رواية اوار ( جنية الظلام ) الفصل الثالث 3 بقلم ندى محمود توفيق


 رواية اوار ( جنية الظلام ) الفصل الثالث بقلم ندى محمود توفيق


رفع ذراعه عن عينيه عندما أحس باهتزاز الأرض من تحته وسمع اصوات غريبة تشبه فتح بوابة لشيء ما، حاول النظر بين كل هذه الأتربة ورؤية ما الذي يحدث فرأي سلالم تنزل للأسفل تقود إلى بوابة مقبرة فرعونية، فغر شفتيه وعينيه بذهول وعدم استيعاب لما يراه أمام عينيه، حاول النظر خلفه لينظر لمن يعمل معهم فلم يرى شئ، التفت مجددًا إلى تلك المقبرة ونظر إليها بخوف بسيط وعدم ارتياح لكن حب الاستكشاف الذي لديه دفعه للدخول ومعرفة ما الذي تحتويه تلك المقبرة، قاد خطواته ببطء ينزل السلالم درجة درجة حتى وصل إلى البوابة التي كان يقف على جانبيها حارسين من الثماثيل الفرعونية، ضيق عينيه باستغراب أنها المرة الأولى التي يرى فيها مقبرة يقف على بابها تماثيل من الحراس، أخذ نفسًا عميقًا ووضع يده على أنفه قبل أن يخطو اولى خطواته إلى داخل المقبرة التي فور دخوله أغلق الباب عليه فالتفت خلفه مندهشًا وراح يتلفت حوله بزعر.
أما بالخارج فقد توقفت تلك العاصفة فور دخوله المقبرة واختفائها به، كان الجميع يسعل بقوة من رائحة الرمال والأتربة وعند ظهور النور والشمس مجددًا التفتت راندا حولها واستقرت عيناها على مكان فارس الذي رأته فيه آخر مرة فلم تجده، جحظت عيناها بصدمة وراحت تهتف بهلع:
_عز.. فارس فين كان واقف هناك أنا شفته قبل ما العاصفة تقوم
راح ينظر عز يتلفت حوله بحثًا عن صديقه ورغم القلق الذي تملكه إلا أنه حاول احتواء الموقف بذكاء حتى لا يزداد ارتيعادهم عليه وقال:
_يمكن استخبى ورا حاجة لغاية ما تخلص العاصفة هيكون راح فين يعني هيرجع دلوقتي استنى
نظرت له راندا وقالت بعصبية:
_أنت شايف في حاجة حوالينا يستخبي وراها احنا في صحراء بعدين ده اختفى فجأة
انفعل هو أيضًا عليها وكان واضح عليه ارتباكه لكنه يحاول الثبات أمامهم:
_هو ايه اللي اختفى فجأة هو احنا قاعدين فين أهدى يا راندا مالك!!
لم تهدأ بل بالعكس اهتياجها زاد أكثر وهتفت بشراسة:
_قولتلك اروح وراه أنت اللي منعتني
حدقها بنظرة نارية وهتف في صوت رجولي مرعب:
_وتروحي وراه ليه وبصفتك إيه أصلًا!
هتف أحد الزملاء من المنقبين معهم هاتفًا برزانة محاولًا تلطيف الأجواء المشحونة بالتوتر والغضب بينهم:
_اهدى ياراندا أنتي وعز خلاص أن شاء الله خير تعالوا نتفرق وندور عليه
كانت فكرة جيدة بالنسبة لهم ونفذوها فورًا حيث كل اثنين منهم تحرك في اتجاه مختلف يبحث عنه بين تلك الأعمدة والجدران الأثرية.
***
داخل المقبرة وقف فارس بأرضه دون حركة يتلفت حوله ويتفحص اجزاء المقبرة وسقفها المزخرف بنقوش غريبة بعضها فرعوني والآخر رموز لم يفهمها ولم يدرسها، كانت تحتوي على كنوز دسمة من الذهب والتماثيل الفرعونية والنقوش الفرعونية على الحوائط الأربعة وبمنتصف المقبرة كان يوجد تابوت الملك، فبدأ فارس يتحرك بخطواته الواثقة رغم القلق الذي في وجدانه وكان يلمس تلك الجدران والنقوش بأصابعه ليفحصها ويفك رموزها بعيناه ويقرأها فقد كانت كلها رموز فرعونية تتحدث عن الآلة وذلك الملك الفرعوني الراقد في تابوته، لكن توقفت يداه عند اسم الملك وهو يقرأه بتعجب فخلال دراسته وخبرته في مجال الآثار لم يصادف اسم ملك بهذا الاسم قط.. يقرأه لأول مرة في حياته الآن، حتى أن الذهب والتماثيل كان شكلها مختلف قليلًا عن تلك الكنوز التي يستخرجوها من المقابر.
بعد أن انتهى من فك رموز النقوش التي على الحوائط الأربعة اقترب من تابوت الملك وانحنى عليه يحاول قراءة ما كتب عليه لكن الرموز كانت نفسها التي دونت على السقف ليست فرعونية بل رموز غريبة ويبدو بعضها مرعب، وهنا تحدثت حاسته السادسة وأخبرته بأنه دخل مكان لا ينبغى عليه دخوله أبدًا وربما لن يخرج منه حيًا.. فما يراه أمامه أشبه برموز السحر، هب واقفًا واتجه إلى الباب مسرعًا يبحث عن مخرج أو طريقة يفتح بها ذلك الباب لكن توقف عن المحاولة عندما سمع صوت تدحرج زجاجة في الأرض خلفه ووقفت أسفل قدميه، فالتفت برأسه إليها ثم انحنى والتقطها فوجد داخلها مخطوطة صغيرة أشبه ببريدة فرعونية ملفوفة داخل الزجاجة، مد يده داخل الزجاجة ليخرج البردية علها تساعده في إيجاد المخرج، لكنها لم تكن المخرج بل كانت الجحيم الذي انطلق من العدم، بمجرد ما أن أصبحت البردية بين يديه اهتزت المقبرة كلها به وكأن زلزال مدمر اجتاحها وصط سمعه صوت ضحكات أنثوية مرعبة من الخلف، نظر لتلك البردية التي بيده ثم وضعها بجيب بنطاله وأخذ نفسًا عميقًا ثم التفت خلفه وهو مدركًا أن ربما ما سيراه لن يسره أبدًا، وما لبث أن التفت حتى انفجر في وجهه صراخ شيء مرعب لا يعرف هويته أو جنسه.. وليكون هذا هو آخر شيء تبصره عينيه التي أغلقت مع فقدانه لوعيه.
فتح عيناه ببطء والرؤية أمام عينيه مازالت مشوشة فرفع كفه ووضعه على رأسه متأوهًا بألم، وتدريجيًا بدأت الرؤية تتضح أمامه فكان أول شيء تبصره عيناه هو السماء المظلمة فوقه والنجوم اللامعة التي تزينها، شعر بملمس الرمال تحته فاستقام جالسًا لتجحظ عيناه بصدمة عندما وجد نفسه في الظلام الدامس في صحراء جرداء لا يوجد بها أي إنسان سواه ولا يسمع سوى صوت الذئاب والكلاب، فالتفت حوله بزعر بحثًا عن أثر لمنطقة عمله الذي كان يعمل بها لكن كل شيء اختفى، رفع يده على رأسه وأخذ يمسح على شعره ورأسه وهو فاغر شفتيه وعينيه بعدم استيعاب لما يحدث معه، من فرط غضبه واضطرابه كان يضغط على رأسه ويشد خصلات شعره بغيظ، لكن هدأت ثورته عندما تذكر تلك البردية التي وضعها في جيبه فراح يدس يده في جيبه بلهفة بحثًا عنها حتى وجدها وعندما اخرجها ابتسم بارتياح بسيط وراح يفتحها ظنًا منه أنه سيجد بها شيء يساعده لكنه لم يجد بها سوى بعض النقوش الفرعونية تشبه التي كانت مرسومة على الحوائط، صرّ على أسنانه ولا إراديًا أخذ لسانه يلطق السباب والألفاظ النابعة من أنفعاله صائحًا:
_أنا حتى مش عارف أنا فين!!
اخذ يدور حول نفسه محاولًا إيجاد طريق يمكنه السير منه عله يصل لأي شيء أو شخص يساعده على الخروج من تلك الصحراء لكن الاتجاهات الأربعة حوله لا يرى فيهم شئ سوى الظلام والرمال التي على مرمى البصر وأصوات الذئاب التي لا تتوقف، رفع رأسه للسماء ينظر لضوء القمر المحجوب بفعل الغيوم الكثيفة فتنهد بيأس ثم دس يده في جيبه بنطاله يخرج هاتفه لكن وجد بطاريته فارغة.
فجأة تصلب بأرضه عندما سمع خلفه صوت عواء ذئب اخترق أذنيه بلا هوادة، فتسارعت نبضات قلبه لا إراديًا لكنه تحلى بشجاعته ووقف شامخًا ثم التفت بهدوء للخلف، ليرى أمامه ذئب ضخم اسود اللون ينظر له بشر وفي عينيه الحمراء كالدماء ابتسامة شيطانية، نظرته كانت تشبه نظرات بشرية ليست حيوانية التي من المفترض أنها مندفعة بفطرتها في الفتك والانقضاض على فريستها، ومن الواضح أن هدفه لم يكن افتراسه فعينيه الحمراء التي أكدت له أنه ليس ذئب طبيعي كانت تنظر له وكأنها تخبره أنه حوله ولن يتركه.
رفع الذئب رأسه للسماء وأطلق عوائه المخيف ثم عاد وظل ينظر لفارس بنفس النظرات، أخذ فارس نفسًا عميقًا وقرر أن يوليه ظهره ويكمل سيره دون أن يلتفت له ليتأكد من شكوكه التي تنخر عقله، فالتفت وسار مسافة خمس خطوات ثم توقف وبعد ثلاث ثواني التفت برأسه للخلف ينظر له ليتأكد هل مازال واقفًا أم لا فلم يجده.. دار برأسه في اتجاهات الصحراء الأربعة حوله يبحث عنه لكن لا أثر له، ظهر من العدم واختفى كذلك، عاد يلتفت برأسه لطريقه أمامه لكي يكمل سيره ويخرج من تلك الصحراء التي من الواضح أنها ممتلئة بالأشباح، لكن بمجرد التفاته أمامه فزع وارتد للخلف لا إراديًا عندما وجد الذئب يقف أمامه.
جحظت عيني فارس عندما وجد الذئب يفتح فمه ويخرج منه صوت يتحدث معه كالبشر ويقول بنبرة مرعبة:
_لا تبحث عني يا فارس، أنا سألازمك طوال الوقت
كانت الصدمة قد لجمت لسانه من هول الموقف وما يراه أمامه حتى أن الخوف قد تبخر هو فقط يحاول إيجاد تفسير لما يحدث وكيف الذئب يتحدث معه، بل السؤال الأهم كيف سيلازمه دومًا؟!.
اخرج الذئب آخر كلماته متمتمًا:
_احذر قد يأتيك الخطر من العدم!
ثم اختفى من أمامه بلمح البصر فأخذ فارس يتلفت حوله كالمجنون يبحث عنه، مازال عقله لا يستوعب ما تراه عينيه وما سمعته أذنيه للتو، فلقد تحدث إليه ذئب ثم اختفى من أمامه، بقى متسمرًا بأرضه للحظات حتى فاق من صدمته وكان أول أمر يتلقاه من عقله هو الركض لينقذ روحه من خطر المجهول الذي لا يفهمه، استمر في الركض وسط رمال الصحراء القاسية وهو لا يدري في أي اتجاه يسير وإلى أين تأخذه قدميه، لكنه أدرك جيدًا أن بقائه في تلك الصحراء أكثر من هذا قد يفقده حياته.
استمر بالركض لمسافة طويلة ثم توقف وانحنى للأمام مستندًا بكفه على ركبتيه وهو يلهث ويلتقط أنفاسه المتسارعة، ثم رفع رأسه والتفت حوله ينظر إلى أين وصل لربما وصل لطريق عمومي تمر منه السيارات أو حتى إلى مكان به أي شكل من أشكال الحياة البشرية، لكن مازال الظلام الدامس يحفه من الجهات الأربعة ولا يرى سوى رمال الصحراء القاسية، حاول التقاط أنفاسه واستجماع قوة جسده الهزيلة بسبب حالته الصحية، حتى أن اللآمه وجروح صدره بدأت تشتد عليه وتنزف، تحامل ووقف على قدميه وأكمل ركضه لكن بسرعة ابطأ من السابق حتى توقف فجأة وهو لا يقوى على الوقوف أو التقاط أنفاسه وبدأ مداره من حوله يدور به وعيناها أصبحت الرؤية فيها ضبابية ومشوشة، فاخفض نظره لصدره وجد قميصه الأبيض ملطخ بدماء جروحه المفتوحة، فما هي إلا ثواني معدودة وكان قد فقد توازنه كاملًا وسقط على الرمال فاقدًا وعيه.
***
كانت ليلى بالمنزل بمفردها جالسة على الأريكة أمام شاشة التلفاز المغلقة وعيناها عالقة على ساعة الحائط التي تخطت الساعة الثالثة فجرًا، مزيج من القلق والغضب والغيرة كان مشتعل في صدرها، تحاول الاتصال به منذ آذان العشاء ولكن هاتفه مغلق.. وسؤال واحد كان يستمر عقلها في طرحه ” إلى أين ذهب وتركني منذ أول ليلة؟ “، حتى أن محاولاتها للاتصال بـ ” عز ” أو ” راندا ” باتت بالفشل فكلاهما لا يجيبا على اتصالاتها وكأن العالم اجمعه اقسم على افقادها عقلها هذه الليلة، زوجها متغيب عن المنزل ولا تعرف أين ذهب وتركها وأصدقائه لا يجيبون على اتصالاتها حتى صديقتها المقربة لا تجيب.. ما الذى يحدث!!!.
توقفت وأخذت تجوب الصالة إيابًا وذهابًا وهي تفرك كفيها ببعضهم من فرط الغيظ، رغم سخطها الشديد إلا أنها أيضًا تقلق عليه بشدة مازالت حالته الصحية ليست جيدة، فماذا يفعل كل هذا الوقت خارج المنزل ولماذا هاتفه مغلق؟
هتفت تحدث نفسها بغيرة:
_مهو مش معقول يكون متجوز عليا فعلًا وإلا مكنش هيجبني معاه ويصرّ كمان ويغصبني أني آجي
ثم رفعت كفها برأسها تمسح على شعرها وتقول بضيق وقلق:
_وبعدين بقى طيب هو يقفل تلفونه ليه، ماشي يافارس بس ترجع البيت وحسابي معاك عسير، سايبني وحدي الليل كله في المكان الغريب ده
فقد كان موقع منزلهم بالقرب من الأماكن الأثرية ليكون قريبًا من عمله ولا يستغرق وقت في الوصول إلى عمله، كانت منطقة شبه مهجورة ولا يوجد بها سوى سكان معدودين.
عادت وجلست على الأريكة مجددًا وهي منخرطة في التفكير بأمره، حتى صك سمعها صوت رنين هاتفها فانتفضت واقفة وهرولت نحوه ظنًا منها أنه هو المتصل لكن قرأت اسم “راندا” ينير الشاشة، أجابت فورًا عليها بلهفة هاتفة:
_إيه ياراندا برن عليكي ليا قد إيه مكنتيش بتردي ليه
اجابتها راندا بصوت مريب وهي معلقة نظراتها على عز الجالس بجوارها:
_معلش يا ليلى الشغل كان كتير النهاردة ومعرفتش ارد عليكي، بقولك يا ليلى هو فارس في البيت؟
تجمدت تعبيرات وجهها وقالت بتعجب:
_ازاي يعني هو فارس مش معاكم ولا إيه، انتوا مش لسا في الشغل يا راندا؟!
اتسعت عيني راندا بارتيعاد أكثر عندما فهمت أنه لم يعد للمنزل إلى الآن، كانت تفتح مكبر الصوت ليسمع “عز” بجوارها الذي بمجرد ما سمع رد “ليلى” أشار لـ “راندا” بحدة ينهيها ويحذرها من أن تخبرها بشيء، تنفست راندا الصعداء وحاولت الحفاظ على صوتها هادئًا لتجيب على ليلى بهدوء:
_لا احنا خلصنا شغل ورجعنا البيت بس أنا كنت بتصل بفارس وتلفونه مقفول عشان كدا اتصلت بيكي، متقلقيش هو أكيد مع دكتور أمجد في المكتب عشان كان بيقول أنه في شغل معاه هيخلصه ويرجع البيت
ليلى بشك ملحوظ في نبرة صوتها الحادة:
_شغل إيه اللي للساعة تلاتة ياراندا هو انا مش كنت شغالة برضوا فيه الشغل ده وعارفة كويس أوي أن دكتور أمجد ميقعدش أبدًا للوقت ده في المكتب، أنتي في حاجة مخبياها عني ولا إيه ومال صوتك كدا ؟
تنحنحت راندا بارتباك محاولة اخفاء نبرة صوتها المرتجفة والمرتعدة على فارس واجابتها بإيجاز:
_مليش انا تعبانة بس من الشغل يا ليلى، أنا هقفل بقى ولما يوصل فارس ابقى بلغيه خليه يتصل بيا عشان في كام حاجة تبع الشغل هبلغه بيها
لم تترك فرصة لـ ” ليلى ” حتى تجيب عليها حيث أغلقت الهاتف بسرعة وراحت تنظر في وجه عز بزعر وتهتف:
_شوفت مرجعش أنا قولتلك في حاجة حصلت معاه، الساعة تلاتة ياعز فارس عمره ما يقعد برا البيت للوقت ده
جز على أسنانه مغتاظًا وصاح بها:
_وأنتي ما شاء الله حافظة مواعيد رجوعه بيته يعني، متنرفزنيش يا راندا أنا قلقان اكتر منك عليه
استقامت واقفة وعقدت ذراعيها في خصرها وقالت بقلق:
_طيب هنفضل قاعدين كدا كتير يلا نروح نعمل بلاغ في القسم عن اختفائه
رد عز بنفاذ صبر من قلقها وحركتها المفرطة التي زادت من اضطرابه أكثر على صديقه:
_مفيش بلاغ في القسم غير بعد 48 ساعة، بعدين هنروح نقولهم ايه في القسم كان في عاصفة رملية في الصحراء وهو فص ملح وداب واختفى
عادت وجلست بجواره مجددًا تقول باهتمام وعينان شبه دامعة:
_طيب هنعمل إيه ياعز أنا قلقانة عليه أوي خايفة يكون جراله حاجة
دقق النظر في عيناها الغارقة بالدموع خوفًا على فارس وظهور تلهفها في صوتها، هو ليس أحمق حتى لا يفهم ما يراه أمامه، لكنه تمالك أعصابه وأطلق زفيرًا حارًا وأجاب بهدوء:
_مفيش غير تفسيرين، يا أما هو راح مكان ومش قايل لحد، يا أما بقى الموضوع ده فيه أنَ بجد وفي حاجة حصلتله، وأنا اتمنى أن التفسير الأول يكون هو الصح، بس في كلتا الحالتين مفيش في ايدنا حاجة غير أن نصبر للصبح لو مرجعش لغاية الصبح يبقى سعتها هتصرف
كانت قدمي راندا تهتز بعنف وهي تقرض أظافرها بأسنانها من فرط توترها بينما ” عز ” فزم شفتيه بحنق واستقام واقفًا يقول لها:
_أنا همشي كفاية كدا وأنتي نامي وارتاحي وأن شاء الله بكرا الصبح يكون رجع
لم تجيبه أو حتى تلتفت له فعاد يهتف بلهجة حازمة وصوت أعلى:
_راندا سمعاني أنا بقول إيه!!
ردت بصوت مبحوح دون أن تنظر له:
_سمعاك ياعز سمعاك.. سلام
هز رأسه بقلة حيلة ثم تركها واتجه لباب المنزل لينصرف ويتركها في ارتيعادها الهستيري والغير طبيعي على رجل من المفترض أنه صديق!، وقف عز أمام الباب بعد خروجه ورفع هاتفه ينظر في الساعة التي أوشكت على الرابعة فجرًا وراح يتساءل بقلق حقيقي على صديقه الوحيد:
_روحت فين بس يافارس، ربنا يستر وتكون بخير
***
بتمام الساعة السابعة صباحًا كانت شمس الصحراء ساطعة بأشعتها الحارة، فتح فارس عيناه ببطء فأحرقته الأشعة الحارة واغلق عيناه مجددًا ثم رفع يده يحجب الأشعة عن عينيه ليستطيع الرؤية ثم حاول الجلوس وهو يتأوه بألم، وبمجرد ما فتح عينيه بوضوح والتفت حوله يبصر المكان من حوله الذي من المفترض أنه صحراء جرداء لا يعرف اتجاهاتها الأربعة من اتساعها وكبرها، لكن ما رآه جعله يهب واقفًا بفزع رغم اللآمه عندما وجد نفسه قد عاد لمنطقة عمله التي بدأ عندها كل شيء بالأمس، ووجد نفسه واقفًا بنفس المكان الذي فتحت فيه المقبرة لكن لا يوجد أي أثر لأي مقبرة وكأنها سراب اختفى، أخذ يتلفت حوله كالمجنون وهو لا يفهم شيء مما يحدث معه، أين كان ليلة أمس وكيف عاد إلى هنا مجددًا، رفع يده ومسح على شعره وهو يشعر أنه سيفقد عقله وسيصبح متجولًا في الشوارع كالمجانين، التقطت عيناه سيارته تقف بنفس المكان الذي تركها به ليلة أمس فحمد ربه أن على الأقل سيارته موجودة ليستطيع العودة للمنزل، سار نحوها بخطوات متعثرة وبطيئة وهو يتأوه من اللآم المميتة التي تجتاح صدره وذراعه المكسور، وقف أمام باب السيارة ودس يده في جيبه بنطاله ليخرج مفاتيح السيارة ثم استقل بمقعده وانطلق بسيارته متجهًا لمنزله، وهو يحاول بقدر الإمكان توازن حركة يده على مقود السيارة حتى لا يفقد زمام القيادة ويتعرض لحادث جديد، حتى أن رؤيته كانت مشوشة من فرط تعبه بسبب النزيف الذي تعرض له وكذلك عطشه وعدم أكله لأي شيء منذ الأمس.
توقف أخيرًا بالسيارة أمام منزله ونزل منها ببطء ثم قاد خطواته البطيئة لداخل حديقة المنزل الصغيرة متجهًا للباب، ووقف أمام الباب يطرق بإيدي هزيلة لا تقوي على الطرق حتى.
وثبت ليلى جالسة بفزع مستيقظة من نومها على صوت ذلك الطرق فقد نامت مكانها على الأريكة ليلة أمس وهي تنتظره، هبت واقفة واسرعت للباب لكي تفتح له وهي تتوعد له أن هذه المرة سيكون شجارهم ليس عادي، فتحت الباب متحفزة بملامح وجه متقوسة بغضب لكن سرعان ما اختفى كل هذا وحل محله الصدمة عندما رأت حالته المزرية أمامها وهو لا يقوي على الوقوف وملابسه كلها متسخة بالأتربة وقميصه ملطخ بالدماء، شهقت بهلع واسرعت إليه تسنده قبل أن يسقط وهي تنظر له بزعر وخوف شديد تسأله بعدم استيعاب:
_فارس إيه اللي عمل فيك كدا.. كنت فين؟
لم يكن يستطيع حتى الرد عليها، فدخلت هي بين ذراعيه ولفت ذراعها حول خصرها وبالذراع الآخر كانت ممسكة بذراعه الذي يضعه فوق كتفها يسند عليها وسارت معه للداخل ببطء حتى وصلا للأريكة فأجلسته عليها ببطء ثم وضعت كفها أسفل رقبته والكف الآخر خلف ظهره وساعدته على النوم بحرص شديد، ثم جلست على الأرض بجوار الأريكة ورأسه مباشرة ثم مدت يدها تمسح عن وجهه الأتربة وتسأله بعينان دامعة من فرط ارتيعادها عليه:
_فارس رد عليا أنت كويس.. اتصل بالأسعاف طيب
خرج صوته ضعيفًا بالكاد سمعته وهو مغلق عينيه:
_مايه يا ليلى عطشان
استقامت واقفة فورًا وهرولت للمطبخ شبه ركضًا لتجلب له الماء ثم عادت وبيدها كأس ممتلئ بالماء وباليد الأخرى زجاجة ممتلئة، وضعت الزجاجة على الأرض بجوارها ثم ساعدته في رفع رأسه واسقته هي المياه، كان يشرب بشراهة لدرجة أنه شرب زجاجة الماء كلها، ثم عاد وألقى برأسه على الأريكة مجددًا، راحت هي تتحسس حرارة جسده فوجدتها مرتفعة جدًا وراحت تفتح ازرار قميصه لترى وضع جروحه فوجدتها ملتهبة وحمراء والدماء تملأ صدره، فقالت بهلع:
_لا أنا هتصل بالأسعاف.. جروحك ملتهبة وحرارتك عالية
استقامت واقفة تنوي الذهاب لهاتفها لكي تتصل بالأسعاف لكنه قبض على رسغها بضعف يوقفها وقد فتح عينيه أخيرًا وقال بصوت خافت:
_هبقى كويس متتصليش بالأسعاف، ساعدني بس اطلع الأوضة عشان اغير هدومي واخد دش وبعدين طهريلي الجروح دي ونضفيها
جلست على الأرض مجددًا بجواره وهتفت بغضب نابع من قلقها وقد بدأت عيناها تذرف الدموع:
_ومتصلش ليه أنت مين اللي عمل فيك كدا فهمني!
مد يده لوجهها يمسح دموعها ويتمتم بنظرة حانية:
_يا ليلى اسمعي الكلام ابوس ايدك واعملي زي ما بقولك متتعبنيش أنا مش قادر اتكلم، بعدين بتعيطي ليه أنا كويس قولتلك
ابتسمت بمرارة وسط دموعها وقالت ساخرة من رده:
_كويس إزاي وأنت بالمنظر ده، أنت مش شايف اللي أنا شيفاه
حاول النهوض جالسًا وراح يمزح وهو يبتسم بتعب:
_أنتي بس عامل فيكي كدا شكلي المتمرمط في التراب، لما استحمى وانضف هتهدي
قالت بنفاذ صبر وقلة حيلة منه:
_هو ده وقت هزار يعني يافارس
نظر لها بتعب حقيقي وقال بصوت خافت:
_لا مش وقته ممكن بقى تساعديني اطلع الأوضة عشان أنا تعبان فوق ما تتخيلي ومش شايف قدامي ومحتاج ارتاح
هزت رأسها بالموافقة ثم استقامت واقفة ودخلت بين ذراعيه كما فعلت للتو وسارت معه بحرص لغرفته بالأعلى وهي تسنده، حتى دخلوا الغرفة ولم تتركه حتى في الحمام بل دخلت معه لتساعده في الاستحمام فقد خافت عليه أن يسقط من شدة تعبه، خرجوا بعد دقائق طويلة نسبيًا وكان هو عاري الصدر وجروحه منظرها بقشر البدن من شدة التهابها، استلقى على السرير وجلست بجواره وراحت تعقم تلك الجروح وتطهرها له وسط تأوهاته المكتومة من الألم، ثم اغلقتها وغطتها بالغطاء الطبي وساعدته في ارتداء قميص قطني خفيف، ثم أعطته مسكن للألم وخافض للحرارة ودثرته بالغطاء وتركته لكي ينام ويرتاح.
لم يلبث دقيقتين حتى وجدته غط في ثبات عميق فبقت هي بجواره تتأمل ملامحه الذابلة والمتعبة، وتتساءل في قرارة نفسها ما الذي حدث معه، وصوت داخلي يحدثها أن هناك أمر خطير حدث فملامحه ليست كما اعتادت أن تراها حتى بعد الحادث لم تراه بهذه الحالة المزرية، مدت يدها لشعرها تمسح عليه برقة وتغلغل أصابعها بين خصلاته وهي تحدقه بأسى وخوف عليه، ثم انحنت وطبعت قبلة دافئة فوق جبهته لتبتعد بعدها عنه وتتركه وتغادر الغرفة بأكملها.
***
بعد ساعات طويلة بتمام الساعة الثالثة عصرًا، اتجهت ليلى لغرفة فارس لتطمئن عليه فهو منذ عودته نائم في فراشه لم يستيقظ، وصلت للغرفة وفتحت الباب ببطء شديد ثم دخلت وما أن سقطت عيناها عليه ابتسمت برقة وقالت له بعدما وجدته مستيقظ:
_كويس أنك صحيت أنا كنت جاية اصحيك عشان تتغدى وتاخد العلاج
هز رأسه بالرفض وهمس في حنق:
_لا مليش نفس ياليلى هاخد العلاج على كدا، وكمان عز جاي دلوقتي زمانه على وصول هتكلم معاه في حاجة مهمة
ظلت بأرضها ثابتة تحدق به بعدم ارتياح ثم تقدمت إليه وجلست بجواره تسأله بشك واهتمام:
_طيب سيبك من الأكل مش هتكلم فيه دلوقتي، ممكن بقى الأول تفهمني إيه اللي حصل معاك وكنت فين؟
رفع يده ومسح على وجهه وهو يزفر بضيق متذكرًا الأحداث المرعبة والغريبة التي تعرض لها ليلة أمس، ثم نظر في عيني زوجته بتفكير عميق، كم يود أن يشاركها ويسرد لها لكنها ستصر على أن ترافقه وتذهب معه لذلك المكان أن عرفت أي شيء وهو لا يستطيع أن يعرضها للخطر أو يخسرها، سيخفي عنها ما حدث معه حتى يجد تفسيرًا منطقيًا لهذه المقبرة.
أجابها فارس بثبات تام ونبرة صوت هادئة:
_ولا حاجة قامت عاصفة رملية في الصحراء شديدة وأنا كنت بعيد عنهم وتعبت جدًا فاغمى عليا ومفقتش غير الصبح
كانت تستمع لحكايته السخيفة التي يسردها عليها، والمتوقع منها أن تصدقه كطفلة صغيرة يلهيها والدها عن لعبتها المفضلة، ابتسمت له باستهزاء وقالت:
_فارس متستخفش بعقلي أنا مش عبيطة، عاصفة إيه اللي قامت ما أنا قاعدة هنا في البيت ومحستش بحاجة وأعتقد أن البيت مش بعيد أوي من منطقة الشغل اللي بتنقبوا فيها، وبعدين عاصفة إيه اللي تخليك يغمى عليك وجروحك تتفتح كدا
اخذ نفسًا عميقًا محاولًا تمالك انفعالاته ثم رمقها بحدة وقال بلهجة صارمة خرجت لا إراديًا منه:
_يعني أنا هكدب عليكي ليه يا ليلى في حاجة زي كدا، قولتلك قامت عاصفة وأنا كنت تعبان أصلًا فمستحملتش، أنتي حتى في ده هتشكي فيا
كادت أن تجيبه بانفعال معلنة عن بداية شجار جديد بينهم لكن صوت رنين جرس الباب أوقف الكلمات في حلقها، فاستقامت واقفة وهي ترمقه بغيظ ثم هتفت بنظرة كلها عتاب قبل أن تنصرف:
_اوكي براحتك يافارس، أنا الغلطانة أني شايلة همك وخايفة عليك
تابعها بنظراته البائسة وهي تندفع لخارج الغرفة ثائرة، ليتها تفهم تلك العنيدة أنه يحاول حمايتها من جحيم مجهول، بعد دقائق قصيرة دخل عز إليه متلهفًا وهو يهتف بقلق شديد:
_إيه يابني أنت كنت فين واختفيت فين فجأة!!
رفع فارس سبابته إلى فمه يشير لصديقه بالصمت في نظرات صارمة وتحذيرية، ثم همس له بصوت منخفض:
_وطي صوتك، اقفل الباب وتعالى
ضيق عز عينيه باستغراب، لكنه انصاع له وفعل كما طلب ثم اتجه إليه وجلس على المقعد المجاور لفراشه وراح يسأله بعدم فهم:
_في إيه يافارس وإيه وطي صوتك دي هو في حد في البيت غير مراتك
فارس بصوت غليظ:
_مهو أنا مش عايز ليلى تسمع ولا تعرف ايه حاجة يابني آدم
كان يتحدث معه بالألغاز وهو لا يفهم شيء، ما الذي يخفيه عن زوجته ولا يريدها أن تعرفه، سكت لبرهة من الوقت ثم قال مندهشًا بعدما جال بعقله تخمين:
_اوعى تكون اتجوزت عليها وكنت عند مراتك التانية
فارس بنفاذ صبر وغيظ شديد:
_هو أنا ناقصك أنت كمان مش كفاية هي، جواز إيه ما أنا قدامكم اختفيت وقت العاصفة
هتف عز بعدم فهم وضجر:
_طيب ما تخلص قول حصل إيه معاك فهمني
تنهد فارس الصعداء وأخرج نفسًا طويلًا ثم بدأ يسر لـ ” عز ” كل شيء حدث معه بالتفصيل بداية من رؤيتة لذلك الشيء الغامض الذي قاده لبوابة المقبرة نهاية باستيقاظه في اليوم التالي بنفس المكان بعد سلسلة من الأحداث المرعبة والغامضة التي حدثت معه بين ظلمات الصحراء القاحلة، كان ” عز ” يستمع إليه وهو فاغر شفتيه بذهول وعدم استيعاب لما تسمعه أذنيه من أحداث تبدو خيالية وخارقة للطبيعة، فابتسم لفارس بعد انتهائه بازدراء وقال غير مصدقًا:
_إيه ياعم شغل الأفلام الفانتازيا اللي بتحكيه ده، مقبرة إيه اللي تظهر فجأة وتختفي أول ما تدخلها وصحرا إيه اللي تلاقي نفسك فيها بعدين ولا ذئب كمان بيتكلم
استاء فارس من عدم تصديق عز له وقال بغضب:
_يعني أنا اتجننت مثلًا وبخرف ولا إيه!!
ابتسم عز وقال مازحًا:
_لا بعد الشر عليك يابشمهندس خرف إيه، بس مش جايز يكون أغمى عليك فعلًا وقت العاصفة زي ما قولت لليلى وكل ده كان حلم
حدقه فارس مغتاظًا بنظرة نارية، ثم التفت بجواره ودس يده أسفل وسادته ليخرج البردية التي أخذها من تلك المقبرة ورفعها أمام أعين عز هاتفًا:
_ودي جبتها معايا من الحلم مش كدا
تلاشت ابتسامة عز تدريجيًا معلقًا نظره على تلك البردية، فقد بدأ يتضح له الأمر أن ما سرده ” فارس” للتو يبدو حقيقة حدثت بالفعل، جذب عز البردية من كف فارس وفتحها ينظر بها يتفحصها وهو يسأله بصدمة:
_البردية دي كانت في المقبرة اللي أول ما طلعتها أغمى عليك
هز فراس رأسه بالإيجاب وقال في ثقة:
_عشان كدا البردية دي هفضل محتفظ بيها لأن واضح أن وراها سر
أجاب عز وهذه المرة كان يتحدث بجدية عكس ما كان عليه منذ قليل:
_سر إيه دي بردية فرعونية عادية جدًا كلها شوية رسومات على رموز فين السر في كدا
فتح فارس فمه ليجيب عليه لكن فجأة دون أي سبب انفتح باب شرفة الغرفة على مصراعيه مصدرًا ضجيجًا قوى أصابهم بالفزع فالتفتوا كلاهما تجاه الشرفة ينظران باستغراب، كانت نظرات فارس دقيقة وكلها ثقة على عكس عز الذي ظهر القلق على محياه وقال مبتسمًا بمرح ليضيف جوًا لطيفًا على تلك الأجواء المريبة:
_ده أكيد الهوا مش كدا
ضحك فارس عليه مغلوبًا بينما عز فأعطاه البردية بنظرات مضطربة وهو يقول:
_امسك ياعم بردياتك دي الواحد جتته متلبشة وحدها
حدقه فارس بحزم وقال في ثقة وثبات تام:
_لازم ارجع المقبرة دي تاني عشان افهم ايه السر لأني مش مرتاح وحاسس بحاجة متطمنش أبدًا
هتف عز ساخرًا:
_وهترجع تدخلها ازاي بقى يابشمهندس دي مقبرة مش موجودة أصلًا زي ما بتقول
فارس بنظرة تلمع بوميض مريب:
_هنروح نفس المكان وننقب عنها وأهي تبقى اكتشاف مقبرة برضوا وهينسب لينا المرة دي وحدنا
ضحك عز وقال بلهجة كوميدية:
_ننقب!! .. قصدك تنقب عنها، أنت لو مستغني عن حياتك براحتك أنا لسا قدامي العمر طويل ان شاء الله وعايز افرح واتجوز وأشيل عيالي
كتم فارس ضحكاته بصعوبة وقال بهدوء ليقنعه كطفل صغير:
_تعال معايا وخلاص ياعز ووقت ما تظهر متقلقش مش هدخلك معايا أنا هدخل وحدي جوا
أجابه بلهجة فكاهية تحمل السخرية:
_أه عشان المرة دي تطلعلنا منها بعد أسبوع أن شاء الله، وأهو تبقى اكلت عيش وملح مع فخامة الملك الراقد في تابوته
انطلقت من فارس ضحكة قوية لا إرادية على خوف صديقه، لكن سرعان ما تحول مرح عز إلى لهجة صارمة وقلقة وهو يحذره:
_فارس بلاش جنان مينفعش ترجع المقبرة دي تاني أبدًا، لأن لو اللي حكيته ده حقيقي وبجد حصل يبقى ده خطر شديد وفي حاجة مش طبيعية فيها وممكن تتأذى وأنت بنفسك مدرك ده والدليل أنك مخبي على مراتك
هتف بنظرة قوية لا تحمل ذرة تردد أو خوف:
_صدقني الأذى الحقيقي اللي ممكن يحصل هو لو أنا مفهمتش إيه اللي حصل معايا امبارح، الذئب اللي أنا شفته واتكلم معايا مش صدفة ابدًا وكلامه ليه معنى، لازم ارجع لها تاني.. سواء أنت جيت معايا أو لا أنا كدا كدا هروح بيك أو من غيرك
طال عز التحديق في وجه صديقه فرأى إشارات الاصرار والعناد في عينيه ففهم أنه مهما حاول معه لن ينجح في جعله يحيد عن ذلك القرار، وهو ليس أمامه حل سوى أن يذعن لقراره ويرافقه إلى المجهول.. أو الجحيم.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1