رواية رحلة البحث عن متحرش ( كاملة جميع الفصول ) بقلم سلمي خالد


 رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل الاول 


"مفاجأة تخرج"

وقفت أمام الجامعة ترمقها بنظراتٍ ماقتة نافرة، تريد إحضار كما تقول دائمًا لتر من الجاز نتن وعود كبريت وإلقائه عليها لتشتعل وتخمد نيران الغيظ المشتعلة بها وتندلع بالجامعة...

سارت سريعًا تخرج ورقة باهتة مهترئة للغاية مكتوب بداخلها" بطاقة الترشيح" ثم بطاقتها ووقفت بهذا الطابور الذي لطالما كرهته، أخيرًا أتى دورها بعد عدة دقائق لترفع ورقتها ولكن فجأتها عاملة الأمن قائلة بسخرية:

_ مفيش ورقة أنتن من دي عشان تدخلي بيها الجامعة.

حدقت بها بنظراتٍ مشتعلة تتفوه بغيظٍ:

_ لا في أنتن هبقى أعدي عليكِ أجيبها من عندك.

اتسعت عين عاملة الأمن بصدمةٍ وغضب لتمسك ورقتها ممزقة إياها تتفوه بسخرية:

_ ممنوع الدخول غير ببطاقة الترشيح يا آنسة.

مسحت عاليا وجهها بنفذ صبر تردف وهي تبتسم بسماجة:

_وماله يا لوزة.. عيني.

هبطت للورق الممزق ولحسن الحظ أن اسمها وكليتها كانتا في ورقة واحدة لترفعها لها قائلة بشماتة:

_ مهما عملتي هدخل برضو.

كادت العاملة أن تنطق إلا أن ضجر الفتيات حولها وصديقتها اللواتي يرمقنها بنظرةٍ فهمتها حتى أفسحت لها الطريق لتسير عاليا بنظرة شامخة حتى دلفت إلى مرحلة التالية وهي تفتيش الحقائب..

نعم هي مرحلة بلهاء عجيبة يلقون نظرة خاطفة على الحقيبة ثم يقولون:

_عدي.

وقفت تفتح حقيبتها لتدلف إلى الداخل، وما أن انتهت حتى سارت بخطواتٍ متعجلة لتدلف سريعًا إلى المدرج فيكفي ما أهدرته مع عاملة الأمن...

أسرعت تطرق الباب بخفة تزدرد لعابها بصعوبة وهي تخشى تلك الأستاذة فهي لا تعلم هل هي متسامحة ذات بشاشة أم مجعدة ذات عُقد طفولية و مراهقة تخرجها عليها...

ولكن العجيب أنها ليست هذا ولا ذاك بل كانت مجنونة شغوفة بما هو غير مألوف حيث فتحت عاليا الباب ولكنها جحظت عينيها عندما رأتها تقف فوق ( البنج) تنظر للجميع بأعينٍ حادة ثاقبة تردف بحماسٍ تنافى مع ملامحها العجيبة:

_ عايزة اتبهر.. أتفاجئ.. عايزهم يقولوا أبحاث دكتور وجيزة هي أفضل وأعجب أبحاث.

حمحمت عاليا بقلقٍ من تهور تلك السيدة، تردف بتوتر:

_ ممكن ادخل.

رمقتها وجيزة نظرة متفحصة ثم قالت وهي تقفز كما لو كانت راقصة بالية:

_ أنتِ اسمك ايه؟

_عـ.. عاليا.

_أممم عاليا مش كريتڤ الاسم لكن مش بطال..

توترت عاليا كثيرًا لتهتف ببلاهة:

_ هو حضرتك كويسة يا دكتور؟

تجاهلت سؤالها تردف بحماسٍ عجيب:

_ ادخلي يا عاليا ادخلي.

تحركت عاليا بتوترٍ وحذر منها، فعلى ما يبدو أن مستشفى الأمراض العقلية أهملت مرضاها وهي تسربت منهم هذا التفسير الوحيد الذي أتى بذهن عاليا وقتها.

كادت أن تجلس ولكن تفاجأت بوجيزة تأتي قربها تصرخ بصوتٍ عالي لتنتفض عاليا بفزعٍ تصرخ للخلف قائلة:

_ يا بنت المجانين!

شهق كل الحضور بصدمة من سُبة عاليا بينما وقفت وجيزة تنظر لها بحدة غريبة مريبة، جفت الدماء بعروقها تشعر بنهايتها القريبة ثم ما لبثت أن تنطق بكلمة حتى صرخت بها مجددًا بطريقةٍ أثارت رهبة الجميع وجعلت عاليا تقفز من مكانها تبكي بخوفٍ قائلة:

_ هتولي أمي عايزة ماما!!

تحولت ملامح وجيزة إلى أخرى أكثر لطفًا تردف بحماسٍ يظهر فجأة:

_ دي تجربة سريعة وعملية على عاليا شوفتوا رد فعلها في المرتين اللي عليت صوتي عليها.. غيرته إزاي.. هو دا اللي عايزينه نغير ونجدد كل يوم وكل ثانية مش كل قرن إحنا دخلنا في عصر السرعة و...

_منك لله قطعتي خلفي وشعري أبيض.. روحي ربنا يرزقك باللي يشيب شعرك ويصورك.

كبحت هبه ضحكتها على صديقتها التي لا تزال تشهق من البكاء والفزع الذي حل بها، حتى أتى اتصال لتلك الاستاذة لتغادر المدرج بضع دقائق بينما امسكت هبه زجاجة الماء وابتلعت بضعه ثم بصقت القليل بوجه عاليا سريعًا قائلة:

_ اسم الله عليكِ وعلى الـ حوليكِ.

شهقت عاليا بفزعٍ مجددًا مما حدث لتصرخ بصديقتها:

_ ايه القرف اللي عملتيه دا غرقتني وبهدلتني.

نظرت لها بضيقٍ قائلة:

_ الحق عليا يعني بحاول أعملك طاسة الخضة!

أخرجت المحرمة من جيبها تحاول تجفيف وجهها متمتمة بحسرة:

_ دا أنا هلبسك قلم على وشك لو متلمتيش؟ ثم مين اللي كانت هتجيب أجلي دي؟

ضحكت هبه بخفة عليها تجيبها بخفوت:

_ دي دكتور وجيزة صاحبة مادة الأنثوبولوجيا الاجتماعية three ... o three واو.

قطبت جبينها بتعجب تسأل باستنكار:

_ دا إيه o دي وتلاتة ولا 3 ايه ؟

عوجت هبه فمها بتهكم تجيبها:

_ ما دكتور تقريبًا متعقدة لإنها أول ما دخلت فضلت تقول وتغني three ... o three واو.

لم يكملا حديثهما بعدما عادت وجيزة بملامح ممتعضة، تردف لجميع:

_ أنا بعتذر المحاضرة هتتلغي النهاردة وهنلغي البحث اللي هنعمله.. سلام.

غادرت وجيزة المدرج بعدما حملت متعلقاتها بحقيبة من جلد تمساح حقيقي صنعتها بيدها، بينما تنفست عاليا براحةٍ تنظر نحو هبه قائلة:

_ أبقي فكرني أعمل ريفيو في مستشفى العباسية عن تسريبهم للمرضى المختلين عقليًا.

اومأت هبه توافقها الرأي بجدية قائلة:

_ معاكِ حق... صحيح كنت أنتِ كبش الفدا بس هي روشتنا في المحاضرة.. شايفة أحمد عامل إزاي يا عيني من ساعة ما دخلت وهو مبرق وساكت...

نظرت عاليا نحو أحمد فوجدته بالفعل لا يزال جاحظ العينان أشفقت عليه قائلة بحزنٍ:

_ الواد داخل على بوادر إنهيار عصبي منها لله ناقصة هبلها على الصبح.

نهضت كلتاهما من المكان، ليذهبا لمكان المحاضرة التالية لتسأل عاليا باستفهام:

_ هي المحاضرة الجاية ايه؟

_مشروع التخرج وهنتقسم اتنينات عشان دفعتنا مفهاش غير 14 طالب.

أومأت بتفهم فهي قد أخذت فكرة عامة سريعة بعدما سألت الدفعات السابقة.

**********

" أنا اتخنقت بقالنا ساعة مستنين الدكتور يحن علينا ويقولنا مين مشرف المشروع"

نطقت بها عاليا بضجرٍ واضح، بينما همست هبه بخفوت متمتمة:

_ طب اسكتي عشان منطردتش دلوقتي هو خلاص هيخلص ويقول.

رمقته عاليا بنظرة تحمل شرارة غاضبة تردف بحنقٍ:

_ يكش تخلص روحه دا بقاله ساعة بيحكلنا كان عامل ايه في فرنسا... أنا مالي ومال فرنسا أنا أصلًا شلت المادة دي مرتين في اولى ثانوي بيفكرني بأحزاني!

ربتت هبه على كتفها بمواساة فهي قد حضرت ما فعلته والدتها بعدما رأت النتيجة، تردف بحزنٍ:

_ متزعليش صحيح طنط فضحتك وعجنتك وبطاطتك تحتها بس فترة وعدت.

نظرت مستنكرة من مواساتها قائلة:

_ أنتِ كده بتواسيني!!

أومأت بإيجاب، أشاحت بوجهها بعيدًا مغمغمة:

_ جتك القرف في مواساتك.. دا أنتِ بتحسريني على نفسي أكتر.

رمقتها هبه بنظرة غاضبة تردف بتزمر:

_ اتصدقي أنتِ تستاهلي العجن اللي حصلك.. يارب خالتي تعجنك تاني وتبطاطتك.

_ والله ما في حد هيبطاطك النهاردة غيري يا صعلوقة... يا...

وما كادت أن تكمل حتى استمعا لصوت الأستاذ يردف بحزم:

_ أنتم الاتنين.

استدارت كلتاهما، ينظران بتوترٍ واضح نحوه، ليردد بسخطٍ:

_ مش عيب تكونوا بتتخرجوا وأسألكم إيه أخر حاجة قولتها؟

ازدردت عاليا لعابها بتوترٍ، بينما سبت هبه صديقتها التي تسببت لها بهذا الموقف المحرج وسط أصدقائها، ليسترسل الأستاذ بصوتٍ متشفي:

_ وعشان نسيانكم دا أنتم الاتنين المشرف على مشروع تخرجكم دكتورة وجيزة.

جحظت عيني عاليا بينما شهقت هبه بفزعٍ تحرك رأسها برفضٍ لتلك الفكرة فلن تستطيع أبدًا التعامل مع تلك المرأة.

شعر بشفاء غليله عندما رأى شحوب وجههما ليخبرهما بالجلوس ثم بدأ بتوزيع الطلاب وإخبارهم بمشرفين عليهم وما أن غادروا حتى امتلئت عيني الباقيين بالشفقة على عاليا وهبه اللتان لاتزال في صدمة، لتتقدم زميلتهما تربت على كتف عاليا قائلة بحزن:

_ قلبي عندك يا حبيبتي.

أدمعت عين عاليا ثم نظرت لهبه تردد بحسرة:

_ دا إحنا هنشوف أيام عنب عارفة العنب يا هبه!

اومأت هبه بأعين لا تزال جاحظة فازعة متمتمة:

_ مبحبش العنب مش عايزة أشوفه.

ابتسمت عاليا بسخطٍ قائلة:

_ دا أنتِ هتاكليه وتتمزمزي بيه كمان.

************

عادت عاليا تشعر باختناقٍ بعدما أوقعهما ذلك الأستاذ الخبيث بتلك الأستاذة التي أثارت رهبة وفزع الطلاب، لتدلف لغرفتها دون إلقاء التحية كما اعتادت، ألقت كُتبها على سطح المكتب وما كادت أن تنزع حجابها حتى اقتحمت والدتها الغرفة لتفزع مجددًا ثم صرخت بذعر لا يزال يحتلها:

_ ما ترحموا أمي بقى هو كل شوية تقطعولي الخلف.

تقدمت والدتها تنظر لها بتفحص ثم قالت متجاهلة كلامها:

_ أنتِ مالك يا بت فيكِ ايه؟ ومين بيقطعلك الخلف؟

جلست عاليا بعبوسٍ تسرد لوالدتها ما حدث حتى اختتمت قائلة:

_ فأنا وهبه مدبسين بقى مع الدكتورة دي وهي أصلًا عندها ربع ضارب لا ربع إيه دا كلها ضارب.

وافقت والدتها الرأي ثم تمتمت وهي تنهض:

_ طب تعالي كلي

قطاعتها عاليا مرددة بضيقٍ:

_ لا يا ماما أنا حاليًا مضايقة!

حركت والدتها كتفها بالامبالاة متمتمة:

_ دا عملتلك شوية مكرونة بالصوص الأبيض العجيب بتاعك.

قفزت عاليا بسعادة تسرعة اتجاه المطبخ متناسية ضيقها وانطلقت نحو المطبخ تشخص بعينيها المكان وسريعًا ما وقع بصرها على الموقد وفوقه إناء يقبع بداخله المعكرونة المفضلة لها، انطلقت نحوه تلتهم منها دون أن تضعها بطبق تتناول بنهمٍ، لتنظر لها والدتها باستنكار قائلة:

_ طب أغرفي في طبق بدل ما أنتِ محصلتش حمار خالك كده ووقفة تعلفي من الحلة علطول.

حاولت التحدث ولكن فمها كان ممتلئ بالطعام فلم تستطع أن تجيب لتردد والدتها تشيح بيدها:

_ جتك القرف في عفنتك يكش تجبلك مشروع يطير برج من نفوخك.

لم تهتم عاليا بما قالته والدتها واستمرت بتناول هذه المعكرونة حتى احتلها الشبع لتغادر إلى غرفتها تعود لاحتجاجها مجددًا

**********

"ألو، أيوة يا هبه"

"متصلة عليا ليه؟؟"

نطقت بها بغيظٍ منها، لترد عاليا بغضبٍ:

_ هيكون ليه عشان اتمتع بصوتك ما تتنيلي عايزين حل نخلع بيه من دكتورة وجيزة دي... ثم هو في حد اسمه وجيزة!!

نطقت بجملتها الأخيرة باستنكار، لتردد هبه بانزعاج:

_ يا ستي وإحنا مالنا وجيزة ولا مانيزا خلينا في المصيبة اللي إحنا فيها دلوقتي.. دي خدت محاضرة ساعة وجالنا انهيار عصبي وكنت بفكر جديًا أتابع مع جارنا الواد ياسر فتح عيادة نفسية.

ادمعت عين عاليا قائلة:

_ أبقي أحجزيلي معاكِ من وقت الخضة وجسمي بقى يتنفض ويتشنج لوحده... الجهاز العصبي بيروح مني يا هبه.

_بصي إحنا نروح لدكتور خالد بكرة ونعتذرله وإن شاء الله يسامحنا هو راجل محترم ووقور في نفسه ومش هيأذينا.

*******

_ أتصدقي إنه راجل مهزق ومشفش تربية وأنا غلطانة إننا روحناله!!

نطقت هبه بعصبية شديدة، لتعلق عاليا بانزعاج:

_ باين أنه محترم ووقور!

حدجتها بنظرة غاضبة ناطقة:

_ دا لا يمس للوقار بصلة أصلًا انا هوريه إزاي يطردنا من المكتب كده تعالي معايا.

هبطت كلًا من عاليا وهبه أسفل بنية الكلية لتجد سيارته الفاهرة اقتربت منها ثم نظرت حولها حتى وجدت ضالتها لتسرع بامساك هذا الحجر تردف بشرٍ:

_ داريني يا عاليا لحد ما أخلص.

اقتربت عاليا تخفيها سريعًا لتبدأ هبه بضرب الفانوس الخاص بالسيارة، قامت بتدميره بشكلٍ كلي ليشتري غيره، ثم أمسكت بـ (دبوس) حجابها وبدأت بخدش السيارة بكامل قوتها تنتقم منه لما فعله فيكفي هذا العام ستنتقم له تلك الأستاذة العجيبة!

_ خلاص بقى يا هبه دشملتي العربية.. دا أنتِ محصلتيش عيل في تانية ابتدائي عنده عدوان.

أعادت الدبوس مكانه ترد بتشفي:

_ يستاهل ولو أطول أحرق قلبه على فيتيس العربية هعملها ومش هتردد لحظة عشان يبقى يراعي ربنا في الطلبة بتوعه.

زمت عاليا شفتيها وسارت معها نحو مكان به ظل من تلك الشمس الحارقة وجلستا سويًا ينتظران موعد محاضرة المشروع، أخرجت عاليا تلك السيجارة العجيبة تمسكها كما لو كانت مدخنة بارعة لتبدأ بتناولها وقطمها فلم تكن سوى قطعة مرشيملو مصنوعة على شكل سيجارة.

نظرت لها هبه بضيقٍ ثم قالت وهي تسحب منها الحلوى:

_ الكِيف مناولة مش مأولة.

تذمرت عاليا مما فعلته صديقتها وما كادت أن تتحدث حتى وقع عليها ظل أحدهما نظرت نحو الواقفة أمامها لتجدها تفرك كفها بتوترٍ نهضت عاليا تاركة هبه تتقدم نحو الفتاة قائلة باهتمامٍ:

_ مالك في حاجة؟

أجابتها بتوترٍ:

_ دكتور وجيزة بتقولكم تعالوا مكتبها عشان هتبدأ محاضرتها.

قطبت عاليا جبينها بتعجبٍ قائلة:

_ وأنتِ عرفتينا منين؟

أشرأبت الفتاة بعنقها تطلع للنافذة بنظراتٍ متوترة، بينما نظرت عاليا نحو ما سقط بصر الفتاة لترى وجيزة ترمقهم بنظراتٍ غامضة غريبة، ازدردت لعابها بخوفٍ وهتفت نحو هبه:

_ ألحقي يا هبه!!

_ سبيني السجارة عاملة دماغ معايا.

حدجتها بنظرة مغتاظة تردد بسخرية:

_ قدامي يا موكوسة وهوديكِ عند المعلمة الكبيرة تظبطلك دماغك...

لم تتحرك هبه حتى هتفت عاليا بخبث:

_ دكتور وجيزة!

انتفضت هبه من مكانها تنظر حولها بتوترٍ، ابتسمت عاليا بتهكم مرددة:

_ دا أحنا هنشوف أيام عنب!

***************

_ عايزين نبهر الحضور.. فكرة بحثنا هتكون كريتڤ مش أي كلام وخلاص.. درستنا هتكون دراسة حالة عشان النتيجة تكون واقعية ومطبقة.. هنبهر الحضور يا عاليا أنتِ وهبه مفهوم.

أومأت كلتاهما بقلقٍ، لتعود وجيزة تجلس باريحية ناطقة:

_ يلا قولولي أفكار أبحاث نشتغل عليها؟

صمتت عاليا قليلًا، ثم قالت بتفكير:

_ ممكن نعمل على طفل العدوان؟

أشمأزت معالم وجيزة كما لو رأت أحد يتقئ أمامها، لتصمت عاليا بحرجٍ، فهتفت هبه محاولة السيطرة على هذا الموقف:

_ خلاص إيه رأيك يا دكتور نعمل عن التوحد؟

أزداد الإشمئزاز أكثر مما كانت عليه، لتصمت الفتاتان بحرجٍ فهتفت وجيزة بوجهٍ عابس:

_ بما أنكم معرفتوش تختاروا هختار أنا..

مرت بضع دقائق صامتة حتى اتسعت ابتسامتها التي لم تراها عاليا سوى بسمة خبيثة تحمل خلفها الكثير من المصائب، بينما ارتجفت قدم هبه بتوترٍ يتراجع جسدها للخلف كما لو كانت ستلقي قنبلة، لتهتف وجيزة سريعًا وبشكلٍ صارخ:

_ دوافع المتحرش نحو الفتاة.

_ نــــــــــــــــــــعم مت.. ايه يا دكتور!!!!

زمت وجيزة شفتيها بتهكم تردد بامتعاض:

_ ولزمتها إيه دكتور.. لو اتكلمتي بالاسلوب دا تاني هخصم من درجات أعمال السنة.

تراجعت عاليا مكانها، بينما جحظت عين هبه بحالة من صدمة أصابت الجهاز العصبي في مقتل، عادت وجيزة تسترسل ببسمة متسعة كالمجنونة تصرخ بحماسٍ مفاجئ أفزع عاليا:

_ فكرة هايلة لما تجيبي متحرش وتقعدي معها وتبدأ تسأليه ليه بيتحرش وتعملي بحثك عليه كله وتدريسه.

_ دا على أساس قاعدة مع شيخ الأزهر وهيغض بصره مش هيوجب معايا ويشرحلي عملي بالمرة؟؟؟

نطقت بها عاليا بتهكم واضح، لتردف وجيزة ببرودٍ:

_ مش مشكلتي بقى أنتِ هتعملي بحث عن المتحرش يا أستاذة عاليا أنتِ وصحبتك العجيبة دي.

_ هي اللي عجيبة؟!

استنكار ملأ جملة عاليا مما تتفوه به وجيزة لتنتفض وجيزة فجأة تردف بحدة غريبة ظهرت كما لو كان أصابها البرق:

_ أطلعوا برة يلا.

ركضت عاليا تمسك بكف هبه سريعًا، تردد بخوفٍ:

_ مكدبتش لما قولت عليكِ بنت مجانين!!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1