رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الرابع و الثلاثون بقلم جميلة القحطانى
، ومن همسات الجارات اللواتي يختصرن المجهود بكلمة: "جابت كام؟"
كل صباح، تخرج لتسير حول الحي في محاولة لتنفيس القلق، تراقب الأطفال، المارة، وحتى الغيوم... ذات صباح جلست على مقعد في الحديقة الصغيرة، بجانب فتاة تبدو جديدة على الحي، صامتة، غامضة، ترتدي وشاحًا داكنًا وتحدق في دفتر صغير.
إنتي جديدة هنا؟، سألتها سما.
رفعت الفتاة عينيها، ابتسمت بخفة وقالت: "ثممكن تقولي كدا... أنا اسمي ريما.
بدأت صداقة غير متوقعة بين الفتاتين. ريما لم تسأل سما عن نتيجتها، ولم تهتم بأرقامها، بل كانت تحادثها عن الكتب، عن الأماكن التي تتمنى زيارتها، وعن الحرية من التوقعات. كانت تمثل عالمًا غريبًا وجديدًا على سما، عالم لا يُقاس بالدرجات.
لكن سرعان ما تغيّر كل شيء...
في مساء أحد الأيام، ضجّ الحي بصراخ الأم المذعورة: ابنها الصغير اختفى. طفل في الرابعة، كان يلعب أمام البيت، واختفى فجأة. الشرطة حضرت، الجيران تجمّعوا، والخوف انتشر. الجميع اتّهم الجميع، وبدأت الشكوك.
سما، رغم قلقها من النتيجة التي ستُعلن غدًا، لم تستطع التوقف عن التفكير في الطفل المختفي... وفي ريما، التي لم تظهر منذ يومين. تساءلت: من هي ريما فعلًا؟ ولماذا لا أحد يعرف عنها شيئًا؟
النتائج، الطفل المختطف، الصديقة الغامضة... كل ذلك يختلط داخلها كدوّامة.
استيقظت سما في اليوم التالي على صوت رسائل لا يتوقف.
الهاتف يمتلئ بعبارات من نوع:ظهرت النتيجة!
كم جبتِ؟
شوفي رابط المدرسة!
أمسكت الهاتف بيد مرتجفة. قلبها يدقّ كأنها تنتظر حكمًا.
فتحت الرابط، بحثت عن اسمها، وحين رأته... توقفت.
الرقم كان جيدًا، بل ممتازًا. لكنها شعرت بفراغ.
لا فرح، لا ابتسامة، فقط نظرة ثابتة إلى السقف.
همّت بالنهوض، لكن وجه ريما قفز إلى عقلها.
أين اختفت؟ لماذا لم ترد على رسائلها منذ اختفاء الطفل؟
حاولت تجاهل الأمر، لكن فضولها دفعها إلى فعل ما لم تتوقعه:
ذهبت إلى الحديقة، وجلست في نفس المقعد الذي جمعها بريما.
انتظرت. لا أحد.
اقترب منها حارس الحديقة العجوز وهمس:بِتدوّرِي على البنت اللي كانت معاكِ؟
نظرت له باندهاش: أيوه... تعرفها؟
قال بصوت خافت:هي مش من هنا... جات من أسبوعين. كانت بتسأل على بيت قديم قريب من هنا. وقالتلي: محدش يعرف إني هنا.
شعرت سما بقشعريرة، فطلبت منه وصف البيت.
سارت عبر الأزقة حتى وصلت إلى منزل مهجور، يبدو
