رواية تؤام روح الفصل السابع بقلم يارا سمير
اقترح زين عليها ان يتولي هو مهمة معرفة النتيجة ويبلغها بنفسه ووافقت رغم قلقها وجلست تنتظر .. فى منزله كان زين يحدق في شاشة الهاتف بعد أن ظهرت .. نظر اليها مطولًا وعيناه تتحركان بين الارقام واسماء المواد الدراسية ثم اخذ نفسًا عميقًا وتحرك متجه الى منزل مريم ليخبرها النتيجة .. رن جرس وقفزت مريم من مكانها نحو الباب وفتحته بسرعة ، كان زين واقف امامها ينظر اليها بصمت غير معتاد ملامحه هادئه لكنها لا تحمل تلك الابتسامة التى كانت تراها دائما وكانت تتوقعها .. عيناه بدأ فيهما شئ من الجدية :
_ في ايه .. النتيجة ايه ؟
تقدم خطوتين للداخل :
_ ميما .. انا هقولك النتيجة لكن اوعديني وعد الأول .
زاد التوتر والقلق لمريم :
_ قول يا زين .
_ لا اوعديني الاول انك مهما هتسمعي هتستقبليه بصدر رحب .
تجمدت فى مكانه للحظات واتسعت عيناها وقالت:
_ هو انا سقطت ..
_ لا لا لا .. مسقطتيش .
_ يبقى مجموعي صغير صح ؟
نظر اليها لثواني وقال:
_ هقولك مجموعك لكن اوعديني انك هتبقى كويسة .
تنفست نفس عميق :
_ قول يا زين انا كويسة .
تحدثت سناء :
_ انطق يا زين ..
نظر زين نحو سناء وسوسن ثم ثبت عيناه الى مريم :
_ مجموعك يا مريم .. 97%
تجمدت فى مكانها ، حدقت فيه غير مصدقة وكأن أذنيها خدعتاها .. رفعت حاجبها بدهشة وقالت بصوت مرتبك :
_ ايه .. انت بتقول ايه ؟
ضحك زين بصوت عالي وملامحه تبدلت من عبوس لفرح وقال مازحًا :
_ مش مصدقه ياعيني .. بقولك نجحتي ومجموعك 97% يا فاشلة .
ضحكت سوسن :
_ فاشلة حرام عليك
_ ايوه راحوا منها 3% ازاي ..أستهتار .
ضحكوا وقامت سناء بضم مريم :
_ مبروك يا ميما يا حبيببتي
تبادلت مريم التهاني والمباركه من سوسن وسناء وانتبهت لزين وقالت :
_ انت عملت ايه .. مجموعك كام ؟
_ انا قولتلكم هجيبلكم الامتحانات فى شوال وقد كان .. مجموعي 95% بمجهودي .
قالت مريم مازحة :
_ يا فاشل ..
_ انا فاشل ؟
_ ايوه راحوا منك ازاى 5% اكيد كنت بتبصبص لبنت معاك .
_ يا سكر .. كانت في غيبوبة من شويا وهنعلقلها محلول فاقت عليا .
خبطته فى كتفه وقالت :
_ رخم ..
تحدثت سوسن
_ مبروك يا حبايبي الف مبروك .. عقبال الجامعة يارب كدا وافرح بيكم وبعيالكم .
قال زين :
_ متفتحيش عينيها يا سوسن ..خليها تركز فى الجامعة بس ..ركزي دعواتك فى الجامعة دلواقتي .
ضحكت سوسن :
_ انا هكلم محمود وكرم نطمنهم ..
تحركت سوسن ومعها سناء ليتحدثا الى محمود وكرم .. ووقفت مريم سعيدة بالمجموع :
_ انت متاكد من اللى شوفته .. انا مجموعي 97% بجد؟
_ انا عمري كدبت عليكي ..
حدقت فى عينيه فقال :
_ فى الحقائق والمواقف المصيرية هل انا كدبت عليكي .
ضحكت مريم:
_ لا ..
_ يبقى خلاص خوديها ثقة مني وانا هبعتهالك ع الواتس تشوفيها بنفسك
_ بجد يا زين مش مصدقة انا جيبت المجموع دا .
_ انا متفاجئتش زيكم .. لاني كنت واثق فيكي وعارف انك قدها .
_ تشجيعك ليا ووجودك معايا كان عامل اساسي
_ ماهو كان متبادل .. يلا هتعزميني ع ايه ؟
_ مين دا اللى يعزم ..انت هتعزمني انا جايبة مجموع اكبر منك .
_ لو بالاكبر انا الاكبر منك عمرًا ..
_ انت كل ما تتزنق تفتكر حوار العمر ..على فكره دي شهور مش سنين .
_ يااااه .. الشهور دي فيها حاجات كتير يابنتي .. فى ناس ببتولد وناس بنموت و..
قاطعته :
_ وناس بتسافر وناس بتهاجر وناس بتنام .. خلاص الاسطوانه محفوظة .
ضحك زين وقال :
_ واحنا ليه نقطع ع بعض كدا واحنا ممكن نقطع ع غيرنا ؟
_ مش فاهمة ؟
_ معذورة الامتحانات شفطت ذكائك..اتعبي شويا وركزي معايا احنا نجحنا ف احنا اللى هناخد منهم والخير كتير محمود وكرم وسناء وسوسن وكريم انا وانتي مش هنسيب واحد فيهم .. دا احنا هنلم ثروة بس خليكي معايا .
_ انا ع طول معاك .
_ حبيبة قلبي الشق ..
اقام فى المطعم احتفال صغير لنجاح زين ومريم وبالفعل جمعوا هدايا ومبالغ مالية من عائلتهم .. ليلًا فى السطح تجلس مريم تعد المال معها .. اقترب زين وجلس بجوارها :
_ 3 مرة تعديهم هينقصوا ..
ابتسمت ونظرت نحو زين :
_ اصل اعرف واحد أوقات بيقولي عازمك والاقيه مقلبني في فلوس البيتزا ويقولي انا جيبهالك .
_ يا قلبك مكنتش مرتين كنت مزنوق فيهم وحبيت افرحك .. بزمتك مش بتفرحي ؟
_ ايوه بس انا ليه ادفع انت اللى عازم ؟
_ انا وانت واحد يا شق .. اخوك بيفلس وفى نفس الوقت مبحبش يكون نفسك فى حاجة ومتبقاش موجودة .
_ اقنعتني ..
_ اى خودعة .. هاتي بقى حق اوردر البيتزا اللى جاي .
_ نعم ؟
ضحك زين وقال :
_ بس بس هتكليني .. بهزر معاكي انا اللى عازمك .
_ ايوه ما انت معاك فلوس زي .
_ عارف مش هتسكتي غير لما تطيريهم ..
وصل اوردر البيتزا وتفاجئ زين ب اوردر سندوتشات كبدة وسجق :
_ انتى طلبتي دا ؟
_ ايوه .. انا عازمك عليهم .
_ حبيبي يا شق .
بدئوا تناول الطعام وتحدثت مريم:
_ عاوزين نروح نسأل على اختبار القدرات فى كليه فنون .
_ طيب اصبري لما التنسيق ينزل .
_ لازم نجهز يا زيزو ..انا تعبت كتير عشان اللحظة دي .
_ خلاص هانت خطوة وتكوني جوه فنون جميلة متقلقيش .
_ مش هطمن غير لما نكون جوه الكلية بنحضر المحاضرات .
_ متستعجليش هانت .
_ نجهز نفسنا تمام .
_ حاضر .
_ بكرة نروح انا وانت الصبح متغلبنيش في الصحيان
_ خلاص بقى بطلي زن ... يلا ناكل .
تحدد موعد حفلة تخرج المدرسة في حديقة المطعم تجلس مريم وزين .. وكانت مريم تتحدث بحماس وعيناها تتلألأ بنظرة رجاء ممزوجة بأبتسامة دافئة :
_ متبقاش رخم بقى .
_ انا قولتلك مش هلبس بينك انا فى الحفلة انا هلبس جراي زي باقي الشباب هما اتفقوا ع كدا
_ يا زين قولتلك انا والبنات اتفقنا على لون الفستان واختارنا البينك وانت مش مطلوب منك غير تلبس شميز لونه متناسق مع فستاني عشان نكون انا وانت ماتشي مع بعض .
_ انتى هبله .. في راجل بيلبس بينك ؟
_ مش البينك نفس دا درجة من درجاته نفس درجة فستاني عشان نكون ماتشي .
_ كمان نفس درجة فستانك ..
_ يعني عاوز تروح حفلة المدرسة بترينج ؟
_ تصدقي فكرة
_ تيجي منروحش احسن ؟
_ ياريت بجد.. ايه رأيك منروحش الحفلة ونحتفل احنا مع بعضنا هنا هننبسط اكتر صدقيني .
_ أنت بتستهبل .. دى حفلة تخرجنا من الثانوية أخر حفلة تجمعنا مع اصحابنا اللي في المدرسة وذكري لينا .. هو انا بقولك تعالي نروح حفلة خطوبة حد ..
_ انتى متعصبه ليه كدا ..
_ لانك بتقاوح في حاجة مينفعش تقاوح فيها .
_ بصراحة كدا انا مش عاوز اروح وبفكر بجد مش هروح ..هتزعلي لو مروحتش ؟
_ انت بتتكلم بجد ؟
_ اه بجد .. العيال كلموني وقالولي دريس كود الولاد جراي والبنات بينك وحاسس انها هتبقى حفلة تلزييق كدا وانا مش طالب معايا بصراحة .
- زين ..
_ يعني بزمتك ترضهالي البس بينك ويصوروني ويمسكوها عليا سيديهات فى الجامعة بعدين ، انتى بتدمري مستقبلي الجامعي عشان لحظة .
_ انت مستقل باللحظة ليه كدا .. ليه مبتفكرش فيها انها لحظة مش هتتكرر ،ذكري حلوة واحنا مع بعض فى مرحلة من حياتنا زي المراحل اللى فاتت .. تخيل بعد سنين لما نفتكرها وتبص فى الصور ومش هتكون موجود بذمتك مش هتزعل وهتقول ياريتني كنت معاكي .
_ احنا نشارك بعض كل حاجة الا البينك مش هلبس بينك لو هلبس هلبس جراي زي الباقيين دا لو كنت هروح .
_ لو كنت ..
_ ايوه بصراحة انا مش رايح روحي وانبسطي انتي و لو كرم مش هيوصلك انا ممكن اوصلك وارجعك لكن مش هدخل .
وقفت مريم وبنبره غضب :
_ انت عاوزني اقول خلاص مش هروح صح ، لا انا هروح يا زين وهقضي اليوم مع اصحابي وهعمل ذكريات حلوة افتكرها لبعدين انت مش عاوز براحتك ، انا جهزت الفستان وجيبتلك الطقم اللى هتلبسه وموجود فى اوضتك عاوز تلبسه البسه مش عاوز تيجي براحتك انا كدا كدا رايحه ..
تركته مغادرة الى الداخل المطعم وهي غاضبة منه وتفاجئ زين من تصرفها وتحولها المفاجئ .. ليلًا حاول التواصل معها كان هاتفها مغلق وذهب الى منزلها اخبرته سناء أن مريم نائمة .. عاد الى منزله ودخل غرفته وبعد لحظات القى بنظره على الاريكة وكان عليها ملابسه التى جهزتها مريم وظل ينظر اليها للحظات وقال :
_ بينك ايه اللى البسه انا لا يا زيزو انت اكبر من كدا .
فى اليوم التالي كانت مريم تتجهز فى منزلها للذهاب الى حفلة المدرسة المقام فى احدى القاعات الكبيرة .. كانت مريم تشعر بالغضب من زين وتصرفه معها وتعكير احدى اللحظات الجميلة ..كان كرم ينتظرها بالخارج ليقوم بإيصالها .. خرجت مريم من الغرفة وهي مرتدية الفستان ووضعت بعض مساحيق التجميل وشعرها منسدل .. نظر نحوها كرم وقال وهو مبتسم :
_ ماشاء الله عليكي يا ميما قمر يا حبيببتي .
_ عينك اللى جميلة يا حبيبي .
تحدثت سناء:
_ كبرتي وبقيتي عروسة يا ميما .. عقبال فستان فرحك يارب قريب .
ضحكت مريم وتحدث كرم:
_ زين لو هنا كان قالك الجامعة اولًا .
ضحكوا الا مريم ظل وجهها عابس حين ذكر اسم زين :
_ يلا يا بابا ..
_ يلا يا حبيببتي ..
تحركا الى باب الشقة وفتحت مريم الباب وتفاجئت لرؤية زين امامها ، والمفأجاة الكبرى ارتدئه القميص الذي اقتانته لزين .. زين يقف امامها يرتدي البذلة كاملة كما ارادت ..نظرت نحوه فى صمت وقال :
_ كنت بقيس الهدوم قولت اشوفهم مقاسي ولا لا لقيتهم مقاسي بالظبط ، فكسلت اغير قولت اجربهم كدا بالمره وانزل بصيت ع الساعة لقيتها ميعاد الحفلة قولت اشوفك نزلتي ولا لسه ..سبحان الله لقيتك لسه بالمره نروح مع بعض .
وقفت مريم ربعت يدها حول صدرها وتحدق فى زين فى صمت :
_ دا اللى حصل صدقيني لقيتهم فى اللبس مختلفيين خالص .
تحدث كرم :
_ يعني اقعد انا ولا محتاجين توصيله .
تحدث زين:
_ لا خليك انا طلبت عربية منتظرانا تحت ( نظر نحو مريم) طلبتها اروح بيها وبما اننا رايحين مع بعض تبقى منتظرانا صح ؟
تحدثت مريم بنبرة حادة :
_ خليك يا بابا
تحركت مريم للخارج دون التحدث الى زين .. اقترب اليه كرم وقال :
_ انت مزعلها ليه كدا ؟
_ بنتك اللى قفوشه اوي لكن متقلقش يا ابو الكرم كله تحت السيطرة بيتزاية اكسترا جبنة وهتصفى وتروق وهتنسي .
ضحك كرم وقال :
_ مش محتاج اوصيك .
_ هتوصيني على مين مريم .. دا انت توصيها عليا .. لكن متقلقش ميما فى ايد امينة .. امينة رزق هاهاهاهاا
ضحك كرم وغادر زين وتوجه الى مريم فى المدخل وتوجها سويا الى السيارة التي كانت تنتظرهم ، تحركت السيارة ووصلا الى مكان الحفل وطوال الطريق لم تتحدث مريم .. دخلوا الحفل وتجمعوا مع اصدقائهم وكان زين يرتدي لون مخالف عن أصدقائه ..ووقفوا سويًا قبل فقرة استلام شهادة التخرج من المدرسة الثانوية .. ذهبت مريم الى الحمام واثناء خروجها وجدت زين امامها يقف ينتظر خروجها ، لم تتحدث وتركته ولحق بها واستوقفها :
_ انتى زعلانه بجد بقى .
_ ايوه زعلانه ومش هكلمك .
_ ليه .. انا جيت اهو ولبست البمبي اهو .
نظرت اليه وقالت بنبرة ساخرة :
_ بمبي ؟
_ مش انتي اللى جايباه .. اهو لبسته واتصورنا واتاخد عليا سيديهات اد كدا .
_ وانت ايه غصبك مكنتش تلبسه
_ وانا من امتى بيهمني رأى الناس .. اكل واشرب واتكلم واتصرف واللبس اللى يعجبني واللى مش عاجبه مع السلام اتوبيس ستة اللى بيروح اى حته مستنيه .
لم تضحك مريم كما تعمد زين لاضحاكها وقالت بملامح جادة :
_ خلاص يا زين خلينا فى الحفلة .
امسكها من يدها اوقفها :
_ مش هتتحركي من هنا غير لما نتصالح .
_ بعدين لما نرجع البيت .
بنبرة مليئة بالاصرار :
_ وانتى متوقعة ان انا هستنى لما نروح .. مفيش بعدين دلواقتي يعني دلواقتي تولع الحفلة واللى فيها .
وقفت مريم :
_ عاوز ايه ؟
_ انتى زعلانه ليه ها ؟
_ بصراحة كدا عشان خلتني انام زعلانه لما قولت مش هتيجي معايا انهارده وهكون لوحدي وانا عمري ما روحت مكان لوحدى من غيرك .
_ ماهو انا جيت اهو ولبست البمبي اهو .
_ والزعل اللى حسيته دا عادي ؟
_ لا طبعًا .. وعقابًا ليا هعملك اى حاجة انتى عاوزاها اصالحك بيها .
_ اى حاجة ؟
_ ايوه اى حاجة عاوزة كليتي احولك القاعة دى لغرفة عمليات واخرجهالك حالًا .
_ لا السطح .
_ عاوزة نحول السطح لغرفة عمليات
_ لا يا لذيذ .. العقاب السطح .
_ اللى هو ايه يعني ؟
_ عاوزاه فله شمعة .. عاوزة اطلع بكره ريحة النظافة تكون وصلالي فى شقتنا .. تاخد السطح كدا مسح وتنظيفه التمام وتغير اللمبات اللى بقالي شهر بقولك عليهم وتطنش لغاية ما وصلوا ل 6 لمبات .. بص عاوزة اطلع بكره ع العصر كدا السطح يكون جديد لانج .
حدق بها للحظات ثم ضحك:
_ بتتكلمي بجد ؟
_ ايوه .. انت سالتني وقولتلك مش عاوز براحتك .
_ طيب ما نمشيها بيتزا كبيرة سخنة كدا ولا ندخل سينما ع حسابي .
_ كدا كدا دا هيحصل ودا مش عقاب لأنك بتاكل معايا وانت عارف مش هعرف أكل لوحدي .. انا بقالي اسبوعين عماله اقولك عاوزين ننضف السطح ونصلح الحاجات اللى بايظة وانت بتهرب وانا مش هقدر لوحدي والسطح مسئوليتنا احنا انا وانت .. المهم هتعمل ايه ؟
_ طيب هتساعديني صح ؟
_ لا لوحدك .. لوحدك دا عقابك .
صمت لحظات وقال :
_ وانتى فاكرة انك كدا بتعاقبيني لا خالص دا انا هخلص فى ساعة واحدة .
_ واللمبات تغيرها وتركب الجديدة وتصلح اى حاجة بايظة
_ اعتبريها حصل .
_ اتفقنا .
_ يعني كدا خلاص ؟
_ نص خلاص .
_ نعم ؟
_ لغاية ما اشوف بكره ويبقى خلاص كامل .
_ شامم ريحة انك بتكذبيني لكن ماشي هوريكي .
_ يلا بقي نرجع ..
_ يلا ..
_ استني مقولتليش ايه رايك فى الفستان والميكب .
_ هتزعلي فبلاش .
_ لا قول مش هزعل .
_ الميكب دا ميكب فرح ابن خالتك مش حفلة تخرج مدرسة ثانوية والفستان ضيق كدا ليه مبين كرشك ناقصلك زلومة ..
شعرت مريم بالضيق :
_ دا عجب الكل ..ماشي يا زين ماشي
تركته غاضبه وقال :
_ انا قولتلها هتزعل قالتلي قول مش هزعل .. بنات حواء دول كتالوجهم صعب اوي .
وقفت مريم مع صديقاتها وبعد استلام شهادة التخرج ووقفا يحتفلوا مع اصدقائهم خرجت مريم تجلس فى الخارج فى الهدوء ولحق بها زين :
_ مالك خرجتي ليه ؟
_ صدعت ..شويا وهرجع .
_ انا قولت بلاش من الاول لكن صممتي .
_ زين .. بلاش تبدء بقى .
_ ماشي خلاص هسكت ..
صمتوا وتحدث زين بخجل :
_ ع فكرة انتى زي القمر انهاردة
_ يعني مش بكرش وناقصني زلومة
_ هو انك زي القمر دا ميمنعش انك ناقصلك زلومة فعلًا
_ تاني يا زين انا هسيبك المكان
امسك يدها واجلسها :
_ اقعدى .. هفهمك.. هو ربنا بيخلق حاجة وحشة؟
_ لا
_ الفيل دا مش من مخلوقاته الجميلة الكيوت
_ ايوه عارفه ..عاوز تقول ايه
_ عاوز اقول رغم كرشه الكبير وزلومته وودانه لكن جميل والله دانا نفسي اجيب فيل صغير اربيه ايه رايك نجيب واحد فى السطح ونستخدم زلومته يسقي الزرع بدل الخرطوم .
ضحكت :
_ وماله هات .
_ هسأل ع الموضوع دا ولو ملقتش اهو زلومتك تقوم بالواجب
قالها مازحًا وقامت بقرصه بقوة حتى تألم :
_ اه يابنت اللذينه ..
_ مالك اتوجعت ..سوري
نتكلم جد :
_ في حد من العيال اللى جوه دول قالولك حاجة ؟
_ زي ايه ؟
_ يعني زي القمر .. ايه الجمال دا .. الاستظراف المايع دا .
_ والله كتر خيرهم جبروا بخاطري وانا اللى كنت مستنياه منك .
_ يا سلام .. انتي زي القمر .. انبسطتى كدا .؟
_ انت رخم .. يلا ندخل .
_ استني انتى بتقفشي ليه بس ؟
_ مش وقت رخامه ..
_ انتى مش محتاجة تسمعي مني انك زي القمر ع فكرة لانك القمر نفسه .
_ يا سلام بتصلح اللى قولته صح ؟
_ ميما الشق واحدة بس ومفيش زيها زي القمر اللى في السما دا
نظرت الى السماء كان القمر ينير في السماء وابتسمت واستكمل حديثه :
_ ف الجميل مش محتاج يتقاله انت جميل لانه اساسًا جميل وع فكرة انتى احلى واحدة فيهم .
_ بجد..
_ طبعًا خدي الكلام مني مختوم بدون مراجعة
ابتسمت وقالت :
_ وانت كمان البدلة عليك جميلة اوي شكلك تحفة .
قال بنبرة مرحه فيها شئ من الغرور :
_ انا عارف كدا كدا مش محتاج كلام .. زيزو لما بيطل بيغطى ع الكل .
ضحكت مريم:
_ يا عم الجامد .. اتفضل حضرتك ندخل .
_ يلا يلا كفايه عليهم كدا كنت سايبهم ياخدوا فرصة دلواقتي العيون هتكون عليا .
قالت مريم مازحة :
_ عشان يكملوا ياخدوا باقي السيديهات وانت لابس البمبي
قالتها وتقدمت بخطوات سريعة للداخل وهى بتضحك و ركض خلفها زين ليلحق بها .. انتهت الحفلة وعادوا الى المنزل ..
فى الصباح استيقظ زين باكرًا ونهض بحماس وصعد الى السطح بينما السماء لا تزال تكتسي بلون الفجر الخافت والهدوء يعم المكان .. نظر للمكان وتنفس بعمق وكأنه يستعد لمعركة صغيرة من نوع خاص ..
بدأ على الفور فى ترتيب المكان ، رفع الكراسي المتناثرة ومسح الطاولات والارض والحوائط وأعاد توزيع أصص الزرع بلمسة مرتبة .. ثم أخرج شنطة العدة وبدأ في اخراج الادوات وبدأ يصلح ما يحتاج اصلاحه .. في المنتصف ذهب الى الخارج وقام بشراء بعض الاغراض ولمبات الانارة الجديدة وبدء في تركيبها واحدة تلو الاخري.. وكلما تضاء واحدة كان يبتسم كأنه حقق انجاز كبير .. رتب برفق وحرك اغراض مريم من ادوات التلوين واللوحات ..كان يعمل بسرعة ينظر للساعة بين الحين والاخر يخشي ان تظهر مريم قبل ان ينتهي ..
حين انتهى وقف في المنتصف ناظرًا حوله بسعادة وهمس قائلًا :
_ يا زيزو يا جامد.. عملت كل دا لوحدك برافوا عليك .. يلا يا ميما تعالي شوفي زيزو عمل ايه ( امسك هاتفه ليتصل بها وقال) انا متأكد هتفرح لما تشوف المكان كدا .
اخبرته مريم برسالة على الواتساب بقدومها .. جلس زين على المقعد ليستريح حتى تاتي ، جلس وهو يراقب المكان وهو مبتسم لانجازه ولكن ملامحه كانت مزيج من الارهاق والتعب .. كان النسيم يداعب وجهه وهدوء المكان يدعوه للراحة .. فلم تمر دقائق حتى غلبه النعاس وانحنى رأسه قليلًا وأغلق عينيه دون أن يشعر ..
وصلت مريم الى السطح بخطوات مليئة بالحماس لرؤية السطح بعد التنظيف ..ما إن فتحت الباب حتى اتسعت عيناها بدهشة مفعمة بالفرح .. كل شئ بدأ مختلفًا الارض نظيفة ، الكراسي مرتبة ، الزرع فى اماكنه واللمبات الجديدة تنير المكان .. رائحة النظافة تملأ المكان .. وقفت فى المنتصف تدور بنظرها حول المكان وعلى وجهها ابتسامة عريضة .. ثم وقعت عيناها على زين نائمًا بهدوء ، راسه مائل إلي جانب وملامحه يغمرها الارهاق وملابسه متسخة .. ابتسمت ابتسامة عريضة وقالت هامسة :
_ برافوا يا زيزو ..
لم توقظة فقط تركته ليستريح وغادرت بهدوء ..
بعد ساعة عادت تحمل معها حقائب بها طعام ( بيتزا وسندوتشات كبدة وسجق ) وضعت الطعام على الطاولة امام زين وبلطف ايقظت زين :
_ زيزو .. اصحى .
فتح عينيه بتثاقل ونظر اليها بدهشة :
_ ايه دا هو انا نمت .. انتى جيتي امتى .
ضحكت :
_ من ساعتين كدا .
_ ومصحتنيش ليه ولا قعدتى تتأملى جمالي .
_ جمالك ايه وانتى مبهدل كدا ..
_ الجميل جميل في كل الاحوال ..
_ اسكت ..
_ بجد مصحتنيش ليه انا قولت اسند راسي معهرفش حصل ايه .
_ لما جيت كنت نايم ف نزلت جيبت اكل لينا على حسابي مكافئة على اللى عملته دا .
نظر الى الطاولة وابتسم:
_ كبدة وسجق
قالت :
_ مشطشطين .. يلا ناكل لاني جعانه وكنت مستنياك متغدتش .
_ ولا انا اتغديت .
_ اومال الصينيه بتاعتكم اللى هناك دي بتعمل ايه .. مين اللى اكل المكرونه بالبشاميل والبانية ها ؟
_ وانتى عرفتي منين انها مكرونه وبانية ؟
_ لان نفس الصينية والطبق كان عندنا واكلت منها .
_ وماكلتيش ومستنياني .
ضحكت :
_ ماهو انت اكلت الله ..كانت جوسي ولا تقاوم
_ ايوه والجبنه بتمط منها يا سلام نزلت فى قلبي فى قلبي
_ سناء عليها صينية مكرونة .. جوعتني اكتر يلا ناكل .
_ يلا .. ايه رأيك ؟
_ برافوا عليك يا زيزو المكان بقى يشرح النفس كان كهف وبقى حاجة تانية
_ قولتلك مع زيزو كل حاجة فى الانجاز .
- انا كنت متاكدة .. ف انا عاوزة الشطارة دي في امتحان القدرات بعد بكره
_ انتى ركزي بس وهنعدي متقلقيش .
_ ان شاء الله ..
صباح يوم أختبار القدرات .. استيقظ زين وتجهز وذهب الى منزل مريم ليصتحبها ويذهبان .. فتحت سناء الباب وملامح وجهها حزينة :
_ صباح الخير .. فين ميما اوعي تكون لسه نايمة جريها من ع السرير .
_ مريم من الفجر تعبانة اوي يا زين ..
_ ليه فى ايه ؟
_ سخنت وعماله ترجع ..انا رايحه اغير مايه الكمدات .
تبدلت ملامح وجهه زين لقلق وتوجهه الى غرفة مريم وهي مستلقيه على السرير ومحمود يبدل لها كمدات المياة الباردة :
_ ميما .. فى ايه ؟
تحدث كرم:
_ فجاة كدا اشتكت من بطنها .. هو انتم اكلتوا ايه من برا ؟
_ مااكلناش غير ايس كريم ..
_ يبقى هو اللى تعبها ..
وضع يده ليتحسس حرارتها وارتسمت ملامح قلق على وجهه :
_ دي سخنة جدًا .. تعالى نروح بيها المستشفي اللى جنبنا دي .
قام زين ليسند مريم التى بدت شاحبة الوجه ومتعبة تكاد لا تقوى على الوقوف .. كانت تتكئ عليه بكل ثقلها وجسدها متعب من الحمى ونظراتها شبة غائبة عن الواقع لا تدرك ما يدور حولها .. ذهبا الى المسشفي بسيارة كرم .. نزل زين مسرع واحضر كرسي متنقل وساعدها للجلوس عليه ودخل بها قسم الطوارئ ..
دخلوا القسم بقلق واضح وتم وضعها على السرير سريعًا وقام الطبيب بمعيانتها والكشف وعلقوا لها محلولًا وخافض حرارة بينما كانت انفاسها ضعيفة وعيناها مغمضتين .. وقف زين بجوار السرير يراقبها بصمت عينيه لا تفارق وجهها وتحدث كرم :
_ زين ..
_ ايوه ..
_ اتاخرت على امتحان القدرات ميبقاش انت وهي ؟
_ امتحان ايه بس .. نطمن عليها الأول ..
_ زيزو اسمع الكلام ...
_ انا مش همشي من هنا غير لما تفتح عينيها ودا اخر كلام .. لو عاوز ترجع البيت ارجع ومتقلقش كدا كدا الدكتور قال المحلول يخلص وهتروح البيت .
_ مش هسيبكم .. هروح اسال الدكتور ع حاجة .
- تمام .. انا معاها متقلقش .
بينما ينخفض صوت الغرفة وتثبت حالتها تدريجيًا جلس زين على الكرسي المجاور ينظر اليها ويراقبها .. مرت ساعات بهدوء حتى فتحت مريم عينيها ببطء واستعادت وعيها ونظرت بجانبها وجدت زين .. نظر اليها وتنهد وقال :
_ اخيرًا فوقتي .. انتى استحلتيها ولا ايه ؟
_ انا فين.. في المستشفى ؟
_ لا في الفور سيزون .. قولنا ناخدك هناك تغيري جو .
اقتربت الممرضة لوضع الدواء فى محلول وتعلقه :
_ حمدلله على سلامتك .. المحلول دا نص ساعة يخلص وتقدري ترجعي البيت .
تركتهم وغادرت وتحدث زين :
_ حاسه بحاجة ؟
_ جسمي تقيل ..
_ طبيعي من التعب انتى كنتى بركان بيغلي يا بنتي .
_ مش عارفه تعبت كدا ازاى .
_ من طفاستك.. يعني انتى عارفه ان معدتك وجعاكي ورغم كدا اطفستي فى الايس كريم واكلتي بتاعي كمان ..
_ شكلك مكنتش راضي وحصلي كدا .
_ هو ايوه عيني كانت هتطلع عليه بس مش لدرجة دى ..بعد كدا اسمعي الكلام ومتقاوحيش .
_ ماهو لو قولتلك ان بطني بتوجعمي مكنتش هتوافق تنزل وانا كنت عاوزة اتمشي .
_ ادينا جينا المستشفي وراح علينا الامتحان .
انتبهت مريم:
_ ايوه صح.. الامتحان ، انت مروحتش ليه ؟
_ كنتى تعبانة ومش هينفع اسيبك .
_ كان حد فينا راح .
_ يا نعيش عيشه فل يا منروحش احنا الكل .
_ مش وقت هزار دا يا زين .. انت فاهم عملت ايه كدا فنون جميلة مش هندخلها ، كل حاجة عملناها ضاعت فى الهوا .
قالت كلماتها وهي حزينة ونظر اليها زين وشعر بالحزن هو ايضا ..
تحسنت مريم وعادت الى المنزل ولكنها كانت حزينة لتفويت اختبار القدرات وضياع الحلم .. فى المطعم يجلس زين مع محمود وسوسن .. وتحدثت سوسن:
_ لسه قافلة مع سناء قالتلي ان مريم احسن وعلى بكره هتبقى احسن ان شاء الله بس زعلانه .
تحدث زين:
_ طبيعي تزعل كان خلاص بينها وبين حلمها خطوة ، دى كانت بتطحن نفسها فى المذاكرةعشان تدخل فنون جميلة .
_ يعني انت مش زعلان ؟
_ زعلان اكيد بس زعلان عشانها اكتر
تنهدت سوسن:
_ محدش عارف الخير فين ؟
تنهد زين:
_ يا لو دا حلم ونصحي ان يوم القدرات مجاش او يتعاد .
تحدث محمود:
_ ممكن رضا يساعدنا ..
_ رضا المنياوي؟
_ ايوه.. له معارف كتير في كل حاجة .. نكلمه ونشوف .
_ ياريت يا بابا كلمه ..
بالفعل اتصل محمود بصديقه رضا وجاء لمقابلتهم واخبره زين ماحدث وقال رضا :
_ امتحان القدرات خلص كان امبارح .
قال محمود :
_ يعني مفيش حل كدا يا رضا للعيال دي .
صمت رضا يفكر وتحدث زين بالحاح:
_ بجد انت هتعمل خدمة كبيرة مش متخيلها ارجوك حاول
_ هنشوف وارد عليكم بس مش اكيد
_ ان شاء الله هتتحل ..
بعد يومين ذهب رضا الى المطعم وقابل محمود وزين :
_ انا اتكلمت مع معارفي وعرفت ان في ناس قدمت شكوي وهيعيد ليهم الاختبار الاسبوع اللى جاي لكن لعدد محدود جدًا .
فرح زين وابتسم وقال :
_ اتحلت الحمد لله .
تحدث رضا :
_ لكن شخص واحد فيكم اللى ممكن يروح مش هينفع انتم الاتنين للاسف لان الاماكن محدودة اوي وبالعافية وفرت مكان واحد .. شوفوا مين هيروح وبلغني بالاسم عشان اسجله في القائمة.. يلا همشي وهستني الرد بكرة بالكتير .
قبل ان يتحرك رضا من مقعده قال زين :
_ مريم كرم .. الاسم مريم كرم .
نظر اليه محمود :
_ مريم ..
_ ايوه.. مريم الى هتروح
_ وانت ؟
_ فى بدائل تانيه موقفتش ع دي يعني .. خلاص يا استاذ رضا اكتب اسم مريم .
_ تمام .. الاسبوع اللى جاى تكون موجوده تمتحن .
غادر رضا ولحق به زين مغادر عائد الى المنزل .. ذهب الى منزل مريم ليبشرها علم بوجودها في السطح .. وصل السطح يبحث عنها وجدها في الغرفة امام الالوان واللوحات تجلس في شرود حزينة تنظر اليهم .. :
_ انتى بتعملي يوجا ولا ايه وسط اللوحات .
انتبهت بوجوده:
_ زين ..
_ لا عفريته..
_ مخدتش بالي انك جيت .
جلس بجوارها وامسك بيديه احدى اللوحات وقال :
_ تعرفي يا ميما انا مشوفتش حد بيرسم حلو كدا زيك ،فعلًا فنون جميلة دا مكانك مع شويا دراسة وهتبقى بروفيشنال .
تنهدت تنهيدة حزينة وقالت :
_ خلاص بقى .. الحلم اتبخر .
_ لا مفيش احلام بتتبخر .. الاحلام بتتولد ومبتختفيش .
_ هتقولي زي ماما اقدم السنه الجايه ؟
_ وتضيعي عليكي سنه كامله لا طبعا .
_ انا قولتلها خلاص هدخل اى كليه والرسم يبقى هوايتي وخلاص .
_ واللى يدخلك فنون جميلة .
_ مش وقت هزار يا زين .. لازم ندور على كليه كويسه ندخلها بقى احنا مجموعنا حلو .
_ ماشي نشوف دا لو منجحتيش في اختبار القدرات وضاعت فعلًا فنون جميلة .
_ ما قولنا خلاص بقى .
_ لا فى امتحان الاسبوع اللى جاى هتروحيه اجهزي يلا .
حدقت به غير مستوعبه كلماته :
_ بتقول ايه ؟
_ بقولك لقيت واسطة .. فى مجموعة هتعيد الامتحان اسمك منهم .
_ بجد..
ايوه
تبدلت ملامحها لسعادة ونظرت اليه :
_ انت بتتكلم بالفردي ليه ؟
_ لانه امتحان لشخص واحد اللى هو انتى
_ لا يا نروح مع بعض يا لا خلاص .
_ اسمعيني هو مقدرش يوفر غير مكان واحد نص العمي .
_ خلاص روح انت .
_ انتى هبله .. انتى اللى هتروحي .
_ لا مش هروح ودا اخر كلام ..
تركته مغادرة لمنزلها وركض خلفها زين وارد ان يقنعها ولكنها استمرت فى التمسك ب قرارها ، تمسكت مريم بقرارها جعل زين يتفق مع عائلتها وعائلته بالكذب عليها بتوفير مكان اخر له حتى توافق لدخول الامتحان .. بالفعل صدقت مريم الكذبة .. يوم الامتحان وصلا الى المكان ودخلت مريم الى الداخل بعد ان ودعته وبعد ان دخلت ابتعد زين عن المكان .. ورغم علمه بغضب مريم ولكنه موقن انه فعل الصواب لها .. مرت ساعات وانتهى الامتحان وخرجت مريم تبحث عن زين فى المكان وحين وجدته اسرعت اليه فرحة بخوضها الامتحان :
_ الامتحان كان حلو اوي ..
_ اه ..
_ مكنتش اتخيل انه بالسهولة دي .
_ اه ..
تعجبت مريم من ردوده القصيرة وارادت ان تقوم بحيلة :
_ السؤال 10 كان صعب اوي حليته ؟
_ ايوه طبعا انا قفلت الامتحان
وقفت مكانها ولاحظ توتره وكانت نظرتها حادة :
_ انت بتكذب عليا انت مدخلتش صح ؟
_ بصراحة كدا .. ايوه .
_ ليه ؟
_ لان مكنش في مكان غير لشخص واحد انتي .
_ لكن انتم ..
قاطعها انا طلبت منهم يكذبوا عشان ترضي تدخلي ..
بنبره وبملامح حزينة :
_ ليه تعمل كدا ..
_ لاني اخوكي انتى ناسيه وواجبي اتجاهك اساعدك تحققي حلمك ..
رمقته بنظرة غضب مشاعرها متداخله بين الغضب والامتنان وتركته وعادت الى المنزل مسرعة رافضة ان تتحدث معه .. مر يومان خصام وتم مصالحتها فى اليوم الثالث بعد محاولات من زين لمصالحتها ... نجحت مريم فى الاختبار والتحقت بكلية فنون جميلة والتحق زين بكلية تجارة انجليش ... قبل بداية الدراسة فى الجامعة تجمعوا وذهبوا الى الساحل لقضاء اجازة سويًا كالعادة .. جلسوا امام الشاطي وكانت سناء شاردة واقترب اليها كرم هامسًا :
_ فاكرة اول مرة شوفتك كان على الشاطئ يا سناء .
ابتسمت سناء وقالت :
_ كنت فاكرني جنيه بحر
ضحكوا وتحدث محمود :
_ دا كان مصدعني كل ما كنت اكلمه يقولي شوفت جنية البحر انهاردة واختفت .. امك قلبتله حاله يا ميما .
ضحك كرم وقال :
_ سناء كانت الجنية اللى خطفت قلبي من اول لحظة.. كان اليوم اللي بشوفها بيبقى احلى يوم .
ابتسمت مريم وقالت :
_ الله .. احكي يا بابا كمان بحب اسمع قصتكم اوي .
تدخل زين :
_ اهو انا عرفت دلواقتي الرومانسية المفرطة عند مريم دي جابتها منين ، وراثه من جنيه البحر وزوجها الصياد اللى وقع فى غرام شباكها .
ضحكوا وقال كرم :
_ ليه مسميها رومانسية مفرطة هو الرومانسية وحشة ؟
_لا مش وحشة لكن كلامكم دا قدامها كدا بوظلى دماغها معيشها فى رومانسيات وحب وجو الوسادة الخالية ، بلاش تبوظوا السيستم اللى ظابطها عليه متخلوهاش تتعشم .. ميما حبيببتي خليكي فى رواياتك وافلامك وشاروخان الرومانسية اخيرها الحاجات دى الواقع مختلف اسمعي مني ..
خبط محمود مؤخرة راس زين :
_ وانت عرفت منين يا مفعوص ان مفيش رومانسية.. وان اللى فى الروايات والافلام مبيحصلش .. هو الروايات والافلام ايه غير نقل حكايات اشخاص مروا بتجارب ومشاعر عاشوها .. في ناس كتير ارتبطوا بسبب قصة حب ومشاعر جمعتهم وقصصهم احلى من الروايات والافلام ولو سمعتها هتقول دا خيال رغم انه واقع .. وليه نبعد انا وامك وكرم وسناء عاوز دليل ايه اقوي ( نظر الى مريم ) مريم صح ( اعاد النظر الى زين ) انت اللى محتاج تشوف الحاجات صح العلاقات مش زي ما كريم بيحكيلك .
تحدث زين :
_ انا مش مختلف معاكم.. بس زمان المشاعر كانت حقيقية وواضحة وبسيطة والناس كانوا واضحين ومفيش عقد .. انتم حبيتوا واخلصتوا في مشاعركم دلواقتي لما بيفركشوا بيروحوا يرتبطوا ع طول بغيرهم .. مفيش وقت .
تحدثت سوسن:
_ دا كلام كريم انا عارفه .
_ لا يا ماما دا كلام الواقع.. مفيش حد بيموت من غير حد دلواقتي ، لما اى اتنين بينفصلوا بيعيشوا حياتهم عادي ويتجوزوا ويخلفوا .. حياتهم بتكمل .
تحدثت مريم:
_ يارب يجي اليوم اللى اشوفك فيه بتتلوى فى الارض من الزعل ع فراق اللى بتحبها .
تحدثت سوسن:
_ الحب يا زيزو بيجي وبعدين بنكتشف انه جيه مبنعرفش انه جاى احنا بنتفاجئ بوجوده ، يعني هتدخل يعني هتدخل .
تحدث زين بحزم :
_ مش هيحصل لاني مش هسيب قلبي يمشيني اومال عقلي معايا بعمل به ايه اسكلوب ؟
تحدث كرم:
_ عقلك موجود معاك عشان تصدعنا احنا ب افكارك وارائك الغريبة .. ميما يا بنتي متسمعيش كلام الواد دا خليكي زي ماانتى لغاية ما تقابلي فارس احلامك اللى تتمنيه ويحبك وتحبيه .
ضحك زين وقال :
_ يظهر الحلو وقتها نشوف .
نظرت مريم الى كرم:
_ هيطفشه يا بابا هيطفشه انا متأكدة .
تحدث محمود:
_ لو بتحبيه وبيحبك احنا معاكي ضد الواد دا متخافيش .
نظر زين اليهم:
_ كلكم اتفقتوا عليا .. ماشي ماشي انا مليش غير كيمو حبيبي .
قالت مريم:
_ اهو كازانوفا دا دخل تجارة عشان يلم البنات حواليه انا عارفه .
_ يابنتي سحري لا يقاوم اعمل ايه يا ناس ؟
_ هقولك ايه تعمل ايه
امسكت مريم قبضة من الرمل ووضعه داخل تيشيرت زين:
_ اعمل خط بالرمل دا وامشي عليه
ركضت وركض خلفها وهو يقبض في قبضة يده رمل يريد ان يلقها عليها .. ظلًا يركضان وسط ضحكاتهم وضحكات عائلتهم وهما يشاهدونهم هكذا من الصغر نفس التصرفات الطفولية ..
قبل بدايه الدراسة في أحد الايام وبين أروقة المحلات المليئة بالملابس كان مريم وزين يتجولا جنبًا الى جنب يختاران ملابسهم وفي اعينهما فرحة دخولهما الى مرحلة جديدة من حياتهما وهي المرحلة الجامعية .. كعادتهما منذ الصغر كان يتشاركان فى شراء الملابس ، لم يكن شراء الملابس مجرد مهمة بل طقس خاص بينهما يحمل الكثير من الذكريات والمواقف .. كانت مريم تمسك بقطعة ملابس تنظر اليها بتركيز ثم تلتفت الى زين قائلة :
_ زيزو ..
كان زين يبحث فى الرفوف والتفت اليها :
_ دي هتبقى حلوة عليك جدًا ..
_ وايه عرفك ؟
_ تخيلتك فيها وطلع اخر جمدان .. يلا جربها بسرعة وهشوفلك حاجات تانية .
ياخذها من يدها وهو يضحك:
_ على اساس اقدر اقول لا مش هقيس ..
_ لا انت ممكن تقول ع فكرة
_ بجد؟
_ ايوه وهتبقى المعاملة متبادلة يعني لما تخترلي حاجة مش هقيسها .. ايه رايك نعمل كدا .
_ لا لا لا .. انتى بتختاري حاجات مستفزة .. هقيس ولو حلو هاخده
_ حلو وهتشوف ..
دخل الى البغرفة المخصصة لقياس الملابس وخرج اليها بعد لحظات ووقف واضع يديه فى جيب البنطال ويقف بغرور قائلًا :
_ الجامعة كلها هتقف لما ادخل بحته التيشيرته والبنطلون دا والنظارة الشمس هعدي .
ضحكت مريم:
_ دا طلع احلى ما كنت متخيلة تصدق .
_ انا زيزو .. اى حاجة مع زيزو بتبقى احلى .
_ حدفت عليه قميصان اخريان :
_ طيب ياعم الحلو قيس دول كمان .
_ طيب شوفيلي حاجة اسود كدا.. الاسود بيعمل شغل جامد.
_ اسود.. سحر اسود.. ادخل وانجز .
_ عاوزك متقلقيش يا ميما مهما قابلت انتى اللى فى القلب انا معنديش غير ميما اختى الشق .
_ بثبتني ماشي .. يلا قيس عشان ورانا محلات تانية .
_ اوكيه ..
بالفعل بدء في قياس الملابس وثم دخلا محل اخر واشار الى احد الملابس المعروضة على المانيكان :
_ ميما ؟
_ ها ..
_ بصي .. الطقم دا هيبقى عليكي جميل قسيه
اتقتربت نحوه واعجبها :
_ تصدق حلو .. هقسيه ..
توجهت الى البائعة وطلبت منها الملابس وبالفعل قامت بالقياس وخرجت ونظر اليها ب اعجاب :
_ ايه دا .. ايه الوحاشه دي .
_ وحش فين دا جميل .
_ جميل فعلًا .. يلا عدى جمايل
_ يخليك ليا يا زيزو يا شق .
كان بينهما تناغم فريد يفهمان ذوق بعض بلا حاجة لكثير من الكلمات والتوضيح ، وكأنهما مرآتان تعكسان اختيارات بعض بدقة .. في كل محل يتشاركان الرأي يضحكان ويعلقان على الالوان والموديلات بسخرية .. كانوا لا يشعران بالوقت سويا فهما لا يشتريان ملابس فقط بل يجددان رابطًا قديمًا تشكل منذ طفولتهما والان وهما على أعتاب الجامعة لم يتغير شئ ولكن ارتباطهم اصبح اقوي مع مرور الزمن .. علاقتهم اصبحت اعمق واختياراتهم انضج ولكنها لا تزال تحتفظ بروح البدايات ..
انهيا من التسوق وذهبوا الى محل البيتزا .. جلسوا وبعد 10 دقائق كانت البيتزا امامهم .. قال زين :
_ دى اخر فلوس معايا متطلبيش حاجة تاني انهاردة بخ .
_ وانا كمان فلست مش معايا فلوس خالص .
_ الحمدلله اننا جنب البيت الا كان زمنا مشينا للمنتزة .
_ كنا هنوصل الصبح .
وبدل ما نطلع على البيت نطلع على الجامعة وتبقى بداية مختلفة .
ضحكوا وتحدثت مريم:
_ البيتزا حلوة اوي ..
_ بالهنا .
_ عارف يا زيزو انا نفسي اروح ايطاليا ليه ؟
_ عشان تاكلي البيتزا من بلد البيتزا نفسها .
_ دا أكيد لكن فى اسباب تانية .
_ تحضري معرض لايهاب توفيق وتشاركي في معرض بلوحات ليكي .
_ مبدأئيًا اسمه الفنان ايهاب فهمي مش ايهاب توفيق المطرب .
_ يعني غلطت في مدير عام الفنون .
_ جاهل .. متعرفش انت بتتكلم عن مين ، ايهاب فهمي مثلي الاعلي ، قصة نجاحه حفزتني اوصل لكلية فنون جميلة .. بدء من الصفر لغاية ما وصل ايطاليا وعايش هناك .. هل تعلم انه درس فى نفس الكلية هنا في الاسكندرية .
_ خلاص خلاص انتى محسساني بتتكلمي عن اله الفن .
_ جاهل فعلًا .. بجد من أمنياتي اشوفه هل يا زيزو هيجي يوم واشوفه ؟
_ لو خلصتي رغي واكلتي نروح ممكن
_ نروح فين ؟
_ نروح البيت تمسكي صورته اللى عاملاها فى برواز تشوفيه
_ انت رخم ..
_ بس قوليلي لغيتي انك تروحي متحف أوفو باين
_ متحف أوفيزي في فلورنسا شبه متحف الارميتاج
_ اللي في روسيا .
_ ايوه لكن اوفيزي في ايطاليا انا عملت سيرش لكذا مكان كدا حلويين يومًا ما هروحهم .
_ ماشاء الله عملتي سيرش عن البيتزا والاماكن اللى هتروحيها كمان دا كان ناقصلك تذكرة الطيران .
ضحكت :
_ ايوه كله مترتب ناقص التوقيت ودا سايباه لوقته بقى .
_ خلاص نحوش قرشين وهوب يلا بينا ايطاليا بسيطة .
_ معاك ؟
_ ايوه ..
_ لالا مش هينفع معاك .
_ نعم .. هو ايه اللى مش هيفع ؟
_ ايوه.. انا عاوزة اروح الاماكن دي مع شخص بحبه وبيحبني ، الاماكن اللى مليانه مشاعر ورومانس مش شخص دبش زيك هتفصلني لو جيت معايا هتفضل تتريق على الناس وعليا .
_ هو انتى رايحه تعمل روميو وجوليت 2 هناك ؟
_ وفيها ايه مع اللى بحبه ..
_ ياادي الحب اللى واكل دماغك .
_ انت مضايق ليه ..ماهو انت كمان هتحب .
_ يعني هتستنيني لما احب وتحبي ونبقى احنا الاتنين بنحب ؟
_ ازاى يعني ..افرض ظهر الفارس اقوله استنى هبقى اصفرلك لما زيزو يحب وتيجي .
_ يعني يرضيكي تحبي وتسبيني لوحدى ؟
_ لا انا معاك .. هو فى اخوات بيبعدوا عن بعض .. بس يعني لو جه يا اهلا .
_ طيب بذمتك هو هيعملك ايه اكتر من اللى انا بعمله ، اهتمام وبهتم ، مبزعلكيش، مخلصه على فلوسي ، مقطعه عليا وع علاقاتي ، بتختاريلي هدومي .. بخرجك ومكانك فى حياتي اولوياتي ناقصك ايه عشان تدوري ع حد تاني ؟ عاوز حد يضحك عليكي بكلمتين ويسيبك عشان وصيه جده الميت من 20 سنه انه يتجوز بنت عمه وتقعدي منكده وتعيطي وتكرهي كل الرجاله .. ليه توصلي لكدا ليه تختاري تعيشي كدا ؟
_ وانت ايه عرفك انه هيعمل كدا ؟
_ انا عارف .. عندك كريم التجربة اللى عاشها .
_ مش كلهم زي كريم .
_ ولا كلهم زين .. ف خليكي فى المضمون زيزو موجود ومتدوريش ع المجهول .
صمتت مريم وتحدث زين :
_ ف احنا ع اتفقنا الجامعة للدراسة مش للتعارف وانك هتقابلي فارس الاحلام هناك .. الجامعة مفيهاش فرسان الجامعة فيها عيال طالع عينهم عاوزين يخلصوا عشان يخدموا فى الجيش ويشتغلوا ..مفيش حد فاضي لرومانسية .
_ انت بتقفلها فى وشي .
_ رواياتك وافلامك واغانيكي واشطا اوي تمام .
_ وعاوز تيجي معايا شخصية فصيلة ..
_ يلا كلي عشان نمشي
_ هاكل دي ونمشي .. البيتزا حلوة اوي .
خطف زين القطعه من امامها وتناولها:
_ خلاص خلصت ..انتى عارفه بحب اخر قطعة بيبقى عينك فيها بيبقى طعمها حلو اوي .
نظرت اليه مريم مبتسمة :
_ الف هنا .. طيب انا قايمة للحمام .
_ تمام متتأخريش
تحركت من جواره ومسكت هاتفه المحمول بالخفاء وتوجهت بخطواتها الى الجرسون تحدثت معه وخرجت خارج المطعم .. بعد 10 دقائق جاء الجرسون :
_ الفاتورة يا فندم
_ تمام انا خلصت اصلا لكن كنت مستني اللى معايا .
اخرج الورقة من جيب بنطاله :
_ هي سيبالك الورقة دي .
امسك الورقة وكانت كاتبه :
_ موبيلك وفلوسك معايا شوف هتدفع ازاي .
تبدلت ملامحه لغضب:
_ يابنت اللذينه .
الجرسون واقف ينتظر الحساب .. اراد ان يعاود الاتصال ب اى شخص ينجده ولكنه لم يحفظ الارقام .. ظل جالس لمده نص ساعة وعاد الجرسون :
_ تمام يا فندم الحساب ادفع اتفضل امشي
اشار الجرسون الى الباب وكانت مريم تقف تلوح لزين من بعيد ف حمل الحقائب وتوجه اليها ولكنها خرجت مسرعة تركض وهو يركض خلفها واستوقفها :
_ مريم .. اقفي .
وقفت عن مسابقة :
_ عاوز ايه ..
_ تعالي قربي هشيل كل الشنط دي لوحدى ؟
_ ماانت ع طول بتشيل الشنط ايه الجديد .
_ تعالي يا ميما متخافيش ..
_ لا اخاف طبعًا مش هتعدي اللى حصل من شويا .
_ يعني انتى عارفه ..
قالت له مازحة :
_ ايوة عشان تاكل اخر قطعة بيتزا وانا كنت هاكلها .. حصلني بقى .
ركضت فى الشارع وركض خلفها زين وهما كانوا يضحكون كالاطفال الصغار يركضون خلف بعضهم كعادتهم ..