رواية حارة الربيع الفصل الخامس بقلم جميلة القحطانى
ببساطة
عيناه رماديتان تميلان إلى الزُرقة، فيها نظرة صبر وتأمل
بشرته قمحية فاتحة
طويل القامة، متوسط البنية
أسلوب لبسه هادئ وأنيق، غالبًا قميص بألوان ترابية وساعة جلد قديمة
كان طبيبًا نفسيًا سابقًا، لكنه ترك الطب واتجه للعمل في مجال التأهيل المجتمعي ودعم الناجين من الصدمات.
عاش فترة طويلة في العزلة بعد وفاة خطيبته، لكنه عاد للحياة تدريجيًا عبر مساعدة الآخرين.
هادئ جدًا، لا يتكلم كثيرًا، لكنه حاضر دائمًا. يملك طريقة في الكلام تطمّن، مش تنظّر.
ينصت أكثر مما يتكلم.
يعطي إحساسًا بالأمان لمن حوله، لكنه لا يسمح لأحد بالتسلل إلى قلبه بسهولة.
عنده فلسفة شخصية عن التعافي، مؤمن إن كل إنسان يملك داخله بذرة شفاء.
مالك أكثر غموضًا، ويميل للعزلة.
يحمل في داخله ذنب لم يصرّح به أبدًا، ويتجنّب العلاقات العاطفية لأنه يرى نفسه غير صالح للحب مرة أخرى.
لكنه حين يحب، يحب بصمت، وبثبات، وبدون وعود… بل أفعال.
مركز إعادة تأهيل نفسي بسيط غرفة جلسات جماعية
الزمان: مساء هادئ، الشمس بتغيب، والضوء الذهبي داخل من الشبابيك
كانت جالسة في آخر الصف، تحاول ما ترفعش عينيها…
في إيدها دفتر صغير، وإيدها التانية بتشد طرف كمها، كأنها بتحاول تخبي نفسها من كل العيون.
دخل هو.
خطواته هادئة، لا سريعة ولا بطيئة.
كان مختلف مش بالطريقة اللي تخليك تنبهر، لكن بالطريقة اللي تخليك تاخد بالك من سكوته.
جلس على الكرسي، وفتح دَفتره.
مفيش ترحيب صاخب، مفيش ابتسامة مجاملة، مفيش جُمل محفوظة.
بس قالها بنبرة هادئة، صافية كإنها مية مالك:مافيش حد بييجي هنا صدفة بس في ناس بتتأخر، وناس بتخاف، وناس بتفكر ترجع.
إنتِ جيتي وده لوحده خطوة تستحق التقدير.
رفعت عينيها بخجل.
كانت متوقعة تلاقي شخص زي باقي الأطباء كلمتين محفوظين ونظرة شفقة.
لكن هو كان بيسمعها من غير ما تتكلم.
سألها سؤال بسيط مالك:لو كان في كلمة واحدة بتوصف حالك دلوقتي هتكون إيه؟
اتلخبطت بصّت في الورق.
وبعد تفكير طويل، همست:ضايعة.
ابتسم، ابتسامة صغيرة ما وُلدتش من شفقة إنما من فهم عميق، وقال مالك:اللي بيحس إنه ضايع، غالبًا لسه ما اكتشفش هو مين مش ضايع، بس تايه جوه زحمة مش صوته.
وإحنا هنا، بنهدّي الزحمة.
نظرت له للمرة التانية ولأول مرة، من شهور، ما خافتش.