رواية هو لا يحب النساء وانا إمرأة الفصل الثامن و الثلاثون بقلم جميلة القحطانى
_
عم جمال قال:الواد ده لو اتوظف في المخابرات ما كانش عمل أكتر من كده!
سارة حاولت تشتكي، لكن حسن كان دايمًا يقول:أنا بسأل من باب الاطمئنان، الحارة كلها عيلة واحدة!
يوم من الأيام، طفح الكيل.
قرر الشباب يعملوا فيه مقلب كبير… خلوه يفتكر إن الشرطة بتراقبه عشان بيزعج الجيران.
جابوا له جواب مزيف، حطوا كاميرات وهمية، وكل ما يسأل حد يقوله: أحسنلك تبعد، الحكومة ليها عين في كل حته.
بدأ حسن يخاف، يتراجع، يبعد، ويتنقل من شخص للتاني بخوف… وأخيرًا بدأ يستوعب إن اللي بيعمله مش حب ولا فضول، ده تطفّل وازعاج.
حسن بدأ يحس بالخطر.
بقى ماشي وراسه في الأرض.
بطّل يسأل.
حتى أنه في يوم شاف سارة ومرحبش…
أول مرة تحصل!
بعد أسبوع، اختفى حسن من الحارة.
قالوا إنه سافر عند خاله، وقال لبعض الناس إنه حاسس إن في ناس بتراقبه وعاوز يبدأ حياة جديدة بعيد عن العيون.
ضحكوا، لكن سارة قالت:أنا مش عايزاه يخاف… بس عايزاه يفهم إن كل إنسان له مساحته. خصوصيتي مش موضوع للنقاش.
حسن نشأ في بيت مليء بالفوضى.
أب غائب معظم الوقت، وأم مشغولة بلقمة العيش.
لم يتعلم كيف يكوّن علاقات صحية، فظنّ أن الاقتراب المفرط هو نوع من الحب.
حين كان صغيرًا، لم يكن أحد يهتم أين يذهب، أو من يصادق.
فقرر أن يعكس الأمر، ويهتم بكل تفصيلة عن غيره، وكأنه يقول للعالم:أنا هنا… شوفوني… خُدوا بالكم مني.
? صفاته: لا يحب الأذى أبدًا، لكنه لا يعرف حدوده.
يخاف الوحدة، ويفضل أن يُرفض على أن يُنسى.
سريع التعلّق، ويظن أن مراقبة الناس = مشاركة حياتهم.
يشعر دائمًا بأنه غير كافٍ… فيحاول التعويض بالمراقبة.
بعد اختفاءه عن الحارة، وعزله في بيت خاله، مرّت عليه أيام من الصمت.
وبينما كان ينظر من شباك صغير، شاف نفس المشهد اللي كان بيحبه زمان:ناس بتضحك… واحدة بتحمل شنطة… طفل بيجري ورا كورة.
لكن لأول مرة، ما عرفش أسماءهم، ولا تفاصيلهم.
وحسّ لأول مرة بالفراغ الحقيقي اللي جواه.
مش فراغ معلومات…
فراغ مشاعر.
فأخذ ورقة وكتب:يمكن ما كنتش فاهم الناس، بس أكيد دلوقتي عرفت إني محتاج أفهم نفسي الأول.
وبدأ يتعلم.
دخل كورس على اليوتيوب عن "الذكاء العاطفي".
وبعدها، بدأ يدوّن كل مرة شعر فيها بالحاجة للسيطرة أو المراقبة… ويفكر: ليه؟
رجع الحارة بعد شهرين…
هادئ، مبتسم، ماشي على مهله.
بيسلم على الناس… لكن من غير أسئلة.
بيقف عند .