رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل السادس و العشرون 26 بقلم نورهان ال عشري


 رواية ذنوب علي طاولة الغفران الفصل السادس و العشرون  بقلم نورهان ال عشري

 بعنوان " قلوب تُعاني و أرواح تُقاتل "


 كطير صغير كُسِر جَناحه عِند أول مُحاولة طيران له هذا هو الخُذلان.

الخيبة: هي انطفاء آخر ضوء كان ينير لك عتمة العالم حولك، فلا يعُد هُناك فرق بين النهار والليل، فالقلب أصبح أسيرًا للظلام.

الحنين : هو زائر غير مرغوب به عادةً ما يأتي في الليل ليطرُق أبواب قلوب ظنت أنها استطاعت لملمة أشلائها ليُبعثِرها من جديد .

الغدر : أن أكون ملاذك في جميع أوقاتك الصعبة وحين يأتيك الفرح لا تتذكر حتى إخباري. 

فماذا عن قلب يُعاني من كل ما سبق؟!


نورهان العشري ✍️ 


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


كانت تشاهد التلفاز بغرفتها لتتفاجئ بنبيلة التي دلفت إلى داخل الغرفة و لكن تجمدت الدماء بعروقها حين شاهدت ذلك الشيء الذي تُمسِك به

ـ ازيك يا شروق. عاملة ايه النهاردة ؟ 


تفرقت عيني شروق ما بين وجه نبيلة الذي تعج ملامحه بالخداع و ما بين يدها التي تُمسِك بكرسي مُتحرك يُشبه ذلك الذي تجلس عليه جدتها، ولكنها التزمت ضبط النفس و اجابتها بهدوء

ـ بخير الحمد لله. اتفضلي. 


تقدمت نبيلة إلى داخل الغرفة وهي تقول بنبرة خبيثة 

ـ تعرفي بيعجبني فيكي اوي انك بالرغم من كل شيء بتحافظي على هدوئك. مع أن ممتك مكنتش كدا. 

شروق بجفاء

ـ الله يرحمها. 


نبيلة بتصحيح

ـ اه طبعًا الله يرحمها سوري بنسى أنها ماتت. اصلها كانت غالية عندي اوي. تصدقي وحشتني.


شروق بجمود

ـ معلش، ومتثلقيش أنا ناوية افكرك بيها على طول.


نبيلة بجفاء

ـ تقصدي ايه؟


شروق بجمود

ـ أقصد أن اللي خلف ممتش، و أحنا اهو جايين ناخد مكان مامتنا الله يرحمها و ورثها كمان. 


قست نظرات نبيلة و هي تراها تُفصِع عن نواياها دون أدنى خوف أو حرص لتختار كلماتها بعناية حين قالت

ـ وماله. طب بما انك جاية تدوري على ورث أمك هنا. خدي دا أولهم. 


جذبت المقعد المُتحرك ووضعته أمام شروق التي اندهشت من حديثها لتُتابع نبيلة بتهكم

ـ ايه دا هي امك مقالتلكيش. ماهو أبوكي لما شافها كانت على الكرسي دا. اصلها كانت تافهة اوي و اقل كلمه تجري تعيط، وفي مرة ليه وليه أن عز الدين نصرني عليها عملتلنا فيها مشلولة، ابوكي بقى الله يرحمه متجوزش عليه إلا الرحمة. استغل الموقف أسوأ استغلال، و لعب عليها. بس الصراحة هي كانت بتتلكك و نفسها حد يا حرام يبصلها، فهربت معاه من أهلها الوحشين.


كانت الكلمات كالأسهم النارية التي كانت تنغرز في قلبها وهي تُشفِق على ضعف والدتها و مدى الآلام التي خابرتها و عايشتها للحد الذي فقد جسدها قدرته على الحركة، وبالرغم من كل هذا القدر الهائل من الألم الذي تشعُر به ولكنها ظلت على ثباتها وهي تقول بجفاء

ـ طب والله لفته حلوة منك انك عرفتيني بوجود الكرسي بتاع ماما دا، وجبتيه لحد عندي ياترى بقى هيبقى عندك الجرأة انك تديني كل اللي يخصها! اصلي مش ناويه أسيب حاجه. 


لم تكد نبيلة تُجيبها حتى تفاجئت بعمر الذي تفاجئ هو أيضًا بها وهو يدلف إلى داخل الغرفة فإذا به يقف مبهوتًا وعينيه تتفرقان ما بين شروق و والدته وهذا المقعد الذي يحمل له ذكرى سيئة داخله، ولكنه سرعان ما تجاهلها وهو يقول بجفاء

ـ بتعملي ايه هنا يا ماما؟ 


تولت شروق الإجابة وعلى الرغم من ثبات نبرتها إلا أن الحزن كان يتحلى بوضوح في عينيها 

ـ ممتك مشكورة كانت جيبالي الكرسي بتاع ماما عشان اقعد عليه. يعني بتساعدني زي ما كانت بتساعدها. مش كدا يا طنط؟ 


نبيلة بنبرة لينة

ـ أنا ليه حاسة انك زعلتي! أو فكرتك بحاجة ضايقتك ! انا بس غرضي اني اساعدك والله.


شروق بجمود وهي ترفض هذا الضعف الذي يسري في أوردتها

ـ طيب و ياترى هتقدري تساعديني في انك تديني حقوقي من أمي، ولا المساعدة عندك بالطريقة دي بس!


لم تتوقع أن تكُن صريحة إلى هذا الحد ليُباغتها عمر باستفهام جاء عبر نبرة قاسية و كأنه من تألم من هذا الموقف وليس شروق

ـ صحيح يا ماما. أنتِ ممكن ترفضي ان البنات ياخدوا حقهم من عمتي؟ 


لأول مرة يعجز عقلها عن العمل ولم يُسعفها الرد المُناسب، و خاصةً و هي ترى هذه النظرات المتوعدة من جانب شروق التي حين طالب انتظار نبيلة تحدثت بجمود

ـ متحرجش ممتك يا عمر. نواياها معروفة مش محتاجة سؤال. 


استغلت نبيلة حديث شروق وقالت بنبرة زيفت بها الحزن

ـ و ايه هي نوايايا؟ تعرفي ايه عن نوايايا؟ ولا هو الظلم دا داء عندكوا كلكوا؟ 


تهكمت شروق قائلة 

ـ بصراحة نواياكي متهمنيش اوي. عشان مهما كانت انا هعمل اللي في دماغي و هاخد حقي انا واختي. 


كان عمر يحارب ذكريات مريرة في طفولته التي يبغضها أكثر من أي شيء، و خاصةً حين وصل إلى مسامعه صوت عمته وهي تهتف بذُعر

ـ حرام عليكي يا نبيلة. انا معملتش فيكي حاجه. ابعدي عني.


نبيلة بتجبر

ـ بقى عاملة نفسك مشلوله عشان تستعطفيهم، و مفكرة انك هتنتصري عليا؟ تبقي لسه متعرفيش، و اخوكي اللي طلعك حرامية دا. بكلمة مني ممكن اخليع يدفنك بالكرسي بتاعك دا. 


قالت جملتها الأخيرة وهي تجذبها من يدها قائلة بحدة

ـ قومي يالا بطلي تمثيل. فكراني هبلة و هصدقك.


لم تفلح توسلات نسمة في أحداث ولو شرخ بسيط في جدار القسوة الذي يُحيط بقلب نبيلة، فإذا بهذا الطفل ذو العشرة أعوام يتحرك قلبه ذُعرًا على عمته فيندفع نحوها يفترش الأرض بجانبها وهو يقول بصراخ

ـ ماما بتضربي عمتو ليه؟ 


تفاجئت حين شاهدت عمر وهو يحتضن عمته لتهتف بغضب

ـ ولد ايه اللي دخلك هنا؟ 


لم يُجيبها عمر إنما أخذ يُعانِق نسمة التي كانت ترتجف بين يديه لتهتاج نبيلة وهي تجذبه من بين أحضانها

ـ سيبي ابني. قولتلك اوعي يا حيوانة. 


على صراخ الصغير و معه نسمة ليهتف عمر بغضب

ـ والله لهقول لتيتا و بابا. 


و إذا به يتفاجىء بصفعة قوية سقطت على خده جعلته يتراجع إلى الخلف لتقول نبيلة بشراسة

ـ كلمتي تمشي على رقبتك. سامع؟ 


أخذ جسد الصغير يرتجف من فرط الرُعب و الغضب لتهتف نسمة بلوعة

ـ أخرج يا عمر. اخرج يا حبيبي. انا هتصرف مع ماما. 


تفاجئت بمجيء عز الدين و سعاد على أصواتهم لتقول الأخيرة

ـ في ايه؟ 


كعادتها تستغل كل شيء لصالحها لذا هرولت إلى سعاد لتقول وهي تدعي البكاء

ـ شايفة ياماما نسمة وعمايلها؟ ادخل عليها الاقيها ضاربة عمر بالقلم على وشه ، وكل دا عشان بيزقها بالكرسي وقعت غصب عنه؟ 


برقت عيني نسمة و كذلك عمر الذي تفاجيء حين هتفت سعاد بحدة

ـ الكلام دا حقيقي ؟ أنتِ ضربتي ابن اخوكي؟ 


صرخت نسمة من بين عبراتها الغزيرة

ـ والله ما حصل يا ماما. انا هضرب عمر؟ دي هي اللي ضربته و وقعتني. 


صرخت نبيلة مُدعية الصدمة 

ـ حرام عليكي أنتِ ازاي بتكدبي كدا؟ 

سعاد بصرامة

ـ بس انتِ وهي. قولي يا عمر يا حبيبي مين اللي ضربك كدا؟ 


كانت تُشير إلى آثار الصفعة فوق وجنته و قد كان ينوي أن يقول الحقيقة، و خاصةً أمام نظرات عمته المتوسله، ولكن كانت هناك أخرى مُحذرة كان يخشاها بقوة لذا أزعن إليها وقال بخفوت وهو يطأطئ رأسه

ـ كلام ماما صح. 


كان طفلًا و رغمًا عن ذلك كان يعي مدى فداحة ما فعله فقد خذلها كثيرًا خاصةً حين استمع لهذا الوابل من التقريع الذي تعرضت له على يد والده وجدته.


عودة إلى الوقت الحالي. 


خذل عمته المتوفية سابقًا ولكنه ينوي الا يخذل ابنتها الآن لذا هتف بجفاء

ـ كفاية، والكرسي دا مش عايز اشوفه هنا تاني ولا أنتِ كمان يا ماما.


لم تلحظ نبيلة ملامحه فقد كان انتباهها كله منصب على هذه التي تقف أمامها تناطحها الند بالند لتقول بوعيد

ـ خليه مش يمكن مراتك تحتاجه ؟ 


لاحظت شروق نظراته و ملامحه ولكنها تفاجئت حين تقدم عمر يحمل الكرسي وهو يتقدم إلى الخارج وسط شهقاتهم ليقوم بإلقائه من الطابق العلوي فتجمع كل من بالمنزل و على رأسهم نبيلة التي بهتت ملامحها من فعله عمر و شعور قوي داخلها يخبرها بأنه لازال يتذكر ماحدث في الماضي. 


التفت يناظرها كالوحش الهائج و قد أيقنت من أن الماضي لم يُمحى من ذاكرته و قد اكدت كلماته على ذلك حين هتف بانفعال

ـ مراتي انا اللي هساعدها والماضي مش هيتكرر تاني يا ماما. فاهمة مش هسمح أنه يتكرر تاني.


لأول مرة بحياتها تشعر بالألم، فقد كانت نظرات عمر توحي بانه يحمل الكثير في قلبه ضدها لذا تساقطت عبرات صادقة من بين عينيها وهي تقول بخفوت

ـ عمر انت بتزعقلي كدا؟ 


تجاهل شعوره بالذنب تجاهها فهي والدته بالرغم كل شيء ليقول بجفاء

ـ محدش له دعوة بشروق وجميلة ولا يقرب منهم نهائي. أظن كلامي واضح، وصدقيني المرة الجاية اللي هيحصل هيكون صعب عليكي تتحمليه.


أنهى كلماته وتوجه إلى داخل غرفته ليجدها تناظره بخوف يشوبه الفضول و لكنه كان غاضبًا فتجاهلها و توجه إلى داخل الحمام ليأخذ حمامًا مُنعشًا عله يهدأ قليلًا و قد كانت تغلي من الغضب في الخارج، وهذا الكسر في قدمها يُجبرها على الجلوس طيلة الوقت، و أيضًا شقيقتها تشعُر بالحرج حين يكون معها بالغرفة لذا لن تأتي عليها مما جعل غضبها يتصاعد أكثر لذلك تجاهلته حين خرج من الحمام ليتوجه رأسًا إلى غرفة الملابس وهي تشعر بالحنق عليه وعلى والدته وعلى كل شيء ليخرج بعد قليل و يتوجه نحوها لتبقى على جمودها إلى أن تحدث وهو يجلس بجوارها على الأريكة

ـ متضايقة؟ 


شروق بجمود

ـ لا.


جمودها أكثر شيء مُستفز بالنسبة إليه لذا تحدث بحنق 

ـ طيب بصيلي وأنتِ بتتكلمي.


حاولت ألا تخفق أمامه وقد كلفها ذلك الكثير من المجهود أن تناظره بجمود بينما داخلها يغلي من الغضب ليتحدث بجمود

ـ شروق أمي بالرغم من كل عيوبها ومساوئها هي بردو أمي. كلامك معاها من شويه كان تقيل.


كان صراعه الداخلي يتجلى بوضوح في عينيه ولكنها لم تلتفت له إذ قالت بجفاء

ـ بس انا مكذبتش يا عمر. انا اتجوزتك عشان اخد حق ممتي وانت وعدتني انك هتساعدني. 


عمر بانفعال 

ـ حلو اوي دا، وأنا معاكي بس نبرة صوتك كانت غريبة بالنسبالي. أنتِ مش كدا. 


شروق بجمود

ـ يمكن عشان اتضايقت و زعلت.


يعلم أنها تحاول اخفاء مشاعرها عنها ولكنه يعرف جيدًا قدرة والدته على جرح الآخرين و بالرغم من ذلك فهي تبقى والدته وهذا الأمر يؤلمه كثيرًا 

ـ اسمعيني يا شروق. انا عارف ان ماما بتغلط وانا بقف قدامها و بفرملها بس دي أمي غصب عني مش هقدر اتحمل حد يعمل معاها اللي انا بعمله.


كانت تود لو تصرُخ في وجهه و تخبره بأنها أيضًا كان لديها ام و تحملت اكبر كم ممكن من العذاب على يد والدته ولكنها آثرت اللعب باحترافيه حين قالت بلهجة تحمل العتب بين طياتها

ـ عارف المشكلة في ايه يا عمر ؟ المشكلة اني مخصكش. انا بالنسبالك دين، وانت مُجبر تسدده. عشان كدا مش قادر تتحمل كلمة مني ل ممتك.


دق قلبه اعتراضًا على حديثها ليهتفت بانفعال 

ـ مين قالك كدا؟ 


شروق بثبات

ـ دي الحقيقة، انا مش زعلانه أبدًا. هو دا اللي ما بينا اللي لازم نفضل فاكرينه، و معنديش مشكلة في كلامك على فكرة. يعني لو تضمنلي اني متعاملش مع ممتك خالص يكون أفضل. لا ازعلها ولا تزعلني. ايه رأيك؟ 


كانت عينيها تشبه واحة خضراء في وسط صحراء قاحلة لذا أخذت عينيه تتلكأ فوق ملامحها بشوق لم يتعرف عليه، فوجد نفسه يقول بنبرة مبحوحة

ـ حاضر. مش هتتصالح بقى؟ 


شعرت بالحرج لتلتفت إلى الجهة الأخرى وهي تقول باختصار

ـ أنا مش زعلانه. 


ملامحها تنفي حديثها لذا قال بخفوت

ـ طيب انا عايز أصالحك. 


ظلت تقاوم هذا الأغراء الذي يُطِل من عينيه لتقول بجفاء

ـ وانا مش عايزة. 


أطل الإعجاب من نظراته و كلماته حين قال


ـ تعرفي ان شكلك بيكون حلو اوي لما بتعملي زي الأطفال كدا. 


لازالت كلماته الجارحة تنغز بقلبها لذا التفتت تقول بتهكم

ـ انا مبتثبتش على فكرة. 


ـ طب تدفعي كام و اثبتك؟ 


لا تعلم لما تشعرها نظراته بالخجل و كأن وجهه لوحة حية عن الوقاحة فكلماته لم تكُن بها شيئ مُخِل ولكنها تشعرها بالحرج مما جعلها تحاول الخروج من هذا المأذق و اللعب بمبدأ قلب الطاولة حين قالت بدلال 

ـ ولا جنية بس ممكن أتنازل و أصالحك في مقابل بسيط اوي. 


عمر بلهفة

ـ اللي هو!


لونت الجدية معالمها و نبرتها حين قالت

ـ وعد. وعد منك انك مش هتكرر اللي عملته دا تاني. 


ادهشه قولها و استنكر قلبه هذا الإحساس البغيض بأنها تمقت قربه منها ليقول باستهجان

ـ للدرجة دي اللي عملته ضايقك! 


لمحت الغضب يتراقص في مقلتيه فرققت نبرتها وهي تتحدث بعقلانية 

ـ اكيد يا عمر هو دا اتفاقنا؟ انا ما صدقت اني احس أني ليا حد اتسند عليه. 


 تلاعبها بالكلمات أثر به كثيرًا ليهتف بجدية

ـ وهو انا قولت غير كدا. 


باغتته حين قال بنبرة يغلب عليها التوسل

ـ عمر انا مستنيه منك كتير اوي. مش بس انك تديني حقي. انا محتجالك انت. 


كلماتها كانت كالبارود الذي تفجر بقلبه بعد أن تغيب العقل عن العمل ليقول بنبرة مبحوحة

ـ وانا جنبك وعمري ما هسيبك. 


تابعت الرقص على ألغام العقل التي تفجرت واحدًا تلو الآخر بقلبه 

ـ انت عارف ان انت الوحيد اللي لو حصلي حاجه هجري اتحامى فيه ؟ 


عمر بخشونة 

ـ مينفعش اصلا تتحامي في حد غيري.


شروق بتوضيح

ـ انا مقصدش دلوقتي. انا عارفه اني طول مانا هنا انت في ضهري. بس تعالى نفكر قدام لما كل حاجه تخلص وامشي انا وجميلة من هنا. الدنيا هتلطش فينا اوي. انت اللي هتسندنا. انت الأخ اللي كنت يتمناه من الدنيا 


و كأن صاعقة من السماء هبطت فوق رأسه ليهب من مكانه وهو يقول بجفاء


ـ نعم ياختي أخ!


شروق بتخابُث

ـ ايوا طبعًا. إلا إذا كنت بقى هتتكسف مننا يعني عشان أنا وجميلة ناس بسيطة. 


وضعته وجهًا لوجه أمام مبادئه المُهترئة ليقول بحدة


ـ لا. ليه هستعر منكوا ليه؟ انتوا بنات متربية و محترمة، و اي حد يتشرف بيكوا. 


شعرت بالانتصار لتقول بنبرة رقيقة

ـ مش بقولك انت الأخ اللي كنا بنتمناه؟ 


كانت هذه الكلمة البسيطة تزيد من غضبه بطريقة جنونية ليهتف يتهكم غاضب 

ـ أخ ! حلو اوي كدا. 


لم تكتفي بذلك بل أرادت احكام الطوق حوله بعد أن زجت به في قعر الجحيم

ـ اوعدني يا عمر انك متحطش حواجز بينا. اوعدني انك متبعدنيش عنك. 


خرج الأمر عن حدود سيطرته ليهتف بعصبية مُفرطة

ـ خلاص. بتنيل بوعدك. 


كان يتوجه إلى الباب لتهتف بلهفة

ـ طيب رايح فين ؟


عمر بانفعال 

ـ في داهية. 


أنهى كلماته و هرول إلى الخارج وداخله بركان لا يهدأ وشعور فريد من نوعه لأول مرة يلامس قلبه وهو الهزيمة. 


اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي. ♥️


★★★★★★★★★


ـ تعرفي انك جميلة اوي يا أشجان ؟ 


هكذا تحدثت سوزان إلى أشجان التي أفرغت جميع ما تحمل من حزن و أسى بين أحضان هذه السيدة الرائعة 

ـ ليه بتقولي كدا؟ 


سوزان بنبرة ودودة

ـ عشان أنتِ فعلًا كدا. أنتِ جميلة و حنينة أوي. 


ابتسامة مريرة لونت ملامحها و نبرتها حين قالت

ـ تعرفي اني طول عمري بسمع منه اني وحشة، و مينفعش ست أصلًا. دا حتى قالي اني السبب في خيانته عشان مش ماليه عينه. يبقى ازاي بتقولي أن انا حلوة؟ 


شعرت سوزان بالغضب من حديثه، ولكنها قالت بهدوء

ـ متسمحيش لحد أنه يقولك أنتِ وحشة. أنتِ ليكي عين زيه بالظبط. بصي في المراية وانتِ هتشوفي نفسك انتِ أيه، و بعدين مش يمكن العيب من عنيه هو؟ 


أشجان بعدم فهم 

ـ يعني ايه؟ 


ـ يعني هو عنيه اللي وحشة. أو يمكن من كتر ما أنتِ حلوة كان خايف تشوفي نفسك عليه. كتير من الرجالة كدا.


دارت الكلمات في رأسها و فجأة تذكرت نظرات خالد إليها والتي يتساقط منها الإعجاب ليرتعش جسدها رغمًا عنها وهنا اهتاج العقل مُحذرًا من مغبة هذا الشعور الفادح لتهب واقفة مما جعل سوزان تقول باندهاش

ـ ايه في ايه؟ 


لا تعرف ما الذي عليها قوله فتلاحقت أنفاسها و اختلت الحروف فوق شفتيها وهي تقول

ـ على فكرة مش مهم، وانا عايزة اكون حلوة ليه؟ انا مش فارقلي، انا كل اللي يهمني اني اربي ولادي في هدوء. مش عايزة غير كدا. 


كانت شفافة كثيرًا، فلم تستطِع اخفاء ملامحها ولا عينيها هذا الصراع الذي يدور بداخلها لذا تحدثت سوزان بنبرة ودودة

ـ اقعدي يا أشجان. انا اكبر منك بكتير يمكن في عمر مامتك،. هقولك نصيحة لو بنتي قاعدة قدامي مكانك هقولهالها. 


جلست أشجان أمامها وهي منتبهه لحديثها، فتابعت سوزان بحكمة

ـ الأم السعيدة بتربي ولاد أسوياء نفسيًا و سعداء في حياتهم، والجمال الخارجي دا شيء هين جنب الجمال الداخلي، وأنتِ بريئة أوي و جميلة جوا وبرا. اعرفي قيمة نفسك لنفسك، و عشان تقدري تربي ولادك صح. 


اهتز قلبها لحديث سوزان و تأثرت كثيرًا لطاقة الحب التي شحنتها بها لتقول بخفوت

ـ تعرفي؟ انا بحس منك حنية محستهاش قبل كدا طول حياتي لدرجة أن أول ما حسيت نفسي مخنوقة جريت عليكي.


سوزان بتأثر

ـ أنتِ كمان حنينة أوي و جميلة اوي اوي وانا هنا دايمًا لو احتاجتيني هتلاقيني.


اومأت أشجان وهي ترسم ابتسامة امتنان فوق ملامحها ليعلو رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها لتجيب حين وجدت المتصل والدتها

ـ ايوا يا ماما. 


ـ الحقيني يا أشجان اختك رجعت من الشغل منهارة وعماله تعيط و قافلة على نفسها الأوضة و مش راضيه تفتحلي. 


لم يمُر وقتًا طويلًا على مغادرة أشجان لتجده يدلف إلى المطعم بأكتاف مُتهدله و اعيُن تفيض بالحزن ليتقدم و يجلس على طاولته وكأن الأرض كلها ضاقت به فلم يجد سوى المكان الذي يحمل رائحتها ليلجأ إليه


ـ توقعت انك جاي النهاردة. بس متوقعتش انك هتيجي بسرعه كدا.


هكذا تحدثت سوزان من خلفه لتلتفت و تجلس أمامه، فإذا به تجده يغمض عينيه وكأنه يشتهي لحظة سكوت تنتشله من ضجيج الحياة حوله، وبعد دقائق فتح عينيه وهو يقول بخشونة

ـ كانت هنا؟ 


ـ عرفت منين؟ 


خالد بنبرة مُتحشرجة

ـ مرتحتش غير هنا.


سوزان باندهاش

ـ خالد.


قاطعها قائلًا بنبرة مُتعبة

ـ أنا بغرق.


فطنت إلى ما يقصده لتقول بتوضيح

ـ طب ما يمكن العكس. 


خالد باستفهام

ـ تقصدي ايه؟ 


ـ أقصد انك كنت غرقان ودلوقتي انت نجِيت! 


عبثت اناملة بخصلات شعره بغضب قبل أن يقول بنبرة مُحتدمة

ـ أنا بحب واحدة متجوزة. عارفه يعني ايه متجوزة! بخون سهام، وبخون راجل تاني زيي. حتى لو كان كلب ميستحقهاش. 


سوزان مُصححة

ـ الخيانة فعل مش مشاعر..


خالد بنفاذ صبر

ـ مين اللي قالك كدا؟ 


ـ أي حد عاقل هيقول كدا. قولي هو انت اختارت تحبها؟ ولا ربنا اللي حط جواك المشاعر دي؟ 


تراجع إلى الخلف وهو يقول بنبرة مُشجبة 

ـ بس هي أضعف من أنها تتحمل دا.


سوزان باندفاع

ـ مين قالك أنها ضعيفة ؟ بالعكس هي قوية بس قوتها دي مبانتش عشان كانت عايشة في غابة مع حيوانات اسهل حاجة عندهم ينهشوا في اللي زيها. 


فرك جبهته بأنامله قبل أن يقول بنبرة عاشقة 

ـ أشجان دي أرق ست قابلتها في حياتي. نسمة الهوا ممكن تجرحها. مفيش مرة شوفتها فيها غير و كانت في مشكلة أصعب من اللي قبلها.


صمت لثوان قبل أن يتذكر حديثهم في الصباح ليُتابع بجفاء

ـ الوقت الوحيد اللي شفتها فيه قوية وهي واقفة قدامي. بتقولي لا. مشاعري اللي هي لا بإيدي ولا بإيدها هي رافضة وجودها أصلًا تفتكري ست زيها و في موقفها تعمل كدا ليه؟ 


سوزان بنبرة صادقة قوية

ـ عشان ست محترمة. 


خالد بنبرة اعتزاز

ـ عشان كدا انا مش ندمان اني حبيتها. 


صمت لثوان قبل أن يُتابع بخشونة

ـ تخيلي قوتها اللي أنتِ بتتكلمي عنها دي مظهرتش غير لما حست بمشاعري تجاهها. الست اللي زي دي كنوز الدنيا كلها متساويش تراب رجليها. 


تأجج العشق بمقلتيه وهو يقول 

ـ دي طلعت اقوى مني. انا مشاعري هزمتني للحظة بس هي لا.


سوزان بحنو

ـ مانا قولتلك قبل كدا أن عوض ربنا لينا بيكون احلى بكتير من اللي بنتمناه.


هتف بلهجة ساخرة يشوبها المرارة

ـ عوض ايه؟ دي مش بتاعتي. انا مُحرم عليا ابصلها حتى.


سوزان بنبرة قوية

ـ دي مسألة وقت، والوقت مهما كان بيمر بصعوبة بس أمره سهل. 


زفر بتعب وهو يستند على المقعد خلفه لتقول بنبرة ذات مغزى

ـ مش هتروح المقابر معايا أنا ورنا؟


صمت لثوان قبل أن يقول باختصار

ـ لا. 


ـ ليه؟ 


خالد بقسوة

ـ من غير ليه؟


سوزان بحدة

ـ معرفش انا الجملة دي، و مبقتنعش بيها انا رخمة وأنت عارف، فوفر على نفسك وقول اللي جواك.


كان هناك نزاع قوي داخله لا يعلم السبيل لردعه فقرر الإفصاح عنه أخيرًا حين قال بنبرة يتخللها الذنب 

ـ أنا حاسس اني غلطان في حق سهام اوي. انا حتى مروحتلهاش بقالي كتير ومش قادر أروح لها؟ 


سوزان ببرود ثلجي تخلل كل حرف تفوهت به

ـ سهام مين؟ 


خالد باندهاش

ـ سهام مراتي! نستيها!


تابعت بنفس نبرتها

ـ هي فين مراتك دي؟ تقصد أرملتك؟


فطن إلى مغزى حديثها فهتف بحدة

ـ بلاش تستفزيني.


ـ جاوب عليا فين مراتك دي؟ 


خالد بجفاء

ـ عند ربنا. ماتت ارتاحتي؟ 


سوزان بسلاسة

ـ انت اللي مفروض ترتاح. مراتك ماتت يعني مبقتش موجودة.مفيش حاجه اسمها خونتها أو بخونها؟ انت بشر مش حجر، والحياة مبتقفش على حد، و انت فاهم كدا كويس. بتحمل نفسك فوق طاقتها ليه؟ 


يعلم كم هي مُحقة، ولكنه لم يُجيبها لتجذبه في اتجاه آخر بعد أن أمنت الجانب الآخر، فقالت باستفهام

ـ هو انت تعرف جوزها دا هيخرج امتى؟


تماوج الغضب في نظراته و تخلل نبرته حين قال من بين أسنانه

ـ مش هخرجه أبدًا، و متقوليش كدا تاني. اسمه زفت أمين.


حاولت اخفاء ابتسامتها بصعوبة قبل أن تقول بنبرة عادية

ـ طيب مفروض بقى لو هي ذكية تستغل أنه في السجن و ترفع قضية طلاق.


خالد بحنق

ـ دا لو بقى! 


فجأة برقت عينيه و أضاء عقله بفكرة مُذهلة ليقول بنبرة ذات مغزى 

ـ أو لو قولنا أن في حد ابن حلال يقنعها. 


سوزان بتصحيح

ـ قصدك يساعدها هي مش محتاجة إقناع أصلًا.


تحفز قلبه جراء حديثها فعبأ صدره بالهواء النقي قبل أن يقول بخشونة

ـ سوزان. انا عارف أنتِ تقصدي اي، و عشان كدا انا مستعد اسخرلك كل شيء تحت ايدي عشان تساعديها تطلق منه من غير ما اكون انا في الصورة.


شعرت بالغبطة لأجله، و لأجلها ولكنها قالت تمازحه

ـ للدرجة دي يا خالد! 


أطلق العِنان لمشاعره القوية في الظهور للعيان حين قال بنبرة خشنة

ـ خدي كل شيء بملكه في الدنيا دي و أديني قلبها في المقابل.


اتسعت ابتسامتها قبل أن تقول بتأثر

ـ أنا هساعدها عشانها قبل اي حاجه. لإنها تستاهل واحد زيك. انتوا الاتنين تستاهلوا بعض. بس توعدني انك تبعد عنها خالص لحد ما تخلص.


كم كان هذا قاسيًا على قلبه كثيرًا ولكنه قال بجمود

ـ اوعدك.


اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي." 

"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين." 

"اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت♥️


★★★★★★★★★


تعاظم الألم بصدرها حتى آنت ضلوعها، فهاهي المرة التي لا تعرف عددها التي تتعرض للإهانة على يد فرد من تلك العائلة ولكن هذه المرة كان الأمر مروع للحد الذي جعلها وتبكي و تنتفض من فرط الألم الذي تشعُر به، فقد شعرت من كانت غبية حين ظنته يختلف عنهم، ولكن اتضح بأنه أسوأ منهم، فهاهي تموت من فرط الألم بسببه، ولكن تكترث لنداءات والدتها ولا لهذا الطرق على باب الغرفة إلى أن جاءها صوت شقيقتها من الخارج لتهب من مكانها و تفتح الباب، فشهقت أشجان بصدمة حين رأت مظهرها المُبعثر، كذلك رضا التي هتفت بذُعر

ـ ايه اللي حصل؟ مالك يا بنتي؟ 


آسيا بنفاذ صبر

ـ مفيش يا ماما قولتلك مفيش..


التفتت أشجان إلى والدتها وقالت بحنو

ـ معلش يا ماما اهدي أنتِ و سبيني معاها شويه. 


انصاعت رضا لكلمات أشجان و توجهت للخارج لتخطو الأخيرة الى داخل الغرفة وهي ترى آسيا تسقط فوق مخدعها بقلب مُثقل بالألم، و الخذلان يكتسح ينصب خيمته فوق ملامحها الجميلة فتقدمت على الفور تحتضنها بقوة فأخذت آسيا تبكي بحرقة بين يديها، فمر الوقت واشجان تربت فوق كتفها بحنو إلى أن هدأت قليلًا و استكان جسدها فهمست أشجان بخفوت

ـ أحسن شويه؟ 


اومأت آسيا بصمت وهي تتراجع عن احضان شقيقتها التي تابعت باستفهام

ـ ممكن تريحي قلبي وتقوليلي حصل اي؟ 


زفرت آسيا بتعب قبل أن تسرد عليها ما حدث بينهم وبين كمال دون أن تخبرها عن قبلته فقط قالت انه تجاوز معها قليلًا لتهتف آسيا قائلة بحنق

ـ الحيوان طلع ازبل من أخته و بنت اخته.


استفزها صمت أشجان كثيرًا لتقول آسيا بانفعال

ـ ممكن اعرف أنتِ متنحه كدا ليه؟


أشجان بجمود

ـ خلصتي؟ 


اومأت آسيا بالإيجاب لتقول أشجان بنبرة جافة

ـ طيب هنفترض أن كمال وحش و انسان مش كويس. أنتِ فين من دا كله؟  


آسيا بصدمة 

ـ يعني ايه مش فاهمة؟ 


أشجان بجمود 

ـ خلينا نفصص الموضوع كدا واحدة واحدة. كمال مش هيتجاوز معاكي في الكلام و يتهمك اتهام زي دا غير لو عارف أنه هيلاقي صدى الي بيعمله و بيقولي ربنا قال في القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا" سورة الأحزاب" ربنا بينهانا انما نتباسط في الكلام مع أي راجل غريب. عشان محدش يطمع فينا. دا حتى انك ترققي نبرته في الكلام معاه حرام. 


شعرت آسيا بالحرج من كلمات اشجان التي تابعت بتقريع

ـ نيجي بقى لنقطة تانية أصعب و افظع . كمال اتجرأ و أتجاوز معاكي على حسب كلامك عشان شافك مع رؤوف في عربيته و شاف وائل بيديكي ورد. قوليلي يا آسيا هو دا صح؟ تركبي ليه العربية مع رؤوف؟ مش رؤوف دا بيحبك وانتِ رفضتيه؟ بلاش أنه بيحبك وانتِ رفضتيه. ركوبك معاه العربية دا غلط. محدش يعرف أنه ابن عمك دا أولًا ثانياً و دا الأهم أن وجودك معاه حتى لو في العربيه و قدام الناس دا يّعتبر خلوة. 


كانت الكلمات تخرج من فم أشجان كالشظايا التي تقتحم جسدها وتحديداً قلبها لتُتابع أشجان بحزم

ـ وائل دا انا حذرتك قبل كدا من هزارك وكلامك معاه، وقولتلك أنه دا ميصحش تقدري تقوليلي بتاع ايه تاخدي منه ورد؟ سيبك من كمال كأنه مش موجود قوليلي ايه واحد غيره هيشوفك في المواقف دي كل شويه مع واحد شكل هيقول عليكي ايه؟ 


آسيا باندفاع

ـ على فكرة الناس كدا كدا بتتكلم.


قاطعتها أشجان بحزم

ـ ايوا نقوم نديهم احنا المادة الخام للكلام! غلط يا آسيا. كل تصرفاتك غلط، وبالنسبة لكمال دي بيئتهم و دي حياتهم احنا غيرهم، و لو كان كمال ضايقك، فإنتِ رخصتي نفسك. 


آسيا بحدة

ـ هو اللي زبالة.


اشجان بحدة

ـ زباله لنفسه. انتِ بقى حافظي على نفسك. عشان الزبالة اللي زيه متطمعش فيكي تاني، ولا تلاقي فرصة أنها تتطاول عليكي.


تعلم بأن كلمات شقيقتها صحيحة، ولكنها كانت مُشتتة غاضبة و مجروحة من شيء ترفض الاعتراف به لذا انهمرت عبراتها بغزارة وهي ترتمي بين أحضان أشجان وهي تقول من بين انهيارها

ـ أنا مخنوقة اوي يا أشجان مخنوقة اوي.


حاوطتها أشجان بحنو كبير وهي تحاول تهدئتها قائلة

ـ اهدي يا حبيبتي خلاص موقف وعدى، وكلها دروس بنتعلم منها. أتعلمي بقى عشان اللي جاي. اللي عدا عدا خلاص. 


اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت." 

"اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي♥️


★★★★★★★★★


تجهزت بأجمل الثياب واكثرها حشمة، وهي تنتظر حضوره بفارغ الصبر ثم توجهت إلى والدتها قائلة بلهفة

ـ ماما. ياسر بره جاي ياخدني و رايحين مشوار ؟ 


صابرين باستفهام

ـ مشوار فين؟ 


احتارت هل تخبرها أم لا فظهر التردد على ملامحها لتقول صابرين بتعقُل

ـ طيب مش من باب أولى يقول لأبوكي؟ 


كان الأمر شائكًا ولا تعرف كيفية التعامل معه؟ هي بالأساس لا تعرف كيف تتعامل مع ياسر فقد مر وقتاً طويل وهي لا تعلم ما الصلاحيات التي لازالت في يدها معه ؟ كان الأمر مُعقد كثيرًا، فهي للآن لا تُصدِق أنها أصبحت له؟


تفهمت صابرين حيرتها و تحلت بفضيلة الصبر إذ قالت 

ـ طيب روحي وانا هتصل استأذن من ابوكي. بس خليكي فاكرة أنها المرة دي وبس. بعد كدا هو يكلمه.


اومأت بيأس، فهي تعلم بأن هذا أمرًا مُستحيل بالنسبة إليه ولكنها لا تعرف ما الذي عليها فعله.

طرق قوي على الباب اهتز له قلبها، فعرفت أنه هو لتتقدم و تفتح الباب بلهفة، لتقع عينيها عليه بهيئته الخشنة و وسامته الفذة بهذين المنكبين العريضين اللذان اظهرتهمَ هذه العباءة التي يرتديها، فقد كان يُشبه نجوم السينما ولكن على طريقته، ولا تعلم للمرة الكام التي وقعت في عشقه، فقد فاق عشقها له حدود الوصف، وكذلك هو فما أن رآها حتى انتفضت دقات قلبه الذي يم يتمنى من العالم سوى وجودها بين يديه، و اجتاحته رغبة قوية في عناقها حتى يروي وحش الشوق الضاري الذي يحتل صدره تجاهها.

أخيرًا تخلص من سحرها الآسر على قلبه وقال بخشونة

ـ والدتك هنا ؟ 


اومأت بصمت فتابع بجمود

ـ قوليلها اني بره وعايز اتكلم معاها.


ـ طيب اتفضل جوا. 


جاء صوتها همسًا و كأنها لازالت غير مُصدقه وجوده أمامها ليقول باختصار

ـ ميصحش. والدك مش موجود. 


اغتمت ملامحها فجأة حين أتى على ذكر والدها و ما المتوقع أن يحدُث بينهم لذا اومأت بصمت قبل أن تلتفت لتنادي على والدتها ولكن أوقفته يدها التي أحكمت الطوق على معصمها ليُديرها إليه قائلًا بإهتمام

ـ مالك؟ 


أحتارت ماذا تجيبه وكأنها تخشى التفوه بحرف قد يساهم في اتساع الفجوة بينهم لتقول بخفوت

ـ مفيش. 


ـ متأكدة؟


اومأت بصمت قبل أن تذهب لتنادي على والدتها التي هرولت للترحيب به وهي تقول بحفاوة

ـ أهلًا يا ياسر. تعالى اتفضل. 


ياسر بتحفُظ

ـ شكرًا انا بس كنت عايز اقولك أننا وصلنا للبنت اللي اسمها ضي ولا نجاة دي و هاخد غنى و نروح نجيبها. 


صابرين باندهاش

ـ طب و نجيبة فين ؟ دول ماشيين سوا من هنا! 


ياسر باختصار

ـ دا موضوع طويل. عمومًا احنا هنجيبها على بيت عمي عزام. انا اتكلمت معاه، وفهمته الدنيا فيها ايه؟ 


صابرين بقلق

ـ يعني خير يا ابني؟ 


ياسر بجمود

ـ أن شاء الله. قولي يارب.


ـ طب ماشي. وماله. روحي يا غنى مع خطيبك.


هكذا تحدثت صابرين إلى غنى التي أطاعتها وانطلقت معه بالسيارة ليدوم الصمت بينهم، فقررت أن تقطعه حين قالت بخفوت

ـ انا عايزة اشوف هعمل ايه في موضوع الحضانة دا؟ 


أجابها ياسر بجفاء

ـ انا هتصرف. انسيها خالص. 


اغضبتها إجابته كثيرًا لتقول بحنق

ـ يعني ايه انساها ؟ مش في اطفال مُلزمين مني و في مناهج بدأناها و لازم نكملها؟!


أثارت كلماتها حنقه ليُقرر اغضابها حين قال

ـ بفكر اخلي روضة تديرها هي. 


نجح في مسعاه فقد جن جنونها من حديثه لتهتف بنبرت تخطت حدود المسموح به

ـ نعم؟ روضة مين دي أن شاء الله! على جثتي يحصل الكلام دا!


ياسر بحدة


ـ أنتِ بتعلي صوتك على لمين؟ 


تراجعت نبرتها كثيرًا لتقول بخفوت

ـ مقصدش بس انت زي ما تكون عايز تشلني. 


هتف بتهكم وعينيه لازالت على الطريق امامه

ـ يااااه كل دا عشان المخروبة دي؟


شرعت تدافع عن ماهو حقها حين قالت 

ـ لا مش كدا. لكن عشان دا مشروعي انا محدش ياخد مني، وبالذات اللي اسمها بتاعه دي.


تعمد غض البصر عن غيرتها المُحببة لديه ليقول باستفهام

ـ مش فاهم أنتِ مالك و مالها؟ 


هتفت بحنق


ـ والله! مش دي اللي الست هيام عايزة تجوزهالك؟


توقف السيارة على جنب الطريق وقد احتدت نظراته حين التفت إليها و كذلك نبرته وهو يقول  

ـ اتكلمي عدل عن هيام.


اطاعته قائلة

ـ ماشي حاضر. مش دا مربط الفرس. انا هنا بتكلم عن مستقبلي و طموحي.


تفاجيء من حديثها، فهو يعرفها جيدًا لذا قال بجفاء يتخلله السخرية

ـ نعم! مستقبل مين؟ هو أنتِ فاتحة مدارس انترناشيونال ولا حاجة؟ و بعدين طموح ايه اللي بتكلمي عنه طلعلك امتى الطموح دا؟ 


سلكت نهجته و قالت بتهكم 

ـ اول امبارح بالليل! المهم دلوقتي اني عايزة أثبت نفسي مش هفضل قاعدة ماليش لازمة في الدنيا كدا يعني


اندفعت الكلمات من بين شفتيه و كأن قلبه يعانده و يُعلِن بأنه في صفها 

ـ مين قال انك مالكيش لأزمة! و بعدين أنتِ خلاص هتتجوزي. ابقي اثبتي نفسك في البيت. 


ارتج قلبها إثر كلماته التي ندم عليها لوهلة ولكن حين لمح الخجل الذي تفشى في ملامحها انتحرت دقاته ما بين شوق و لوعة لا يُمكن نُكرانهم، ولكنها أرادت استغلال هذه اللحظة فقد شاركته شعوره هي الأخرى إذ قالت بخفوت

ـ حاضر هجيب سبورة في البيت. واعلم يزيد من اول وجديد.


نجحت كلماتها في جعل ابتسامة رائعة تُداعب ملامحه لتتضاعف وسامته و يقع قلبها في عشقه مرة أخرى، ولكنها أرادت استغلال الأمر لصالحها حين قالت

ـ ممكن بقى ندي الحضانة لاي حد الا روضة دي.


لازال يُريد أشعال جنونها الشهيد لذا قال بنبرة يتخللها الاعجاب

ـ روضة بنت طيبة على فكرة و أمينة جدًا


اهتاجت وحوش غيرتها وهتفت بانفعال 

ـ ياسلام، ولما هي فيها كل المميزات دي مخطبتهاش ليه ؟


ـ عادي احنا لسه فيها. الشرع محلل أربعة.


نبرته الجامدة ارعبتها من فكرة أن يقوم بفعل هذا معها لذا قالت برفض قاطع

ـ الكلام دا يتعمل مع الحريم كلهم الا اناماشي! وعموما انا قولتلها كدا.


استرعى انتباهه جملتها الأخيرة ليقول باستفهام

ـ نعم يعني ايه؟ 


غنى بغضب 

ـ يعني لما جتلي قال ايه عشان تزورني وانا متعورة في راسي قولتهالها اني مبسبش مكان يخصني لحد ولا بقبل يكون لي شريك. 


اندهش من حديثها الذي يخفي صراعاً عظيمًا كان في غفلة عنه ليقول بحدة

ـ لا والله! و طبعًا الكلام هنا مكنش على الحضانة! 

هتفت باندفاع

ـ طبعًا.

فكنت لما تفوهت به لتقول بلهفة 

ـ اايه . لا اقصد طبعا على الحضانة. انت أصلًا مكنتش في بالي وقتها.


ياسر باستنكار 

ـ نعم! مين دا اللي مكنش في بالك!


خرجت الكلمات مندفعة من بين شفتيها حين قالت

ـ كنت في قلبي.


ضربة مُباغته سددتها ببراعة إلى أعماق قلبه الذي ثارت دقاته مُطالبه بها بقوة جعلت يده تقبض بقوة على حزام الأمان الذي يرتديه، ولكن عينيه أخبرتها بما يجيش بصدره، و حين أوشك ثباته على التلاشي تراجع إلى الخلف وهو يجذب علبة سجائره ليلتقط واحدة و ما أن هم بإشعالها حتى تفاجىء بها تُخطف من بين شفاهه ليقبض على يد غنى المُمسِكة بها وهو يقول مُحذرًا بنبرة ارعبتها

ـ متعمليش الحركة دي تاني.


لازالت تتمسك بحبال العشق الذي يكنه لها و تتمنى ألا تكون أهترئت لذا قالت بنبرة أقرب إلى البكاء

ـ وأنت متشربش سجاير تاني.


لسوأ حظه كانت تملك تأثيرًا مُدمرًا عليه، وبالرغم من قوته وهيمنته على كل شيء في حياته إلا أنه معها يفقد قدرته على السيطرة على كل شيء يخصها لذا لجأ إلى الهرب من سطوتها على مشاعره و هتف بغضب وهو يُفلت يدها من بين يديه

ـ حضراتكوا عمالين تتخانقوا و عاملين حرب و أنا نايم على وداني. 


غنى بتبرير

ـ انا معملتش حاجه هي اللي عملت.


ياسر بتهكم

ـ اه أنتِ بريئة، وهي اللي شيطانه صح!


غنى بحنق من دفاعه عنها

ـ لا هي اللي بريئة زي مها كدا. فاكر كنت بتقولي عليها ايه و في الآخر عملت فينا ايه؟ 


اهتاجت جيوش غضبه ليهتف بانفعال 

ـ اللي عمل فينا كدا غبائك و قلة ثقتك هفضل اقولها لك للمرة المليون.


تناثر الدمع من بين مآقيها لتقول بلوعة

ـ طب ماهو انا بني ادمه يا ياسر بني ادمه بتحس و بتتوجع و بتغلط. 


ود لو يخبرها بأن خطاها هذا أدمى قلبه و القى به في الجحيم الذي لايزال يتعذب به للآن ولكن عبراتها لجمت كل شيء ليقول بجمود

ـ خلاص يا غنى.


زفرت بتعب و تراجعت للخلف وهي لازالت تبكي ليهتف بحدة

ـ متعيطيش.


ـ حاضر.

قالتها وهي تُدير رأسها إلى الجهة الأخرى لتمتد يديه و تُدير رأسها إليه وهو يقول بنبرة أهدأ وعينين تحمل اعتذار لا تعرف سببه ولكن يكفي انه ابكاها 

ـ مابحبش أشوفك بتعيطي. 


رقته وحنان كانا الشيء الوحيد الذي تحتاجه في هذا العالم لذا قالت بخفوت و ابتسامة رائعة تلون ثغرها

ـ خلاص مبعيطش.

ياسر بنبرة عاشقة

ـ فين دا؟ 


اتسعت ابتسامتها قبل أن تصبح ضحكة رائعة أسرته لثوان قبل أن يقول باستفهام


ـ بتضحي على ايه؟ 


غنى بخفوت 

ـ مش على حاجة معينة. بس من آخر مرة ضحكت فيها معاك من سنتين مضحكتش أبدًا.


شعر بحاجته للصمت حتى لا يتطرق للأمر لجراح لازالت نازفة في قلبه. يكفيه رؤية ضحكتها العذبة ليقوم بتشغيل مُحرك السيارة و ينطلق بسرعة و لم تمر دقائق طويلة حتى وصل إلى وجهتهم فالتفت ناظرًا إليها وهو يقول باختصار

ـ وصلنا.


اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال." 

"لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم." 

"اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت♥️


★★★★★★★★★★


كانت مُمددة على السرير بهدوء أصبح يسكُنها مؤخرًا، فالبكاء لم يُجدي ولا حتى الصُراخ، فقد خذلها العالم أجمع والذي كان مُتمثل بوالدتها التي لم تستطِع نسيان جملتها الأخيرة لها 

ـ اسمعي الحديت ده زين. حياتنا مع بعض انتهت، و حياتك هتبدأ في دوار چوزك. اني حافظت عليكي لآخر الطريج، والراچل ده هو اللي هيصونك، و هيشيل همك.اوعاكي تدوري علي. اني خلاص عايزة أشوف حالي. 


لونت الخيبة ملامحها الجميلة حين استفاقت من غيبوبة لا تعلم كيف ابتلعتها لتجد نفسها وحيدة في المشفى، فقد انطفأ شعاع النور الوحيد بحياتها، و لم يتبقى لها سوى الظلام، فأي نور سيأتي من رجل لا تعرفه ولا يكِن لها أي شعور، فوالدتها تخلت عنها هل سيتمسك هو بها؟ 


تشعُر بأن العالم أجمع يرفض وجودها لذا أخذت تبحث في هذه الغرفة عن أي شيء يمكنه مساعدتها في إنهاء هذه الحياة التي لم تحيا بها يومًا جيدًا يمكنها تذكره، و فجأة وقع نظرها على سكيناً صغيرًا بجانب طبق الفاكهة التي جلبتها لها الممرضة بالإضافة إلى وجبة طعام شهية لم تمسها لتقوم بجذب السكين وداخلها يتوسل إلى الخالق بأن يسامحها و يترأف بحالها لتقوم بوضع السكين فوق شريان عنقها النابض وهي تغمض عينيها التي يتناثر منهم الألم بغزارة وهي تضغط بقوة على رقبتها حتي..



❤❤❤❤❤❤❤


تشعُر بأن العالم أجمع يرفض وجودها لذا أخذت تبحث في هذه الغرفة عن أي شيء يمكنه مساعدتها في إنهاء هذه الحياة التي لم تحيا بها يومًا جيدًا يمكنها تذكره، و فجأة وقع نظرها على سكيناً صغيرًا بجانب طبق الفاكهة التي جلبتها لها الممرضة بالإضافة إلى وجبة طعام شهية لم تمسها لتقوم بجذب السكين وداخلها يتوسل إلى الخالق بأن يسامحها و يترأف بحالها لتقوم بوضع السكين فوق شريان عنقها النابض وهي تغمض عينيها التي يتناثر منهم الألم بغزارة وهي تضغط بقوة على رقبتها حتى أصابت جرحًا بسيطًا بها قبل أن تتفاجأ بهذا الكف الضخم الذي قبض بقوة على معصمها ليمنعها من ارتكاب هذه الجريمة وصوتًا حادًا جعل بدنها يرتجف

ـ بتعملي ايه يا مچنونة أنتِ؟ 


تفاجئت حين رأت ذلك الرجُل الذي تعرفه جيدًا فقد زارتها ملامحه في منامها أكثر من مرة، وقد شعرت لسبب مجهول بأنها ستقابله مرة ثانية، ولكن لم تتوقع أن تراه الآن 

جذبت يدها من يده وهي تتراجع إلى الخلف قائلة بخوف

ـ بعد عني. مالك انت ومالي؟ 


رحيم بغضب وهو يتفحص ليرى جرحها

ـ اجفلي خاشمك دا. ليكي عين تتحدتي بعد اللي كنتي هتعمليه في روحك! 


صرخت وهي ترفض اقترابه منها

ـ ملكش صالح بيا. اني حرة في روحي.


شعر بالأسى على حالها ليتراجع إلى الخلف يستدعي أحد الممرضات التي أتت و حين رأت جرحها اقتربت تتفحصه بلهفة ثم وضعت ضماد لاصق قبل أن تُخبره بأن الجرح سطحي لتخرج و تتركها معه فاقترب هو يجلس بجانب مخدعها يناظرها بعين الشفقة التي تجلت في نبرته حين قال

ـ أكده بردك! يطاوعك جلبك تموتي نفسك! 


ضي بنبرة مُلتاعة

ـ يطاوعني ونص. مبجاش جدامي حل تاني. أنت متعرِفش انا شوفت اي في حياتي.


زارت الخيبة نبرته حين قال 

ـ مين فينا مشافش المُر في حياته؟ بس لو كل واحد فينا جتل نفسه عشان حاچة وحشة حصلتله كلاتنا هنموت كُفار أكده ولا اي؟ 


لم تجد في نفسها حديث تخبره به فما تحياه الآن لا يُمكن وصفه لذا تجاهلت حديثه وقالت باستفهام

ـ انت ايه اللي چابك اهنه؟ ليك حد تعرفو هنا في المستشفى ؟ 


تحمحم رحيم قبل أن يقرر اخبارها بالحقيقة 

ـ اني اهنه عشانك يانچاة.


صُدِمت حين استمعت إلى جملته وتحديداً اسمها الآخر الذي لم يكُن اي شخص يعرفه سوى والدتها لتقول باندهاش

ـ انت عرفت اسمي كيف؟ 


رحيم بجمود

ـ اني عارف اكتر بكتير من اللي أنتِ تعرفيه. انا أهنه عشانك.


نجاة بصدمة

ـ تجصد اي؟ أن. انت الراچل اللي امي سابتني عشانه! أنت …


لم تفلح في إكمال حديثها، فقد شلت الصدمة قدرتها على الحديث ليقول رحيم بنبرة هادئة

ـ متجوليش حاچة. المهم دلوق اني اطمن عليكي، و بعت للريس ياسر هيچيب خطيبته و هياچوا ياخدوكي تروحي لصحابك تجعدي وسطيهم و تطمني، واني هبجى أچي احكيلك على كل حاچة.


لم يكد يُنهي حديثه حتى سمع طرق على باب الغرفة ليتقدم ويفتح الباب فإذا به يجد غنى أمامه والتي اندفعت إلى الداخل فما أن شاهدتها ضي حتى صرخت باسمها وهي تلقي بنفسها بين أحضان صديقتها وتبكي كما لم تبكي من قبل.


في الخارج كان ياسر يقف مع رحيم الذي كان الغضب يلون محياة فاستفهم الأول قائلًا

ـ لسه بردو قافل من موضوع الجواز دا؟ 


رحيم بحنق

ـ جدر و مكتوب يا ابن عمي. اني بس شفقان على البت الغلبانه دي من اللي بيحصول، و في نفس الوجت مش متخيل أتچوز بنت عدوي. 


ياسر بتفكير

ـ طب مش يمكن دا الصح و هي اللي هتجيب رجلين أبوها 


رحيم بغضب

 ـ وهي ذنبها اي بس! دي شبه الطير المدبوح و روحه عماله تنازع مجدراش تفارجه. 


ـ طيب أهدى كدا و روق، و بعدين انت راجل بتفهم وعمرك ما كنت ظالم واكيد مش هتاخدها بذنب أبوها. انت اعمل اللي عليك وسيب كل حاجه على ربنا، وانا اتكلمت مع عم عزام وهو هيفهمها على كل حاجه. 


هكذا تحدث ياسر بتعقُل ليقول رحيم بتعب

ـ لازمن تكتبوا الكتاب النهاردة أو بكرة بالكثير. مبجاش ينفع اغيب كل ده عن البلد، و كمان عايزين نفكر في الخطوة الچاية و نحسبها صوح.


اومأ ياسر برأسه قبل أن يقول 

ـ ربك يصلح الحال.


في الداخل بكت ضي حتى جفت ينابيع الدمع بمقلتيها لتقول غنى بحزن

ـ اهدي عشان خاطري. اصلا أنتِ كان نفسك تفضلي عايشة معانا و قولتيلها الكلام دا، واهي سابتك متزعليش بقى..


ضي بلوعة

ـ كان نفسي اعيش وياكوا. مش مع راچل معرِفش عنِه حاچة ويا عالم هيعمل فيا ايه؟ إذا كانت أمي كانت بتعمل فيا أكده هو هيعمل ايه؟ 


غنى بتأثر

ـ أن شاء الله ربنا هيحنن قلبه عليكي. انا مفهمتش بالظبط في ايه ولا ايه الموضوع؟ بس ياسر بيقولي أنه كويس اوي و هيحطك في عنيه.


ضي بأسى

ـ طيب جوليله يتحدد وياه و يجوله يصرف نظر عن الچوازة الغبرة دي، واني هعيش وياكوا انتوا.


غنى بحيرة

ـ والله ما عارفة يا ضي. بس ياسر بيقول لازم تتجوزيه وهو اللي هيحميكي. يحميكي من ايه انا معرفش.


اومأت ضي بحزن وقد قررت أنها لن تعاند قدرها أكثر لذا قالت بنبرة مُشجبة

ـ خلاص يا غنى. هي موته ولا اكتر. قدري و نصيبي و مفيش منه مهرب.


احتضنتها غنى بقوة وهي تقول بحنو

ـ هتعدي يا قلبي متقلقيش. أن شاء الله ربنا مش هيسيبك أبدًا.


لم تكُن رحلة العودة طويلة، فقد تركها تستقل سيارة ياسر مع صديقتها و توجه هو خلفهم ليجد في استقبالهم عزام و من خلفه تقف آسيا و أشجان و رضا و صابرين وما أن توقفت السيارة أمام المنزل حتى تقدمت آسيا بلهفة القابل ضي التي ارتمت بين أحضانها تبكي بحرقة اشتركت بها الفتاتين ليتقدم عزام يربت على كتف ابنته وهو يقول بحنو

ـ خدي اختك و اطلعي فوق يا بنتي. 


أطاعته آسيا و حاوطت ضي من جهة و من الأخرى كانت غنى التي التفتت الى ياسر تتلمس منه الأذن بعينيها، فأومأ برأسه و داخله يشعر بالبهجة التي كانت كالضيف الغريب على قلبه، ولكن نظرتها أسعدها، فهاهو الوضع يعود إلى سابقه، ففي الماضي لم تكُن تتحرك خطوة واحدة دون أن تخبره

ـ اتفضلوا يا رجاله نتكلم فوق.


هكذا تحدث عزام ليدلف إلى الداخل و خلفه كُلًا من ياسر و رحيم الذي أخذت عينيه تتابعها في غفلةً منه إلى أن اختفت عن الأنظار فتوجه إلى الداخل مع عزام الذي بادرهم بالقول 

ـ طبعًا الريس ياسر فهمني على كل حاجه، و لكن أنا عايز اسمعك يا عمدة. أعذرني بس البنت دلوقتي أمانه في رقبتي و لازم أكون مطمن عليها.


رحيم بوقار

ـ حجك يا عم عزام، ولو معملتش أكده متبجاش راچل زين، واني هريحك. نچاة ملهاش صالح بأي حاچة من اللي بيني وبين ابوها، و أنا عمري ما هاخدها بذنبه.


عزام باستفهام

ـ طب معلش اعذرني انا راجل دوغري. بس لما توصل للي أنت عايزه. هي ايه وضعها؟ هتفضل على ذمتك ولا هتطلقها؟ 


وضعه أمام مواجهة لم يكُن يُريد الخوض بها، ولكنه مُجبر الآن لذا لجأ الى صوت الضمير بداخله حين قال

ـ دي حاچة في علم الغيب. لكن اطمن اني هعملها قايمه و مؤخر و كل حاچة بتتعمل عشان تحفظ حجوجها. الأصول أصول و ده چواز لو مهما كانت أسبابه.


شعر بالراحة من حديث رحيم ليقول بحبور

ـ وانا واثق انك راجل محترم، وبدل حطينا النقط على الحروف يبقى خلاص متفقين. شوف عايز تكتب الكتاب امتى ؟ وانا معاك.


ـ والله انا عايز اكتبه حالًا. اني ورايا مصالح في البلد، و ليا كتير غايب عنِها.


هكذا تحدث رحيم ليتدخل ياسر في الحديث قائلًا

ـ طب ايه رأيك نكتب الكتاب بكرة بالليل و آخر الأسبوع الفرح؟ 


عزام باستفهام

ـ انت هتعمل فرح يا ابني ؟ 


رحيم بلهفة

 ـ أومال اي الچواز أساسه إشهار، اني مش هتچوز في السر.


عزام بتأييد

ـ أيوا طبعًا بس كنت عايز اعرف خططك، و عمومًا مش هنختلف. انا معاك.


قام رحيم بإخراج مبلغ مالي كبير من جيبه عباءته و وضعه على الطاوله أمام عزام وهو يقول

ـ و ده مهر العروسة. عشان تچيب كل اللي نفسها فيه، و لو محتاچة اكتر انا رجبتي سدادة. 


ـ أنت راجل جدع و محترم يا عمدة و أن شاء الله ربنا هيجعلها جوازة مُباركة.


لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم" . 

"اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت" . 

"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال" . 

"لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" . 

"حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" ❤️‍🩹


★★★★★★★★★


كانت تجلس بجانب ضي لتستمع صوت رنين هاتفها فالتقطته لتجد ياسر المتصل فأجابت على الفور ليقول باختصار

ـ انزلي عشان عايزك.


أغلقت معاه الهاتف و توجهت للأسفل فوجدته ينتظر في السيارة لتأخذ مقعدها بجانبه فبادرها بالحديث قائلًا 

ـ صاحبتك عاملة ايه؟ 


غنى بحزن

ـ متضايقة اوي، و حاسه انها زي الغرقانه مش عارفة تعمل ايه؟ 


ياسر بجفاء

ـ مبقاش فيها عمايل. خلاص كتب الكتاب بكرة بالليل، و آخر الأسبوع الفرح، و بعدين رحيم كويس جداً و هيحافظ عليها. 


خرجت الكلمات باندفاع من بين شفاهها 

ـ والله قولنالها كدا. هو أينعم شكله يخوف بس أمور والله. 


برقت عينيه غضبًا و غيرة ليهتف بحدة

ـ مين دا اللي أمور ؟ 


تداركت خطأها لتقول بلهفة 

 ـ لا دا مش كلامي . دا كلام آسيا هي قالت أنه أمور وانا قولت أنه يخوف.


ياسر بجفاء

ـ أيوا كدا اعدلي بدل ما اعدلك.


غنى بلهفة

ـ عدلت.


ابتسامة بسيطة لونت شفتيه قبل أن يقول يتحمحم بخشونة وهو يفكر كيف يصيغ حديثه ليقول بجفاء

ـ أنتِ أيه رأيك لو كتبنا الكتاب معاهم؟ 


لم تُصدق ما سمعته أذناها لتهتف بسعادة غامرة

ـ يالهوي يا ياسر . أنت بتتكلم جد؟ كتب كتابنا احنا !

راقت له فرحتها كثيرًا لتستقر عينيه على ملامحها الجميلة و هو يقول بخفوت

ـ اومال كتب كتاب الجيران مثلًا! ايه مش عايزة تتكتبي على اسمي! 


تجلي العشق بوضوح في عينيها و ملامحها و نبرتها حين قالت

ـ مش عايزة! دانا مش عايزة حاجه من الدنيا غير كدا! 


رغمًا عن فرحته بإجابتها ولكن هناك استفهام مُضاد للفرح أخذ ينخر بعقله وهو كيف مع كل هذا العشق عاشت برفقة آخر طوال العامين الماضيين!!


رغمًا عن أن ملامحه لم تتبدل ولكن عينيه لم تُخفي الألم الهائل الذي يعج له قلبه لتفطن إلى ما يخابره من وجع أضعافه بقلبها لتهتف بنبرة مُلتاعه

ـ أنا مكنتش عايشة يا ياسر..


ـ غنى. اعمليلك قفلة. 


قاطعها بشراسة افزعتها لتموت الحروف فوق شفتيها، فقد هالها كل هذا الغضب في عينيه ليحاول تغيير دفة الحديث قائلًا

ـ اعملي حسابك أننا هنكتب الكتاب النهاردة. انا هخلي الحاج جابر يتكلم مع أهلك.


ـ لحد امتى هتفضل تتجاهل بابا يا ياسر؟ 


هكذا هتفت بألم قابله بالغضب من ناحيته حين قال

ـ غنى. 


قاطعته بجفاء

ـ اسمعني يا ياسر. انا مش هقدر اكسر ابويا حتى لو هو أسوأ أب في الدنيا. مش هعمل كدا أبدًا، و اي ذنب ابويا وامي عملوه حاسبني انا عليه مش هما.


ياسر بقسوة

ـ والله ! دا ايه التضحية الفظيعة دي! 


غنى بنبرة مُشجبة و عينان تذرفان الألم بقوة

ـ عشان انت مهما عملت فيا هفضل أحبك. هما مش هيشوفوك بعيني، ولا عندهم قلب غنى اللي هيسامحك لو عملت فيه ايه! 


أنهت جملتها و التفتت تغادر السيارة لتقبض يديه على معصمها بقوة، فقد ارتج قلبه لحديثها، و كأن حروفها نُقيِشت بسهم الحب فوق جدران فؤاده الذي تقاذفت دقاته بعُنف ليقول بصوتًا أجش 

ـ بصيلي.


رفعت رأسها تطالعه بأعيُن كانت تحمل من العتب ما جعل الندم يزحف إلى قلبه الذي و أن أبى الكبرياء و ثار العقل فهو يعشقها و بكل مرة ينتصر على كليهما انتصار ساحق ليتلقى الآخران هزيمة نكراء لم يتملص منها هذه المرة ليقول بنبرة عاشقة

ـ هو انا مش قولتلك مابحبش أشوفك بتعيطي. 


غنى بخفوت

ـ قولت.


ـ مبتسمعيش الكلام ليه؟ 


ـ أنا أسفة. 


كيف لإمرأة لا يصل طولها إلى صدره أن تملك كل هذه السطوة على قلبه ومشاعره؟ كان هذا الاستفهام الدائر بين قلبه و عقله ليتنحى الأخير فيقول هو بنبرة مُتحشرجة

ـ متتأسفيش تاني، و قولي لأبوكي اني هجيله النهاردة الساعة عشرة عشان نتفق على كل حاجه.


رفعت رأسها تناظره بصدمة، فلم تُصدق انه تنازل لأجلها، ولكن من تقع في عشق رجُل مثله لا تسأل عن المستحيل، فقد راق له مظهرها كثيرًا و خاصةً نظرة الإنبهار في عينه ليتابع بنبرة خشنة

ـ مقدرتش على زعل الغُريبة أبدًا. 


تناثر الدمع من مقلتيها ولكنه فرحاً هذه المرة، فقد شعرت و كأن كلماته خلقت لها جناحان من فرط السعادة لتهتف بعشق 

ـ أنا بحبك أوي يا ياسر. 


ياسر بنبرة مُلتاعه من فرط الشوق الذي يجعله يريد غرسها بيد ضلوعه في هذه اللحظة

ـ و ياسر بيعشقك. 


اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيِعِ سَخَطِكَ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. - اللهُ اللهُ رَبِّي، لا شَرِيكَ لَهُ، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم إنا نستغيث بك فأغثنا، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا❤️‍🩹


★★★★★★★★★★


أتى الموعد المنشود و قد ابتهج الجميع لفرحة غنى التي لم تصدق حين رأته يجلس مع والدها و يتحدثان بهدوء و إن كان هناك شيء من التحفظ ولكن لم يؤرقها ذلك، فقد اتفقا على كل شيء و هاهي اللحظات المنتظرة لفرحتها العظيمة لتجد الجميع حولها هي و ضي التي انتقلت إليها فرحة غنى لتجد نفسها تشعر بالغبطة لسعادتها و خاصةً حين تجمعت الفتيات و حتى شروق التي جلبها عمر لها بعد إلحاحها عليه. 

ـ مش مصدقة نفسي أخيرًا شيفاكي عروسة يا بت أنتِ و هتبطلي جنان. 


هكذا هتفت شروق بحبور فأجابتها غنى بمُزاح

ـ دا الجنان هيبتدي بس ابقى مراته بس.


أشجان بتهكم

ـ هتعملي فينا ايه اكتر من اللي بتعمليه؟ 


آسيا بتعالي

ـ مش هعرفكوا تاني. 


تدخلت آسيا بتقريع

ـ شوف البت دلوقتي مش هتعرفنا عشان خدت حبيب القلب! ماشي اياكي تيجي تعيطيلي تاني. 


كانت ضي تجلس بهدوء فقط ابتسامة بسيطة فوق ثغرها لتقوم آسيا بلكزها في كتفها وهي تستطرد قائلة

ـ وأنتِ يا حزن مغلي. ضحكة لله. دا أنتِ واخدة عمدة قمر. لو مش لازمك هاتيه.


نست حزنها للحظة و هتفت بانفعال 

ـ ياختي اشبعي بيه، و هملوني اني. 


آسيا بمزاح

ـ شوف البت اللي مش وش نعمة خليكي شويه و هيطلعلك أتب من كتر الحزن. اضحكي الضحكة لله. 


قهقهت الفتيات على حديث آسيا التي كانت تتجاهل هذا احساس مُريب بالفقد يجيش بصدرها، و تحاول التغلب عليه، و على غضبها حين وجدت الجميع بالأسفل ما عداه، و رغمًا عنها كانت عينيها تتابع النافذة علها تلمحه، ولكنها وجدت خالد الذي كان يتحدث على الهاتف، فشعر قلبها بأنه يحادثه، لتطاوع رغبة مجنونة بداخلها و تقوم بإطلاق زغرودة قوية لا لشيء ولكنها تريد أن يعلم بأنها سعيدة ولا تفتقد وجوده أبدًا و قد كانت اول من يعلم بكذب هذا الأمر و لحسن حظها فقد أصاب هدفها منتصف المرمى، فقد كان خالد يُحادثه بالفعل

ـ مجتش ليه يا كمال ؟ 


كمال بجمود 

ـ ما انتوا كلكوا موجودين. هاجي أعمل أيه؟ 


خالد بفظاظة

ـ انت شايف ان وجودك ملكش لازمة، ولا مصلحتك هنا خلصت!


غضب من حديث أخيه ليقول بحنق

ـ تقصد ايه يا خالد؟ 


خالد بجفاء

ـ انت عارف انا بتكلم عن ايه…

وصل إلى مسامعه صوت موسيقى صاخب يأتي من الهاتف ليستطرد قائلًا بتهكم

ـ أيه انت رجعت لحفلاتك تاني؟ 


تجاهل كمال حديثه و قال باختصار

ـ ثواني. 


خرج من المكان بأكمله ليتابع قائلًا

ـ خالد لو محتاج مني حاجه هاجي غير كدا أنا مش عايز..


أنهى جملته تزامنًا مع وصول الزغرودة التي أطلقتها آسيا إلى مسامعه ليهتف بانفعال

ـ الهانم بتزغرط و فرحانه اوي! 


شعر خالد بالغضب من حديثه ليهتف بحدة

ـ بطل لعب عيال، و روح شوف بتعمل ايه؟ 


أغلق الهاتف مع خالد وهو يشعر بدمائه تغلي من شدة الغضب، فهو يحاول فعل كل شيء حتى يهرب من طيفها الذي يلاحقه، وهي سعيدة ولا تشعر به، و من الممكن أن تكون نست وجوده أيضًا، و عندما مرت هذه الفكرة على باله قام بركل سيارته بغضب وهو يصرُخ بانفعال

ـ ماشي يا آسيا. انا هوريكي. 


أسألك اللهم بسر التسخير، وحكمة الجعل، وقوة التمكين. أن تسخّرني فيما ترضى، وأن تجعلني فيما تحب. وأن تمكنني مما يُبلّغني سدرة الرضوان، ومقام الإحسان. وأن تجعل لي ما فيه خير ديني، وخير دنياي، وخير آخرتي❤️‍🩹


★★★★★★★★★


تجمع الرجال في قاعة الضيافة الكبيرة في منتصف البلد، و تمت مراسم عقد القران للفتاتين ليقترب عمر من يزيد قائلًا

ـ بقولك ايه تعالى تسرق المنديل! 


يزيد بملل

ـ نسرق ايه دي عالم فقر. ناقصين احنا ؟ 


عمر بتهكم

ـ على رأيك. اللتنين انيل من بعض. 


ياسر باستفهام

ـ بتتودودوا على ايه بطلوا رغي؟ 


تقدم يزيد وهو يحتضن أخيه قائلًا

ـ قلبي عندك ياخويا والله. 


ياسر بحدة

ـ ايه يا غبي هو انت في عزا؟ 


يزيد بتهكم

ـ العزا منصوب في البيت عندنا متقلقش. 


زفر ياسر بحدة وهو يقول

ـ هيام لسه متضايقة بردو! 

يزيد بسخرية

ـ لا هيام بتشتم و روضة بتعيط. 


عمر بتهكم 

ـ اخبارك كلها زي وشك كدا.

 يزيد بسخرية 

ـ الحمد لله انها مش زي وشك انت كان زماننا في كارثة. 


عمر بوعيد

ـ ماشي أما ربيتك مبقاش أنا. 


أخذ عمر يتلفت حوله قبل أن يقول باستفهام

ـ اومال فين الدبابة بتاعتنا مجاش ليه ؟ ازاي يفوت عليه حدث زي دا! 


اجابه خالد بتقريع

ـ حد يقول كدا عن خاله! 


تحمحم عمر وهو يقول مُعتذرًا

ـ معلش يا خال ماهو اللي حجم عائلي! 


خالد بفظاظة

ـ مزعل والدتك ليه؟


عمر بتبرُم

ـ متقوليش أنها اشتكتلك مني! 


خالد باختصار

ـ أشتكت.


انفعل عمر قائلًا

ـ و مقالتلكش ايه اللي حصل؟ 


التفت خالد إلى عمر وقال بجفاء

ـ لما تيجي تعدل حاجة مايله اعدلها من كل الجوانب، وبلاش الغشم في التعامل عشان مش انت اللي هتتأذي في ناس تانيه ملهاش ذنب هتداس تحت الرجلين.


عمر بحنق

ـ لو تقصد بابا فابقى بضيع وقتي لو اتكلمت معاه، عشان هو عمره ما هيسمع. 


خالد بخشونة

ـ انت متكلمتش يا عمر. انت خدتها بالدراع و فرضت سياسة الأمر الواقع. يبقى توزن الدنيا و متعملهاش معركة.


ـ مش انا اللي عملتها كدا. 


هكذا تحدث عمر بحنق فأجابه خالد بتعقُل

_ أيًا كان اللي عملها متسمحلوش بدا. لو عايز ترجع الحق لأصحابه يبقى تعمل دا وقتي من غير مُماطلة. انما انت كدا واخد طريق غلط. ابوك و امك حتى لو كانوا الوحش ناس في الدنيا انت مُجبر تبرهم.


يعلم أن حديث خالد صحيح ولكنه وقع في بئر الانتقام الذي اغرقته به جدته، و قد ظن ان هذا يُمكن أن يرضي ضميره ولكن الأمر بدأ في أخذ شكل آخر لا يُريده.


اللهم سخّر لي كل ما أريد ولو كان في نظري مستحيلًا ، يارب سخّر لي من الأقدار أطيبها ومن التباشير أسعدها و من الأرزاق أوسعها ، يا الله إنّ في قلبي نداء و أنت ياربي سميع ، يارب إني مُقبله على أمور تحتاج توفيقك و تسهيلك ف يارب أنزل على أيامي القادمة توفيقك 


★★★★★★★★★★★


ـ يا بنات . العرسان وصلوا. 


هكذا تحدثت صابرين بسعادة، فقد أرسِلت الأوراق للفتيات لتوقعن عليها في البيت و قد كان الجميع على احر من الجمر حتى يأتي الرجال إلى المنزل و قد ارتجف بدن ضي حين سمعت حديث صابرين لتهب من مكانها من فرط الفزع لتسمع صوت عزام في الخارج يتفوه باسمها فاقتربت آسيا منها قائلة

ـ اجمدي كدا متبقيش خوافة. اقعدي معاه و اتكلمي معاه. انا حاسة والله إن هو كويس و غير ما أنتِ شيفاه خالص. 


ارتبكت الحروف فوق شفتيها وهي تقول

ـ خايفه اوي يا آسيا. 


اقتربت أشجان هي الأخرى تقول بحنو

ـ سلمي أمرك لله، و قولي يارب و أن شاء الله خير. 


ضي بخفوت

ـ ونعم بالله. 


توجهت إلى الخارج ليناظرها عزام بحنو تجلى في نبرته حين قال 

ـ قربي يا ضي. قربي متخافيش. 


اقتربت منه ليربت على كتفها وهو يُتابع 

ـ عايزك تقعدي مع عريسك. الراجل كويس و شاريكي و أنا واثق أنه هيحطك في عنيه. 


لم يكُن هُناك فرق لديها، فقد أيقنت بأنها هالكة أن كانت معه أو مع والدتها لذا اومأت بصمت وهي تحتجز الكثير من العبرات خلف سد اللامُبالاة التي كست ملامحها لتتوجه إلى الغرفة التي يجلس بها، و حين رآها فارت الدماء بعروقه، و اختل توازن دقات قلبه لهيئتها الرائعة، فقد أصرت آسيا على وضع بعض الزينة لها، فبدت فاتنة ولكن بأعيُن انمحى بريقها من فرط الحزن الذي أعاده إلى الواقع بقسوة ليتحدث بخشونة افزعتها 

ـ جربي مني يا نچاة.


نجاة بنبرة ترتجف خوفًا

ـ اسمي ضي. مابحبش الاسم ده. 


رحيم بنبرة ذات مغزى

ـ غريبة مع أنه لايج عليكي جوي. 


نجاة بجفاء

ـ اني ادرى باللي يناسبني.


رحيم بنبرة حادة كالسيف

ـ لاه. الحديت ده جبل ما تبجي مرتي. انما بعد ما اتكتبي على اسمي كل حاچة اتغيرت.


تأكدت ظنونها بأن القادم سيء معه لتقول بخوف تجلى في عينيها و نبرتها حين قالت

ـ و ايه بجى اللي اتغير؟ 


فطن إلى خوفها فأراد محو هذه النظرة من عينيها ليقول بوقار

ـ اللي اتغير أن مبجاش حد يجدر يتحكم في مصيرك، ولا يجولك كلمة عفشة، والخوف اللي كنتي عايشة فيه زمان خلاص خلص. 


تفاجئت من حديثه ليُتابع بجدية هدأت من روع قلبها المُلتاع

ـ الأمان اللي بتدوري عليه هتلاجيه بس وأنتِ جنبي. ده المكان الوحيد اللي هتكوني آمنه فيه من كل حاچة. 


تجلى شعورها بوضوح فوق ملامحها التي لانت قليلًا، و كذلك عينيها التي صفت سمائها ليُتابع بنبرة عابثة

ـ ورينا بجى ضحكتك الحلوة ولا معنكديش غير البوز ده! 


لا إراديًا ابتسمت على حديثه ليشعر بالشفقة أكثر عليها، فمن شأن عدة كلمات بسيطة أن تبدل حالها، ولهذا فهو عازم على حمايتها ولن يسمح لانتقامه بالمساس بها أبدًا.


أسألك يا رب أن تغيرني وتغير حالي وقدَري للأفضل، وأن ترزقنى ما لم أتوقعه، وخيرًا لم أفكر به وتحقيق أمنيات ظننت أنها مستحيلة، اللهم اجعل لِي خَيرًا واستجابة في كل ما أتمنَّى، واجعل لِي تَوفيقًا في كُلِّ طَريقٍ أَسلُكُه، واجعل أصعب أيَّامِي ما فاتَ مِنها، ولا تُصَعِّب عليَّ أمرًا، ❤️‍🩹


★★★★★★★★★★


في الناحية الأخرى كان ياسر يجلس مع الرجال في الصالة ليتحدث إليه مرزوق قائلًا 

ـ أنا وافقت أن غنى تفضل هنا عشان أجبر بخاطر البنت الغلبانه دي و يكونوا كلهم حواليها. لكن الأصول بتقول ان القاعدة دي تبقى عندنا.


على الرغم من أنه تنازل لأجلها و تعامل معه ولكنه لا يزال يحمل بقلبه الكثير تجاهه و بالرغم من ذلك فقد أجابه بجمود

ـ طبعًا يا حاج مرزوق كلك ذوق. بس انت شايف الظروف. 


مرزوق باندفاع

ـ عارف. بس الأصول بتقول انك تجيب الست ام حماده و العيلة الكريمة و تتغدوا عندنا يوم. احنا مشوفنهاش من وقت ما قرينا الفاتحة. 


كان يزيد يستمع إلى الحديث ليلتفت إلى عمر متمتمًا بتهكم

ـ بيقولك عايز الست ام حمادة تروح تتغدى عندهم يوم! تخيل هيام اختي تسمع الكلمتين دول! احتمال تطبخوا هو عالعشا.


عمر باستفهام

ـ ليه يا ابني هي مش وافقت؟ 


يزيد بسخرية

ـ وافقت على غنى. انما ام غنى و ابو غنى لو طالت تخرطهم و تحطهم للبط هتعمل كدا.


عمر مازحًا

ـ أنا لازم احضر الغدوة دي دا هيبقى د.م الركب


يزيد بتهكم

ـ هنحضر سيكشن تشريح عملي بدل الضفادع اللي قرفوا امنا بيها. 


لاحظ مرزوق إشارة صابرين له ليدلف إلى الداخل برفقتها فإذا بها تنهره قائلة 

ـ ايه يا راجل مش تنادي على جوز بنتك يطلع يباركلها. 


ـ هو انا في بيتي عشان أقوله اطلع! 


صابرين بحدة

ـ بقولك ايه متعمليش افلام هندي البت عايزة تفرح و عريسها يفرح بيها، و عزام زي اخوك، وهو طلع رحيم عشان الظروف طلع أنت جوز بنتك. عايزاك تقرب منه دا شاري بنتك اوي واحنا جينا عليهم عايزين نعوضهم، و البت اللي فوق دي لازم يعرف قصتها واللي شافته.


مرزوق بحدة

ـ أنتِ اجننتي يا ست أنتِ! انا هروح أقوله بنتي حصل معاها كذا كذا ! 


صابرين بلهفة

ـ لا طبعًا انا اقصد نسيبهم منهم لبعض. يالا روح ناديه 


يعلم أنها محقة لذا اومأ بصمت قبل أن يجد عظام يقترب منه وهو يقول 

ـ خلي ياسر يطلع لعروسته فوق يشوفها. و يبارك لها. 


اومأ مرزوق و تقدم الى ياسر الذي لم يكُن يحتمل رؤيته، فقد كان يخشى من شعوره في هذه اللحظة، و أن يفسد عليها فرحتها، فمشاعره مُبعثرة كثيرًا و لكنه اقترب منه ليقول بجانب أذنه

ـ اتفضل يا ريس ياسر عشان تسلم على عروستك.


لم يستطِع تفسير شعوره الآن ولا كيفية التعامل مع الأمر، فلاح التردد على ملامحه وقد شعرت مرزوق بذلك، ولكنه حاول الظهور بأن لا شيء يدور داخله نصب عوده وهو يتقدم بجانبه إلى حيث أشار لتهرول صابرين إلى الداخل و هي تنادي على غنى التي جف حلقها من فرط التوتر لتقترب منها صابرين و تُتمتم بخفوت

ـ لازم تحكي لياسر عن اللي حصل معاكي. دا بقى جوزك تقدري تتكلمي معاه براحتك عن الأول من غير كسوف ولا حرج.


برقت عين غنى وهي تقول بصدمة

ـ أنتِ بتقولي ايه يا ماما ؟ انا عمري ما اقدر اقوله كدا ابدًا.


صابرين بحدة 

ـ بقولك ايه دي الحاجة الوحيدة اللي ممكن تقف قدامكوا، وهو مفروض يعرف انا نبهتك وأنتِ حرة.


تقدمت غنى إلى الغرفة حيث ينتظرها و قد كان جسدها يرتجف كمن أصابته الحمى و كأنها ستراه للمرة الأولى، فلم تستطِع رفع رأسها حين دلفت إلى الداخل ليروق له مظهرها و الخجل الذي يُغطي ملامحها، فأراد مُشاكستها قليلًا حين كان

ـ هتفضلي حاطة وشك في الأرض كتير؟ 


رفعت رأسها على مهل فغرق في حسنها الذي ضاعفته الفرحة ليقع في هواها مُتيمًا لا يعرف كيف ساقته قدماه إليها ولكنه انصاع خلف قلبه الذي يعشق حتى الهواء المُحيط بها لترتفع يده تُعيد إحدى خصلاتها المُتمردة إلى الخلف، وهو يقول بصوتًا أجش

ـ مبروك يا عروسة.


كانت عبارات الفرح تترقرق في مقلتيها و الحروف ترتجف فرحًا فوق شفتيها وهي تقول

ـ مش مصدقة نفسي أنا بقيت مراتك يا ياسر! 


كان لجملتها مفعول السحر على قلبه الذي لم يكُن يُصدق أنه نال مُبتغاه أخيرًا ليهتف بنبرة مُتهدجة

ـ لا صدقي. بقيتي مراتي أخيرًا.


وقف العقل أمام القلب الند بالند فقد كان القلب يبغي عناقًا كاسحًا يُرمم جراح غائرة في أعماق الروح، والعقل يُمارس تجبره في عرض الماضي أمام عينيه، و تذكيره بأنها كانت لرجُل آخر سواه، كان الصراع الدائر بداخله يتجلى بوضوح أمام عينيها، فقد كان هناك حاجز كبير يمنع اقترابه منها لتقرر في لحظة جنونية اتباع نصيحة والدتها فهتفت بجدية

ـ في حاجه مهمه لازم تعرفها يا ياسر.


كانت هذه اللحظة من أصعب اللحظات التي خابرها في حياته، وهنا تذكر حديث هيام بأنه لم يستطيع الاقتراب منها، وقد كانت مُحقة، فهاهو يقف أمامها مُكبل يعجز عن البقاء أمامها و الهروب بعيدًا عنها لتقرر البدأ في الحديث قائلة 

ـ طول السنتين اللي فاتوا رأفت….


ـ غنى. 


قاطعها بحدة افزعتها كما افزعها حديثه حين قال

ـ دي آخر مرة تجيبي سيرته على لسانك سامعة؟ 


حاولت أن تجعله يسمعها فقالت بتوسل

ـ ياسر. 


ياسر بقسوة

ـ اقفلي على الماضي مش عايز اسمع حاجه عنه. ارحميني و اديني فرصه انساه. مش عايز اسمع حاجه عنه فاهمه ولا لا؟ 


رغم خوفها منها ولكنها حاولت للمرة الأخيرة حين قالت

ـ طيب اديني فرصة…


ـ قولتلك لا. لو مش عايزة تشوفي أسوأ جانب فيا متتكلميش في الموضوعا تاني. 


هكذا تحدث بغضب جحيمي جمد الحروف على شفتيها، فهي بالفعل رأت منه الآن شخصًا اخر لا تعرفه، فهي لم تخابر هذا الغضب منه أبدًا لذا تحدثت بجفاء

ـ حاضر. مبروك يا ريس .


قالت جملتها و تراجعت للخلف تمحي عبراتها قبل أن تعود إلى الداخل تنوي المغادرة و بداخلها إصرار كبير على تغيير هذا الوضع الذي بغبائها اقحمت نفسها به ولكن بطريقتها التي تعرف أنه لن يستطيِع الصمود أمامها لتتركه بقلب يحترق بنيران الغضب والغيرة و الألم الذي لا يهدأ أبدًا 


اللهم أنت ربي وبيدكَ أمري، أسألك باسمك الأعظم الذي إذا سُئلت به أجبت، أن تجمعني وما أتمنى من غير حولٍ مني ولا قوّة، ولا حول ولا قوة إلا بك. - اللهم رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تُغنيني بها عن رحمة من سواك واقضِ عني ديني ولا تكلني إلى أحد سواك❤️‍🩹


★★★★★★★★★★


مر أسبوعاً كان مليء بالنشاط و التحضيرات للعُرس وقد كانت منشغله مع كُلًا من غنى و في في تجهيز كل شيء ولكن هذا لم يثنيها من الالتقاء بسوزان كل يوم بعد العمل، فقد وجدت بها الكثير مما تفتقده في والدتها 

ـ سوزي معلش اتأخرت عليكي النهاردة.


سوزان بمُزاح

ـ عليكي غرامة تأخير بس لو في سبب مقنع هسامحك مفيش مشكلة.


أشجان بتفكير

ـ والله مانا عارف اقولك ايه؟ بس بصراحة أنا كنت بدور على شغل.


سوزان بصدمة

ـ نعم! بتدوري على شغل ليه ؟ هو أنتِ مش شغاله ولا ايه؟ 


أشجان بخفوت

ـ مش مرتاحة في الشغل، وبعيد عن البيت.


فطنت سوزان لما تُخفيه بداخلها لتقول باستفهام

ـ مش حاسة ان دا بس السبب! في ايه تاني؟


حاولت التهرُب من الإجابة، فهي لم تستطيع الإفصاح عن هذا الذنب الذي يُثقِل كاهلها، والتي تريد أن تسقطه حتى تشعر بالراحة لذا قالت بتوتر

ـ مفيش غير اللي قولتهولك.


ـ طب ولقيتي شغل؟ 


هكذا استفهمت سوزان لتقول أشجان بخيبة أمل

ـ للأسف لا. بس انا مش هيأس هفضل ادور لحد ما الاقي وان شاء الله ربنا هيعيني.


صمتت سوزان قليلًا قبل أن تقول 

ـ طب أنتِ ممكن تشتغلي ايه؟ يعني لازم في شركة ولا اي مكان ؟ 


أشجان بلهفة

ـ لا طبعًا مش لازم! اي مكان يكون محترم وخلاص. 


سوزان بتخابُث

ـ أنتِ بتعرفي تطبخي! 


أشجان بلهفة 

ـ ايوا طبعًا . بس اشمعنى؟ 


ـ مقصدش طبيخ طبيخ يعني. اقصد تعملي معجنات ومخبوزات


ـ أيوا بعرف متقوليش أنك هتشغليني معاكِ!


لم تكُن أشجان تُصدق أن هذا يُمكن أن يحدُث ولكن لاعبتها سوزان حين قالت

ـ أصل البنات اللي بيساعدوني في المطبخ هنا في منهم بنت هتتجوز و احتمال كبير تمشي.


لم تُمهلها أشجان الوقت لتكملة حديثها لتهتف باندفاع

ـ طيب انا ممكن اشتغل معاكوا اي حاجه هنا لحد ما تمشي. ان شالله حتى اغسل المواعين.


برقت عيني سوزان من حديثها لتقول بصدمة

ـ للدرجة دي أنتِ عايزة تسيبي الشركة ؟ 


لون التعب محياها و ظهر الألم في عينيها جليًا و في نبرتها حين قالت

ـ من غير أسئله معنديش ليها اجابات ايوا عايزة امشي. عايزة احس اني مرتاحة، وانا هناك مش هرتاح أبدًا.


اللهم ارزقني رزقًا واسعًا حلالًا طيبًا، واستجب دعائي من غير رد، وأعوذ بك من الفضيحتين؛ الفقر والدين، اللهم يا رازق السائلين، ويا راحم المساكين، يا ذا القوة المتين، ويا ولي المؤمنين، ويا خير الناصرين، يا غياث المستغيثين، ارزقني يا أرحم الراحمين. ❤️‍🩹


★★★★★★★★★


كان يعمل على جهاز الحاسوب الخاص به و إذا برنين هاتفه يتعالى فالتقطه مُجيبًا

ـ ايوا يا متر.


لحظات وتبدلت ملامحه للصدمة التي تحولت بغضب مقيت جعل عروق رقبته تبرُز بشكل مُخيف وهو يُزمجر بشراسة

ـ بتقول ايه؟ 



الفصل السابع والعشرون من هنا


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1