رواية تؤام روح الفصل الرابع 4 بقلم يارا سمير

رواية تؤام روح الفصل الرابع بقلم يارا سمير


منذ أفتتاح المطعم وجميع الاعين توجهت على كرم ومحمود وعلاقتهم الوتيدة ، ولكن رغم  الذين يحاولون تفريقهم والعيون التي كانت مترصدة لأي شرخ في علاقتهم كانوا كالوتد صعب تحريكه من مكانه ..لم تكن علاقة محمود وكرم وسوسن وسناء مجرد صداقة عادية بل كانت أخوة دمعتهم الايام صعب تفريقهم  .. يتشاركون جميع المناسبات من اعياد ميلاد ونجاحات الى لحظات الشدة والمواقف الصعبة .. كبر كلا من زين ومريم وكريم معًا وكأنهم إخوة حقيقيين تجمعهم محبة صافية ونية طيبة ... مع مرور أصبحوا عائلة واحدة مترابطة يملؤها الحب .. 

زين ومريم من صغرهم يرافقان بعض في كل مكان وفي كل نشاط يقوما به ويشاركهم كريم بعض الاوقات ..  في الحديقة المجاورة للمطعم يلاعبان زين ومريم  برفقة كريم ..  يرمي كريم الكرة بخفة امامه وانطلقت مريم تضحك ولحق بها زين وبين القفز والضحك بدت تلك اللحظة امتداد طبيعي لعمر قضوه معًا يكبرون كتف بكتف لا تفصلهم مسافات ولا يغيرهم زمن .. علاقتهم لم تكن عادية بل كانت أشبه بخيوط متينة من الحب والالفة والاخوة نسجت منذ اليوم الاول لهم في الحياة ومع مرور الوقت تتعمق أكثر ف أكثر .. رغم أن كريم يكبرهم سنًا  الا انه لم يتعال يومًا بل كان دائما جزءًا من لعب  مريم وزين يوميًا ورفيقهم الدائم  .. يوجههم بلطف ويحتويهم كأخ أكبر حقيقي .. كانا محمود وكرم يرقبان كريم وزين ومريم وع وجوههم ابتسامة لا تحتاج لوصف عن مدي سعادتهم وهما يشاهدوهم سويًا .. فقط لحظة صمت بينهم ونظرة تكفي لتخبرك أنهم عائلة وإن لم تجمعهم الدم .. 

كانت مريم وزين اهتمامتهم متشابهه .. في الروضه حينما يذهب زين كان يفضل اللعب بالصلصال وقطع المكعبات لبناء مجسمات تنال اعجاب الجميع ومريم كانت تهتم ب الالون والرسم أكثر فكان حبهم للفن نقطة يجتمعان بها بدون ملل ولا كلل في الروضة وفي المنزل والمطعم دائما حقيبتهم مليئة بالالوان والصلصال والمكعبات  يجلسان  فى الحديقة وكلا منهم بجوار الاخر منغرق في عالمه الجميل  بتشجيع من الاخر .. 

انتهت مرحلة الروضة  وحان وقت التحاق بالمدرسة .. ولفارق العمر بين زين ومريم كان اول يوم الذهاب الي المدرسة  من أصعب الايام التي واجهتها  سوسن ومحمود ..  زين اغلق باب غرفته وهو بالداخل ولم تستطيع سوسن الدخول :
_ زيزو يا حبيبي .. افتح الباب هنتأخر 
بصوت باكي :
_ مش هروح .. انا مش هروح .
بهدوء تتحدث سوسن :
_  زيزو حبيبي .. مش احنا اتفقنا امبارح انك هتروح .
_ وميما معايا  .. لكن انا سمعتك مع بابا بتقولي انا هروح لوحدي .
 اقترب محمود ليتحدث بنبرة هادئة :
_ ماهو انت هتروح وهي هتحصلك يا زين  السنه الجاية
_  انا مش هروح لوحدي 
وبدء زين في الصراخ والبكاء لم ينصت الى محمود وسوسن .. لم يكن هذا المشهد الوحيد صباحًا فكان المشهد متطابق في الشقة المقابلة منزل كرم وسناء  واقفان في ذهول من بكاء مريم المتواصل :
_ يا ميما مش هينفع تروحي معاه .. انت ييا حبيببتي السنه الجاية 
 تواصل مريم في البكاء :
_ عاوزة اروح معاه .
 تحدث كرم :
_ مريم مش هينفع يا حبيببتي انتي السنة الجاية 
 لم تنصت اليهم مريم واستمرت في بكائها .. لم يرضخ محمود لزين وبعد مشقة ارتدى زين ملابسه واصطحبه محمود الى المدرسة بالقوة .. وبعد ذهاب محمود بساعة تلقي مكالمة هاتفية من المدرسة وحين ذهب علم من المدرسة بكاء زين وصياحه المستمر ورغبته الملحة للعودة الى المنزل ما جعلتهم يعاودوا الاتصال به ليصتحبه للمنزل وبالفعل اصطحبه محمود الى المنزل ودخل زين على غرفته والقي بجسده على السرير .. وقف محمود ينظر اليه وبجانبة سوسن و وملامح وجهه متغيره :
_ مش هينفع كدا يا سوسن ؟
_ طفل يا حودا طفل واحدة واحدة هيفهم ويستوعب .
_ يعني عاوزة تقوليلي كل يوم هيبقى كدا 
_ لغاية ما يتعود .. محمود .. زين من وقت ما وعي على الدنيا وهو شايف مريم معاه .. كبروا سوا وبيلعبوا سوا وبيتشاقوا سوا .. انفصالهم كدا صعب عليهم مش هيستوعبوه لانهم أطفال .. أطفال 
 نظر نحوها  محمود :
_ قصدك بيعملوا كوارث سوا 
 ضحكت سوسن  :
_ هما مع بعض في كل حاجة ودخلوا الحضانه سوا .. ف طبيعي هيستغربوا انفصالهم فى المدرسة.. مش هيستوعبوا ان في فرق سنة بينهم ..هما بيتعاملوا انهم اد بعض .. وع فكرة نفس الحكاية عند كرم وسناء .
_ والمطلوب نهاودهم ..
 وضعت يدها فى ذراعه وتحركا من امام غرفة زين وجلسوا وقالت سوسن :
_ لا طبعًا .. لكن نصبر وواحدة واحدة .. مريم صاحيه من بدري وعماله تعيط لسناء.. الاتنين محتاجين صبرعشان يفهموا .. اطفال يا حودا .. أطفال . 
_ دلعك دا هو اللى موصلنا لكدا .
_ ماهو حد يشد والتاني يرخي عشان المركب تمشي يا حودا . 

في المساء في منزل كرم تجلس سوسن وسناء يتبادلا أطراف الحديث وكان بالقرب منهم تجلس ريم على الارض وامامها طاولة بها اقلام وألوان كثيرة ترسم وتلون  وبجانبها زين وامامه قطع صلصال .. قالت سوسن بصوت مرتفع :
_ يلا يا زيزو عندك مدرسة الصبح 
امسكت يدها سناء :
_ استني هقطع الكيكة وبعدين تروحي 
_ مش لازم 
_ لا مينفعش احنا عاملينها سوا والعيال ياكلوها سخنة  تعالي معايا المطبخ يلا .
_ طيب 

 مريم جالسة ورأت ملامح زين الحزينة : 
_ زيزو ..
_ ايوة 
_ انت زعلان ..
_ مش عاوز اروح المدرسة لوحدي .. تعالي معايا يا ميما .
_ انا عيطت كتير عشان اروح معاك 
_ انا كل يوم هعيط عشان مروحش لوحدي .
_ وانا كمان هعيط كل يوم عشان اروح معاك .
_ اوكيه ..
_ انا زهقت .. تعالى نتفرج ع كارتون .
_  يلا نتفرج ..
 تحركا من اماكنهم وتوجها امام التلفاز وقامت مريم بالضغط على مفتاح تشغيل التلفاز وكان يعرض احدى افلام الكارتون .. جلسوا مريم وزين جنبًا إلي جنب أمام شاشة التلفاز  يتابعان بشغف فيلم الكارتون الذي يعرض .. كانت ضحكاتهم الخفيفة تملأ المكان ..واحضرت لهم سناء قطع الكعك مع كوبان من اللبن الدافى مرددة :
_ اللى هيخلص كوباية اللبن هيبقى شاطر وهجبله حاجة حلوة ..
رفعت مريم يدها :
_ انا شاطرة 
 رفع زين يده هو أيضا قائلًا :
_ انا كمان شاطر .
  ابتسمت لهم سناء وقالت :
_ يلا يا شاطرين خلصوا اللبن والكيك ماشي .
 اومأ رأسهم بالموافقة .. كان كل منهما يمد يده من وقت لأخر ليأخذ قطعة كعك ثم يعود ليندمج فى مشاهدة الكارتون .. كانت ملامحهم  خليط بين السعادة والبراءة والمكان حولهم دافي وملئ بالطمانينة ..بينما يتابعان الكارتون بتركيز .. ظهر مشهد لشخصية صغيرة تهرب وتختبئ من أهلها .. توقف زين للحظة وهو يحدق فى المشهد بجدية وبدأ يفكر .. لحظت مريم صمته المفاجئ :
_ زيزو .. اتفرج معايا متبقاش رخم .
 _ ميما .. تعاي نلعب لعبة ايه رايك ؟
_ هنستخبى من بابا وماما وباباكي ومامتك .
_ ايه ؟
_ نعمل زي ما الارنب عمل .. انا مش هروح المدرسة وانتى هتكوني معايا .
 اعجبت مريم الفكره  وقالت :
_ هنستخبى ازاى 
_ بكره الصبح لما يصحوا مش هيلاقونا .
 مريم بفرحة :
_ هنلعب أستغماية .. لكن هنستخبى فين..عمو محمد قاعد قصاد العمارة  ؟
  اقترب زين هامسًا :
_ السطح .. فاكرة لما استخبينا من كريم هناك .
_ ايوه ايوه ..

خرجت سوسن من المطبخ وتحمل طبق مغطى  :
_ يلا يا زيزو ..
 تحرك زين من مكانه مغادر منزل مريم متجه الى منزله .. 

في الصباح  ذهبت سوسن لايقاظ زين ، استجاب لها بسهولة مما أثار تعجبها :
_  حبيبي زيزو هيروح المدرسة .. هروح اعملك الفطار وانت حصلني يلا .
_ حاضر ..
 توجهت سوسن الى المطبخ ولحق بها زين وهو ينظر حوله :
_ عاوزي سندوتشات ايه يا زيزو .
_ جبنة ..
_ احلى جبنة .. يلا روح اوضتك كمل لبس يلا هنتأخر .
_ حاضر ..
غادر زين المطبخ بعد ما وضع بعض  من الفاكهه والعيش والشيبس قى حقيبته ..وهو مغادر المطبخ تأكد بوجود محمود في غرفته  يتجهز للنزول وتوصيله للمدرسة  .. انسحب بهدوء و توجهه الى باب الشقة وفتح الباب  واغلقه بهدوء ولكنه أصدر صوت .. سمعت سوسن صوت غلق الباب وتحركت للخارج كان الباب مغلق .. عادت الى المطبخ انهت  تحضير الطعام وتوجهت لغرفة زين لتستعجله  ولكنها لم تجده .. خرجت من غرفته وبدأت تبحث عنه فى الحمامات والمنزل كاملًا ولم تجد له أثر .. سريعًا توجهت الى  محمود بصوت خائف :
_ محمود..
_ ايوه في ايه ..؟
_ زين يا محمود .. زين مش موجود في البيت .
_ يعني ايه مش موجود؟
 انتفض محمود من مكانه يبحث عنه في المنزل ولم يجده ليتأكد من حديث سوسن ، توجه الى  حارس البناية واخبره بعدم رؤية زين .. وقف محمود للحظات يفكر وردد:
_ مريم ؟
 توجهوا الى منزل مريم وكان كرم وسناء  نائمين وايقظهم من صوت جرس المنزل :
_ محمود.. في ايه ؟
_ زين عندكم ؟
_ زين.. دلواقتي ؟ 
_ شوفوا عند مريم كدا يا كرم 
_ مريم نايمة 
_ شوفوه بس .
 توجهه كرم الى غرفة مريم ولم يجدها على سريرها الخالي ..خرج  يبحث عنها  وملامحه مضطربة :
_ مريم هي كمان مش هنا .
قال محمود بملامح خوف :
_ يعني الاتنين مش موجودين ؟
 بدأت سوسن وسناء بالبكاء :
_ راحوا فين .. راحوا فين ..

 توجهوا جميعهم الى الخارج للبحث عنهم .. في تلك اللحظة كانت مريم وزين يجلسان في غرفة الكراكيب في السطح ومريم ترسم و تلون بالوانها وزين يلعب  بالصلصال والمكعبات غير مبالين بما يحدث .. بعد مرور 5 ساعات من البحث يجلس محمود وكرم فى حالة من التوتر وسوسن وسناء يبكيان .. تحدث كرم :
- تعالى يا محمود على القسم  نبلغ على اختفائهم .
كان محمود شارد واعاد كرم كلماته :
_ محمود هتيجي معايا ولا هروح لوحدي .
 نظر اليه وقال :
_ احنا ازاي مدورناش هناك .
_ هناك فين ؟
_ المخبأ بتاعهم ..
تحدثت سوسن :
_ السطح ..؟
 نظر اليها محمود:
_ ايوة ..  لما كانوا بيحبوا يستخبوا مننا كانوا بيستخبوا هناك .. يلا بينا .
 بالفعل توجهوا الى اعلى البناية السطح وبدأووا بالبحث عنهم في الانحاء ، توجه محمود الى غرفة الكراكيب  .. فتحها محمود ولحق به كرم وبدووا يتفصحوا المكان جيدًا قبل ابلاغ الشرطة .. فجأءة محمود لمح مشهدًا أراح قلبه حيث وجدهم أخيرًا .. مريم نائمة على ورق الرسم وزين مستلقي بجوارها ممسكا قطعة من المكعبات فى يدع .. نظر محمود الى كرم وتنفسا الصعداء بعد ساعات من القلق  والخوف .. أقترب كل منهما بهدوء وحمل طفله بحنان ثم غادرا الغرفة عائدين الى منزلهم  ورغم ما عانوا فى الساعات السابقة ولكنهم كانا بيضموهم فى احضانهم ويطبعا قبلة اعلى رأسهم بلطف ..عادوا الى المنزل وهما يشعران بالراحة أخيرًا .. كانا يراقبان مريم وزين وهما نائمين .. تركا مريم وزين حتى يستيقظا بمفردهم .. يجلس محمود بالخارج ويدخن بغضب وملامح وجهه خليط من التوتر والخوف والغضب ينتظر حضور مريم واستيقاظ زين  .. تلك الاحاسيس التي انغمر بها فى الساعات السابقة ..خاول كرم تهدئته :
_ كفاية عليك صحتك 
_ صحتى .. قلبي كان هيقع من الخوف عليهم ,
_ زيزو اعتذر وقال مش هيتكرر تاني ..صح يا زيزو صح يا ميما ؟
 اقترب زين نحو والده محمود :
_ انا اسف يا بابا مكنش قصدي كل دا يحصل كدا .
 حاول محمود أن يهدأ :
_ عملتوا ليه كدا ها ؟
_ عسشان مش عاوز اروح المدرسة لوحدى .
 تحدث محمود بنبرة غضب :
_ يعني انتم عملتوا كدا عشان مش عاوز تروح المدرسة لوحدك 
 وقف زين وامسك يد مريم وقال :
_  دايما تقولولنا متسيبوش ايد بعض وخليكوا مع بعض ف انا مش هروح لوحدى .
تحدثت مريم :
_ وانا عاوزة اروح مع زيزو .
 تحدثت سناء :
_ دا انتم ولا التؤام المتلاصق ..
 تحدث زين :
_ احنا اخوات ومع بعض .
 عادوا جلسوا وسط ذهول الكبار من حديث الصغار .. ذهب زين لغرفته واحضر كيس حلويات وشاركها مع مريم .. ثم تحدثت سناء :
_ ادخلوا جوه يا ولاد دلواقتي يلا ..
 تحدث زين :
_ يلا يا ميما ..
 تحركوا لداخل الغرفة وجلسوا جميعهم فى حالة ذهول وابتسامات ع وجوه سناء وسوسن وتحدثت سوسن :
_ هنعمل ايه ؟
تحدث محمود بنبرة جادة :
_ هنعمل ايه .. زين هيروح المدرسة طبعًا .
 ولو اتكرر الى حصل دا تاني ؟
_ هو وعدني مش هيتكرر تاني  وبعدين احنا هنحرص اكتر باب الشقة مش هنسيبه كدا نتأكد انه مقفول كويس .. هو لما يروح وهيتعود ع اصحاب جداد هيقبل المدرسة عادي ونرجع كل حاجة فى مكانها  ..

 بالفعل بعد يومين  يتجهز زين في غرفته  رغم بكائه المستمر لم يستسلم محمود .. اصطحبه وذهب الى المدرسة وبعد ساعتين  عاودت المدرسة الاتصال بمحمود وذهب اصطحب زين لاستمراره في البكاء وعدم انصياعه لكلمات المعلمة .. تكرر ذلك عدة مرات حتى تحدثت سوسن :
_ مش هيروح المدرسة خلاص 
 نظر اليها محمود بغضب :
_ بتقولي ايه يا سوسن ؟
_ بقولك كفاية كدا .. ابنك وارث العند منك حط في دماغه مش هيروح لوحده يعني مش هيروح واننا نعاند مع طفل مش صح .
_  اننا نهاوده دا الصح ؟
_ لا في حل ..
_ ايه هو ..
_  يقعد من المدرسة  ومن السنه الجايه يروح مع مريم وانا متاكده انه هيروح وهو مبسوط .
_ سوسن ..
_ اسمعني يا محمود.. انت عندك شغل والموضوع خانقك ، وبعدين مش عارفه ممكن دماغهم تجيبهم يعملوا ايه .. تصرفاتهم دي اعتراض على قرار احنا اخدناه .. انا عارفه انه قرار غلط بس بكدا بنمنع حاجات ممكن يعملوها احنا مش هنلحقها .. سناء اتكلمت معايا مريم كل يوم بتعيط طول النهار وزعلانه ان زين راح لوحده المدرسة وقابله نكد هناك .. ف احنا وصلنا الحل دا واهو نعتبرهم تؤام بجد اتولدوا مع بعض .
_ بجد مش عارف اقولك ايه ؟
_ اقولك انا .. يلا افطر وانزل لشغلك ومتقلقش زين هيكبر وهيفهم هو دلواقتي طفل مش فاهم .
بالفعل سحب محمود ملف زين من المدرسة وانتظر عام كامل وقدموا لزين ومريم الى المدرسة سويًا وكان كل يوم صباحًا يتلهفون للذهاب الى المدرسة سويًا .. كانا يمكثا فى نفس الفصل الدراسي واصبح لديهم اصدقاء مشتركين والجميع يعلم ان مريم شقيقة زين وزين شقيق مريم .. كان وقت الفسحة يحضر زين الى مريم حلويات  ويجلسون يتناولا الطعام سويًا ، ويعودا سويًا ويقوما بالمذاكرة سويًا وبرفقتهم كريم بعض الاوقات .. مرت المرحلة الابتدائية وانتقلا الى مرحلة الاعدادية  والتحق كريم بجامعة القاهرة ..نمت موهبه الرسم لدي مريم عن قبل بتشجيع الجميع ولكن كان المشجع الرئيسي والاساسي هو زين .. اصبح السطح هو مكان تجمعهم والمذاكره فى الهوا بعيد عن المنزل ومنفذ لهروبهم بعيد عن اى مكان ..

في يوم مريم وزين يجلسون معًا حول مائدة الطعام لتناول العشاء برفقة الجميع في منزل زين ، تبادلا كلا من زين ومريم النظرات .. 

فلاش باك من ساعتين على السطح يذاكران  :
_ هتقولهم ماشي .
 قال زين :
_ متقولي انتى هو انتى صغيرة  يا ميما 
_ يا زيزو انت الراجل .. مش انت ع طول تقولي انا الراجل بتاعك وبتخوف العيال وانك اخويا وكدا .. كريم مش هنا كنت قولتله  .. بص انت تتكلم وانا فى ضهرك مش هسيبك ليهم .
 نظر اليها متعجب :
_ يا سلام .. زي كل مرة بتقولي كدا وتسبيني .. فاكرة اخر مره لما خلتيني اطلب من كرم نجيب قطة وسبتيني اتكلم لوحدى وخلتيهم يتيريقوا عليا وادور عليكي القيكي اختفيتي .
تضحك مريم :
_ ماهو انا نسيت ان سناء وسوسن عندهم حساسية من القطط فقولت مش هيوافقوا اكيد ونسيت اقولك متتكلمش .
_ لا والله .. عشان كدا دخلتي من ورانا كلنا قطة ولما اتقفشتي قولتي انا جيبتها وانا شيلت التهزيق كله واتعاقبت اتحبس في البيت اسبوع منزلش المطعم ولا اخرج افضل قاعد فى اوضتي .
_ ماهو انا مسبتكش وقعدت معاك  الله .
_ لا لا انسي مش هتكلم ..انت اتكلم وهتلاقيني في ضهرك .
تغيرت نبرة صوتها لنبرة حزينة :
_  ماشي يا زيزو يا خويا ياللي مليش غيرك في الحياة  ، ما انا معنديش يارب حد تاني اطلب منه يارب اعمل ايه ..
 قاطعها زين :
_ هتعيطي ولا ايه .
 كانت مريم تعلم انها نقطة ضعف زين وبالاخص دموعها  وهي استغلت تلك النقطة  وتجمعت دموع من عيناها وسقطت دمعة وقالت :
_ لا .. هعيط ليه .. لا . 
_ انتى بتعيطي بجد ؟
_ ماهو انا لوحدي اعمل ايه .. طول عمرنا بنعمل كل حاجة مع بعض واللى عاوزاه دا لينا احنا الاتنين مش انا لوحدي .. عاوزة مكان خاص بينا احنا الاتنين وموجود بس ناقص موافقتهم ومساعدتهم .
_ طيب خلاص خلاص  هعمل اللى عاوزاه ,
 تغيرت نبرة صوتها لسعادة :
_ انهاردة ع العشا .. احنا كلنا هنتعشى عندكم انهاردة ماشي ..
 قبل ان يجيب عليها  وقفت مكانها :
_ شكرًا يا زيزو يا احلى حاجة في حياتي .. يلا بينا 
 بخطوات سعيدة تحركت من مكانها مريم متجهه الى الاسفل ونظر اليها زين مبتسمًا ولحق بها .. 

على طاولة الطعام القت مريم غمزة الى زين ليتحدث :
_  بابا .. عمو كرم  انا ومريم عاوزين نطلب منكم طلب .
 _ خير يا زيزو ؟
نظر الى مريم ليتشجع ونظر الى والده وقال :
_ انا ومريم عاوزين اوضه الكراكيب اللى في السطح .. عاوزنها لينا ؟
 ضحك محمود  وقال :
_ ليه .. انتم كدا كدا بتقعدوا فى السطح عاملين تكعيبه وكراسي ، عاوزين الاوضة في ايه ؟
انا وميما عاوزين نعيش فيهم ؟
 ركلت مريم رجل زين وقالت :
_ يقصد  ان انا داخله مسابقة رسم ف في الاوضة فوق هبقى مركزة اكتر وبعدين احنا داخلين ع ثانوية عامة محتاج هدوء .. هننقل كراكيبنا احنا اللى في الاوض بتاعتنا تبقي مكانها فوق بدل ما احنا مبهدلين الاوض بتاعتنا  وسناء وسوسن  بيزعقوا وبيتعبوا في التنظيف هو نص الاوضة وانا النص التاني .
 تحدثت سناء :
_ فكرة حلوة بجد .. خلاص هكلم سميرة نأجر منها الاوضة .
 تحدث زين :
_ احنا سالناها قالت ممكن نستخدمها لكن المهم موافقتكم الاول .. وعاوزين نلحق نوضبها وننقل حاجتنا عشان مذاكرتنا ..احنا في اولي اعدادي محتاجين نركز واحنا نفسيتنا سليمة .
 ضحك محمود وقال :
_ ع كدا كريم  بطل ذاكر اعدادي وثانوية عامه ودخل الجامعة من اوضته .
تحدث زين:
_ كريم بيذاكر بس لكن لا بيرسم ولا بيلون زي مريم ولا زي .. كريم بيحب يعاكس البنات وبس .
ضحكوا جميعهم على كلمات زين واتفقا ان يتحدثًا مع مالك العمارة ..  غمز زين الى مريم وقال :
_ يلا جهزي حاجتك للنقل .
 ابتسمت مريم وعادوا لتناول الطعام وسط احاديث الجميع وضحكاتهم ..

تحدثا كلا من محمود وكرم مع مالك البناية ووافق على تأجير غرفة السطح وكان رؤية عقد الايجار اشعل كلا من مريم وزين فرحًا ..قاموا بشراء ما يحتاجونه وتم ذلك بمساعدة عائلتهم كتحفيز لهم .. في الاجازة الاسبوعية من المدرسة استيقظا باكرًا وذلك كان ع غير العادة وتوجها الى غرفة السطح وبدء بالتنظيف والتوضيب  وتم تصليح الانارة  وفي خلال أسبوع أصبحت الغرفة جاهزة والسطح بأكمله جاهز لاستقبال لحظات كلا منهم مريم وزين ..  تحول السطح الى مساحة نابضة بالحياة والراحة حيث ثبت زين أنارة دافئة على شكل سلاسل أضواء صغيرة تمتد من زواية لأخرى تنعكس على الجدران وتمنح المكان طابعًا دافئ .. وزعت مريم أصص الزرع بعناية على الأطراف منها نباتات خضراء ومنها ما يحمل زهورًا ملونة تضيف لمسة من البهجة .. في المنتصف وضعت مجموعة من الكراسي الخشبية المريحة حول طاولة بسيطة  للجلسات المسائية الهادئة أو السهرات مع العائلة .. في أحدى الاركان جلسة مكونة من وسائد كبيرة وسجادة تعطي احساسًا بالدفء والحرية .. وعلى باب الغرفة كتبت لافته مدون بها ( برنسيس ميما واللورد زين )  وعند مدخل السطح كتبت لافتة :
_ هتقعد فى المكان حافظ عليه هتبهدله هتكون غير مرحب به .. انت اختار هتتعامل ازاي .. ملاحظة .. السطح متراقب بكاميرات يعني اى خراب هتتقفش يعني هتتقفش زيزو مش هيسيبك .
 كانت تلك اللافتة دونها زين حرصًا على المكان من الخراب واهمال الاخريين .. الجو العام يوحي بالبهجة والسكينة وكأن السطح أصبح ملاذا لمريم وزين فوق المدينة الصاخبة ...

ولكن كما يقال ( الحلو مبيكملش ) رغم كل الجمال الذي تم فى السطح والتحذير المعلق عند دخله المدخل  ابناء سكان البناية اتفقوا على تجاهل التحذير عندًا في زين ومريم .. يعودا مريم وزين من المدرسة وويتجهوا الى السطح كان ينصدموا مما يروه حيث الكراسي منقلبة و اصص الزرع مكسرة والارض متسخة والانارة المعلقة على الارض وكأن كان المكان ساحة حرب .. يذهب زين لتحدث معهم  بعد رؤيتهم في فيديو كاميرا المراقبة ولكنهم لم ينصتوا وكانوا يتعمدوا الذهاب الى السطح بوجود زين ومريم  ويبدء ترتفع الاصوات ويتعاركوا  حتى تتجمع الاهالي فوق السطح  ويحاولون تهدئه الوضع  والصلح بين جميع الاطراف ولكن زين ومريم يتماسكا بالحفاظ على المكان الملاذ الخاص بهم .. اى شخص يحاول ان يدمر شئ او يفسد أجواء المكان كان يظهر زين  ثم مريم لمنعههم بحزم .. كانوا بيدافعوا عن المكان بقوة .. مع استمرار الوضع بدأ اطفال سكان البناية يشعرون بالهزيمة مقابل كلا زين ومريم واصبحوا يتجنبوا الاحتكاك بهم واصبح السطح مكان يرحب بكل ملتزم يساعد على الحفاظ على المكان ...
انتهت مرحلة الاعدادية والتحق كلا من زين ومريم بالثانوية العامة اخر حتى وصلا لاخر عام ثالثة ثانوي  وكان هدفهم واضح وهو دخول ( فنون جميلة ) وذلك بعد تعمق مريم فى حب الرسم وزين فى النحت وبناء المجسمات الصغيرة لبنايات والديكور.. يجلسان في السطح يذكران  كالعادة  رن هاتف زين برسالة .. كانت تجلس مريم بمفردها وزين يحضر غرض ما من الشقة  .. فتحت مريم الهاتف وكانت رسالة من احدى الفتيات  تعبر عن اعجابها لزين ،   عاودت مريم الرسالة لها :
_ مش عاوز اعرفك تاني ومتبعتيش كدا تاني  ... بلوك .
 ثم عادت وضع الهاتف مكانه وعاد زين ووضع امامها الايس كريم :
_ الايس كريم ياست ميما .
_ شكرًا يا زيزو ..
_ هنذاكر بقى ولا نفسك في حاجة عاشر ؟
_ في ايه يا زيزو مكنش حاجتين تلاته  طلبتهم من تحت .
_ وانتى متطلعيش ليه بيهم ومقولتيش ليه امبارح ان التلاجة جوه بايظة ها .
_ انا بعتلك ع فكرة بس انت اللى مشوفتهاش 
_ انا لا محصلش 
 امسك الهاتف وفتح الرسائل ليبحث عن رسالة مريم وفتح الرسالة وقال :
_ دى .. بتقوليلي هات ايس كريم معاك  دا كدا معناه ان التلاجة بايظة ؟
_ ايوة.. ماهو انا لما اقولك هات ايس كريم معاك  المفروض كنت تسالني ليه ما جيبي انتي واحطه في الفريزر ف ارد عليك واقولك لا مش هينفع عشان التلاجة بايظة .. لكن انت عملت ايه شوفت الرسالة وعملت لايك .
_ انتى ليه بتصعبيها عليا كدا .. انتوا ليه بتصعبوها علينا .. مطلوب مننا نفهم المجهول ونقرأ الغيب ونتوقع المستقبل من كلامكم .. كان هيحصل ايه لو كنتي قولتي هات ايس كريم لان الفريزر مش شغال .. كنتى تكملي الجملة .
_ يا سلام اكتب قصيدة بقى اسباب ومبررات من نفسي لا اسالني ارد عليك ولا بس شاطر ترد على منى وسحر وصفا وغدير ومعرفش مين ومين من كترهم مش عارفاهم .. شاطر ترد عليهم وترغي صح لكن انا لا ازاي  ..
_ وهو انتى سيبالي حد اغلبهم بيعملولي بلوك بسببك ..
_ زعلان عليهم .. عاملني زيهم ياعم زيزو ولا انا  مشبهش .
_ ميما يا حبيبة قلبي .. اولا مينفعش تقارني ولا تشبهي نفسك ب اى حد مهما كان مين وعلاقتي معاه ايه .. كل اللى قولتيهم واللى هعرفهم لسه فى كفه وانتى لوحدك في كفه تانية عارفه ليه ؟
قالت مريم :
_لأننا أخوات عارفة لكن دا مش مبرر .
قال زين :
_ لأن انا مقدرش استغني عنك ابدًا ، احياتي ملهاش لازمه لو انتى مش موجوده .. انتى الشق صديقي الصدوق اقرب شخص ليا فى الحياة ..
_ ثبتني .. حقيقي ثبتني زي العادة .
 يغمز لها :
_ يجي مني صح ؟
_  ع فكرة هفتن عليك لكرم ومحمود هيعقلوك ع سرمحتك دي مع البنات .
_ مش ههون عليكي  عارف .
_ ثقتك في نفسك دي ... لم نفسك يا زيزو احنا في 3 ثانوي وعندنا كلية عاوزين ندخلها ودي محتاجة تركيز.. خلينا ندخل وبعدها صيع براحتك..  اعمل زي كريم مش هو اللى بوظك كدا 
_ لا كريم مبوظليش كريم فتح عنيا على حاجات مهمة ؟
_ وايه الحاجات دي بقى ؟
_ تقدير الجماااال .. يعني لما نشوف حاجة جميلة لازم نديها حقها مينفعش نتجاهل .
_ وانت ماشاء الله  مبتفوتش حاجة  حتى قطة الجيران  ميرو مفلتتش منك .
_ مبقدرش اقوم الجمال ..
 فتح الرسائل وفتح رسالة ميرو وقرأ ما ارسلته مريم :
_ كالعادة انتى قومتي بالواجب .. على فكرة انتى كدا بتدمريلي مستقبلي ودا مش صح .
_  مستقبلك هو دا ( وضعت يدها على الاوراق امامهم ) دا المهم الباقي بيجي بعدين .
_ ميما ليه مش فاهمة ان في المهم والاهم .. المذاكرة مهمة لكن العلاقات اهم  والاتنين مستقبل يعني مينفعش ينفصلوا عن بعض .
_ طيب جميل اوي .. ارد بقى على كل اللى بيبعتولي وافك البلوكات  ماهو انا كمان  لازم اهتم بمستقبلي .
 _ على الله تعملي كدا ع الله هيبقى يومك اسود .
_ ليه بقي ؟
_ لانه مينفعش يا حلوة .. ع الله تعملي حاجة .
قالها بغضب وقالت مريم :
_ انا بقول نذاكر احسن صح .
_ انا بقول كدا برضه ذاكري ..
 صمتوا قليلًا ثم تحدثت مريم :
_ زيزو ..؟
_ ايوه 
_ ماما عامله كيكه شيكولاته ريحتها في مناخيري انزل هاتلنا 
_ والايس كريم دا هيروح فين ؟
_ وانت نازل تجيب الكيكة حطه في الفريزر لما ننزل نبقى ننقنق فيه .
_ شويا وانزل ..انا لسه طالع 
_ ماشي .. لكن الايس كريم هيسيح ومش هيكون طعمه حلو وهيبقى خسارة والكيكه  هتبرد ، دايما  سوسن وسناء بيقولوا الكيكه احلى وهي سخنه وانا نفسي اكلها سخنة اوي ولو نزلت مش هطلع تاني وانا ورايا مذاكره  .. 
 نظر اليها زين :
_ كفايه .. كفاية اسطوانه الصعبنيات فاضل تطلعي موس تقطعي شرايينك .
_ بتتريق عليا يا زين عشان انا بتكلم معاك ع راحتي ومش بتمايع زي اللى بيكلموك .. بتتريق عليا .. شكرًا شكرًا .
 بدأت ملامح وجهها تتبدل ولمح زين دموع في عيناها :
_ خلاص .. كفاية.. انا هنزل اجيبلك الكيكة سخنه والايس كريم هحطه فى التلاجة خلاص ..
 تحرك من مكانه وحمل هاتفه حتى لا تقتح مرة اخري الرسائل المرسلة  واستوقفته مريم :
_ 3 قطع 
_ الل هو ايه ؟
_ انا عاوزة 3 قطع مش 2  متتاخرش بقى .
 نظر اليها كانت تبتسم  بادلها الابتسامة :
_ طفلة بجد طفلة .

فى المطعم الذي يعد بمثابة المنزل الثاني لمريم وزين بدأوا في تجهيز المكان لاحتفال بعيد ميلاد مريم ، تم تزين المكان ببلونات بألوان وردية وبيضاء تتدلي منها شرائط ذهبية تلمع تحت ضوء المصابيح الهادئة وعلى الطاولة الرئيسية وضعت كعكة عيد الميلاد مزينة بشكل أنيق وكتب عليها : 
 هابي بيرث داي ميما 
وفي الخلف معلق بعض الصور لمريم لمراحل عمرها المختلفة لبعض اللحظات التى جمعتها مع زين منذ طفولتهم بعضها فى المطعم والبعض الاخر في السطح واخرى تظهر مواقف طريفة عاشوها سويًا  وكانت فكرة زين  ان كل عام في عيد ميلادهم يلتقطوا الصور وتنضم لصور السابقة فى حفل عيد  ميلادهم وكانت خاصة بهم فقط .. كان المكان مهيئ لاحتفال .. دخلت مريم وكانت سعيدة لرؤيتها الديكور الخاص لعيد ميلادها  وقفت امام الكعكة وامامها شموع صغيرة تضئ بلطف .. تحدثت سناء :
_ يلا يا ميما اتمنى امنية 
 اغمضت عيناها وتمنت أمنية في السر ثم نفخت على الشموع  لم تطفئ جيدًا وقبل فتح عيناها قام زين بأطفاء الشموع بنفس قوي .. فتحت عيناها وسط تصفيق وضحكات خفيفة من الموجودين ..  وقال زين :
_ اقولكم اتمنت ايه ؟
 رمقته بغضب :
_ اوعي .. اوعي تقول عشان تتحقق 
_ يا هبلة مجموعك اللى هيحققها مش الشمعة .
 حدفته بمنديل بجانبها :
_ والله انت رخم .
تحدثت سوسن:
_ سيبك منه يا ميما واتمنى براحتك .

بعد لحظات خرجت مريم برفقة زين الى الحديقة بالخارج وجلسوا :
_ شايف كريم مجاش ازاي رغم انى مأكده عليه ؟
_ وانا كمان مأكد عليه .. كل تأخيره فيها خيره .
_ انت عارف انا بحبكم كلكم تكونوا معايا وانا بطفي الشمع .
_ اعتبريني كريم .. مش هو عمي يعني واحد ولا انا مشبهش ولا ايه ؟
_ دا انا لو خيروني بين اى حد في الدنيا وبين زيزو 
 _ هتختاري البيتزا دي اكيد .
 التفتت على مصدر الصوت وكان كريم يقف ويحمل في يده عبوة بيتزا كبيرة .. تفاجئت مريم ووقفت :
_ كريم .. ايه دا ؟
_ هدية الاستاذ زين اللى اخرتني ، من الساعة 12 الضهر كنت في قائمة الانتظار عشان دوري ليها .
_ الله البيتزا دى  اللى ..
 تحدث زين :
_ من شهر لما روحنا القاهرة وقابلنا كريم واكلتي بيتزا في محل هناك وعجبتك اوي وكان نفسك يكون في منها في الاسكندرية .. قولت ل كريم نجيبلك اكبر حجم هديه عيد ميلادك انا دفعت حق البيتزا وكريم دفع المواصلات .. البنزين يعني .
ابتسمت وقالت:
_ وانا اقول فين هديتي وقولت هتفاجئني لما ارجع  بليل .
 ضحك زين :
_ وهو انا اقدر انسي دا انتى ممكن تطرديني من البيت ، لكن المرادي قولت تكون خارج حدود الاسكندرية .
 ضحكوا وقال كريم :
_ يلا  طفي الشمعة يلا .
 وضع كريم شمعة ووقفت مريم بالوسط بينه وبين زين وهما يحملوا البيتزا بين يديهم ، ابتسمت مريم بسعادة وشعرت أن هذة اللحظة من أجمل لحظات اليوم فلم يكن احتفالًا كبير ولكنه كان مليئ بالحب والدفء وأشخاص يشعرونها بالامان والانتماء ..

جلس كريم برفقتهم قليلًا ثم غادر وتوجه الى الداخل وجلس برفقة محمود وكرم .. تحدث محمود:
_ ايه ياعم كريم انت نسيت ان لك أهل هنا ولا ايه ؟
_ ليه بس يا حودا 
_ الاول كنت بتيجي كل اسبوع دلواقتي بقي كل كام شهر ولازم يكون في مناسبة أكيدة .
_ والله يا حودة الجامعة والمحاضرات باجي ع اخر الاسبوع بكون مش قادر .
 ضحك كرم وقال :
_ اللى يسمعك يقول بتدى محاضرات .. كريم انت بتعيد في الجامعة مش معيد فيها .
 ضحكوا جميعهم وتحدث محمود:
_ بالمناسبة صح مش ناوي تخلص جامعة ولا ايه .. دى 3 سنه تريح في سنه رابعة انت مش عاوز تتخرج .. مريم وزين السنه الجاية داخلين الجامعة ايه ناوي تتخرج معاهم .
ضحكوا وقال كريم:
_ والله يا حودة مش عارف الجامعة مش عاوزة تسيبني ولا انا اللى قافش فيها 
مال نحوه كرم وقال وهو يغمز له :
_ الجامعة برضة ولا البنات الحلوة اللى في الجامعة 
 تحدث محمود:
_ البنات طبعًا .. خليك كدا لغاية ما تقع في واحدة تطلع عليك القديم والجديد.
_ فشر .. مين دي ولا اتخلقت اللى تفكر تعمل كدا ..ايه ياحودا دا انا كريم كيمو اخوك .
_ ماهو انت لو اخويا صحيح كنت شوفت انا عملت ايه وتعمل زي لكن لا انت مقضيها .
تحدث كرم:
_ الوقت اتغير يا محمود.. ايامنا انت اول ما شوفت سوسن حبيتها وانا لما شوفت سناء حبيتها محسبناش اى حاجة وقررنا نرتبط بيهم.. الجيل دا دلواقتي قبل ما يتحرك بيفكر مليون مرة بتردد وخوف .. هل الشخص دا مناسب هل نتربط ولا لا  هل هل هل .. لغاية ما بيتكفوا ع وشهم ب اختيارات شبة تفكيرهم .
 ضحك كريم:
_ يا ابو الكرم ايامكم كانت كل حاجة واضحة المشاعر واضحة ومتحدده مش محتاجة تسأل ولا تفكر.. دلواقتي لازم نتأكد عشان الخطوة اللى انتم عملتوها بسهولة نقدر نعملها زيكم بس ع راحتنا .
 تحدث محمود:
_ يعني افهم من كدا انك بعد التخرج هتقعد كام سنة لغاية ما تفرحني بك صح ؟
_ يا حودة اتخرج الاول ويحلها ربنا وبعدين اللى هتجوزها دي مش لازم اكون عارفها وتعرفني ولا هنكون عارفين بعض بالتخاطر.. دا انتم اتجوزتوا لما عرفتوا سناء وسوسن .
 تحدث كرم:
_ يعني انت مفيش حد كدا ولا كدا .. قول بس ومتقلقش من اى حاجة الشبكة اللى هي عاوزها واحلى شقة .. خلينا نفرح بقى  .
_ وهو عشان تفرحوا اتكدر انا .. لا مفيش ولو في مش هستني تسألوني هتلقوني قدامكم بقول كل حاجة وبتحايل عليكم كمان توافقوا ..
 تحدث محمود:
_ يعني مش ناوي تفرحنا ؟
_ هفرحكم بالتخرج وبعدين انتوا تركيزكم عليا لوحدى ليه ما عندكم زين ومريم اهو .
_ مريم وزين لسه بدري عليهم لسه فى جامعة ومستقبل كل واحد ووقته .. انت الكبير 
_ ملهاش علاقة كبير من صغير .. النصيب لما يجي هيحصل .
 تحدث محمود لكرم:
_ قولتلك مش هناخد منه عقاد ولا نافع ..اهو اخدنا البحر وودانا واحنا في مكانا .
 ضحك كريم وقال :
_ لا متقولش كدا يا حودا كلامك ع راسي بس زي ما قولتلك كل حاجة ووقتها بلاش نستعجل 

بينما يتبادلا محمود وكرم وكريم أطراف الحديث فجأة انتبه الجميع الى صوت خطوات سريعة  وأصوات عالية .. التفتوا ليروا مريم تركض بسرعة خلف زين وهو يركض امامها ممسكًا بعلبة البيتزا وهو يضحك ويحاول الهرب منها وكانت مريم تصرخ ضاحكة :
_ زين .. اقف مكانك  البيتزا دي بتاعتي انا 
 وقف زين ع بعد مسافة منها :
_ انا اللى دافع فلوسها 
_ انت جيبتهالي انا  بقت بتاعتي 
_ بس انا اللى دافع فلوسها  حقي نصها وبقولك هاتي سلايز وانتى مش راضية .
_ انت عارف انا مبحبش حد ياكل من بيتزا بتاعتي 
_ بتاعتنا مفيش حاجة اسمها بتاعتك ولو هدية  احنا طول عمرنا كدا هدايانا واحد .
_ طيب ماشي هديك انا .. هات العلبة وهديك .
_ لا لا هاخد بنفسي انا عارفك هتاخديها وتجري او هتدي اصغر سلايز منها .
 بتقترب مريم خطوات بطيئة :
_ البيتزا دي بتاعتي .
 وفجاة اسرعت من خطواتها وعاد زين للركض مرة اخري وتركض مريم خلف .. وقف عند مدخل المطعم واشارت الى كريم :
_ كريم .. الحقني زين اخد البيتزا وجري هياكلها لوحده  امسكه .
 مظر كريم الى محمود وكرم وقال :
_ في استغاثة ومقدرش اتأخر عن أذنكم .
ضحك كريم ونهض فورًا من مكانه وأنضم الى المطاردة وسط ضحكات عالية من الجميع .. الجو امتلأ بالمرح وثلاثتهم كانوا في مشهد طفولي جميل اعتادوا الكبار من رؤيته منذ صغرهم ملئ بالحيوية والسعادة ..

بينما الضحكات تملأ المكان ،كانت سوسن تتابع بعينيها مريم وهي تضحك وتطارد زين وكريم يركض هو الاخر لمساعدتها وقد بدأ بينهم انسجام واضح ومرح طبيعي .. ابتسمت سوسن ومالت الى محمود وقالت  بصوت هامس :
_ كل ما أشوفهم كدا اقول ان اكتر واحدة مناسبة لكريم هي مريم ..
 حدق بها محمود :
_ بص عليهم كدا ..
 عاد بالنظر اليهم واستكملت حديثها :
_ مريم كربت وبقت عروسة وكريم هيتخرج خلاص ومش هتلاقي بنت زيها احنا عارفينها ومربينها زي مريم .
 لم يرد محمود فورًا بل التفت لينظر اليهم من بعيد ورأى كيف كانت مريم تضحك بحرية وكيف كان كريم ينظر اليها ويبتسم .. عاد بالنظر الى سوسن وابتسم ابتسامة خفيفة وكأنه بدأ يفكر في الأمر بحجدية وقال :
_ تصدقي معاكي حق .. مريم وكريم وكدا عليتنا هتكبر بعيالهم وهيبقوا مع بعض ع طول .
 ابتسمت مريم وعادوا النظر اليهم وساد بينهما الصمت ولكن كان واضحًا أن الفكرة بدأت تكبر في ذهن محمود وبدأ في تخيل المستقبل ب ارتباط مريم وكريم ..


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1