رواية هالة الفصل الرابع و العشرون بقلم جميلة القحطاني
يقترب منه جده عاصم، يضع يده على كتفه:مالك يا يحيى؟ مش شايفك بتضحك ولا تشارك؟
يرد يحيى بصوت منخفض:أنا مش شبههم، يا جدي. كلهم ناجحين، وأنا حاسس إني فاشل.
الجدة نوال تنادي الجميع: يلا ع الغدا، الرز المعمر برد!
الجميع يتجه نحو المائدة مشاكسات، ضحك، نظرات خفية، تلميحات، وسر دفين في عين الجد لا يراه أحد.
الفيلا كانت مليئة بالحياة، لكن أحد جدرانها يخفي صورة قديمة صورة قد تغيّر كل شيء.
الضحك لا يغيب عن أروقة البيت، والمقالب اليومية بين الأحفاد هي طقس دائم:مالك يحب المقالب، ويسجل فيديوهات سرية لأفراد العائلة وهم نائمون أو غاضبون.
مها تسرق هاتف فارس لتقرأ رسائله وتضحك عليه في السر.
الجدة نوال تحكي الحكايات القديمة، لكنّها أحيانًا تتوه وتخلط بين الأشخاص، ما يجعل الكل يضحك… ويخاف.
لم تكن مروه تخطّط لشيءٍ كبير. مجرد غداء بسيط، صنعته بنفسها، وضعته في حافظة الطعام بعناية، ثم ارتدت فستانًا هادئًا وقبّلت يد والدتها قبل أن تغادر قائلة:حاسه إنه محتاج مفاجأة تفرحه، غرقان شغل طول الوقت.
كانت تمشي نحو الشركة بقلب دافئ، كأنها عروس ذاهبة للقاء حبيبها لأول مرة. وفي حقيبتها، بطاقة صغيرة كتبت عليها:بحبك بس كده.
وصلت، وكانت السكرتيرة مشغولة بهاتفها ولم تنتبه لوجودها.
دلفت إلى الداخل بخطوات مترددة، طرقت الباب بلطف، لم يُجب أحد لكن الباب لم يكن مغلقًا جيدًا. فتحته ثم توقف الزمن.
هاني، زوجها، الذي تحبه كما لم تحب أنثى رجلاً، كان غارقًا في حضن فتاة شابة، تجلس على مكتبه، تضحك، تلعب بشعره، وشفتيه على رقبتها!
شهقت تجمدت ارتعش صحن الطعام بين يديها حتى سقط وتهشم.
نظر إليها، كانت عيناه بلا ذنب، بلا خوف، بلا خجل.
دخل محمود المساعد وهو يلهث، ثم توقف كمن رأى شبحًا:هاني باشا الست مروه موجودة.
ابتعد هاني فجأة عن الفتاة، التقط قميصه ببطء، ثم نظر لمروه كأنها مجرد موظفة أخطأت العنوان.
قال ببرود قاتل:مش من حقك تدخلي كده ده شغلي!
أرادت أن تصرخ، أن تسأله ليه؟، لكن الصوت خذلها، وكل ما خرج منها كان شهقة مكتومة ودمعة يتيمة انزلقت على خدها.