رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم سارة محمد


رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الواحد والثلاثون  بقلم سارة محمد

 بللت قطرات العرق وجهها بأكمله، جسدها يتلوى على الفراش، تشعر بيدٍ قاسية قابضة على عنقها، حاولت المقاومة ولكن لم تستطيع، فـيداه الغليظة كانت تثبتها بقسوة، ضربت بقدمبها الهواء وهي تهمس بخفوت:
- سيبني، أبعد عني!!!!! 

سمعت صوته القلق ينتشلها مما هي به، لتفتح عيناها سريعاً وهي تنظر حولها كالتائهة، وجسدها بأكمله يرتجف من الرُعب، عندما وجدته أمامها أسرعت مُرتمية بأحضانه تجهش في بكاء مرير، محاوطة عُنقه بخوف قائلة بدون وعيٌ منها:
- خليه يسيبني يا ريان، أنا خايفة اوي!!!!

حاوط "ريان" خصرها بذراعيه يحاول التحكم بأعصابه لكي لا يُخيفها، فزوجته تحلم بشخص في منتصف الليل يطاردها، وهو لا يعلم شئ عن الأمر، سارت يداه علواً وهبوطاً على ظهرها، ليهدأ بصوته والدافئ وهو يرتل أيات قرآنية على مسامعها لتهدأ، وبالفعل أرتخت تماماً ولكنها لازالت متشبثة بكنزته ترفض تركه، تلتفت حولها لربما يكون واقفاً في الزاوية وعلى شفتيه أبتسامة شيطانية يرمقها بنظراتٍ متوعدة، وعندما تكونت تلك الصورة في مخيلتها أغمضت عيناها تدفن رأسها في عنقه، وبدأت بالأنتحاب مجدداً، أبعدها "ريان عنه قليلاً ليحاوط كلتا وجنتيها يُزيل دمعاتها، قائلاً بهدوء:
- ششش أهدي يا هنا، في أيه، مالك!!! أحكيلي يا بابا وصدقيني محدش يقدر يأذيكي ولا ييجي جنبك و أنا موجود!!!

نفت برأسها عدة مرات قائلة:
- مش هينفع أقولك، مش هتسكت وهتتهور، وأنا مش عايزة أخسرك يا ريان!!!

أغمض عيناه يغرز أسنانه في شفتيه يقاوم رغبة في الصراخ بوحهها و إرغامها على قول ما يجعلها بتلك الحالة، ولكنه هدأ من روعة وهو يقول مطمئناً إياها:
- متخافيش مش هتهور، قولي بس!!!

- مش هينفع آآآ
هتفت بخفوت فقاطعها هو صارخاً بحدة وهو ينهض ملقياً من فوق المزينة أحدى زجاجات عطره:
- أنطقي يا هنا!!!!

أنتفض جسدها لصراخه المفاجئ بوجهها لتنظر له كالطفلة عندما صرخ أبيها عليها، أنهمرت الدموع من عيناها، لتصدر شهقات باكية بخفوت، فـ غضب هو أكثر ضارباً المزينة بكفيه مزمجراً:
- من أمبارح وأنتِ مش طبيعية، وأنا سيبتك عشان مضغطش عليكي وكنت هعرف بردو، بس دلوقتي وصلت أنك تحلمي بكوابيس و أنا هنا نايم ع ودني معرفش مراتي فيها أيه ولا مين اللي بيهددها وبيرعبها بالشكل دة!!!

أنتفض جسدها من صوته الغاضب لتدفن وجهها في راحتيها ترفض النظر له وهو بتلك الحالة، أستمعت لـ أنفاسه الهائجة والحادة، ليزداد خوفها منه أكثر، تحمُد ربّها أن "عُمر" مع الدادة في شقتها حتى لا يراهما بتلك الحالة، سمعت صوت خطواته تأتي نحوها فرفعت رأسه به بخوف وظنت أنه سيضربها _رغم أنه لم يفعلها أبداً بحياته ويرفع يده عليها_ اخفت رأسها بيديها لتحمي نفسها من بطشه، صُدم "ريان" من خوفها الغير مبرر، فهل تظنه بتلك الدنائة وسيضربها حقاً!!!، لانت مِحياه لينحنى أرضاً جالساً على إحدى ركبتيه، ثم أبعد ذراعيها بلطف، ليتحول فجأة من رجُل مسعتداً لأن يهدم كل شئ حوله من شدة غضبه، لآخر راكعاً امام زوجته يحدثها بحنو شديد:
- هنا؟!! متخافيش يا حبيبتي أنا مش هضربك!!!

ولشدة ذُعرها لم تنتبه لكلمة حبيبتي التي خرجت من فمه، لتُبعد ذراعيها عن رأسها بتردد تنظُر لفيروزتيه، فـ حاوط هو وجهها يُزيل دموعها قائلاً برفق:
- أنتِ متعرفيش لما بتعيطي كدا أنا بحِس بـ ايه!!!
فـ ممكن متعيطيش!!!

نظرت له بمقلتي لامعتا الدموع بها، حاوط كلتا كفيها بكفيه قائلاً بهدوء:
- في أيه يا هنا، أحكيلي، أوعدك مش هتهور، بس قوليلي ايه اللي مخوفك بالطريقة دي!!!

أنكست نظراتها أيضاً، فهي حقاً ترغب بإخباره، ولكنها متوجسة خيفة مما سيفعله، ورغم ذلك حسمت أمرها في إراحة قلبه وقلبها، لتقُص عليه ماحدث بنبرة مهزوزة، تشُد على كفيه الممسكان براحتيها، راقبت تعابير وجهه بعد أن أنهت حديثها ولكن لم تجد سوى الجمود، فـ محياه غامضة لا تخبرك بشئ، ولكن سرعان ما ألتمع بريق ناري بعيناه، فـ سارعت "هنا" بالقول ترجوه:
- ريان أنت وعدتني مش هتتهور، عشان خاطري بلاش تعمل حاجة تندم عليها!!!

هدأت نظرات عيناه الفيروزية، ليردف بهدوء مشدداً على قبضته على كفيها بلُطف:
- متخافيش يا هنا!!!

نظرت له ببراءة قائلة بحُزن:
- يعني أنت مش زعلان مني صح؟!!!

قال بهدوء و هو يضع خصلة ساقطة على وجهها خلف أذنها:
- لاء، بس اوعديني متخبيش عليا حاجة تاني..!!!

أسندت رأسها على كتفه ليربت على خصلاتها القصيرة، مقبلاً أياهم، لتُردف هي بصوتها الرقيق: 
- أوعدك..!!

• • • • 

وقفت أمام نافذة زجاجية كبيرة، تراقب جمال باريس من أعلى، شاردة في اللاشئ، تاركة لخصلاتها العنان في السقوط على كتفيها، أنتفض جسدها بخضة عندما حاوط "مازن" خصرها من الخلف بإحدى ذراعيه المفتولين، أبعد خصلاتها عن عنقها الطويل، ليطبع عليه قبلة رقيقة، ثم أسند ذقنه على كتفها، فأبتسمت "فريدة"واضعة ذراعها على ذراعه دون حديث، هي تتأمل جمال المنظر أمامها، وهو يتأمل جمالها!!!

أغمض عيناه يستنشق عبير رائحتها المُسكرة، لا يُصدق أنه و أخيراً أصبح معها، تنهد بعمق وكأنه سار ملايين الأمتار باحثاً عنها، ووجدها أخيراً، لفّها له فـ باتت ملتصقة بصدره، متأملاً ملامحها البريئة، وهي أيضاً كانت تنظر له مبتسمة، و إزدادت أبتسامتها أتساعاً عندما هتف بعشقٍ خالص لها هي فقط:
- عارفة يا فريدة .. أنا كنت شخص مالوش لازمة، كنت بأذي كل اللي حواليا، حتى أنتِ أذيتك، بس مكنتش اعرف إني كنت بأذني نفسي معاكي، حياتي كانت مملة، بايخة، لحد مـ شوفتك، فاكرة أول مرة أتقابلنا؟!! فاكرة الكلام اللي قولتيه، أنتِ كنتي أول حد يُقف في وشي، ويواجهني بحقيقتي اللي كنت رافضها، لما فتحت عيني وشوفتك بتعلقيلي المحلول، حبيتك من غير مقدمات، و أتجوزتك عشان حبيتك مش عشان أنتقم منك، الأنتقام دة كنت بوهم نفسي بيه، حتى معاملتي ليكي رغم أنها كانت جافة، بس أنا مكنتش بطيق الهوا فيكي، أنا يمكن كنت بعاملك كدا عشان محسش إني ضعيف، و إني فعلاً حبيتك، حبيت كل تفصيلة فيكي، ضحكتك عيونك شعرك، دمك الخفيف و روحك الحلوة، جنانك وعصبيتك، تمرُدك و وقوفك قدامي و أنتِ بتدافعي عن نفسك، بحبك جداً يا حبيبتي!!!

عيناها اللامعة ببريق عاشق، تنظر له بعدم أستيعاب، فأثر كلماتها على قلبها وروحها ووجدانها كان كبيراً، وقفت على أطراف أصباعها لتحاوط وجهه بأصابعها النحيلة، ثم وبرقة شديدة أطبقت بشفتيها على شفتيه، تُقبله بحنان مغمضة عيناها، صُدم "مازن" مما فعلته، ليبادلها قبلتها بشوق، يضُمها له أكثر، ولكن صوت "يزيد" قطع لحظاتهم الرومانسية تلك عندما قال بغضب ناري:
- ديـــدا!!!!

أنتفضت "فريدة" مبتعدة عنه لتزيل أثار قبلته من فوق شفتيها قائلة بصوت مهزوز و أنفاس عالية:
- يزيد!!!!

أغمض "مازن" عيناه وفكه ينبض من شدة الغضب، لازال يعطيهم ظهره العريض ليخرج إحدى سجائره من جيب بنطاله ثم أشعلها يحاول تنفيث غضبه بها، لتذهب "فريدة" نحو أخيها ذو القامة القصيرة لتنحني نحوه قائلة بإبتسامة متوترة:
- عايز حاجة يا حبيبي؟!!!

كتف ذراعيه بغضب قائلاً و هو ينظر لها بغيظ:
- عايز أنام جنبك النهايدة (النهاردة)!!!!

قاومت ضحكة كادت أن تفلت منها وهي تجزم أنها ستشم الأن رائحة أحتراق "مازن" وليست السيجارة التي بيده، وبالفعل ألتفت الأخير بصدمة، لتتحول عيناه إلى أخرى حادة وهو يهتف بـ "يزيد" بغضب:
- نام في أوضتك يا يزيد!!!!

تشبث الصغير بأقدام "فريدة" قائلاً وهو يخرج لسانه له:
- لاء هنام جنب ديدا وأنت هتنام برا يا عمو مازن!!!!

لم تستطيع "فريدة" مقاومة ضحكاتها، فـ نظر لها "مازن" بحدة لتضع كفها على فمها سريعاً تمنع ضحكاتها البلهاء، ليهتف الأخير بنبرة مُغتاظة:
- فريدة هتنام جنبي أنا يا أستاذ يزيد، عشان هي مراتي، وأنت هتنام في أوضتك زي الشاطر!!!!

تركهم "يزيد" بكبرياء ليتحرك نحو فراشهم ثم صعد فوقه ليجلس ثم فتح ذراعيه الصغيرة لآخرها قائلاً إلى "فريدة" بإبتسامة بريئة:
- تعالي يا ديدا نامي في حُضني!!!!

- نعم يا روح أمك!!!!
هتف بها "مازن" غاضباً لتسرع "فريدة" واضعة كفها على فمه قائلة وهي على مشارف الضحك:
- أسكت يا مازن دة طفل!!!

أبعد كفها قائلاً بعصبية:
- طفل مين دة أنتِ اللي طفلة جنبه يا هانم مش شايفة قاصد يغيظني أزاي!!!

نظرت له بدهشة قائلة:
- يا حبيبي هو ميقصدش!!!

أبعدها "مازن" ليتجه نحو "يزيد" الذي سرعان ما أختبأ أسفل الغطاء عندما شعر بالخطر قادم له، ليبعد "مازن" الغطاء ثم حمله ذاهباً لغرفته، بكى "يزيد" صارخاً به:
- أنا عايز أنام جنب ديدا!!! 

ركضت "فريدة" نحوه قائلة برجاء:
- سيبه يا مازن عشان خاطري!!!

نظر لها "مازن" ببرود، ثم قال بتحذير:
- والله؟!!!

نظرت له بحنان لتأخذ منه "يزيد" قائلة بهدوء:
- يا حبيبي أهدى بس، هو هينام النهاردة جنبنا بس بكرة هينام في أوضته صح يا يزيد؟!!!

حاوط عنقها بذراعيه قائلاً:
- لاء هنام جنبك كل يوم وتحكيلي حدوته!!!

نظر لها "مازن" بجمود، لتضرب جبينها بكفها فـ من ناحية أخيها الصغير ومن ناحية أخرى زوجها، لتقول بطفولية وهي تحاوط خصر "مازن" مستندة برأسها فوق صدره:
- أنا حاسة أن عندي طفلين في البيت!!!!

أبتسم ليحاوطها بذراعه وهو ينظر إلى "يزيد" بإنتصار، ليرمقه الصغير بنظرات غاضبة، و أنتهى بهم الأمر بـ "مازن" الذي حاوط "فريدة" التي عانقته مع "يزيد" نائمين على الفراش بسلام!!!

• • ••

جالس على مقعده الجلدي أمام مكتبه بالشركة، منكباً على أوراق صفقة جديدة يدرُسها، طُرِق الباب، لتدلف مساعدته قائلة بتهذيب:
- جواد بيه، الظرف دة وصل لحضرتك من شوية!!!
رفع عيناه الجذابة لها قائلاً:
- من مين؟!!!
نكست رأسها خجلاً فـ مجرد النظر لعيناه يجعل كيانها بأكمله يتبعثر، لتردف بنبرة مهتزة:
- مش عارفة يا فندم، واحد من الـ security هو اللي جابه..!!!

- تمام!!!
هتف بصوته الرجولي، لتلتفت هي لتخرج من المكتب، واضعة يدها على قلبها تحاول تهدأته، بينما هو مدّ يده ليفتحه، وليته لم يفعل، فـ قد كان يحتوي على صور لشقيقته ترتدي ملابس أقل ما يُقال عنها لا تناسب سوى الساقطات، أتسعت عيناه بعدم تصديق لينهض من فوق الكرسي بعصبية فأرتد المقعد للخلف مرتطماً بالحائط، أخذ يُقلب في الصور مصعوق، ليضعها مجدداً في الظرف ثم خرج من مكتبه مسرعاً في خطواته وملامحه لا تدل سوى على جحيم قادم، نظرت له "لينا" المساعدة بقلق، ليخفق قلبها بشدة خوفاً عليه!!!!

ترجل من المصعد ليذهب نحو أحد أفراد الأمن ممسكاً به من تلابيبه صارخاً به بصوتٍ هزّ أرجاء الشركة:
- مين ابن الـ ****** اللي خدت منه الظرف دة، رُد يا حيلة أمك!!!

أنتفض الأخير رعباً، وهو يقول:
- والله يا بيه معرفهوش هو أداني الظرف ومشي ومقالش اسمه!!!!

تركه "جواد" ليتجاوزه مبتعداً متحهاً لسيارته، ثم أخرج هاتفه ليهاتف "لينا" بعصبية شديدة:
- لينا أدخلي مكتبي دلوقتي و شوفي كاميرة المراقبة اللي موجودة في مدخل الشركة، و أعرفيلي مين الـ *** اللي بعت الظرف دة، فــاهمة!!!!

- حاضر حاضر!!!
هتفت برعب ليغلق بوجهها، ثم أنطلق بسيارته ينافس الرياح في سرعته، يشعر بلكمة قاسية وُجِهت لقلبه، و طعنات متتالية مزقت روحه، و الأسوأ أنها تأتي من أقرب الناس له!!!!

• • • •

سار في بهو الشقة لتقابله والدته التي أرتعبت من حالته المريبة، لم ينظر لها حتى ليصعد إلى الدرج ثم أتجه لغرفتها، فتح الباب ليجدها مستلقية على الفراش في ثُبات عميق، دنى لها ليجذب خصلاتها بقبضة فولاذية، صرخت "ياسمين" بخضة وهي ترى أخيها يسحبها من خصلاتها على الأرض و ينزل بها الدرج غير عابئاً بمنحنيات الدرج التي ترتطم بأجزاء متفرقة من جسدها، دفعها من يده بعد أن أنهى سلالم الدرج، لتسقط في بهو القصر، لطمت "إيناس" على وجنتيها بعدم تصديق لما يفعله أبنها، حاولت مناجاة صغيرتها ولكنه صرخ بصوته الجهوري:
- سيبيها يا أمي متلمسيهاش!!!!

بكت "ياسمين" بشدة و جسدها بأكمله يرتجف، اقترب منها وهو يشمر قميصه الأسود، ثم أنحنى نحوها ليخرج الظرف من جيبه، أخذ الصور منه منه ثم ألقاهم عليها هادراً بإستحقار:
- بقا الوساخة دي تطلع منك إنتِ، تطلع من أختي اللي مربيها بنفسي و عارف أخلاقها، دي لو واحدة جاية من الشارع مش هتبقى رخيصة كدا!!!

صُدمت "ياسمين" من الصور ومن كلماته التي كانت كالسهام السامة تغرز بقلبها، بينما أنحنت الأم لترى الصور بعينان جاحظتان، لتجلس على المقعد تبكي بصمت، لا تصدق ما تراه بعيناها!!!!

أنهالت الصفعات على "ياسمين" من قِبله لترُج صرخاتها المتألمة القصر!!!
أستفاقت "ملك" من نومها، لتفرك عيناها بنعاس، ولكن صوته الذي زلزل القصر وصرخات "ياسمين" المستنجدة جعلتها تقفز من فوق الفراش لتخرج من الغرفة ثم نزلت من فوق الدرج صارخة بإرتعاب من حالة زوجها الهيستيرية:
- في أيـــه!!! جــواد!!!!

ذهبت نحوه ثم وقفت أمامه تحاول إبعاده عن تلك المسكينة ولكنه كان كالثور الهائج لم يراها بالأساس، لتجلس "ملك" جوارها تحتضنها بقوة لتُحميها من بطشه، قائلة ببكاء:
- لو هتضربها أضربني معاها!!!

صرخ بها "جواد":
- أطلعي فوق يا ملك!!!!

هزت راسها نفياً تشدد على "ياسمين" التي خبئت نفسها بأحضانها تنظر لها برجاء ألا تتركها، أمسك جواد ذراع "ملك" ليسحبها بقوة بعيداً عن "ياسمين" ولكنه لم ينتبه أنه شدد على ذراعها حتى شعرت ملك بأنه سيتحطم بيداه، ورغم الألم الذي شعرت به لم تترك "ياسمين" التي تشبثت بها، فـ صرخ "جواد" بقوة ليضرب بقدمه إحدى المقاعد هادراً بزوجته:
- أنا بقول أطلعي فوق، حالاً!!!
لم تهتز "ملك" لتصرخ به أيضاً:
- أنت أتجننت!!!، عايزني أطلع واسيبك تموتها!!! أنت فاكر أن كل حاجة لازم تمشي هنا بأمرك، عايزنا نشوف الغلط ونسكت عليه!!!

ساد الصمت، ولم يُسمع سوى صوت بكاء "ياسمين" و صوت أنفاسه العالية، وكأنه على وشك أن ينقض على فريسته ويوسعها ضرباً، اقترب منهم لينحني ممسكاً بخصلات شقيقته يشدد عليهم فحاولت "ملك" أن تبعده ولكن لم تستطيع، ليردف هو بتحذير:
- أوعي تفتكري أنها هترحمك مني، أنتِ متعرفيش انا هعمل فيكي أيه لسة!!!

نظرت له "ياسمين" بإنكسار ذبحه، لتبتعد عن "ملك" المصدومة قائلة بخفوت وصوت مشنج متقطع:
- سيبيني.. سيبيني يا ملك أنا أستاهل اللي هيحصلي!!!

نظرت لها "ملك" بشفقة، لتوجه نظرات نارية إلى "جواد" قائلة:
- سيبها يا جواد!!! لو هتعاقبها يبقى عاقبني أنا كمان، عشان أنا كنت عارفة و مقولتلكش!!!!

وكأن الصدمات قاصدة إياه وحده، شعر بالصقيع داخله وكأن هُناك من ألقى بـ دلواً بارد عليه، ليبتعد "عن ياسمين" التي شهقت بصدمة وهي ترى غضب أخيها الذي سيودي بالجميع، تراجع "جواد" خطوتان بعيداً عنهم، فـ حتى "ملك" خانت ثقته بها، حتى هي جعلته أحمق أمام نفسه، أنتفضت "ملك" تقترب منه و قد هزّها تلك النظرة التي بعيناه، وكأنه يقول لها: حتى أنتِ!!!!
حاوطت وجهه بكفيها قائلة بتوسل:
- أسمعني يا جواد عشان خاطري، أديني فُرصة أشرحلك اللي حصل!!!!

أبعد يداها، ثم نظر لها ببرود ثلجي، ليُبعدها من طريقه متجهاً إلى "ياسمين" المنبطحة أرضاً، ليمسكها من ذراعيها ثم سار بها لأعلى، صرخت "ملك" برعب لتركض خلفه ولكنه دفعها بعيداً فسقطت على الأرض، دلف "جواد" لغؤفة "ياسمين" المستسلمة بيداه، ليغلق الباب بالمفتاح، وقفت الأخيرة خلف الباب تطرقه وهي تبكي صارخه بهذا الذي من المُحال أن يكون نفس الشخص الذي عشقته هي:
- جواد أفتح الباب، سيبها والنبي يا جواد حرام عليك، جـواد!!!!

لم يجيبها سوى صوت صرخات "ياسمين" و صوت حزامه و هو يسقط على جسد المسكينة، وكأنه يجلدها هي، لتتوالى الذكريات أمام عينان "ملك" عندما كانت هي في نفس موضع "ياسمين" و أبيها ينهال عليها ضرباً بالحزام لمجرد أنها تدافع هي و أخوتها عن أمها من ضربه لها، كان ينهال عليهم بأكملهم جلداً حتى تنزف أجسادهم، لم تتحمل "ملك" الوضع، فـ صوت صرخات "ياسمين" يُذكرها بصرخاتها، أنهارت "ملك" صارخة بقوة وكأنها هي من تُضرب ليغشي عليها فـ أرتطم جسدها بقوة في الأرض!!!!!

أفاقت "إيناس" التي كانت شاحبة كالأموات تنظر أمامها على صوت الصرخات التي ملئ القصر، سرعان ما استوعبت ما يحدث لتصعد لربما تنقذ أبنتها من ولدُها، ولكنها وجدت "ملك" مرتمية على الأرض، لتصرخ بفزع ضاربة الباب بقوة صارخة بـ "جواد":
- ألحق مراتك يا جواد!!!!

توقفت يداه الممسكة بالحزام عن ضرب "ياسمين" التي شبه فاقدة للوعي، ليلقي به أرضاً ثم فتح الباب فوجد "ملك" على الأرض ووجها شاحب، وشفتيها زرقاوتين كأنها تختنق، ذهبت "ايناس" لأبنتها لتصرخ بفزع عندما رأتها بتلك الحالة، جلس "جواد" جوارها سريعاً ثم امسك بوجهها البارد ليفتح فمها، ثم وضع شفتيه أمام شفتيها ليُنفخ داخله، عدة مرات لكي تستعيد أنفاسها، وبالفعل سعلت "ملك" وهي تشهق بقوة لتأخذ اكبر قدر من الأكسجين، أغمض "جواد" عيناه يحمد ربه، ليرفع رأسها له يضمها لصدره دون أن ينبث ببنت شفة، فـ هو كان على وشك فقدانها للأبد!!!فتحت عيناها لتستوعب ما حدث، أبتعدت عنه لتنظر له بخذلان، وكأنها ترى أبيها به، هو الذي كان تهرب من الجميع وتختبأ بأحضانه، كان مصدر أمانها من بطش أبيها، أصبح هو مصدر رُعبها، نهضت دون أن تتحدث معه ثم دلفت إلى غرفة "ياسمين" صرخت بجزع عندما رأت جسدها ينزف، وأمها جوارها تبكي، وضعت كفيها على فمها تمنع بكاءها، لتردف قائلة وهي تجلس حوارها تربت على خصلاتها بحنان:
- ياسمين!!! متخافيش يا حبيبتي أنا جنبك!!!

نظرت لها "إيناس" قائلة ببكاء:
- بنتي بتضيع مني يا ملك!!!

أسرعت "ملك" قائلة لتطمأنها:
- متخافيش يا طنط هتبقى كويسة!!!

دلفت للمرحاض لتأخذ صندوق الأسعافات الاولية، ثم أتجهت للباب ولم تجد "جواد"، لتصفع الباب بشدة غاضبه منه، ثم عادت لهم لتعاونها "ايناس" في تبديل ملابسها الملطخة بالدماء، عقمت "ملك" جروحها التي كانت شبه غائرة، ثم لفت ما أستطاعت بالشاش الأبيض، ليجعلوها ترتدي منامة ثقيلة، دثروها جيداً بعد أن نامت، لتجلس "إيناس" جوارها قائلة بصوتٍ مكسور:
- ليه تعملي فينا كدا يا ياسمين!!! دة أنا ولا كأني ربيت خالص!!!! ليه يا بنتي توجعي قلوبنا كدا!!!

حاولت "ملك" مواساتها وهي تربت عليها:
- ياسمين كانت محتاجة حنان وحب، و للأسف جواد مقدرش يعمل دة، بيعاملها ببرود طول الوقت، و انا عارفة ان ياسمين متعودة على الأهتمام دايماً من باباها ولما فقدته بالشكل المفاجئ دة عملت اللي هي عملته، بس والله انا خبيت على جواد عشان ميعملش اللي هو عمله دة، حتى أنها قطعت كل طُرق التواصل بينها وبين الزفت دة، بس للأسف الكدب مالوش رجلين!!!

تنهدت "ايناس" ودموعها تنهمر على وجنتيها، تردف بحنو:
- مش عارفة كنا هنعمل أيه من غيرك يا ملك، لولا أنك اتدخلتي ومنعتيها كان الله اعلم ايه اللي هيحصل، متشكرة يابنتي، جميلك دة مش هعرف اردهولك أبداً!!!!

أسبلت عيناها بحُزن قائلة:
- جِميل أيه بس يا طنط دي أختي، أنا بس مصدومة من اللي جواد عمله، هو حتى مسمعهاش، مسمعنيش انا ع الاقل، انا حاسة انه مش هو دة اللي انا حبيته واتجوزته!!!!

- هو جواد طول عُمره كدا، لما بيغضب بيتحول لشخص تاني، انا نفسي بحس إني معرفهوش!!!

تنهدت "ملك" بضيق، لتطلب منها "إيناس" الذهاب لغرفتها للأرتياح فذلك اليوم كان شاق عليهم جميعاً، رفضت "ملك" قائلة:
- لاء يا طنط أنا هقعد معاكي لحد م أطمن على ياسمين، أنا أصلاً مش عايزة اشوفه..!!

هتفت "إيناس" قائلة:
- لاء يا حبيبتي روحي أرتاحي ومتقلقيش عليها، و ألتمسيله العُذر يا ملك، أي حد في مكانه كان هيعمل كدا!!!

هتفت بعصبية طفيفة:
- عُذر أيه بس دة كان هيموت اخته!!!

- بعد الشر يارب مشوفش فيكم أي حاجة وحشة، انا عارفة جواد مستحيل يوصل للدرجة دي، وانا عارفة أنه دلوقتي عايز ييجي يطمن عليها بس مش قادر، متزوديهاش عليه يا ملك يابنتي، يلا يا حبيبتي روحي أرتاحي!!!

نهضت "ملك" بعدم أقتناع بما قالته، ثم ذهبت لغرفتها، وجدته جالس على إحدى المقاعد واضعاً رأسه بكفيه، تجاهلته تماماً لتذهب إلى فراشها، متدثرة اسفل الغطاء، ولكنها سمعته يقول بصوتٍ لمس قلبها:
- مش كُنتي عايزاني اسمعك، أنا سامعك!!!

نهضت جالسة، تقول ببرود:
- بجد؟!! دلوقتي حضرتك اتكرمت عليا وعايزني احكيلك اللي حصل!!! بعد أيه!!! أنت مستحيل تكون جواد اللي أنا حبيته!!!

نظر لها بعيناه الخضراوتان، لتنهض واقفة أمامه قائلة بعينان تبرقان من الدموع:
- جواد الي كنت بترمي في حُضنه و انا صغيرة عشان خايفة من بابا، جواد اللي كان دايماً حنين عليا و عُمره مـ أذاني، مستحيل تكون انت نفس الشخص!!!! 
النهاردة فكرتني بـ بابا لما كان يحبسني و يضربني بالحزام وانا لسة طفلة صغيرة، عارف ليه؟!، عشان دايماً كان بيضرب ماما، و كل اخواتي كانوا يقفوا في وشه، وكان يحبسنا كلنا وينزل فينا ضرب معادا ظافر، عشان ظافر كان بيعمله مصالحه، و ظافر هو اللي كان بيخرجنا من الاوضة دي، كان بيشيلني من تحت إيده و أنا غرقانة في دمي، كنت بصرخ نفس صراخ ياسمين، حاسة إني شايفة بابا قدامي، مش جواد، بابا اللي إيده متلطخة بالدم، بقيت زيُه بالظبط!!!!!

انهارت باكية فأسرع نحوها "جواد" يضمها لأحضانه، يُقبل خصلاتها قائلاً بحنان:
- أهدي يا حبيبتي، ششش أهدي!!!!

أبعدته عنها قائلة وهي تحاوط جسدها بذراعيها:
- ملكش دعوة بيا، سيبني!!!!

هدر "جواد" بألم نبع من صوته:
- أنتِ متعرفيش انا حسيت بأيه لما شوفت الصور دي، كأن حد ضربني بالقلم، وأنا شايف أختي متصورة صور قذرة بلبس زبالة وجيالي على مكتبي، عايزاني أعمل أيه يعني، اجي اطبطب عليها و اقولها متعمليش كدا تاني، ملك انتِ مجربتيش قبل كدا أحساس الطعنة من أقرب حد ليكي، و في الأخر جاية تقوليلي إني شبه أبوكي، بتقارنيني بواحد معندوش ضمير ولا قلب عشان يعمل كدا في أطفال، أنا اللي عملته دة ردة فعل للي هي عملته، و أنتِ غصب عنك دلوقتي هتقومي وهتقوليلي ايه اللي حصل بالظبط!!!!

صوته المتألم و نبرته المجروحه جعلتها تقترب منه لتحاوط خصره تحاول أن تهدأ من روعه، سمعت هدير أنفاسه لتحاوط لتربت على ظهره بيداها الرقيقتان، تمنع بكائها على حالته، قائلة برفق:
- طيب ممكن ترتاح دلوقتي وبكرة نتكلم!!!
حاوط خصرها قائلاً وهو يدفن أنفه بعنقها، وبصوت لخّص ألمه:
- أنا مش مكتوبلي الراحة أبداً!!!

ابتعدت عنه لتكوّب وجهه قائلة بصوتٍ على مشارف البكاء:
- متقولش كدا يا جواد عشان خاطري.. تعالى يا حبيبي!!!

أخذته من يده وجعلته يستلقى على الفراش، ثم نزعت عنه حذاءه، وحررت بعض ازرار قميصه لكي يستطيع ان يتنفس، مالت نحوه لتمسح حبات العرق من فوق جبينه، فـ أمسك بيداها قائلاً و هو مغمض العينان :
- ملك!!!
اسرعت قائلة بحنان:
- أنا جنبك يا حبيبي!!!
أستلقت جواره ثم ضمت رأسه لأحضانها لتدثره جيداً مقبلة خصلاته تعبث بهم حتى غفى، ولكن للأسف لم يزور النوم عيناها خوفاً عليه، وظلت مستيقظة طوال الليل جواره!!!!

• • • •

جلست "رهف" على الأريكة في شقتهما، جوارها العديد من الحلويات المتنوعة، وبيدها قطعة كبيرة الحجم من الشيكولاتة، تشاهد إحدى الأفلام الأجنبية الكوميدية لتنفجر بالضحك تصفق بكفيها، سمعت صوت "باسل" خلفها يقول بخوف زائف: 
- والله أنا خايف تقومي تاكليني!!!!

نظرت له "رهف" و فمها ملطخ بالشيكولاتة تقول وهي تشير للفيلم:
- الفيلم دة حلو اوي يا بسلة تعالى أتفرج معايا!!!!

نظر لمظهرها المضحك ليضرب كفاً بآخر ثم تحرك نحوها ليجلس جوارها، اخذ قطعة من الحلوى ليلوكها بفمه، فهتفت "رهف" وهي تنظر له بقلق:
- باسل انا بؤي متلحوس صح؟!!!

نظر لفمها قائلاً وهو يحاول منع ضحكاته:
- دة متلحوس بشكل!!!!

هتفت مسرعة وهي تشير جواره:
- طب هات منديل من جنبك اللهي تنستر!!!!

أبتسم بخبث ليقترب منها اكثر قائلاً بمكر:
- و ليه منديل يا حبيبتي مـ انا موجود!!!

قطبت حاجبيها بعدم فهم فـ قرّب ثغره من شفتيها التي تحولت للون البني، لتتراجع عنه بخجل نظرت "رهف" له وقد تخضبت وجنتيها خجلاً لتأكل الشيكولاته مجدداً تحاول ألا تلتفت لنظراته،قهقه عليها ثم أحاطها "باسل" بذراعيه من كتفيها طابعاً قبلة حنونة على جبينها، ليردف قائلاً:
- رهف هو مش المفروض الست الحامل بتتوحم على أكل، بس أنتِ متطلبتيش مني أجيبلك حاجة لحد دلوقتي، أطلبي يا حبيبتي انا مش بخيل والله!!!

أبتلعت غصة بحلقها لتردف قائلة بصوتٍ خافت:
- الوحم بيبقى في أول شهور الحمل، اللي أنا قضيتهم لوحدي!!!!

أغمض عيناه يقاوم الألم الذي شعر به في قلبه فور سماع كلماتها، ليعود يفتح عيناه مجدداً ليضمها له أكثر بكلتا ذراعيه هذه المرة، ثم هتف بنبرة حاول أن يجعلها طبيبعية حتى لا تحزن:
- طيب مش نفسك في أي حاجة عايزة تاكليها، قولي اي حاجة هتلاقيها عندك!!!

سرعان ما نست حُزنها لتردف بحماس قائلة:
- عايزة كشري بالكبدة!!!!

قطب حاجبيه بإستغراب قائلاً:
- ايه كشري بالكبدة دة أول مرة اسمع عنه!!!

نظرت له بلؤم قائلة:
- دة معروف أوي!!!

نهض قائلاً وهو يرتدي الچاكيت الثقيل الخاص به:
- تمام هنزل أجيبهولك!!!!

أبتسمت بخبث محبب قائلة:
- بس الساعة 12 يا حبيبي مش هتلاقي محلات فاتحة!!!

هتف بجدية:
- لاء هلاقي ان شاء الله!!!

وبالفعل غادر الشقة بعد ان اخذ مفاتيح سيارته، لتصفق "رهف" تهتف بتوعد:
- والله يا باسل لـ هوريك النجوم في عز الضهر أصبر عليا بس!!!

عاد "باسل"بعد نصف ساعة حاملاً أكياس بيداه، فـ نهضت "رهف" قائلة بإبتسامة:
- جبت الحواوشي يا حبيبي!!!

نظر لها بصدمة قائلاً:
1. - حواوشي!!! أنتِ مش قولتي عايزة كشري بالكبدة، دة انا لفيت محلات الكشري كلها عشان اجيبهولك!!!

قطبت حاجبيها بإستغراب قائلة:
- أنا قولت كشري بالكبدة؟!! انا أصلاً مش بحب الكشري يا باسل!!!

زمت شفتيها بحزن قائلة:
- أنا عايزة حواوشي!!!

هتف بعد أن قبل ارنبة انفها:
- حاضر يا حبيبتي!!!

غادر مرة أخرى ليعود بعد ربع ساعة بأكياس تفوح منها رائحة شهية للغاية، لتصفق "رهف" بحماس ثم أخذت منه الأكياس، أخرجت شطيرة من الحواوشي ثم همت باكلها، ولكنها عند أول قضمة منها نهضت مسرعة وهي تهوي بيداها امام فمها قائلة بغضب:
- أيه دة يا باسل بيحرق أوي، انت متعرفش ان الفلفل غلط عليا!!!!

توسعت عيناه قائلاً ببراءة:
- بس أنا خليته ميحُطش فيه فلفل خالص!!!

أخذ منها الشطيرة وقضمها، ليجدها تخلو تماماً من اي مذاق حار، ليهتف قائلاً:
- مش بيحرق خالص يا رهف!!!

كتفت ذراعيها أمام صدرها قائلة بحزن:
- يعني أنا بكدب يعني، بقولك بيحرق!!!

أبتسم ليضمها لصدره قائلاً بصبر:
- طب خلاص متاكليش منه يا حبيبتي، عايزة أيه اجيبهولك طيب؟!!!

نظرت له بضيق قائلة:
- خلاص نفسي أتسدت!!!

أبتسم "باسل" ليُقبل ثغرها قبلة سريعة قائلاً:
- لاء أفتحيها تاني وقوليلي عايزة تاكلي أيه.!!!

أبتسمت "رهف" لطريقته معها لتحتضنه من خصره قائلة بمكر:
- طيب عايزة مانجا، نفسي فيها أوي!!!

- مانجا في الشتا!!!
هتف مصدوماً، لتومأ برأسها له ببراءة، نهض مجدداً قائلاً:
- عنيا يا حبيبتي!!!

نظرت له بعشقٍ تراقب مغادرته للشقة، لتنهض متجهة نحو النافذة، فتحتها لتراه ولكنها فوجئت بهواء شديد البرودة يعصف بها، لتشهق بصدمة فهي جعلته يذهب للمرة الثالثة في تلك البرودة القارسة، رأته يغادر بالسيارة لتبحث عن هاتفها لكي تهاتفه حتى يعود، ولكنها وجدت هاتفه على الأريكة، لمعت عيناها بالدموع تلعن غباءها، لتقف أمام الباب تنتظر دخوله لها، مرت عليها الدقائق كالسنوات حتى بكت بحُرقة فـ هي هُنا دافئة في بيتها وهو بالخارج يجلب لها ما تريده، جلست على المقعد ولازالت تبكي، سمعت الباب يفتح فوجدته يدخل حاملاً الأكياس بيداه، وفور أن رآها تبكي وقع قلبه أرضاً قائلاً بقلق شديد:
- في أيه يا حبيبتي بتعيطي ليه!!!!

ركضت نحوه "رهف" لتغلق الباب سريعاً ثم تفقدت حرارة جسده بيديها فوجدته بارد للغاية، وقفت على أطراف قدميها لتحتضنه محاوطة عنقه قائلة ببكاء وهي تربت على ظهره لعله يدفء:
- حبيبي أنا أسفة نزلت 3 مرات في الجو دة، باسل والله أنا مكنتش أعرف أن الجو برد كدا!!!

أبتسم على براءتها ليحاوط خصرها مقبلاً عنقها يهتف بحنان:
- بس يا عبيطة و أيه المشكلة يعني هو أنا عندي كام رهف!!!!

أبتعدت عنه بتنظر له بندم، ثم أنفجرت في البكاء مسترسلة مرتمية في أحضانه مجدداً:
- والله يا باسل أنا بحبك أوي!!!!

ضحك "باسل" على بكاءها في كل الأوقات ليهتف بدفئ:
- و انا بموت فيكي بس كفاية عياط بقا!!

ابتعدت عنه مجدداً قائلة وهي تضع كفيها على وجهه:
- يعني أنت مش بردان!!!

كاد أن ينفي حديثها ولكنها هتفت مسرعة:
- لاء وشك متلج أهو!!!!

قلَب عيناه مبتسماً ثم أمسك بكفها يُقبله قائلاً:
- تعالي يا رهف ربنا يهديكي!!!

أخذها ليجلسها على الأريكة ثم أخذ المانجا ليغسلها جيداً، ليعود لها بطبق ممتلئ قائلاً:
- يلا كُلي بالهنا والشفا، بس متكتريش فيها عشان كُترها غلط!!!

أومأت بإبتسامة قائلة:
- طب وأنت مش هتاكل؟!!!

جلس جوارها قائلاً بهدوء:
- لاء يا حبيبتي انا مش جعان بالهنا والشفا ليكي!!!

أومأت لتبدأ بأكل المانجا بشراهة، ليتأملها "باسل" بعشق، أنهت حباتان ثم نهضت لكي تغسل يديها وفمها، لتعود له مجدداً فاركة عيناها كالأطفال قائلة:
- أنا نعست يا باسل!!!!

نهض ليقترب منها ثم أنحنى نحوها ليحملها بخفة بين ذراعيه، شهقت "رهف" بتفاجأ قائلة:
- باسل نزلني أنا بقيت تقيلة مش زي الأول!!!

هتف "باسل" بهدوء قائلاً:
- فين التُقل دة، أنا حاسس إني شايل ريشة!!!!

أبتسمت "رهف" محاوطة عنقه قائلة:
- بجد؟!!!

أومأ لها قائلاً:
- اه والله!!!

وضعها على الفراش برفق كالماسة يخاف أن تنكسر، ثم دثرها بالغطاء ليستلقي جوارها، مدّ يده أسفل رأسها ليضمها له مقبلاً عيناها المغمضة ليغمض هو الأخر عيناه!!!

( يارب واحد زي باسل كدا!❤)

• • ••
دلف "ريان" إلى الشركة التي كان يعمل بها سابقاً مع "ظافر" ليتجه لمكتبه، ثم دلف له دون أستئذان لينظر الأخير إلى الوقح الذي دلف لمكتبه بتلك الطريقة، لم يرمش له جفن عندما وجده، ليقترب "ريان" من مكتبه ضارباً بكفه عليه قائلاً:
- خلي مراتك تبعد عن مراتي و ابني يا ظافر، عشان اللي هيمس شعرة بس منهم هخليه يتمنى الموت وميطولوش، أياً كان مين!!!!!

نظر له "ظافر" ببرود قائلاً:
- ايه الهبل دة، ملاذ مالها ومال مراتك و أبنك!!!

أستشاط غضباً ليردف بإستحقار:
- مراتك بعتالي عيل ابن **** عشان يخطف أبني، والظاهر انك نايم على ودانك متعرفش حاجة!!!!

نهض "ظافر" هادراً بنبرته الجهورية:
- ريــان!!! متقولش كلام هتندم عليه بعدين!!!!

أقترب منه "ريان" حتى وقفا وجهاً لوجه، ليسترسل "ريان" بجمود:
- الندم الحقيقي انتوا لسة هتشوفوه، و الواد الـ**** هجيبه وصدقني مش هيطلع عليه نهار!!!

• • • •

دلف لشقتهم بالمعادي، ليصفع الباب غضباً، ثم نزع عنه سِترته، بحث عنها بعيناه فأستمع لصوتها بالمطبخ، أتجه نحوها ليجدها تقف أمام المشعل واضعة سماعات الأذن
تدندن بكلمات أغنية أجنبية، نزع "ظافر" السماعة فـ شهقت بخضة قائلة وهي تضع يدها على قلبها:
- يا ظافر خضتني!!!!

نظرت لملامحه الجامدة بعض الشئ، فقطبت حاجبيها قائلة بقلق وهي تضع يدها على كتفه:
- في حاجة ياحبيبي؟!!!

أطفأ على الطعام الموضوع على الموقد، ثم أخذها من يدها بلُطف ليجلسها على الأريكة، جلس على مقعد أمامها لتردف هي بتوجس:
- في أيه؟!!!

قصّ لها ما حدث بهدوء تام، فهو متيقناً أنها لن تفعل شئ كهذا، ولكنه فقط يريد أن يفهم من الذي أستخدم أسمها في شئ وضيع كهذا!!!

صُدمت "ملاذ" من الأمر برمته، لتستعيد حديث "براءة" في ذهنها، لتلتفت إلى "ظافر" قائلة بعينان دامعتان:
- براءة، براءة هي اللي عملت معايا كدا، بعتت واحد لبيته عشان يخطف أبنه ويقول أن انا السبب!!!

توسعت عيناه "بعدم تصديق لحقارة شقيقتها، لتُكمل وهي تنفجر في البكاء:
- تخيل أختي تعمل فيا كدا!!، كل مرة بتتفنن في تعذيبي اكتر!!!

نهض ليجلس جوارها، جذبها لصدره يُهدأها، فتشبثت هي بقميصه قائلة بحُزن:
- أنا بقيت بكرهها أوي يا ظافر!!! مش طايقة أسمع سيرتها والله!!!

قبّل خصلاتها بحنو، فـ حاوطت خصرها لترفع عيناها له، ثم هتفت:
- طيب قول لريان على الحقيقة، عشان ميفتكرش أن انا اللي عملت كدا!!!

لم تنتبه لعيناه التي أظلمت فجأة، فـ هو حتى بمجرد ذكر أسمه من بين شفتيها يجعله كالنيران المشتعلة، حاول تهدأة نفسه حتى لا يُخيفها، ثم هتف بهدوء:
- مش فارق معايا أبررله حاجة أساساً، بس أنا هقوله عشان يعرف أن مش مرات ظافر الهلالي اللي تعمل كدا!!!

عانقته أكثر تُغمض عيناها بوهن، مستسلمة ليده التي بدأت تعبث في خصلاتها، لتغفى بأحضانه، حملها "ظافر" ليضعها على الفراش برفق، ثم دثرها جيداً ليخرج من الغرفة، أمسك بهاتفه ليُهاتف "ريان"، وقبل أن ينطق الأخير بكلمة اردف "ظافر" بنبرة نارية:
- اللي بعتلك الواد دة براءة مش مراتي، ابقى أتأكد الأول قبل م تتهم حد أتهامات ****!!!!

ألقى "ريان"بالهاتف على الأرض لتنفصل أجزاءه، ثم جلس على الأريكة قدماه يهتزا من شدة الغضب، لتأتي "هنا" راكضة عندما سمعت صوت تحطيمه لهاتفه، لتردف بقلق:
- في أيه ياريان!!!

هتف الأخير بنزق:
- أطلعي برا يا هنا!!!

رفعت حاجبيها بدهشة لتقترب منه تنحني نحوه لتربت على كتفه قائلة برفق:
- أيه اللي حصل؟!!

أبعد يداها صارخاً بوجهها:
- قولت أطلعي برا!!! مبتفهميش!!!

أرتدت للخلف بصدمة من صراخه، أغرورقت عيناها بالدموع، لتلتفت مغادرة الغرفة لتذهب إلى غرفة "عمر" النائم ثم أستلقت جواره على الفراش الصغير، حاولت كبح دموعها ولكن لم تستطيع، لتبكي بخفوت شديد!!!!

• • • •

نهضت "فريدة" على يدٍ صغيره تحاول إفاقتها، فتحت عيناها نصف فتحة لتنظر إلى "يزيد" قائلة بنعاس:
- نام يا يزيد شوية كمان!!!

صرخت بفزع على صوت "مازن" الذي دلف للغرفة صارخاً به بمرح:
- قومي يا فريدة البيت بيولع!!!!

أنتفضت ناهضة من فوق الفراش لينفجروا بالضحك عليها، نظرت له بضيق قائلة:
- بترُدهالي يعني؟!!

هتف وهو يقاوم ضحكاته، قائلاً:
- احنا بقالنا ساعة عايزين نقومك مش عارفين، بس أنا اللي غلطان عايز أفسحك في باريس شوية بس واضح كدا أنك فقرية!!!!

كادت ان تذهب للمرحاض ولكنها توقفت عندما سمعت ما قاله، لتلتفت نحوه راكضة له صارخة بحماس:
- بــجــد!!! هتوديني فين يا أحلى مازن في الكوكب!!!

ركض نحوه "يزيد" أيضاً ببراءة:
- أيوا هتودينا فين يا عمو مازن!!!!

أبتسم قائلاً:
- هنتعشى في مطعم بيعمل أكل حلو جداً!!! يلا اجهزوا!!!!

صفقت بفرح لتركض نحو المرحاض مردفة بجعلة:
- انا 5 دقايق وهبقى جاهزة، ويزيد مُهمتك أنت تلبسُه!!!

كاد أن يعترض ولكنها صفعت باب المرحاض سريعاً، فـ زفر بضيق زائف ثم سحب "يزيد" من ملابسه قائلاً:
- تعالى يا أخرة صبري!!!

• • • •

وقف "مازن" في بهو الشقة مرتدياً بذلة سوداء الفخامة تُقطر منه، جواره "يزيد" يرتدي أيضاً بذلة صغير، كلاً منهما ينظروا لساعتهم، ليتأفف "مازن" قائلاً:
- يا أخي البنات دول ملهومش حل، قالت 5 دقايق وبقالها ساعة بتلبس!!!

هتف"يزيد" بسأم هو الأخر:
- اه والله ملهومس حل!!!

كاد أن يتحدث ولكن عيناه تعلقت بالباب الذي فُتِح، لينظر لقدميها التي خطت خارج الغرفة مرتدية حذاء ذو كعب عالي باللون الأحمر، صعدت عيناه المندهشة لأعلى، ليجدها ترتدي ثوب أسود طويل يصل للأرض ذو أكمام شفافة منفوخة، وتنتهي بضيق من عند رسغها، يُبرز قوامها الرشيق ضيق من عند الخصر، ممسكة بـ حقيبة سواريه صغير باللون الأحمر، خصلاتها الناعمة اطلقتها للعنان، و جمال ملامحها التي أبرزتها بمستحضرات تجميل خفيفة!!!!

أبتسمت "فريدة" قائلة وهي تفرد ذراعيها:
- ايه رأيكوا؟!!!

حكّ أنفه ليقترب منها محاوطاً خصرها، فـ وصلت لكتفيه فـ رُغم ارتداىها كعب عالي ولكنها لم تصل لطوله، قربّ ثغره من اذنها هامساً:
- تعالي نسرب الواد يزيد وبلاها خروج خالص!!!

توسعت عيناها لتبتعد عنه قائلة بعصبية:
- لاء هنخرج انا بقالى ساعة بحهز نفسي!!!

ركض نحوهم "يزيد" قائلاً بإنبهار:
- الله أنتِ جميلة أوي يا ديدا، شبه الأمييات (الاميرات) اللي بييجوا في الكايتون (الكارتون)!!!

قاطعه "مازن" بنرفزة:
- ما خلاص أنت مـ صدقت!!!!

أطلقت "فريدة" ضحكة انثوية، لتتعلق بذراع "مازن" ممسكة بيد "يزيد" قائلة:
- يلا بقا!!!
نظر "مازن" لـ "يزيد" ليمد يده له قائلاً:
- تعالي أمسك إيدي أنا وسيبها!!!

ضحك "يزيد" ببراءة ليمسك بيده، ذهبوا ليستقلوا السيارة، متجهين لأحد أفخم المطاعم في باريس!!!

• • • •
دلفا للمطعم الذي يطغى عليه الرُقي، ليشير لهم النادل الذي تعلقت عيناه بجمال "فريدة" إلى إحدى الطاولات، حاول "مازن" التحكم في أعصابه ليلتفت حوله فوجد المطعم ليس مزدحماً بكثير من الناس، حمد ربه ثم جلسوا على الطاولة، فجلست "فريدة" أمامه، طلبوا الطعام ليبدأوا بالأكل، ولم تُخفي عن أنظار "مازن" نظرات النادل، ليوجهه له نظرة وكأنه يقول: سأقتلع عيناكَ إن جاءت عليها مرة أخرى!!!
وسريعاً أنزل النادل عيناه ليذهب من أمامهم رعباً منه!!!

تأمل "مازن" طريقة "فريدة" بالأكل، لم يستطيع إزاحة عيناه عنها لشدة جمالها، فـ رفعت عيناها به قائلة:
- مش هتاكل؟!!!

اسند وجهه على ذقنه، اشار لها لتقترب، ف أقتربت بوجهه ليهمس هو قائلاً بخبث وهو يغمز لها:
- أنا مستني لما أروح البيت عشان أكلك، أصلي مبحبش النواشف دي!!!!

جحظت عيناها من وقاحته لتضربه على كتفه قائلة بهمس:
- في احلامك يا مازن!!!، قلة الأدب بتاعتك دي متنفعش و يزيد موجود!!!

أمسك بكفها ليُقبله قائلاً بمكر:
- يزيد هينام يا حبيبتي، و محدش هيرحمك مني، وساعتها هتشوفي قلة الأدب على أصولها!!!!

عادت للخلف لتنظر لـ "يزيد" فوجدته يأكل ولا يهتم بهم، ولكنه سرعان ما رفع رأسه إلى "فريدة" ليردف ببراءة:
- ديدا أكليني أنتِ!!!

نظر "مازن" له قائلاً بدهشة:
- وتأكلك ليه م أنت بتعرف تاكل!!!

نفى برأسه قائلاً بمكر طفولي:
- لاء مس بعرف!!!

أمسكه من تلابيبه قائلاً بعصبية ولكن صوته خافت:
- وحياة أمك أومال مين اللي كان حاطط وشه في الطبق دلوقتي وبياكل!!!

أبعدت "فريدة" أخيها عن زوجها المجنون قائلة بضيق:
- أنتوا مش هتبطلوا خناق بقا!! تعالى يا يزيد هأكلك!!!

أخرج "يزيد" طرف لسانه إلى "مازن" ليغيظه، وبالفعل أغتاظ الأخير لينظر إلى "فريدة" التي كانت تطعمه بفمه، أراد لو ينهض ويمسك بـ "يزيد" ليلقي به لأخر مكان في فرنسا باكملها، عندما شعرت "فريدة" بغضب "مازن" أمسكت بمعلقتها لتملئها بحبات الأرز، ثم وضعتها امام فمه، قائلة بحنان:
- كُل يا حبيبي..!!!
نظر لها بجمود قائلاً:
- لاء مش عايز!!!

فتحت فمه لتجبره على التناول فـ تناولها بالفعل، لكي يُغيظ "يزيد" الذي نظر له بغضب طفولي، تنهدت "فريدة" من أفعالهم الطفولية، لتطعم "يزيد" أولاً ثم "مازن" الذي كان يُطعمها هو الأخر، بعد أن انهوا طعامهم نهضت "فريدة" لتقول:
- هروح التويلت!!!

نهض معها "مازن" قائلاً:
- هاجي معاكي!!!

- طب ويزيد؟!!
قالت وهي تشير لأخيها، فـ أشار "مازن" إلى النادل يُحدثه بالفرنسية ان تبقي أعينه عليه!!!، ليحاوط خصر"فريدة" قائلاً وهما يذهبا للمرحاض:
- هو هياخد باله منه!!! يلا

تذمرت وهي تذهب جواره قائلة:
- هو أنا طفلة يا مازن!!! 
لفّها له قائلاً بنبرة حادة:
- مش طفلة يا فريدة بس أنتِ مش واخدة بالك أنك حلوة زيادة عن اللزوم فـ مستحيل اخليكي تبعدي متر واحد عني!!!

برقت عيناها بخجل ليجعلها تدخل إلى المرحاض النسائي قائلاً:
- يلا ومتتأخريش!!!

همت بالدخول ليمسك ذراعها قائلاً بخبث:
- مش محتاجة مساعدة طيب!!!

ضربت كتفه قائلة بخجل:
- والله أنت قليل الأدب!!!

أبعد خصلاتها عن وجهها قائلاً بإبتسامة:
- أنا جوزك يا هبلة!!!

تركته لتدلف للمرحاض فـ لم تجد به أحد، وقفت أمام المرآة لتتأكد من مظهرها، ثم وضعت أحمر الشفاه مجدداً، لتبتسم لنفسها بالمرآة، همت بالخروج ولكنها وجدته يقتحم المرحاض ليغلق الباب بالمفتاح، شهقت بخضة قائلة:
- بتعمل أيه يا مازن!!!

نظر لها بخبث قائلاً وهو يحاوط خصرها:
- أخيراً هستفرد بيكي بعيد عن العيل الغتت أخوكي!!!

حاولت إبعاده عنها قائلة بصدمة:
- مازن أحنا مش في بيتنا متهزرش!!!!

أنهال على وجهها بقبلات متفرقة فـ حاولت إبعاده ولكنه كان مقيد ذراعيها، لتردف بتوتر:
- مازن هتفضحنا!!! سيبني والنبي!!!

قبّل جانب شفتيها قائلاً بمكر:
- هسيبك على شرط!!!

هتفت سريعاً:
- أيه هو!!!
مسد على وجنتيها الغض، قائلاً وهو ينظر لشفتيها :
- بوسيني وأنا هسيبك تطلعي!!!

شهقت بخجل لتتلوى بين ذراعيه قائلة وهي تحاول مقاومته:
- أنت أتجننت اكيد!!!

- بقا كدا!!! طيب هوريكي الجنان على أصله دلوقتي!!!

قال وهو يقبل وجهها نزولاً لعنقه فـ هتفت "فريدة" تردف بإستسلام:
- طيب.. خلاص أبعد عني بقا!!!

أبتعد عنها بعينان لامعتان ليقول بمكر:
- يلا!!!

تنهدت وهي تكاد تبكي من الموقف الذي وضعها به، لتُقبله قبلة سريعة على شفتيه، ولكنه ثبت وجهها وتعمق بالقبلة أكثر،  ضربته "فريدة" على صدره بحقيبتها لكي يبتعد عنها ولكنه لم يفعل، ظل يُقبلها بشوق شديد، فـ استسلمت له "فريدة"في نهاية المطاف، لتحاوط عنقه بذراعيها، في قيلة دامت لدقائق، ليسمعوا طرقات قوية على الباب هلعت "فريدة" مبتعدة عنه واضعة كفها على شفتيها  وعيناها جاحظتان، هدأ "مازن" أنفاسة اللاهثة، ليفتح الباب فوجد "يزيد"هو من يطرق ينظر لهم غاضباً، حمله "مازن" من ثيابه لتضحك فريدة بشدة..

• • • •

طرقات رقيقة على الباب، جعلت "ظافر" الذي كان جالس في مكتبه يخرج ليفتح الباب، صدمة شلت لسانه عن الحديث، ليتسمر بمكانه وهو يرى "براءة" على مقعدها منكسة رأسها و تبكي بندم، تقف جوارها "فتحية"، أعتلى الغضب وجهه ليردف بنزق:
- أيه اللي جابك هنا!!!!

رفعت عيناها له قائلة بحُزن:
- عايزة اشوف ملاذ لو سمحت!!!!

رفع حاجبيه بسُخرية قائلاً بصوتٍ عالي:
- أنتِ جايبة بجاحتك دي منين!!، عايزة تعملي فيها أيه أكتر من كدا!!!

أغمضت عيناها باكية أكثر من صوته العالي، لتهتف الدادة "فتحية" مسرعة:
- براءة جاية عشان تتأسف لملاذ يابني!!!!

حاول التحكم في أعصابه قائلاً بقسوة:
- كتر خيرك بصراحة، وفري اسفك لنفسك!!!

كاد أن يغلق الباب ولكن منعته "فتحية" قائلة برجاء:
- يابني طيب على الأقل أعملي أنا حساب، دة أنا ست كبيرة و أد والدتك!!!!

فتح الباب مجدداً ليتنهد بضيق، ثم تنحى جانباً ليدلفا لبهو الشقة، تركهم "ظافر" ليدلف إلى "ملاذ" ثم جلس جوارها، مسح على خصلاتها قائلاً بنبرة حنونة:
- ملاذ، قومي يا حبيبتي..!!!

تململت في نومها هامسة:
- هممم..

هتف برفق يمسح على وجنتيها:
- ملاذ قومي!!!

فتحت عيناها قائلة بقلق:
- في حاجة؟!!

أحتار أيخبرها أم يتركها تخرج وتعلم بنفسها، ولكنه قال بهدوء مستعداً لأي ردة فعل قد تفعلها:
- براءة برا، عايزة تتكلم معاكي!!!!

وكأن لسانها قد كُبل بمكابل من حديد، ليرتجف جسدها قائلة بجمود:
- بس أنا مش عايزة أشوفها!!!

هتف بعقلانية قائلاً:
- لو عايزاني أخليها تمشي مافيش مشكلة، بس أنا رأيي، أسمعيها شوفي هتقول أيه!!!

- تمام
قالت وهي تنهض مبعدة الغطاء عنها كادت أن تخرج لولا يد "ظافر" التي أمسكت بذراعها قائلاً بتحذير:
- خليكي قوية، أوعي تضعفي!!!!

أومأت بنظرات خاوية، لتخرج لهم، فور رؤيتها لمظهرها الشاحب والضعف يتملك منها، وجهها الملطخ بالدموع جعلاها تبتلع ريقها تقاوم الرغبة في أحتضانها، لتذكر نفسها بأنها عندما كانت تبكي أمامها لا يهتز رمش لها وتطردها من بيتها!!!!

أزداد قلبها ضغينة منها، لتردف قائلة بصوتٍ يخلو من الحياة:
- خير، عايزة أيه؟!!!

أقتربت منها "براءة" بالمقعد الخاص بها، وهي تنظر لأختها التي تحولت نظراتها من قلق وخوف عليها، إلى كُره ونفور منها..وهي السبب في ذلك، رفعت أناملها لتلتمس يداها، ولكن "ملاذ" فوراً ارتدت خطوتان للخلف وكأنها ستلوثها، لتبقي كفيّ "براءة" معلقان في الهواء، أنزلتهم على قدميها، لتردف بصوتها المتحشرج بالبكاء:
- انا عارفة إني كنت أخت وحشة أوي ليكي، وإني أذيتك كتير، أنا اسفة يا ملاذ، سامحيني أرجوكي، أنا كنت غبية ومبفهمش، كل مرة كنتي بتحاولي تقربيلي فيها كنت بصُدك، كان الكُره عاميني، بس انا عارفة إنك طيبة وهتسامحيني، صح يا ملاذ؟!!!

أبتسمت بسُخرية وهي تنظر لها قائلة بصوتٍ متهكم:
- أسامحك؟!! أسامحك على أيه ولا على أيه!!! أسامحك على المشاكل اللي بتعمليهالي، ولا على أنك بتحاولي تكسريني وتدمريلي حياتك، أطلعي برا حياتي يا براءة، كفاية لحد كدا، صدقيني أنا مش طايقة أبُص في وشك بفتكر كل اللي أنتِ كنتي بتعمليه معايا!!!

قالت بدون أن تذرف دمعة واحدة، لتتجه إلى الباب ثم فتحته لتردف:
- أطلعي برا!!! و اوعي تفكري تكلميني أو تيجي هنا تاني!!

على صوت بكاءها، لتخرج من الشقة خلفها "فتحية" التي نظرت لـ "ملاذ" بشفقة، فهي أيضاً عانت كثيراً بسبب شقيقتها!!!

أغلقت "ملاذ" الباب، فخطى "ظافر" نحوها يقف أمامها ممسكاً بكتفيها، وكأنه يعلم أنها ستنهار، وهو لن يسمح لأنهيارها سوى بأحضانه!!!
بكت "ملاذ" بحُرقة ليضمها له مغمضاً عيناه، فـ هو لا يتألم سوى عندما تتألم هي، حاوكت خصره قائلة وصوت بكاءها يمزق قلبه:
- مش هعرف أسامحها يا ظافر، مش هقدر!!!

ضمها أكثر له يحاول التخفيف عنها قائلاً:
- هتسامحيها يا ملاذ، أنا عارف أنك هتسامحيها يا حبيبتي، يمكن مش دلوقتي بس هييجي اليوم وهتسامحيها على كل حاجة عملتها!!!

ابعدها عنه ثم تابع وهو يمسح دموعها:
- متفكريش في الموضوع، ومش عايزك تعيطي أبداً!!!

هتفت ببراءة طفولية:
- صعبت عليا أوي لما شوفتها بتعيط، كان نفسي أحضنها و أقولها إني مسامحاكي!!!

أبتسم على براءتها، ليعانقها مقبلاً جبينها، ثم حملها بين يداه ليدلف بها للغرفة، جلس على الفراش وهي لازالت بأحضانه متشبثة بقمييصه، تهتف بحُزن:
-ظافر خليك جنبي، ممكن؟!!

ضمها له ليضع الغطاء عليهم ثم هتف وهو يقبل جبينها بحنان:
- مين قالك إني هسيبك أصلاً!!!

نامت "ملاذ" بأحضانه، بينما هو ظل مستيقظ لم يجد النوم طريقاً لجفونه!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1