رواية عودة الذئاب الفصل السادس والعشرون بقلم ميفو السلطان
... انهارت مهره بشدة، فكلام أخيها فاق احتمالها، كأنه سهام مسمومه انغرست في أعماق روحها.. سوطًا من نار انغرز في قلبها. شهقت كطفلة ضلّت طريقها في غابة من الألم، وتهاوت بين ذراعي أسمر، كأنها شظايا زجاج مكسور يبحث عن مأوى.
اندفع أسمر نحوها،احتواها... يحيطها بذراعيه كمن يحاول حمايتها من دنيا وجعتها.صامتًا كجدارٍ حنون، صلب كجبل، دافئ كصدر حنون ، يضمها كأنها آخر ما تبقّى من روحه، كأنها نجاته الوحيدة من الغرق. لم ينطق، لم يُعاتب، فقط كان هناك… يرسم على جسدها أمانًا كانت تظنه انقرض.
فاندفعت بلا وعي، واندسّت في أحضانه تبكي وتبكي… تبكي ضياع طفولتها، وعمرها الذي تاه في دهاليز الغِلّ والكره، تبكي أنوثتها التي سُحقت تحت وطأة ثأر لا يرحم، ورغبة انتقام أحرقت فيها ملامح الأنثى.اصبحت لا تحتمل ذلك الضياع.. ماذا فعلت لتعيش ممزقه مهلهله هكذا. ؟! كل ما فاتها، وما لم تُخبر به أحدًا قط. بكت طفولة أُكلت، وأنوثة سُحقت تحت أقدام الثأر، وروحًا تعثرت في طريق لا يعرف سوى الدم والوجع.
حاوطها أسمر، ولم يتكلم… فقط احتواها بصدره، كأنه يخبرها بصمته أنها له، وأنها وطنه الوحيد وسط خراب هذا العالم. شعر بها… بأنها أنثاه التي يستميت ليخفيها من وجع الدنيا، وأنها الجرح الذي لن يسمح لأحد أن ينبش فيه.
ظل يُمسدّ عليها بحنانه، يشدها إليه، وهي تنتحب، لا تفعل شيئاً سوى الالتصاق به، كأنما هو الملاذ الأخير لروحٍ هاربة من عالم موحش لا يرحم .
شعر بعذابها الذي اخترق قلبه، وبعنفوان "اللأسمر" يشتعل في عروقه، هتف بصوت أرعب السكون وزلزل جدران وجعها:
— "مين ده اللي متحكم فيكي اكده؟ وبيوجعك اكده؟ لا عاش ولا كان! إنتِ مفكراني جليل؟! أسيبك اكده؟! دا أنا أسمر اللي ما حدش يلمس اللي تبعه... بعدي وأنا أجيبه وأحطه تحت جزمتي! أسمر أبو الدهب يخليه يركع ويطاطي ولا يهوّب ناحيتك! أخليهولِك يلبس مرة وطرحة، انطجي! جوليلي مين ده؟!"
هنا تجمدت مهره، …تشققت نظرتها، وارتدت روحها إلى خلفية سوداء بعيدة…كأن الزمن توقف للحظة، والجملة تسللت كأفعى بين خلايا عقلها، شدّت ذاكرة أرادت دفنها، لكنها خرجت كقنبلة من تحت الركام…
"هحطك تحت جزمتي."
تلك الجملة التي قالها لها ذات يوم، تركت فيها ندبة لا تشفى. كانت في أحضان أسمر تبحث عن سند، عن ظلٍ يحجب عنها قسوة الحياة، لا عن خنجر يُغرس باسم الرجولة. ولكن أبدا ليس علي أخيها..
فثارت، وغرزت أظافرها في صدره لتجمع ما تبقى من قواها. تريد أن تقتلع نفسها من اخضانه التي تاهت فيهم لوهله وظنت انه ملاذها. ولكن ابي الزمن ان تعيش المهره ويدق القلب ويضخ دما بعد ان كان يضخ مرار وحنضل يجثو علي صدرها يميته. ابي ابن ابو الدهب ان تنسي سواد ايامها مع تلك العائله. انتفضت بعنف ودفعته
، وهو بهت من صدمته.
ولاحت نظرات غاضبة كانت تتأجج من داخلها. وقفت تنهج من غضبها ومن قهرها، ممزقة بين أخيها وبين من يهواه قلبها،عيونها كانت حمراء كالجمر، ونظرة وجعها تصرخ، لا تحتاج لساناً كي تحكي. أي جانب سيهبط عليه قلاع المهره.. الأخ والسند ام العاشق ومن دق له القلب.
ولكن سفينه التار والغل موجهه لغرض واحد ولوجهه واحده اعادتها لأرض ابو الدهب أرض الصراع.. أرض الذئاب...
صرخت، وصوتها كان وجعاً ناطقاً:
— "هو مين اللي هتجيبه تحت جزمتك؟! هاه؟!"
اندفعت تدفعه في صدره، فارتد للخلف.
— "هو إنت ما عندكش غير الجملة دي يا أخي؟! من يومك ماشي تجيب الناس تحت جزمك! ما عندكش غير إنك تدوس وتموت؟!"
ضربت حذاءه بقوة، كأنها تنتقم من كل لحظة انكسرت فيها.
— "لا يا أسمر بيه! هو عمره ما ييجي تحت جزمتك، ولا هتقدر تقرب منه! وده عهد مني... من مهره عمران!"
كانت تبكي وتحترق وتنهار… لكنها لأول مرة تقف.،تحاول ان نجمع ما بقي منها.
— "إنت بتحاجي على اللي يخصك، وأنا عايشة عشان أحاجي على اللي يخصني!"
وقف مذهولاً، كأن الأرض سُحبت من تحت قدميه. همس:
— "مهره... أنا..."
لكنها صرخت، صرخة قهر كسرت الجدران:
— "انت إيه؟ عايز إيه؟ جايبني هنا ليه؟ أنا ماليش أجي هنا ولا ألبس الحاجات دي!"
نظرت إلى نفسها، فاشمأزت… بدأت تمزق فستانها كأنها تمزق قيداً يكبلها .
— "ده مش توبي! ده ما يخصنيش، ده مش أنا!"
اندفع نحوها يهدئها،
__حاوطها بقوة:
"بس، بس، اهدَي! بس، بتعملي ليه كده؟ إيه حصل؟!"
لكنها صرخت:
— "أوعى! ما تقربليش! أنا ما حدش يقربلي! أنا ماليش حد ولا أكون لحد!" مالكش دعوة بيا! أنا ما حدش يقرب ليا، ماليش أقرّب من حد، ولا أكون لحد! مهره ما بتلبسش كده، دي مش هدومي، ولا عمرها هتبقى! دي ليها ناسها، ليها اللي ليهم قلب وبيِدق وبيِحلموا! أنا ماليش، ماليش!"
وهو يقف يشعر بالجنون عليها ..
"ارحموني بقى، أعرف إني مش كده، ولا هينفع لكده، ولا هبقى كده..."
كلبش فيها بقوة، وأدارها، وشدها لصدره بعنف:
"اخرسي بقى! إنت بتموتي روحك! اسكتي! إيه الوجع ده؟! بتعملي ليه اكده؟ ! إنتي بتقتليني! بتذبحيني بوجعك!"
ماكتي في حال، والجلب طلع اللي جواته، ولا هو حرام نفرح ببعض؟!"
اهتاجت أكثر، خبطت على قلبها، بشراسة عاشقة الحياة لكنها ترفضها: أبعدته.
"نفرح؟ هما مين اللي يفرحو؟ هتفرح بمين بالضبط؟ اللي هتجيبهم تحت جزمتك؟ لا يا بيه، أنا ماليش في سكة الفرح! بكرة تعرف سكتي كويس، ساعتها هتعرف إن هنا مالوش يفرح!"
خبطت على قلبها بعنف.
مهره مابتلبسش فساتين الفرح.
، وهو يقف مذهولاً، لا يفهم شيئاً.
— "ارحموني! أنا مش كده، ولا هبقى كده!"
أمسك بها بقوة، أدارها إليه، شدّها لصدره بعنف.
— "اخرسي بقى! إنتِ بتموتي روحك! أسكتي! إيه الوجع ده؟!"
خبطت على قلبها بعنف.
— "هنا... مالوش يفرح! هنا ما يلينش! مهره ماتت من جوه... اللي مات ما يلبسش فساتين الفرح!"
واستدارت مسرعة إلى الداخل، تاركة وراءها قلبًا يتفجر من الغليان.تركت خلفها رجلًا ، لا يفهم إن كان يحضن امرأة أم يتلقى طعنات من ماضٍ لم يعشه.
أسمر تاه…
أسمر وقف مذهول... "فيه حاجة واعرة جواها... فيه حاجة بتمزّعها!"
"مالها؟ اتجننت؟ جلبت اكده؟ فيه ايه جواها، لا، البت دي فيها حاجة بتنهش جلبها! عايزة تبقى حرمة، وفيه حاجة بتشدها تمزعها! مين اللي بيسيطر عليها ده، ويكلمها؟! يعمل فيها اكده؟! كت في حضني، لينة، وحابة... فيه إيه؟! لا، لازم أعرف. شوف يا أسمر بيها إيه وخدها بالراحة، وشوف جلبتها ليها سبب."جلس يلهث كمن اصطدم بجدار لا يُهدم.
جلسَت مهره وحدها، أمام المرآة. تتأمل اللاشيء.
وهمس الجرح القديم من يدها، يحكي دون صوت…الجملة ما زالت تدوي في رأسها:
"هحطك تحت جزمتي..."
جلست والأحداث تضربها من كل ناحيه. الي ان اتت ذكري حرق يديها.. رفعت يدها تتأملها…. لاح طيف الجرح القديم…تأمّلت الحرق،
ذاك الذي انطفأت نيرانه على الجلد… لكنها ما زالت مشتعله في نياط القلب.
كلما لامستها الذكرى، انسكبت منها بقايا مشاعرٍ نبتت بالإكراه، وتعيد سو قلبها بكفن الصمت والوجع .
. ظلت تحاوطها الذكريات كغيمه تسحب روحها وتغلفها حتي سقطت آخر لمحه من المهره التي تحولت لحاله في أحضان الاسمر حتي لو لدقاىق معدوده.
زحف التبلد لجسدها وهدات تماما كريحٍ باردة تغلق كل النوافذ وانتظمت أنفاسها كانفاس جهاز الموت يعلن دقات قلبها كخط ممسوح لا ينبض.
نظرت في المرآة…كمن يدفن طفلًا كان يسكنها، ثم بهدوء قاتل، مسحت دموعها، وابتسمت بسخرية، ارتدت ثوبها القديم، لبس "مهره" مش لبس الوهم الزائف.. وهم ألأنثي . قامت ، تلبس لبسها، وتخلع ذلك الفستان، وتدوسه بقدمها.
وقفت تتأمل نفسها بلبسها،أخرجت حقيبتها، وضعت المكياج، وارتدت باروكتها…، وتعود لهيئتها السابقة.
اقتربت من المرآة، تنظر لنفسها جيدًا، وضعت الحسنة بجوار فمها،كأنها تضع نقطه مسمومه علي قلبها وأخذت نفسًا عميقًا، اقتربت أكثر، ونظرت بعيونها، ضحكت بقوة، من يراها يظن أنها جُنّت، ولكنها تعود لنفسها لتأثر سلامة عقلها إن لا تُصاب بخلل. فلتعد لطبيعتها، وتكبت ما ظهر منها غصبًا، وتنسى كينونتها وفطرتها، حتى تُكمل ما بدأه أخيها.
اقتربت وهمست بقوة: عادت كما كانت. ، أخذت نفسًا عميقًا. اقتربت من المرآة أكثر ،وبدأت ترسم المهره مرة أخرى ببرود وتبلّد. نظرت في عينيها، ضحكت بقوة، كأنها تضحك على بقايا نفسها.
— "مهره عامر أبو الدهب... إنتِ بنت الغازية وبنت الحرامي... إنتِ أخت نديم، وضهر نديم، وقلب نديم... مالكيش غيره، فاهمه؟!"
مدّت يدها ولمست المرآة...
— "اللي جوا المراية دي وهم، وهم لازم يتكسر!"
والوهم لازم يتكسر!"
وبضربة قاطعةوبعنف، كسرت المرآة.
وانتشرت الشروخ على الزجاج، لكنها لم تُشوّه ملامحها…
بل كشفتها.
أظهرت "مهره" الحقيقية…تظهر هيا من بين الشروخ.. .
ضحكت وقالت:
— "آيوه، إنتي كده، صح. شرخ. مسخ. مالوش شكل. هتكملي كده، أوعي لنفسك يا بنت عامر، هاه؟ أوعي، أوعي تنسي."
خرجت من الغرفة بثقة وكأنها لم تكن تبكي قبل لحظات، وكأنها ما انهارت، ما تحطّمت…
تسير بثقة المستسلمة لمصيرها.. فوجدته ينتظرها.
كان هو ينتظرها بالخارج بلهفة، فانصدم حين خرجت بتلك الهيئة الباردة. لم يكن وجهها يُعبّر عن أي ملامح. كان مكياجها صارخًا ومتكلفًا بشكل عنيف، كأنها شخص آخر. فوجدها تقترب بهدوء، وتقول بنبرة جليدية
ملامحها ميتة، ، صوتها بارد:
— "عندك الحاجات مترتبة، وقول للبنت ألف مبروك... بالنيابة عني."
استدارت تمشي، فصرخ خلفها:
— "ما حدش يجدر يعيش بشخصيتين! ما حدش يجدر يجهر فطرته!"
تجمدت، ثم التفتت، رفعت إصبعها بإشارة السلام، وخرجت.
أسمر وقف مذهول... قلبه يغلي... بس مش فاهم، إيه اللي بيقع من بين إيديه كلّما ظنّ أنه أخيرًا أمسَك به؟؟ وليه بتنساب
من حضنه كل إما يحس إنها خلاص لانت ليه ؟! ولماذا تذوب بين ذراعيه كلما اعتقد أنها استقرّت؟
ولتصمت الدنيا دفعة واحدة…
حين ترحل الجميلة التي أصبحت لغزًا بلا تفسير، ونارًا بلا دخان. ويقف الفارس الاسمر شريدا بلا مهره يصبو قلبه اليها.
.
كان براء جالسًا، تملؤه الحسرة، ينهشه الوجع على تلك الجميلة الرقيقة. تمتم بهمٍس لا يكاد يُسمع:
"أنا مش جادر، جلبي بيتجطع، هتحمّل إزاي أشوفها اكده؟ لاه، لازم أروح لها..."
هبّ واقفًا، حجز أول طائرة وطار إليها. لم يكن يملك خطة واضحة، فقط رغبة مُلحة في رؤيتها، في إنقاذها من قهرٍ لا تستحقه.
اشترى علبة بيتزا وتسلّل بين الشقق متخفيًا في زي عامل توصيل، يبحث بعينٍ ذابلة عن اسمها… "شجن عامر".
ولمّا وجد الشقة، طرق الباب بخفة، ففتحت شراعة الباب، شهقت بخوف حين رأته:
"إنت! إنت جيت ليه؟ عايز تموتني؟ إزاي تعمل كده؟!"
مد يده من فتحة الشراعة، لامس وجهها بلطف، همس مكسورًا:
"هو اللي عمل فيكي اكده؟"
كان وجهها ملتهبًا من أثر الضرب، احمرّت وجنتاها لا حياءً، بل قهرًا.
انسابت دموعها بصمت موجوع:
"وجعني قوي، بهدلني وقال كلام وحش…"
تنهد براء بمرارة:
"ليه؟ هو مش واثج فيكي؟"
أجابت بكسرٍ في صوتها:
"أخويا ما بيتفاهمش… عايش عشان ينتقم من أهله، عايز يفضحهم ويموتهم… وأنا؟ أنا ولا حاجة… إن شاء الله أولع، ماليش قيمة عنده."
قال براء بحنانٍ يكسر الجبال:
"طب جوليلي، أعمل إيه دلوك؟"
نزلت دموعها من جديد:
"قاللي… قاللي إنه هيجوزني، يا براء."
صرخ براء بانفعال:
"هيا سايباه! هو مين أصلاً اللي يجوزك؟!"
فجأة، رنّ هاتفها، ارتجفت…
"نديم! نديم يا براء…"
فتحت الهاتف، صوتها مهزوز:
"أيوه… إيه؟ البس؟ أقابل مين؟ نديم، حرام عليك! بتعمل فيا كده ليه؟… حاضر، المفتاح؟ حاضر، فين؟ حاضر…"
أغلقت الخط، دموعها تسبق أنفاسها، فسألها براء بقلق:
"فيه إيه؟!"
قالت وهي تحاول تماسكها:
"مافيش… هنقابل ناس… هستأذنك يا براء."
أغلقت الباب وبدّلت ملابسها، فتحت لتجد براء مسنودًا على السلم، قفز واقفًا:
"رايحة فين؟! أخوكي موديكي فين؟ جوليلي!"
دموعها تنساب وهي تتمتم:
"هنقابل حد..."
زمجر بغضب:
"حد مين اللي منزّلك تجابليه؟!"
أجابت بقهر:
"أرجوك يا براء، أخويا تحت، لو طلع… هيموتني."
استدارت ونزلت، وهو خلفها. راقبها تركب مع أخيها. كان الشعور ينهشه… لا راحة ولا سكون. تبعهما.
رأى نديم يدخل أحد الكافيهات الكبرى، يلتقي بأسرة، وشجن إلى جواره.
راقب المشهد، رأى سيدة تحتضن شجن وتأخذها جانبًا، وبعد وقت جاء شاب وجلس معهما. ثم غادرت السيدة، فبَقِي الشاب وشجن وحدهما.
اشتعل قلب براء…
"نهار اسود… دا عريس؟ أنا هجف أتفرج؟!" اعمل ايه الواد عينيه هتاكل البت جلبي بياكلني كان يشعر بالنار كان ياكل حاله. طب ايه هفضل جاعد اكده لما اموت مجهور.. هب مسرعا وذهب الي احد الخادمين علي المطعم واعطاه مالا. مر الوقت لينطفئ النور وبدا الكل في الانصراف.
.
خرجوا، صافحوا الناس وانصرفوا. رأى أخيها يشدها بعنف وهي تبكي، فاشتعل قهرًا. صعد سيارته، تبعهم حتى المنزل.
انتظرهم، نزل نديم، فهب براء وصعد مباشرة، طرق الباب، ففتحت شجن بذهول، فاندفع داخلًا:
"إنت بتعمل إيه؟! اخرج! عايزني أموت؟!"
صرخ محروقًا:
"دا كان عريس، صح؟! جايبلك زفت يتفرج ويعاين!"
قالت بانكسار:
"أرجوك، أخرج… لو رجع، هيموتني."
دفعها:
"خليه ييجي! يموتنا إحنا الاتنين! فاكرة إني هسيبه يعمل فيكي اكده؟ شجن… أنا مش هسيبه يدمرك!"
قالت بخضوع:
"خلاص يا براء، مش بإيدي، وأكرم… أكرم شكله طيب… أحن من أخويا."
صرخ بوجع:
"نهار أخوكي طين! أكرم مين وزفت مين! إنتِ هتوافجي؟ إنتي جنّيتي؟!"
أجابت باكية:
"أنا خلاص… مت! ماليش حق أعيش… ولا أفرح… ماليش…"
اقترب منها، نطق بصوت مليء بالحسم:
"ما تجوليش اكده… لأ، هتعيشي، وهتفرحي، وهتحبي، وهتتهني كمان."
دفعته بقهر:
"كفاية بقى! بتعمل فيا كده ليه؟ أنا خلاص، هو قرر يقتلني، مامنوش فايده خلاص هو حكم عليا بالموت هو خلاص انا عارفة هيحدفني لاي حد.
أمسك يدها بقوة:
"مش هتتجوزي… .. ده لما ما ابقاش موجود ده لما يبقي براء مش راجل ويسيبك يتعمل فيكي اكده ده لما تكوني مش مكتوبه علي اسمي. إنتي مراتي!"
بهتت:
"إيه؟! بطل… أوعى تقول كده… اوعي تجيب السيره دي إنت قطعت الورقه بطل !"
صرخ:
"ما جطعتش الورطة… ومش هجطعها… وتسمعي بقى! أنا هتصرف… إنتي مراتي!"
انهارت، تصرخ وتلطم:
... نهار اسود انت عايزه يقتلني هموت هموت حرام بقه والله ماعت مستحمله انا هتجوز هتفضحني بطل.
زمجر: انت ماهتتجوزيش حد واصل واني بقه اللي هجفله واعرفه مين هو براء. اخوكي فاكر نفسه يجدر عالكل. مش هتتجوزي حد! وأخوكي؟ أنا هعرفه! براء يجدر عليه وعلى اللي زيه!"
دفعته، ترجّته"حرام عليك! هيموتني! أنا مش قادرة أتحمل أكتر من كده!" بطل بقه انت عايز إيه.. اخرج اخرج،، نديم ماحدش يقدر عليه نديم اخويا غير.لتدفعه برعب... بره بره حرام بقه انا يتعمل فيا كده ليه.هتجوز "سيبني… أنا هتجوز… كفاية! أنا مرعوبة…".
شد يدها بقوة:.. جواز ماهتتجوزيش واخوكي انا هعرف اعلم عليه كويس.. اني خططي ماهتترميش بالأرض وهاخد حجي كله اندفع خارجًا، وهي تقف مذهولة، مكسورة، وهو ينوي ان يذهب اليه وهيا واقفه مرعوبه تلطم وجهها..
"هيعمل ايه هيفضحني نديم هيموتني يا رب انا غلبانه هعمل ايه؟!" لتظل تنتحب بقهر لا تعلم ما القادم.
"
دخلت وجد على نديم، لقته واقف ووشه مغيَّم بالغضب، قربت منه بقلق:
(بصوت هادي):
– إيه داخل كده ليه؟ مالك يا نديم؟
صرخ فيها فجأة، صوته مبحوح ومليان قهر:
:
– سيبيني لوحدي، يا وجد!
اتخذلت من صراخه، بلعت ريقها بصعوبة وهمست:
:
– أنا آسفة...
استدارت تمشي، بس قلبه اتفتّت، لماذا يحدث له ذلك فهذا كثير عليه . هو مش قادر يتحمّل بعدها، مش قادر يفقدها وهي الحاجة الوحيدة اللي حنّت عليه، اندفع ناحيتها واحتضنها من عند الباب.
رجفت في حضنه، وحاولت تبعد عنه وهي تهتف بخجل وارتباك:
– ابعد... عيب كده، من فضلك.
تنهد بندم، وسابها بهدوء، ورجع وقعد، دفن راسه بين كفوفه. قربت منه تاني، حطت إيدها على كتفه بلطف وهمست:
– مالك يا نديم؟ مش تقولي؟ يمكن أساعدك... مش أنا وجد؟ صاحبتك، ولا إيه؟
رفع عينه ليها، ووجعه باين فيها:
– أقولك إيه؟ أقول إن نديم اتكتب عليه يشيل الطين، ويتحط تحت رحمة دنيا ما ترحمش؟ أقولك إن أختي... أختي بتتكلم شباب وهي صغيرة، وهتجيبلي العار؟ وشرع يحكي لها كل شىء.
اتصدمت وجد، عيونها اتسعت وهمست:
:
– ضربتها؟ حرام عليك يا نديم، دي صغيرة، ولوحدها، انت قاسي ليه كده؟ تعرّفها غلطها يا نديم.عارف إنك اتوجعت بس ما تبقاش زي أهلي... أنا حاسة بيها، حرام عليك.
صرخ، صوته عالي ومبحوح:
:
– بتقولي إيه؟! دي الهانم فاتحة كاميرا لواحد! وبتحكيله عن أيام الخلا! وبتضحك وهي بتتكلم! اسكتي، اسكتي بقى! "كانو في الخلا..." كانوا بيعملوا إيه؟ بيصلّوا! اسكتي، ده فيه جهر! ما جادرش،،
ردّت بهدوء، لكن عينها مليانة دموع:
:
– وانت ما سألت نفسك ليه؟ انت مربيها كويس، أكيد! طب اللي بيكلمها ده، من البلد، يمكن صديق؟ نديم... متتسرعش وتدفنها حيّة، دي غلبانة... زيي، أنا عايشة لوحدي، وأبويا بيقهر فيا. ما تبقاش زيه، أبوس إيدك... أكتر حاجة وجعاني دلوقتي، إحساسها إنها لوحدها في الدنيا...
سكتت لحظة، وبصت له بعيون دامعة:
:
– هتجوزها غصب؟ هتموتها بالحسرة؟ هتعمل فيها زي ما أهلي عايزين يعملوا فيا؟
هتف بندم بقهر:
:
– أمال أعمل إيه؟ أفرشله السرير؟ أدخله القوضة واركب قرون انت مجنونه ؟ ده جاي ياخد روحي ، يا وجد! جاي يدفني بالحياة ويشيلني العار على دماغي!وانا ورايا دنيا الهم علي دماغي ،،
قربت منه، وقالت بلين:
:
– عارف يا نديم؟ انت جواك اتنين... واحد حنين، وده أنا شُفته، وعرفته، وحسيته... وواحد تاني قاسي، بيقتل الحنين ده! أختك مش شايفة منك اللي أنا شايفاه. انت بالضبط زي أبويا، بس أبويا قاسي من جوه وبره...أنا عايشه قهر يا نديم... حرام عليك... أنا عارفة أبويا بيخطط لإيه... بيخطط يجوزني. أنا ما شفتش يوم فرح، وقلبي عارف إنك بتحس، بس بتخبّي!
ما تعملش في أختك. ـ أنا أكتر واحدة، يا نديم، حاسة باللي عملته... اقعد معاها، ، جايز بتحبه... جايز... حاجات كتير... أختك يا نديم صغيرة، وبتقول طايشة... أوعى يا نديم...
تنهد هو، وأحس ببعض الراحة من الكلام معها،بصّ لها بندم، وابتسم ابتسامة صغيرة:
:
– مش عارف من غيرك كنت عملت إيه... انتِ نعمة يا وجد.
ردّت وهي مبتسمة، وعينيها مليانة حب:
:
– أنا موجودة، كل ما تلاقيك موجوع، هتلاقيني... أهون عليك، وأملّس على قلبك. إحنا اتكتب علينا الوجع... بس ربنا كاتب لنا نداوي بعض.
رنّ تليفونها، قامت ترد عليه وهي بتضحك:
وجد:
– إزيك يا عمّوري؟ وحشتني!
نظر ليها نديم بصدمة، حواجبه تقطبت:
نديم (بغيظ):
– عمّوري؟! مين ده كمان؟ هو أنا هحلق على البِت؟!
قام، وراح لها، وزغدها:
:
– بتكلمي مين؟
بصت له بغضب وابتعدت، فضلت تكلم، جدها، وظلت تمازحه ونديم مشتعل عن آخره، فقد كانت تحب جده.. وهو واقف بيغلي.
قطبت فجأة: ـ إنت بتقول إيه؟ أرجع ليه؟ فيه إيه؟ طيب... مش مطمّنالك... قولي... طيب... تنهدت وقالت: ـ طب حاضر، بس إديني شوية كده... ابتسمت وهتفت: ـ وحشتني أوي... والله حاضر... عيوني... هفكّر فيك وبس... انتهت واستدارت، لتجد نديم واقف أمامها مشتعل،
اندفع: ـ إنتِ بتكلمي مين؟ وقدّامي كمان؟ هي بقت سايبة؟ هاه؟ "وحشتني" و"زفّتني"! انطقي! مين البيه؟ هو أنا هحلق عليكي ولا إيه؟ إنت بتعملي فيّا كده ليه؟ آه! شوية أمجد، ودلوقتي عموري! هو إنتي واقعة؟ ما بتصدقِ تشبكي مع حد؟! وعشان كده تصرّفات أختي عجباكي.
–! انتِ لو كلمتي حد تاني... هسود عيشتك، فاهمة؟!
سكتت... وعيونها اتقلبت ببرود وغصة:
(بهدوء جارح ووجع ):
– تصدق؟ أنا واقعة فعلاً... واقعة إنّي واقفة قدّامك وسامحة لك تكلمني كده. واقعة إني قربت منك ونصحتك. واقعة إني افتكرتك شبهي. نديم، دي آخر مرة تتكلم معايا بالشكل ده...أو اقولك يمكن آخر مرة تكلمني أصلاً.
استدارت تمشي، بهت،اندفع و لحقها وهي تلمّ حاجتها من المكتب:
نديم (بصوت عالي):
– بتعملي إيه؟!
ما ردّتش، شدّها من إيدها، فدفعته:
(بانفعال):
– إيدك لمّها! فاكرني إيه؟ عارف؟ لو قلبي حنّ ليك بعد كده، هخلعه! مش مسموح لك تهينّي. هو إحنا اتخلقنا عشان ننوّجع بس؟!
لمّت حاجتها، وخرجت. لحقها ورفعها من على الأرض وهي بتصرخ:
:
– سيبني! سيبني أمشي! هسود عيشتك، والله، زي ما قولتلي! بس أنا اللي هسود عيشتك بزياده!
صرخت:
– أنت واحد جاحد! واحد ما بيحسّش! واحد..اوعي بتعمل فيا كده ليه قلبي وجعني منك مش عايزه أعرفك إنت بتوجعني همشي مش هقعد.. هقعد ليه ليه اوعي سيبني .
الا انها انخرست فجأة عندما...تعليقاااااات إيه جااااي
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم