![]() |
رواية زواج تحت التجربة الفصل الثامن بقلم رباب حسين
ما أقسى أن يُحكم على الإنسان بجريمة لم يقترفها وأن يُصادر منه الحلم لأنه لا يملك سوى قلبه أو يُكمم فمه دون حق الدفاع عن نفسه....
الظلم لا يسكن الجدران وحدها بل يسكن الأرواح يترك في القلوب جراحًا لا تندمل ويزرع في النفوس بذورًا من الحزن لا تثمر إلا بالأسى والمظلوم وإن سكت فإن قلبه يصرخ وإن ابتسم فإن دمعه مختبئٌ خلف رمش الصبر لكن للكون ميزان وإن طال غياب العدل فستعود كفته لتعتدل فإن الله يمهلُ ولا يُهمل والحق لا يموت بل ينام تحت رماد الصبر حتى تهب عليه ريح الإنصاف
فلا تظلم وإن كنت قادرًا فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء تمضي بين النجوم وتشق غيوم القهر حتى تبلغ ربًا لا يردها خائبة
كان خالد يجلس أمام أيهم بعد أن أبلغ إيمان بوجوده في منزله وأخبرته أنها ستأتي على الفور ثم قال خالد في توتر : هو كل حد يتقتل يبقى أنا اللي قتلته..... خلاص بقيت سفاح..... الناس بقت شيفاني سفاح يا أيهم..... أنا مقتلتوش
نزلت إيمان سريعًا بعد أن علمت أن خالد عند أيهم بالمنزل وأوقفت سيارة أجرة وبعد قليل سمعت عبر الراديو داخل السيارة أن هناك جريمة قتل أخرى وأن خالد الملقب بالسفاح الآن قد قتل من جديد..... فتحت عينيها في صدمة ولأول مرة تشعر بالغضب منه وعندما وصلت إلى منزل أيهم وفتح لها الباب وقفت أمام خالد في غضب وقالت : هو إنت خلاص.... كل ما حد هيعصبك هتقتله..... إنت إيه مش قادر تتحكم في أعصابك للدرجة ديه؟
وقف خالد أمامها وقال : والله ما قتلته يا إيمان..... مقتلتوش
إيمان : واللي بيتقال برا وعلى الإنترنت ده إيه؟
خالد : معرفش معرفش..... أنا لما هربت من الناس اللي جريو ورايا بعد ما وقفت العربية وبعدت عنهم لقيت جنينة ضلمة ومحدش قاعد فيها قلت أدخل أستخبى لحد ما الناس تهدى وتمشي بعيد وبعدين قلت أكيد البوليس هيجي لإني لقيت حد بيصور الحادثة ولما الوقت أتأخر نمت مكاني محستش بحاجة ولا شفت حد ولا قابلت حد يا إيمان...... أنا مقتلتش الراجل ده ولا أعرف عنه حاجة
زفرت إيمان وجلست على الكرسي أمامه ووضعت رأسها بين كفيها في حزن ويأس وقالت : أنا مش عارفة إحنا هنفضل كده لحد إمتى...... أنا خلاص تعبت..... طيب عمك وإبن عمك وقلت هما اللي وصلوك لكده وكنت بدافع عنك بسبب اللي عملوه فيك لكن توصل إنهم يتهموك إنك قتلت حد تاني أنا مش هعرف أدافع عنك والمفروض إني معرفش عنك حاجة قدامهم فا مش هقدر أقول إنك مقتلتش..... أنا أعمل إيه دلوقتي؟
جثا خالد على ركبتيه أمامها وأمسك يدها وقال : أنا عارف إني بحطك في وضع صعب وإني وجودي في حياتك معقدها ومخليكي في موضع شك عشان كده قولتلك يا إيمان أطل...
قاطعته إيمان بغضب وقالت : بس بقى..... هو كل أما يحصل حاجة تقولي هطلقك..... هو أد كده طلاقي منك سهل عليك؟
خالد : والله ما أقدر أعيش من غيرك أصلًا بس أنتي ملكيش ذنب في كل ده
إيمان : ده مش ذنب.... أنا مراتك وهفضل جنبك في أي وضع صعب ومعاك في أي مشكلة تحصل..... إحنا واحد بطل تفصل نفسك عني وتقولي هبعد عشان أنا بحارب الناس كلها عشانك وإنت بتتخلى عني بمنتهى السهولة
خالد : خلاص حقك عليا..... بس أنا مقتلتوش
إيمان : مصدقتك يا خالد خلاص..... أنا هبقى أكلم الظابط علاء وأفهم ليه بيقولو إن إنت اللي قتلته.... المهم أنا جهزت الشقة ووجودك هنا خطر لازم نمشي
خالد : بالنهار كده صعب..... على الأقل نستنى لبليل
أيهم : خلاص خليك هنا وإحنا لازم نروح الشغل عادي خصوصًا إن البوليس ممكن يجي يسأل إيمان عنك تاني فلازم تعيش حياتها طبيعي..... خليك هنا وأنا وهي هنروح المستشفى وبليل تبقى تروح الشقة
إيمان : أنا عايزة أجهز المعمل النهاردة
أيهم : ماشي.... يلا بس نمشي ونشوف هنشتري الأجهزة منين..... خالد فيه أكل في التلاجة ولو عايز تغير وتاخد دش خد راحتك حاجتي كلها في الدولاب عندك
خالد : شكرًا يا أيهم
أيهم : إنت بتشكرني على إيه مش كفاية إن أنا السبب في اللي إنت فيه
ذهب أيهم وإيمان إلى المشفى وتركا خالد فدخل يأخذ حمام دافئ وبدل ثيابه وأعد بعض الطعام له أما إيمان وأيهم فذهبا إلى أحد الشركات المتخصصة في بيع الأجهزة الطبية وقامو بشراء ما يلزم لتجهيز المعمل ثم أعطا العنوان لهم ليقومو بتوصيل الأجهزة إلى المنزل بالغد ثم ذهبا إلى المشفى ووجدت علاء ينتظرها وجلس معها بمكتبها وسألها عن خالد
إيمان : معرفش عنه حاجة..... هو إيه حكاية جريمة القتل ديه؟
علاء : واحد أتقتل إمبارح ومحدش عارف حصل إزاى ولما الموضوع إتعرف ربطو القضية بحكاية خالد لكن مفيش أي بيان طلع من الشرطة بيقول إن خالد هو اللي قتل
إيمان : طيب مش المفروض تكذبو الخبر
علاء : محدش جيه سأل من الصحفيين ده كله كلام على السوشيال ميديا ورغي مذيعين..... عمومًا التحقيق شغال ولما نعرف مين عمل كده هيطلع بيان وساعتها لو مش خالد الناس هتعرف يعني
إيمان : محدش هيسمع التكذيب عمومًا.... الناس بتمشي ورا الضجة الأعلامية وخلاص
علاء : لو خالد سلم نفسه الموضوع هيخلص ويبعد عن أي شبهة
إيمان : ربنا هيظهر الحق من عنده
علاء : على العموم أنا مستني أي خبر منك لإني متأكد إنه هيجيلك
إيمان : لو وصلني أي معلومة عنه هبلغ حضرتك
ذهب علاء وظلت إيمان تفكر قليلًا ثم ذهبت إلى أيهم وأغلقت المعمل من الداخل وجلست بجواره وقالت في همس : تفتكر اللي سرق العينة هو اللي قتل الراجل ده إمبارح؟
أيهم في حزن : ده اللي أنا مرعوب منه..... أنا حاسس إني بعمل عصابة..... عصابة محدش هيقدر يقف قدامها
إيمان : لازم نتحرك بسرعة..... أنا أهم حاجة عندي نبعد خالد عن أي مصيبة ممكن تحصل والناس تقول إن هو اللي عملها
أيهم : طول ما هو هربان هيفضل الناس يتكلمو عليه
إيمان : وأنا مش هخليه يتحبس في مصحة نفسية ومحدش يعرف يعالجه..... أنا هعالجه وبعدين يسلم نفسه.... المهم جهز إنت التجارب كلها عشان هاخدها معايا النهاردة قبل ما أروح الشقة
أيهم : فيه مشكلة
إيمان : إيه هي؟
أيهم : كل أما أحاول أجرب الدوا على فأر تجارب يموت فا مش عارف أجرب عليه العلاج
إيمان : كده مفيش غير حلين يأما ناخد من خالد عينة دم ونستخلص منها المادة ونديها للفار يأما نجرب على خالد دايركت
أيهم : ده في خطورة عليه.... إحنا ندى الفار من العينة اللى في جسم خالد لأن أكيد جسمه كون أجسام مضادة هتساعد الفار إنه ميموتش
إيمان : ماشي هنشوف ده بكره سوا
إنقضى اليوم وعاد أيهم وإيمان إلى المنزل أما خالد فكان يجلس في المنزل يشاهد الأخبار وسمع صوت الباب يُفتح فظن أن أيهم قد عاد ولكن وجد إمرأة تدخل عليه الغرفة وفتحت عينيها في صدمة عندما تعرفت عليه من الصور المنتشرة بكل مكان فقامت بالصراخ فذهب خالد مسرعًا ووضع يده على فمها وقال : متخافيش متخافيش.... إنتي مين؟
نظرت له في ذعر وهي تبكي وتهمهم تحت يده فقال خالد : طيب أنا هشيل إيدي بس متصرخيش.... مش هأذيكي بجد لكن لو صوتي هتخلي الوضع أصعب
أماءت له بنعم ثم رفع خالد يده عنها فقالت في ذعر : إنت بتعمل إيه في بيتي؟
خالد : بيتك! إنتي أخت أيهم ولا مراته؟
رنا : أنا رنا مرات أيهم.... إنت تعرف أيهم منين؟
خالد : أيهم يبقى زميل إيمان مراتي وبيساعدني
رنا : بيساعدك إنت! يادي المصيبة.... بيتستر على سفاح وتقولي بيساعدني
خالد : أنا مش سفاح..... أنا عندي ظرف هو اللي عامل فيا كده لكن أنا والله بني أدم طبيعي وغلبان جدًا
رنا : غلبان إيه! ده إنت لسه قاتل واحد إمبارح
زفر خالد وقال : مش أنا اللي قتلته.... يارب خلصني من اللي أنا فيه ده
إستمعا إلى صوت الباب ونظرا معًا ليجدا إيمان وأيهم يدخلان من الباب فنظر أيهم إلى رنا في صدمة وقال : رنا؟! إنتي جيتي إمتى؟
رنا في غضب : كويس إني جيت..... جايب واحد قاتل ومقعده في بيتي يا أيهم؟
أيهم : إهدي يا رنا متخافيش.... الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة..... بصي بعدين هفهمك.... خدي يا إيمان مفتاح العربية ده وروحو الشقة بسرعة
أماءت له إيمان وارتدى خالد معطف أيهم وذهبا معًا سريعًا ودخلا السيارة
خالد : إنتي كنتي عارفة إنه متجوز؟
إيمان : اه بس كانت مسافرة برا في بعثة بقالها فترة
خالد : هي دكتورة؟
إيمان : اه دكتورة أطفال
خالد في حزن : معقولة الناس كلها شيفاني كده.... سفاح؟
إيمان : معلش يا خالد بكره تخف والحقيقة تبان..... إهدى ومتزعلش
خالد : ما هي الحقيقة إني قاتل يا إيمان
إيمان : حبيبي إنت بتقتل وإنت مش حاسس وديه أعراض الدوا اللي إنت واخده لو عرفنا نوقف الأعراض ديه خلاص
خالد : تفتكرى ده هيقلل إحساسي إني قتلت عمي وإبنه بإيدي..... أنا حتى لو الناس عذرتني أنا مش هسامح نفسي على اللي عملته
نظرت له إيمان في حزن وأمسكت يده ورتبت عليها.... لم تجد ما تقوله فما يشعر به خالد حقًا لا يحتمل
أما أيهم فلازال يقف أمام رنا لا يعلم كيف يشرح لها الأمر
رنا في غضب : قولي إيه علاقتك بالقاتل ده؟
أيهم : بساعده عشان العلاج مش أكتر
رنا : إنت إتجننت يا أيهم..... ده مجرم خطير إزاى تقعد معاه في مكان واحد؟ ..... مش خايف ليقتلك
أيهم : خالد مش هيأذيني
رنا : يا سلام..... وإنت متأكد كده إزاي؟
أيهم : عشان أنا أعرفه من قبل ما ياخد الدوا ده وبقولك إنه شخص كويس جدًا
رنا : لا إنت إتجننت رسمي..... فوق يا دكتور ده واحد بيقتل ومحدش عارف قوته عاملة إزاي يعني على حسب ما بيقولو لو الغضب سيطر عليه خلاص مش هتعرف تقف قدامه
أيهم في غضب : هعرف أقف.... أسكتي بقى
رنا : إنت بتزعقلي يا أيهم
أيهم : عشان من ساعة ما دخلت من الباب وإنتي نازلة زعيق وأسئلة..... بدل ما تطمني عليا وإنتي مسافرة بقالك ٣ شهور
رنا : اه هات بقى كل المواضيع في بعض عشان تخرج من المصيبة اللي إنت عاملها.... والمفروض أصلًا أنا اللي أزعل..... رجعت بدري عشان أعملك مفاجأة لقيتك عامل مصيبة
أيهم : قولتلك مش هيعمل حاجة وأنا اللي بعالجه ولا إنتي نسيتي إني دكتور أنا كمان
رنا : وهو مفيش دكتور غيرك يعني يساعده؟
أيهم : أيوة مفيش غيري..... عشان أنا اللي عملت فيه كده.... خلاص إرتحتي
فتحت رنا عينيها في صدمة وقالت : إنت اللي عملت فيه كده..... إنت اللي إستخدمت بني أدم كفار تجارب..... إزاى تعمل كده يا أيهم إزاى؟ ده إنت كده هتروح في داهية
أيهم في غضب : ما هو لو سكتي وسيبتيني أعالجه من غير ما تدخلي محدش هيعرف..... فا أسكتي بقى
رنا : أنا لا يمكن أقبل تعمل كده وتودي نفسك في داهية زيادة.... أفرض حالته إتدهورت لو إديته علاج غلط..... إفرض مات هتعمل إيه؟
لم يتحمل أيهم صوتها المرتفع وغضبها أكثر من ذلك فحكم قبضته وضرب الحائط أمامه فنظرت رنا إلى مكان يده وفتحت عينيها في صدمة عندما وجدت أن الحائط قد حدث به فجوة ثم نظرت إليها بعينيه الحمراء والغضب يتطاير منها وقال في صوت مرعب : خلاص..... أسكتي بقى
وقعت رنا في الأرض من الخوف وجلست تنظر إليه في صدمة ثم قالت : أيهم..... أيهم مالك؟
حاول أيهم السيطرة على غضبه ولكن لم يستطع فقام بتحطيم آثاث المنزل بالكامل وجلست رنا بجانب الحائط تضع كلتا يديها على أذنها وهي تنظر إليه في ذعر والدموع تنساب على وجهها حتى هدأ وجلس على الكرسي وانتظرت حتى هدأ تمامًا وقال لها : هاتي مسكن من جوا.... هتلاقيه جنب السرير
نهضت سريعًا وأحضرته له وأحضرت له كوب الماء فأمسك يدها وأجلسها بجواره وتناول الدواء وقال لها : متخافيش أنا هديت
رنا في بكاء : إنت خدت الدوا ده إنت كمان؟
أيهم : اه.... فاكرة لما قولتلك عيب البشر إنهم ضعاف.... لو أسد طلع قدامك هيقدر يقتلك عادي مع إن عندنا مخ يميزنا عنه لكن للأسف المشاعر الأنسانية والضعف البدني خلانا لقمة سهلة..... أنا اخترعت الدوا ده عشان ميبقاش فيه بني أدم ضعيف..... عشان محدش يدوس علينا بسهولة..... عشان محدش يدوس عليا تاني..... لما شفت خالد أول مرة ولقيت إبن عمه بيهزقه لقيته يستحق الدوا ده وخده وبقى زي ما إنتي شايفة بس للأسف مهما حصل لسه مشاعره بتتحكم فيه وده اللي خلاني أتضايق أكتر إن برغم القوة اللي عنده مش قادر يواجه وياخد حقه وبعدها عرفت إنه عمه سرق حقه في ورث أبوه توقعت ساعتها إنه هياخد خطوة لكن مخدش وده اللي خلاني أخد من الدوا وأتأكدت إن خالد بيتحكم في نفسه جامد جدًا مشاعره بتغلب غضبه في الأخر..... بس متقلقيش أنا في وسط التجارب اللي هجربها عليه عشان العلاج هديله جرعات من العلاج بعد ما طورته عشان ميقدرش يتحكم في نفسه تاني وأنا وهو مش هنخلي حد يفتري على الغلبان تانى وهنفذ وصية بابا عدنان وزي ما صرف عليا أنا وإنتي ومول المشروع بتاعي ده هعمل جيش يقف قدام أي حد يفتري بسلطته وقوته على الغلابة