رواية ليتك كنت سندي الجزء التانى الفصل السابع بقلم اسماء عبد الهادى
خرج بها إلى الخارج يصيح بها بغضب ولأول مرة يخرج عن شعوره ويحادثها بتلك اللهجة الغاضبة الثائرة
سمع صوته ذلك القادم من الخارج لتوه، ...فنطق مستفهما..يخشى أنه قد أُصيبت رهف بمكروه
_في إيه يا فهمي حاجة حصلك لرهف
ليشير إليه فهمي بحدة مقطبا جبينه
_جيت في وقتك يا ابراهيم خد أختك من وشي ..بدل ما ارتكب فيها جناية دلوقتي.
امتعض وجه إبراهيم فهو غير راض عن إهانة أخته بهذا الشكل فهتف بغضب
_في إيه يا فهمي بتتكلم ليه كدا؟؟؟
ليهتف فهمي حانقا وبلهجة غاضبة
_ما انت مش عارف أختك هببت إيه ...وقالت لرهف إيه منك لله يا سوسن طول عمرك وحشة في حقها.
هتف إبراهيم بلا فهم فرفع يده لأخته بتوجس
_فهميني عملتي إيه أنا مش فاهم حاجة.
ليرد فهمي بدلا عنها
_أختك بدل ما تدخل تطيب قلب بنتها وتأخدها في حضنها تعوضها عن اللي شافته ..فضلت تسم بدنها بكلام ملوش طعم ولا لازمة .. وقال إيه تستاهلي اللي جرالك وأنا فرحانة فيكي... بالذمة في أم عاقلة تقول الكلام ده...خد أختك من قدامي يا ابراهيم..أنا عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي... وياريت لما أرجع البيت ملاقيهاش فيه علشان مزعلهاش.
قالها وهو يلحق بماهر الذي دلف لغرفة أخته مسرعا.
حملق ابراهيم في أخته بزهول وهتف معاتبا إياها بحدة
بينما كانت تقف سوسن وكأنها لم تفعل شيئا
_ مقعولة ..مقعولة يا سوسن وصل بيكي الجحود لحد كدا..أنا مش عارف إنتي أم إزاي إنتي..
تعالي أوصلك تروحي لأختك علشان أرجع أطمن على الغلبانة اللي جوا والله إنتي ما تستاهلي ضفرها..حسبي الله.
___
هرولت الممرضة للخارج لتستدعي الطبيب في الحال
بينما التف فهمي وأولاده حول رهف بقلب مكلوم .. فحالة رهف لا تنذر بخير أبدا وباءت كل محاولاتهم معها لتهدىء بالفشل الذريع... فشعروا وكأنما روحهم تسحب منهم ببطىء وكأن هناك خطاطيف تنخر في أجسادهم بكل وحشية.
حضر آدم مهرولا ووجهه مصفر من الخوف على رهف وعندما رآها على ذلك الحال ..ارتاع لمنظرها واقترب منها هادرا بهم بحدة
_عملتوا إيه ... حرام عليكم أنا كل ما أخد معاها خطوة لقدام ترجعوها تاني لنقطة الصفر...إنتوا عايزين إيه منها أفهم بس.
ليهتف ماهر بوجهه الحزين ليدلي بدافاعته
_والله يا دكتور اللي حصل غصب عننا ومكانش متوقع أبدا.
استغرق آدم وقتا طويلا مع رهف ليجعلها تهدأ وتكف عن انتفاضاتها الانفعالية تلك وعندما فشل لم يجد مفر من حقنها بالمهدىء، فاستكانت تماما ونامت بهدوء..كطفل صغير نام بعمق بعد يوم شاق طويل من اللعب والصراخ.
___
وصل إبراهيم مع سوسن الى منزلها لتجمع بعض متعلقاتها لحتى تبقى عند أختها لبعض الوقت
_يلا ادخلي لمي هدومك علشان تمشي..بسرعة عايزة أرجع المستشفى
أتت سناء وبصحبتها ملك ابنتها لترمقهما باستغراب
_تمشي تروح فين!!.. هتبات عند رهف في المستشفى!!
ليهتف ابراهيم ساخرا
_دي هتبات جنب بنتها دي...
وقص على أخته سناء ما فعلته سوسن بابنتها وما قاله زوجها فهمي
كانت سناء في قرارة نفسها فرحة بما حدث وتعقد الأمور إلى هذا الحد لكنها استطاعت اخفاء ذلك وبمهارة
لذا هتفت بتساؤل
_وانت واخد أختك ورايح فين هترجع اسكندريه!!
_لا أنا مش راجع الوقتي ...لما أطمن على رهف الاول ..هيه هتفضل عندك إنتي كم يوم لحد ما الأمور تهدا.
فتحت فمها بصدمة وهتفت ببلاهة
_عندي فين؟؟
ضيق ابراهيم أعينه باستغراب
_في شقتك يا سناء.. مانتي قاعدة فيها لوحدك إنتي وبنتك.
شعرت سناء بسخافة موقفها فأرادت إصلاح الوضع
_اه اه طبعا طبعا
لتهتف سوسن حانقة
_أنا مش ماشية من بيتي ..واللي مش عاجبة يضرب دماغه في الحيط
ليمسك ابراهيم ذراعها بحدة
_يا شيخة إنتي جبلة... جوزك مش عايزك في البيت.. مش عايز يرجع يريح في بيته فيشوفك دمه هيتحرق على اللي عملتيه في بنتك...إنتي هتقعدي عند أختك لحد ما ربنا يحلها من عنده.
زفرت سوسن بضيق وذهبت لجمع متعلقاتها لتمكث في بيت أختها.
بينما كانت سناء ترقص فرحا لطرد زوج أختها لأختها.. ولكنها أيضا كانت مستاءة من مكوث أختها في منزلها فهي ستقيد حركتها وخاصة أن هناك موضوع جديد هام يشغل بالها في تلك الأونة الأخيرة ولا تريد أي شىء ليعيقه.
___
بعد عدة أيام قضتهم رهف نائمة بلا حراك وإن استيقطت لا تنطق ببنت شفة على الإطلاق ..وفي خلال تلك الأيام لم يفارقها أبيها ولا اخويها ولا حتى خالها ..الجميع قلق عليها مشفق على حالها فهي باتت غالية عليهم كثيرا ...لكنها لم تستجيب لهم نهائيا.
زفر آدم بضيق وهو يتحدث مع ماجد على انفراد
_وبعدين يا أستاذ ماجد.. قلت لحضرتك أن رهف رافضة وجودكم في الوقت الحالي..بالشكل ده مش هتتحسن.
_وأنا مش هسيب أختي يا دكتور .
_مش بقولك سيبها..بس اديها وقتها علشان تسامحكم .. رهف محتاجة وقت.
_ومحتاجة دعم يا دكتور... مش معنى أنها قالت مش عايزة تشوفنا إننا نبعد.. لا بل إننا نفضل متمسكين بيها حتى لو هيه أظهرت عكس ده... نفضل جنبها نحسسها إنها مش لوحدها وعمرنا ما هنسيبها.
_اللي بتقوله جميل.. لكن مش في حالتها دي.. رهف بسبب كلام مامتها الشديد ..اتدمرت تاني.. فمحتاجة إعادة تأهيل نفسي وطالما هيه رافضة وجودكم يبقى وجودكم في الوقت ده هيعيق علاجها.
تغير وجه ماجد وإعتلاه الضيق
_يعني إيه يا دكتور.
_أنا آسف أنا متأكد إنكم كلكم ندمتوا على اللي بدر منكم تجاهها.. لكن صدقني رهف محتاجة مساحتها الخاصة بعيد عنكم علشان تستعيد نفسها من جديد...ومع ذلك لازم تحس إنكم جنبها ومش سايبينها بس من بعيد.. يعني أنا هبلغها سلامكم يوميا وإنكم قاعدين لها على الباب منتظرين بس إشارة منها بإنكم تدخلوا حياتها من تاني.
تنهد ماجد وحاول أن يتجلد وهتف بقلة حيلة
_اللي تشوفه يا دكتور .. بس بردو هنفضل زي ما احنا جنبها طول الليل وهيه نايمة.
_زي ما تحب ..ودعواتكم ليها دايما
_بتوصيني على اختي يا دكتور... أنا بدعيلها وبنسى ادعي لنفسي.. صدقني يا دكتور انت متعرفش رهف كانت بالنسبالي إيه.. مكانتش اختي وبس.. كانت اختي الصغيرة وبنتي وصاحبتي وكل حاجة... بس منه لله الشك اللي ضيع كل حاجة
_ان شاء الله كل ده يزول وترجع علاقتكم زي الأول واحسن ...قول يارب
_يااارب.. ياااارب.
____
بعد عدة أيام أخرى كان آدم يبذل قصارى جهده مع رهف حتى تتحدث و تتفاعل معه من جديد...حتى تخرج مكنونات قلبها علها ترتاح... لذا قرر أن يحضر مفآجئته التي أجلها لفترة لسوء حالتها.. فهو رأى أن الأن أنسب وقت لذلك.
في الخارج في غرفة الانتظار والتي هيئها آدم لتكون غرفة تسمح لأخوة رهف المبيت فيها فأضاف إليها فراشا صغيرا وخزانة وثلاجة طعام
تحدث ماجد إلى أخيه بينما كان والدهم في عمله فيكفي أن ابنيه أخذا إجازة من عملهما...ليعمل هو حتى يستطيع الانفاق على تكاليف علاج ابنته
_ماهر.. روح أطمن على ماما..زمانها بتآكل في نفسها أن محدش سأل عنها طول الاسبوع ده
هتف ماهر بجمود
_ما إحنا بنكلمها في الموبايل وهيه قاعدة مع اختها يعني مش ناقصها حاجة.
ربت ماجد على كتف أخيه
_معلش روح طيّب خاطرها بكلمتين... أن عارف امك بتحبك أكتر واحد فينا .. وهتفرح لما تروحلها.
تنهد ماهر بانصياع
_ماشي.. يا ماجد..خد بالك من رهف لحد ما ارجع... محتاج حاجة أجيبها وأنا جاي؟؟
فكر ماجد قليلا ثم قال
_بقولك إيه لو معاك فلوس .. تجيب لرهف فستانين حلوين كدا..بدل هدوم المستشفى دي
صمت قليلا ثم قال
_ولا أقولك هبقى أخرج بنفسي أشتري أنا.. أنا عارف زوء رهف كويس
هتف ماهر بحماس وهو يتوجه للخارج
_لا هجيبلها أنا .
___
طرق الباب طرقا موسيقيا ومن ثم دلف إلى رهف والتي طلب من الممرضة أن تعاونها على الجلوس ومساعدتها أن تريح ظهرها على الحائط بعد أن تضع خلفها وسادة مريحة
ابتسم لها ثم هتف بحماس
_رهف أخبارك إيه النهاردة!!.. فاكرة المفاجئة اللي قلتلك عليها من أسبوع!..جبتهالك النهاردة .. بس مش عايزك تقابليها كدا لأحسن تزعل.. ممكن تحاولي تتفاعلي معاهم وتتكلمي!!
نظرت له رهف بريبة فعلم أنها ظنت أنه يقصد أهلها فقال مسرعا
_لا لا مش اللي ف دماغك
نظر تجاة الباب وهتف عاليا حتى تسمع سها التي تنتظر خارجا
_تعالي يا سها
دلفت سها بشوق شديد لصديقتها والتي عرفت ما مرت به من أخيها آدم..وفي يدها تمسك بطفلة صغيرة لم تكمل الثلاث سنوات بعد.
وما أن رأتها حتى ركضت نحوها تعانقها بشوق شديد ودموعها تسبق كلماتها
_رهف روحي وحشتيني أوي... غصب عني بعادي عنك حبيبتي.
بادلتها رهف الشوق فهي حقا كانت في أمس الحاجة لصديقة تقف جوارها ..شخصا لم يكن جزءا من ذلك الماضي المؤلم التي مرت به
تحدثت رهف بصوت خافت
_سها.. محتاجلك لك أوي
ليهتف آدم بفرحة
_ياااه أخيرا اتكلمتي... أنا لو كنت أعرف كدا ..كنت جبتها من زمان...هسيبكم مع بعض تتكلموا براحتكم.
قالها ومن ثم قبل يد الصغيرة وأعطاها الحلوة الخاصة بها ثم غادر ليتابع عمله.
جلست سها جوار صديقتها تمسك بيدها تمسد على كفها بحنان
_آدم أخويا حكالي على كل اللي حصلك...أنا أسفة إني كنت بعيدة عنك في فترة إنتي كنتي في أمس الحاجة ليا..بس والله أنا كنت مسافره برا مع بابا وماما وحصل شوية ظروف كدا ..خلتني حتى مبقتش قادرة افتح نت اتواصل معاكي ..أنا بجد أسفة
انسابت دمعات رهف على خدها فكانت كجدول ماء عذب ينساب بحرية على ضفتي النيل.
لتحتضنها سها مرة أخرى متألمة على حالها
_انسي يا رهف حاولي تنسي كل اللي فات وافتحي مع نفسك صفحة جديدة...إنتي كنتي قوية وواجهتي كتير بشجاعة علشان تحمي إخواتك... ورينا قوتك دي وانتي بتتخطي أزمتك النفسية ..حاولي يا رهف حاولي تتخطى حدود ضعفك وتقفي على رجليكي من تاني.
انتبهت رهف ليد حانية رقيقة تمتد نحو وجهها لتزيح عنها تلك العبرات التي تبلله
نظرت لها رهف لتجد طفلة صغيرة بعمر الورد وبمذاق السكر تبتسم لها بملامح وجه بريئة للغاية وتهتف بتأثر
_عيطيش يا تنت.
ابتسمت لها رهف وسط دمعاتها ومن ثم أمسكت يدها الصغيرة تقربها إلى فمها تقبلها
_يا قمراية إنتي.
لتشير الصغيرة الي يد رهف المحاطة بجبيرة من الجبس
_إيدك ..اوجع.. قول لبابا جبلك دوا..عيطيش
نظرت رهف لسها مستفسرة
_القمر دي بنتك!!
هزت سها رأسها بالنفي
_لا أنا عمتها... أيسل بنت آدم أخويا...بس بموت فيها وكأنها بنتي بالظبط.
ابتسمت لها رهف وهتفت باعجاب بالصغيرة وببراءتها
_عسولة وجميلة أوي
هتفت سها بتلقائية
_اه فعلا أيسل تتآكل أكل..وهيه طالعة ملامحها جميلة ..زي شيماء أمها.
هتفت رهف بهدوء
_ربنا يباركلكم فيها يارب.
قضتت الفتاتان وقتا ممتعا معا شعرت فيه رهف أنها كانت تفتقد ذلك الشعور كثيرا.. تفتقد الشعور بالفرحة ..كانت تفتقد الابتسامة حقا.
____
وصل ماهر إلى بيت خالته ليراضي أمه كما اقترح أخيه..ولسوء حظها كانت تود الخروج في ذلك التوقيت لتفاجىء بماهر أمامها يرمقها بنظرات نارية فهي ترتدي ثيابا ضيقة للغاية وحجابها بالكاد يغطي شعرها
حاولت التخفي من نظراته المميتة تلك وادعت أنها لم تره لتكمل طريقها
لكنه هدر بها بحدة
_استني عندك...رايحة فين بمنظرك ده!!
_رايحة الجامعة .. إنت عايز إيه أنا إتأخرت.
قالتها وهي تحاول الفرار من أمامه .
ليهتف ساخرا
_بمنظرك ده!!.. إنتي رايحة فرح ولا إيه!!.. إنتوا فاهمين الجامعة غلط على فكرة... ولا رايحة تشقطي عريس... إيه أنا مش مالي عينك ولا إيه !
رفعت حاجبها تنظر له مستنكرة ما يقوله
_انت بتقول ايه.. أنا رايحة الجامعة عادي.
ليصيح بها
_وأنا مسمحش خطيبتي تمشي في الشارع بمنظرك ده
لتهدر بصياح مماثل
_وأنا مش عايزاك... مش عايزة اتخطبلك... أنا مش فاهمة إنت قابل على لنفسك إزاي إنك تخطب واحدة مش بتحبك وبتحب أخوك.
ليضحك هو مطولا ومن ثم يقول وهو مازال مستمرا في نوبة ضحكه
_وأنا قلتلك إني خطبتك بس علشان أربيكي.. إنتي لو آخر بنت في الدنيا عمري ما كنت هتجوزها.
لترمقه بغيظ وتهتف غاضبة فهو استطاع استفزازها
_ياسلام أومال جواز إيه اللي كان بعد شهر وبتحضر شقتك
_عادي كنت بجهز شقتي اللي مصيري في يوم هتجوز فيها... لكن تعرفي لو فكرت أتجوز مش هتجوز إلا بنت زي مين...زي رهف أختي حبيبتي... اللي مفيش بنت في المجرة كلها ببراءتها وعفتها.
اغتاظت ملك من حديثه المهين لها ولعنت رهف فما زال الجميع يفضلونها عليها ويقارنونها بها دائما... لذا هتفت بخبث علها تنتقم لنفسها
_ولما هيه كدا.. انت كنت أول واحد شكيت فيها وبهدلتها بهدلة جامدة ليه ها!!!..هيه دي اللي بتميزها عن المجرة كلها الوقتي!!
حزن ماهر وشعر بالهم الشديد فهي محقة هو اقترف جرم في حق أخته لا يغتفر.. لذا طأطأ رأسه بندم.
لتستغل ملك الفرصة وترحل من أمامه مغادرة نحو وجهتها.
ليناديها ماهر مرة أخرى
فتزدري ملك ريقها وهي تراه يقترب منها ماددا يده نحوها......