رواية عودة الذئاب الفصل الرابع والعشرون بقلم ميفو السلطان
بأي وجه سيعودون؟
لا كأبناء…
عادوا كالعاصفة،
تحمل في أنفاسها تراب القبور التي دفنوا فيها طفولتهم بأيديهم.
عادوا لا ليسألوا: "لماذا؟"
بل ليقولوا: "… جاء دورنا."
أيُّ بيتٍ هذا؟
الذي أذلهم فيه عمٌّ جلَد،
وجد سكت،و بارك ا كأنهم سبه.
من سيُحاسب؟
ومن سينجو؟
ومن سيدفع ثمن السنين التي طُردت من أعمارهم؟
هل يكفي أن يعتذر الزمن؟
وهل يكفي أن يندم من خان؟
لقد تركوهم للضياع؟
لقد ضاعوا فعلًا…
ثم وجدوا أنفسهم في هاويةٍ لم يتمنّوها،
وصنعوا من آلامهم سلاحًا لا يصدأ.
.
اليوم…
لا عتاب، لا بكاء، لا تسويات.
اليوم… يُكتب الحساب لا بالكلمات، بل بالأفعال.
عادوا… لا ليموتوا هنا من جديد،
بل ليموت من خانهم.
عدنا،
بخطى لا تُشبه طفولتنا،
بأعينٍ لا تعرف البكاء،
عدنا لا لنُصافح، بل لنُحاسب...
فهل تراك الآن، يا جدي،
تخشى أن نكون نحن...
انتقامك المؤجَّل؟أي بيت سيبقى واقفًا بعد عودتهم؟
ذاك الذي طُردوا منه صغارًا،
هل سيحتمل خُطاهم وهم رجالٌ يحملون في صدورهم خناجر لا تُرى؟
ترى، من سيصرخ أولًا؟
العم الذي نسج الهوان على ظهورهم؟
أم الأب الذي باعهم بالسكوت؟
أم أبناء العم الذين ظنوا أن الطرد نهاية الرواية؟وماذا بعد أن يقفوا أمامهم؟
هل سيستعيدون الكرامة أم ينتزعونها؟
هل سيحرقون ما تبقى،
أم يكتبون فصلًا أخيرًا لا نجاة فيه لأحد؟
تُراهم راجعون... كأبناء؟
أم كدينٍ مستحق؟
كحقيقة طال دفنها؟
أم كعقاب لا مفر منه؟
بأي هيئة يعود المطرودون؟
أبأجسادهم التي نضج فيها الغياب؟
أم بأرواحٍ شُقّت على مهل كأوراقٍ تُسلَخ عن جذعها؟
هم راجعون...
لكنهم لا يعودون كما ذهبوا.
كانوا صغارًا، مكسوري الخاطر،
يبكون على أعتاب بيتٍ لفظهم كالغرباء،
واليوم، يعودون...
وفي صدورهم غصه صارخه
هم راجعون،
لكن قلوبهم ليست كما كانت،
توقفت عن الحنين، وبدأت في العدّ:
عدد الصفعات، وعدد نظرات الذل،
وعدد المرات التي انكسروا فيها أمام أعينٍ تشمت.
تعود خطواتهم بثقل الخيانة،
ببرد الغربة التي أشعلها العم،
بسيفٍ من صمت الأب،
الذي أنكرهم، لا بكلمة... بل بسكوته.
هم لا يسألون عن العناق،
ولا يطرقون الباب بأيدٍ ناعمة،
بل يقتحمونه كالإعصار،
وجوههم لا تعرف اللين،
وأعينهم لا ترى إلا الحساب.
الصدام قادم،
وما بعد العودة لن يُشبه ما قبلها.
ذاك العم الذي ظنهم طيّعين...
سيرى كيف تُولد الوحوش من رحم الإهانة.
وأبناؤه...
سيلقَون صدى ما زرعه آباؤهم،
لكن هذه المرة، بقبضةٍ لا تعرف الرحمة.أتراهم يعودون بشيءٍ من الحنين؟
أم أن الحنين أُعدم في باحات جلد القريب
أيركعون على عتبات البيوت القديمة ليتذكروا من كانوا؟
أم يُشعلون في كل زاوية مرّوا بها سؤالًا:
من باع، ومن خان، ومن صمت حين وجب عليه أن يعلو صوته؟
هم راجعون،
لا ليستردوا ما سُرق،
بل ليمزقوا اليد التي امتدت لتسرق،
ويكتبوا على جدران البيت:
"هنا مرّ الانتقام، واخذ الذئاب حقهم
تُراهم راجعون ليأخذوا بيتًا؟
أم راجعون ليهدموا تاريخًا؟
أم راجعون ليكتبوا على الجدران بمدادٍ من صبرٍ ووجع:
“هنا بدأنا… وهنا انتهيتم.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم