رواية لعنة الضريح الفصل الخامس 5 بقلم منى حارس

   

رواية لعنة الضريح الفصل الخامس بقلم منى حارس


وبعد مرور شهر انتقل فهمي وأسرته إلى الشقة الجديدة ، وكانت الزوجة سعيدة جدًا بانتقالها، فأخيرًا أصبحت قريبة من مكان عملها وإرتاحت من المواصلات والتعب ، بالإضافة أن الشقة  واسعة  ولم تكن تحلم بالعيش بها يوما ،  ولكن قلق الزوج وشكوكه لم ينتهي بعد فمازال عقله يفكر .
 ردد بقلقٍ يحدث زوجته يوما : 
ما تتكلمي مع أينور وتخلّيها تنام مع اخواتها في الأوضة التانية يا هناء ، البت من ساعة مسكنا في الشقة وهي واقفة في الشباك تتفرج على المقابر وسرحانة مش عارف بتبص على إيه بس وايه اللي عجبها  ؟
فردت عليه : 
واخدة بالي يا حبيبي وكلمتها كتير وغلبت معها ولكنها أصرت على الأوضة دي  ، ورافضة أي أوضة تانية ، تنهد فهمي بضيقٍ قائلًا: 
خلاص كلّمي إيناس تنام معاها عشان متخفش بالليل دي أكيد بتحلم بكوابيس طول الليل .

 تتنهدت بهدوء قائلة: 
حاضر يا فهمي اللي شوفه ونادت الأم على ابنتها إيناس وطلبت منها أن تنام مع أختها في الغرفة الأخرى التي تطل على المقابر وتترك الغرفة لأخيها  ، فردت الطفلة برعبٍ قائلة:
 لا انا هنام مع اخويا إيهاب يا ماما  .
فنظر لها الاب بحيرة  ثم تساءل قائلًا:
 ليه يا إيناس يا بنتي هي أينور زعلتك في حاجة ولا إيه احكيلي متخافيش ؟ 
فردَّت بقلق وصوت منخفض:
 لا بس مش عاوزة انام  معها في نفس الأوضة يا بابا ,  مبحبهاش ، صرخت الام  بصوت عالٍ:
 ليه يا إيناس متحبيش أختك  الكبيرة وهي بتحبك  قولي عملتلك إية ؟

وهنا تبكي الطفلة وترتجف وهي تتحدث بخوف وصوت متقطع  : 
علشااااااان أينور أينوررر... 
لم تكمل جملتها فلقد دخلت أينور الغرفة مرة واحدة  وهي تنظر لها بثبات وبطريقة حادة وعيون واسعة ، وتبتسم قائلة: 
مالك بتعيطي ليه يا إيناس ،  وظلت تنظر لعينيْ أختها الزرقاوين بحدة   واكملت جملتها بتحدٍّ غريب: لو في حاجة مزعلاكي قولي واخلصي .
فردَّت هناء بحيرة :
 أينور انتي زعَّلتي اختك في حاجة يا بنتي ... 
قطعت  إيناس حديثها بطريقة حادة وهي تردد بصوت عالي :
 لا يا ماما، أنا بحب أختي أينور وهي مزعلتنيش في حاجة بس عاوزة انام مع إيهاب وخلاص ومبحبش لون  الاوضة التانية ، لاحظ الأب تغيُّر لون عين ابنته الكبرى مرة اخرى  وهمس محدثًا نفسه: 
"معقول يكون نظري ضعف أوي كدة ، اينور عينيها بني غامق نفس عيون أمها فهي صورة طبق الأصل من زوجته عكس اخواتها ازاي عنيها تتغير كدة  للون البنفسجي، حاول إقناع نفسه أن هناك مشكلة في الإضاءة  فقط وربما نظره ضعف ولم يعد كما كان ، لا يدري لما تذكر  لون عين نادر السلموني  ، لقد كانت نفس اللون , فهذا ما لفت نظره عند لقاء الرجل ، كان شارد الذهن  في عالم أخر والتفت  بحِدَّة تجاه ابنته ليتأكد مما رآه  ، فوجدها تبتسم بثقة ابتسامة صفراء وهزَّت رأسها مؤكدة ، وكأنها كانت تسمع أفكاره وابتسمت قائلة: 
ايوة كان لونها بنفسجي يا بابا  ، ثم أطلقت ضحكة عالية تردد صداها في أذن فهمي الذى شعر  حقا بالقلق والتوتر في تلك اللحظة . 
                          &&&&
 
كانت أينور تقف  في فناء المدرسة مع صديقتها الوحيدة بالمدرسة وتدعى  ريهام  منذ أن دخلت المدرسة  كانت الفتاتان تتحدثان ؛ وكانت ريهام صديقة عمرها ورفيقة دربها منذ سنوات طويلة ، كانت  تشعر بحيرة من أمر صديقتها ، فقالت بقلق :
 مالك يا أينور في حاجة مزعلاكي؟

فردَّت أينور قائلة: 
بتقولي كدة  ليه مش فاهمه  يا ريهام  أنا بخير وكويسة ؟
إحساسي انك بقيتي واحدة تانية في حاجة متغيرة انت زعلانه مني ، انتى زي متكوني  مش صاحبتي من سنين .. قطعت حديثها بغضبٍ قائلة:
 بلاش تقولي الكلام  الغريب دا ،  انا اينور صاحبتك ودا أحسن ليا وليكي ودا افضل لينا كلنا. 
 لا يا أينور مش هسكت، إنتي صاحبتي من زمان ايه اللي غيرك مش فاهمه ,  وليه مبتحضريش درس الإنجليزي وبتغيبي من المدرسة كتير كمان بتروحي فين  ، أنا اتصلت بطنط مامتك وقلتلها كل حاجة من تليفون ماما انهاردة قبل ما اروح المدرسة .
فقاطعتها أينور بنظرات غاضبة وبصوت مخيف: 
إنتي قولتي لماما إيه بالظبط ؟
شهقت الفتاة بذعر وهي تنظر بخوف كبير  إلى عينيْ  صديقتها التي تغيَّر لونها ، وتسارعت دقات قلبها  الصغير من التوتر والرعب ،  ورددت الفتاة بأنفاس لاهثة  وبصوت متقطع وهي تشير إلى عين صديقتها قائلة:
 أينور.. عينك.. لون عينك اتغير.. انت..انت 
ولم تكمل الفتاة جملتها ، فلقد تركتها أينور ورحلت سريعًا وهي تصيح بصوت عالٍ قائلة:
 هتندمي على إللي عملتيه  وكلامك الكتير ولسانك دا  هيتقطع ويتقص.. 
ثم أطلقت ضحكة عالية مخيفة تردد صداها في المكان وسمعتها معظم الطالبات في فناء  المدرسة ، ولم تستطيع اي منهما التدخل في الامر فلقد تغيرت الفتاة الرقيقة  الطيبة التي كانت تشبه الملائكة لتصبح شيطان رجيم وتخيفهم جميعا بنظراتها الباردة الخاليىة من الحياة  .

         &&&&

كانت الأم تنتظر ابنتها في المنزل بغضب شديد ،  بعد أن اتصلت بها صديقتها، وأخبرتها بتغيُّب ابنتها عن درس اللغة الإنجلزية ,  وتغيُّر حالها كثيرا وتغيبها عن المدرسة ، وهنا فتح باب الشقة و دخلت الفتاة لتجد أمها ثائرة وتنظر لها بغضب كبير قائلة :
 حمد لله على السلامة يا هانم ، سيادتك راجعة بعد خروج المدرسة بتلت دقايق  ، مع إن المشوار بياخد أكتر من تلت ساعة ، لحقتي ترجعي من المدرسة ، عاوزة اعرف كنتي فين بالظبط ،  وما رحتيش المدرسة ليه انهاردة؟

فترد الفتاة ببرودٍ شديدٍ قائلة: 
كنت في المدرسه يا ماما .. 
 إنتي لسه هتكذبي عليا إنطقي كنتي فين ،  قولي كل حاجة بصراحة احسنلك ..
وتستقبل أينور ثورة أمها ببرودٍ شديد قائلة:
 قلتلك كنت في المدرسة مش مصدقاني إتصلي بالأستاذ علاء مدرس العربي ، كان عندي الحصة الأخيرة عربي واتفضلى الكراسات كلها متعلمة والدروس اللي أخدتها انا مبكذبش يا ماما .
ثم أخرجت جميع دفاترها من الحقيبة ، وناولتها للأم الغاضبة تفحصت الأم الدفاتر بصدمة حقيقية فجميعها عليها علامات وتاريخ اليوم ،  ولكنها أصرت على الاتصال بمدرسها للتأكد ، الذي أكَّد بدوره أن ابنتها كانت في المدرسة اليوم ، وشعر المدرس بالحيرة من وصول الفتاة بتلك السرعة الفائقة ورد على الأم  قائلًا: - غريبة باب المدرسة لسه مفتوح من دقايق وهي كانت لسه نازلة مع زميلاتها على السلم قدامي وصلت البيت إزاي مش فاهم  .
انهت المكالمة وهي تحاول أن تتمالك أعصابها فقالت هناء  بهدوءٍ مصطنع:
 ماشي يا أينور.. عرّفيني بقى ما بتروحيش درس الإنجليزي ليه ،  ريهام صاحبتك كلمتني وقالت لي على كل حاجة.. 
وهنا لاحظت هناء تغيُّر لون عين ابنتها فارتبكت  قليلًا وخفضت من صوتها وهي تسأل بتوتر :
 عاوزة اعرف انتي بتروحي فين يا حبيبتي ومبتروحيش درس الانجليزي ليه ؟

فردَّت أينور ببرودٍ: 
مدرّسة الإنجليزي شرحها وحش وما بفهمش منها كويس.. 
مقلتيش ليه من الأول كنتي أخدتي عند مدرّسة تانية.. 
وهنا ترد أينور ببرودٍ قائلة:
 أنا بذاكر لوحدي ومش محتاجة دروس يا ماما .. 
 فقالت هناء بعصبية:
 وكنتي بتروحي فين وقت الدرس، أنا من ساعة ما عرفت وهتجنن دماغي هتقف من التفكير لازم تقولي  الحقيقة، إحنا طول عمرنا اصحاب .
وهنا تتنهد أينور ببرودٍ قائلة: 
كنت بروح اتفرج على الشواهد يا ماما ارتحتي دلوقتي؟
فردت هناء بتعجُّب قائلة: 
شواهد إيه مش فاهمة وتطلع إيه الشواهد دي؟ 
ردت أينور بصوتٍ مخيفٍ وعيناها تلمعان بشدة في المكان مع تغيرهما قائلًا:
 الشواهد هي المقابر ثم أطلقت ضحكة غريبة عالية تردد صداها بصوت مرعب ومخيف في أذن الأم  فجعلها تشعر بالإرتباك والخوف  ، لتغيُّر لون عين ابنتها عندما ضحكت لقد شعرت وكأن عينيها مضيئتان...
فردَّت بخوف وتوتر قائلة: 
قولي  انك بتكذبي وقولي الحقيقة ومش هعمللك حاجة  ما تخافيش انتي حبيبتي وطول عمرنا اصحاب وما بنخبّيش حاجة على بعض يا اينور .. 
تمنَّت هناء أن تخبرها أينور بأنها تكذب وأنها كانت تخرج مع صديقاتها  للعب وليس للذهاب  إلى المقابر.. ولكن الطفلة ابتسمت بثقة قائلة: 
أنا قلت الحقيقة ، أينور ما بتكذبش أبدًا.. 
فتردّ هناء بلينٍ ولطفٍ وبصوتٍ منخفض محاولة تمالك اعصابها : 
وليه يا أينور تروحي الأماكن  الوحشة دي مع اصحابك وتعملوا فيها المغامرون الخمسة ، أنا لازم أعرف مين اللي كان بيروح معاكي هناك.. 
فتتنهدت  أينور قائلة:
 ريهام هي الوحيدة اللي كانت بتيجي معايا عند الشواهد ونلعب وسط القبور والجثث .. 
 شعر ت هناء بالحيرة فقالت : 
طيب لو كلامك حقيقي هي ليه اتصلت وقالت لي انك بتغيبي من المدرسة والدرس ؟
 علشان متخانقين مع بعض وافتكرت اني هخاف أقول الحقيقة لكن أينور ما بتخافش من حد أبدًا.. 
شعر هناء بالضيق من طريقة كلام ابنتها المستفزة وقالت: 
-  روحي دلوقتي وانا ليا تصرف تاني بكرة إن شاء الله مع أم ريهام..
 ابتسمت  أينور ابتسامة خبيثة قائلة:
-  إحنا مش هناكل ولا إيه فين الغدا أنا هموت من الجوع.. 
- على السفرة ، نادي على اخواتك واتغدوا مع بعض.. أنا هستنى بابا لما يرجع من مشواره.. 
وهنا نادت أينور على أخويها ليأكلا معها ولكنهما رفضا ، وردت أختها برعب قائلة:
 إحنا هناكل مع بابا إتغدي انتي يا أينور.. فضحكت ضحكة مخيفة عالية بصوت عالي ثم قالت:
 إنتم أحرار بس هتاكلي انتي وإيهاب نصيبكم من اللحمة  دي ولا اكله أنا ؟
فردت إيناس: 
مش عاوزين كلي يا أينور إحنا ما بنحبش اللحمة.. 
لاحظت هناء شراهة أينور وهي تأكل اللحوم بطريقة غريبة جدًا ومقلقة ، ففي  الفترة الاخيرة أصبحت تأكل الفتاة نصيب أخويها ووالدها من اللحوم والطيور بنهمٍ شديدٍ ودون أن تشعر بالشبع او الذنب .. 
وهذا في حد ذاته أمر غريب ؛ فأبنتها منذ كانت صغيرة وهى  تكره اللحوم ونادرًا ما تأكل منها ،  وقفت هناء تتابع أبنتها وهي تأكل بشراهة وبطريقة غريبة جدا وتتساقط اللقيمات وبواقي الطعام من جوانب فمها بطريقة مقززة وغريبة ، وهمست  تحدِّث نفسها: 
مالك يا أينور حصل لك إيه يا بنتي بس ،  أنا لازم اعرضها على دكتور نفسي لما يرجع فهمي من مشواره.. هتكلم معاه ونشوف حل..البنت اتغيرت اووى وبقيت غريبة وتخوف  ؟ 
-
-
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1