رواية بقايا قلب مكسور (كامله جميع الفصول) بقلم رباب حسين



 رواية بقايا قلب مكسور الفصل الاول بقلم رباب حسين

لا أرى شئ فالظلام الدامس يكسو بالمكان.... لا أسمع شئ سوى صوت أنفاسي المتصاعدة وصوت ضربات قلبي اللاتي تنبئني بالخطر.... أتلفت حولي في ذعر وأسير في طريق لا أرى به شئ..... مهلًا ما هذا الصوت؟..... هناك صوت أنين..... من أين قادم يا تُرَى؟!.... أرى شيئًا من بعيد..... هل هذا باب؟.... بل إثنان.... من أين يأتي هذا الصوت؟....أي واحدًا منهما؟..... سأتقدم وأرى..... هذا هو؟

فتح الباب الذي أحدث صوت مرتفع فهو قديم متهالك..... الظلام دامس لا يرى شئ وفجأة تمسك أحد بقدمه فنظر إلى أسفل في ذعر فوجدها تتمسك بقدمه.....هذه هي حبيبته..... ولكن الملامح مختلفة.... متعبة ومرهقة قد تكون أختفت ملامح الحياة من وجهها الشاحب ويكسوها التراب فنظر بعيدًا عنها فوجد قبر مفتوح..... هل خرجت من هذا القبر؟! ثم سمع صوتها تقول في بكاء ونحيب : إنت اللي قتلتني

إستيقظ أدهم من هذا الكابوس الذي يراوده منذ شهر..... وجد والدته تدخل الغرفة وتذهب لترفع الستائر عن النافذة فأضاءت الغرفة ثم نظرت إلى الفراش وجدته يجلس به ويتصبب عرقًا فزفرت في ملل وقالت

إلهام : نفس الكابوس؟!.... أنا مش عارفة هنخلص من القرف ده إمتى؟..... وهتفوق لنفسك إمتى؟

أغمض أدهم عينيه في إرهاق وقال لها : ماما..... مش على الصبح هنتكلم ونتخانق وقولتلك ميت مرة قبل كده متدخليش أوضتي بالمنظر ده..... مش صغير أنا عشان تدخلي عليا الأوضة من غير حتى ما تخبطي

إلهام : ده اللي إنت فالح فيه..... قوم أفطر عشان تروح الشركة..... يا صاحب الشركة يا اللي مش صغير

تركته وخرجت من الغرفة تحت نظرات أدهم الذي ينظر إليها في حسرة..... متى ستشعرين بما أمر به؟ هل حقًا أنتي أم مثل هؤلاء الأمهات؟ متى ستضميني داخل حضنك لتهوني عليّ ما أشعر به من ألم قلبي؟ أحتاج لمن يرى ضعفي وحزني..... ليد ترتب على كتفي وتقول لي ستمضي وتعود كما كنت...... أخطئت..... ومن منا لا يخطئ..... وإن كان هذا الحديث لن يجدي معي شيئًا ولكن أريد فقط أن يشعر بي أحدهم

نهض أدهم ليواجه يومًا جديدًا لا يوجد أمل لديه في الحياة.... فاقد الشغف وكأن روحه غادرت جسده عندما غادرت هي... دخل المرحاض وأخذ حمام بارد لعل الماء تطفئ نيران قلبه ولهيب أفكاره التي لا تتوقف لحظة واحدة وكأنها ساكنة بوجدانه يراها في كل مكان وخاصةً هذه الغرفة التي كانت يومًا ما تجمعوه معها.... خرج ووقف أمام المرآة يرتدي حلته السوداء فهو لا يرتدي أي ثياب ملونة.... فقط الأسود..... شرد بالمرآة ينظر إلى ملامح وجهه الذي فقد معنى الحياة ثم استمع إلى صوتها واقتربت منه ووضعت يدها على كتفه وقالت مبتسمة : هو مفيش غير الأسود..... هو أي نعم حلو عليك يعني بس فيه ألوان تانية

أبتسم أدهم والتفت إليها وقال : يعني أنا شكلي حلو؟

شعرت جالا بالخجل وقالت : اه..... عادي يعني حلو

أدهم : إنتي أحلى

ظهر الخجل على وجهها الذي تحول إلى اللون الأحمر وقالت : مش هتبطل بقى الكلام ده

أدهم : ياريت قلت كل الكلام..... ياريت قلت اللي في قلبي كله..... كل الكلام اللي سمعتيه مني ميوصفش الحب اللي في قلبي ليكي..... نفسي ترجعي أنا مش عارف أعيش من غيرك

نظرت له جالا وتجمعت الدموع في عينيها وقالت : مش هعرف أرجع..... بس أنا معاك أهوه

فرت دمعة من عينيها فرفع أدهم يده ليزيلها من على وجنتها ولكن اختفت من أمامه..... نظر حوله يبحث عنها فلم يجدها..... أغمض عينيه في حزن وخرج من الغرفة ونزل إلى أسفل وجد إلهام تنتظره على طاولة الطعام ومعها تالين فنظر إليهما وخرج من باب المنزل ولم يتناول الطعام وصعد إلى سيارته بعد أن فتح السائق الباب له ثم توجه إلى كرسي القيادة وقال فتحي : على الشركة يا أدهم بيه؟

أدهم : إطلع على المقابر الأول

أما تالين فنظرت إلى إلهام في حزن وقالت : شايفة يا طنط؟.... ولا حتى سلم عليا

إلهام : يا حبيبتي ما انتي عارفة إنه قليل الكلام

تالين : لا يا طنط هو مش بيعبرني خالص..... المفروض هنتجوز قريب..... إزاى بقى نتجوز واحنا حتى مش بنتكلم مع بعض كلمتين ولا بيبص في وشي..... نفسي أحس إني مخطوبة ولا فيه حد في حياتي..... أنا مفيش حاجة إتغيرت في حياتي من ساعة ما اتخطبت لأدهم غير الدبلة بس

إلهام : لما تتجوزيه هتقدري تغيريه..... زي ما الزفتة التانية ديه لما دخلت حياته متعرفيش عملت فيه إيه..... مكنش شايف غيرها في البيت وياريته حتى لمسها ولا قربلها فا انتي وشطارتك بقى..... انتي بس إتجوزيه وكله هيبقى تمام

تالين : إنتي متأكدة من حكاية إنه ملمسهاش ديه؟

إلهام : مفتكرش إنه قربلها..... يعني هو لسة خام تعرفي تضحكي عليه وتغيريه.... هو يلاقي في حلاوتك ولا شياكتك

ابتسمت تالين في خجل وقالت : ميرسي يا طنط

في المقابر يقف أدهم يحمل بين يديه باقة ورود بيضاء مغلفة بورق أسود ثم وضعها على قبرها ووقف ينظر إليه في صمت ويقرأ حروف إسمها التي على القبر.... جالا فارس الحسيني

فلاش باك 

يقف أدهم في منزل قديم متهالك ويتحدث مع زوجة عمه صفاء في حزم وقال : بقولك أنا أدهم إبن أخو جوزك الله يرحمه وجي ارجعلكم حقكم في الميراث زي ما بابا وصاني قبل ما يموت

دخلت جالا التي سمعت حديثه وهي تدلف من الباب وقالت في غضب : وابوك المحترم ضميره مصحيش بدري عن كده ليه شوية؟

نظر أدهم إلى صفاء وقال في إشمئزاز : مين ديه؟

صفاء : ديه بنتي.... يعني بنت عمك جالا

نظر لها أدهم وعلى وجهه علامات الإشمئزاز وقال : جالا..... إيه الاسم ده؟ 

اقتربت منه جالا في غضب وقالت : مش عجبك

عودة من الفلاش باك

قطع ذاكرته صوت حارسه الشخصي رعد الذي قال : أسف يا أدهم بيه إتأخرت شوية النهاردة

وضع أدهم يده على حروف اسمها وقال له دون أن ينظر إليه : مش مشكلة

نظر إلى القبر وتجمعت الدموع في عينيه ثم نهض بعد قليل وأغلق معطفه وذهب إلى سيارته ولحق به الحارس وصعد بجوار السائق بعد أن فتح الباب إلى أدهم الذي قال : إطلع على الشركة

ذهب أدهم إلى شركته وعندما دخل من الباب وقف العاملين ينظرون إليه في توجس فهو كالقنبلة الموقوتة التي على وشك الإنفجار في أي وقت ثم دخل إلى مكتبه وأغلق الباب

همست أمنية إلى صديقتها لمياء : نفسي مرة أشوفه بيضحك

لمياء في همس : كان زمان بقى ممكن تشوفي ضحكته ولا لما كانت جالا الله يرحمها هنا في الشركة شفت وشه بيضحك مرة.... بس كان بيضحك بجد..... من بعد ما ماتت وخلاص بقى أسوء من الأول

أمنية : الله أعلم أصلًا كانت مستحملاه إزاى.... على الأقل أبوه مكنش بيتعصب كده بس أدهم بيه عدى باباه بمراحل

لمياء : الله يرحمه هو كمان..... بس متنكريش إن وضع الشركة في عهد أدهم بقى أحسن بكتير

أمنية : طبيعي..... الدم الجديد وروح الشباب بيغير.... مع إن أدهم ده ملوش دعوى بالشباب خالص.... تحسيه أكبر من أبوه

لمياء في حزن : أنا عذراه بصراحة..... مراته ماتت بدري وسابته وشكله فعلًا كان متعلق بيها أوي

أمنية : يا بنتي ده ماتت وتاني يوم كان على مكتبه ودخل كان هيولع في الشركة..... إنتي ناسية أول قرار خده هو فصل زين صاحبه وشقيق عمره.... اه فين أيامك يا زين.... كان بيهون علينا وش أدهم المكرمش ده

لمياء : عادي ما تاني يوم لما مات سراج بيه أبوه كان في الشركة وشاف شغله عادي جدًا

أمنية : ما ده اللي أقصده..... ده معندوش قلب

جاء حازم وقف أمامها وقال : فيه مكافأة للموظفين كلهم عشان خلصنا الكومبوند اللي في زايد

أمنية في سعادة : أيوة كده.... هي ديه الأخبار الحلوة على الصبح

كان أدهم يجلس في مكتبه ودخل المدير التنفيذي يطلعه على النتائج النهائية للمشروع فنظر أدهم إليه ثم نظر إلى التصاميم التي كانت أعدتها جالا من قبل ووجد أن التصاميم نفذت بالتفصيل على الواقع فنظر لها في حزن وقال : تمام.... أظن لو كانت جالا موجودة كانت هتفرح بالنتيجة ديه

تيم : احنا نفذنا التصاميم بالظبط حتى الملاحظات اللي كانت كتباها إتنفذت بالحرف

نظر أدهم إليها وتذكر

فلاش باك

يجلس أدهم على طاولة الإجتماعات وينظر إلى التصاميم على الشاشة الكبيرة أمامه وتقوم جالا بشرح التصاميم للمدراء.... ينظر أدهم إليها ببرود حتى انتهت من الشرح ثم وقف في هدوء وأغلق معطفه وقال : مش عجباني..... عيديها.... والتسليم بعد أسبوع

كاد أدهم أن يذهب فنظرت له جالا في غضب وقالت : هو إيه اللي أعيده معلش..... هو سلق بيض

نظر لها أدهم وعقد حاجبيه في غضب من حديثها ثم نظر إلى باقي المدراء وقال لهم : إتفضلو.... الإجتماع خلص

خرجو جميعًا ونظر أدهم لها في غضب واقترب منها وقال : شغل الحواري اللي إنتي جاية منها ديه مش هنا في شركتي

جالا : شركتنا..... أوعى تفتكر إني شغالة عندك أنا ليا في الشركة ديه زيك بالظبط 

أدهم في غضب : وأنا فاهم السوق أكتر منك وبقولك القرف اللي انتي عملاه ده مش هينفع

جالا في غضب : أنا عاملة قرف؟! ..... أحب أقولك يا سيادة رئيس مجلس الإدارة إن تفكيرك بقى دقة قديمة..... الشغل ده اللي الناس حباه دلوقتي وعايزاه.... البساطة في الديكور والألوان الهادية المريحة للعين لكن شغل القصور والسرايات اللي انت عايش فيه ده مبقاش موجود

أدهم : أنا مطلبتش شغل قصور ولا سرايات..... وكلامي أنا اللي هيتنفذ وقلت هتعدلي التصاميم يعني هتعدليها مش عاجبك سيبي الشغل وامشي..... أنا رئيس مجلس الأدارة وليا حق إتخاذ القرار

عقدت جالا كلا ذراعيها أمام صدرها ونظرت له في تحدي وقالت : ده اللي عندي.... وتعديل مش هعدل إلا لو سمعت من أصحاب شركة البنا إن الديكور مش عاجبهم..... وهما اللي هيقررو.... وساعتها كل واحد فينا ملزم بتنفيذ قرارهم

أدهم : تمام..... الإجتماع بعد أسبوع..... بس لو طلبو تعديل وحصل تأخير في الديد لاين هيبقى مسئوليتك وهتتحملي الشرط الجزائي من نصيبك انتي

أخذت جالا أدواتها من على الطاولة في غضب وقالت : موافقة

ثم تركته وذهبت من الغرفة وصفعت الباب خلفها في غضب تحت نظرات التعجب من العاملين بالشركة

عودة من الفلاش باك

تيم : في أي حاجة تانية نعملها يا أدهم بيه؟

تنهد أدهم في حزن وقال : شوف الفيد باك من الشركة وبلغني

ذهب تيم وترك أدهم يسبح في ذكرياته التي أصبحت ملجأه الوحيد بعد أن فقدها

في أحد المستشفيات دخل شاب في أوائل الثلاثينات وتوجه إلى الاستقبال ونظر إلى العاملة وابتسم إليها بوجهه المشرق وقال : صباح الخير

العاملة : صباح النور

عمر : أنا دكتور عمر أحمد.... دكتور النفسية الجديد وجيت عشان استلم العمل

العاملة : أهلًا وسهلًا يا دكتور.... إتفضل حضرتك مكتب المدير في الدور الأول

ابتسم عمر وقال : شكرًا

ذهب من أمامها وظلت نظراتها تلاحقه وهي تتنهد وتبتسم فوجهه يخطف الأنظار وابتسامته ساحرة

دخل عمر عند المدير واستلم العمل بالفعل وأرشده المدير إلى غرفة الأطباء ثم أخبره بمكان القسم النفسي في المشفى وقام أحد الأطباء النفسيين بإعطاء تقسيم الغرف على الأطباء وأسند إليه ثلاث حالات ليقوم بمتابعتهم وبعد وقت استعد عمر إلى العمل وذهب ليمر على الثلاث الحالات التي أُسْنِدو له

قبل حلول الظلام غادر أدهم الشركة وذهب إلى المنزل وصعد إلى غرفته دون الحديث مع أحد فلحقت إلهام به ودخلت الغرفة دون أن تطرق الباب وصاحت في غضب : نفسي اتصل بيك وترد عليا

أدهم : نفسي تخبطي على الباب قبل ما تدخلي

إلهام : أيوة أيوة.... غير الموضوع..... مش بترد عليا ليه؟ 

أدهم : عشان عارف اللي هتقولي إيه

إلهام : والله!.... طيب هقول إيه؟

أدهم : إزاى متسلمش على خطيبتك الصبح وتمشي كده من غير تبص في وشها حتى...... يا إبني ديه من عيلة كبيرة وهتنفعك في شغلك.... ولا انت مش شايف غير بتاعت الحواري..... مش ده اللي كنتي تقوليه؟

زفرت إلهام بوجه وقالت : لا مش كله..... خلي بتاعت الحواري تنفعك..... خليك كده مش شايف غيرها لحد ما تخسرك الناس كلها...... مش كفاية زين اللي خسرته وبقيت لوحدك ولا صاحب ولا حد جنبك

وقف أدهم أمامها في غضب وقال : قولتلك ميت مرة متجيبيش سيرته قدامي

إلهام : ما أنا مش عارفة إزاى تخسر زين عشان واحدة زي ديه؟

أدهم في غضب : الواحدة ديه تبقى مراتي..... مراتي يا ماما..... وكفاية بقى كفاية

إلهام في غضب : مراتك ماتت..... ماتت يا أدهم.... وإنت اللي قتلتها بإيدك

نظر لها أدهم في غضب وتحول وجهه إلى اللون الأحمر من شدة الغضب وتجمعت الدموع داخل عينيه وأخذ معطفه وترك الغرفة وذهب من أمامها

انتهى عمر من العمل وخرج إلى الممر فوقف أمام غرفة برقم ٦٧ فنظر بالملف الذي به تقسيم الغرف فوجد الغرفة غير مذكورة به فنظر حوله ووجد ممرضة تمر بجواره فقال لها : لو سمحتي..... هو مين المسئول عن الأوضة ديه؟

الممرضة : ديه حالة ميأوس منها..... كل الدكاترا حاولو معاها بس مفيش تقدم في الحالة للأسف

عقد عمر حاجبيه وقال : ليه المريض اللي فيها مش عايز يتكلم مع حد؟ 

الممرضة : لا حضرتك مش فاهم

فتحت الممرضة الغرفة ودخلت بها ودخل عمر خلفها فوجد شابة صغيرة بالعمر نائمة على الفراش دون حراك فنظر للممرضة وقال : فين تقرير متابعة الحالة؟

ذهبت الممرضة وأحضرت له الملف وأخذ عمر يتطلع به ثم قالت الممرضة : الحالة ديه كانت مع دكتور حسن أخصائي القلب في المستشفى ولما عالجها من المرض العضوي للأسف مفاقتش بعدها وفضلت في غيبوبة وحولوها على قسم النفسي لأن المريضة رافضة العلاج ومش مستجيبة لأي أدوية ومن ساعتها وهي نايمة كده زي الملاك

نظر لها عمر قليلًا ثم قال : فعلًا زي الملاك..... حلوة أوي..... يا ترى إيه اللي وصلها لكده؟..... هي كان عندها إيه في القلب؟ 

الممرضة : متلازمة القلب المكسور..... وده طبعًا متوقع من حالتها دلوقتي

عمر : إنتي اللي مسئولة عنها ؟

الممرضة : اه

عمر : إسمك إيه؟

الممرضة : أمل

عمر : طيب يا أمل أنا عايز أعرف كل حاجة عنها

أمل : حضرتك ممكن تستنى لحد الصبح والدتها وصاحبتها مدام حسناء مرات دكتور حسن بيجو كل يوم يشوفوها وتقدر حضرتك تسألهم على الحالة

عمر : تمام.... شكرًا يا أمل

غادرت أمل الغرفة ونظر عمر إلي الملف الذي بيده مرة أخرى ثم ذهب إلى الصفحة الأولى ليرى اسمها وقال : جالا فارس الحسيني

الفصل الثاني من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1