رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل السادس و الثلاثون بقلم جميلة القحطانى
إيدك.
تجاهل راكان السخرية، وصوته خرج هادئًا… لكنه مشحون:فين سهير؟
ضحك فهد وهو ينقر بإصبعه على الطاولة:سهير؟! مراتي؟ اللي اتجوزتها رسمي؟ عايزها ليه؟ دا حتى القانون معايا.
اقترب راكان أكثر، عيناه تلمعان بالغضب:مراتك؟! ولا أسيرتك؟ بتسمي دا جواز؟ إجبار، تهديد، تعنيف؟ أنت مش راجل… أنت مجرد جبان بيتغذى على خوف البنات.
فهد نهض بعنف، الكرسي اصطدم بالأرض خلفه:احترم نفسك… قبل ما أنسى مين أنا!
لكن راكان لم يتراجع:أنا احترمت نفسي يوم ما قررت أحميها منك، ويوم ما حاولت أرجع لها كرامتها اللي سرقتها.
سادت لحظة صمت مشحونة… ثم:
فهد بصوت خافت وبارد:لو قربت منها… هتندم. دي بتاعتي، غصب عنك وعنها.
اقترب راكان حتى أصبح بينهما شبر:هتندم إنت… لأن في يوم، هتلقى نفسك لوحدك… والناس اللي زيك بيطيحوا لوحدهم.
وانصرف، يترك فهد يغلي من الداخل، وكأنه أشعل فتيل حرب لا رجعة فيها.
منذ المواجهة في المقهى، لم تهدأ نيران فهد. لم يعد يثق بالهدوء من حوله، وبدأ يشك أن راكان ما زال على تواصل مع سهير.
اشترى هاتفًا جديدًا، عيّن رجلين لمراقبة تحركات راكان، وأصبح يقضي لياليه يتتبع كل صغيرة وكبيرة.
في أحد الأيام، رآه يدخل صيدلية ثم يخرج ويحمل كيس دواء، ثم يتجه إلى أطراف الحي، إلى مكان شبه مهجور فيه مبنى صغير مهترئ.
فهد ابتسم بخبث.
لقيتك يا ابن....
انتظر حتى المساء، ثم نزل بنفسه متخفيًا، يرتدي قبعة ومعطفًا قاتمًا. سار خلف راكان بهدوء، بخطوات مدروسة، يختبئ بين السيارات، يراقب بتركيز كل حركة.
وصل راكان إلى المبنى، قرع الباب ثلاث مرات بنمط معين، ثم دخل.
الساعة كانت تشير إلى العاشرة والنصف مساءً.
فهد انتظر، أخرج هاتفه، صوّر المدخل، أرسل الموقع لرجل معه، ووقف يراقب المكان كذئب يتحين لحظة الانقضاض.
مرت خمس عشرة دقيقة، ثم خرج راكان… وحده.
ولكن في لحظة خاطفة، لمح فهد من النافذة العليا ظلًا يتحرك داخل الغرفة، خيال امرأة بشعر طويل ومظهر منهك.
فهد جزم في نفسه: سهير هنا.
عيناه اشتعلتا غضبًا. لم يعد هناك مجال للتفاوض.
اتجه للباب الخلفي، تسلل بهدوء كصقر ليلي. كان معه نسخة من مفك البراغي، ودخل المبنى بحذر، يتحرك على أطراف أصابعه.
في الطابق العلوي، سمع صوت خطوات خفيفة وهمسات.
فتح باب الغرفة فجأة...
سهير كانت تقف أمام النافذة، وصرخت من الرعب عندما رأته.
لكنه لم يتحرك نحوها.
