رواية حارة الربيع الفصل الرابع بقلم جميلة القحطانى
بنفسها، وتقول:اللي هتحفظ النهاردة خمس آيات، ليها تمرية بالعسل من إيدي.
صفية، فاطمة، وانتصار قاعدين حواليها، كل واحدة معاها كرسي صغير، وكتاب تفسير.
رنا وملك وهاجر البنات الصغيرين قاعدين بين رجليهم، بيقلّبوا في الكتيبات الصغيرة.
فاطمة بابتسامة:عارفة يا ماما… أنا كنت نسيت ريحة الهدوء ده، من ساعة ما الدنيا دخلتها زحمة.
الحاجة وداد:اللي ما بيفتحش قلبه للقرآن، عمره ما يحس بالونس… حتى لو وسط مليون شخص.
انتصار:بس إحنا فعلاً اتونسنا… بقينا نحب الجمعة مش علشان الأجازة، علشان قعدتك دي يا حاجة.
بعد الجلسة، السيدات يقعدوا على الترابيزة الطويلة في البلكونة، ويفرشوا قماش وألوان وخرز.
صفية بتشتغل في كروشيه لغطا صينية،
فاطمة بتخيط أكياس قماش مطرزة،
انتصار بتعمل سلال خوص،
والبنات حواليهم، بيتعلموا، وبيضحكوا، وكل شوية واحدة تقول ملك:يا ماما دي غرزة عدّلة ولا مقلوبة؟ أنا مش فاهمة حاجة!
هاجر:يا سلام، بصّي غرستي أنا أنضف منك!
رنا بفخر:أنا عملت دايرة طلعت شبه بطاطساية!
والضحك يعمّ المكان، والأشغال اليدوية تتعلّق بالحبل في البلكونة، كأنها لوحات فنية.
في ساحة جنب البيت، أحمد، خالد، أدهم، ورضا بيلعبوا ماتش كورة حامي،
كلهم لابسين تريننجات قديمة، والشراب طالع من الشبشب، وبيتحمسوا كأنها نهائي كاس العالم.
أحمد وهو بيعدّي:هات يا رضا… هات الباص… ما تبصليش كده، دي كورة مش طابونة!
أدهم:مستر أحمد، بعد الجون ده هنفتح أكاديمية، إيه رأيك؟
خالد ساخر:أكاديمية إيه؟ دي رجلك كانت هتخبط في الحيطة وانت بتشوط!
ييجوا الأطفال الصغيرين يتفرجوا، والستات يزعقوا من فوق انتصار:أوعوا تكسروا الإزاز يا ولاد… المرة اللي فاتت شباك أوضة النوم اتخرم!
أحمد ضاحك:هنلعب بشياكة يا طنط… زي برشلونة أيام زمان.
يأذن المغرب، وريحة الطبيخ تطلع من كل شباك،
الكل يدخل يتوضى، ويلبس جلبيته أو طرحة الصلاة،
ويجتمعوا في الصالة الكبيرة… الرجال على اليمين، الستات على الشمال،
الحاجة وداد تصلي بيهم ركعتين، وبعدها تقول:اللي حافظ حاجة يقولها، واللي قلبه متدايق ندعيله.
هاجر تقول دعاء، أحمد يرتّل، وفاطمة تمسح دمعتها بهدوء، وملك تسلّم على أمها بعد الدعاء.
البيت كله نور، مش من الكهرباء،
لكن من البركة اللي ساكنة فيه…
دارهم الكبيرة، اللي عمرها ما بتضيق بأهلها.
مالك الرفاعي
السن: في أواخر الثلاثينات
شعره بني غامق، دائمًا مرتب