رواية اماليا ( حفيدة الملك ) الفصل السابع بقلم فاطمة عطية
أتسعت عينا يوسف بصدمة من هول ما قالته ، هي قتـ.ـلتهم ؟ .. كل هؤلاء الضحايا ؟ .. كيف و لماذا فعلت ذالك !!
أسرع نحوها يغلق فمها بقبضتيه هامسا بجزع :
_ ششششش وطي صوتك لو حد عرف الكلام ده أنتي مش هتخرجي حية من هنا !!
_ مش مهم .. أنا بس عايزة سام يعيش !
نظرة طويلة منه لعيناها الغائمة ، شعاع شمسها الغائب .. تنهد بثقل ، جلس فوق فراشها ، أمسك بيدها و مسح دموعها برقة كعادته ثم همس لها بحنان :
_ أماليا أنتي بتثقي فيا ؟
أطالت النظر لعيناه الدافئة و تعبيره الهادئ ، أماءت برأسها ببطئ فأبتسم برقة و مسح فوق كفها بحنان :
_ طيب ممكن تحكيلي قتـ.ـلتي كل الناس دي أزاي و ليه ؟ .. إيه اللي مخليكي عايشة في الغابة مع سام ؟ .. و صدقيني هساعدك و هخرجك من هنا أنتي و سام متخافيش !
أبتلعت غصة في حلقها ، نظرت له بأعين تتمني صدقه ، ثم تنهدت و قالت :
_ أنا اللي قتـ.ـلتهم فعلا .. قتـ.ـلتهم علشان أنتقم منهم !
_ تنتقمي منهم علي إيه ؟؟
أظلمت عيناها و تهدج كتفاها :
_ أنتقم منهم علي عيلتي اللي قتـ.ـلوها ، علي شعبنا اللي أبا.دوه .. علي وجع قلبي لما فتحت عيني و لاقيتني لوحدي وسط مجز رة و مفيش حد واحد عايش غيري !
_ أنا مش فاهم حاجة يا أماليا !
_ قبيلتنا معروفة بأنها كانت عايشة وسط الغابة ، و أحنا من أبرز القبائل اللي بيدربوا الفهود إلي بتعيش معانا هنا في الغابة ! ... ماما كانت في زيارة لحد من قرايبها عندنا في القبيلة ، بابا ساعتها كان أبن رئيس القبيلة و معروف أنه هو هيخلف أبوه ... أعجب بماما و أتجوزها علي الرغم من أنها مكنتش من قبيلتهم و لا بلدهم زي ما عاداتهم بتقول .. و ده خلي شيوخ القبيلة يرفضوا أنه يكون الخليفة بعد رئيس القبيلة
_ بابا معترضش لإنه كان شايف أن تكوين أسرته مع ماما أهم بكتير من رئاسة القبيلة ، و فعلا أتجوزها و بعد سنتين خلفوني ! .. أنا كنت هدية من ربنا ليهم زي ما بابا كان بيقولي ، بابا كانت بيمووت فيا و ماما كانت بتعتبرني ضرتها !
ضحكت من بين دموعها ، مسحت أنفها و تابعت :
_ عشنا سوا تقريبا 12 سنة ، بابا علمني أزاي بندرب الفهود رغم أني كنت صغيرة ، و في مرة لاقيته جايبلي فهد أسود صغير أوي .. قالي أنه لسه مولود و أمه ماتت و أنه من النهاردة يعتبر صاحبي و أنا اللي هدربه ، سميته سام و كبرنا سوا و فعلا بقي أقربلي من ماما و بابا !
_ في يوم كنت مع سام في الغابة سمعت صوت طيارات و بعدها صوت أنفجار عالي أوي ، طلعنا نجري علي البيت ، بابا كان في أستقبالي و قالي " مهما يحصل هنا أنتي بنتي الوحيدة و فخري في الدنيا دي .. خلي عندك دايما أنتماء للقبيلة و أوعي تسيبي لهم الغابة ، الغابة دي بيتنا و أرضنا و مش من حقهم ياخدوها مننا ! .. أنتي حفيدة الملك و رئيس القبيلة أوعي في يوم تبيعي هويتنا !! "
_ مفهمتوش أوي ساعتها لأني كنت صغيرة ، بس أنفجار تاني كان قريب جدا مننا خلاني فقدت وعيي .. لما صحيت و فتحت عيني مكنش في أي حد عايش ، و بحر دم .. ناديت علي ماما و بابا ، دورت علي سام
_ ماما و بابا مردوش عليا كانو .. كانو أشلا .ء ، سام الوحيد اللي فضل معايا .. قومت أدور علي أي انسان عايش في القبيلة لكن محصلش .. كله اتقـ.ـتل !!
_ سمعت مجموعة من الناس بتتكلم ، مكنتش فاهمة لغتهم ، لكن كان فيهم واحد من أهل البلد كان بيتكلم نفس لغة بابا ، فهمته و عرفت أن البلد باعتنا .. باعت أرضنا و الغابة علشان تتعمل محميات طبيعيه ، و قبيلتنا كانت رافضة تخرج من الغابة فـ ... فقـ.ـتلونا !
أسودت عيناها غضبا و نظرت له بتحدٍ ثم قالت :
_ فأنا قررت من ساعتها أني هعمل زي ما بابا وصاني ، عمري أبدا ما هسيب لهم أرضي ، و هنتقم منهم زي ما قتلوا أهلي و عيلتي ! أنا حفيدة رئيس القبيلة ، و أنا أولي حد بالعيش هنا ! ..
مسحت دموعها بكم ثيابها بقوة و نظرت له بتحدٍ متوقعة سماع حديث منه لن يعجبها !
نظر لها بتأثر و تنهد بشدة :
_ أنا هساعدك تخرجي من هنا .. و ههرب سام كمان !
_ و هتضحي بمهنتك يا دكتور ؟
_ المهنة مش أهم من الأرض و الهوية يا أماليا ! .. حقك تعيشي في الغابة ، و حقك تدافعي عنها .. صدقيني أنا هساعدك !
أبتسمت بأمان و شعرت ببعض الراحة ، أشارت بعينيها إلي قيدها :
_ طب فكلي البتاع ده الأول علشان أثق فيك !!
علي أعتاب باب الغرفة ، كان هناك أتنين من الأشخاص ، أحدهما شخصت عيناه من صدمة ما سمعه ، و الأخري وضعت يدها فوق شفتيها تمنع شهقتها المصدومة .. و كلاهما ينظران لبعضهما البعض دون تصديق مما سمعته للتو !!!!..