رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل الرابع 4 بقلم سلمي خالد


 رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل الرابع 

"زواج عجيب العُجاب"

دائمًا نرى مواقف عجيبة تغير مجرى الحياة،  ولكني لم أصدق أن موقف واحد بل وقفة واحدة تجعلني عريسًا يمضي أسفل خانة الزوج باسمها "حربي حمامة" 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اتسعت حدقتي أرنبة ما أن رأى جنون عاليا،  فشعر بأنها تعد لهما خطة لتوقع بيهما وتفعل كما فعلت بوالد صديقتها،  تراجع للخلف بتوترٍ حتى اصطدم بـ هبه التي تأوهت قائلة: 

_ فتح يا بـ.. إيه دا أرنبة؟؟ 

شهق أرنبة بذعرٍ ثم ركض بعيدًا تاركًا حربي يناديه ولكن لم يستجب له، نظر حربي نحو عاليا التي غمزت بطريقة مشوهة تمامًا كانت كزومبي ، ثم فجأة ضحكت بشدة تهتف من بين ضحكتها: 

_ أنت مخضوض بجد! 

لم تستطع إكمال حديثتها بعدما أمسكت بطنها تحاول السيطرة على تلك النوبة من الضحك،  بينما أتت هبه لها تتساءل بدهشة، تنظر لحربي تضيق عيناها فهي تعلم ملامحه ولكن حلق ذقنه جعلها تشك: 

_  مين دا؟ وبتضحكي على إيه؟؟ 

حاولت السيطرة قليلًا على تلك النوبة،  تجيبها بأعينٍ مدمعة: 

_ دا أستاذ حربي جارنا في الحارة.. هو حضرتك حلقت دقنك ليه الشكل دقن كان مدي حضرتك هيبة أكتر!! 

سُبة لاذعة خرجت من فم حربي على أرنبة، يتوعد له بالكثير إن رأه، بينما استرسلت عاليا إجابتها لهبه:

_ معرفش جه ليه بس غمز بطريقة غريبة لصاحبه وفهمت أنه عايز يعمل مقلب ولا حاجة فينا فسبقته وعملت أنا المقلب. 

_ قلبوكِ على طريق السريع!! مقلب إيه اللي هنعمله معاكوا!! 

نطق بها حربي منزعجًا،  بينما عبست ملامح عاليا قائلة: 

_ الله في إيه أنت وصاحبك جيتوا ليه أما دا مش مقلب؟ 

هربت الدماء من وجه حربي عند تذكره للإجابة الحقيقية،  فماذا سيقول " صديقي أتى ليمثل دور متحرش أمامكم"، لوحت عاليا بيدها أمامه لعله يجيب ولكن ظل حربي جامدًا لتنتبه عاليا لشيء قائلة بحرج: 

_ حضرتك مضايق من الواقفة عشان كده مبتجوبش.. أنا آسفة حقيقي. 

تحركت مع تشد صديقتها تاركة إياه سريعًا بحرجٍ، بينما  تنفس براحةٍ بعدما تركته، نظر لظلها الذي اختفى ثم شعر بحزنٍ يحتل قلبه كلما تذكر أنها ليست حقه فما أصعب أن يصبح الحب من طرفٍ واحد همس بحزنٍ داخله: 

_ أمتى بقى تحسي بيا!! 

كاد أن يستدير ولكن أوقفه عامل المحل عصير القصب وهو يقول: 

_ كابتن يا كابتن!! 

نظر له حربي بتعجبٍ منه،  ليمد العامل يده بمجموعة من الأورق وجهاز تسجيل قائلًا: 

_ الآنستين اللي كانوا هنا نسيوا حاجتهم ومشيوا بعد ما وقفوا معاك تعرفهم!! 

أومأ له يمسك بالأورق والجهاز تسجيل،  يغادر من مكان يتأمل أغرضهما،  ثم قرر بعد يعود ويكيل أرنبة ما يستحقه من الانتقام ثم سوف يذهب لهن بالمساء ويعطي لوالدها أغراضها. 

************

_ ألو يا هبه أوعي ترجعي البيت أبوكِ حالف ليهبدك علقة مخدهاش حمار في مطلع لما يشوفك. 
صمتت نعمة قليلًا ثم قالت: 

_ أو لما يخف لإنه مخلع من كل ناحية. 

_ آآه يا جسمي!!

أغلقت نعمة سريعًا ما أن استمعت لصوته يصرخ بألمٍ بعدما غادر الحمام،  بينما تأوه سالم يجلس على الأريكة بعدما أنهى حمامه، لتردد نعمة بخوفٍ: 

_ بالله عليك ما تعمل حـ... 

_ معملش!!! قولي مش هعمل فيها إيه.. 

نطق بهياج عنيف بعدما سمع كلمات زوجته،  ينظر ليده وقدمه المتورمة،  ليستطرد بحسرة: 

_ دا أنا محصلتش عجينة يا نعمة.. أنتم بتسيبوا العجينة ترتاح.. أنا الرجالة نزول عجن فيا لحد ما نطيت وهربت منهم. 

صمت قليلًا يحاول السيطرة على الشفقة التي ملأت صوته وحسرته على حاله متمتمًا: 

_ أنا ملحقتش لسه بحط إيدي على كتفها وبسألها رايحة فين لقيت بنت الك** صرخت وبتقولهم متحرش والناس لما صدقت تلاقي حد يطلعوا فيه غلهم على الصبح مسكوني ونزلوا فيا ضرب لما ملقتش  حل غير أنط من الاتوبيس..  انا مش صعبان عليا غير العيل صغير تف في وشي وقال.. 
" دي أخرت الخلبوص الشقي اللي زيك يا عمو"
وأمه تقوله أبعد عنه ليعمل فيك حاجة يا حبيبي. 
نظر لزوجته يردف بصدمةٍ تعتريه كلما تذكر: 
_ أنا خلبوص وشقي يا نعمة أنا!! 
حاولت نعمة كبح ضحكتها على كلمات زوجها،  ثم بينما لاحظها سالم يردف بسخطٍ: 
_ اضحكي لتشرقي ويبقى بنتك خلصت علينا كلنا. 
لم تتمالك نعمة نفسها لتضحك على سالم وجسده الممتليء بالكدمات، ليتوعد سالم لابنته ولكن ينتظر ظهورها،  نظر نحو زوجته التي لا تزال تضحك ليردف بغيظٍ: 
_ قوميني يا نعمة بدل ما أدفس وشك في الكنبة ما أخلي صبح يطلع عليكِ. 
تبدلت ملامح نعمة لأخرى متوترة تنهض معه لتساعده في الدلوف إلى الغرفة وسط صرخاته المتألمة مع كل حركة!!. 
*************
عبست ملامح عاليا طول الطريق مما فعلته مع حربي، تنهر نفسها على عفويتها الزائدة، فماذا سيظن بها، كلما أتت لتلك النقطة يزداد تهجم وجهها أكثر،  بينما نظرت هبه لها بتوترٍ تحاول الحديث ولكن تهجم وجه عاليا جعلها تتراجع عن تلك النقطة. 
لم تستطع هبه إلجام لسانها لتردف بضيقٍ: 
_ لا بقولك إيه مش هينفع كده عايزة أكلمك. 
نظرت لها عاليا بضيقٍ،  لتسأل هبه بتعجب: 
_ في إيه يا بنتي من ساعة ما مشينا وأنتِ  وشك مقلوب ولا قلبت شراب نتن في عز الصيف!! 
اتسعت عين عاليا من تشبيه هبه،  لتردف باشمئزاز: 
_ لو فكرتي تشبهيني تاني بحاجة هلزقك قلم يعوج بوق أكتر ما هو معوج. 
انكمشت ملامح هبه بحنقٍ،  بينما استرسلت عاليا بضيقٍ: 
_ خايفة أستاذ حربي يفهم عفويتي غلط لما اتكلمت ومرضاش يجاوبني.. استغبيت نفسي أوي وأنا واقفة. 
شعرت هبه بمدى الصراع الذي تمر به صديقتها،  لترد بهدوءٍ: 
_ الموقف حصل وخلاص يا عاليا أنتِ  بس كل اللي هتعمليه تستغفري وتاخدي بالك. 
نظرت لها عاليا بضيقٍ لا يزال يحتلها تتمتم: 
_ بس أنا لسه مضايقة يا هبه عارفة الكلام كله بس غصب عني مخنوقة. 
_ العلام عمره ما كان ببلاش يا عاليا.. عشان تتعلمي لزمًا تدفعي ضريبة علامك سواء فلوسك أو مشاعرك أو صحتك في النهاية هتدفعي. 
نطقت هبه بتلك الكلمات متخذها شعارًا لها،  تعلم جيدًا أن لكل شيء ضريبة قاسية لابُد من دفعها،  زفرت عاليا بصوتٍ مسموع ثم قالت: 
_ تعالي نشتري كيس مرشيملو. 
أومأت هبه لها وما كادت أن تنطلق حتى قالت: 
_ بقولك إيه أنا بايتة عندكوا لأخر السنة دي معتقدش بابا هيرضى يبص في وشي بعد اللي حصله. 
اعتلى السخط ملامح عاليا تردف بتهكم: 
_ دا لو متبراش منك خالص!  يا بنتي دا اتعجن عارفة يعني إيه اتعجن!! 
صاحت هبه بضجرٍ: 
_ ما خلاص بقى يا عاليا كل شوية تفكريني عرفت إنه اتعجن. 
************
شمر ساعديه استعدادًا لقتال شرس سيقوم به،  يدلف من باب الشقة،  يمشط عينيه على الشقة بأكمالها حتى وقعت حدقتيه على أرنبة يجلس على الأريكة باريحية شديدة، أغلق الباب بهدوءٍ ثم تقدم نحوه بملامحٍ مكفهر، يردد بصوتٍ حاد عالي: 
_ أرنـــــــــــبة!! 
انتفض أرنبة من مكانه بفزعٍ،  ينظر لملامح حربي المتهجمة،  ليتراجع للخلف بتوترٍ متمتمًا: 
_ أهدى يا حربي.. والله كنت هقف معاك بس صحبتها خضتني وجريت.. 
_ لا يا حبيبي مش دا اللي هضربك عليه من يومك والندالة بتجري في دمك..  دا حاجة تانية!! 
نطق حربي بتلك الكلمات في فحيحٍ،  ليزداد توتر أرنبة منه يردف بحيرة ممزوجة بخوف: 
_ ما تخلص يا عم بدل فيلم المركب اللي عيشينه دا. 
تقدم حربي بسرعةٍ ثم لكمه بقوةٍ يردف بغضبٍ: 
_ البت زعلت على دقني لما حلقتها قالت كانت مديني هيبة أكتر من الأول. 
تأوه أرنبة من لكمته،  ينظر له بقلقٍ نعم يعلم حب حربي لذقنه ولكن لم يُخل له أن عاليا ستحب ذقن حربي،  لكمه حربي مجددًا ليفر أرنبة بألمٍ من أمامه سريعًا قبل أن يكمل تلك المصارعة الحرة به، يصرخ بخوفٍ: 
_ وأنا أعرف منين إنها هتعجبها الدقن.. أنا كنت بخليك متحرش محترف! 
_ قصدك متحرش محنط وحلال فيه العجن. 
طرق حربي الباب بعدما احتمى أرنبة بداخله، يكمل حديثه بغضبٍ: 
_ أخرج يا جبان!! 
صاح أرنبة بتوترٍ: 
_ يا حربي مش دقن اللي هتخسرنا بعض يا عم!! 
تهجمت ملامحه أكثر يردد بعصبيةٍ: 
_ دا أنا هعجنك زي عم سالم يا أرنبة بس لما ألمح طيفك. 
_ لما بقى ابقى قابلني لو شوفت وشي. 
قالها باستفزازٍ جعل حربي يعض على شفتيه بغيظٍ ثم صاح بحدة: 
_ يعني هتفضل في الأوضة.. أكيد نداء الطبيعي هيخليك تخرج  يا فَقِية!! 
عبست ملامح أرنبة ثم ابتسم بسعادةٍ يهلل ببسمة منتصرة: 
_ لا متقلقش في دي.. الأزاز البلاستك مالي الأوضة. 
صمت حربي يستوعب حديثه ثم اشمازت ملامحه يردف باشمئزازٍ واضح: 
_ جتك القرف في عفنتك. 
صمت حربي قليلًا ثم قال وهو يمسك بأوراق الخاصة بعاليا: 
_ أنا هروح لعاليا أديها الورق بتاعها عشان نسيته هي وصحبتها وراجـ... 
لم يكمل حديثه بعدما خرج أرنبة ببسمةٍ بلهاء يتأمل الأوراق الموضوع على الطاولة،  علم وقتها أنه سينال ما لم يناله بحياته قط وما هي إلا ثواني معدودة وأصبح أرنبة يصرخ بألمٍ مما يكيله حربي له. 
***********

وقفت الأثنتان ينتظران أن تفتح وداد باب الشقة، تلتفت هبه من حين لأخر بتوترٍ لباب شقتهم،  تخشى أن يراها والدها،  فتهتف بضجرٍ: 
_ هي أمك بتيجي من الصين.. مفتحتش كل دا ليه!! 
رمقتها عاليا بنظرة مغتاظة مردفة: 
_ أتلمي بدل ما أقولك باتي عند أبوكِ اللي فرمتيه. 
مطت هبه شفتيها بعبوسٍ،  بينما وقفت عاليا تنتظر والدتها لتفتح وما كانت سوى لحظات حتى فتحت وداد ومعالم وجهها متوترة للغاية،  ضيقت عاليا عينيها بشكٍ ثم دلفت للداخل تسأل بحيرة: 
_ شكلك مش مريحني يا حاجة وداد!! 
_ ولكِ الحق هو ميريحش فعلًا!! 
شهقت عاليا بخوفٍ ما أن رأت والدها يمسك بحزامه متطلعًا نحوهما بشرزٍ،  بينما أغلقت وداد باب الشقة تهمس بأسفٍ: 
_ سامحيني يا حبيبتي معرفتش أقولك تهربي. 
نظرت لها عاليا بغيظٍ ترد بهمس: 
_ أصيلة يا رحاب.. نسيتي تشحني تلفونك!! 
أومأت وداد لها تلو فمها بضيقٍ متمتمة: 
_ طلبت من الراجل يجبلي كارت رصيد راح جبلي فكة ولما حاولت أخليه رصيد راح ضاع الشحن كله وممعيش رصيد أرن عليكِ! 
كاد محمد أن يتحدث ولكن أوقفته عاليا تردد بجدية: 
_ أستنى أنت بس يا حاج محمد دقيقة.. 
استدارت لوالدتها تتمتم بغضبٍ: 
_ ما تبعتيلي كلمني شكرًا شغلي الواتس وابعتيلي رسالة.. استلفي على النوتة وأنا هتنيل أشحنلك إنما تسبيني أقع زي الفار في جحر كده!! 
عقدت وداد ما بين حاجبيها بضيقٍ تردف وهي تشيح بيدها: 
_ يووه وأنا مالي!  أنتِ  وصحبتك اللي مفضوحين وسالم جه حكى لأبوكِ عشان عارف إن هبه هتهرب على هنا وهو حيله أتهد من الضرب اللي كله فسلم المهمة لأبوكِ. 
_ طب أجيب الناس تعجنه تاني دلوقتي ولا أعمل إيه الراجل متعظش من اللي حصله. 
رفع محمد حاجبه باستنكارٍ من جملة عاليا،  بينما يتقدم نحوها قائلًا بصوتٍ أخاف الفتاتان: 
_ النهاردة يا قاتل يا مقتول.. هتقولي ليه عملتوا كده في سالم ولا!!! 
تراجعت عاليا بخوفٍ تحرك بصرها مع حركة الحزام الملوحة بالهواء،  تجيبه وهي تشير نحو هبه: 
_ والله ما أنا يا بابا دي هبه صرخت وقالت متحرش وسابته يتعجن في الاتوبيس و... آآآه ليه كده يا بابا. 
صرخت عاليا بألمٍ بعدما طالها الحزام،  ليهدر محمد بغضبٍ: 
_ وأنتِ  يا بنت الك** مش دا يبقى أبو صحبتك وجارنا ملحقتهوش ليه؟؟ 
ازدردت لعابها بصعوبةٍ تجيبه بخفوتٍ متوتر: 
_ خوفت الناس تضربني معاه ما هو في الأخر راجل هيضرب عادي إنما أنا أنثى رقيقة. 
هبط محمد بالحزام على خصر عاليا لتقفز من مكانها بألمٍ تضع يدها موضع الألم،  تردف بألم: 
_ يا بابا أنتِ  عندك مشاكل مع المنطقة دي ما تسيبها في حالها بقى!! 
ابتسم محمد بشرٍ يردف متوعدًا: 
_ أنا مش حلفت أخليهالك زي القرود وأنا مش هنزل حلفاني الأرض. 
_ وهي لسه مبقتش زي القرود ما خلاص بقت واللي كان كان.. أرجوك سبني واتعظ أنت كمان من اللي حصل لصاحبك. 
اتسعت عين محمد بصدمةٍ مما تفوهت به عاليا،  لتشعر بخوفٍ تنظر نحو هبه التي تجمدت الدماء في عروقها تردف بتوتر: 
_ هو أنا عكيتها؟ 
_ قصدك عمتيها! 
هكذا نطقت هبه وهي تراقب مسار الحزام على من سيقع، ليعلق محمد على حديثهما وهو يضرب بالحزام نحو هبه: 
_ لا وأنتِ  الصادقة دي خزقت العين وجابت أجلها! 
صرخت هبه تركض من أمامه،  بينما هربت عاليا تحتمي بوالدتها التي فزعت منها تدفع ابنتها عنها قائلة: 
_  أبعدي عني مش ناقصة!! 
نظرت لها عاليا بغيظٍ تردف غضبٍ: 
_ إيه الندالة دي يا أمي.. فين أمك هي جيشك!! 
ركضت وداد بعيدًا بعدما لاحظت قدوم محمد قائلة: 
_ مش مع أبوكِ!! 
أسرعت عاليا نحو الأريكة ولكن وجدت أسفلها صناديق لتتسع حدقتيها بصدمةٍ،  ولكن أتاها صوت والدها يردف بشرٍ قبل أن تتسأل عن سر تلك الصناديق: 
_ سدتلك الخرم اللي بتهربي منه زي الفيران وريني بقى هتستخبي فين تاني. 
نظرت له عاليا بخوفٍ تتراجع للخلف حتى اصطدمت بهبه التي لم تجد مخرجًا بعدما أغلق محمد جميع الأبواب بالمفتاح حتى لا يهربان فهتفت عاليا بذعرٍ: 
_ خلينا نتفاهم يا بابا وبلاش عنف أسري.. هيضرك ويضرني!! 

هدرت هبه بألمٍ صارخة بوجه عاليا بعدما تلقت صفعة أخرى: 
_ أخرسي بقى كل ما بتتكلمي بضرب. 
كاد محمد ان يكمل لولا سمع صوت عالي أمام باب الشقة وما أن اقترب حتى!! 
**********
_ احترم نفسك يا أرنبة وبص في الأرض هنسلم الورق ونمشي ومتفتحش سيرة الجواز. 
نطق بها حربي بنظراتٍ محذرة،  بينما هتف أرنبة بعبوس: 
_ في إيه يا عم حربي.. دي اللحظة المناسبة عشان أخطبلك البونية ثم أنت يعني عايز تقنعني إنك مش عايز تتجوز عاليا حب عمرك وإن دي مش أنسب فرصة!! 
تبدلت ملامح حربي لأخرى مذعورة قائلًا: 
_ لا يا عم بعد ما سابت أبو صاحبتها يتفرم كده هي من طريق وأنا من طريق مش ناقص. 
حدق به أرنبة بغيظٍ يردف بحدة: 
_ أنا لو مكانك كنت أتقدمت للبت هبه واتجوزتها وخلصت بدل ما الفرصة تضيع عليا. 
رفع حربي حاجبه باستنكارٍ ثم قال: 
_ أنا قلبي مهزق وهيجبلي التهزيق فمش عايز يا سيدي هو إجبار!!  ثم خاف على نفسك لتختبرك وتخليك تاكل علقة زي دي. 
أضاف حربي جملته الأخيرة بصوتٍ سرب لأرنبة الخوف، يشعر بتوترٍ من التفكير بالأمر فقط، فهو لن يتحمل كم الضرب الذي تلقاه عم سالم فماذا سيفعل هو،  استرسل حربي محاولًا إقناعه: 
_ دا أنت من بوكسين مني عينك أزرقت ووشك ورم ما بالك بقى هي لو ضايقتها وصرخت مرة وأنتم مشيين هيحصلك إيه؟؟ 
خفق قلبه بخوفٍ يزداد،  يشعر بالقلق من تلك الفكرة،  لن يتحمل أبدًا ليهتف بإماءة موافقًا رأيه: 
_ معاك حق أنا مش حمل ضرب نسلمهم الورق وهنمشي. 
زفر حربي بإرتياح من موافقة أرنبة للأمر،  وما كاد أن يطرق الباب حتى وجد الباب يُفتح ببطءٍ يطالعهما محمد بملامح متهجمة قائلًا ببسمة خبيثة: 
_ ادخلي يا حربي أنت وأرنبة البيت نور يا حبيبي.. 
أزدرد حربي لعابه بقلقٍ مما يراه بملامح محمد ليهتف بقلقٍ ممزوج بشكٍ: 
_ هو حضرتك كويس؟!! 
وضع محمد يده على ظهر حربي قائلًا: 
_ آه آه يا حبيبي..  ألا قولي صحيح عارف المثل اللي بيقول أخطب لبنتك ولا تخطبش لإبنك؟ 
نظر له حربي بعدم فهم مجيبًا: 
_ أيوة عارفه ماله؟ 
ازدادت اتساع بسمة محمد وهو يغلق باب الشقة ينظر لكلاهما قائلًا: 
_ طبقته بقى عملي؟ 
حرك حربي رأسه بنفيٍ من سؤال محمد الساذج بنسبة له،  ليكمل محمد وهو يعلو بصوته: 
_ أنا بقى عايز أطبقه عملي وحالًا.. يا وداد رني على سالم قوليله كتب كتاب بنتك النهاردة. 
اتسعت حدقتي أرنبة وحربي سويًا بينما شهقت عاليا بصدمةٍ مما يحدث لتردف بتوتر: 
_ أنت بتقول إيه يا بابا.. 
_ هشش أخرسي خالص أنتِ  فاهمة ولا أفهمك زي ما بفهم القرود!! 
وضعت عاليا يدها على فمها سريعًا قبل أن يفتضح أمرها،  بينما تعجب حربي من الأمر ولكن لم يعلق ليحاول الخروج من هذا المأزق ليردف بتوتر: 
_ يا عمي مينفعش والله كده.. أنا ب... 
رفع محمد يده بوجه حربي،  يضع الهاتف على أذنه يردف ببسمة متسعة: 
_ الشيخ عبد الجليل عامل إيه.. بقولك فاضي دلوقتي؟..  والله طب كويس تعالى بقى عندنا كتب كتاب لعروستين وهات في ايدك سوكا الحلاق ومحمد فرن عشان يشهدوا على العقد.. يلا في رعاية الله مستنيك.
أغلق محمد معه يبتسم براحةٍ، ثم نظر نحو حربي رافعًا حزامه أمامه يردف ببسمة تنم على الشر مكنون بها: 
_ كنت بتقول إيه بقى يا حربي؟ 
أزدرد حربي لعابه بصعوبةٍ يردف بقلقٍ: 
_ بقول نتفاهم بس.. الجواز مبيجيش كده!! 
ملأ الشر عينيه يهمس له بنبرة أخافته: 
_ بص أنا دلوقتي مش باقي على حاجة وقتيل الجوازة دي.. فبلاش استخدام أسلوب القرود معاك. 
شعر حربي بأن موضوع القرود أمرًا غاية في الخطورة،  وخاصة ذعر عاليا كلما ذُكرت تلك الكلمة،  ليهتف بتوترٍ: 
_ لا قصدي أقولك هو المأذون أتأخر ليه!! 
نظر أرنبة له بصدمةٍ،  بينما رمقه حربي بقلة حيلة فإن رفض فسوف يلقى حتمًا نصيبًا من أسلوب القرود الذي لا يعلمه. 
في حين طرق سالم الباب يتكأ على زوجته بتعبٍ،  يسيران بالردهة أسفل نظرات حربي وأرنبة المذعورة. 
************
_ يا بني الله يباركلك هات البطاقة وخلصني؟ 
نطق بها المأذون بنفد صبر بعدما رفض حربي إعطائه البطاقة فقد انتهى من أرنبة وتم زيجة هبه وأرنبة وبقي هو،  نظر أرنبة ببسمة خبيثة يعلم سر رفض حربي لهذا الموضوع،  ارتفع صوت محمد يردف بكلماتٍ ذات المعنى: 
_ حربي طلع البطاقة يا حبيبي. 
ازدرد حربي لعابة بتوترٍ،  ثم مد يده نحو جيب سرواله يخرج محفظته ثم قام بإخراج البطاقة التي انتشلها المأذون سريعًا يكتب بيانان حربي،  ولكن لم يستطع كبح ضحكته بعدما رأى حولة بحدقتيه وأنفه الضخمة بطريقة عجيبة،  فهتف عبدالجليل بضحكٍ: 
_ أنت كنت بتتصور في البوكس يا حربي إيه يابني الصورة دي!! 
تشنجت معالم حربي بحنقٍ،  يردف بسخطٍ: 
_ وأنت الصادق انا اتصورت فعلًا في البوكس عشان حظي الدكر البطاقة تتجدد في الوقت اللي  القسم بيتجدد فيه. 
ضحك جميع الجلوس على حديث حربي، في حين انتهى المأذون من كتابة البيانات ليمسك المنديل ويمد يد محمد وحربي ليمسكان ببعضهما ويلقن كلاهما ما سيقولان حتى أختتم حديثه بجملته الشهيرة: 
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير. 
رفع المنديل وأعطاه لوالدة عاليا،  ثم مد يده بالدفتر يردف بجدية: 
_ أمضي يا عريس وأبصم. 
وضع حربي يده على جبينه يردف بتياه مزيف يراوغ في الأمر: 
_ اللهم ذكرني.. اللهم ذكرني. 
_ هو اسمك صعب أوي كده؟؟ 
نطق بها محمد مستنكرًا،  في حين ردد حربي بتوترٍ: 
_ ها لا بس كنت بفتكر اسم جدي الثاني عشر! 
علت السخرية معالم محمد قائلًا: 
_ حد قالك داخل حصة تاريخ.. أخلص يا حربي. 
اومأ له حربي سريعًا، ثم خطى بالقلم أسفل خانة زوج  ثم بصم وكذلك فعلت عاليا التي لا تزال تنظر بصدمة مما يحدث فكيف أصبحت زوجة ومتى!! 
**********
غادر الحضور وبقي محمد وسالم ونعمة ووداد والعرسان،  وقف محمد أمام حربي وأرنبة ثم قال بجدية لا تحمل نوعًا من المزاح: 
_ انا عارف إنك بتحب عاليا كنت بشوف لمعة عينك لما تجي سيرتها بس سكت لحد ما سمعت كلام صحبك على عاليا وهبه وعشان كده عملت كده ولولا عارف إنك هتقعد قرن عشام تتنحرر مكنتش نفذت اللي عملته.

شعر حربي بحرجٍ مما قاله محمد،  فهل هو مكشوف بتلك الدرجة،  ليسترسل محمد يربت على كتفه: 
_ أنت شاب اللي اتمناه لبنتي  بس اوعى في يوم بنتي تيجي معيطة ولا زعلانة.. دي حتة مني يا حربي عارف يعني إيه! 
شعر حربي باختناق كلماته،  بدأت عيني محمد تلتمعان بالدموع،  فهتف حربي سريعًا: 
_ متقلقش والله.. هشيلها في عيني. 
أومأ له محمد،  ثم نظر نحو أرنبة ولكن أسرع أرنبة قائلًا: 
_ عيب يا عمي هبه في قلبي وكبدي وعيني و.. 
_ خلاص يا بني عرفنا إنها في أعضائك كلها تحافظ عليها لإن هبه عندها أبين مش أب واحد. 
اومأ أرنبة بجدية واضح فهذا ليس الموضوع الذي يستحق المزاح. 
تركهما محمد ثم تقدم نحو ابنته ينظر لها بنظرةٍ حنونة للغاية،  قائلًا: 
_ وأخيرًا بقيتي عروسة. 
نظرت عاليا بذهولٍ من طريقة والدها الحنونة لتردف باستنكار: 
_ هو لزمًا يعني النعمة تزول من قدامك عشان تكلمني حلو. 
ضحك محمد على حديثها يضمها بحبٍ قائلًا: 
_ أنتِ  بنتي يا هبلة.. صحيح مختلفين في كل حاجة وبتعصبيني من أقل كلمة بس في الأخر بنتي وعمري ما هسلمك لأي حد.. حربي شاب محترم وكل بيحلف بأخلاقه وهو بيحبك وهيحافظ عليكِ. 
ابتسمت عاليا بخجلٍ تضم والدها بحبٍ،  في حين نظرت هبه نحو والدها تردف بحرجٍ: 
_ طبعًا مش طايق تشوف وشي. 
ابتسم سالم بسعادة هاتفًا: 
_ صحيح عايزة اقتلك وأخلص منك  بس أنتِ دلوقتي عروسة وفرحتي بيكِ نستني اللي حصل.. 
ثم أضاف بحسرة: 
_ أو مش أوي دا أنا مش قادر أقوم أحضنك ولا طايق حاجة تلمسني. 
ضحكت هبه تزيل دموعها تمسك كفه بحذرٍ لتقبله بحبٍ،  فرفع سالم يده ببطء يأن بألمٍ ثم ربت على رأسها بحنانٍ. 
انتهت تلك الليلة وغادر حربي وأرنبة على موعد بالغد أن يأتيان مجددًا لتناول الغداء والجلوس كلًا منهما مع زوجته. 
************
في الثامنة صباحًا.. 

وصلت كلًا من هبه وعاليا مكتب وجيزة التي طلبتهما بجدية واضحة،  يطرقان الباب بهدوءٍ ثم دلفت كلتاهما  ينظران لوجيزة التي تمسك بجمجمة بشرية عليها جلد ثعبان مثبتة بأعواد من الخشب،  فيظهر شكلٍ مخيف للغاية،  نظرت لهما وجيزة قائلة بصوتٍ هامس: 
_ وصلتم لإيه في بحثكم؟! 
ازدردت عاليا لعابها قائلة: 
_ عملنا دراسة الاستطلاعية وفاضل دراسة الحالة. 
اتسعت ابتسامة وجيزة بطريقة عجيبة مخيفة،  تضع الجمجمة من يدها قائلة بحماسٍ مفرط كاد أن يجلط كلًا من هبه وعاليا: 
_ جميل.. ممتاز.. دراسة الحالة هتكون  حالة من كل نوع من أنواع التحرش!!! 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1