رواية تؤام روح الفصل الثانى 2 بقلم يارا سمير

 

رواية تؤام روح الفصل الثانى بقلم يارا سمير

تجمد محمود فى مكانه وهو ينظر الى سوسن  ولحق به كرم ووقف بجانبه في حالة صدمة مما يراه وما يعيشه صديقه .. شعر محمود  أن الوقت توقف وأن الأصوات من حوله خفتت وأن الهواء أصبح أثقل .. لاحظ وجوده والدها وذهب ليرحب بهم :
_ محمود انت هنا .
 حاول ان يبدو طبيعيًا وابتسم :
_ سمعت خطوبة سوسن قولت ابارك بنفسي .. مبروك يا حج .
_  ابن أصول ..الله يبارك فيك  عقبالك .
 ابتسم محمود  وعاد النظر الى سوسن وجدها تنظر نحوه هي الأخري .. تحدث اليها خطيبها نظرت نحوه مبتسمة لم يستطيع محمود المكوث أكثر استأذن وغادر المكان وسوسن كانت تنظر نحوه وهو يغادر  حزينه ..

توجها محمود وكرم الى احدى المقاهي وكان محمود في حالة من الشرود وكرم يجلس بجانبه في صمت ، يجهل ما يقول له وهو يعلم بثوران بركان داخله .. :
_ انا عاوز ارجع البيت .
 بالفعل عادا الى المنزل ولم يتحدثوا.. لم يستطيع محمود النوم فغادر غرفة النوم وجلس  يدخن سجائر بجوار النافذة وكان كرم يراقبه فى صمت ، في صباح اليوم التالي استيقظ كرم  وتفاجئ برؤيته لمحمود يتصرف طبيعي وهو يعد الافطار لهم .. :
_ صباح الخير يا حودا 
 تحدث محمود بنبرته الطبيعية :
_ صباح الفل .. ايه النوم دا كله ياابو الكرم .. 
_ انت صاحي من بدري ولا ايه ؟
_ ايوه ونزلت اجيب لينا فطار فكويس انك صحيت لاني كنت  هدخل أصحيك .
 ينظر كرم الى محمود بتعجب واستكمل محمود حديثه:
_ يلا اغسل وشك وتعالي الطعمية هتبرد .
 توجه كرم الى الحمام وعاد وجلس لينضم مع  محمود لتناول الطعام ، لاحظ كرم تصرف محمود الطبيعي وكأن لم يحدث شئ  وتحدث :
_ محمود ..
_ ها ؟
_ انت كويس ؟
_ انت شايف ايه ؟
_ انا قلقان ..
 ضحك محمود:
_ وقلقان ليه ؟
_ لاني عارف انك بتداري ع اللى جواك، من إمبارح وأنت ساكت .
 صمت محمود لثوان وتبدلت ملامحه واختفت الابتسامة وترك الطعام وعاد بظهره للخلف ونظر الى كرم : 
_ عاوزني اعمل ايه كرم ، اعيط واندب وادبدب في الارض .. 
_ مقولتش كدا لكن لو عاوز تعمل كدا اعمل خرج اللى جواك ..
_ وهل  لو عملت كدا  هنسي اللى شوفته بعنيا ان سوسن مع حد تاني خلاص .
 قال محمود كلماته بنبره حزينة واستكمل حديثه:
_ هي اختارت خلاص  ودا طبيعي يحصل  ..
_ يمكن لو كنت قربت شويا كنت لحقتها ..
_ كرم اللى حصل  دا نتيجة افعالي انا بتحاسب عليها ، سوسن  لما قابلتها واتكلمنا حسيت من نبره صوتها انها موجوعة اوي والوجع دا مش سهل يتداوى ..انا سيبتها فجأة من غير ما اسمعها  فكرت وقررت ونفذت واتمسكت بقراري ودا وجعها  .. انت كنت فاكر زيها انى استسلمت  لا كنت هحاول تاني وتالت  لكن قولت ابعد شويا وارجع  احاول مكنتش اعرف انها قررت واختارت خلاص ( تنهد تنهيده عميقة ) النصيب .. هو دا نصيبها ونصيبي .
_ مش عارف اقولك ايه بس ان شاء الله ربك هيدبرها 
_ ع الله ..
_ انا هقدم ع اجازة يومين وهقعدهم معاك واهو تغيير جو ..
_ لو عاوز اجازة تغير جو على راسي يا ابو الكرم وانت عارف لكن لو هتاخدها عشان تقعد معايا لانك قلقان  لا  ..
_ ليه كدا ..
_ متقلقش مش هعمل في نفسي حاجة  اساسًا الدنيا قايمة بالواجب معايا . 
قالها محمود ساخرًا وهو يبتسم .. قال كرم :
_  طيب تعالي معايا يومين انت بتحب الاسكندرية والبحر .
_ فكرة حلوة لكن للاسف اليومين دول صعب بنظبط فواتير للضرائب ومينفعش اختفي .. اخلص من الدوشة دي قريب  وهأخد اجازة واجيلك وعد .
_ اتفقنا وانا مستنينك .. 

 سافر كرم الى الاسكندرية للعودة الى عمله ولكنه كان دائم التفكير في صديقه محمود ، يوميًا يتحدثًا عبر الهاتف وفي الاجازات يكونوا معًا في تلك الفترة كان كرم  يبحث على عمل مناسب لمحمود في الاسكندرية حتى يبقيا سويًا .. في يوم وهو في مكتبه علم ان الشركة تبحث عن شخص يتولي حسابات المخزن وبمرتب مجزي سريعًا تحدث مع الحج رضوان على توظيف صديقه محمود وبالفعل طلب مقابلته .. اخبر محمود بالمقابلة كان معارض في بأدئ الامر ولكن رضخ في النهاية لكرم .. ذهب محمود الى الاسكندرية وتمت المقابلة والتعيين .. كان كرم ينتظر محمود خارج مكتب الحج رضوان  :
_ مبروك يا حودا .. الاسكندرية هتنور .
_ منورة بك يا ابو الكرم .
_ ارجع الزقازيق خلص كل حاجة وانا والشغل مستنينك .
 نظر اليه ب ابتسامة وغادر عائدًا الى الزقازيق .. بالفعل انهى محمود عمله فى محطة الوقود وغادر الزقازيق نهائي  وذهب الى الاسكندرية وكانت المفاجأة ان كرم قام باستئجار منزل كما كانا من قبل بمفردهم .. استقر محمود وكرم وبدء  مشوار حياتهم سويًا .. 

كانت مواعيد عمل محمود وكرم مختلفة  وكانا يلتقيا اخر اليوم ، فكان كلا منهم يتناول  وجبة الغذاء بمفرده لاختلاف المكان والتوقيت ولكن يتناولا وجبه العشاء سويًا ويتحدثان عن يومهم  في العمل  ..  كان كرم كلما يذهب الى المطعم المعتاد على ذهابه يتأمل رؤية الفتاة المجهولة مرة اخري ولكن لم يجدها .. 

في يوم غادر كرم المكتب متجهه للخارج بسرعة ، كان ممسكًا بأوراق يقرأ فيها بأنشغال زز عينيه مركزة على الورق فقط .. فى نفس اللحظة كانت هناك فتاة قادمة من الخارج  متجهه الى داخل البناية تحمل في يدها بعض الملفات .. فجأة أصطدم بها كرم دون قصد وسقطت بعض الملفات من يدها على الأرض .. توقف كرم لثوان ولم ينظر الى وجهها انحنى الى الارض وبدأ يجمع الملفات المتناثرة على الارض ..وكان يسرع محاولًا اصلاح الخطأ قبل أن يكمل طريقه وقال وهو لم ينظر اليها  :
_ أسف بجد .. انا بعتذر مبصتش قدامي 
 اجابت الفتاة :
_  مفيش مشاكل ..شكرًا على مساعدتك ..
وقف كرم بعد ما جمع الملفات ومد يده بها الى الفتاة امامه :
_ بجد بكرر اعتذاري و..
 حين نظر الى وجهها تفاجأ كثيرًا ..اتسعت عيناه من الدهشة ..كانت هي ( جنية البحر )  الفتاة التى اعتاد على رؤيتها على الشاطى .. حدق فيها كأنه غير مصدق ما يرأه  انها امامه مباشرة .. غمض عينيه وفتحهما ليتأكد انها حقيقية ثم نظر حوله وعاد يحدق فيها من جديد .. كان رد فعله وتصرفاته غريبة ومقلقة مما جعل الفتاة تشعر بالتوتر والخوف .. أخذت الملفات من يده بهدوء  وقالت :
_ شكرًا .. عن أذنك .
 تركته وتوجهت للداخل ووقف كرم مكانه ثابت ودقات قلبه تتسارع  مازال مشوشًا لا يصدق ما حدث .. التفت اليها وتتبعها وقلبه يدق بخفة ممزوجة بالفضول ..  كانت استلقت المصعد ووقف مكانه ينظر ويراقب رقم الدور الذي يثبت عليه المصعد .. توقف المصعد فى الدور 6  ومكتب الذي يعمل به فى الدور ال7 .. طلب المصعد و صعد الي الدور ال6 .. خرج بخفة ونظر حوله على الجدار لافته كبيرة تشير أن المكان مجمع عيادات .. تقدم بهدوء وعيناه تبحث فى الوجوه عنها هل هي تعمل في المكان ام احدى المرضى الموجودين .. ظل واقف مكانه يتفحص كل من يمر حتى وقف امام عيادة ذات باب زجاجي نصف شفاف .. اقترب قليلًا ينظر من بعيد لم يرها فى البداية لكن حين مد نظره أكثر لمحها هناك فى الزاوية جالسة امام مكتب ترتب أوراقًا وتبدو منهمكة في عملها ..في تلك اللحظة شعر بشئ دافئ يمر في قلبه كأنه أكتشف شئ جديد عنها وانها حقيقية وليست خيال كما كان يقنع نفسه .. ابتسم ابتسامة خفيفة فلم يرد ان يقترب أو يزعجها.. فقط وقف للحظة ثم أستدار وغادر بهدوء ..

ليلًا حينما عاد محمود من العمل وحينما دخل القى السلام على كرم ولكنه لم يرد التحية .. نظر اليه وجده شاردًا وعلى وجهه ابتسامة عريضة .. اقترب نحوه ووضع يده على كتفه :
_ هتعرف تيجي لوحدك ولا اطلبلك تاكسي يا ابو الكرم 
 انتبه كرم لوجود محمود :
_ محمود انت جيت امتي ؟
_ من بدري انت اللى روحت فين ؟ سافرت فين كدا ؟
بنبرة مليئة بالسعادة والبهجة :
_ اما حصلتلي انهاردة حاجة ولا الافلام يا محمود 
_ ايه حصل اشجيني ؟
تحدث بسعادة :
_  جنية البحر ؟
_ ايه ظهرت انهاردة واختفت كالعادة ؟
_ لا ظهرت واتكلمنا وعرفت انها حقيقية وعارف عرفت ايه كمان ؟
_ ايه ؟
_ عرفت مكان شغلها عارف فين ؟
_ فين  ؟
_ فى مجمع العيادات في الدور اللى تحت الشركة .. كانت قريبة مني طول الوقت دا وانا ولا مرة صادفتها تصدق .
_ يا راجل .. ايه الصدف الجميلة دي ..  واتكلمت معاها وعرفت اسمها وكدا ؟
 تبدلت ملامح كرم:
_ لا معرفش .
_ ممكن المفاجاة نسيتك تسألها بس اكيد قولتلها اسمك ؟
_ لا مقولتش .
_ اومال اتكلمتوا في ايه يا كرم ؟
_ ولا حاجة خبطتها واعتذرتلها ومشيت .
 حدق به بتعجب:
_ ايه .. بس كدا ؟
_ ايوه .. هو من اول مرة اقولها اسمي واسمها وبعدين انا مكنتش متوقع اقابلها كدا انا .
 ضحك محمود بصوت مرتفع وقال :
_ يا ابن الايه يا كرم ضحكتني من قلبي والله ، ايوه انا عارف انك لخمة  من المفاجاة فضلت فى مكانك وتبص حواليك صح ؟
_ ايوه ؟؟
ضحك محمود :
_  تتعوض نركز فى نص الكوباية انك عرفت حاجة مهمة .
_ ايه هي ؟
_  مكان شغلها يا ابو الكرم ..  يعني فى صدف هتجمعكم ودي البداية  .
_ البداية كانت ع الشاطئ .
_ دي بدايتك انت لوحدك .. بدايتكم انت وجنية البحر اللى حصل انهاردة .
_ صح واكون جاهز للكلام معاها .
_ صدقني هتشوفها وهتسكت .. 
_ لا هتكلم 
_ هنشوف .. عمومًا لو حصلت فرصة انتهزها ومتضيعهاش .. انك تضيع فرصة احساسها مش حلو .
 قالها محمود وبنبره حزينة وادرك كرم ان المقصوده بتلك الجمله سوسن .. استكمل محمود :
_ يلا هغير هدومي وانام لاني مهلووك  وانت ارجع زي ما كنت كمل كمل بس متتاخرش عندك شغل الصبح . .
  ضحك محمود وغادر المكان وعاد بالفعل كرم الى التفكير في الفتاة  وهو مبتسم .. 

 في اليوم التالي علم كرم مواعيد العيادة  ومواعيد اغلاقها ووقت الراحة .. ظل يومان يراقب ظهورها وعلم مواعيد وصولها للعمل .. في احدى المرات كان يقف بجانب البناية في الخفاء يراقب المدخل  وحينما ظهرت لحق بها وكانت تقف تنتظر المصعد .. تردد كرم فى التحدث اليها ولكنه استجمع شجاعته وقال بنبرة متوترة :
_ صباح الخير 
 اجابته بهدوء :
_  صباح الخير 
_  ممكن اسألك سؤال ؟
_ اتفضل ؟
_ انتي شغاله فى مجمع العيادات صح ؟
_ ايوه ..
_ ممكن اعرف دكتور الباطنة مواعيده ايه ؟
_ موجود من السبت الى الاربع من 10 الصبح ل 3  وخميس وجمعة اجازة 
_ يعني مش موجود انهارده الخميس 
_ ايوه 
_ طيب  بالحجز ولا بالحضور ؟
_ بالحضور 
 وصل المصعد ودخلا ثنائيهم وضغطا على ارقام الادوار  وتحدث كرم:
_ انا شغال فى مكتب الاستيراد والتصدير اللى في الدور ال7 محاسب   وانتى ؟
_ انا في السكرتارية 
_ فرصة سعيدة يا ..
 نظرت اليه ب ابتسامة : سناء 
_ سناء .. انا كرم اسمي كرم .
 وصل المصعد عند دور ال 6  وغادرت سناء وصعد كرم الى المكتب وهو مبتهج لحديثه الصغير معها ..

 عاد ليلًا وتحدث مع محمود وقال محمود له :
_ ايه القلب الشجاع دا .. كمل بقى والاهم تعرف هي مخطوبة ولا لا عشان متعشمش نفسك فى الهوا .
_ وهعرف ازاي ؟
_  فى دبله فى ايديها ؟
 _ مركزتش .
_ لا لازم تشوف لان لو مخطوبة مجهودك كدا فى الارض ومينفعش  يا ابو الكرم ..
_ ولو مفيش ؟
_ احتمالين يا مرتبطة يا لا .
_ وهعرف ازاى بقى ؟
_  اسمع عن شيخ بيقرا الغيب تعالي نروحله .. في ايه يا كرم ، هتعرف منها. 
_ يا سلام يعني اروح اقولها سناء انتى مرتبطة وش كدا .
_ لا دا مش وش .. دا اسمه دبش .. فى وسط الكلام هتعرف هي لو مرتبطة هتعرفك اصلًا .
_ وهنتكلم ازاي .؟
_ كرم.. اصنع الصدفة  يا صاحبي .
_ اصنع الصدفة .. تمام .

 كان يتعمد كرم ان يصل الى عمله فى نفس موعد وصول سناء وكانا يتقابلا عند باب المصعد يلقى التحية ثم يغادرا الى مقر عملهم .. في احدى المرات كان ينتظرها وقت الغذاء ولم تظهر وذهب الى المطعم  ليتناول طعامه وجدها تقف امام البحر .. لم يكتف تلك المره بالنظر اليها من بعيد ولكن قرر أن يذهب اليها قبل أن تختفي وبالفعل تحرك من مكانه وتوجهه اليها : 
_ سناء .
 التفتت اليه وقالت :
_ كرم ..
 نظر اليها وقال مبتسمًا :
_ ايه الصدفة الجميلة دي .. انا كنت بشبه عليكي  وقولت اقرب اتاكد بنفسي وطلعت انتي .
 ابتسمت وقال لها :
_ فعلًا صدفة جميلة ..
_ انا كل يوم بتغدا هنا .. اتغديتي ؟
_ طلبت اكل وبيجهز.
_ طيب تبقى فرصة جميلة ناكل عيش وملح مع بعض، يعني كزملاء عمل  ايه رأيك ؟
_ زملاء عمل ؟
_ ايوه مش شغالين في نفس العمارة اه فى اماكن مختلفة لكن فى مكان واحد يعني زملاء صح 
 نظرت اليه فى صمت  :
_ هروح اقولهم طلبك يجى ع الترابيزة بتاعتي مكانها هيعجبك اوي ع البحر 
 ذهب بالفعل وقام ب ابلاغ النادل  وعادوا وجلسوا على مائدة الطعام يتناولوا طعامهم وسط احاديثهم كتعارف أولي : 
_ واضح انك بتحبي البحر اوي .
_ مفيش اسكندراني مبيحبش البحر ، مفيش انسان مبيحبش البحر 
 شعر بسذاجه سؤاله :
_ صح معاكي حق ، اكتر الحاجات اللى حبيتها لما جيت اشتغل هنا ، ما انا مش من هنا انا من البحيرة  ودرست فى الزقازيق  وجيت هنا شغل .
_ يااااه داانت لفيت كتير .
_ جدًا .. الحمدالله ان اخر محطة كانت هنا .. يعني المكان مريح ومبسوط .
 _ كويس .
 كان  ينظر ويبحث عن خاتم الخطوبة في يديها ولحظت سناء :
_ في حاجة ؟
_ ايه اللى فى ايدك دا 
 رفعت يدها وتاكد من عدم وجود الخاتم :
_ فين دا ؟
_ ايدك التانية  كدا .
 رفعت يدها الثانية وكانت خالية  ايضا وابتسم :
_ كان متهيالي ان في حاجة ..سوري .
_ ولا يهمك ..
_ انت من هنا ولا مغتربة زي حالاتي ؟
_ انا من المنشية الاسكندرية دي بلدي اتولدت ودرست واشتغلت هنا .
_ يعني مخرجتيش برا الاسكندرية خالص ؟
_ مرة ايام الجامعة  روحت مع اصحابي القاهرة وحسيت انى توهت .. القاهرة كبيرة وزحمة تيهه كبيرة .
 ضحك كرم:
_ واضح ان اللى كنتي معاهم هما اللى توهوكي .
_ بصراحة احنا كنا نازلين كتجربة كدا والحمدلله مكررنهاش تاني .
_ انا كمان فى مرة روحت اخلص ورق  توهت والورق ضاع وكان يوم عجب .
_ ياااه وعملت ايه ؟
_  رجعت الزقازيق وبعد فترة روحت وانا مركز ومخلى بالي ورغم كدا الورق كان ناقص  حسيت انى بتعاقب والله يومها .
 ضحكت سناء واستكمل كرم حديثه وتبادلا أطراف الحديث سويًا، كانت تلك المرة الاولي التى يتحدثان فيها ولكنها كانت محادثة مريحة سلسلة .. وكان كرم سعيد  بالحديث معها وانهما يتشاركان  وجبة الطعام سويًا . بعد تناولهم الطعام  عادوا الى عملهم .

بدأت علاقة كرم وسناء فى التقرب كأصدقاء يتشاركان الحديث والطعام يوميًا ، ورغم قربهم لم يفصح كرم بمشاعره اتجاه سناء .. 

فى محطة مصر يقف محمود ينتظر احدى الاشخاص لمقابلاتهم قادمين من القاهرة ، اثناء انتظاره لمح والد سوسن بمفرده فتوجهه اليه لتحيته :
_ السلام عليكم يا حج .
_ محمود .. وعليكم السلام .. ايه الصدفة دى ؟
_ صدفة جميلة فعلًا .. 
_ انت هنا بتعمل ايه يا محمود ؟
_ هكون بعمل ايه يا حج .. بشتغل انا شغال في شركة استيراد وتصدير هنا في الاسكندرية ومستقر هنا .
_ ياااه انا كنت متاكد ان ربنا هيكرمك لانك مجتهد وبتسعى ، روحت البنزينة مكنتش هناك وقالولي انك مشيت توقعت رجعت الصعيد .
_ لا هنا يا حج .. انت جاى لحد اوصلك ؟
_ انا هاخد تاكسي متتعبش نفسك.. جاى لزيارة ع السريع وراجع الزقازيق عشان الكافيه .
 تحدث محمود:
_  اكيد من بعد ما سوسن اتجوزت مش فاضية للكافيه ؟
 _ مين اتجوزت؟  سوسن بنتي لا متجوزتش .
_ ربنا يكملها على خير سوسن تستاهل كل خير .
_ ادعيلها ربنا يعوض عليها خير .. فسخت خطوبتها مبقتش مخطوبة .
 تفاجئ محمود وحدق في والد سوسن :
_ ليه ؟
_ فجاءه كدا قالت مش مرتاحة ونهت الموضوع .. الله يعوض عليها وعليك .
 اقترب نحوهم شخصان وعلم والد سوسن ان محمود ينتظرهم ، استأذن وغادر ووقف محمود ثابت في مكانه يستوعب ما قاله والد سوسن .. 

 انهى محمود عمله وعاد للمنزل وهو في حالة شرود وذهول  دخل الى المنزل كان كرم في انتظاره ، قام بتحضير طعام العشاء وجلس يحكي له عن مقابلته مع سناء وغير العادة لاحظ عدم انتباه محمود لحديثه وشروده :
_ محمود.. في ايه مالك ؟
 التفت اليه ونظر للحظات وقال بدون مقدمات :
_ سوسن فسخت الخطوبة .
 تفاجئ كرم :
_ بتقول ايه .. وعرفت ازاي ؟
_ من ابوها نفسه .. قابلته فى محطة مصر وقالي انها فسخت الخطوبة .
_ ياااه يا جدع ع الايام .. مقالكش ايه الاسباب ؟
_ قال لوحدها فسخت الخطوبة .
_ طيب ايه .. بتفكر في ايه ؟
نظر نحوه فى صمت :
_ مش عارف .
_ لا يا محمود لازم تكون عارف ، انت قولتلي قبل كدا الفرصة لو ضاعت احساسها مش حلو، وفي فرصة القدر حدفهالك استغلها يلا .
_  يعني اعمل ايه ؟
_ هقولك انا تعمل ايه يا محمود.. هقولك ماشي .. هتاخد نفسك في اجازتك اللى بعد يومين وتنزل الزقازيق على الكافيه تقابل ابوها وتتكلم معاه وتقوله انك عاوز سوسن وبتتقدم ليها وش كدا  بدون مقدمات ولا تلميح .. تخلص من ابوها وتروح لسوسن تتكلم معاها .. صدتك طردتك ضربتك متسيبهاش  تعمل قرد عشان ترضى وتسامحك وتوافق  وهترجعلك لأن  واضح انها منستكش زي ماانت منستهاش يا محمود حرام تضيع حبكم كدا ودلواقتي الوضع احسن كتير عن الاول ولا ايه ؟
 ابتسم محمود لتشجيع صديقه :
_ ولا ايه يابو الكرم يا غالي .

 بالفعل في اجازة محمود الاسبوعية توجه الى القاهرة الى المقهي الخاص بوالد سوسن ولحسن حظه كان بمفرده .. استقبله والد سوسن بترحاب ورحب بعودته وبطلبه ولكن لابد من موافقة سوسن .. علم  بتواجدها فى الجامعة  ظل ينتظرها بالخارج حتى لمح خروجها بمفردها شارده اقترب نحوها :
_ سوسن .
 التفت الى صوته :
_ محمود.
_ ممكن نتكلم شويا ، ع فكرة انا استأذنت الحج ووافق اننا نتكلم .
 بهدوء ذهبت سوسن برفقه محمود الى مقهي بجوار الجامعة وجلست فى صمت وظل محمود ينظر اليها وقال بدون مقدمات :
_ بحبك .. تتجوزيني .
 تفاجئت من كلماته التي كانت بدون مقدمات وصريحة وواضحة :
_ ايه ؟
_ مش هلف وادور عليكي .. مبدائيًا انا بعتذر ع تصرفي قبل كدا  انا كان ليا اسبابي  اهمهم انا مكنتش عارف بكره ايه هيحصل ، مكنتش واقف على ارض صلبة ومكنش ينفع اجازف بوقوفك معايا ، مينفعش احلى ايامك تتبهدلي فيها .
_ وانت بتتكلم نيابة عني ليه .. مين سمحلك تقرر مكاني ايه الاحسن ليا .
_ عشان بحبك يا سوسن ، بحبك ومش عاوز اتعبك معايا .
_ كنت تتكلم معايا وتسألني هقدر ولا لا وقتها تقرر يا محمود لكن من نفسك كدا .
_ انا بعترف اني كنت غلطان والفتره اللى بعدنا عن بعض فيها عرفتني قيمه غلطي وقيمتك يا سوسن .. انا بحبك وعاوزك نكمل حياتنا مع بعض .
 انهمرت دموعها وهي صامته وقال محمود:
_ انا ولا لحظة نسيتك ودايما كنت في بالي ودايما بدعيلك بكل الخير لانك تستحقي كل حاجة حلوة .
 ظلت صامته وقال :
_ افهم ان السكوت علامة رضا  وموافقة .
 اومأت براسها  وابتسمت وابتسم محمود:
_ والله بحبك ومليش غيرك انت وكرم .. ربنا يخليكوا ليا . 

 عاد محمود برفقة سوسن الى والدها واخبرها عن موافقتها وتمت قراءه الفاتحة بينهم وتحديد موعد شراء الخواتم واعلان خطوبتهم .. عاد محمود سعيد واخبر كرم وشاركه سعادته ..  في اجازته التالية ذهب برفقة كرم وتمت خطوبة محمود وسوسن وسط المقربين فقط .. بعد مدة قليلة جاء اتصال الى محمود وتم اعلامه بخبر وفاة والده وبالفعل قدم ع اجازة وسافر الى الصعيد للدفنه والعزاء .. تم اعلان وراثه واستلم ميراثه من والده واعطى زوجة ابيه واخيه الرضيع  حقها وترك الصعيد نهائي .. وضع المال في حساب فى البنك وقرر البحث عن شقة تمليك ليتزوج هو وسوسن .. فى تلك الفتره كان كرم لم يفصح لمشاعره لسناء وعلم بتقدم شخص لخطبتها وظل صامت وكان حزين .. تحدث محمود وقال :
_ روح قولها يا كرم .
_ اقول ايه يا محمود 
_ قول لسناء انك بتحبها ، بدل ما توافق ع واحد لمجرد انه عريس وطول ما انت متكلمتش هي مش هتعرف انك بتحبها ..هو انا اللى هقولك .
_ مش عارف ..
_ مش عارف ايه ؟
_ مش عارف صح اكلمها ولا استني .. انا خايف لاكون بالنسبالها صديق وبس يا محمود .
_ اسالها وهتعرف .. مباشر كدا .
_ اللى ربنا كاتبه بقى . 

 لم يمكث محمود مكانه وهو يرى صديقه يتألم ويعاني ولخوف من الخطوة .. قرر محمود أن يذهب لمقابلة سناء بدون علم كرم .. بالفعل ذهب محمود دون اخبار كرم الى مجمع العيادات وبحث عن سناء وقدم نفسه لها وطلب ان يتحدث معها ع انفراد وقت الغذاء .. بالفعل وافقت وتوجها الى احدى المقاهي :
_ انا اسف ع طريقتي  وطريقة تعارفنا بالشكل دا بس انا عارفك كويس من كرم .
_ انا كمان عارفاك كويس من كرم ، دايما بيحكي عنك وبيتكلم عليك بيقول عليك اخوه اللى الدنيا جمعتك به .
_ كرم بالنسبالي هو عيلتي .. انا مليش عيلة غيره هو وسوسن خطيبتي .
_ ربنا يخليكوا لبعض واسفه انها متأخره البقاء لله  في والدك .
_ الدوام لله .. انا مش هطول عليكي  انا طلبت اتكلم معاكي اقولك كلمتين .. 
_ اتفضل .. سامعاك .
_ بإختصار ..كرم بيحبك .
 حدقت به سناء :
_ ايه ؟
_ بقولك الحقيقة .. كرم بيحبك ، واعتقد ان في مشاعر منك اتجاهه ولا اعتقادي غلط .
 ارتبكت سناء :
_ انا مش عارفه اقولك ايه ؟
_ انا هقولك .. كرم جدع وراجل واد المسؤلية واكيد انتى لحظتي دا من الفترة اللى تعرفيه فيها .. يعني مش محتاجة تأكيد.
_ احنا عرفنا بعض فترة قصيرة و ..
_ المشاعر ملهاش علاقة بالفترات .. ممكن فترة طويلة بين اتنين ميتولدش بينهم اى مشاعر .. مش شرط .. المشاعر لحظية يا تحصل في ااقل من ثانية يا لا .. واعتقد من أول يوم ومشاعر كرم فضحاه  ممكن يكون متردد شويا خايف من رد فعلك خايف يخسرك .. انا ابصملك بالعشرة ان كرم بيحبك وبيحبك حقيقي يا سناء من أول مرة شافك وقلبه اتعلق بيكي 
 صمتت سناء واستكمل محمود : 
_ طبعًا بتقولي انا جيت اقولك كدا ليه لانه من وقت ما عرف ان في شخص اتقدم وهو نفسيًا مش احسن حاجة .
_ السؤال المحيرني هو متكلمش ليه ؟
_ زي ما قولتلك  تردد وخوف من رد فعلك ، كرم خايف يخسرك ،  انا حسيت ان من حقك تعرفي مشاعره يا سناء ولو متبادلة لسه في فرصة بينكم  والشخص اللى اتقدم .
 قاطعت حديثه :
_ انا رفضته من بدري اصلًا .
_ بجد؟
_ ايوه .. الموضوع دا انتهي من قبل ما اقول لكرم لكن قولت عشان اشوف رد فعله ايه وللاسف مفيش  .
_ مفيش للاسف خلاص .. كرم هينطق وقريب بس عرفيه ان الشخص دا اترفض وهينطق .
 انهى محمود حديثه وغادر وعادت سناء الى عملها .. في اليوم التالي فى فترة الغذاء ذهبت برفقة كرم الى المطعم لتناول الطعام وتحدث كرم :
_ اتمني اننا بناكل مع بعض ميضايقش خطيبك 
_ مين خطيبي ؟
_ اللى قولتيلي عليه ؟
_ لا ما خلاص مفيش .
 بملامح متفاجئة :
_ هو ايه اللى مفيش ؟
_ رفضت .. يعني مفيش خطيب ولا خطوبة ومحدش هيقول حاجة .
_ بجد.
 لاحظت سناء سعادته حينما سمع الخبر وقالت :
_ يعني النصيب لسه مجاش .. ربنا يرزقني ويرزقك .
 صمت للحظة وقال :
_ ايه  رايك ربنا يزرقنا مع بعض ؟
_ مش فاهمة ؟
_ سناء .. انا .. انا .. بحبك 
 تفاجئت سناء :
_ ايه ؟
_ انا بحبك .. من اول مره شوفتك ع الشاطئ ولما اختفيتي ، اختفائك خطف من قلبي حاجة كانت بترجع لما بشوفك .. انا عاوز اتقدملك يا سناء ايه رايك ؟
 ابتسمت سناء  وضحكت وتعجب كرم من ضحكاتها :
_ ايه بيضحكك كدا ؟
_ مكنتش مصدقة انك فعلًا هتنطق بالشكل دا .. محمود فعلًا حافظك .
_ محمود؟
_ ايوه محمود قابلني من يومين وقالي انك بتحبني ولما عرفت حوار العريس تراجعت ، مكدبش عليك كنت شاكه لكن محمود مسح الشك دا واكدلي احساسي .
_ اللى هو ايه ؟
_ انا كمان .. انا كمان بحبك يا كرم .

 ذهب كرم  برفقة محمود  لمقابله عائلة سناء واخبرهم عن وضعه وحياته وسافر الى البحيرة  لاخبار والده  برغبته ان يرافقه ليخطب سناء .. جلس برفقة والده فى غرفته واخبره وكان والده سعيد وقال له : 
_ معاك يا ابني والف مبروك 
 ودخل اخيه كمال الغرفة وقال بصوت متهجم :
_ هو الاستاذ كرم هيتجوز ان شاء الله ؟
 نظر والده اليه :
_ داخل كدا ليه يا كمال في ايه ؟
_ سامع مبروك ومعاك فحابب اعرف يا حج عشان ابارك انا كمان .
 اجاب كرم بهدوء :
_ الله يبارك فيك يا كمال ..ان شاء الله هخطب .
 تحدث بطريقة تهكميه :
_  ويا ترى هتخطب ب ايه وهتجيب شقة منين .. مرتبك لحقت تحوش منه ؟
صمت كرم وتحدث والده :
_ زي ما جوزتك يا كمال هساعده هو كمان يتجوز .
_ بفلوسي .. هتجوزه بفلوسي .
 صعق والده من كلماته :
_ انت بتقول ايه .. دي فلوسي انا ؟
_ انا اللى شقيت يا حج وتعبت وشغلت الفلوس .. انا اللى كنت بجري هنا وهناك عشان الوكالة متتقفلش .. معملتش زي واحد بدل ما يقف جنبي ويسندني وشاف حياته وجاي يلم .. عاوز يتجوز يتجوز لكن بفلوسه يا حج .. مفيش جنيه زيادة عن اللى بتبعتهوله هياخده انا مش هسمح بكدا ..
 انهى كمال حديثه وخرج من الغرفة غاضب وجلس والده فى حاله حزن وكرم تملكته مشاعر حزن ع والده  قليل الحيلة امام سطو اخيه كمال وقال والده :
_ انا غلطان انى عملتله توكيل عام واى جنيه عاوزه لازم يكون بمعرفته ..  مرضي وقله حيلتي اللى خلته كدا حقك عليا يا كرم يا ابني .
 ابتسم كرم :
_ يا حج ولا تزعل نفسك .. انا حبيت اعرفك وافرحك واهل سناء متفهمين  انك ممكن متجيش .
_ هو ممكن يمنع اديك فلوس لكن مش هيقدر يمنعني اجاى معاك نخطبلك .. عرفني اليوم وهتلاقيني عندك يا ابني .
 قبل يد والده :
_ ربنا يخليك ليا يا حج ..

عاد كرم من البحيرة  وليلًا تقابل مع محمود وجلسا على احدى المقاهي واخبره ما حدث  وتحدث محمود :
_ ولا يهمك ياابو الكرم انا معاك وسداد متقلقش من اى حاجة .
_ عارف والله ربنا يخليك يا حودا .. وبعدين متشغلش نفسك بيا انت داخل ع جواز  ركز فى نفسك وانا لو احتجت حاجة  هعرفك ..
_ هتعمل ايه ؟
_ ولا حاجة .. هروح لاهل سناء واعرفهم اللى حصل وع عينك يا تاجر وافقوا على خير  موفقوش لا يكلف الله نفسًا الا وسعها .. هنتنظر شويا لغاية ما ادبر حالي .
 تنهد محمود : 
_ هتتحل متشغلش دماغك يا حودا .
_ على الله ..

 ذهب بالفعل كرم لمقابلة عائلة سناء وطلبوا بعض الوقت لتفكير والرد النهائي .. في تلك الفترة كان محمود يبحث عن شقة لاتمام زواجه هو وسوسن ..  في يوم ذهب محمود الى كرم فى مقر الشركة وطلب منه ان يرافقه لمعاينه شقة الزوجية .. بالفعل ذهب معه وتجول محمود وكرم في الشقة واعجب بها  :
_ مبروك عليك يا حودا .. جميله الشقة 
_ الله يبارك فيك يا ابو الكرم .. انا قولت مش هقول اوكيه غير بموافقتك 
 ضحك كرم :
_  يا راجل .
_ ايوه بجد.. سوسن عارفة كدا كويس وكدا همضي عقد الشقة خلاص بس محتاج امضتك .
_ شاهد يعني ؟
 اخرج محمود عقدين :
_ هتمضي شاهد وهتمضي مستأجر الشقة اللى قدام دى اخت دي بالظبط .
 وقف كرم فى ذهول :
_ انت بتقول ايه ؟
_ بقول هنكون جيران ايه مش عاوز ؟
_ ازاي مش فاهم ؟
_ عادي .. فلوس اللى كانت معايا اجرت الشقتين   شقة لك انت وسناء وشقة ليا انا وسوسن 
_  اجرت .. انت كنت هتجيب شقة ملك ؟
_ هتيجي يا حودا طول ما فينا صحة وبنشتغل هنجيب الملك وماله الايجار يقضي الغرض .
_ لا يا محمود .. هات الشقة اللى عاوزها متشتغلش نفسك بيا انا هتصرف .
_ وانا اتصرفتلك ياعم ..بص متعقدش الدنيا اعتبرها دين وابقى سدده على اجل طويل  .
_ محمود انا مش عارف اقولك ايه ؟
_ متقولش يا جدع .. ابو الكرم احنا اخوات وفرحتك فرحتي زي ماانا متأكد ان فرحتي فرحتك .. ف احنا الاتنين نفرح مع بعض ربنا رزقنا ببنات حلال اهلهم ولاد حلال ودا مبيحصلش كتير يا اخويا .
_ محمود ..
_ وع فكرة  سناء شافت الشقة وعجبتها ( تفاجئ كرم ) ايوه جت هنا هي وسوسن وشافوا الشقق وفرحوا انهم هيكونوا جيران ومع بعض وسوسن اكتر انت عارف مغتربه بقى ف وجود سناء هيكون امان وراحة ليها .. وبعدين نكون مع بعض وعيالنا يكبروا مع بعض وعيلتنا تكبر بينا وقدام عيونا ولا ايه يا ابو الكرم مش دا كان حلم من احلامك ان عيالنا يتربوا مع بعض وميبعدوش عن بعض ويكونوا سند بعض .. اول خطوة اهي الباقي علينا نجيبهم بقى .
 ضحكا سويًا  وضم محمود كرم وكانت مفاجأة غير متوقعة ولكنها اسعدت الجميع ..  تحدث مع سناء ومع عائلتها وتحدد موعد الخطوبة بالفعل وحضر والده بسياره خاصة لحضور الخطوبة  وتفاجئ بوجود الهام زوجه اخيه واعطت سناء هدية طقم ذهب  تقبلتها بصدر رحب وكان كرم في اسعد ايامه برفقه صديق عمره ووالده وزوجة اخيه  وشريكه حياته ... في اخر يوم حفلة الخطوبة قام كرم ب ايصال والده وزوجة اخيه الى السيارة ليعودا الى البحيرة .. ساعد والده في الجلوس  واغلق الباب :
_ توصل بالسلامة يا حج .. بجد نورتني وكبرتني انت والهام بوجودك .
_ انت طول عمرك كبير يا كرم يا ابني ربنا يسعدك ويهنيك .
_ توصلوا بالسلامة .
_ كرم ..
_ ايوه يا حج ..
 التفت الى الهام :
_ هات الظرف يالهام يابنتي اللى اديهولك .
_ حاضر يا عمي .. اتفضل .
 امسك ظرف ووجهه الى كرم :
_ امسك يا كرم 
_ ايه دا ؟
_ دا شيك بمبلغ صغير كنت شايله  في البنك قبل ما كمال يحط ايده ع كل حاجة .. كنت حاططهم وناسيهم للزمن وجه وقتهم .. انا عارف انهم مش كتير لكن حاجة تسد بيها اى حاجة .
 ابتسم كرم :
_ والله يا بابا وجودك كفايه عندي .. شكرًا .
_ ربنا يتمم فرحتك ع خير يا ابني .. مع السلامة .
_ فى امان الله وحفظه . 

 تحركت سيارة والده مغادرة للمكان ونظر كرم الى الظرف للحظات ثم وضعه فى جيب الداخلي لسترته ، عاد الى المنزل ثم لحق به محمود بعد ان قام بتوديع سوسن ووالدها .. كان يجلس كرم ينظر الى الشيك فى شرود.. دخل محمود ووجده جالس فى صمت وشرود تحدث مازحًا :
_ هو كدا دايما الاحساس الاول بعد الخطوبة الرسمي ، بتكون مش عارف دا حلم ولا حقيقة اسأل مجرب .
 انتبه كرم لصوت محمود والتفت اليه :
_ محمود .. انت جيت كنت بتقول ايه ؟
 اقترب محمود اليه خطوات وهو يضحك:
_ لدرجة دي مش هنا .. وماله ياعم براحتك عريس جديد وكدا .
 القى بنظره على الطاولة وجد ظرف وبجواره شيك مدونه به مبلغ من المال :
_ ايه دا ؟ 
 امسك كرم الشيك :
_ فلوس .
_ بجد .. انا كنت فاكرها ورقه يناصيب .. منين الشيك دا ؟
_ اقعد  واحكيلك .
 جلس محمود وقام كرم ب اخبار محمود ما حدث :
_ والله.. دا دا حاجة جميلة .. اهو المبلغ دا يسند معاك فى التجهيزات وهيوفر عليك وقت كتير .. ليه متنح كدا .
_ مكنتش متوقع ان ابويا ممكن يفكر فيا ؟
_ في ابهات زي ابوك بيفقوا متأخر وفي مبيفقوش خالص زي ابويا الله يرحمه .. عاوز نصيحة ؟
_ قول ؟
_ خلينا في انهارده .. سيب امبارح بكل اللى حصل فيه خلاص حصل .. احنا دلواقتي واقفين على باب حياة جديدة ومعانا اللى بنحبهم ، واجبنا اتجاههم وحقهم علينا اننا نركز على اللى جاي معاهم ونوفرلهم حياة سوية مستقرة .. ابوك كتر خيره افتكرك ولو حتى بجنيه خده وقوله شكرًا ربنا يخليك ليا .. مدكش حاجة  عادي انتي مش منتظر حاجة من حد انت بتكسب رزقك اللى ربنا كاتبهولك وفي نفس الوقت ادعيله ربنا ينورله بصيرته بعدله .. احنا فى انهارده وبكره يا ابو الكرم .. امبارح خلاص خلص .. تمام .
_تنهد كرم :
_ تمام .
_ متفكرش كتير بقى .. روح اسحب الفلوس وخد سناء معاك وانزل جهزوا الشقه وتشطيبها وخلينا نفرح بك بقى وانا هقبض الجمعية وهحصلك متققلقش مشهتكون لوحدك فى العمارة .
 ابتسم محمود وكرم .. وترك محمود كرم ليبدل ملابسه وعاد كرم ينظر الى الشيك مرة اخري ولكن نظرة بفكرة انارت ذهنه وابتسم . 

 فى خلال يومان سحب كرم المال من البنك وعاد الى المنزل وليلًا  بعد تناول العشاء برفقة محمود ..  محمود يجلس بجوار النافذة يدخن سيجارة اقبل اليه كرم ووضع امامه ظرف ملئ بالمال :
_ ايه دا ؟
_ دا نص الفلوس اللى ابويا ادهالي .
_ عاوز اعملك بيهم حاجة يعني ولا ايه ؟
_ لا دول بتوعك يا محمود 
 التفت اليه  متفاجئ : 
بتوعي اللى هما ازاي يعني ؟
_ بتوعك حطهم فى تشطيب الشقة ولا شوف انت عاوز تعمل ايه بالظبط .
_ ليه مش فاهم دول فلوسك 
_  فلوسنا يا محمود ، الفلوس دي ليا انا وانت مش احنا اخوات .
_ ايوه واكتر لكن لا يا كرم.. دي فلوسك انت وانا مش مزنوق يعني الدنيا تمام .
_ الدنيا هتكون تمام واحنا مع بعض يا محمود، ودا مبلغ صغير مش حاجة قصاد المبلغ اللى دفعته في الشقة اللى هتجوز فيها .
_ انت حاطط دي مكان دي ؟
_ لا .. انا بقسم معاك الفلوس زي ماانت قسمت معايا فلوسك .. زي ما احنا بنقسم مع بعض الفرح والحزن والايام  ، الزمن جمعنا مقسومين ومع بعض بنكمل .. ايه يا صاحبي من امتي في حاجة اسمها فلوسك وفلوسي .. زي ما قسمنا لقمة العيش مع بعض هنقسم كل حاجة مع بعض .. انت هتحطهم فى شقتك وانا هحط فلوسي فى شقتي  ونكمل عليهم .
 ابتسم محمود :
_ مهما لفيت الدنيا عمري ما كنت هقابل اخ زيك يا كرم 
_ ولا انا كنت هقابل اخ زيك يا محمود، وجودك هون عليا الحياة بجد ..

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1