![]() |
رواية زواج تحت التجربة الفصل السابع بقلم رباب حسين
في ظلام الليل يدخل متسللًا متخفي بعيد عن العيون وتمتد يد في الخفاء لتسرق بعض المحاليل الطبية من معمل دكتور أيهم ويخرج دون أن يشعر به أحد....
عاد كالمطر بعد جفاف طويل كالنور بعد انقطاع
فتحت له قلبي واحتضنته بدمعي قبل ذراعي ونسيت في لحظة واحدة كل الشوق وكل الغضب كأن الغياب لم يكن إلا حلمًا مزعجًا انتهى عند فجر اللقاء
قال لي:
"كل الطرق التي ابتعدت فيها كانت تؤدي إليك وكل الأماكن التي مررت بها لم تكن إلا ظلالك"
فأجبته:
"وأنا لم أبرح مكاني لأن قلبي كان يذهب معك في كل خطوة"
عاد الحبيب وعادت الحياة…. وعاد القلب ينبض كما لم ينبض من قبل
بمنزل إيمان تستلقي بجسدها بجوار خالد بالفراش تنظر إليه وهي تقبض بيدها على يديه وكأنها تطمئن قلبها بأنه موجود بجوارها ولن يغادر..... تحكم قبضتها عليه حتى لا يختفي مرة أخرى وتعود لتشعر بالحنين الإشتياق إليه.... عيناها تتحدث بالكثير إليه وهي تنظر إلى عينيه التي تخبرها بمدى إشتياقه لها أيضًا ثم قربها إلى صدره وقبض عليها بكلتا ذراعيه قائلًا : عشان تطمني إني مش همشي..... خليكي في حضني طول الليل
إبتسمت وأغمضت عينيها وألقت برأسها على صدره ونامت
حل الصباح وذهب أيهم إلى المعمل ليكمل ما يقوم به من محاولة إيجاد دواء ولكن بعد قليل إكتشف أن هناك عينة من العقار الذي أخذه خالد مفقود ففتح عينيه في صدمة وقام بالإتصال بإيمان على الفور ولكن لم تستقبل المكالمة ..... إستيقظت إيمان ووجدت خالد لازال نائمًا فنهضت ببطء ودخلت المرحاض ثم بدلت ثيابها وخرجت ووجدت علي يجلس بالخارج وينتظر خروجها فاقتربت منه وقالت في همس : ماما فين؟
علي : في المطبخ..... هو نايم؟
إيمان : اه..... أنا هنزل وإنت بعد شوية حاول تدخله أكل ماشي
علي : هخلي أمك تنزل تشتري أي حاجة من تحت وبعدين هدخله أكل وقهوة كمان يا ستي
إيمان : لا بلاش قهوة.... عصير بس ماشي..... أنا همشي ولو حصل أي حاجة كلمني.... بابا أوعى حاجة تعصبه
علي : متقلقيش.... روحي بس واتصرفي بسرعة
ذهبت إيمان إلى منزل خالد وبحثت عن الأموال وأخذتهم ثم ذهب إلى أحد الشركات العقارية واشترت شقة صغيرة وأخذت المفتاح ثم ذهبت إلى المشفى وعندما دخلت المعمل وجدت أيهم يجلس في ضيق ويبدو عليه الذعر
إيمان : مالك يا أيهم؟
أيهم : مصيبة يا إيمان..... مصيبة
إيمان : فيه إيه تاني؟.... فيه حاجة في تحاليل خالد جديدة؟
أيهم : لا.... في عينة من الدوا مفقودة.... أنا عددهم كانو ٣ بقو ٢....يعني فيه حد خده وديه مصيبة..... يعني هيبقى في حد تاني زي خالد لو خده
إيمان : ديه مصيبة.... الله أعلم اللي خده ده أخلاقه ولا ظروفه إيه.... ده ممكن يبقى سفاح بجد ولو متحكميش في نفسه هيأذي ناس كتير جدًا
أيهم : المصيبة إني مش عارف أبلغ..... لو بلغت أنا اللي هروح في داهية
إيمان : وإنت سايب الدوا هنا ليه؟
أيهم : وأنا أعرف منين إن حد هيعرف عنه حاجة ولا هيعرف إنه عندي أصلًا
عقدت إيمان حاجبيها وقالت : صح..... هو اللي خده أكيد عارف هو إيه.... يعني كده في حد عارف بالموضوع ده غيرنا..... مين يا أيهم؟.... إنت قلت لحد على العلاج ده؟
أيهم : لا طبعًا..... هو أنا مجنون
إيمان : أنا مش عارفة أعمل إيه..... كل أما أحاول أحلها تتعقد زيادة
أيهم : فيه حاجة تاني حصلت؟
إيمان : خالد عندي في البيت
أيهم : أنهى بيت؟
إيمان : بيت بابا
أيهم : ووافقو يفضل هناك؟!
إيمان : بابا بس اللي عارف لكن ماما لو عرفت مش هتوافق أكيد.... كل ده عشان رفضت إبن أختها سي عادل اللي طالعة بيه السما
أيهم : طيب ما هي أكيد هتعرف مش هينفع يفضل قاعد في البيت كده
إيمان : لا ما هو النهاردة بس.... أنا كنت جاية عشان أطلب منك طلب
أيهم : قولي على طول
إيمان : عايزاك تشتري عربية خالد.... شوف هتاخدها بكام والفلوس ديه تجهزلي بيها معمل عشان أنا اشتريت شقة وهاخد خالد هناك وهجهز فيها معمل نقدر نعمل تجارب للعلاج عليه
أيهم : معنديش مشكلة.... اعتبري فلوس العربية في جيبك ولا تحبي اجهزلك المعمل أنا
إيمان : ياريت.... أنا هروح أخد خالد بليل واروح على الشقة.... بس عايزة سرير كمان ودولاب صغير لينا.... بص شوف إنت بس موضوع المعمل وأنا هروح أجيب أوضة صغيرة وأحطها في الشقة وكمان هجيب هدوم خالد من البيت
أيهم في ندم : الله يكون في عونك يا إيمان..... كل ده بسببي أنا عارف وياريت عارف ألاقي حل في حالة خالد
إيمان : هتلاقي إن شاء الله.... المهم هديك العنوان وأدى مفتاح العربية وجهز العقد وإعمله بتاريخ قديم ولما تيجي يبقى خالد يمضي عليه
أيهم : تمام
ذهبت إيمان إلى المنزل وأحضرت بعض الثياب لخالد ثم ذهبت إلى أحد المنافذ التجارية وقامت بشراء غرفة صغيرة وأخذتها إلى المنزل الجديد
أما علي فانتظر حتى ذهبت تهاني إلى السوق لتشتري بعض الأغراض وأخذ بعض الطعام والعصير ودخل الغرفة عند خالد ووجده لازال نائمًا فقام بإيقاظه وجلس خالد بالفراش ثم قام علي بوضع الطعام أمامه وقال : كل ده نوم
خالد : أنا بقالي يومين منمتش.... تسلم أيدك يا عمي
علي : إيمان يا سيدي وصتني عليك قبل ما تمشي..... وقالتلي بلاش قهوة
خالد : اه.... هي منعتني من أي حاجة تأثر على أعصابي
بدأ خالد في تناول الطعام وبعد قليل قال علي : ليه مجتش طلبت إيدها مني قبل ما الدنيا تعمل فيك كده طالما بتحبها من زمان؟
خالد : كنت مستني لما تخلص جامعة ده غير إن ماما كانت تعبانة أوي قبل ما تموت وبعدها بابا تعب كمان.... الموضوع مكنش متظبط معايا بس مش أكتر
علي : كل شئ بميعاد..... كل بسرعة بقى قبل ما حماتك ترجع وتاخد بالها
خالد : حاضر
تناول خالد الطعام وشرب العصير وكاد علي أن يذهب ولكن قال خالد : هي إيمان فين كل ده؟
علي : هكلمها وأقولك
خرج علي وقام بغسل الصحون حتى لا تنتبه تهاني ثم قام بالإتصال بإيمان وقامت بإبلاغه بما فعلت ثم أبلغ خالد بما قالته إيمان
بعد وقت كان خالد يقف في النافذة يطل على الشارع ينتظر عودة إيمان ولاحظ قدوم تهاني من أخر الطريق ولكن توقفت عندما وقع من يدها أحد الحقائب فانحنت بالأرض لتحمل الأغراض التي وقعت منها ثم انتبه خالد إلى أحد السيارات التي كادت أن ترتطم بدراجة نارية فانحرف السائق عنها بسرعة حتى لا يصطدم به ووجدها تتجه إلى تهاني التي وقفت في ذعر وقبل أن ترتطم بها وجدت خالد أمامها بعد أن قفز من النافذة وأوقف السيارة بكلتا يديه فارتفعت مؤخرة السيارة وحدث إنبعاج كبير بمقدمة السيارة..... التفت خالد إلى تهاني التي تنظر إليه في دهشة..... لقد أوقف السيارة بيديه وأنقذ حياتها! ..... نظر لها في حزن ولكن تجمع الناس على الفور وقال أحدهم : القاتل أهوه..... وقف العربية بإيده!
ركض خالد في ذعر واختفى من أمامهم.... إنتبه علي إلى الأصوات بالشارع فنظر من النافذة ووجد تهاني تقف وسط جموع الناس وهناك حادث بالطريق فشعر بالخوف عليها فركض إلى أسفل سريعًا وذهب إلى تهاني التي تقف في صدمة وأمسك ذراعيها وقال : مالك يا تهاني.... إيه اللي حصل ده.... هي العربية خبطتك؟
أماءت له بلا والصدمة جالية على وجهها فقال علي : طيب إيه اللي حصل فهميني.... العربية عاملة كده ليه؟
تهاني في صدمة : وقفها بإيده..... خالد وقف العربية بإيده قبل ما تخبطني
فتح علي عينيه في صدمة وقال : خالد!.... طيب هو فين؟
تهاني : جري لما الناس إتجمعت علينا وجريت وراه بس ملحقهوش
نظر علي في الإتجاه الذي ذهب منه وهو يقول لنفسه : روحت فين يا خالد؟
ثم حمل الأغراض وأمسك يد تهاني وصعد بها إلى أعلى وبعد قليل جاء علاء الذي علم بوجود خالد هناك بعد أن تم إبلاغه بالحادث وأيضًا قام أحدهم بتصوير الحادث بكاميرة الهاتف ووضعه على أحد برامج التواصل الإجتماعي ثم صعد إلى منزل علي وطرق الباب.... قام علي بالترحيب به وأدخله إلى المنزل
علاء : إيه اللي حصل يا أستاذ علي؟
علي : أنا كنت هنا في البيت مشفتش حاجة.... بس زي ما حضرتك شفت في الفيديو أكيد
علاء : هو خالد كان هنا؟
علي : لا
علاء : مدام تهاني هو خالد جيه منين؟
تهاني : معرفش أنا لقيته قدامي في ثانية وبيوقف العربية.... لولاه كان زماني ميتة
علاء : أنا مش فاهم.... هو بطل ولا مجرم؟
علي : محدش عارف.... بس الأكيد إنه لازم يدخل مستشفى ويتعالج..... خالد مش وحش بالعكس هو محترم جدًا وأنا عارفو من وهو صغير وبأكد لحضرتك إن الدوا ده هو السبب في إنه يعمل كده
علاء : على العموم لو عرفتو هو فين تتواصلو معايا فورًا.....وجود خالد وسط الناس خطر كبير
عادت إيمان ووجدت سيارة الشرطة تقف أمام المبنى فشعرت بالخوف وصعدت سريعًا ثم دخلت المنزل ووجدت علاء يجلس مع علي وتهاني فنظرت إلى علي في صدمة ثم نظرت إلى باب غرفتها ووجدته مغلق فقالت في توتر : خير يا حضرة الظابط..... فيه حاجة؟
علاء : خالد ظهر عندكم في الشارع النهاردة
فتحت إيمان عينيها في صدمة ونظرت إلى علي فقال : أنقذ أمك من حادثة عربية والناس شافته..... أدخلي على النت هتشوفي الفيديو
جلست إيمان تشاهد الفيديو وعلمت أن خالد هرب مجددًا
علاء : أكيد كان جيلك يا دكتورة وأظن إنه هيجي تاني.... لو سمحتي أول ما يظهر تبلغيني..... إنتي عارفة إن ده أحسنله
أماءت له إيمان وذهب علاء ثم دخلت إلى غرفتها فلم تجده فجلست على الفراش في حزن وبعد قليل دخل علي الغرفة وجلس بجوارها وقص لها ما حدث ثم قال : معرفش نزل قدامها إزاي؟
إيمان : أكيد نط من الشباك لما شافها في خطر.... الحمد لله إن محدش شافه وهو بينط....كان أكيد الشرطة هتقعد تحقق معانا..... المشكلة دلوقتي أنا خايفة علاء يراقب البيت.... أعمل إيه؟
علي : أكيد خالد هيفهم إن المكان مش أمان دلوقتي
إيمان : طيب هيروح فين؟
علي : مش عارف.... فكري
إيمان : ممكن يروح لأيهم.... أنا هبلغه
إتصلت إيمان بأيهم وطلبت منه أن يذهب إلى المنزل ينتظر هناك عسى خالد أن يذهب إليه ثم أنهت المكالمة ونظرت إلى علي في حزن ووضعت رأسها على عاتقه فقال علي : على الرغم إن اللي حصل ده يضايق بس أنا مبسوط إنه لحق تهاني وكمان تهاني مبقتش مضايقة منه زي الأول.... ربنا يهديها عليه
إيمان : أنا متأكدة إنها مع الوقت لما تقعد معاه هتعرف أد إيه خالد كويس
علي : ربنا يجمع شملكم على خير
ظلت إيمان تصلي وتدعو بأن يخرجها من هذه المحنة ثم انتظرت عودة خالد طوال الليل وتنظر إلى هاتفها تنتظر مكالمة من أيهم يخبرها بأنه ذهب إليه ولكن دون جدوى فلم يظهر خالد ولم تعرف أين هو
حل الصباح واستيقظت إيمان وأخذت حمام دافئ وبدلت ثيابها وخرجت لتتناول الطعام معهما... نظرت لها تهاني وهي تتناول الطعام وقالت : هو خالد ضربك قبل كده يا إيمان أو عملك حاجة؟
إيمان في تعجب : لا يا ماما.... ليه السؤال ده؟
تهاني : أصل قوته مش طبيعية.... ده وقف العربية زي ما يكون بيوقف لعبة.... خفت يكون أذاكي أو حاجة قبل كده
إيمان : خالد مش ماشي يأذي في الناس وخلاص..... لما بيحب يستخدم قوته بيستخدمها بدليل في المحكمة لما طلبت منه يعمل أي حاجة عشان يثبت للقاضي كلامي رفض عشان ميأذيش حد من الناس اللي كانت حواليه وأنا متأكدة إنه بس وقف العربية عشان ينقذك مش أكتر ولو هو عايز يأذي حد كان ضرب الناس اللي إتجمعت حواليه مش جري منهم.... صدقيني يا ماما خالد مش وحش وبكره تتأكدي بنفسك
تهاني : والله يا بنتي هو بصلي إمبارح بطريقة كأنه بيعاتبني.... ربنا معاه ويساعده ويشفيه يارب
إبتسمت إيمان وقالت : يارب
أما أيهم فكان يستعد للذهاب إلى العمل وفتح الباب ليخرج ولكن وجد خالد يقتحم الباب في خوف ويقول : ألحقني يا أيهم
أغلق أيهم الباب سريعًا وقال : خالد! إنت كنت فين؟ أنا استنيتك طول الليل
خالد : نمت في الشارع وقمت الصبح قلت أدور على أي حد اشتري منه أكل وأنا ماشي لقيت القهوة مشغلة الأخبار وبيقولو إني قتلت حد تاني!