رواية جريمة الاباء الفصل الثانى بقلم حمدى مغازى
وفي وسط ما بقرأ الأسماء حط أيده على الكشف.. وتحديدًا على إسم عباس راضي وقالي…
"الجزء الثاني"
- الراجل ده يابيه.. الراجل ده كان بيقعد مع الحاج ابو المعاطي من وقت للتاني.. يعني مثلًا كل اسبوع مرّتين كده ولا حاجة.. وكان بينهم علاقة صحوبية بحكم قرب السن بينهم.
- تعرف عنّه أيه؟.
- راجل بتاع ربنا ياباشا.. عايش مع الست نفيسة مراته والعمارة كلها تشهد بكرم أخلاقه.
- ساكن في الدور الكام؟.
- الدور الخامس.. شقة رقم 10.
- مش الشقة دي اللي جنب شقة المجني عليه؟.
- أيوة هي يابيه.
- تمام شكرًا ياعبده.
- تحت امرك يابيه.
ركبت الاسانسير لحد ما وصلت للدور الخامس.. خرجت منّه ووقفت عند شقة رقم 10.. خبطت كام خبطة لحد ما خرجت ست في الستينات.. كانت لابسة نضارة وماسكة في أيديها عكاز.. أتكلمت وقالت...
- أنت مين يابني؟.
- انا المحقق ماهر يا حجة.. بحقق في قضية قتل جاركوا الحاج ابو المعاطي.. وجاي عشان اخد كلمتين من الحاج عباس وهمشي على طول.
- اه.. طب اتفضل تعالى.
- متشكر جدًا.
- اقعد هنا لحد ما اعملك حاجة تشربها.. واندهلك الحاج عباس.
- لا ياحجة ماتتعبيش نفسك.. ياريت تندهي الحاج عباس بس.
- لا أبدًا والله مايحصل ده حضرتك ضيف ولازم تاخد واجبك.. تشرب أيه؟.
- تمام يا حجة.. قهوة سادة لو سمحتي.
راحت تعمل القهوة.. وبعد دقايق خرج جوزها اللي رحب بيا وقعد.. وبدأت كلامي معاه وقولتله...
- انا مش هطول عليك هم كلمتين وهمشي على طول.
- اوي أوي.. اتفضل يافندم.
- انا عرفت إنك كنت صاحب المرحوم ابو المعاطي وبتقعد معاه من وقت للتاني.
أول لما سمع اسم ابو المعاطي حسيت إن الدموع اتجمعت في عينيه.. واتكلم بنبرة حزن وقال:
- كان اكتر من اخويا يابيه.. عمره مابخل عنّي بأي حاجة.. حتى في تعبي ماسابنيش.. لما عرف إن البيت مافيهوش ولا مليم.. بعتلي فلوس عشان اجيب علاجي.. ربنا ينتقم من اللي عمل كده.
- اهدي ياحج ووحد الله.
- ونعم بالله يابيه.. بس موته مأثر فيا.
- طب مشوفتش حد من ولاده واقف بيزعق معاه قريب؟.
- ابدًا يابيه.. هم دول كان حد بيشوفهم اصلًا.. ده فين وفين لما كانوا يفتكروا إن ليهم أب.
- بحكم الصداقة اللي كانت بينكم مقالكش إنه كان عنده أملاك.. اراضي مثلًا أو حتى فلوس في البنك.
- حصل يابيه.. الحاج ابو المعاطي كان راجل مقتدر ويملك كتير.. بس الزمن جه عليه.. حكم السن بقى.
- طب والمُرافق اللي كان معاه.. اظن أنت تعرفه وشوفته؟.
- طبعًا شوفته واتكلمت معاه قبل كده.. وكنت ملاحظ إنه شايل الحاج من على الأرض شيل.. ده عمل معاه اللي ولاده ماعملهوش.
- عمل ايه بقى؟.
- كان بيخدمه بعيينه.. وكان امين معاه طول الشهور اللي فاتت.
- طب تفسر اختفائه من ساعة اللي حصل بأيه؟.. خصوصًا إنه كان آخر واحد معاه.. وكمان لقينا الخزنة مفتوحة ومسروق منها كل اللي فيها.
- الله اعلم يابيه.. انا مش عاوز أظلم حد.. بس لو كان ناوي على غدر كان عمل كده من زمان.. ليه هيستنى الوقت ده كله؟.
- ده اللي انا عايز اعرفه.. متشكر جدًا على وقتك.
عيونه اتملت دموع.. وقال:
- انا تحت امرك يابيه في أي وقت.. بس حق ابو المعاطي يرجع.. الله يرحمك ياصاحبي وبينتقم من اللي كان السبب.
في الوقت ده دخلت مراته بالقهوة وقالت:
- رايح فين؟!.. مش هتمشي قبل ما تشرب القهوة.
- معلش يا حجة مرّة تانية.
خرجت من عندهم وانا في دماغي مليون سؤال.. كل الناس بتقول إن المُرافق كان تحت طوعه وشايله في عينيه.. ومن الناحية التانية هو كان آخر واحد معاه بشهادة البواب.. واختفى من بعدها لحد دلوقتي.. مش قادر ألاقي تفسير منطقي للي حصل.. ولو فكرت في آن ولاده حد فيهم هو اللي عملها.. أو بعت حتى حد يقتله عشان الورث.. هكتشف من كلام البواب إن ماحدش فيهم زاره من فترة كبيرة.. ولا حد غريب بيدخل غير بعلمه.. حاسس إن الموضوع بقى صعب.. وعكس ماكنت متصور.. لازم استنى عماد أشوف هيوصل لأيه.. رجعت مكتبي وبعد ساعات سمعت صوت رنة موبايلي كان عماد هو اللي بيتصل.. رديت عليه بسرعة وسألته بلهفة...
- خير ياعماد في جديد؟.
- في حاجة مهمة لازم سعادتك تعرفها.. بس مش هينفع اقولك هنا لازم نتقابل.
- اجيلك فين؟.
قالي العنوان.. نزلت ركبت عربيتي وروحتله على طول.. أول لما شافني جه ركب جنبي وقال:
- الشخص اللي قولت لي اعمل تحريات عنّه ياباشا طلع ميت من 3 سنين.. انا كنت مع أهله من ساعة تقريبًا وهم اللي اكدولي بكده.. خرجت من عندهم سألت الجيران وكله اجمع على كلامهم.
- ازاي الكلام ده.. والناس اللي شافوه مع المجني عليه من كام يوم؟.. معقول يكون اللي في بالي صح؟.
- ايه اللي في بالك ياباشا؟.
- هفهمك كل حاجة بعدين.. فين أهل الشخص ده؟.
- بيتهم في اخر الشارع اللي قدام سعادتك.
- يلا بينا لازم اتكلم معاهم.
ركنت العربية لأن الشارع كان ضيق ومش هقدر ادخل بيها.. اتمشينا لحد ما بقينا قدام البيت.. خبطت على الباب طلعتلي بنت في العشرينات.. أول ما شافتنا اتفاجئت وسألتنا...
- أنتوا مين؟.
سمعت صوت جاي من وراها بيقول...
- وسعي يابت.. وسعي.
- اهلًا اهلًا يابشوات اتفضلوا.
استغربت من رد فعله.. لكن عرفت بعد كدة من عماد.. إنه كان مديله ميعاد نقابله فيه.. دخلنا وقعدنا وساعتها الراجل سألنا...
- تشربوا ايه يا بشوات؟.
رديت عليه انا...
- لا إحنا مش جايين نتضايف.. هسألك كام سؤال وهمشي على طول.
- اؤمرني يا باشا.
- اخر مرّة شوفت اخوك امتى؟.
- الله يرحمه ياباشا ده ميت بقاله تلت سنين.
طلّعت صورة مكبرة كنت عملتها بعد الجريمة.. وريتهاله وانا بقوله...
- اللي في الصورة ده يبقى اخوك؟.
خد الصورة من أيدي وفضل يدقق فيها بعدها قالي...
- لأ يابيه مش اخويا.. الراجل ده انا أول مرّة اشوفه.
نادى على حد من جوه يجيب صورة اخوه.. واللي فعلًا كانت غير متطابقة مع الصورة اللي معانا لا من قريب ولا من بعيد.
سيبناه بعدها وخرجت انا وعماد.. اللي لقيته بيقولي...
- يعني الواد طلع ضارب البطاقة.
- بالظبط.. اللي معانا دي مش بطاقته.. وده معناه إن هو القاتل يا عماد.. احنا لازم نفتح عينينا كويس.. الواد ده طول ماهو ماشي ببطاقة مزورة مش هنعرف نوصله الموضوع.
مرت ايام ومافيش جديد.. حتى عماد لما عمل تحريات عن ولاد المجني عليه اكتشفنا إنهم اصحاب شركات كبيرة وليهم اسمهم.. حتى سلوكهم مع الناس.. ماحدش قال في حقهم حاجة وحشة.. وده اللي عقد الموضوع أكتر.. بقيت حاسس إني بدور على إبرة في كوم قش.. بس أنا لازم اتوقع أي حاجة ومن أي حد.. وعشان كده كنت لازم اقابل ولاد المجني عليه بنفسي.. خدت عماد وطلعنا على شركة من شركاتهم.. ماكنش موجود غير ابنه الكبير اللي أول لما شافنا رحب بينا وقال...
- أتفضلوا عندي في المكتب.
دخلنا معاه وقعدنا قدامه وساعتها قولتله...
- مش هنعطلك كتير.. إحنا جايين ناخد كلمتين وهنمشي.
- اوي أوي اتفضل.
- انا ملاحظ إنك رجعت لشغلك وحياتك بدري بدري.. بقى ياراجل ده ينفع.. والدك لسه متوفي ماكلمش اسبوعين؟.
- الحي ابقى من الميت يافندم زي ما بيقولوا.. الشركة محتجاني واخواتي مايقدروش يديروها لوحدهم.. ولو انا مش موجود هنخسر كل حاجة.. يعني هيبقى موت وخراب ديار.
- معاك حق.. تعرف إننا اكتشفنا إن البطاقة اللي كانت معاك صاحبها ميت.
- ميت!.. ميت ازاي يافندم؟!.. ده كان مع والدي الله يرحمه من اسبوعين فاتوا!.
- ده اللي حصل.. قولي صحيح لما الشخص ده استلم شغله مافكرتش تسأل عليه؟.
بلع ريقه واتعدل في قعدته قبل ما يقول...
- في الحقيقة..
- في الحقيقة ايه؟.. ماكنش عندك وقت؟.. ولا كنت بتخطط تنفذ حاجة تانية عن طريقه؟.
- حضرتك تقصد ايه؟.
- اهدى اتوترت كده ليه؟.. انا مقصدش حاجة ده مجرد سؤال.
- حضرتك لو عندك دليل قدمه واتهمني بشكل رسمي.. لكن انا مش هسمح يتم اتهامي اتهام زي ده.
وقفت أنا وعماد وقبل ما أخرج من الباب لفيت وشي وقولتله..
- هيحصل قريب.. قريب أوي.
مروا شهرين بعد القعدة دي حاولت اوصل فيهم لأي دليل ضده أو حتى أوصل لصاحب الصورة.. بس كإنه فص ملح وداب.. لحد ما في يوم كنت قاعد في مكتبي وسمعت رنة الموبايل.. رديت بسرعة، و..