رواية تؤام روح الفصل الخامس بقلم يارا سمير
في المطعم كانت سوسن وسناء تجلسان بهدوء في ركن من أركان المطعم تتبادلتان أطراف الحديث على مهل والمكان يعمه هدوء .. بينما يتحدثان فتح باب المطعم بهدوء ودخلت مريم بصحبة زين ..
يحمل زين حقيبته وحقيبة مريم وكان واضحًا على ملامح وجه مريم الإرهاق الشديد فخطواتها بطيئة وعيناها نصف مغمضتين بالكاد تجد طاقة للحركة .. تقدمت نحو الطاولة التي تجلس عندها سوسن وسناء وضع زين الحقائب على الطاولة ومريم دون أن تنطق بكلمة جلست على المقعد بصمت ومالت براسها الى الامام حتى استقر فوق الطاولة وكأنها تستسلم للتعب .. فى المقعد المقابل سحبه زين وجلس .. قالت سوسن :
_ مريم مالها يا زين
قال مازحًا :
_ متهيالي بطاريتها فصلت بدري .
مسحت سناء بيدها على شعر ووجه مريم وقالت :
_ ميما يا حبيببتي مالك ؟
تحدثت مريم بصوت متعب :
_ مش قادرة يا ماما .. زين خلاني امشي 4 محطات، رجلي مش حاسه بيها واصلًا انا منمتش كويس وصاحية من بدري للدروس ف حاسة كأن قطر خبطني .
نظرت اليه سوسن وقالت بتعجب :
_ 4 محطات يا مفتري .. بتمشيها ليه .. معاكمش فلوس ولا ايه ؟
أجاب زين :
_ لا معايا .. بس بصراحة مكنش ينفع نركب وهي بالشكل دا .
_ ليه ؟
_ انتوا ناسين بتعمل ايه لما بتنام فى المواصلات .. اخر مرة نامت فى المشروع وجيت اصحيها صحيت تصرخ ونزلت عليا ضرب ولا اكنها قافشة حرامي وقال ايه كانت بتحلم انها مسكت شخص بيضايقيها والناس اتلمت وعماله اقول اخوها انا اخوها ومكنش حد مصدقني لان طبعا الاسامي متغيرة ومكنش في فرصة افهمهم الحكاية لغاية ما فاقت و استوعبت الموقف وفضت الليلة ..
قالت مريم:
_ وهو في حد بيكتم نفس حد وهو نايم .
_ كنت بصحيكي عشان هننزل وعارف انك هتصرخي فقولت الحق .
كانت سوسن وسناء ينظران اليهما وهما يتجادلان ويضحكا واستكمل زين :
_ فمستحيل اسيبها تنام واصحيها ..انسوا .. وبعدين الجو حلو انهارده وبعد درسين الدرس الواحد 3 ساعات كنا محتاجين شوية هوا ينشطونا
قالت سوسن :
_ كنت تطلب عربية ولما توصل هنا انا او سناء هنصحيها حرام عليك تتعبها كدا حبيببتي.
قال زين وهو ينظر اليهم بتعجب :
_تصدقوا دلعكم ليها دا هو اللى بيخليها تتمرع عليا ..
قالت سناء :
_ نعيش وندلع هو احنا عندنا كام ميما يعني ..
نظرت سوسن الى مريم :
_ كنتى تسبيه وتركبي انتى تاكسي ولا اى حاجة وسبيه هو يجي مشي.
قالت بصوت حزين :
_ازاى وهو اخد محفظتي معاه عشان مسيبهوش
نظرا اليه بتعجب وقال زين :
_ انا غلطان انى بحافظ على فلوسها وبحوشلها وبعدين انتوا بتقووها عليا مكنش العشم والله .
ضحكوا جميعهم وقالت سناء :
_ طيب قومي اغسلي وشك وايدك هنطلبلكم الاكل .
تحدث زين:
_ ايوه يا سناء بسرعة لاحسن جعان اوي .
_ من عينيا .. يلا يا ميما على الحمام .
_ مش قادرة يا ماما والله .
تحدثت سوسن :
_ روحي انتى يا سناء اطلبيلهم الاكل وانا هوديها الحمام .
قال زين مازحًا :
_ متنسيش يا ميما تغسلي الزلومة كويس ها ..
نظرت اليهم بغضب :
_ يا رخم ..
بالفعل تحركت مريم برفقة سوسن الى الحمام وتركت هاتفها فى حقيبتها بجوار زين الذي جلس لينتظر عودتها ووصول الطعام .. كان يتصفح زين هاتفه بهدوء ينظر بين الصور والرسائل فجأة شعر بصوت أهتزاز قوي على الطاولة .. نظر زين بسرعة فوجد أن هاتف مريم في وضع الصامت .. كان على الشاشة اتصال من رقم مجهول ، امسك الهاتف ليجيب كان الاتصال انتهى وبعد لحظة قبل ترك الهاتف ظهر أشعار برسالة جديدة على الواتساب من نفس الرقم المجهول :
_ ميما ..ممكن تردي انا عماد ..
لم يتردد زين وقام بوضع كلمة المرور الهاتف وفتح الرسالة وكانت تكمله الرسالة كالاتي :
_ ميما ..
ممكن تردي عليا .. انا عماد قبل ما تعملي بلوك تاني لرقم دا ممكن اشوفك 5 دقائق عاوز اقولك حاجة مهمة .. انا عارف انك هتخلصي دروس انهاردة الساعة 4 .. مستني ردك .
تبدلت ملامح زين كليًا من هدوء لغضب وهو يقرأ الرسالة .. اغلق الشاشة الهاتف وجلس لحظات عيناه ثابتتان في نقطه امامه ثم امسك الهاتف وارسل رد على الرسالة بمكان يلتقيا به .. تأكد ان الرسالة تم قرأتها وذلك ب ارسال قلب فقال زين :
_ كمان بتبعت قلب ماشي ماشي يا عمدة .
قام زين بمسح المحادثة كاملًا ليمحي اى اثر .. تحرك وغادر المطعم وابلغ سناء سيقابل صديق فى مكان قريب وسيعود سريعًا .. خرجت مريم وكان اختفى زين وجلست تنتظره ..
كان يسير زين بخطى سريعة لا ينظر حوله كأن الطريق كله لا يهم كل ما يشغل عقله الأن هو أسم واحد _ عماد_ فمنذ قرأته لرسالة واشتعل غضبًا لمحاولة عماد في التواصل مع مريم .. وصل للمكان ونظر على عماد من بعيد كان يقف ينتظر ويحمل في يديه باقة ورود ويبتسم .. تقدم نحوه بخطوات سريعة والتفت عماد وتفاجئ من وجود زين امامه :
_ زين ؟
تحدث زين بنبرة هادئة مبتسم :
_ بشحمه ولحمه .. ازيك يا عمدة ؟
_ انت هنا بتعمل ايه ؟
_ الله .. مش انت اللى مصمم تتقابل عشان عاوز تقول حاجة مهمة ( ربع يديه وقال مبتسمًا ) قول انا سامعك .
متعجبًا قال عماد:
_ اقول .. لك أنت ؟
التفت زين حوله وقال :
_ مفيش غيري واقف معاك فهتقولي انا ( نظر الى باقة الورود واشتاظ غضبًا ولكنه حاول ان يسيطر ع غضبه ) جميل الورد دا .
جذب من يد عماد الباقة :
_ ها يا عمدة قول انا سامعك .. اصل مريم مش جايه او بمعني اصح مش هتيجي لا دلواقتي ولا بعدين وواضح ان الحاجة المهمة ملحة اوي لدرجة انك تشتري خط جديد عشان تكلم مريم رغم انها عملتلك بلوك من رقمك ..يلا قول لما نسمع ايه المهم .. قول يا عمدة متتكسفش قول .
بتهتهه حاول ان يستجمع عماد جملة واحدة :
_ انا .. انا
تبدلت ملامح زين لغضب وقال بنبرة غاضبة :
_ انت عاوز ايه من مريم ؟
_ انا ..
حاول ان يهدأ :
_ بص .. بص انا مش عاوز اسمع رجعت في كلامي عارف ليه .. لاني حاليًا ماسك نفسي بالعافية عشان ممدش ايدي عليك ولو اتكلمت ف انا هضربك وهنلم الناس علينا وبنسبة كبيرة هتدخل انت المستشفى لاني هتاكد ان مفيش حته فيك سليمة .. ايه رأيك تتكلم ولا تخرس خالص .. لو عاوز تتكلم اتكلم انا مستعد .
ارتعب عماد من كلمات زين .. دفع زين باقة الورد لصدر عماد بقوة وقال بغضب :
_ خد الورد اللى جيبته دا وروح اديه لاي حد لأن مفيش حد هنا عاوز ورد ولا هياخده واللى حصل دا ميتكررش يا عماد انت فاهمني ، لو اتكرر وشوفت اسمك بس ع تليفون مريم مش هستني اسمع هتلاقيني في بيتكم فى اوضتك واللى يقدر يطلعك من تحت ايدي وقتها .. لو مش مصدقني جرب لاني نفسي اضربك تاني اوي لان واضح نسيت أخر مرة ضربتك فى الشارع .. نسيت ياعمدة ..
حملق فيه عماد وهو صامت واستكمل زين حديثه:
_ انا همشي وهحاول اعتبر انى مشوفتكتش ولا انت بعت حاجة ولو عاوز تشوفني تاني جرب احنا كدا كدا جيران ااقل من 5 دقائق هكون عندك فى أوضتك .. تمام .
انهى زين كلماته وتحرك وغادر المكان متجه عائد الى المطعم ووقف عماد ثابت مكانه جسده يرتعش من حديث زين ... حينما عاد كانت مريم جالسة تنظر الى الطعام وحينما لمحته اشارت اليه ان يسرع فى خطواته .. اقترب نحوها وجلس وقالت :
_ ايه كل دا يا زيزو .. انت عارف ان انا جعانه .. كنت فين ؟
_ كان في شخص لازم اقابله .. يلا ناكل
بدأ تناول الطعام وقالت مريم :
_ مين صاحبك دا اللى كان لازم تقابله وبعدين تقابله برا ليه مقولتلوش يجي هنا زي باقي اصحابك .
ترك الشوكة من يده ونظر الى مريم ولحظت ذلك ونظرت اليه :
_ في حاجة ولا ايه ؟
_ عماد ..
_ مين عماد ؟
_ عماد جارنا يا ميما ..
_ يوووه ماله دا كان عاوز ايه منك .
_ لا مكنش عاوزني انا .. كان عاوز منك انتي .
_ ايه .. مش فاهمة ؟
بنبرة غضب :
_ مقولتليش ليه انه بيحاول يتكلم معاكي ها ؟
_ في ايه يا زين .. ما انا قولتلك انا عملت لكل حاجة خاصه به بلوك .
_ الاستاذ اشترى خط جديد واتصل عليكي وبعتلك رسالة كمان .
امسكت الهاتف كان الرقم موجود لكن لم تجد أثر الرسالة :
_ انا مسمعتش التليفون وبعدين فين الرسالة ؟
_ متتعبيش نفسك انا مسحتها ..( سرد لها ما حدث ) وقابلته واتيدهمله .
_ كل دا وانا معرفش .
_ انا بعرفك اهو خلاص الموضوع اتقفل .
_ يعني كان عاوز ايه معرفتش منه ؟
_ معرفتش ومش عاوز اعرف واضح انه متعلمش كويس من اللى حصله المرة اللى فاتت .
_ دا كان يوم .. مش هنساه لا انا ولا عمو رضا صاحب السوبر ماركت لما دخل يحوش واديته بالبوكس .
_ ماهو حصل بسببك ..
_ انا ..
_ كذا مرة اقولك مش اى حد تقفي في الشارع تتكلمي معاه صح ؟
_ ايوه .. لكن هو اللى وقفني .
_ هو عرف من اخته انك بتحبي الافلام الهندي راح داخلك من هنا جايلك الافلام الجديدة اللى لسه فى السينما فى الهند حسسني انه ابن صاحب السينمات وانتى انبهرتي ولا المحرومة من الافلام الجديدة وفتحتي كلام معاه وهو اصلًا عيل اهبل ميعرفش الفرق بين سيف على خان وشاروخان دا كان فاكر اميتاب بتشان هو شاروخان ومبيكبرش .
ضحكت مريم واستكمل زين كلماته بعصبية :
_ اقوله واقف بتتكلم مع مريم ليه يقولي وانت مالك يا زين .. انا يقولي وانت مالك ، واقف معاكي ويقولي وانت مالك اومال لو مش مالي هيكون مال مين ماله هو الاهبل .. المهم لو فكر يوقفك او يكلمك او يبعتلك اخته اللى خارجة من فيلم لماذا نحن هنا ولا اى نيله عرفيني انا اساسًا بتلكك عاوز اضربه .
_ وتروح انت في داهيه لما تضربه ويحصله حاجة كبيرة .. هفرح انا كدا ..وبعدين كذا مرة اقولك انا بعرف احط للقدامي حدوده متقلقش .
_ لا اقلق لانك هبله وانا مش هسيب حاجة لصدفة واتفاجئ لازم اخلي بالي من بدري .
_ تخلى بالك من ايه وتقصد ايه ؟
تحدث بنبرة جادة :
_ لغاية ما تتخرجي من الجامعة وتشتغلي وتفتحي المرسم الخاص ليكي وتشاركي في معرض محلي ومعرض دولي مفيش ريحة راجل هيقرب منك ..احنا اتفقنا ع كدا صح ؟
_ وانت وكريم خارج التصنيف ؟
_ ايوه احنا خارج التصنيف دا وبطلي لماضة
_ وبعدين اتفاقنا دا كان زمان واحنا اطفال دلواقتي احنا كبرنا داخلين جامعة .
_ اللى اتفقنا عليه زمان هنكمل عليه ، أكرم وسناء قالولك ايه .. ها سمعيني .
صمتت واعاد سؤاله :
_ قولي سمعيني قالولك ايه ؟
_ قالولي زين هو اللى هيخلي باله منك كويس متزعلهوش منك واسمعي كلامه
_ نقطة بقى ونقفل كلام فى الموضوع دا احنا حطينا اساس .
_ لا ثانية هنا ..اللى بيحصل دا مش عدل ع فكرة .
_ اللى هو ايه بقى ؟
_ يعني حلال لك تكلم فلانه وفلانه وانا لا .. كل اصحابي بنات مفيش ولد واحد والجيران محرم عليا اتكلم مع حد لوحدي .
_ لا انا غلطان اسيبلك الحال سداح مدام بقى ..انتى هبلة صح .
_ خلاص زي ما غير مسموح ليا بكدا انت كمان غير مسموح لك تتكلم مع بنات
_ هما اللى بيتكلموا معايا الله اعمل ايه انا ..
_ ورغم كدا مبتفوتش بنت + داخلين ع جامعة ف الموضوع هيبقى ع اكبر واوسع وانا عارفاك هتزيط فيها .
_ اولًا للمرة المليون قولتلك متقارنيش نفسك بأى واحده انا كلمتها او حولينا انتي خارج المقارنة ولا التشبييه .. ثانيًا انا راجل ودا مش تقليل منك كبنت بس انا عاوز اقولك انا بكون عارف بعمل ايه واعك عادي انتي لا متعكيش ولا يتعك بيكي .. ثالثًا بقى والأهم يعني هل شوفتيني بتشحتف على واحدة فيهم هل لقتيني بنيت احلام ومستقبل مع واحدة فيهم هل لقتيني بقولك هي دي يا ميما يا بلاش .. ولا اى حاجة ليه لاني زي ما بقولك بعك .
_ يا سلام ودا تبريرك انك بتعك ؟
_ اينعم .. وبعدين هو انتى بتسيبيلي واحدة تعمر على طول بتطفشيهم كلهم ، مفيش واحدة بتقعد معايا شهريين على بعض بتتخنق منك وبتتطفش او انا بزهق من تصليح اللى بتعمليه معاهم وبسيبهم .
_ ماهو انت عكاك فعلًا مافي واحدة عليها القيمة كدا لو كنت شوفت كنت صاحبتها .
_ ماهو انا هعرف انها هي دي ازاي غير لما اتعامل معاها مش هقرأ الغيب يعني .
_ وانا مش زي اى بنت هرتبط وهتجوز هعرفه ازاى ، هقابلة ازاي ، هعرف ازاي انه هو دا هينزلي من السما ؟
_ من غير اى مجهود منك هتلاقيه فى وشك ..
_ نعم ..
_ متستعجليش هتلاقيه لما يجي الوقت المناسب وبعدين انتى ليه مستعجلة ..خفي تسمعي كلام الاغاني وتصدقي الروايات والافلام .
_ طيب افرض مثلًا قابلته فى الجامعة ؟
_ هيكون طالب مقيح فقر بياخد مصروفه من ابوه وانتى مش هتوافقي اصلًا وكرم وسناء مستحيل هيوافقوا .
_ يا سلام .. بعيد عن وصفك دا لكن لو حصل وكان شخص محترم وابن ناس فيها ايه اقف جنبه واساعده اهلنا وقفوا مع بعض لغاية ما وصلوا للى احنا فيه دا( اشارت على المطعم ) كرم وسناء مهم عندهم يكون راجل اد المسئولية وان حسوا انه هو دا هيوافقوا .
_ انا مش هوافق .. لو الكل وافق انا مش هوافق وانتى مش هتوافقي غير بموافقتي .
_ انت كدا مش فير .
_ فير ولا غفير .. انتى رايحة الجامعة عشان تشوفي عريس ولا مستقبلك فاكرة كنتي بتقوليلي بتحلمي ب ايه تخلصي الجامعة وتفتحي مرسم خاص بيكي وتشاركي في معارض واسمك يكون مشهور هو دا هدفك اللى هتسعي له وانا معاكي ايه نسيتي عشان عماد خان ..فوقي كدا وارجعي ميما الشق ام زلومة .
_ بطل كلمة زلومة دي يا رخم وبعدين حلمي هو هو متغيرش بالعكس انا بشتغل عليه وانت عارف لكن انا بكلمك ع احتمالات ممكن تحصل .
تحدث بنبرة حازمة تنهى الحوار :
_ بتحصل فى الروايات اللى بتقريها لكن الواقع حاجة تانية .. الواقع فيه زيزو وبس ( نظر الى الطعام ويستعد لبدء الطعام وقال ) ولو ع العك خلاص شطبنا متقلقيش داخلين على امتحانات ومستقبل ومحتاجين تركيززز .
_ جميل .. بلوك للى عندك بقى
نظر اليها متفاجئ :
_ ها ..
_ ها انت .. بلوك لكل بنت عندك
_ لما ارجع البيت حاضر .
_ لا لا .. قدامي حالا عشان اصدقك .
_ انتى بتكذبيني .. انا زيزو هكذب عليكي يا ميما دا انتى الشق .
_ لا لا فكك من جو السهون دا .. اه تكذب عليا عادي بتعملها اومال قفشتك المرات اللى فاتت ازاي بالتخاطر .. اعملهم بلوك قدامي .
_ ناكل دلواقتي ولما نرجع البيت هعمل ليهم ولاي حد عاوزه اعمله بلوك حتى لو محمود وسوسن .
سحبت الطعام من امامه وقالت بنبرة إلحاح وأصرار:
_ حالًا قدامي يا زيزو يلا..مفيش أكل لغاية ما تعملهم البلوك يلا .
بتردد اخرج هاتفه ويده ترتعش فقالت ميما :
_ ايدك مش مطاوعاك صح ( جذبت الهاتف من يده ) انا ايدي هتطاوعني
وبدأت مريم بحظر جميع الفتيات على قائمة الاتصال على هاتف زين وهو ينظر اليها مصدوم ولكن لم يستطيع بث كلمة لها ليثبت جديته في الحديث .. انهت ما تفعله واعادت اليه الهاتف :
_ اتفضل ..
_ خلاص ارتاحتي لما خليتها صحراء كدا
_ كفاية عليك الشمس اللى هي انا ولا مش عاجبك .
_ لا طبعا كفاية وهو انا هقابل حد عنده زلومة غيرك ..
حدفت نحوه منديل :
_ يا رخم ..
_ طيب ايه ناكل بقى ولا ايه ..
اعادت الطعام امامه وقالت :
_ يلا ناكل عشان ورانا مراجعة بليل ..
_ والواد عماد دا لو لمحك بس عرفيني وانا هتأكد انه ميقربش اصلًا .
_ هتعمل ايه ؟
_ مش هو بيحب الافلام الهندي هوصيله على فيل من المعبد وصايه .
ضحكت مريم هي وزين وعادوا لتناول الطعام وسط ضحكاتهم واحاديثهم ..
مر أسبوعان على حضور مريم وزين للدروس سويًا ، كانت الاجواء في البداية هادئة وبسيطة ومنظمة حيث مريم تقف دوما مع صديقاتها فقط وزين يقف مع اصدقائه الشباب فقط كما اتفقا عليه مسبقًا ان لا يسمح لمريم بالحديث مع الأولاد وهو اعطاها وعد الا يقف مع الفتيات أحترامًا لها ..
خلال تلك الايام كانت مريم تراقب زين بنظرات سريعة لتطمئن أن وعده مازال قائمًا فكانت تزداد ارتياحًا كلما وجدته محافظًا على المسافة بينه وبين اى فتاة .. لكن في يوم أثناء الاستراحة بين الدروس وقفت مريم كالمعتاد مع صديقاتها تتحدث معهن نظرت الى زين لم تجده برفقه اصدقائه الشباب .. لاحظت غيابه نظرت حولها لم تجده .. توجهت الى احدى اصدقائه :
_ محمود .. هو زين فين ؟
_ مش عارف خلص الدرس وخرج .
_ متعرفش راح فين ؟
_ مشي كدا تلاقيه راح عند السوبر ماركت .
_ اوكيه .
بدات مريم تتبع الطريق بخطى حذرة تتمني ان لا تراه برفقه فتاة ..
فلاش باك صباحًا قبل مغادرة المنزل ..
تذهب مريم الى منزل زين لاستعجاله للذهاب الى الدرس :
_ يابني هنتأخر وهنقعد فى الاخر
_ متقلقيش زيزو مسيطر انا قايل للعيال يحجزولنا
- هي سينما .. يلا بقى .
_ طيب هروح اكلم وزير الرى بسرعة
_ يوووه .. بسرعة طيب
ترك هاتفه وحقيبته على الطاوله امام مريم واتجهه سريعًا الى الحمام ، القت مريم بعيناها الى هاتف زين بتردد رغبة ملحة لتصفحه سريعًا لاطمئنان على التزامه .. امسكت الهاتف ولمعرفتها كلمة السر.. فتحت المحادثات وجدت محادثات الطرف الاخر اسماء شباب فلم تهتم ففتحت اخر محادثة وقرأتها .. دخل قلبها الريبة من طريقة المحادثة والقبلات التي توجد في الشات وتكرار كلمة اشتاق اليك .. نقلت الرقم الى هاتفها على برنامج الترو كيلر وظهر لها اسم فتاة وتدعي دعاء مصطفي وعلمت انها تلك الفتاة التي تحضر معهم الدروس .. شعرت بالضيق من كذبه وارادت ان تعاقبه .. ارسلت رسالة نصية اليها من هاتفه وبسرعة اغلقت الهاتف حينما سمعت خطواته قادمه نحوها .. :
- يلا ..
_ يلا ..
وصلت مريم الى طرف الممر المؤدي الى السوبر ماركت وتوقفت فجأة مكانها ، رأت زين يقف مع الفتاة بالفعل وهو ممسك يدها ويتحدث لها ويضحكان سويًا وزين مندمج فى الحديث .. لم تقترب مريم بل وقفت مكانها تراقبهم وامسكت هاتفها وارسلت رسالة نصيه من هاتفها ووقفت بالقرب منهم تستمع الى حديثهم :
_ مكنتش اتوقع انى وحشتك اوي كدا
_ انا كنت ع اتفاقي معاك مش هنتكلم خالص لكن لما بعتلي الصبح ف..
ثواني :
_ انا بعتلك ايه .. اخر مره اتكلمنا اول امبارح بليل كمان ..ايه الصبح دا ؟
اخرجت هاتفه واظهرت له الرسالة :
_ انت بعت قولتلي انا وحشاك وعاوز تشوفني وقولتك اوكيه .. اومال جيت ليه ؟
_ جيت لما لقيتك بتشاوريلي قولت فى حاجة لكن انا ..
صمت للحظة وامسك الهاتف وقرأ الرسالة والتوقيت وعلم ان مريم من ارسلت الرسالة وتم كشف كذبه ... تنهد وقال بصوت مليئ بالخوف :
_ دا انا يومي مش هيعدي هيتعمل منى شيبسي.
_ فى ايه ..
قبل ان يتحدث سمعوا صوت خلفهم لاحدى الشباب قادمين نحوهم :
_ ماشاء الله نجيبلكم عصير بالمره
التفت زين الى مصدر الصوت وكان الشخص احدى الشباب زملاء مريم وزين فى الدرس وكان معروف اعجابه الواضح بالفتاة .. حين رأته الفتاه ارتبكت وتحدث زين :
_ انت فاهم غلط يا صاحبي ..احنا كنا بنتكلم عادي مفيش حاجة بينا .
_ ومفيش حاجة بتتكلموا في المستخبي ليه كدا يا صاحبي .
_ اظبط كلامك معايا متتكلمش معايا كدا
_ كمان بتبجح .. يعني عاملنا كارت رعب عشان مريم محدش يقربلها لكن انت تخربها مع كل البنات عادي صح ، اتفقنا اخربها يا صاحبي واحنا كمان نخربها .. هروح لمريم و ..
عندما سمع اسم مريم وطريقه حديثه عنها اشتاظ زين غضبا ودفعه على الارض وبدء ينهال عليه بالضرب ودخل الطرفان فى عراك مما ذعر مريم فذهبت وطلبت الامن ليفض الاشتباك وسريعًا توجهت برفقتهم وبدء تبعد زين عن الشاب وبالفعل فضي العراك وسحب مريم من يدها وغادرا مكان الدرس... جلسا على الكورنيش فى صمت .. كانت مريم تشعر بالضيق لما ال اليه الوضع من ضرب واصابه زين في فمه ووجهه وزين يحاول أن يهدأ .. حاولت مريم ان تتحدث :
_ زيزو ..
قاطع حديثها وقال :
_ لو حيوان منهم قربلك قوليلي لا لو بصلك بصه عرفيني .
_ اهدأ يا زين محدش يقدر يقربلي اصلًا متخافش
_ مفيش حد يقدر اصلًا ولا يفكر .
_ طيب اهدأ بقى ممكن ..
_ يلا نمشي ..
_ على البيت يلا
_ مش هنروح المطعم ؟
_ هنروح وانت وشك مشفلط كدا تعالي نروح ونقولهم اننا روحنا البيت .
عادا الى المنزل وذهبا الى السطح وجلس زين ودخلت مريم احضرت شنطة الاسعافات الاولية وجلست بجانبه لتضع له الضمادات الطبية وقالت :
_ نفسي تتكلم ب لسانك بدل ايدك في مرة
_ ماهو انتى مسمعتيش قال ايه ؟
_ مهما قال الكل بقى يستفزك لانهم عرفوا انك سهل تستفز .
_ يا سلام .
وضعت اللاصقة بقوة وتألم :
_ حلو وانت موجوع كدا صح .
_ ماهو كله منك .. ع فكرة انا هغير باسورد الموبيل ومش هديهولك
_ بجد.. هل دا عقاب بقى ولا ايه ؟
_ انتى شايفة ايه ..
_ الله عليك في قلب الطرابيزة .. هو انا اللى وعدت وخالفت وعدي .
_ انا .. امتى دا ؟
_اللى في وشك دا كان ايه عندك عرض تنكري واحد مضروب
_ ماهو لو انتى تفهمي قبل ما تتسرعي كدا.. انا اسبوعين كاملين مفيش واحدة كلمتها صح ، دعاء كلمتها اسالها ع حاجة .
_ حاجة ايه بقي ؟
_ مستر العربي كان قال حاجة انا مسمعتهاش فهي كانت قاعدة فى الصف الاول فسمعت كويس فسألتها عادي زميل معاها.
_ يا سلام .. وانا كنت فين ؟
_ انتى كنتى نايمة ..
_ ايه ؟
اتنتبه لكلماته :
_ اقصد كنتى نايمة وانا براجع الملزمة في البيت لوحدى والصبح كان عندنا الدرس وحبيت افهم عشان افهمك مش انتى سالتيني على حاجة في الدرس مش فاهمها قولتلك هبص عليه وهقولك .. اهى دي .
_ زين .. انت ألفت الحوار دا دلواقتي صح ؟
_ لا من شويا .. الفت ايه واحد مضروب هل انا قادر ، انتى المفروض تسأليني وتسمعي اجابتي وبعدين تتصرفي لكن تبعتيلها واكيد انتى اللى عرفتيه مكانا .. ثواني هو انتى صح عرفتي رقمه منين هو رقمه معاكي ؟
قالها بغضب فقالت :
_ لا مش معايا انا كلمت صفا وخليتها تقوله .
_ عامله عليا كماشه انتى واصحابك ماشي ماشي .
_ عشان تعرف تكذب عليا كويس
_ مصممة انى كذبت انتى فطرتي ايه هو اكيد سندوتش الفول بتاع الصبح قفل الفهم عندك .
_ ماهو انت فطرت معايا فول .
_ عشان كدا انضربت ( اشار الى وجهه وضحكت مريم وضحك زين )
_ زين .. بجد لم نفسك بقى احنا داخلين ع امتحانات مش وقت لعب
_ حاضر هحاول ..
_ وشوقي ابو الشوق و جمال ملوش مثال ايه الاسامي دي استحالة تكون اسامي ولاد .
_ بدلع اصحابي
_ مفقوسه اوي اختار اسامي طبيعية اهو مكنتش هلاحظ حاجة .
_ حاضر هغيرهم لاسماء طبيعية لما انزل .
نظرت اليه باندهاش :
_ نعم ..
_ يا ميما بهزر معاكي بهزر .. انا همسحهم كلهم مباخدش من معرفتهم غير الضرب مفيش واحده فيهم نافعاني في حاجة .. انا اخد استراحة محارب ونعود بقوة للمعركة في الجامعة كريم قالي العالم هناك ايه ..
امسكت حقيبة الاسعافات الاولية ودفعته فى راسه بقوة :
_ يا مجنونه بتوجع ..
_ متكلمنيش تاني ماشي ..
_ استني هفهمك ..
تركته وتوجهت الى منزلها ... ليلًا ارسل لها زين رسالة وطلب منها الصعود الى السطح ، بالفعل بدلت ملابسها وصعدت :
_ خير ..
_ هو ايه اللى معاكي دا .
_ قولي الاول عاوزني في ايه ..
_ تعالي ..
اشار الى الطاوله وكانت عليها بيتزا ، ابتسمت مريم وحاولت ان تخبئ ابتسامتها فقال زين :
_ متخبيهاش خلاص شوفتها
اقتربت اكثر ورأت البيتزا المفضله لها :
_ ودا بمناسبة ايه بقى ؟
_ صلح صغنن لميما الشق .
_ بتضحك عليا بالاكل ..
اشار الى البيتزا وبملامح تعجب :
_ اكل.. هي البيتزا اى اكل دا انتى لو عرضوا عليكي تبيعيني مقابل بيتزا لارج اكسترا تشيز هتبيعيني .
_ لا مش هبيعيك هخليك عشان انت تجيبهالي ع حسابك
ضحكت وضحك زين:
_ دا انا كلي لك يا شق ..يلا ناكل انا متغدتش واستنيتك.
_ يا كداب اومال مين اللى ضرب اوردر المطعم دا انا شايفة الدليفري بنفسي.
_ دا تصبيره لغاية ما نضرب البيتزا مع بعض انا مصاب .
اشار الى الاصابة فى وجهه وابتسم وبادلته مريم الابتسامة وجلسا ليتناولا البيتزا .. قالت مريم :
_ ثواني استنى .
_ في ايه .
وضعت الحقيبة التي كانت معها امامه .. نظر اليها بتعجب وقال :
_ ايه دا ؟
_ شوف بنفسك .
فتح الحقيبة وكان بها علبه طعام فتحها وارتسمت على وجهه ابتسامة كبيرة :
_ ايه دا ؟
_ كبدة وسجق من عند عم فرج مشطشطين .
_ يا ميما يا شق .
_انا كنت هسيبهم مع سناء لما بعت رسالتك انك هنا قولت اديهملك .
_ ايه الرضا دا ..
_ بصراحة انا جيبتهم اصالحك بهم على اللى حصلك بسببي رغم انه بسببك على فكرة بس يلا حصل خير يومين واللى في وشك دا هيروح .
_ دا انا اضرب كل يوم بقي .
اشارت مريم الى البيتزا :
_ وتزعلني كل يوم
_ كدا اهلنا يطلع عينهم في المطعم ويجمعوا فلوس واحنا نضيعهم على البيتزا والكبدة والسجق .. يعتبر استثمار برضه صح بس فى معدتنا .
_ ايوه .. يلا ناكل ..
اخذت مريم قضمه من البيتزا :
_ جميلة اوي البيتزا .
_ المهم زلومتك ترضى عني .
_ زين احنا كبرنا على زلومتك دي بطلها بقى .
_ دا انتي الفيل الصغنن حجي يا شق .
_ يا رخم
_ ماله الفيل كائن كيوت لطيف بزلومه وبياكل كتير واسمه ميما .
خبطته فى كتفه :
_ والله انت رخم بجد يا ابو الفصاد .
_ ماهو انتى اكلتي اكلي فلازم اكون ابو الفصاد .
ضحكت مريم وبدء يتشاركان الطعام والضحك وبيهما جو خفيف ملئ بالود والتلقائية .. يتحدثان تارة ويضحكان تارة اخري وكأن الزمن توقف عند هذة اللحظة .. في لحظة عفوية امسك زين بكيس الكاتشب وبدون مقدمات وضع نقطة صغيرة على خد مريم وهو يضحك فتفاجئت مريم ثم ابتسمت وقام بالرد عليه بوضع الكاتشب على انفه ضاحكة .. لم تكن مجرد لحظات مرح بل كانت لحظات ينفردان بها في عالمهم الخاص بيهما من زحام الايام القادمة ، كانت اعينهم تلمع لا من الضحك بل من ذلك الشعور الجميل الذي جمعهم سويًا الذي لا يقال لكن يشعر به بوضوح الطمانينة والتفاهم ورغم بساطة اللحظة ولكنها كانت ذو أثر كبير في روحهما .
في مساء يوم ما تم حجز المطعم ليلًا كاملًا لاقامة حفل صغير لشخصين يحتفلان بزواجهما برفقة عائلتهما وبعض المقربين منهما .. كان المطعم يمتلأ بأجواء من البهجة والدفء .. تزين المكان بالانوار الناعمة التي انبعثت من سلاسل الاضاءة المتدلية على الجدران والسقف وأمتلأات الطاولات بزهور بيضاء ووردية تنبعث منها رائحة عطرة زادت من جمال الأجواء .. وضعت شموع صغيرة على كل طاولة تضئ بوهج هادئ يعطي شعورًا بالدفء والرقي ..
في أحد الزوايا جهز ركن خاص بالحلويات والكعكة المزينة بعناية وضع حولها أطباق من الشوكولاتة والفواكه وكانت هناك لافتة مكتوب عليها ( احببنا .. فوعدنا .. فتزوجنا ) .. الموسيقى تنساب بهدوء في الخلفية ، الحان رومانسية ناعمة تعبر عن الحب والبدايات الجديدة ..
حضرا مريم وزين سويًا فتم دعوة اصحاب المطعم وايضا لمساعدتهم في التجهيزات ولمسات مريم وزين التي اعطت للمكان جمال خاص يميز المكان عن اى مكان آخر .. كانت مريم ترتدي فستانً بسيطًا وأنيقًا ..اما زين فارتدى قميصًا وبنطال كلاسيكيًا يزيده وقارًا .. دخلا المكان يتبادلان الابتسامات ووقفا بين الحضور يشاركانهم اللحظة الجميلة وكأنهما يعيشان جزءا من حلم مشترك يتكون بهدوء .. بدأ المدعوون بالتصفيق حين دخل العروسان وعمت السعادة المكان بينما توزعت الضحكات والمباركات على الطاولات ..
كانت الاضواء خافته والموسيقي تنساب بهدوء في ارجاء المطعم بينما وقف الجميع يتابعون الرقصة الاولي للعريس والعروس في منتصف .. كان الزوجان يلتفان في رقصة حالمة يبتسمان لبعضهما كأن لا أحد سواهما في هذا العالم .. في أحد الاركان وقفت مريم تتابع المشهد بصمت عيناها تلمعان بضوء خافت يعكس ما بداخلها من مشاعر .. ابتسامة دافئة ارتسمت على وجهها هادئه مطمئنة تلك الابتسامة التي لا تصدر الا حين يرى القلب شيئا يتمناه ويتمنى ان يعيشه يومًا .. كانت تنظر الى العروس والعريس بنظرة مملوءة بالإعجاب ، ليس فقط بجمال اللحظة بل بحقيقة الحب نفسه .. كيف نضج وكيف صار وعدًا وكيف اكتمل بزواج ..
كان زين يقوم بمساعدتهم في اتمام التجهيزات وكان يبحث عن مريم وجدها تقف بمفردها في احد الزوايا تنظر الى العروسان فى شرود وع وجهها ابتسامة .. توجه اليها ووقف بجانبها بصمت لم يكن يقول شيئًا لكنه كان ايضا يشاهدهم والابتسامة تعلو وجهه ف اراد ان يشارك مريم تلك اللحظة .. ادركت مريم لوجود زين بجانبها فقالت له بصوت هادئ :
_ العروسة قمر ماشاء الله عليها .
اقترب اليها وقال بصوت واثق :
_ انا متاكد إنك هتكوني أحلى منها .
نظرت اليه متفاجئة وابتسمت واستكمل حديثه:
_ ان شاء الله دا يحصل لما تحققي حلمك زي ما مخططين بعد التخرج والمرسم والمعرض ان شاء الله .
ضحكت مريم وقالت :
_ يا لهوي عليك فصيل ..
تركته ووقف مكانه وقال :
_ معرفش انا ايه البنات دي كل ما تشوف عروسة بتبقى عاوز تبقى زيها ..ايه التقليد الاعمى دا .
انتهي الحفل وبدأت مريم وزين على ترتيب المكان وحينما انتهيا جلسا في الحديقة فى الخارج حينما ينتهيا عائلتهم في الداخل .. توجه زين يحمل في يديه ايس كريم وجلس بجوار مريم على الارض :
_ كنتي سرحانه في ايه في العروسة برضه ؟
_ كان اليوم جميل وهي جميلة .
_ طبعًا مستنيه منى اقول عقبالك وكدا لكن لا نخلص اللى ورانا الاول وبعدين نشوف الجواز دا الكلام ع ايه ..
ضحكت مريم :
_ هتعنسني جنبك انا عارفه .
_ انا نفسي افهم ليه مستعجلة على الجواز كدا .
_ مش استعجال بس الاحساس نفسه حلو انك تعيش احلى لحظات في حياتك وتقرروا سوا انكم تكملوا عمركم كلوا مع بعض وتتجوزوا ( رددت الجملة المكتوبه ) احببنا .. ووعدنا .. وتزوجنا .. جملة بسيطة لكن معناها جميل وكبير اوي .
_ كذا مرة اقولك خفي فرجة على الافلام الرومانسية بوظتلك دماغك .
_ هو مش حلو احب واتحب واتجوز اللى بحبه .
_ حلو .. اعتقد يعني .. لكن متفكريش فيها سبيها ، لهفتك انك تعيشي المشاعر دي هتلبسك فى حيطة لان اللى بتشوفيه في الافلام واخدين عليه فلوس لكن الحقيقة عكس .
_ الحقيقة برا في الصالة من شويا كان في اتنين حبوا بعض واتجوزوا .
_ استني عليهم شهر العسل يعدى هتلاقيهم ماسكين فى بعض .
_ بجد انت غريب اوي .. في اشخاص كويسين اكيد وانا اكيد هقابل واحد يحبني ويموت فيا كمان وانا كمان هموت فيه وهنعيش احلى من الافلام اللى بتتريق عليها دي عارف ليه لاننا هنعيش الفيلم الخاص بينا احنا الاتنين وبس .
_ دا فيلم قبور الاحباء بكمية الموت اللى قولتيها دي .
_ بتتريق ماشي الايام بينا وهتشوف بنفسك .
_ هشوف ازاى يعني هدفنكم بنفسي .
خبطته فى كتفه :
_ دا انت رخم وفصيل والله .
_ ميما .. احنا اخر سنه في ثانوية عامة تحديد المصير تركيز مطلوب عشان ندخل الكلية اللى عاوزينها ولما ندخل ونخلص حوارات الكلية زي ما انتى شايفة كريم كدا مش ملاحق وعد مني ليكي انا لو لاقيت شخص بالمواصفات اللى انتى عاوزاها دي انا بنفسي هاخدك لبيته واقوله ارحمناااااااا بسرعة .
_ يا رخم ... ولو ظهر قبل كدا
_ هاخده من ايده واقول دا باب الخروج العنوان غلط مع السلامة يا عسل .
_ نعم هتدخل في اختيار القدر ؟
_ مفيش اختيار .. ولا تزعلي هقوله احنا ورانا حاجات كتير عاوزين نعملها استنى ولو مش عاجبه مع السلامة
_ وانا .. مفكرتش فيا ؟
_ انتي خليكي في افلامك وبيتزاتك ولا هتحسي بحاجة صدقيني طول ماانا موجود ومعاكي مش هتحسي بفرق خالص .
_ انت ناوي تعيشني في وحدة
_ عيب عليكي انا موجود وتقولي كدا .. انا وكريم موجودين ولو ضاق بينا الحال ولازم نجوزك كريم موجود اهو عارفك وعارفاه وله نفس الرومانسيات الحالمة دي يعني هتنبسطي معانا متقلقيش .
_ هزر هزر .. وهو كريم هيسيب البنات الحلوة اللى معاه عشاني .
_ هو يطول اصلًا هيقابل بنت بزلومه فين .
خبطته :
_ يا رخم ..
_ لا بجد بنتنا مش زي اى بنت تانية يعرفها هي ميما واحدة وبس .
_ ثبتني كدا وخليني قاعدة جنبك ..صحابي كلهم ارتبطوا عارف ؟
_ ايوه عارف لاني ارتبطت بنصهم وبسببك قفلتي عليا النص التاني
_ مبهزرش انا.. بصراحة للحظة كدا اتمنيت اعيش الاحساس دا زيهم ، نفسي احكي زيهم زي ما بيحكوا بدل ما انا مقضياها انعام سالوسة ان شاء الله والف الف مبروك .
_ انتي كدا احسن اسمعي مني ..
_ يا سلام ..
_ بصي كريم قالي في مرة فى نوعين من البنات نوع بيستعجل ع رزقه ودول اللى بيلبسوا فى الحيطة بيهدروا مشاعر وحب على الارض كل دا عشان يعيشوا زي اللى حواليهم دخلوا علاقات لا مناسبة ليهم ولا مناسبة فى التوقيت بيخرجوا من العلاقة مدشملين مقضيانها تامر عاشور ذكريات كدابة وكل الرجالة مصطفى ابو حجر رغم ان دا اختيارهم هما محدش ضربهم ع ايديهم لكن من البهدلة اللى بهدولها لنفسهم مش قادرين يتحملوا مسئولية اختيارهم فبيرموا على اى حد ودول بيطولوا اوي لانهم مش قادرين يقتنعوا انهم اختاروا غلط او انهم يتحركوا من مكانهم ..
_ والنوع التاني ..؟
_ نوع الشق .. اللى زيك كدا نوع نادر اوي حياته وقلبه صفحة بيضا مبيتسرعش بيسيب كل حاجة لوقتها وبتجيله احلى ماهو عاوز وبيعيش احلى ماهو كان متخيل .. الدهب غالي الكل بيلبسوا لكن الالماس مش اى حد بيجيبوا صح ؟
_ ايوه ..
_ انتي بالنسبالي وبالنسبالنا قطعة الماس مش اى حد يستحقها ف بالتالي مش هنسمح لاي حد يخدشها .. هي وسطنا ومعانا بنحافظ عليها وبنحميها لغاية ما يجي صاحب نصيبها ولو فكر بس يجرحها هيشوف مني ايام سودة .
ضحكت مريم :
_ اهو بسببك انت مش هيجي هيخاف .
_ يبقى احسن خير ما عمل ريحني من خطط كنت هعملها عشان اطفشه .
_ قولتلك هتعنسني
_ قاعدة فى بيت ابوكي معززة مكرمة بتاكلي بيتزا براحتك احمدي ربنا ع النعمه .
_ الحمد لله ... واخربها انت صح .
_ خبرة بجمعلك خبرة ..
_ نعم هو انت بتكلم بنات لسه ..انت فكيت البلوك ؟
_ انا .. ابدا وغلاوة زلومتك ابدًا .
_ على الله يا زين اشوفك مع واحدة هيبقى يومك ويومها منيل ماهو انا ميتقفلش عليا وانت عايشها بحري .
_ اتحولتي ليه كدا .. عرفتي ليه مظهرش الفارس من الخوف .
خبطته فى كتفه وسمعت فى تلك اللحظة صوت والدها ليخبرها ليذهبا :
_ يلا يا رخم ..
_ ادخلي انتى هلم الدنيا هنا وهحصلك .
تحركت مريم من مكانها استوقفها زين وقال :
_ ميما
_ ايوه
_ هو انا قولتلك انك كنتي زي القمر انهاردة
ابتسمت وربعت يديها حول صدرها :
_ الوحيد اللى مقاليش بس انا اعتبرتك قولتها .
ابتسم زين واخفى ابتسامته فجاة :
_ متلبسيش الفستان دا تاني خلاص كدا .
_ نعم .. ودا ليه ؟
_ كنتى زي القمر والكل كان بيبص عليكي معرفتش اركز فى الحفلة ولا معاكي مش ناقصة لبخة قولتلك البسي جينز تنحتى وقولتي فستان فستان .
_ احنا معزومين على فرح ف لازم فستان يا رخم ..
_ ادخلي ادخلي ياام فستان .
ضحكت مريم وقالت :
_ وانت كمان كنت زي القمر ومش هفوتلك تسبيلك للبنات اللى كانت موجوده فى الفرح .
_ انا غلبان .
_ غلبان عبد البصير ..
_ ايه العسل دا ؟
_ عسل وطحينة ..
_ لا ميتسكتش ع خفة الدم على المسا دي تعالى ياام زلومه .
ركضت سريعًا مريم الى الداخل ووقف زين مكانه يضحك عليها ..
عادوا جميعهم الى المنزل ..
فى منزل محمود كان يجلس محمود برفقة سوسن يتبادلان أطراف الحديث بينهم بسعادة والابتسامة تعلو ملامح وجوههم واثناء مرور زين لغرفته سمع حديثهم حينما قالت سوسن :
_ ايه رايك نكلم كرم عشان بعد الامتحانات نقرأ فاتحة .
عاد زين اليهم وقال :
_ فاتحة مين وكرم مين ؟
_ انت منمتش ؟
_ كنت بجيب مايه وسمعتكم .
تحدث محمود:
_ اقعد ناخد رأيك
جلس زين وينظر بترقب الى والديه :
_ خير .. هو كرم هيتجوز ع سناء ولا ايه ؟
ضحك محمود وسوسن :
_ لا مش لدرجة دي .
_ اومال في ايه ؟
تحدثت سوسن:
_ ايه رايك نخطب مريم لكريم .. لما شوفتها بالفستان انهاردة كانت زي القمر فقبل ما تتخطف نخطفها احنا .
تفاجئ زين وقال :
_ نخطف مين هو في جايزة للى هيخطف الاول .. وبعدين تخطبوا مريم لكريم ازاي انا مش فاهم .
_ ايه اللى مش فاهمه يا زين .. كريم عمك لمريم بنت كرم ؟
_ هي السما كانت مفتوحة وانا وهي بنتكلم ولا ايه ؟
تحدثت سوسن بحماس :
_ انت كنت بتتكلم معاها ع كريم ، هو كريم قالك حاجة
_ لا كنت انا ومريم بنتكلم و دا كان هزار زي هزارنا معرفش هيقلب جد وبعدين لحظة .. لحظة .. هو كريم ميعرفش .
_ لما يجي هنقوله .
_ يعني هو فى البلالا ومريم فى البلالا وانتم فى البلالا صح
تحدث محمود:
_ اتكلم كويس يا زين .
_ انا اسف .. بس ازاى تفكروا تخطبوا لاتنين هما نفسهم ميعرفوش ..
_ احنا شايفينهم مناسبين لبعض وبجد ياريت نفسنا اوي يتخطبوا .
_ هو انتم هتحققوا اللى نفسكم فيه فى حياة غيركم ، وايه نفسنا دي هو طاجن بامية نفسكم فيه .
_ تقصد ايه ؟
_ اقصد تستعيذوا من الشيطان كدا .. اه البنت كانت زي القمر انهارده بس دا مش سبب قوي انك تلبسوها بالشكل دا .
تفاجئا من كلمات زين كلا من محمود وسوسن وتحدث محمود بحده :
_ نلبسها .. نقي كلامك هو كريم وحش ؟
_ لا يا بابا مش قصدي بس اقصد احنا عندنا امتحانات وبعدها جامعة وفي خطط وحوارات كتير حضرتك .. ف بلاش تشغلوا دماغها بالجواز والعيال والبامبرز والفرهدة دي ..
تحدثت سوسن :
_ طيب هاخد راي كرم وسناء
تدخل زين:
_ طيب قبل ما تاخدوا رأيهم خدوا رأي كريم الاول وبعده قرروا .
تحدث محمود:
_ صح نتكلم مع كريم الاول .. هو جاى الاجازة دي انا هتكلم معاه .
نظر اليه متعجبًا :
_ جاى الاجازة دي بجد؟
_ ايوة كلمني انهاردة ولما سالته قالي جاي الخميس .
بملامح صدمة :
_ الخميس اللى هو بعد بكرة صح ؟
ضحكت سوسن:
_ مالك يا زيزو مصدوم كدا ليه
_ ها .. اصل الايام بتجري ولا التروبيني ..
ضحكوا وصمت لحظة وقال :
_ امتحانات اخر السنة قربت خلاص ومش عاوزين تشتيت يا جماعة .
تحدث محمود:
_ نسأل كريم المرادي ونعرف رأيه وبعد الامتحانت نتكلم مع كرم
قال زين :
_ دا لو وافق .
_ وهيرفض ليه .. هيوافق أن شاء الله .
قال زين هامسًا :
_ ان شاء الله كريم هيرفض
_ بتقول ايه ؟
_ بقول ان شاء الله ربنا يكتب الخير للجميع للجميع ..