رواية هالة الفصل الخامس بقلم جميلة القحطاني
-
فيه أثر.
مش سم… لكن رسالة.
رسالة للي ياكل… أو للي يراقب.
نهى رجعت قبل المعاد بشوية…
لقيت هالة شغالة زي النحلة، بس وشها جامد، وعينيها فيها نار.
هالة… في إيه؟ إنتي مالك؟
هالة بصتلها، وقالت بصوت هادي:مش هسكت يا نهى.
حتى لو رمزي قتلني،
أنا عرفت، وده يكفيني.
هو بيلعب بالنار…
وأنا بقيت النار نفسها.
وبعد دقائق رمزي دخل على هالة وهي في قمة انشغالها بتجهيز السفرة، وظهر فجأة وكأنه رجل هادي لأول مرة.
قال بصوته البارد:شغلك عاجبني. جه الوقت تبقي في مكان يليق بيك… فوق.
مدّ لها ملف من ثلاث ورقات، وقال:ده عقد العمل الجديد. المطبخ الرئيسي هناك، وهيبقى باسمك. محتاجة توقعي بس.
هالة، وهي تعبانة ومرهقة وعقلها مشغول، خدت الورق ووقّعت بسرعة.
خلصت إعداد الأكل، وقبل ما تروح تنادي عليه، سمعته بيضحك بصوت عالي بشكل هستيري.
رجع لها وقال:برافو يا هالة… دلوقتي رسميًا… إنتي بقيتي مراتي.
مبروك!
وقّعتي على عقد الزواج… بإيدك.
سكتت… عينيها وسعت…
الدنيا بتلف…
وشها بيعرق رغم البرد
قلبها بينبض بسرعة…
قالت بصوت باهت:إنت كدّاب… دي خدعة… أنا ماوافقتش…
قالها ببرود:الورق قانوني. ودي كانت شهودك اللي إمضاتهم سبقتك.
أهو انتي كتبتي اسمك بإيدك…
وحياتك من دلوقتي... بقيت بتاعتي.
كانت هالة بتغسل هدوم في ساحة صغيرة جنب المطبخ، لسه مش مستوعبة اللي حصل امبارح.
يدها بتتحرك آليًا، والمية ساقعة كأنها بتغسل عقلها من الصدمة.
وفجأة، دخل طفل صغير، حوالي 6 سنين، شكله نظيف، شيك، عنده كاريزما، بس نبرة صوته كانت فيها سخرية بريئة:إنتِ الخدامة الجديدة؟! ولا العروسة بتاعة بابا؟
هو قال إنّه جاب عروسة خدامة!
هالة وقفت.
الهدوم وقعت من إيدها.
وبصّت له…
قلبها وقع.
هالة:إنت اسمك إيه؟
الولد قال بابتسامة فخر:آدم رمزي عبد الستار.
هالة تسمّت.
يعني مش بس جوزها بالإجبار،
ده كمان عنده ابن… وهي ما تعرفش.
كان البيت الكبير في حي المعادي القديم بيغلي كأنه خلية نحل، والكل بيجري في كل اتجاه.
الست نعيمة، جدة العيلة، كانت واقفة في المطبخ تدي أوامر:خلي الكوارع تستوي عالنار الهادية… والرز ما تنسوش ترشوا عليه شوية سكر زي ما بيحب جدوكم.
وفي الصالة، كان فيه مزيج من الضحك والركض والمقالب، ولاد العم بيتسابقوا على من يسبق يخلص الزينة.
ليلى، البنت الهادية ذات العيون الواسعة، كانت واقفة في الشباك تتأمل الطريق، قلبها بيرف كل ما تسمع صوت عربية.
