رواية لغز نغمة في الظلام الفصل الاول بقلم أجاثا كريستي
كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساءً حين دوّى اللحن.
ليس صوتًا موسيقيًا معتادًا، بل نغمة كئيبة، عميقة، كأنها صدى من آلة موسيقية ضُربت ببطء وسط العتمة.
في قرية هيذرسبيرغ، حيث الأشجار تُصافح الريح بوداعة، والبيوت الحجرية تحتضن دفء العصور، كانت الليالي عادةً تنقضي على إيقاع الصمت... إلى أن وقعت الجريمة.
في بيت "روزوود هاوس"، جلست الآنسة جاين ماربل قرب الموقد، تحوك ببطء قطعة من الصوف الرمادي، بينما تستمع بانتباه إلى صوت المطر يتساقط على الزجاج، وكأن السماء تبكي شيئًا لا يُقال.
وفجأة، قُطع صمت الريف بصوت آلة غريبة... نغمة واحدة... ممتدة... حزينة.
رفعت الآنسة ماربل رأسها.
– "أتعرفين، دورا؟ هذا الصوت لا يبدو مألوفًا."
دورا، خادمتها العجوز، كانت في منتصف طريقها لوضع إبريق الشاي، فتجمدت مكانها.
– "إنها آلة الهارمونيوم يا آنسة... لا أحد يستخدمها منذ وفاة القس بنويت، رحمه الله!"
قالت ماربل بهدوء، وهي تضع الصوف جانبًا:
– "غريب... لأن القس بنويت توفي منذ خمسة أعوام، والهارمونيوم دُفن معه في الكنيسة تقريبًا."
**
في صباح اليوم التالي، وجد أهل القرية باب كنيسة "القديس ماثيو" مفتوحًا على مصراعيه، والداخل معتم كأن الليل لم يغادر.
على مقعد المصلين الأول، وُجدت جثة رجل مجهول، عيناه مفتوحتان كأنما فوجئ بشيء ما، وعلى صدره... وردة زرقاء.
ولم يكن من أثر للدماء، فقط ابتسامة غامضة على شفتيه، ونغمةٌ لا تزال ترن في أرجاء المكان... قادمة من آلة الهارمونيوم التي لا يعمل بها أحد.
**
الآنسة ماربل لم تنتظر أن يُبلغها أحد.
استدعت "الكونستابل هاريس"، وقبل أن تبدأ التحقيقات الرسمية، همست قائلة:
– "الجريمة لا تبدأ بموت الضحية يا عزيزي، بل تبدأ حين يُقرر القاتل أن يقنع الجميع أنه بريء."
وكانت تلك البداية... لباب من الأسرار، ونغمة من الماضي، وشبح يسير في الظلال.
***********