رواية علاقات سامة الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سلوى فاضل


 رواية علاقات سامة الفصل الثالث والثلاثون 


تحبس نفسها بغرفتها، تبكي حتى تغيب عن الدنيا ترثي نفسها، ذبلت ووهن جَسَــدها، كادت أن تتجاهل رنين هاتفها المتزايد، مدت يدها لتغلقه فاقشعر بدنها برهبة لرؤية أسم مَن كَـسر غرورها ودعسها أسفل حذائه، فضغطت على زر الإجابة سريعًا حسب تعليماته، تجفف دموعها تستنشق الهواء بعمق تحاول إخفاء نبرة الهوان بصوتها، تشعر بالسوء بما يكفي لا تريد أي ضغط أو.. أو توسل، منذ ما حدث وهي تشعر بالرُّخص وهو هددها بالتصريح والتلميح بفضــحها إن خالفته، أصبحت لعبته يلهو بالعبث بأعصابها كلما شعر بالملل، وصلها صوته حاد زاجَرًا مُهِينًا:

-       ساعة عشان تردي!

-       أول ما شوفت اسمك رديت.

-       التلفون يكون لازق في ايدك، أول ما اتصل تردي فاهمة، ويا ويلك لو تأخرتِ تاني، عملتي إيه الكام يوم اللي فاتو؟

-       ما خرجتش من البيت ولا تحركت من مكاني.

-       الاستهبال وشغل الدلع ده مش معايا، أنتِ لحد دلوقت ما تعرفيش مين كمال غالب؛ فلمي نفسك، مش عايزة اغَضَب عليكِ، ما تخلنيش اجي لك.

 

مجرد التلويح بحضوره افزعها، أصبحت تخشى الاجتماع به، تراه ذئب في شكل بشر ولولا ما حدث لحاولت الفرار واللوذ بما تبقى من كرامتها:

-       بلاش تيجي قبل ما نتجوز، عشان.. عشان خاطر اسمك وسمعتك، قولي عايز إيه وأنا هعمله والله!

 

 

ابتسم بنصر، وصله رعبها ارتجاف نبرتها، متأكد أن قدمها لا تحملها الآن، فلانت نبرته:

-       أحبك وأنتِ مؤدبة، كل يوم أول ما تصحي تروقي البيت كله وتلمعيه، تاكلي كويس وتعملي الحاجات اللي بتعمليها عشان تحافظي على جسمك ونضارته، مش عايز إرهاق أو هالات سودا، عايزك فَرَسَة ما هو مش تلمعي مع مؤنس، ومعايا تتنيلي وتبوظي.

 

بآخر جملة حدثها بحدة وغَضَب، انسابت دموعها، لكنها لن تستطيع الاعتراض، هي من ذهبت إليه، هي من أذت نفسها فلتتحمل.

-       خرستي يعني.

-       مش قادرة أخرج والله!

-       ومين قال إن رجلك هتعتب الشارع.

-       بروح مركز تجميل، عشان الحاجات دي.

-       بتروحي كل قد إيه؟ 

-       كل أسبوع تقريبًا، بس مش قادرة والله!

-       كلامي يتنفذ سواء على هواكِ أو لأ، لو هتموتي تنفذي كلامي وبالنص، وإلا والله أربيكِ مِن الأول، وبعد ما أربيكِ أنشر الفيديو في كل مكان وتبقي متاحة على الهوا للي يسوى واللي ما يسواش.

-       لا خلاص هسمع الكلام والله.

-       أيوه كده اتعدلي، أنا مش فاضي اليومين دول عشان أوديكِ، نأجل جزء مركز التجميل لمَّا افضى؛ لأن الهانم مش هتخرج لوحدها تاني، نظام الأكل والنوم مفروغ منهم تهتمي بكل التفاصيل دي، مش عايز أقول لك ممكن أعمل إيه لو كلامي ما اتنفذش بالحرف! المهم مع كل حاجة تعمليها تبعتي لي رسالة، يعني تصحي تبعتي أنا صحيت، وهكذا، كل حاجة بمعنى كل حاجة بالتفصيل، أنا أرد أو لأ دي بتاعتي، احذري الكذب! مفهوم.

-       حاضر.

-       أول ما أقفل تقومي تاكلي، أي حاجة عايزها اكتبِها على الواتس وأنا ابعتها لك.

 

أنهى المكالمة بوقاحة فدخلت بنوبة بكاء حار تنْــعِي نفسها، لا تعلم بأي جحر ثعبان أدخلت نفسها، أصبحت على يقين أنها ستتذوق كافة أشكال القْــهر والإِذْلَال، بدأ عقلها يسرد عليها كل أفعالها بالماضي، يسترجع شريط حياتها يخبرها أنها بوقت سداد فاتورة ما فعلت.

 

 

بصباح اليوم التالي، انتظرت بصبر موعد حضور رامي تحت نظرات والدها المبهمة، حاولت استنباط معناها دون نتيجة، شغلت نفسها بأشياء عِدة آملة أن يمر الوقت سريعًا، وكأنه يشعر بما تعانيه كان يسابق الساعة ليصل إليها، رنة مميزة على هاتفها سبقت طرقاته على بابهم، استقبلته ببسمة مشرقة، دخلا الصالون ولحقهما سامح، الذي بدأ حديثه قبل دلوفه وتابع حتى جلس:

-       خروج ما فيش، الله أعلم هتروحوا فين!

 

شعرت شيماء بحرج من أسلوبه العدائي، فحدثها رامي ببسمة، قاصدًا إبعادها عن مجال حديثه مع والدها:

-       شيماء لو سمحتي عايز ماية.

 

تابعها بنظره حتى اختفت، ثم حدَّج والدها بثقة:

-       مش فاهم، ليه مش هنخرج؟ ما تقولش خايف علي شيماء مني!!

-       لأ، خايف على سمعتي، مش هاسيب نفسي للظنون، إيه اللي يضمن لي إنك مش زي صاحبك؟ ما يمكن تاخد غرضك منها وترميها، تطلق لتاني مرة قبل الفرح.

-       ما تتكلمش عنها بالطريقة دي تاني، والحيوان التاني ما كانش صاحبي، قولي يا عمي لمَّا أسامة حذرك مِن وسيم وطلب منك ما توافقش عليه، ليه ما أخدتش بكلامه؟ وكمان استعجلت كتب الكتاب، زي ما تكون قاصد، أنا فكرت كتير في السبب اللي خلاك تعمل كده، بس الحقيقة تصرفاتك وتفكيرك أكبر من قدراتي، وبصراحة أكتر مش عايزك تتعب نفسك وتخاف على شيماء؛ لأني بخاف عليها حتى من نفسي، لو عليا كنت تممت الجواز من الأول، بس كان لازم تاخد وقتها وترتاح من اللي حصل لها.

 

جلس على طرف الكرسي باعتدال وتحفز، ثم تابع:

-       مش هاسمح لأي حد أيًا كان يضايقها أو يدوس على طرفها؛ فاتحملنا الأسبوعين تلاتة الجايين، وبعدهم تاخد حريتك وفلوس الوصية.

 

 

حدجه بصدمة، أيعلم بأمر الوصية؟!! احمر وجهه بغيظ ونهض غَاضَبًا وتركه بالغرفة، على باباها وجد شيماء منزوية جانبًا تخبره دموعها بسماعها لحديثهما، تبادلا النظرات لثوانٍ حتى قطعها صوت رامي الذي اعتدل في جلسته يخبره:

-       هاخد شيماء وننزل يا عمي.

 

 

دلفت إليه ووجهها يتحدث عن حالتها؛ فانتفض رامي وقطع المسافة بينهما بخطوة، جذب كفها بلين أجلسها وجلس جانبها، رفع رأسها إليه يجفف دموعها:

-       ما كنتش عايزك تسمعي، ما تزعليش، تعالي ننزل هانسيكِ اللي حصل.

 

 

يوزع نظراته بينها وبين الطريق، تألم لبكائها الصَّامت، تركها تخرج ألمها ثم أوقف السيارة جانبًا، أخذ كفها بين راحتيه وثبت مقلتيه ببحر عينيها يحتويها بنظراته الحنونة:   

-       ممكن تبطلي عياط موقف وخلص، واللي حصل قبله كمان خلص، وأنا وعدتك والله لا هزعلك ولا أسمح لأي حد يضايقك.

 

أومأت وحاولت رسم بسمة بدت حزينة، فقبل كفها ومسح دموعها ثم قاد سيارته قاصدًا وجهته، وبعد فترة انتبهت للمكان فسألت بدهشة:

-       احنا رايحين فين؟

 

خصها بنظرة مبتسمة وغمز لها بمشَاكَــسة ثم عاد بنظره للطريق:

-       أيه رأيك؟ مبسوطة!

-       جدًا، بقالي كتير ما زورتش جدو كان واحشني قوي.

-       أحلامك أوامر، نزور جدو وتحكي له عني طبعًا وبعدين نزور جدى وجدتي وأحكي لهم أنا عنك، وبعدين نروح نقعد في مكان، نتكلم ونتغدى ونحلي، أيه رأيك؟

-       موافقة جدًا.

 

مر الوقت بسعادة، استقرا داخل أحد المطاعم وبعد تناول الغداء، بدأ رامي حديثه، ينظر لها تارة ويخفض عينيه تارة، امتلأت كلماته بالتوتر يمهد لكلمات ثقيلة لا يعرف كيف سيكون طريقهما بعدها، حملت نبرته ببعض الأحيان الأسف والندم:

-       أنا عارف إن جوازنا جه فجأة، ما نعرفش حاجة عن حياة بعض، كنت بسمع منك شوية حاجات صدفة والحقيقة بردو كنت بتعمد أمُر من الأماكن اللي بشوفك فيها مع صاحبتك غادة.

 

نظرت له بدهشة أكان يتابعها بالفعل كما لمَّحت غادة؟ لم يتركها لدهشتها واسترسل يوضح موقفه:

-       لو حلفت لك إني مش عارف عملت كدة ليه مش هتصدقي وعندك حق، بس دي الحقيقة أنا سألت نفسي كتير وما وصلتش لإجابة.. لما ارتبطي جزء مني فرح؛ لأن ارتباطك أجبرني أبعد، وفي نفس الوقت جزء مني حزن وأنِّبني لأنك بقيتي لغيري وبالتحديد وسيم.

 

تُنصت باهتمام لا تقاطع مهما توالت برأسها الأسئلة، حاول فهم رد فعلها راجيًا مسامحتها، استرسل يجْــلد نفسه ويمهد لها أن تتقبل رغبة شيماء راضية أو صَــاغرة، استنشق بعميق يمد نفسه بالقوة ليكمل اعترافه:

-       كنت شبه متأكد إن ضميره مش صافي ناحيتك، بشوفه بيغلي بعد كل مرة تصديه، ويكذب عشان يحسن شكله، ما كانش متعود إن واحدة تقوله لأ وتُصر على ده، أنا ظلمتك زيهم. 

 

تجعدت معالم وجهها باستفهام، كانت متكئة على المنضدة فاعتدلت: 

-       وقت ما حصل لغبطة في مرتبي افتكرت أنك قصدتي عشان تلفتي انتباهي.

 

اخفضت رأسها بحزن ألم مهجته فعقب موضحًا:

-        بس والله ندمت في وقتها! أول ما لمحت دموعك المحبوسة، لما تعبتِ في الجامع كنت بـجــلد نفسي، ندمت ندم عمري، من بعدها بقيت كل ما أشوفك واقفة مع صاحبتك أتحجج بأي حاجة وأروح ناحيتكم، وأسمع كلامك معاها، وكل مرة إحساس غريب يملكني، أحاول أعانده وأعاند نفسي، بس ما كنتش بقدر، كل مرة أسمع منك حاجة الاقيني حاسس بيكِ لدرجة إني أحيانا ببقي عايز أحضنك وأبعدك عن كل اللي يضايقك، وللأسف بعدها ظلمتك تاني.

 

رفعت رأسها واتسعت مقلتيها بصدمة ولم تخرج من صمتها، فسحب نفس عميق، يشجع نفسه ليواصل:

-       لما تقدم لك وسيم وقبلتي اقنعت نفسي أنك بترسمي على حد فينا.

 

تعثرت الكلمات بفمه مع انكماش قسمات وجهها تحارب سقوط دموعها وانطفأ نوره، حاول العصور على كلمات مناسبة تهون صدمتها به ويبرر بها سوء ظنونه:

-       يومها شوفت في عنيكِ دموع عارفها كويس دموع الخذلان، عنيكِ بتدور على حد وسط الموجودين، وسمعت كلامك مع غادة، صدقيني يومها كان صعب في كل حاجة تجوزتي وسيم، عياطك ودموعك اللي قـتـلـتني، خوفت عليكِ منه ومش قادر انبهك، كتير أسمع كلامك معاه، احترمك أكتر وأصغر قدام نفسي أكتر.

 

اخفضت رأسها بخزي من العالم كله، شعرت وكأنه ألقاها من قمة سعادتها إلى أعماق بئر تعاستها، سقطت منها دمعة حارة ازالتها سريعًا، تهدجت أنفاسها وهي تحاول بكل طاقتها تنظيمها واستعادة هدوئها، تسرب إليه الخوف، ألن تسامحه؟! أستبتعد؟!! تغلب الحزن على نبرته، ما عاد يستطيع إخفائه وتغيرت ملامحه ترثي نفسها لبداية فقدان الحبيب، احمرت عينيه بألم فاخفض وجهه قليلا يحجب عنها عينيه: 

-       مش قادر أقول سامحيني، لأني مش مسامح نفسي، بس هاحكي لك ليه بقيت أفكر كدة؟ كان ممكن أبدأ بحكايتي وحياتي، عشان تتعاطفي معايا، وتسامحي مِن قبل ما اتكلم، بس فضلت أبدأ بحكياتنا حكايتي معاكِ من البداية عشان تحطي أنت بأيدك النهاية اللي تشوفيها مناسبة ليكِ.

 

شهيق حَـاد حَــارق أشْعَــل عقله بذكريات الماضي، وصلها احساسه من ثقل انفاسه فرفعت رأسها؛ لتتمكن من رؤية وجهه والألم الذي غزا قسماته، وأسقطه ببحر الأحزان، فخرجت كلماته حزينة ساخرة حتى تخلت عنه السخرية وتركته فريسة الجوى يسيطر على قلبه:

-       كل الناس تعرف اني الابن الناقم والجاحد للدكتور ماهر الديب صاحب المال والجاه، ما حدش منهم يعرف حاجة عن حياتي ولا اللي شوفته معاه؟ محدش فكَّر ليه دكتور جراح ناجح ينطلب بالاسم في مستشفيات كبيرة، لسه لحد النهارده في الاستقبال؟! ولا ليه مفيش مستشفى من اللي بيطلبوه بالاسم قدمت عرض أو وافقت على طلبه أنه يشتغل فيهم؟

 

رفعت كامل رأسها وطالعته بدهشة، وصلها المعني بوضوح، والده يحاربه، سحب نفس أعمق وجَــاهد لينظر داخل عينها واسترسل بألم عميق سكن فؤاده لأعوام وجسم عليه:

-       ما حدش يعرف الوحدة ولا الخوف والرعب اللي شوفتهم معاه، ما حدش يعرف الحفلات المستمرة كان بيحصل فيها إيه؟ عمري ما أنسى آخر حفلة حضرتها واللي بعدها جدي الله يرحمه أخدني معاه، لولاه كان زماني ألعن من وسيم كنت هبقى.. هبقي زيهم.

 

 

كم الشجن بكلماته والحزن العميق المنبعث منها جعلها تنسى كل ما اقترفه بحقها، مدت يدها بتوتر تحتوي كفه بين راحتيها وشددت عليه، طالعته بنظرة داعمة، نمت على وجهه ابتسامة حزينة يعلم أن وضعه يستحق الشفقة، استنشق الهواء بعمق وبدأ سرد ذكرياته عمَّا شاهده بتلك الحفلة ارتَـعَش جسده وكأنَّه يعيشها من جديد، يشدد من غلق مقلتيه بعنف يمنع عنهما صورة مِن الماضي البغيض، تعدمه شيماء بالضَّغط على كفه، تؤكد عليه وجودها جانبه ومشاركتها لأحزانه، تركته يخرج كل ما ألمه وأرهقه، وبالنهاية نظر داخل عينها وتحدث بنبرة مقتولة:

-       شوفت الستات كلهم زيها وخوفت أكون زيه، لحد ما شوفتك بتصدي وسيم ومتمسكة بموقفك، قوية رغم ضعفك، بكلامك عن جدك والخذلان من والدك حسيت إن في شيء مشترك بينا، أنا آسف بجد أسف لأني خذلتك، أسف لأني جرحتك وظلمتك، آسف لأني ضيعتك وخسرتك وعارف أني هندم باقي عمري.

 

تعالت دقات قلبها وارتعشت يديها، فسحت يدها بهدوء تضمَّهما معًا، ثم أخفضت وجهها وأغلقت مقلتيها تجمع شتات نفسها، تخبر ذاتها أنه زوجها ولا حرج من اعترافها:

-       أنا.. أنا ما يخلصنيش ندمك.

-       بجد؟!!

-       بجد، يمكن في بداية كلامك حزنت وقلبي وجعني وفكرت في البعد، لكن لما حكيت طفولتك نسيت كل حاجة ما شوفتش غير الوجع اللي جواك، ومش عارفة أعمل ايه عشان اشيله عنك أو أقلله! غير أني تأكدت أنك هتوفي بوعدك.

-       أنتِ بتتكلمي بجد! سامحتيني!

-       لأ بهزار، أنا عايزة شاي غير اللي برد.

-       يعني مستعدة تكملي معايا وتستحمليني، مش هتملي وتزهقي، مش هتبعدي وتوجعيني زيهم.

-       أحب أعرفك إن عندي نفس الفوبيا «البُعد»، بحس إن كل اللي حواليا هيجي يوم ويبعدوا، بطلب من غادة كل يوم ما تبعدش وتسيبني، لما هو قرب رغم رفضي له إلا إني خوفت مِن البُعد، حتى لمَّا اتجوزنا رغم إني بحس بالأمان في وجودك إلا أني بردو بخاف، بخاف قوي تبعد في يوم وتهجرني، في بداية كلامك أثَّر فيَّا قُرب البعد أكتر من باقي كلامك.

 

 

حركة رأسها العشوائية حجبت عنها رؤية البسمة التي أنارت وجهه بسعادة وإشراق، جذب يدها يضمها بين راحتيه يغلفهما بحبٍ دافئ وحنان:

-       بجد يا شيماء أنا بالنسبة لك الأمان، أنا والله هاحميكِ حتى من نفسي! عارفة أنا دايمًا معاكِ بكون مختلف، معاكِ بس تقع القشرة الناشفة اللي حاوطت نفسي بها، وعد اشيلك في عنيا، لا أجرحك ولا أبعد إلا بطلبك أو بنهاية الأجل.

-       بعد الشر عنك، ما تقولش كدة تاني.

-       بحبك.

 

بدأ البعض أخذ خطوات جدِّية لتغير حياته كما يهوى؛ ليصحح مسارها، فبدأ الثنائيان «حسن ونيرة» «رامي وشيماء» في تجهيز عش الزوجية فانتقل حسن لبيت والدته تاركًا منزله لنيرة لتضع لمساتها به تنظمه كيفما تشاء، ورامي اتفق مع شيماء أن يبدلا غرفته بأخرى مناسبة محتفظان بباقي الأثاث فقط سيتم تلميعه وطلاء الجدران ليحتفظا على عبق جديه وذكرياتهما.

 

دمية رقيقة ومغرورة أهدته نفسها، فامتلكها عازمًا الاستمتاع بها وتَدْمِــيرها ببطء وتمهُّل، يوبخها ويُسمعها أسوأ الكلمات، وإن حاولت الاعتراض يهدد بنشر ما سجله، حبسها حبسًا انفراديًا ببيتها يمنعها حتى عن الخروج لإحضار مستلزماتها، يرسل لها ما تريد مع أحد عساكره، يرافقها إلى مركز التجميل لتستعيد نضارة بشرتها التي فقدتها لنضوح حالتها النفسية عليها، يسقط قلبها ويهوى حال وصلهما لبيتها؛ خوفًا أن يعيد ما حدث أو يحدث ما هو أسوأ؛ فلم تعد تأمن مكره، كل أفعالها تزيد متعته باللهو بها، يتركها لأوهامها، يمهد لانتقامه سيفعل بها الكثير، لتعرف ووالدها الراحل من هو كمال غالب، سيغلبها بمكره، ويقهرها بدهائه، سارة الآن بعرينه وقريبًا ستغدو بين مخالبه.

 

انسدل الأسبوع سريعًا لمن تملكتهم السعادة وبطيئًا لذوي الجروح والألآم، خلاله لازم مؤنس الشرود يجاهد ليصب تركزه بالعمل، تحت نظرات طارق المتابعة، والذي يساعده ليشحذ تركيزه بالعمل، طيف أغلقت على نفسها وأكتفت ببدء حياتها العملية، استلمت عملها الذي رغم بساطته إلا أنها تشعر بالتيه والخوف، ولم تخلُ أي ورقة تنجزها من الأخطاء المتعددة، أحتل تفكيرها ما رُسِّخ بعقل ابنتها وزُرِع بقلبها، تتجاهل هاتفها الذي لا يستقبل سوى مكالمات مؤنس، مَن خجل أن يذهب إليها، يعلم إنها تُحَمّله وزر بُعد ابنتها، لا يدرك أنها لا تلومه مِن الأساس ولا تـُحَمِّل غيرها وزر ما حدث ويحدث، ويزيد عليها مرار الانتظار، اشتاقت لابنتها فور ابتعادها عنها، وزاد عذابها الحلم الذي يراودها كلما اجبرها جَسَــدها على النوم.

 

بعدما عادت من العمل تشعر بثقلها تحمل على أكتافها من الهموم جبال، فشلت فبل أن تبدأ؛ فيبدو أن صاحب العمل سيستغني عنها قريبًا جدًا، أستاء من أخطائها المتكررة، ألقت ثقل جسدها على المقعد خلفها ضمت نفسها وسرحت في حياتها وما آلت إليه فغشى عينها النوم وراودها حلمها الذي صاحبها منذ أن قابلت ابنتها:

«تقف بمنطقة صخرية جافة تسمع صراخ ابنتها تنادي عليها من مكان بات بعيدًا جدًا لا تستطيع تحديده، رغم تداخل كلماتها مع بكائها المنتحب إلا أنها فسرتها بوضوح، ابنتها تناشدها القرب لترتمي بحضنها تلمس الأمان، حاولت بكل طاقتها إخراج صوتها ومناداتها، لكنه حبس داخل جوفها سُلْسِل بحنجرتها، فلا تصدر منها حتى همهمات، تكسوا الدُّموع وجهها، تحاول مرارًا إخراج صوتها دون جدوى؛ فاستيقظت منتفضة وجهها مبلل بالدموع وصِـرَاخ ابنتها ما زال يصم أذنيها».

 

طوال الأسبوع ترى ذات الحلم وبكل مرة يزداد صوت ابنتها بُعدًا حتى بات لا يصل إليها مداه، لكن القلب سمعه وغص بحسرة مريرة، يربط بين حلمها وما تمر به، تتمنى أن تخيب ظنونها.

 

لم يتوقف عقله عن سرد وتحليل ما دار بينهم، هدوئهم يثير قلقه وحدسه يخبره أنهم يمكرون، جزء بسيط بعقله يخبره بأن مَن وعدهم مِن رجال القوات المسلحة فلن يخلف وعده وإن تقاعد لبلوغه سن المعاش، يتمنى ألا يصيب حدسه، لن يقبل سوى باقتناص حق طيف من بين براثنهم، سيتحلى بالصبر، سيقتل نفسه إن لزم الأمر من أجلها، هاتف المحامي مرات عدة ناقشه بكل الاحتمالات حتى مل منه، كلما مر الوقت كلما زاد توتره وهاتف داخلي يخبره أن القادم قَـاتِم، بكل مداهمة لأحدى البؤر الإجرامية يتخيلهم جميعًا شهاب؛ فيخرج بهم غَـضَبه، وأخيرًا أتى الموعد المتفق عليه، وها هو يجلس ومحاميه في انتظار مقابلة شهاب ووالده، ينظر في ساعته بين الحين والفَيْنة، طالعه المحامي وحاول طمأنته:

-       ما تقلقش زمانهم طالعين، أكيد بيحاولوا يضغطوا على أعصابنا.

-       مش متطمن، حاسس أنهم بيدبروا لحاجة.

 

بتلك اللحظة طل عليهم والد شهاب بطلته المعتادة غير التي ادَّعى إياها بالمقابلة السابقة، جلس بكبر واعتلى قسمات وجهه بسمة ظافرة وبنبرة صلفة متغطرسة أخبرهم:

-       شهاب سافر والبنت بالتأكيد معاه، كنتم فاكرين، أنها ممكن تاخد البنت، دي واحدة حَقِيــرة، ما تمشيش غير بيد مِن حديد، تصرفاتها في أخر فترة عك في عك، تحمد ربنا إننا سمحنا لها تشوف البنت لأخر مرة، قبل ما تسافر.

 

انتفض واقفًا وتبعه المحامي الذي استعد ليحول بينهما؛ فهيئة مؤنس تبدو كمن يستعد للانقضاض على خصمه، وهذا قد يضعهما في موقف سيئ كما يعرض وظيفة مؤنس للضرر:

-       ازاي تسافر، الحضانة حاليًا مش من حقه، هو اتجوز من قبل الطلاق، حتى الزواج كان لازم يخطرها به، وأنت المفروض رجل قوات مسلحة بتدافع عن الحقوق، مش تضيعها.

 

تدخل المحامي يحاول الوصول لأي معلومة:

-       اهدي يا سيادة الرائد خلينا نتفاهم، يعني حضرتك يا سيادة اللوا كنت عارف أنهم هيسافروا، ما احنا ممكن نحضر البنت مِن خلال الانتربول، بعد ما الحكم يؤكد الحضانة للأم، وده هيسبب شوشرة لك ولاسمك.

-       وأنت فاكر إن الدولة هتقوم وتكلم الانتربول لتنفيذ حكم وصاية طيف! ريح نفسك يا حضرة المحامي هي أصلًا بترتب للجواز بعد عدتها ما تخلص مِن الأستاذ اللي واقف بمنتهي التبجح ويرفع صوته في بيتي، وبكده الحضانة ترجع لي لأني استحالة أقبل إن حفيدتي تتربي مع جدها التاني ويمشي وراها بالحزام زي ما عمل مع أمها، وفي كل الأحوال استحالة أسمح لها تلوث البنت بقذارتها.

 

فقد كامل قدرته على ضبط النفس، تملكته شياطين العالم حتى احمرت عينيه مِن فرط غَــضَبه، كاد ينقض عليه لولا أن المحامي وقف أمامه كحائط صد وتمسك به بكامل قوته وقدرته، فلن يتردد ذلك الثابت كاسمه والجالس بتَـعَجْرُف يضع ساق فوق أخرى غير آبه بثَــورته عن تقديم شكوى رسمية لقادته وإلحاق الضرر به، رغم كل ذلك لم يستطع وقف جموح كلمات مؤنس: 

-       طيف أشرف منكم كلكم، هي إنسانة وأنتم شياطين، القَـذَارَة هي أفعالكم وحقها هافضل وراه، هارفع بدل القضية عشرة، وكل كلامك ده هتدفع تمنه غالي.

-       حقيقي! متشوق أدفع التمن، الزيارة انتهت يا سادة، شرفتم.

 

بالكاد تمكن المحامي من دفع مؤنس للتحرك، بدا وكأن قدميه ثبتت بالأرض ولا زال جسده متحفز للهجوم، يحدِّج الآخر بنظرات نــارية تُقَابَل بأخرى باردة مستفِـزة.

 

 

يكاد عقله ينفجر من تدافع الأفكار، أنفاسه متصارعة ووجهه محتقن بالدِّمَــاء، أسئلة عديدة تدور برأسه: كيف ستتقبل طيف ما حدث؟ هل ستحمله وزره؟! نكث مجبرًا بأول وعوده لها وأهمَّها، لا يعلم كيف سيخبرها، خذلها لم ينصرها، اتجه إلى طارق وقص له ما حدث وكل مخاوفه، وبعد نقاش لم يطُل اتجها إلى طيف.

 

استقبلتهما توزع نظرها بينهما، تأكدت مِن وقوع حلمها؛ فجلست معهم وحلق صَــمت مؤلم بالمكان جعل أنفاس مؤنس هي المتحدث الوحيد، وتبدلت الأدوار أخفض نظره بخجل لعَجْـزه عن نصرتها وهي تطالعه برجاء أن يخلف ظنِّها، وكلَّما زاد الصَّمْـت وأطبق كلَّما انحنى ظهره وتجلَّت كسرته، تنحنح طارق مجليًا حنجرته محاولًا تجاوز الموقف وإنهائه رفقًا بالجميع:

-       مدام طيف، مؤنس والمحامي عملوا اللي عليهم وأكتر، الفترة اللي فاتت كانوا بيجمعوا الورق والمعلومات اللي تمكنك مِن حضانة البنت، بدأوا بالفعل إجراءات رفع القضية تحسبًا لأي رد فعل من طليقك وأسرته، لكن وللأسف طُرُقهم ملتوية، عيب حقيقي على لواء جيش متقاعد استخدام الأسلوب ده للمراوغة، كانوا مرتبين نفسهم، أجِّل المقابلة لحد ما يسافروا بالبنت، باتصالاتنا هنحاول نعرف وجهتهم ونرفع القضية، لكن حبال المحاكم طويلة، واحب أؤكد لك إن مؤنس حقيقي عمل كل اللي يقدر عليه وأكتر، وأعتقد أنه ألزم نفسه باللي يفوق طاقته بكتير.

 

لم تقاطعه وأخلفت جميع تصوراتهما لدرجة أدهشتهما بشدة، وأثارت قلق وتخوُّف مؤنس عليها حد الهلع، وبمنتهى الهدوء انسحبت ودلفت غرفتها مغلقة بابها، كاد أن يلحق بها للداخل فمنعه طارق، ممسكًا ذراعه:

-       رايح فين؟ 

-       مش شايف عاملة ازاي، قلقان يا طارق قلقان يا أخي

-       اديها وقتها، من حقها تتوجع، دي بنتها اللي سرقوها منها، أنت مش فاهم هي حاسة بإيه دلوقت.

-       عندك حق ما أنا عمري ما كنت أب قبل كدة.

-       أنت متأكد إن ده مش قصدي، وبالرغم من كده فأنت حسيت بفقد الابن بدل المرة أربعة وأنا شاهد على حالتك بكل مرة يوصلك الخبر، يا مؤنس الأم بتشوف ابنها بقلبها، ترتبط به أول ما يتكون بأحشائها، بنتها عدت العشر سنين، متخيل وجعها، غير إن البنت سمعتها كلام صعب زي ما حكيت لي، عشان كده بقول لك سيبها تاخد وقتها وتتمالك نفسها.

 

جلس بإرهاق يخفي وجهه داخل كفيه وسحب نفس عميق، ثم مسح وجهه:

-        قلقان عليها يا طارق هي أضعف من اللي بيحصل لها.

-       أنت مش أرحم بها من ربنا، خليك موقن لو ده أكبر من طاقتها ما كنش ربنا اختبرها فيه، ساعدها أنا مش معترض، بس اديها وقتها الأول.

 

امتثل له عازمًا مهاتفتها والاطمئنان عليها، غادرا وذهب كل لطريقه.

 

جلست على الفراش تحتضن ساقيها تنظر أمامها بتيه وعقلها شارد، ظلت على حالها وقت طويل، كأنَّها تستوعب ما حدث، ثم تهدَّجت أنفاسها ببكاء حَـار، وضعت راحتيها على فمها تكتم صرخاتها، وجدت عقلها يعيد عليها كلمات شهاب: «لمَّا نغلط لازم نتعاقب والعقاب يوجه للجسد أو الروح، عِـقَـاب الجسد يا طيف ينتهي ويندمل، لكن عِـقَـاب الروح بيدوم كتير» عادت بذاكرتها لتلك المرة التي رفعت صوتها عليه، ثارت ولم تهَب عِـقَـابه، فعاقَبها بحرمانها من حلا، وحين ترجته وقف ذلك العِـقَـاب، وجد لها عِـقَـاب آخر مناسب من وجهة نظره، عادت بعقلها تعيش تلك اللحظات الآثمة التي ذبَــحتها وجعلتها خـاضِعة له.

مساء هذا اليوم وبوقت النوم، اطمأنا على استمتاع حلا بنوم هادئ، دلف الغرفة وهي تتبعه، أمرها بالوقوف بمنتصف الغرفة أخذ يدُور حولها ببطء كمحقق محنَّك، يرهبها ويستنزفها معنويًا:

-       بما أنك زهقتِ من العِـقَـاب البدني وما بقاش فارق معاكِ، وطلبتي عِـقَـاب تاني...

-       والله مش قصدي! آسفة.

 

اخرسها بنظرة حادة حارقة:

-       ففكرت لك في عِـقَـاب مُمتاز، يعرفك مقامك بدون جهد مني، لكن هاتفضلي فاكراه طول عمرك، في الدول الأوروبية في بعض الناس اللي شايفة نفسها زيك كده مش عارفة تكون بني آدمين بتختار تعيش حياة الحيوانات، فقررت أخوض التجربة دي معاكِ بالليل تكوني الحيوان بتاعي، بمعنى بمجرد دخولك والباب يتقفل تتحولي لحيوان وتتعاملي معاملته بكل التفاصيل، الصغير منها قبل الكبير، وهدربك اديكِ الأمر تنفذيه، عدم التنفيذ معناه نرجع للعقاب الأصلي وأحرمك من حلا.

 

شحب وجهها وأغمضت عينيها بقــهر، واسترسل هو بتشفي ومَكْــر:

-        الحال ده يستمر أد إيـــه.. أيوه تلت أيام، ومش مسموح بتقصير في البيت والتقصير معناه يوم زيادة ومش محتاجة أقول لك مفيش حلا لحد ما تخلصي العقوبة، قولي لي تحبي اناديكِ باسم أي حيوان.

 

عادت من ذكرياتها وأنفاسها متهدِّجة من معايشة تلك الذِّكريات السَّوداء، تغمض عينها وتطبق عليها لعلها تمحوها من مخيلتها، فهو نفَّذ كل قال، أبدع في إذْلَالِـها وتمعن، كلما فاضت دموعها ضحك بصخب، قهــرها يُرضيه، ذُلِــها يسعده، ثلاثة أيام تفنن بتلقيبها بالأقْــبَح، شعرت حقا كأنَّها كذلك.

 

وبعقل تربى وعاش على فكرة العِـقَـاب، وبلحظة فقدت فيها الأمل، صور لها عقلها ووســوس لها شَيْــطَـانِها بمُعَاقَبَة نفسها كما فعل شهاب، ليعفو عنها ويعيد لها ابنتها، أطالت النَّظر للسَــوْط الذي ما زال بموضعه، حاولت التقاطه عدة مرات وفشلت، تهابه مثلما تهاب شهاب وأكثر، وعندما أدركت عجزها عن إيذاء نفسها بدنيًا، حدَّثها شَيطــانِها بتحــقِير نفسها بعِقَــابه الأخير؛ فوقفت بقلب الغرفة وعاملت نفسها كما فعل شهاب حينها، يتردد بعقلها كلماته ووصفه لها، تفعل بنفسها كل ما فعله بها، شعرت وكأنَّه يدور حولها، يسخر منها، يلقبها بالأبشع، ظلَّت هكذا حتى خارت قوتها وسقطت أرضًا.

 

باليوم التالي فتحت مقلتيها، تشعر بإنهاك جَسَــدها تنظر لحالتها المُـزْرِيَـة وملابسها الملقاة جانبها، أعاد عليها عقلها ذكريات الأمس القريب والبعيد؛ فلم ترحمه وأعادت فعلها، وقفت حتى ثــار جَسَــدها عليها فسقطت بمحلها تبكي، وحين انتبهت انتفضت واقفة، حتى سقطت مغشي عليها، وبإصرار واصلت تعذيب نفسها حتى دخلت في إغماء لم تفق منه.

 

اتصل بها مرات عديدة بأوقات متفرقة ولم يمل، توقع أن تتجاهله، لكن طال أمد التجاهل يعلم أنهم أعدو فعلهم سلفًا سواء ظهر في الصورة أو لا، لكن يبدو أنها تحمله وحده إثمهم، هناك هاجس لا يفارقه استبعده بالبداية عن ذهنه ثم عاد يلح عليه، ترك لها الوقت لتبدأ مداواة نفسها ثم سيساعدها ويمد لها يد الغوث، وقلب العاشق المُتيَّم يخبره أنها فقدت صبرها وقد تقدم على خطوة حمقاء قد تفقد بها حياتها وتقع بإثم أبدي، ارتَــعد قلبه وانتفض من موضعه يسبقه إليها، لام نفسه فكيف تركها لأربعة أيام كاملة لا تجيبه ومنعزلة عن العالم!!! كيف طاوعه قلبه؟! لا مزيد من التردد تحرك إلى بيتها مسرعًا، يسابق دقات الساعة، هاتف طارق يخبره بقدومه ولربما احتاج مؤازرة زوجته لطيف.

 

وقف ببابها يطرقه بكل ما أوتي من قوة، تذكر نسخة المفتاح التي يحتفظ بها منذ مُهاجمة والدها، فتح وانطلق لغرفتها ضربته الصَّـدمة حجبت عقله وأوقفت تفكيره لثولنٍ شحيحة، وما لبس أن عاد لصوابه فأزاح وجهه عنها، وصرخ يمنع زوجة صديقه من الدخول، أسوأ موقف وضع به على الإطلاق، رفعها عن الأرض ووضعها بالفراش وتحاشا أن يقع بصره عليها وكاد أن يتعثر بها، أخرج غطاء مِن الخزانة سترها به وتأكد من تغطيتها بالكامل، خرج إليهما ودلفت زوجة طارق حاولت إفاقتها دون جدوى فألبستها وأسرع مؤنس بها للمشفى.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1