رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل التاسع و العشرون 29 بقلم جميلة القحطانى


رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل التاسع و العشرون بقلم جميلة القحطانى


وفي الأيام التالية، بدأ سامي يقترب… ليس بالكلام المعسول، بل بالفعل. كان يسمعها، يفهم سكوتها، ويعرف كيف يخفف ثقل الأيام عن كتفيها.
بدأت تخرج من قوقعتها، تعود إلى الرسم، وتفكر في إكمال تعليمها.
أما زينة، فقد بدأ زواجها ينهار سريعًا… الرجل الذي خطفته لم يكن صادقًا كما ظنت.
وكانت مها تنظر لكل ذلك من بعيد، دون شماتة، فقط بقلب شفي من الحقد، وتعلم معنى العدل الإلهي.
وفي أحد الأيام، جلست مها إلى جوار سامي في الحديقة العامة، بينما ابنها الصغير يلعب أمامهم.
قالت وهي تضحك لأول مرة منذ سنوات:تصدق… زمان كنت بظن إني مش هكون سعيدة أبدًا.
ردّ سامي وهو ينظر لعينيها:وأنا كنت بظن إني مش هستحقك أبدًا… بس ربنا عادل، وبيعرف يختار الوقت الصح.
الساعة تقترب من الثامنة صباحًا.
الهدوء في ممرات المدرسة متوتر، مشحون بنبضات القلوب المتسارعة.
سما كانت تمشي بخطى مترددة، تحمل في يدها دفترًا صغيرًا تلقي عليه نظرات مشتتة، وكأن عقلها يرفض استقبال أي معلومة جديدة. لم تنم جيدًا الليلة الماضية، لا بسبب عدم الاستذكار، بل بسبب ذاك الصوت المزعج داخلها: "ماذا لو نسيت؟ ماذا لو خانني عقلي؟"
دخلت القاعة… كانت المقاعد مصطفّة ببرود، تراقب الداخلين وكأنها مشهد من مسرحية مألوفة تتكرر كل فصل.
بعض الطالبات يتهامسن في قلق، وبعض الطلاب يراجعون بصوت منخفض، وآخرون ينظرون للسقف أو يغلقون أعينهم كمن يستعد لمعركة.
جلست سما، تنظر إلى ساعة الحائط. كل ثانية تمر كأنها تدق على قلبها.
تبدأ اللجنة بتوزيع الأوراق.
سُمع صوت الأوراق وهي توزّع مثل أمواج تتلاطم على شاطئ مليء بالخوف.
وضعت سما الورقة أمامها، نظرت إلى السؤال الأول…
وفجأة، الفراغ.
كأن عقلها سُحب من رأسها.
أين ذهب كل ما قرأته؟
شعرت بغصة في الحلق، وارتعاشة في يدها.
أخذت نفسًا عميقًا، نظرت من حولها، فوجدت صديقتها تجلس في المقعد المجاور، تضغط على جبهتها وتحرك شفتيها بصمت… ربما تدعو، أو تحاول استرجاع معلومة.
أحد الطلاب في الخلف طلب ورقة إضافية وهو يبتسم بثقة، بينما آخر وضع رأسه بين يديه، كأنه استسلم.
الهواء في القاعة ثقيل، والأعصاب مشدودة كوتر آلة موسيقية على وشك الانفجار.
مرّت دقائق قبل أن تبدأ سما ببطء… كلمة، ثم جملة، ثم انهمرت الأفكار، كأن صندوق ذاكرتها قد فُتح أخيرًا.
لكن الخوف لم يذهب…
الخوف لم يكن من الأسئلة، بل من!

تعليقات