رواية هالة الفصل السابع بقلم جميلة القحطاني
بنتها الكبيرة:زمانك فاكرة… لما أبوهم سافر الصعيد… وسابنا نربيهم؟
بصّي دلوقتي… رجع، وكأن الزمن رجّع له صوته.
البنت بصّت لها وقالت:بس إنتي متوترة يا ماما… فيه إيه؟
نعيمة ما ردتش.
بس نظرتها راحت للشنطة البنية اللي اتركنت جنب ترابيزة القهوة…
وكأن جواها بركان هينفجر، بس لسه مش دلوقتي.
في الليل، بعد العشا، كانت الفيلا كلها صاحية.
الأطفال بيلعبوا، الرجالة بيحكوا، الستات بيضحكوا،
والشباب قاعدين سوا في الجنينة… موسيقى هادية، وضحك خفيف.
ليلى قربت من سيف، سألته:بتحب اللمة دي؟
بص لها وقال:مفيش أحلى من لمّة العيلة… دي البركة.
بس ليلى كانت بتفكر في لمّة تانية… لمّة عريس وعروسة.
وفي اللحظة دي…
رنّ تليفون سيف…
والاسم اللي ظهر خلى ليلى تحس بسكينة في قلبها.
سلمى
نادر شاب في أواخر العشرينات، ابن خالة ليلى، وساكن معاهم مؤقتًا في الفيلا بعد ما حصل له حادث غامض في شقته القديمة. من بره شكله هادي، لكن جواه زلزال بيغلي.
نادر عنده خوف مرضي من الوحدة… أي لحظة يبقى لوحده، بيبدأ يسمع أصوات، يشم ريحة دخان، يحس إن فيه حد بيقرب منه…
كل ده بيحصل بس لما يكون لوحده.
نادر بيطلب من ليلى إنها تقعد جنبه طول ما هو في الفيلا.
بيحاول يخفي توتره قدام العيلة، بس ليلى شافت مرة عينه وهي بتهرب ناحية الضلمة، وبتبدأ تشك.
السبب الحقيقي؟
في ماضيه، حصلت حادثة وهو طفل، اتقفل عليه لوحده في بدروم بيت جده أيام زمان، وكان فيه شخص هناك… مش واضح كان مين، بس سابه لوحده ٣ أيام…
ومافيش حد صدق القصة.
كبر والخوف ده جواه، وبيقاومه، بس بيتضاعف لما الجد عاصم يرجع، لأنه هو اللي كان صاحب البيت اللي حصل فيه الحادث ده زمان!
الساعة كانت عدّت تلاتة الفجر.
في الفيلا الكبيرة الهادية، الكل نايم… إلا هو.
نادر كان قاعد على السرير، ضهره للحائط، عنيه على الباب.
اللمبة الصفراء بتاعة الكومود الصغيرة كانت منورة، بس ده ما منعش إن زوره كان ناشف، وإيده بتترعش.
كان سامع الصوت تاني.
مش أول مرة، ولا تاني مرة.
نفس الصوت اللي بيجي له من وقت ما سكن في الفيلا:
نادر… نادررر…
كان بيجي من ناحية الدولاب.
وأول ما يبص عليه… يسكت.
حاول يقنع نفسه إنها هلوسة، زي ما قاله الدكتور.
بس إزاي هلوسة، وهو شاف ظل راجل واقف عند الباب؟
مش بيمشي… بس واقف…
بس لما يقوم يفتح الباب، يختفي.
نهض، وفتح الباب فجأة.
مفيش حد.
الطرقة مظلمة… ريحة قديمة، كأنها تراب!
