رواية اماليا ( حفيدة الملك ) الفصل السادس بقلم فاطمة عطية
عاد سام إلي الكهف بعد عدة أيام من هربه بناءا علي أمرها له ، تجول في أرجاء المكان و لم يجد لها أثرا .. قرر تتبعها من خلال رائحتها العالقة في الطريق
وصل إلى حيث المقر ، ظل يتابع المكان لعدة أيام ليري من يدخل و يخرج منه ، لكنها لم تظهر .. فتابع مراقبته متخفيا بين الشجيرات علّها تأتي في وقت ما !
جلس يوسف مع يزيد و نور في غرفة الأبحاث .. نظرت الأخيرة للأوراق في يدها و سألت :
_ البنت دي قالتلكم أي حاجة عن الفهد ؟
_ لم تتحدث بعد
_ بقالها أسبوعين عندنا و مش عارفين نطلع منها بمعلومة ! .. ده أحنا حتي معرفناش هي ليه عايشة لوحدها في الغابة ، و لا فين أهلها و لا حتي أسمها إيه !
_ الأمر غريب .. أنها تتكتم بشكل كبير عن معلوماتها و لا نعرف السبب !
_ يوسف أنت معانا ؟
تساءلت حين وجدته شاردًا يبتسم بمفرده كالأبله .. أنتفض و تابع حديثهما يقول بأرتباك :
_ معاكم اااه .. أنا .. مش عارف هي مش بتتكلم ليه !
رفعت حاجبها بتعجب و عادت لأوراقها :
_ أنا من رأيي نسيبها ترجع للغابة و نمشي وراها .. أكيد الفهد اللي كان معاها ده هيظهر و نقدر نقبض عليه !
_ لا .. أحنا مش هنقبض علي سام .. أقصد علي الفهد اللي كان معاها !
رفعت نظرها عن ما تفعل وضيقت حاجبها بسخرية :
_ و ليه منقبضش عليه مش ده شغلنا ؟؟
_ أنتي مش واخده بالك أنه من ساعة ما هرب و أختفت الضحايا تماما ! .. ده معناه أنه ممكن يكون مشي من هنا !
_ و أنت إيش ضمنك إنه مشي ، كمان ممكن يكون فيه غيره
طقطق يوسف بلسانه و نفي برأسه :
_ مظنش إن في غيره ، الفهد الأسود نادر جدااا .. يعني وجود واحد منه يعتبر بالنسبالنا معجزة ، الباقي بقي هيجي منين ؟
_ معاك حق ، بس بردو حسه إن وجود البنت دي هنا مبقاش ليه لازمة .. من رأيي إننا نسيبها بقي تعيش حياتها !
_ حياة إيه اللي تعيشها دي عايشة في الغابة يا نور !
عقدت حاجبيها و قالت ببرود :
_ دي حاجه متخصناش يا دكتور ، أحنا جمعية مهتمة بسلوك الحيوان مش حقوق الإنسان !
شملها يوسف بنظره من الأعلي للأسفل ، قد تكون محقة فوجود أماليا أصبح لا يفيد عملهم و هم بحاجة لاصطياد سام ..
☆☆☆☆☆☆
دخل غرفتها فوجدها غافية ، أقترب منها و مسح بيده فوق شعرها بلطف شديد ثم همس :
_ أنتي بالنسبالي لغز يا أماليا .. مش عارف إيه اللي بيحصلي لما بشوف عنيكي ، جسمي بيقشعر و ببقي عايز أخدك في حضني و أخبيكي من الدنيا كلها ! .. عندك أسرار كتيرة أنا مدرك لده ، بس هموت و أعرف إنتي ليه عايشة في الغابة ، و إيه الحزن و الخوف اللي في عنيكي دول .. و ليه بتحبي سام كده !
تنهد بثقل و مشط شعرها الأملس بيده :
_ مش هقدر أسيبك تمشي مش هقدر .. حاسس إني عايز أخدك و أفتح قلبي و أحطك جوا و أحميكي من كل حاجة بتزعلك و تخليكي تعيطي !
أنا إيه اللي بيحصلي ده بجد !!
تنهيدة أخيرة ثقيلة خرجت منه ، ترك شعرها و أتجه لطاولة الدواء ، أعد أبرة طبية و ملئها بنوع من الفيتامينات ، ثم عاد ، أفرغها في المحلول المعلق المتصل بيدها يمدها بالغذاء فهي ترفض الطعام و الشراب منذ يومين !
ألقاها في سلة المهملات .. مسح شعرها مرة أخيرة برفق ثم تركها و انصرف ، قلبه مثقل بكثير من الأسئلة و الأستفسارات ليته يجد لها جوابا !! ..
في اليوم التالي ، دخل يوسف إلي غرفتها و وجهه يحمل تعابير لم تفهمها .. نظرت له متمعنة و سألته بعدم فهم :
_ يوسف ؟ .. أنت كويس !
أقترب من فراشها ، ضغط بيده مقدمة رأسه ، هرب بعيناه من شعاعيها ، تنهد بثقل
ثم فجأة قال دون مقدمات :
_ الفهد بتاعك .. أتمسك !
برقت عيناها بصدمة لا مثيل لها ، وجهها شحب لدرجة حاكت ثياب المشفي البيضاء التي ترتديها .. أنتفضت برعب و حاولت الفرار من قيدها بقوة ، صرخت بفزع :
_ سام ! .. لا ساام أوعي تقتـ.ـلوه .. سام لا !
أهتاجت بشدة ، تخيلت كل الطرق التي يمكنهم بها قتـ.ـل صديقها الوحيد و عائلتها ! .. تشنج جسدها ، علي صراخها ، سحبت يدها من القيد بعنف لعدة مرات تحاول التحرر
تساقطت دمعاتها و صرخت بقهر :
_ فكني حالا .. فكني مش هسيبكم تقتـ.ـلوه ، لو قتـ.ـلتوه هقتـ.ـلكم .. هقتـ.ـلكم لو قتـ.ـلتوه مليش غيره أوعي تقتـ.ـله ...
بقي صامتا يتابع حركاتها المهتاجة و صراخها الذي آلم قلبه بتعبير أسود مكتئب .. هاجمته بعيناها المشتعلة و دموعها الحارقة ، ترجته بصوت ضعيف :
_ أوعي تقتـ.ـله يا يوسف .. علشان خاطري أوعي تقتـ.ـله ، أنا .. أنا مليش غيره ، مليش غير سام يا يوسف !
تنهد بثقل و أقترب من فراشها ، وقف أمامها :
_ لو عايزاه ميمو.تش يبقي مفيش غير حل واحد بس .. أنتي عارفاه !
أماءت برأسها عدة مرات بخضوع ، و صرخت من بين بكاءها :
_ هقولك .. هقولكم كل اللي عايزين تعرفوه .. أنا .. أنا الي كنت بقتـ.ـلهم ، أنا اللي قتـ.ـلت كل الناس دي سام ملوش دعوة !! ....