رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الثالث و العشرون بقلم جميلة القحطانى
ولا إيه؟!
وفي الجهة الأخرى، كان فهمي جالسًا مع صديقه هاني على الرصيف قرب الحارة، يمسكان كوبَي شاي ويشاهدان المارة.
قال هاني: شايف البنت دي؟ كانت بتعجبك زمان.
رد فهمي وهو يرتشف الشاي: زمان كنت غبي... دلوقتي بقت هي اللي تعجب بجاري!
هاني ضحك حتى كاد يوقع الشاي على بنطاله وقال: يعني دلوقتي بتفكر بعقلك؟
قال فهمي: لأ... بتفكرني المحفظة فاضية، يبقى لازم أفكر بمعدتي!
كان حاتم واقفًا على باب بيته، يحاول تركيب لمبة جديدة للمدخل، وفجأة سمع صوت عم راضي، جاره الستيني، يناديه من الشرفة:هاتم! إنت بتركب لمبة؟ ولا بتجهز عرس؟
حاتم ضحك ورد: لا يا عم راضي، العرس لو حصل هبقى أول واحد أبلغك، وتجهز الطبل!
عم راضي نزل فورًا بدرعه الشتوي وقال وهو يراقب اللمبة: دي مش هتقعد شهر... دي صينية! الكهربا عندنا بتكهرب الكهربا نفسها.
رد حاتم وهو يضحك:ما هو أنا لما شفت الكهربا جايه من الشارع، قلت أنوّر المدخل قبل ما تهرب تاني.
قال عم راضي وهو يشير إلى لمبة بيته:أنا عندي لمبة من أيام عبد الناصر... بتشتغل لما بتزعل، وتطفي لما تفرح!
كانت الشمس بدأت تميل، والهواء فيه نسمة خفيفة. جلس حاتم على الطبلية الخشبية القديمة أمام باب البيت، وهو يوزّع أكواب الشاي على فهمي وهاني، بينما عم راضي وصل متأخرًا وهو يجرّ كرسياً بلاستيكياً ويقول:يا ولاد، الشاي ده فيه سِر؟ ولا أنا آخر واحد بيوصل دايمًا؟!
رد حاتم وهو يضحك: إحنا بندي الشاي للي يستحقه يا عم راضي... مش للي بيسأل عن الكهربا أكتر من الحكومة.
ضحك فهمي وأضاف: هو عم راضي عنده عداد جواسيس... عارف مين دخل ومين خرج قبل ما البوّاب يشوفهم!
عم راضي رفع صوته وقال: أنا بحب أتابع أحوال الناس... أصل الحارة دي لو سبتها، تبوظ.
هاني قال وهو يضرب على ركبته: عم راضي لو مسك الحارة، هيلغي المرور ويعمل بدلها لجنة تفتيش على القعدة!
حاتم ابتسم وقال: هو عم راضي لو بقى رئيس الحي، كل واحد لازم يسجل يومياته في دفتر يسلمه كل آخر أسبوع.
فهمي قال وهو يتصنع الحزن: وأنا أول واحد هيتحبس... أصل حياتي مليانة بلاوي!
انفجروا جميعًا ضاحكين، وبين كل نكتة وأخرى، كانت تمرّ نسمة دافئة تعكس جو الألفة بينهم.
عم راضي قال بنبرة خفيفة: أنا بحبكم يا ولاد... بس لو الكهربا قطعت، هقطع الشاي ده من عندكم!
في صباح يوم هادئ، كانت رهف تحاول تجهيز الفطور في المطبخ.