رواية هالة الفصل الواحد و العشرون بقلم جميلة القحطاني
يحرك خيوطها من بعيد.
الأسئلة التي كانت تدور في ذهن هالة كانت كثيرة، ولكن أكثرها إلحاحًا هو "أين أنا؟". كانت تشعر بالخوف من هذا المكان، وكأنها في قلب وحش ضخم يريد ابتلاعها.
هذا المكان الذي وجدت نفسها فيه كان عبارة عن فيلا ضخمة تقع في مكان نائي، بعيد عن عيون الناس. حتى الطريق إليه كان بعيدًا جدًا عن أي مدينة أو قرية، مما جعله مكانًا محاطًا بالغموض. جدرانها كانت عالية، النوافذ محجوبة بستائر ثقيلة، والممرات كانت طويلة ومظلمة. ولكن ما زاد الغموض هو وجود السيدة التي تقف أمامها بابتسامة غير مريحة.
أنتِ الآن في مكان خاص جدًا. لا تظني أن هناك مكانًا آخر يمكنك الهروب إليه، قالت السيدة. وهنا بدأ القلق يتصاعد في قلب هالة. من هي هذه السيدة؟ وما علاقتها بكل هذا؟
سراج، في تلك اللحظة، كان يجلس في مكتبه الفخم، يراقب الأحداث من بعيد. كانت تلك اللحظة التي شعر فيها بالسيطرة الكاملة على الجميع. ليس فقط على هالة، بل على كل من حوله. يعلم تمامًا أن الخوف هو أقوى سلاح يمكنه أن يستخدمه. وكان على علم بما يحدث داخل هذا المكان.
كان يرسل إشارات لأتباعه في كل مكان، ويعمل على إنشاء سلسلة من الأحداث لتدمير كل من يحاول الوقوف ضده. لكن ما لم يكن يتوقعه هو قدرة هالة على الصمود أمام هذه الضغوط. وكأن قلبها لا يتوقف عن الصراخ بصمت، رغم كونها محاصرة بين يديه.
في إحدى الليالي، وبينما كان سيف يحاول الاتصال بسلمى بعد أن أتم عرضًا مهمًا في عمله، تجاهلت اتصالاته. انتظرها، لكنها لم تأتِ. شعر بخيبة، لكنها لم تكن المرة الأولى.
وبينما هو في قمة إحباطه، ظهرت ليلى، تحمل له كعكة صغيرة صنعتها بنفسها، وتقول بابتسامة:عارفة إن ده مش احتفال كبير، بس حبيت أقولك إني فخورة بيك.
تأثّر، لكن قلبه لا يزال متعلقًا بسلمى.
مع الوقت، بدأ سيف يلاحظ تغيّرًا في تصرفات سلمى. لم تعد تهتم حتى بالمجاملات. يراها تضحك مع غيره، تهتم بمنصب رجل ثري جديد ظهر في المشهد، بينما معه تصير باردة، متحجرة.
وذات يوم، سمعها تتحدث مع صديقة لها قائلة:سيف؟! ده لطيف بس... مش على مقاسي، مش هيوصلني لحاجة.
وقع الكلام على قلبه كالسهم. عندها فقط سقط الوهم، وانكشفت حقيقة الحب المزيف.
انسحب سيف من حياة سلمى بصمت. وابتعد عن الجميع، يعيش خيبة أمل كبيرة، فاقد الثقة في الحب. ليلى، شعرت به، لكنها لم تقترب. قررت أن تتركه حتى يُشفى.
