رواية تؤام روح الفصل التاسع 9 بقلم يارا سمير


رواية تؤام روح الفصل التاسع بقلم يارا سمير


لاحظت مريم في الفترة الاخيرة أن زيارات زين لها في الجامعة قلت كثيرًا .. لم يعد يأتي بين المحاضرات مثلما اعتاد ولم يعد يجلس معها ومع صديقاتها كما كان يفعل دائمًا .. كل مرة تسأله كان يعتذر بلطف ويبرر غيابه بأنشغاله في محاضراته ..  ورغم مبرراته المنطقية ولكن قلب مريم لم يقتنع شعرت أن هناك سبب أخر فقررت في أحد الأيام أن تفاجئه وتذهب الى جامعته دون أن تخبره ..

في الصباح تقابلت مريم مع زين فى المنزل وتوجها سويًا الى الجامعة ولم تتحدث مريم في شئ وظل زين ممسك الهاتف يتحدث مع اصدقائه عبر الواتساب .. قام ب إيصال مريم  وسريعًا  غادر الى جامعته .. في منتصف اليوم الدراسي غادرت مريم جامعتها ووصلت الى جامعة زين .. ذهبت الى مكان يجتمع فيه مع اصدقائه دائما وحينما اقتربت وهي سعيدة لمفاجأته ولكنها تفأجأت بغيابه ... بعيناها تبحث عنه وسط اصدقائه الجالسين يتحدثون ويضحكون ولكنه لم يكن بينهم .. تقدمت نحوهم :
_ مساء الخير .
 نظرا نحوها احدى زملاء زين في الجامعة  وب ابتسامة :
_ مريم ..ازيك .
_ اهلا يا دينا .. انا الحمدلله وانتى ؟
_ الحمدلله .. ايه المفأجأة الحلوة دي  ايوه كدا نورينا هنا .
 ابتسمت مريم وقالت مازحة :
_  مكنش عندي محاضرات قولت اكبس عليكم اشوفكم ملتزمين فى محاضرتكم ولا لا .
 ضحكت دينا :
_ والله بنحضر على حسب ظروفها .
_  كلكم  بتحضروا على حسب ظروفها ..ماشاء الله عليكم .
 ضحكت دينا :
_ كل ما ننوي زيزو يقولنا اللى حضروا اخدوا ايه فبنكسل كلنا واللى بيحضر بناخد منه المهم .
_ اها .. متسمعيش لزيزو كتير بقى لو عاوزة تخلصي كليتك صافي .
_ ربنا يستر ..
_ هو صحيح فين ؟ كنت فاكراه معاكم هنا ؟
 _ يا دوب بيقعد نص ساعة بالكتير وباقي اليوم بيتجول في الكلية .
ضحكت مريم:
_ ليه هو بيدرس ارشاد جامعي ولا ايه ؟
ضحكت دينا :
_ وانتى الصادقة بيوسع دائرة معارفة .. تعالي معايا .
 تحركا من مكانهم وتوجها الى مكان قريب وقفت دينا واشارت الى مريم لمكان زين :
_ زيزو هناك اهو روحي اكبسي عليه ودمريله اللحظة .
 تركتها دينا وتقدمت مريم نحو المكان وكلما تقترب الرؤية كانت أفضل وتفأجئت بجلوس زين مع احدى الفتيات يتحدثان ويضحكان ب اريحية .. تبدلت ملامحها وتقدمت اكثر نحوهم وب ابتسامة :
_ مساء الخير ..
 التفت زين نحو مريم وتفاجئ :
_ مريم ..
_ الف انا عليك الجامعة مش كدا ( نظرت نحو الفتاة ) هاى .
 اجابتها الفتاة ب ابتسامة :
_ هاى ..
_  انا مريم وانتى ؟
_ سالي ..
_ اول مرة اشوفك مع زيزو اصل انا اعرف كل اصحابه هنا .
 تحدث زين :
_ سالي في سنة اولي 
_ اها عشان كدا .. بس سنة اولي بتعمل ايه مع سنة تانية ؟
 امسكها من يدها وأستأذن الفتاة وتحركا لبعيد ووقفا :
_ انت ماسكنى كدا ليه ؟
_ انتى بتكلميها كدا ليه ؟
بتعجب قالت :
_ نعم .. تصدق صح اكلمها ليه اكلمك انت .. سنة تانية بيعمل ايه مع سنة اولي بتسمعلها  ؟
_ يا عسل .. كنا قاعدين بنتكلم وبعرفها اجواء الجامعة وجو المحاضرات وسنة اولي كدا .
_ اها .. مرشد دراسي ..
_ ايوه يا لذيذة .. بس قوليلي انتى هنا ليه في حاجة ومعرفتنيش ليه مش نازلين مع بعض الصبح ؟
_ براحة عليا .. امسك 
 كانت تحمل حقيبة في يدها ومدت يدها له بها وامسكها وفتحها وتفاجئ :
_ سندوتشات كبدة وسجق ؟
_ من عند عم فرج مشطشطين .. قولت اعملك مفاجأة  ايه رايك  مبسوط ؟
 قال وهو يبتسم:
_  اكيد طبعًا .. بس ايه المناسبة كنتى تستني لما نرجع بليل ؟
_ وتقولي راجع من الجامعة تعبان او عندك موعد مع اصحابك على القهوة وتبوظلي المفاجاة لا انا قولت اجاى اكبس عليك واديهملك كعربون لو زعلان .
 نظر نحوها ب استغراب :
_ زعلان.. انا زعلان  من ايه ؟
_ معرفش وجيت بصراحة اعرف .. متغير بقالك فترة بتختفي كتير ، مبتجيش زي الاول عندي في الجامعة  وبنقعد مع بعض وقت قليل اوي على السطح لانك بقيت تخرج من اصحابك  اكتر ..يعني قولت لو كنت عملت حاجة وزعلتك اصالحك رغم انا مش عارفه عملت ايه ؟
صمت للحظات ثم ضحك وقال :
_ والله عبيطة.. وانا هزعل منك ليه واساسًا انتى تقدري تزعليني ولا اصلا في زعل بينا ؟.
_ لا مفيش بس ليه الاختفاء دا  الملحوظ دا ؟
_ يعني كان في امتحانات وحوارات اتسحلت معاها  واهو بخف بدل الكبسه اللى كبسهالك طول الوقت  كلهم بيقولولي اسيبك تتنفسي فسيبتك تتنفسي .
_ ماشاء الله وانت بتسمع الكلام وجريت تنفذ كلامهم، هل انا اشتكيتلك قولتك مخنوقة عاوزة اتنفس .. زيزو انا مبعرفش اتنفس غير معاك  وبوجودك جنبي .
 حين سمع كلماتها ثبت مكانه للحظات وسريعًا تمالك وقام بخبطها على كتفها :
_ هو دا العشم يا شق طمر فيكي اللبن اللى رضعتيه والبيتزا اللى جيبتهالك .
_ يادى اللبن والبيتزا اللى بتذل فيا بيهم طول الوقت .
ضحك زين :
_ هننكر الحقيقة الله ..مش دا اللى حصل انتى اطفستي في اللبن بتاعي وبناء عليه انتى اختى بناء عليه كل ما يبقى نفسك فى بيتزا اجيبلك وانا ساكت ..
_ يعني لو مكنتش اختك مكنتش هتجيبلي بيتزا .
قال بدون تفكير :
_ انتي يتجابلك الدنيا كلها وهيبقى قليل عليكي .
 ابتسمت مريم :
_ كفاية عليا من الدنيا انت وأنت عارف كدا صح ؟
 تنفس نفس عميق :
_ صح ..
 نظرت مريم نحو الفتاة :
_ ايه دا دي متحركتش من مكانها ؟
 نظر نحو الفتاة زين :
_ ما انا قولتلها تستني متمشيش ..
_ ليه ؟
_ هو ايه اللى ليه ؟ مخلصناش كلام وانتى اكيد راجعه كليتك .. فيلا على كليتك .
_ انت بتطردني من كليتك ؟
ضحك زين :
_ محسساني انى املك الارض .. يلا روحى كليتك ونتقابل في المطعم .
_ لا هرجع ع البيت .. مدام معندكش حاجة ما تيجي نروح مع بعض .
_ لا في سيكشن لازم احضره  هحضره واروح .
_ اها .. اوكيه .. يلا روح كمل حصه ارشادات طالب في السنة الثانية .
 قالتها مازحة وتركته مغادرة .. وقف زين ليتأكد لمغادرتها وعاد  وجلس برفقة الفتاة .. مريم اثناء مغادرتها عادت الى اصدقاء  زين وبالاخص صديقته  دينا وتحدثتا الى جنب :
_ هو زين بيقعد دايما مع البنت اللى معاه دي ؟
_ يوووه ياريتها هي بس .. الفتره دي فجأة بنات ظهرت  بقوا يسألوا عليه وبيسيبنا ويروح معاهم .
_ اصحابكم ؟ 
_ لا خالص او يعني مش اصحابنا بالمعني بيبقى معرفة من بعيد معانا في نفس السنة او اصغر او اكبر او من برا الجامعة .
_ لا والله .
 تبدلت ملامح مريم ولاحظت دينا :
_  واضح ان انا فتنت على زين .. انا كنت فاكره حاكيلك بما انكم عارفين عن بعض كل حاجة .
_ كل حاجة الا دي .. دينا ممكن طلب صغير .
_ اتفضلي اكيد .
_ عاوزة اكونتاتهم على الفيسبوك انستجرام  هتقدري .
_  تمام اديني اسبوع او 10 ايام هعرف وابعتلك اوكيه 
_ تمام لكن من غير ما زين يعرف دا بيني وبينك .
_ حاضر وانتى متقوليش انى ساعدتك فى حاجة ؟
_ اكيد..

غادرت مريم الجامعة عائدة الى المنزل ، طوال الطريق وجهها غارق في شرود واضح ..ملامحها حزينة وقلبها كان ممتلئًا بمشاعر متضاربة ضيق وغيرة .. لم تستطع أن تخرج من رأسها صورة زين وهو يضحك مع تلك الفتاة بمفردهما أو الاحاديث التي سمعتها عن البنات الاخريات اللواتي يتحدث معهن ..كانت أفكارها تزداد وملامح وجهها تعكس ألمًا خفيًا ..كانت تلك اللحظة من اللحظات التي يخيم فيها الصمت لكن بداخلها ضجيج لا يهدأ ..

كانت مريم تقترب من العمارة وهي شاردة تحمل في قلبها ثقل المشاعر ولكن عينيها وقعت فجأة على مشهد جعلها تتوقف .. رأت عماد ابن عم ابو عماد بائع الخضار الذي يجلس عند ناصية الشارع ويبع الخضار .. رأت الطفل عماد جالسًا على الرصيف  يحتضن كتابًا بيديه وكأنه كنز ثمين .. اقتربت نحوه مريم بلطف وجلست بجواره وقالت له :
_ انت بتذاكر ولا ايه يا عماد ؟
صمت الطفل وقالت :
_ انت مرحتش المدرسة انهاردة كمان ؟ انا بقالي اسبوع اشوفك هنا ؟
 تحدث والده :
_ مفيش مدارس خلاص يا ابله مريم .
 نظرت نحوه بتعجب :
_ ليه مفيش مدارس ؟ هي قفلت ؟
_ لا مقفلتش بس اللى معهوش ميلزمهوش .. اكفي اكل وشرب وتعليم منين ؟
_ ايه ياعمو ابو عماد .. لازم يتعلموا اومال هيتعاملوا مع الناس ازاى ؟
_ يعني انا اتعلمت ..انا بفك الخط بعرف اسمي اقراه واكتبه واحسب ومن غير ما ادخل مدارس .
_ زمنك غير دلواقتي .. وبعدين انت مدخله حكومي يعني المصاريف بسيطة .
_ المدرسة مصاريفها بسيطة لكن الدروس مصاريفها غالية والمعيشة مش مستحملة وزي ماانتى شايفة يادوب شويا خضار ببعهم بياكلونا .
صمتت للحظة وقالت :
_ انا هذاكر لعماد متشيلش حمل الدروس وعماد شاطر .. رجعه المدرسة وسيب الدروس عليا ؟
_ مش هينفع يا ابله مريم خلاص .
 حاولت مريم ان تقنعه بمساعدتها لكن اصرار الاب ورفض بشدة ورفض تدخل اى احد .. عادت مريم الى منزلها حزينة لعدم استطاعتها مساعدة عماد ، دخلت غرفتها ورمت حقيبتها على جنب وارتمت بجسدها على السرير وحدقت فى السقف وكأن اليوم لم يكن من أحسن ايامها .. ليلًا اتجهت الى السطح وجلست فى المرسم ترسم .. سمعت نقر على الباب وكان زين وتفأجأت بوجوده :
_ ايه دا معقول زيزو بنفسه عندنا يا مرحبًا يا مرحبًا .
ضحك زين وقال :
_ لا داعي لتصفيق لا داعي لتصفيق .
اقترب نحوها ونظر الى اللوحة امامها :
_ انتى السرحان دا كله فى خطين بس ، هو انتى بترسمي خط برليف .
_ يا ظريف .. هو انت واقف من بدري ؟
_ يعني 10 دقائق وشايفك سرحانه ومركزة قولت هترسم لوحة فنية مكنتش اعرف انها خطين .
_ زين انا مش فايقة لهزارك دا والله .
_ انا قولت كدا .. تعالي قومي .
_ عاوز ايه ؟
_ تعالي اسمعي الكلام 
 امسكها من يدها وجذبها لمغادرة المرسم وجلسا امام الطاولة وأظهر علبه كان يخفيها خلفه ووضعها امامها على الطاولة  :
_ ايه دا ؟
_ عرفت انك اتغديتي لكن محلتيش فقولت الحلو عليا ..بان كيك  متغرق نوتيلا .
 فتحت العلبه وبدأت تتذوقها  في صمت .
_ ايه دا . على الساكت كدا ..مفيش جميلة اوي حلوة اوي يسلم ايدك يا زيزو يا جامد ؟
_ يسلم ايدك يا زيزو يا جامد اترضيت ؟
 كانت ملامحها حزينة وع غير عادتها فقال زين :
_  انا اسف ..
 نظرت نحوه :
_ بتتأسف على ايه ؟
_ لما جيتي انهارده الكلية عندي وملقتنيش .
صمتت للحظة وتعمدت اخفاء ضيقها :
_ مفيش حاجة حصلت اصلا ..هو انت فاكرني مضايقة ؟ هضايق ليه ؟
_ يعني مش مضايقة مني ؟
_ هتضايق ليه ؟
_ اومال مالك متحولة كدا ليه فى حاجة حصلت معرفهاش ؟
 _ عماد 
_ مين العسل ؟
 سردت له ما حدث وقال :
_ ودا مضايقك كدا ؟
_ كان نفسي اساعده حرام يقعد من المدرسة ، لو تشوفه وهو ماسك الكتاب وبيحاول يقرأ فيه  هيصعب عليك .. وابوه دماغه ناشقه رفض رفض نهائي .
صمت للحظات :
_ خلاص متضايقيش نفسك هتعملي ايه نصيبه كدا اكيد مش هتذاكريله من ورا ابوه ..  روقي وكلي البان كيك طلعي ضيقك من ابو عماد فيه يلا .
_ بس غريبة معندكش مشاوير ولا قهوة مع اصحابك 
_  لا لسه القهوة متاخر ولقيت نفسي فاضي قولت ارخم عليكي شويا .
_ يارب كتر من رخامتك 
 فتحت العلبه وبدأت تتناول البان كيك فى صمت وزين ينظر اليها في شرود ولحظت مريم :
_ مد ايدك كل معايا بدل ما عينك ضاربه فيه هفطس .
_ يعني مش هتاكليني انتي مش مضمونة 
 ضحكت مريم:
_ لا متخافش كل معايا يلا ..
 مد يده ومسك قطعة بان كيك وهو ياكلها  اخذت مريم من الشوكولاته السائحة ووضعت بعض منها بيدها على خده وضحكت وقالت :
_ زيزو بالنوتيلا ..
 ضحك زين  وتصرف مفاجئ امسك يدها ب احكام وبيده الاخرى  وضع من النوتيلا على وجهها ب اكمله :
_ ميما بنوتيلا بلس .
وتحرك من مكانه يركض حول الطاولة ومريم خلفه  .. كانت اللحظة بينهم مليئة بالضحك والمرح .

مر أسبوع .. في يوم أجازة من الذهاب الى الجامعة لكلا من زين ومريم .. قضوا يوم هادئ برفقة العائلة ..كان الجميع جالسًا في غرفة المعيشة ..الضحكات تتعالي من وقت لأخر وأحاديث خفيفة تدور بينهم .. بعد تناول وجبة الغذاء جلسوا امام التلفاز وتحدث كريم :
_ ميما غمضي عينك 
_ ليه ؟
_ اسمعي الكلام وغمضي في مفاجاة ليكي 
 بسعادة :
_ بجد.. ايه ؟
_ خمني كدا ؟
_ اممم.. مش عارفة انا بحب حاجات كتيرة قولي اكل ولا حاجة تانية ؟
_ امم .. أكل 
 تحدث زين :
_ متقولش بيتزا من محل القاهرة  اوعي .
 نظرت اليه بحده :
_ وليه لا ياريت ..
 تحدث زين :
_ ايه يابنتى جو المحرومين دا .. دا انتى لسه ضاربه نص صينية مكرونة بشاميل في مكان لاكل تاني .؟
_ وانت مالك يا رخم هي بطني ولا بطنك .
_ والله مستغربش  ضربتي اللبن بتاعي غير الصناعي .
_ يادي المذله اللى ماسكهالي .. تحب ادفعلك حقه ؟
_ عند ربنا بقى .. 
تحدث كريم :
_ ممكن استوب وكفاية نقار .. يلا غمضي عينك ؟
 بالفعل اغمضت مريم عيناها وتحرك كريم من مكانه ودخل المطبخ  وزين ينظر اليه بترقب  لمعرفة المفأجأة .. خرج من المطبخ وهو يحمل طبق فاكهه كبير . ملئ بالالوان والروائح الزكية من الفاكهه المتنوعة .. فى الوسط كانت توجد ثمار المانجو تتلألأ بلونها الجذاب ، كانت المانجو اكثر انواع الفاكههة التي تحبها مريم أكثر من أي شئ أخر .. حينما نظر زين الى المانجو ابتسم وقال :
_ ياابن الايه .. جون مباشر في قلبها . 
 ضحك كريم وقالت مريم :
_ انا شامة ريحة اتمنى تكون صح.. افتح عيني ؟
_ فتحي ..
حينما فتحت مريم عيناها ورأت المانجو امامها ، اتسعت عيناها بفرحة طفولية وابتسمت تلقائيًا وضحك كريم وقال مازحًا :
_ جبتلك كنز يا ميما .
 امسكت ثمرة مانجو وقالت :
_ ومش اى كنز .. كنز بيحلم به الملايين .
 قال زين :
_ يا نهار الزروطة .
قال محمود:
_ منين جيبتها يا كريم  خلاص مبقتش موجوده  ؟
_ صديق ليا فى الاسماعلية شغالين فى التصدير ولما سألته عليها بعتلي وجيبتها وانا جاى من القاهرة انهاردة .
قالت سوسن :
_ مشوفنهاش ؟
_ كنت مخليها مفاجئة لميما .
 ابتسمت مريم وقال كرم :
_ داانت كدا اديتها جرعة سعادة .
قالت مريم :
_ يا اهلا بالغالي ..
 ضحكوا الجميع حين رأوها تحتضن المانجو .. جلست مريم على الارض وبدأت تأكل المانجو بطريقتها المعتادة ..بدون سكينة ومعلقة كأنها طفلة لاتهتم بأي شئ سوى بتلك اللحظة مع المانجو .. كانت عصارة المانجو تسيل على أصابعها ووجهها دون شعورها بالحرج امام كريم وزين ..لم تهتم ولكنها مستمتعة فقط بكل قضمة تتناولها .. زين جالس امامها ينظر اليها ويراقبها يبتسم وهو يرى اندماجها الطفولي وضحك من قلبه حين رأها تبهدل نفسها وقال مازحًا :
_ براحة يا بنتي انتى داخله حرب ولا بتاكلي مانجة ارحميها .
نظرت له مريم وعيناها تلمع من السعادة وقالت وفمها ممتلئ :
_ حرب مع السعادة يا زيزو حرب مع السعادة .
_ طيب خليكي زى الناس الطبيعية وكلى وانتى قاعدة ع الترابيزة بلاش الارض .
_اللى ما يعرفش ياكل مانجه كدا ما يعرفش يعني ايه مانجة .. لازم رحرحة وزروطة مش زيك بسكينة وطبق ومعلقة ..خليك مرحرح كدا شايف كيمو .
_ ارحرح وازروط زيك كدا .
 تحدث كريم :
_ خليها براحتها يا زيزو .. 
_ يعني عاجبك زروطتها دي قاعدين من بنت اختنا الصغيرة .
 ضحك كريم :
_ والله كيوت ميما وهي بتاكل المانجو ..
_ يعني انتى متقبل انك تعيش مع واحدة تزروط كدا وهي بتاكل المانجو .
_ لو زي ميما كدا موافق طبعًا .
 ابتسمت مريم وقالت :
_ الله يجبر بخاطرك يا كيمو رافع معنوياتي مش زي ابو سكينة ومعلقة دا .. زروط زروط معايا يا كيمو .
 تبادلا الضحكات وقال زين :
_ عارفين الواحد لما يجي يرتبط مهم جدًا يتقبل منها 5 حاجات عارفين ايه ؟
 نظرات لبعض مريم وكريم وعادوا النظر الى زين :
_ ايه ؟
_ اكلها  ورغيها و مناخيرها لما تتحشر فى المواضيع  وصوتها العالي 
 صمت وقالت مريم :
_ كدا 4 .. رقم 5 ايه ؟
 اشار اليها :
_ شكلها وهي بتاكل مانجة بالشكل دا وزروطتها .. لو تقبل ال5 حاجات دول غير كده اى حاجات تانية شكليات ملهاش لازمة ... 
 تحدث كريم :
_ التلقائية تكون متقبل تلقائيتها .. من غير تصنع تكون طبيعية .
_ ايوه بالظبط وخصوصًا طبيعتها دى ( اشار الى مريم ) خلقت لتفترس فقط ..
 _ زيزو لم نفسك ..
ضحكوا وقال زين :
_ احنا اسفين يا صلاح.. يلا يا كريم  الحقلك مانجاية تانية لانها مش هتقوم غير لما تخلص عليها ..

 ضحك الجميع وكان المشهد عائلي بسيط لكنه ملئ بالحب والدفء والراحة  وكأن المانجو كانت لمسة صغيرة من السعادة فى يوم هادئ اعادت لهم إحساس الطفولة والأمان .

 في اليوم التالي لم تذهب مريم الى الجامعة وجلست فى المرسم  ترسم ، سمعت صوت زين بالخارج وخرجت :
_ زيزو.. انت مروحتش الكلية ولا ايه ؟
_  رايح بس حبيت قبل ما اروح اقولك حاجة .
_ ايه ؟
_ غمضي عينك 
_ ايه جو السسبنس دا ؟
_ بطلى لماضة وغمضي عينك .
_ اهو ..
 اغمضت عيناها  وتحرك زين بخطوات سريعًا الى الدرج وعاد ممسك فى يده يد عماد الصغير :
_ خلاص ولا ايه ؟
_ خلاص فتحي عينك .
 فتحت عيناها وحين رأت عماد تفاجئت ووقفت صامته وتحدث زين :
_ اتفضلي يا ست المسئولة عماد من مسؤليتك اهو تذاكريله .
_ انت بتقول ايه ؟
_ زي ما سمعتي .. عماد هيرجع المدرسة .. انا اتكلمت مع ابوه واقنعته  يسيبه يرجع وانتي هتذاكريله .. قولته انت مش عارف بنتنا حوت مذاكره عارف مجموعها كام فى الثانوية  .. أبنك هيبقى مع وحش المذاكرة متقلقش عليه ..
_ يا سلام ..
_ مش مصداقاني اسالي عماد واتفقت مع ابوه  هو ما عليه مصاريف المدرسة  ولكن الدروس علينا  وعماد وعدني انه هيذاكر وهيبقى اشطر الشطار ..صح يا عمدة .
 اومأ عماد براسه وابتسم :
_ صح يا زيزو .
 ابتسمت مريم ومن المفأجأة  ووقفت ثابته فى مكانها :
_ مالك ..استلمي يلا ..
 دفع عماد بلطف اتجاه  مريم وامسكت يديه وقالت وهي تبتسم :
_ هنبدء مع بعض وهتبقى اشطر الشاطرين .
 قال زين مازحًا :
_ الله يكون فى عونك يا عماد  روحت للموت برجلك مش هتعتقك من المذاكرة .
 قالت مريم :
_ زين ..بس متخوفهوش .
_ بهزر بهزر .. متخافش يا عمدة  زي شكة الابرة .

بالفعل بدأت مريم فى تخصيص وقت لعماد ، كانت تجتمع معه فى السطح للمذاكرة ولاحظت اختفاء زين المستمر .. في يوم  تجلس مريم فى السطح منتظرة عماد  تفاجأت بحضوره ومعه صديقان وعلمت من رغبتهم ان يشاركا  عماد المذاكرة ووافقت بصدر رحب .. في يوم ذهبت الى المطعم ولحق بها زين وجلسوا يتناولون الطعام وتحدث زين :
_ ايه يا ميس اخبار الدروس ايه ؟
_ انت بتتريق ..
_ لا والله .. بس شايفك واخده الموضوع بقلب اوي .
 نظرت اليه :
_ وانت ما صدقت تخلع صح ؟
_ انا .. اخلع ليه  ؟
_ يعني بدل ما تقدم مساعدة وتشاركني  لكن خلعت .
_ ماهو انتى لما تحتاجي مساعدة هتقوليلي  وانا مش هتأخر .
_ ايوه فعلًا فى حاجات تانية مهمة .
_ حاجات ايه ؟
 غيرت الموضوع وقالت :
_ انا عاوزة مساعدة ممكن يا استاذ زيزو تفضي وقت من وقتك المزدحم وتنضم معايا .
_ حلوة منك استاذ زيزو دي .. قوليلها تاني كدا ؟
 قالها مازحًا ف دفعت فى وجهه مناديل بجانبها :
_ اقول تاني .
_ لا لا شكرًا كفاية .. عاوزاني في ايه ؟
_ تذاكر ليهم معايا يعني هنقسم المواد مع بعض  ماشي ؟
_ ماشي مفيش مشاكل .. رتبي الجدول وانا معاكي كدا كدا .. شوفتي سلاسة احسن من كدا .
_ لا مشفتش ..
_ طبعًا لان مفيش غير زيزو واحد وبس .
_ طيب اجهز يا زيزو الواحد بس  بعد ساعة هنرجع البيت هيكونوا منتظرينا .
 تفاجئ :
_ بعد ساعة .. انا عندي ميعاد 
_ مع مين وفين ؟
_ ها ..
_ مع مين وفين ؟
_ مع رفيق صاحبي هقابله ع القهوة محتاجني فى موضوع .
_ ابعتله اخر الميعاد لما يخلصوا الدرس .
_ هيبقى الوقت متاخر الساعة 10 ومش هينفع 
_ ليه هو رفيق محظور من نزول بعد 10 ؟
 نظر اليها بتوتر :
_ خلاص خلاص .. هكلمه الغيها .. بس العشوائية دي مش هتنفع اعملي جدول .
_ حاضر من عنيا عشان تقابل رفيق براحتك بدون ازعاج .
 
بالفعل عادوا الى المنزل سويًا وبعد وصولهم ب 10 دقائق جاء الاطفال وجلسوا معهم يذاكرون لهم وكان زين يمازحهم طوال الوقت وكانوا يضحكون ومريم كانت سعيدة لوجود زين معها فى تلك اللحظات .. 

كانت مريم تسمح لاطفال وقت بعيد عن ضغط المذاكرة وهو تعليمهم الرسم ، كانت احضرت الالوان ولوحات وكانت تجلس برفقتهم هي وزين .. جلست مريم حول الطاولة مع الاطفال وزين والاطفال منشغلون بالرسم  رن هاتفها وكانت سناء :
_ زيزو .. سناء بعتتلي خلصت الكيكة انزل هاتها .
_ حاضر وامري لله بس اعملي حسابك هاخد 3 قطع مش 2 ها .
_ ماشي يلا بس عشان ياكلوا منها قبل ما يمشوا 
_ خلاص نازل اهو ..

ترك زين هاتفه على الطاولة بجانب مريم .. لم تمر دقائق حتى سمعت مريم صوت أشعار رسالة على الواتساب من هاتف زين .. للحظات تجاهلتها ولكن فضولها حركها ودفعها كالعادة الى فتح الرسالة .. امسكت الهاتف في يدها وبقلب مطمئن وبثقه كما تعودت ادخلت الرقم السري  وكان المفاجأة الهاتف لم يفتح .. تجمدت للحظة من المفأجأة ثم  عادت ادخال كلمة السر مرة اخري ومرة اخري ولكن بلا فائدة .. ارتفعت دقات قلبها وكأن شيئًا غير مألوف ضرب قلبها فجأة .. نظرت للهاتف في يدها وكأنها لا تعرفه .. لم يخبرها زين انه غير الرقم السري ولم يلمح حتى .. شعرت بالارتباك وبأن شيئًا غريبًا تغير دون أن تفهم لماذا . 

وضعت الهاتف على الطاولة مكانه كما كان وجلست ساكنة نظراتها نحو الشاشة المغلقة مليئة بالتسأولات ورغبة ملحة بتفسير التحول المفاجئ ... عاد زين ب ابتسامة واسعة وهو يحمل صينيه عليها اطباق الكيك الساخن :
_ يا ناس يا عسل زيزو معاه الكيكة السخنه وصل .
صوته كان مفعمًا بالحيوية وهو يمازح الأطفال ويوزع القطع على الجميع :
_ هتخلصوا الطبق دا مش هتسيبوا فتفوته الا ميما هتعلقكم هنا   صح يا ميما .
كانت مريم تجلس بصمت لا تشاركهم الضحك كعادتها ولا اقتربت من الكيكه وعيناها مثبتتان على زين ونظراتها مليئة بالتسأول .. لاحظ زين صمتها وهدوئها ونظرتها اليه  اقترب نحوها وقال هامسًا :
_ فى حاجة ؟
لثوانٍ تجمدت ثم نفت سريعًا :
_ لا مفيش .
_ مالك وشك متغير ..
_ صداع ..انت عارف بقالنا القعدة دي 3 ساعات .
_ كنتى تبعتيلي اجيبلك اى مسكن من تحت 
 اشارت بعيناها اتجاه هاتفه :
_ انت سايبه هنا 
_ اه صح .. طيب هنزل اجيبلك ع طول 
_ لا خلاص اقعد  هما شويا ونازلين وهبقى انزل اخد المسكن وانام .
_ متأكده .. ميما 
 _ متاكدة .. كل الكيكة .
_ نظر الى الكيكة بفرحة :
_ انا قولت لسناء تزودلي قطعة وانتى كمان عشان منتخانقش زي العادة .
 صمتت مريم للحظات وقالت :
_ موبيلك رن ع فكرة رسالة واتساب من شويا .
مد يده تلقائيًا الى الهاتف وادخل بسلاسة الرقم السري الجديد دون تفكير وفتح الرسالة وابتسم وهو يكتب ردًا سريعًا ثم أغلق الهاتف ووضعه جانبًا .. ولكن حين رفع عينيه اصطدمت عيناه بعينيها فرأي فيها أكثر من مجرد نظرة عابرة .. رأي استغرابًا، شكًا، وربما خيبة أمل ..  ابعد عيناها وتحدث مع الاطفال ..فى تلك اللحظة ساد الصمت بينهما زين شعر أن شيئًا ما حدث ولكنها لم تنطق ومريم ظلت ساكنة ..

 انتهى الدرس وغادر الاطفال واحدًا تلو الاخر ومريم تعيد ترتيب الاوراق والمكان قبل مغادرتها بصمت هي وزين .. انهت ما تفعله وتستعد للنزول استوقفها زين :
_ ميما ..
_ ايوه ..
 اقترب نحوها وقال :
_ مالك ..ومتقوليش مفيش لانى متاكد ان في وفي حاجة كبيرة كمان .. في ايه ؟
ترددت قليلًا ثم قالت : 
_ أنت غيرت باسورد الموبيل ؟
وكأن زين توقع السؤال فتنهد بخفه وقال :
 _ ايوه .. ليه مقولتلكيش  كنت هقولك .
_ كنت هتقولي امتى .. احنا طول عمرنا  باسورداتنا مع بعض  ايه حصل جديد.
_ اللى حصل اننا كبرنا  وكل واحد فينا محتاج شوية خصوصية .. يعني محادثاتي مع الشباب مينفعش تشوفيها في شتايم والفاظ  وكلام مينفعش تشوفيه وانا عارف فضولك  هتفتحي وتقري عادي وانا مش عاوز دا يحصل .. 
_ يعني اغير انا كمان الباسورد ؟
 صمت للحظة وقال :
_ لو عاوزة تغيريه غيريه لازم يكون ليكي شوية خصوصية  أكيد بتتكلمي مع بنات اصحابك فى مواضيع مينفعش اعرفها ولا اشوفها صح ؟
 صمتت مريم وهي تنظر نحوه واستكمل حديثه :
_ ميما .. مش معني غيرت الباسورد يبقى بخبي عليكي حاجة .. عاوزة تفتحيه دلواقتي هقولك الباسورد وافتحيه وشوفي .
_ لا خلاص .. انت صح .. كل واحد فينا محتاج شوية خصوصية احنا مبقناش اطفال  احنا كبرنا .. صح .
 بتستعد للنزول وقف امامها زين :
_ زعلانة ؟
_ لا هزعل ليه ..
_ فين الضحكة الحلوة ..
لم ترد مريم كانت واقفة تنظر اليه وكأنها تحاول أن تفهم .. ابتسمت وقالت :
_ اهو حلو كدا ..
_ انتى حلوة فى كل حالاتك .
_ يلا ننزل .
 تركته وبخطوات سريعة نزلت على الدرج وتوجهت الى منزلها ودخلت غرفتها .. كانت تشعر بضيق .. بعد نصف ساعة ارسل زين رسالة لمريم وعاد الاتصال بها :
_ ايوه يا زيزو ..
_ افتحي الشباك كدا .
 فتحت الشباك وكانت السماء تمطر بغزارة والجو ملئ برائحة المطر المنعشة  :
_ بتشتي ..
 قال زين :
_ يلا ..
_ يلا ايه ؟
_ ايه يا ميما يلا ننزل ..
لم ترفض مريم .. بالفعل غيرت مريم ملابسها  وغادرت منزلها لتجد زين ينتظرها  امام منزله  مبتسمًا .. تبادلا نظرة قصيرة ومد يده وامسك يدها وخرجًا معًا الى الشارع .. ركضًا تحت المطر وكأنهما  طفلان صغيران بلا مظلات ولا خوف من البلل ضحكاتهما كانت تختلط بصوت المطر وقلوبهما تنبض بحرية نادرة . بينما هما يتبادلان الضحك كان زين يقفز في برك الماء الصغيرة متعمدًا ويرش مريم ببعض قطرات المياء فترد عليه بنفس الحماس ..كانا يركضان معًا تحت المطر يضحكان من قلوبهما دون أن يهتما بمن حولهم أو بلل ملابسهم أو البرد الي يملًا المكان وكأنهما طفلين لا يحملان همًا ولا يخافان شيئًا .. اشتريا أيس كريم  رغم البرد وكأن اللحظة لا تخضع لأي منطق أو قواعد .. جلسا على أحد الأرصفة المبللة يأكلانه بفرح .. لم تكن لحظة عادية ولكنها كانت لحظة صافية مليئة بالحب والانطلاق والطفولة التي مازالت تسكن قلبيهما رغم كل شئ المطر كان يغمرهما من الرأس إلى القدم ومن الشارع ركضا نحو البحر وكأن العالم لا يحتوي سواهما .. 

عند عودتهما كانت ملابسهما بالكامل مبتلة لكن وجوههم تضئ بالسعادة .. دخلا المنزل وهما يضحكان من قلبهما وعيونهما تلمع بالماء والفرح معًا ..ورغم التوتر الذي سببه الرقم السري فإن تلك اللحظة المليئة بالبساطة والصدق بينهم كانت كفيلة أن تزيل الغصة من قلب مريم وتعيد إليها شعور القرب الحقيقي من زين وشعورها بإنها مازالت تشاركه كل شئ المطر والضحك واللحظات السعيدة ..

في صباح اليوم التالي استيقظ كلا من مريم وزين وكل منهما يشعر بالتعب والارهاق فقد أصابهم نزلة برد بسبب اللعب تحت المطر لوقت طويل .. جلس كل منهما فى بيته ملفوفًا ببطانية يشرب المشروبات الدافئة ويتناول الدواء وتحدثًا فى الهاتف ويضحكان على ما أصابهم . 

كانت دينا صديقة زين تواصلت مع مريم وارسلت لها اسماء حسابات البنات التي يتحدث معهم زين .. في يوم وزين ومريم يتجهان الى الجامعة كان زين يمسك هاتفه وملامح وجهه منزعجة .. تحدثت مريم :
_ في حاجة ولا ايه ؟
_ اكونت الفيسبوك ولا الانستجرام مش راضين يفتحوا من امبارح بليل .
_ ليه ؟
_ مش عارف كل ما ادخل الباسورد يقولي غلط .
_ ودا معناه ايه ؟ اتقفل ولا اتهكر ؟
_ مش عارف .. 
_ طيب جرب كدا ..انا اوقات بيعلق معايا وبيفتح 
_ هحاول معاه 
_  بص عادي متزعلش نفسك  لو مفتحش اعمل غيره وانزل بوست عندي واصحابك عندي هيضيفوك .
_ لو فقدت الامل خالص هعمل كدا .. اول مرة يحصل كدا .
_ بجد فعلًا حاجة غريبة ..

 بعد يومان وزين فى الجامعة يجلس برفقة احدى الفتيات  سمع صوت فتاه خلفه نظر اليها :
_ اسماء ..
 _ مين دي يا زيزو ؟
_ دي .. دي 
 منت كانت تجلس معه قامت وتحدثت :
_ انتى اللى مين وبتتكلمي معاه كدا ازاي.. مين دي يا زين ؟
_ دي .. دي .. 
 اجابت :
_ خطيبته ..هيخطبني 
_ تحدثت الفتاة الاولي  بصدمة:
_ هتخبها ازاي وانا ..
_ انتى ايه ..
 تدخل زين وقال :
_ اسماء انتى جيتي ليه ؟
_ انت اللى بعتلي اجاى عشان عاوزني فى موضوع مهم 
_ بعتلك فين ؟
_ الانستجرام 
_ نعم ؟
 فى تلك اللحظة سمع صوت فتاة اخرى قالت :
_ وانا كمان قولتلي عاوزني فى موضوع مهم .
 _ وانتى مين .. هيخطبك انتى كمان ؟
 وقف زين بين الثلاثه فتيات فقد القدرة على الحديث والتبرير وما فعله قطع علاقته معهم الثلاثة وعاد الى المنزل  وهو غاضب وتوجه الى السطح وكانت ملامحه غاضبة ورأته مريم:
_ مالك في ايه ؟
_ في شخص عمل فيا مقلب 
_ عمل ايه يعني ؟
_ مش مهم مش مهم ..
سمعت مريم صوت والدتها سناء :
_ هروح اشوف ماما وارجع متمشيش واهدى ماشي .
 غادرت مريم السطح وجلس زين يتأفف  وكان امامه تابليت الخاص بمريم .. تذكر الرسالة التي ارسلت لاحدهم كانت من الانستجرام .. امسك التابلت وفتح الانستجرأم ولكنه تفاجئ ان الصفحة مفتوحة على تابلت مريم .. دخل على الرسائل وجد الرسائل المرسلة بالفعل ف علم ان مريم هي من قامت بتلك الخدعة .. عادت مريم وكان ملامح زين غاضبه اكثر .. جلست بجواره :
_ ها قولي مالك في ايه ؟
 فتح التابلت ووضعه امامها :
_ ايه دا ممكن تفهميني ؟
 نظرت مريم بتتلقائية وكانت لم تتوقع ان يفتح زين التابلت .. ظلت صامته وتحدث زين :
_ انتى اللى عملتي كدا .. سرقتي الفيسبوك والانستجرام وبعتي الرسائل للبنات فى نفس الوقت .. ايه اللى عملتيه دا ها .
 قالها بغضب ف انتفضت مريم من مكانها مصدومه من غضب زين اتجاهها :
_ ليه عملتي كدا .. ليه بتحشري نفسك فى حياتي الخاصة بالشكل دا .
 صدمت من كلماته :
_ بحشر نفسي ؟
_ ايوه .. ليه تعملي كدا عاوز افهم .
_ وانت بتكلمهم ليه ومعشمهم انك هتخطبهم ليه ؟
_  مريم .. انتى اختى .. فاهمة يعني ايه اختى .. يعني لا مراتي ولا خطيبتي ولا حبيببتي عشان  تركزي بكلم مين ولا هخطب مين ولا هتنيل على عيني مع مين ..انتى اختى وبس .
صدمت مريم من انفعال زين عليها وامتلات عيناها بالدموع وتحركت من مكانها وغادرت السطح متجهه الى منزلها دخلت غرفتها واغلقت على نفسها الباب .. زين فى السطح يضع يده على صدره شعر بنغزة فى قلبه وكأن شيئًا انكسر بداخله حينما ادرك انه تجاوز حدوده معها بكلماته القاسية .. شعر بالندم على كلماته وبالذنب لانه جرح أكثر انسانه قربًا لقلبه بتلك الطريقة ..قلبه كان مثقلًا بالاسف وكان يعلم جيدًا ان ما فعله كان ليس من السهل تخطيه ..

أصبحت مريم بعد ذلك الموقف تتجنب زين فى كل مكان .. تذهب الى الجامعة بمفردها ويتفاجئ بذهابها  .. تتجاهل وجوده فى الجامعة حينما يذهب اليها ..كانت تتجنب ان تلتقي اعينهما .. حين يجتمعا فى المنزل كانت تجلس فى الطرف الاخر وكأن بينهما مسافة كبيرة .. وفي المطعم كانت تتظاهر بالانشغال وتعامله كشخص عابر غريب .. رغم تسأولات الجميع ولكنهما لم يفصحا بالسبب واحتفظوا به لانفسهم .. رغم اظاهر مريم القوة في تجاهل زين ولكن فى داخلها كانت مجروحة تشعر بأختناق كلما تراه ولا تستطيع التحدث معه وكل لحظة تجاهل كان يزيد وجعها .. اما زين فكان يتألم بصمت يحاول ان يجد اى فرصة للحديث معها ومصالحتها ولكنها كانت تبني جدارًا بينهما  بالكبرياء والصمت .. كان يشعر بالوحدة بدونها والندم العميق عما فعله ..

قامت مريم ب انفصال الدروس ولم تذهب الى السطح وكانت الدروس الخاصة بها كانت تقوم بها فى منزلها وتركت السطح لزين بمفرده ..في منزلها تجلس مريم  رن جرس الباب وفتحت كان عماد يقف امامها  وقال بوجه قلق :
_  ميما الحقي يا ميما 
_ فى ايه ؟
_ زيزو  وقع على الارض مبيتكلمش .
_ وقع ازاى يعني ؟
_ كان واقف ومره واحده وقع بسرعة الحقيه .
  تجمدت مكانها للحظة  ثم تحركت بسرعة الى السطح ودقات قلبها تتسارع لم تفكر في أى شئ سوى زين .. صعدت الدرج بسرعة وهي تلهث وكل خطوة كانت تثقلها بالخوف .. فتحت باب السطح وعيناها تبحثان عنه حتى رأته ممددًا على الارض لا يتحرك .. ركضت نحوه وجثت على ركبتيها بجواره ومد يدها ترفع رأسه وتلمس وجهه :
_ زين .. زين.. في ايه زين .
 لا صوت ولا حركة .. عيناها امتلأتا بالدموع وكأن الارض تسحب انفاسها والخوف يخنقها كانت تهزه برفق وصوتها يرتجف :
_ قوم يا زين قوم .. اعمل ايه يارب نسيت الموبيل تحت .. زين قوم قوم ..
لحظة ثقيلة شعرت فيها أن كل شئ سيتوقف .. وفجأة سمعت صوته يقول :
_ هقوم لو سامحتيني ..
 تفاجئت من كلماته وفتح عيناه ونظر نحوها ب ابتسامة .. نظرت نحوه بصدمة واعتدل فى جلسته وكان تجمدت مكانها  وتحدث :
_ ملقتش غير كدا اعمل عشان تتكلمي معايا وتسامحيني .
 بغضب وقفت مكانها وبتتحرك مغادره:
_ انا غلطانه انى صدقت ..
 سريعًا استوقفها ووقف امامها :
_ ان شاء الله اموت بجد لو مقعدتيش تسمعيني ممكن .
 رمقته نظره غضب واستكمل حديثه:
_ اسمعيني واى حاجة انتى عاوزاها هعملها .
 بغضب تحركت وجلست واعطى زين حلويات لعماد وتركهم وجلس بجوارها وقال :
_ حقك عليا اسف .. انا غلطان واستاهل اى حاجة انتى شايفة استاهلها .
 رمقته بنظرة غضب وظلت صامته واستكمل حديثه:
_ عصبيتي وغضبي وقت اللى حصل كان كله دخل فى بعض فمكنتش حاسس انا بقول ايه ..وبعدين انتى السبب فى العصبية دى .. اللى عملتيه كان مصيبة .
_ انا .. عملت مصيبة ؟
_ ايوه.. تهكري حساباتي وتفتحي الشات وتعمليلي مكيده ..انتى شايفه ان دا عادي .
_هتلف الموضوع ان انا السبب صح ؟
 تحدث بهدوء :
_ لا انا اللى غلطان واستاهل الضرب كمان ولو عاوزه تضربيني اضربي لكن مش في وشي الضرب في الوش مفيهوش معلش .
_ بتهزر ..
_ مريم.. الاسبوع اللى فات كان اسود اسبوع في حياتي .. تجاهلك ليا واختفائك دا قفلني من كل حاجة ، انا حياتي متسواش حاجة من غير ميما .. زيزو من غير ميما ضايع .
 ظلت تنظر اليه فى صمت وقال :
_ انا غبي وغلطان انا اسف .. اسف اسف اسف .
_ خلاص ..
_ سماح يعني  ولا سماح انور هاهاهاها 
_ يا عسل ..
_ اضحكي اضحكي متمنعيش الضحكة اضحكي ..
 استدارت ونظرت نحوه وقالت :
_ المفروض تسمعني وبعدها تتكلم انت مدتنيش فرصة اتكلم .
_  انا اسف .. اتكلمي انا سامعك اهو .
_  كتر علاقاتك دي مش صح يعني ايه تعشم 3 بنات انك هتخطبهم ليه تعشمهم بحاجة مش هتحصل .
 نظر نحوها للحظات وقال :
_ ممكن تحصل .
_ ايه ؟
_ مريم .. انا فى يوم هقابل واحده ارتبط بيها واتجوزها زيك بالظبط هتقابلي الفارس اللى منتظراه  وهتتجوزي .. ف اى حاجة ممكن تكون مفيش مستحيل .
_ لكن ..لكن احنا اتفقنا منفكرش في كدا نخلص الجامعة الاول ونشتغل ونثبت نفسنا وبعدين نرتبط .
تنهد قائلًا :
_ مش هينفع نحارب القدر .. 
_ مش فاهمة ؟
_ الموضوع دا قدري ممكن يحصل في اى وقت .. واقربها العريسان اللى بتتقدم  اللى منهم ابن عمك كمال .. القدر مبيتحاربش بيتقبل وبس .
 بنبرة حزينة قالت :
_ عاوز تقول ايه يا زين ؟
 اعتدل فى جلسته وبنبرة هادئة :
_ احنا مبقناش صغيرين يا ميما  ..كبرنا ف احنا محتاجين نعدل فى اتفاقنا .. علاقتنا زي ماهي مش هتتغير  لا انا اقدر استغنى عن وجودك فى حياتي ولا انتى هتقدري تستغني عن وجودي فى حياتك صح ؟
_ ايوه ..
_ احنا زي مااحنا ميما وزين زي ما كانوا من اول ما فتحوا عينهم ع الدنيا انهم اخوات ومع بعض وسند لبعض طول الوقت .. احنا زي مااحنا لكن ..
_ لكن ايه ؟
_  فى حياة كل واحد فينا شوية خصوصية .. حته صغيرة لنفسه ولحياته الخاصة يعرف مين ويرتبط بمين ب اختياره وطبعًا بمعرفه التاني بس الاختيار والقرار الاولي يكون له ..  شوية خصوصية فى حياتنا مش هتاثر ع علاقتنا بالعكس هيكون فى جزء حرية نتعامل بيها مع بعض ومع غيرنا .. وفي نفس الوقت احنا موجودين لبعض .
صمتت مريم لثوانٍ وتنهدت وقالت :
_ انت صح .. انا كنت اوفر وفى حد مكنش ينفع اتخطاه .
_ مريم .. انتى الوحيدة المسموحلك تكوني ع راحتك في حياتي براحتك .. انا موجود فى الدنيا دي عشانك ..انا قولت كدا عشان ميبقاش حد مضايق من التاني لما يشوفه مع حد نبقى مع بعض ونكمل مع بعض .
_ فهمتك .. 
_ يعني خلاص صافي يا لبن ..
 ابتسمت مريم :
_ حليب يا قشطة .
_ وبالمناسبة دي انا عازمك على بيتزا وبان كيك وايس كريم وسينما وهنرجع الصبح البيت  ايه رايك؟
 ابتسمت مريم:
_ اكيد موافقة.
 تبادلا الابتسامة :
_ يلا اجهزي كمان ساعة ونص نتحرك .
_ تمام ..
- قوليلي صحيح هكرتي الحسابات ازاى ؟
_ معايا فى الكليه اخو صاحبتي  شاطر فى الهاك قولته وساعدني وكنت هرجعلك الحسابات ع فكرة .
_ دا انتى دماغ .. ولا كان باين عليكي .
_ اوعدك مش هيتكرر تاني خلاص .
_ وانا اوعدك مش هخبي عليكي حاجة هحكيلك كل حاجة 
_ اتفقنا  وانا كمان .
_  واول حاجة هعملها فى حفلة راس السنة اللى اخر الاسبوع هعزم اصحابي واعرفك عليهم .
_ وانا كمان هعزم اصحابي
_ عارفهم .
_ لا ماهو بصراحة في تعرفهم وفي لا .. ولدين لذاذ اوي هتحبهم بجد .
 تبدلت ملامحه :
_ كنتى مخبياهم عني ماشاء الله  .. ماهو كان مولد وصاحبه غايب  .
_ ها .. احنا بدأنا صفحة جديدة  شوية خصوصية وحرية .
_ خلاص تمام.. اشوفهم واقولك لو مرتحتش لحد فيهم ..
_ هترتاح متقلقش وهتشوف .
_ طيب يلا انزلي اجهزي .
_ اوكيه 
 تحركت مريم وقبل ان تغادر نده عليها زين :
_ ميما 
 نظرت اليه :
_ ايوه 
 اقترب نحوها ووقف وقال :
_ ممكن منعملش كدا تاني منطولش في خصام.. ميحصلش خصام اصلا 
_ حاضر لاني انا مكنتش مرتاحة .
_ ولا انا .. فنرجع زي الاول اللى يزعل يرزع التاني في وشه ونخلص وقتي بالكتير سواد الليل وبس والصبح ولا حاجة حصلت .
 ضحكت مريم:
_ الزهايمر اللى بيجلنا دا .
_ ايوه بالظبط.. ننسى كل حاجة الا وجودنا مع بعض  اتفقنا .
_ اتفقنا .

أقترب أجواء احتفالات رأس السنة ..  ليلة راس السنة في المطعم بدأت التحضيرات فكان المكان يستعد للاحتفال .. زين ومريم وكريم كانوا منشغليين طوال اليوم يساعدون في تزيين المكان وتجهيز الطاولات  ومع قدم الزبائن أزدحم المكان فكانوا  يساعدون فى تقديم الخدمات للزبائن ب إبتسامة .. هذا العام دعت مريم صديقاتها من الكلية ودا زين أصدقائه أيضا ليحتفلوا سويًا .. 

عندما اقتربت الساعة من منتصف الليل خرجوا زين ومريم واصدقائهم الى الحديقة وكانت السماء صافية والجوء مليًا بالحماس ..في أخر لحظات من العام ومع أول دقيقة للعام الجديد أطلقوا الالعاب النارية فتلألأت السماء بالألوان المبهجة .. وسط ضوء الالعاب النارية كانت قلوب الجميع تخفق بسرعة ليس فقط من صوت الانفجارات في السماء بل من فرحة اللحظة نفسها ..مريم كانت تضحك بصدق وعيناها تلمعان مع كل وميض في السماء وكأن كل لون فيها يحمل أمنية جديدة .. زين يقف بجانبها ينظر الى السماء ثم الى مريم وكان يشعر بسعادة مميزة لتواجدهم سويًا فى تلك اللحظة المميزة مثل كل عام .. كريم كان يتنقل بين الجميع يضحك بصوت عالٍ وكأن تعب اليوم كله أختفى وسط هذه الضحكات .. كانوا جميعًا يشعرون أن هذه الحظة ليست مجرد نهاية عام  بل بداية حلم جديد .. كانت لحظة بسيطة لكنها محفورة في قلوبهم جمعتهم بالدفء والضحك والأمل .

بعد ما انتهى الاحتفال وهدأ صوت الزحام كان المطعم شبه خالي  والصمت يعم المكان بهدوء دافي .. يجلس محمود وكرم وسوسن وسناء وكريم حول طاولة يتبادلون الاحاديث والضحكات وزين ومريم يساعدا فى توضيب المكان .. لمح زين المطر فنظر نحو مريم ونقر على الطاولة وانتبهت :
_  ايه ؟
 _ بصي برا كدا ؟
 نظرت للخارج ورأت المطر وابتسمت :
_ بتشتي برا .
غمز لها زين بخفة :
_ طيب ايه .. هنفوت اللحظة دي ؟
 ابتسمت مريم وقالت :
_ لا طبعًا .. يلا ..
بدون مقدمات  تحركوا للخارج سويًا الى الحديقة والمطر يهطل على الاشجار والارض .. لحظ خروجهم كريم وقال :
_ المجانين.. خارجين تحت المطر فى البرد دا .
 رغم برودة الطقس ولكن قلبهم كان دافئ .. بدأوا يضحكوا ويركضوا تحت المطر .. مريم كانت تضحك بسعادة وهي تدور تحت المطر وشعرها المبلل وعيناها تلمعان بالفرح .. وجهها كان مشرقًا ليس فقط من قطرات الماء ولكن من البهجة التي تملًا قلبها .. نظرت الى زين وهي تبتسم كأنها تعيش أجمل لحظة .. زين كان يدور هو الاخر تحت المطر كطفل طفير يلهو تحت المطر .. ويقف ينظر الى مريم ويبتسم لرؤيتها سعيدة .. مد يده وامسك يدها وراحا يدوران معًا كالاطفال يضحكان ولا يشعران بالبرد ولا بالوقت .. كانت لحظة مليئة بالبساطة والدفء .. كانت لهم لحظة لن تنسي لانها كانت صافية وصادقة .. بين ضوء اللمبات الخافت وصوت المطر ووجوههم المبتسمة  بدت الحديقة وكأنها عالم صغير لا يخص أحد سواهما ..عالم فيه المطر احتفال والضحك موسيقى والحب صامت لكنه ظاهر في كل نظرة وحركة ..

في صباح اليوم التالي استيقظ كل من زين ومريم وهما يشعران بالتعب والبرد .. حرارتهم مرتفعة والانف مسدود والسعال لا يتوقف .. فى منزل زين تقوم سوسن بكمدات مياة باردة :
_ شوفت اخرة تنطيطكم تحت المطر حصلكم ايه .. انتم الاتنين مرضتوا .
_ دى ضريبة اللحظة يا ماما المهم اننا كنا فرحانين .
_ تفرحوا انتم ونتنكد احنا .. هقوم اعملك حاجة سخنة .
امسك زين الهاتف وأتصل بمريم وبنبرة تعب :
_ ميما  لقد انتصر علينا البرد .
 ما إن سمعت مريم صوته حتى بدأت تضحك على جملته فقال لها مازحًا بصوت مبحوح :
_ احنا نستاهل اللى حصلنا دا .. ساعة متواصله تحت المطر دا  احنا بنستحمى فى 5 دقائق .
 _ دا انت اللى بتقعد 5 دقائق .
_ ماشي يا ست نظيفة .. طمنيني عليكي ؟
_ الحمدلله  جسمي مكسر ( تسعل ) والكحه مش سيباني بس الحمد الله الحرارة نزلت .
_ نزلت  راحت فين  هاهاهاها 
_ زين انا مش قادرة لخمسة كوميدي 
_ خلاص نخليها خمسة ونص هاهاها 
 ضحكت مريم وقالت :
_ طمني عليك انت عامل ايه ؟
_ متقلقيش على زيزو الجامد دور بسيط وهيعدى 
_ ان شاء الله .. اسمع كلام سوسن متغلبهاش .
_ وانتى كمان ولا اجاى اشربك الشوربة .
_ لا خليك عندك ..
_ المرة الجاية  نبقى نخلى بالنا بعد كدا .
_ ازاى ؟
_ يعني ..ناخد معانا شمسية .
_ متاكد هتنفع .
_ ولا هتفرق  ..
ظلا يتحدثًا معًا عبر الهاتف .. رغم المرض كانا يضحكان على ما حدث وكأن المرض نفسه صار ذكرى جميلة تكمل اللحظة السابقة .. كانت السعادة واضحة فى نبراتهما كأنهما أكتسبا ذكرى جديدة تضيف دفئا لعلاقتهما . 


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1