رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الثلاثون 30 بقلم جميلة القحطانى


رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الثلاثون بقلم جميلة القحطانى


التوقعات، من نظرات الأهل، من المجتمع الذي يقيسك برقْم على ورقة.
كان الجو لطيفًا في ظهيرة نهاية الأسبوع، والشارع شبه خالٍ من السيارات.
قرر الثلاثي المرح—فهمي، حاتم، وهاني—أن ينفضوا عنهم تعب الأسبوع بمباراة كرة قدم خفيفة في أحد الأزقة الواسعة.
فهمي يمسك الكرة ويصيح:اللي يجيب جولين يخسر ويشتري عصير!
حاتم يضحك: يعني أنا اللي هدفع؟ طيب بس أهو ندفّي العظام.
أما هاني، فقد أخذ موقعه كحارس المرمى، والذي كان عبارة عن حجريْن صغيرين يمثلان العارضة.
بدأت المباراة بحماس صاخب، الكل يركض بلا قواعد واضحة، والضحك يعلو المكان.
صوت ارتطام الكرة بالأبواب المعدنية، وصراخ فهمي وهو يحاول التمثيل على أنه أُصيب، أضفى طابعًا من المرح الذي يليق بمشهد حقيقي من الحارة.
وفجأة، جاءت تسديدة قوية من هاني كانت نيته أن يُسجّل هدفًا في فهمي لكن الكرة انحرفت، و"طارت" بقوة نحو الشارع العام!
صوت ارتطام قوي… ثم صراخ قصير.
ركض الثلاثة نحو مصدر الصوت، ليجدوا رجلًا مسنًا قد أصيب بالكرة على كتفه وسقط منه كيس الخضار الذي كان يحمله.
سكتوا لحظة…
نظر الرجل إليهم بنظرة غاضبة، ثم قال بنبرة ساخرة:
ربنا يسامحكم! هو أنا ناقص ضرب كمان؟
فهمي تقدّم معتذرًا:والله آسفين يا عم الحج… ما كانش قصدي خالص، الكرة خانتني.
حاتم انحنى ليلمّ الخضار المتناثر، وهاني وقف مصدومًا يكرر:أنا قلت الكورة دي تقيلة!
وبعد دقائق من الاعتذار، ابتسم الرجل وقال:بس تذاكروا كورة في ملعب، مش في نص الحارة… وبعدين هاتوا لي عصير، بدل ما أنا اللي اتصاب وأنا معدّي!
انفجر الثلاثة ضاحكين، وأقسم هاني أن يشتري له العصير و كيلو موز كمان تعويض.
استيقظت سهير ببطء، رأسها ثقيل كأن به آلاف الطَرقات، وعيناها مثقلتان وكأنهما عبرتا صحراء طويلة من الدموع.
رفعت جسدها بصعوبة وهي تشعر بأن الغرفة ليست كما تذكّرتها... كانت مرتّبة ونظيفة، ورائحة خفيفة من عطر الورد تملأ المكان.
نظرت بجانبها، فوجدت باقة ورد جوري بلون الدم، ملفوفة بورق فاخر، وبجانبها علبة شوكولاتة داكنة، عليها شريط أحمر صغير.
ارتسمت على وجهها ابتسامة باهتة، مهزوزة، اعتقدت في لحظتها أن فهد رغم كل شيء ربما شعر بالذنب.
لكنها لم تكن واثقة، فثقتها في الناس قد تآكلت كما يتآكل الحديد تحت المطر.
همّت أن تنهض، لكنها سمعت صوت خطوات تقترب...
توقف قلبها لحظة. قبضت على الغطاء.
تعليقات