللت حتى اقتربت ورايت ابى يعطيه بعض الاموال والاخر يتساءل بغضب لما الاموال ناقصة فقال ابى له(اخبرتك ان تقتل المرأة وتجرح الطفلة فقط ولكنك غبى قتلتها) اخذ الرجل الاموال وخرج من الغرفة ولمحنى ابى فقال مسرعا انه دفع له ليقتل زوجة  وابنة الرجل الذي ذبح اختى ولكنه لم يفعل فقط احضر له العنوان.

 فصحت به أنه هو من قتل اختى وإني رأيته بعينى، فتصنع ابى الغضب وقال انه سيجده ويجعلنى اقتله بيدي، اخذت يومها وعد من أبى ان يكون ذلك الرجل لى ولن اقتله سريعا بل سوف اتلذذ بذلك، على ان اذهب معه لقتل اخر واحد اشترك بمقتل امى، بعد اربع شهور ذهبنا ليلا الى بيتكم وقفت بعيدا وسمعت أبي وهو يقتل الرجل ثم يأمر بإيجاد الطفلة ولكن زوجة الرجل قالت ان الطفلة تكون حفيدة ليو الأب الروحي للعائلة وانها هى ابنته، فاخذها ابى وامر باحضار الفتاة لكنه قال كلمة تعد رمز أمر بالقتل ففهمت انه يريد قتل الطفلة.

 راية ذاك الدب وانخفضت لامساكه وقتها رأيتك، وكأنك النور الذى اخترق ظلمت قلبى، لا انكر انى وقتها رأيت بك اختي الصغرى وتذكرت عهدى لامى برعايتها، وذلك ما جعلني ابعدهم عنك، من يومها الي امس كنت اقتل واعذب كل من كان له صله من قريب او بعيد بمقتل والدتى و….. 

نهضت والغضب يأكل قلبها وصاحت 

-لا، انت كاذب، ابى لم يقتل ولم يساعد على قتل والدتك، لا يمكن ابى لا يفعلها

-علمت ذلك أمس، علمت أن أبى كاذب، وان كثير مما تم قتلهم لم يكن لهم علاقة بمقتل امي، كان ابى فقط يسعى لخلق شيطاني يسعى لزراعة الظلام داخلى ومن ضمن خطته التخلص منك لانه يرى أنك تُبددي ذلك الظلام ولكنه لا يعلم من انت الى الان،  لانه مازال يبحث عن حفيدة ليو كى يتخلص منها فلا تصبح منافسة لى بالتحكم بادارة املاك و شؤون العائلة 

-ماذا فعل بأمى ؟

تبسم بسخرية قائلا:- تزوجها بالاجبار ورضخت هى لتحافظ على حياة جنينها فكانت حامل عندما اخذها الى ليو 

-امى كانت حامل، و تزوجت من قتل ابى 

-لم يكن لها اختيار إما ان تتزوجه ويبحث ليو عن حفيدته ليحميها  او يقتلها ارس  بما تحمل فى احشائها ويبحث عنك ويقتلك، تزوجته نعم ولكنها اخفت معرفتها بمكانك ورفضت الافصاح، خاصة عندما اخبرتها سرا انى احميك ولن يعلم احد بمكانك 

صمتت قليلا ثم قالت :-  ماذا إن وجدني الجد؟ قبل ان يعرف والدك مكانى 

-على ما قالت عمتي سوف يزوجك لى ويعينني الرئيس فوق العائلة وينفى ابى خارج روما، ولكني لا اثق فى ليو، ولا ابى، خاصة انى علمت ان ابى هو من وصي  لقتل أمى الحقيقية وزوجته التى راعتني، والان هو خلف الهجوم على القصر ومحاولة قتل أُستلين، لا اعلم ماذا افعل؟ أنه أبى رغم كل شئ ورغم كل ذلك، سألتني لما الحزن ولما الحيرة وان المشكلة اذا فكر بها اثنين سنجد حلا، اين الحل كيف احمى اختى الصغرى و حبيبتى و عمتى وبنفس الوقت  تجنب إيذاء ابى

فوق كل ذلك يوجد شخص خفى يسعى خلف أبى،اعلم ان ابي له أعداء كثيرة وانا منهم ولكن اعلمهم جميعا واستطيع ايقافهم او محوهم حتى من الوجود ولكن ذلك الشخص المجهول من هو لم أستطع كشفه بعد، وهناك راؤول الذي أنقذ عمتى وأخرجها من القبر بعد اتفاقه مع ليو، أنت تعلمى ذلك

-لا، انا اول مرة ارى راؤول عندما أرسلته يعمل كحارس شخصى لى 

-ماذا؟ ان عمتى قالت انه استمع لكم عندما كان يعمل حارس بالمستشفى و ليو استأجره ليخرجها 

-وكيف عرف ليو بأمر أُستلين عمتك، ثم انا لا اعلم من هو ليو، دعنا نحل شئ بشئ، اولا نسعى لايقاف والدك ثم نسعى لمعاقبته عن ما فعله دون تعريض حياته لخطر الموت 

-وكيف ذلك؟ 

-نسجنه لبضع سنوات 

ضحك فيكتور بهستريا و قال بين ضحكاته : تريدين ليو يحكم على بالموت رميا بالرصاص لكونى خنت العائلة ودخلت الشرطة بيننا، وسجنت ابى، وانا الكابو المتحكم فى ادارة امور العائلة بأكملها

نظرت له ثم وقفت واضعه يديها بخصرها وقالت 

-انا حفيدة  الأب الروحي للعائلة ووريثة المنصب و لست من المافيا، سوف ابلغ عن صفقة السلاح والمخدرات القادمة والتى سوف يستلمها والدك نظرا لعدم وجودك واختفاءك المفاجئ 

-اختفائى!

اشارت اسلين الى النافذة، فنهض ونظر، لاحظ وقوف الباخرة على شاطئ  ما، فالتفت لها ولم يجدها داخل الكبينه ووحد الباب مفتوح، خرج وهو يبحث عنها فوجدها على مقدمة الباخرة تستند على السور، فتقدم منها وهو ينظر حوله وتأكد ان الباخرة قد ابحرت اثناء نومه ورست على ذالك الشاطئ، فاقترب منها وقال 

-اين نحن ؟ومن قاد الباخرة؟

-نحن علي جزيرة صقلية، وهو من قاد الباخرة 

التفت لينظر خلفه، فوجد ريد بك ، يبتسم  ثم استمع له يقول 

-كل شئ جاهز
تعليقات