رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل العاشر
"صدمة تحرش"
حسنًا نظن أن الكبار هم المتحرشون ولكن لفواجع الأقدار رأي آخر!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
نظر كلًا من حربي وأرنبة نحو الكافية من بعيد، يشعر أرنبة برجفة قلبه نحو الإقدام على تلك الخطوة، ليهمهم برعبٍ:
_ ما بلاش يا حربي قلبي مش مطمن من الموضوع دا.
نظر له باستنكارٍ ثم غمغم بسخطٍ:
_ مش مطمن ليه يا بيضة؟
حدجه بنظرة غاضبة يجيب بضيق ممزوج بحسرة:
_ طب أنت ومش هيشك فيك.. وأصلًا فكرك بنت.. إنما أنا طالبني كده.. أنا وربنا خايف يا حربي من ولاد*** دول.
كبح حربي ضحكته يحاول مواساته ناطقًا:
_ أجمد ياض أنا معاك.
زفر أرنبة بضيقٍ فلن يدعه يفر هاربًا من هذا المكان، سار معه نحو هذا المقهى، يتحركان بخطواتٍ ثابتة حتى وصلا للطاولة يجلسان عليها، ظل أرنبة يراقب الحضور حتى أتته رسالة بأن الفتى وصل، ليحدق حوله بتعمن شديد ولكن لم يعلم شكله، فكانت طاولة تحوى فتاة وشاب.. وأخرى فتايات وأخرى شاب يذاكر والأخير بها شاب صغير يحمل شنب الإعدادي كما يقال، تعجب قليلًا ثم نظر بالدور الثاني ظنًا أنه بالأعلى، ليهتف أرنبة بتعجب:
_ ولا يا حربي الواد وصل وبيقولي في الكافية بس شاكك إنه فوق مش هنا.
نظر له حربي بلهفة ثم قال سريعًا:
_ طب قوله لابس إيه قبل ما نطلع؟
نظر أرنبة للهاتف ثم أرسل ما قاله، وما هي إلا دقائق حتى وجد رسالة تحوى بعض الكلمات الحقيرة ولكن به ما يرتديه، ليرد أرنبة بضيقٍ وإشمئزاز:
_ جتك القرف أنت وأمثالك يا****.
تعجب حربي من ملامحه المشمئزة، يسأل بدهشة:
_ مالك يابني؟ خف شتايم شوية لسانك بقى طويل!
مد أرنبة يده بالهاتف يعطيه له، يغمغم بغضبٍ:
_ بص على النتانة دي وأنت هتعرف.
نظر حربي لمحتوى الرسالة ثم جحظت عيناه يهدر بغضبٍ:
_ دا النتانة أشرف من القرف دا.. مين الحيو** دا!!
_ عشان تعرف أنا بشوف إيه كل يوم من العك دا.
قالها أرنبة بسخرية، ثم أضاف محاولًا أخذ نفسًا عميقًا:
_ دور معايا على واحد لابس تي شيرت أسود نص كم وشيروال وبيقول إيده فيها حظظات كتير
أومأ برأسه يبحث بعينه حولهما، حتى وقعت عيناه على ذلك الشاب الذي يضع الكتب أمامه، شهق حربي يضع يده على فمه، في حين تعجب أرنبة منه لينظر لما ينظر له وسرعان ما جحظت عيناه بشدة فشعر أنها ستقتلع من مكانها، فهذا شاب صغير يمسك بكتاب الأحياء للصف الثاني الثانوي، حرك أرنبة رأسه برفضٍ تام لمحاولة استيعاب هذه الفكرة، هل كل تلك الرسائل القذرة من طفل مراهق!!!
نظر أرنبة نحو حربي يلطم على وجنته يردف بصدمة:
_ يا مصببتي السودا يا حربي.. بقى عيل توتو موتو يطلع ثعوباني وخبيث وقليل الأدب ومشفش ربع ساعة تربية..
_ قصدك ربع دقيقة تربية.. دا مشفهاش خالص.. معتدش على قاموسه أطلع أتأكد ليكون مش هو.
ردد حربي بصدمة وعيناه لاتزال تتعلق بهذا الشاب اليافع، بينما انطلق أرنبة للدور الثاني ولكن لم يجد أحد بنفس الموصفات، عاد أرنبة مكانه يرفع قدمه من على الأرض يشبكها ببعضهما ليجلس كما نفعل" مربع رجليه" يحرك ظهره مرة للأمام ومرة للخلف يردد بحسرو واضحة:
_ يا وقعتك السودا وفضحتك اللي محصلتش غسيل أم فتحي جارتنا يا أرنبة.. عيل ثعوباني يتحرش بيك بأفظع الألفاظ... دا عارف كلام معرفهوش..
نظر نحو الفتى مرة أخرى فلا يظهر أبدًا أنه هو من يرسل هذه الكلمات الخدشة للحياء، لتزداد حسرته قائلًا:
_ الصعلوق دا اغتصب حيائي مش خدشه بس.
ربت حربي على كفه بمواساة، يردد بشفقة:
_ صحيح الواد اللي معايا قرفني في نفسي بس أهو فاهم إني بت إنما أنت ربنا معاك.. أبقى روح لدكتور نفسي يا أرنبة متسكتش يا بني.
اومأ بجدية واضحة، فلو حتى كانت لعبة فقد تأثرت حالته النفسية مما يراه، أيعقل لطفل أن يفعل هذا!!
استمع الإثنان لصوت رسالة من هاتف حربي، لينظر للرسالة بأن الفتي يجلس على أحر من جمرة ليراها، ليكتب حربي بميوعٍ أذهل أرنبة:
_ طب ما تقولي لابس إيه الأول يا شقي.
نظر أرنبة لحربي يميل برأسه نحوه يتأكد من كونه هو، ليردد بصدمة:
_ يا شقي!! أنت كويس يا حربي ولا هرمونات الأنوثة طفحت عندك ولا إيه العك دا!
حدجه حربي بضيقٍ يردف باختناق:
_ في إيه ياعم ما بحاول أجر رجله..
_ ولا هو اللي جر رجلك!!!!
قالها أرنبة بشكٍ فيه، ليشهق حربي بصدمة، يضرب كتف أرنبة بلكمة عنيفة يزمجر بخشونة:
_ ما تظبط ياض كده.
علق أرنبة ساخرًا:
_ أنا برضو اللي أظبط.. أبقى خف فول صويا يا حربي خف يا حبيبي.
جز على أسنانه بغضبٍ جامح، يريد أن يضرب أرنبة أقصى درجة ولكن أبتسم بخبثٍ يتذكر عقاب المناسب لأرنبة، فهتف بخبثٍ:
_ وماله يا حبيبي هنخف فول صويا متخفش.
شعر أرنبة بارتياب منه، بينما نظر حربي للهاتف ليجد رسالة توضح ملابسه، ضيق أرنبة عينيه متسائلًا:
_ هو مش غريب الواد دا مبعتش صورته لك؟
انتبه حربي لما قاله وشعر بالدهشة من عدم إرسال هذا الفتى صورته، ونظر حوله يبحث عن مواصفات التي قالها حتى علت بسمة ساخر شفتيه يردد مشيرًا بحسرة ونقم:
_ عشان شنب إعدادي اللي طالعله.
استدار أرنبة سريعًا ينظر باتجاه الذي يشير به حربي وسرعان ما تفاجأ بطفل أخر في نظره، ليردد أرنبة باستنكار:
_ هي العيال دي عارفه كل دا إزاي.. دا أنا خلصت 3 ثانوي وكنت حمار كبير مش فاهم.
مسح حربي على وجهه باختناق، يردد بضيقٍ:
_ طب دلوقتي هنعمل إيه أنا كنت مفكر إننا هنقابل شحطين طلعوا عيلين..
انكمشت ملامحه بسخطٍ يردد:
_ قصدك صعاليق فسادة.
_ هنعمل إيه برضو !!
زفر أرنبة بتهملٍ يحاول إيجاد فكرة، ليهتف بصوتٍ جاد:
_ خلينا نمشي وراهم لحد ما نعرف بيتهم فين ومدرستهم لو بيروحوا مدرسة وخاصة الواد اللي ماسكلي كتاب الأحياء عملي فيها مثقف بروح أمه.
أومأ حربي يغلق هاتفه وكذلك فعل أرنبة كي لا يصلوا لهما، ثم انتظرا أن يملا الفتيان وبالفعل ملّا الإثنان ونهضا ليسير كلًا من أرنبة وحربي خلفهما ولكن كلاهما متفرقان بطريق مختلف.
**************
_ يالهوي يا حربي عيل في 3 أعدادي بيتحرش بيك!!!
نطقت عاليا بتلك الكلمات ما أن سمعت حديثه، بينما مدت هبه يدها بطبق الكيك لأرنبة تردد بصدمة:
_ أنت متأكد يا أرنبة من اللي بتقوله أصل دي تبقى مصيبة لو فعلًا كده.
تنهد أرنبة يلتقط طبق الكيك يتناول منه قطعة الأول مجيبًا:
_ والله زي ما بقولك وعايزين نعرف بقى مصدر المعلومات القذرة دي للعيال جاي منين لإنهم شكلهم محترم على إنهم يعمل كده.
صمتت هبه تفكر قليلًا، بينما رددت عاليا بتوضيح:
_ هو الإحتمال الكبير يكون صحابه في المدرسة أو لو هما ولاد ناس مرتاحين ماديًا ممكن النادي.
أومأ أرنبة لها ينظر نحو حربي قائلًا:
_ خلاص كده كده معانا عنوان المدرسة يلا بينا بعد بكرة نروح نطب عليهم.
وافق حربي على حديث لتصرخ هبه بحماس:
_ أنا جاية معاكم.
زجرها أرنبة بغضبٍ:
_ تيجي فين.. بقولك إيه هطل مسائي مش عايز على المسا.
عبست ملامح هبه بضيقٍ، ليرتفع صوت عاليا بجدية:
_ لا هو فعلًا لزمًا نروح عشان نشوف المدرسة وناخد آراء المدرسين ونتكلم مع الأخصائي الموجود.
نظر حربي بضيقٍ يسأل بحنقٍ:
_ لزمًا يعني؟؟
أومأت عاليا تمد قطعة من الكيك لفمه كي لا ينطق، بينما نظر أرنبة لهما ليهتف بعبوس:
_ بصي بتأكله إزاي مش أنتِ يا أنثي القنفد.
اتسعت عين هبه بتوعد، لتمسك بقطعة كبيرة للغاية تقترب من أرنبة ثم وقفت جواره كما لو كانت ريا تضع الكيك في فمه كلها بقوةٍ، قائلة ببسمة شر:
_ كُل يا حبيبي كل وأدلع.
**************
نظر حربي لغفو أرنبة جواره، ليبتسم بمكرٍ له، ثم أنطلق للغرفة المفضلة له يفتح الباب ببسمة خبيثة، يتطلع لهذا الحيوان الأليف الذي يربيه أرنبة وأخذ لقب اسمه، وقف أمام أرنبه المفضل يهتف بشرٍ:
_ هعمل عليك شوية ملوخية يطيروا برج من دماغ أرنبة.
أمسك حربي بالأرنب وذهب به لفررجي يقوم بذبحه وتنظيفه، ظل لبعض الوقت حتى انتهى ثم أنطلق حربي حاملًا كيس الذي به الأرنب وأنطلق نحو السوق ليشتري الملوخية وبطاطس ليصنع طعام الغداء اليوم.
وقف حربي يعد الغداء ولا يزال أرنبة ينعم بالنوم عميق، حتى أنتهى من كامل الطعام، ليضعه على الطاولة ثم أنطلق نحو صديقه يطرق الباب قائلًا ببسمة متسعة:
_ أرنبة قوم يلا الغدا جاهز.
انكمشت ملامح أرنبة بانزعاج، ثم قال وهو يفتح عين ومغلق الأخرى بنعاسٍ:
_ دا إيه الرضا دا كله يا حربي دا لو كده نزود فول صويا.
صك حربي على أسنانه بغيظٍ مكتوم، ثم قال ببسمة صفراء:
_ طب تعالى يا حبيب أخوك دوقه لميعجبكش.
نهض أرنبة يمط ذراعيه في الهواء، تقدم من الطاولة يتناول الملوخية بنهمٍ ثم مد يده لصينية البطاطس وبه قطع اللحم وتناول بنوعٍ من لهفة الجوع واللذة، ليردد أرنبة بانبهار:
_ دا أنت تفوقت على نفسك ياض يا حربي الأكل حلو بشكل.
ابتسم حربي بشماته ينتظر أن يعرف السر، وبالفعل انتهى أرنبة من الأكل ونهض من مكانه يردف ببسمة طفيفة:
_ هروح أطمن على الواد أرنبة الصغير وأجي.
سار نحو الغرفة أسفل نظرات حربي الشامتة، بينما فتح أرنبة الغرفة ليجدها فارغة تمامًا، اتسعت عينيه يدلف للدخل يبحث عنه بكل مكان ولكن لم يجده، لخرج مجددًا للردهة يسأل حربي بقلق:
_ حربي مشفتش أرنبي؟
ابتسامة شامتة علت ثغره، يجيبه وهو يشير بعينيه نحو الطعام:
_ إيه دا هو الغدا معجبكش؟
اتسعت عين أرنبة بصدمة يهدر بكلماتٍ متقطعة:
_ هو.. هو أرنبي هو... هو اللي.. انا كنت فاكرها فراخ
أومأ حربي ببسمة خبيثة متشفية، يردف بحزنٍ مصطنع:
_ كده متعرفش طعم لحم أرنبك يا أرنوبي!
انتفض أرنبة سريعًا ينطلق نحوه بغضبٍ جامح يردف بغيظٍ:
_ أنت إزاي تعمل فيه كده.. أنت معندكش دم بتأكلني لحم صحبي!!
_ صاحبك دا اللي هو الأرنب يا أرنوبي!
رددها باستنكار ولكن تحمل بعض البرود، يحاول إزاحة يد أرنبة، بينما اشتعل أرنبة غيظًا منه ليهدر بعصبية:
_ أيوة دا أنا متسمي على اسمه من حبي فيه.. ليه تقتل صاحبي لــــيه!!
حدجه بنظرة لا تزال مستنكرة يردف ببسمة شامتة:
_ إحنا كده خلصين يا صاحبي.. أنت كلت لحم صاحبك وأنا باكل فول صويا..
ثم غمز له حربي قائلًا:
_ صح ولا إيه يا أرنوبي؟
إشمأز أرنبة منه ليدفعه بعيدًا مرددًا بحدة:
_ بقولك إيه متقولش زفت أرنوبي دا.. أنا لما بسمع الاسم دا بتشاءم.
***************
وقف أربعتهم أمام المدرسة تعدل هبه نظارتها بينما تفحصت عاليا محتويات الحقيبة الظهر للتأكد من إحضار الاستبيان وجهاز التسجيل، تقدموا لحارس المدرسة لتتحدث عاليا بعملية واضحة:
_ السلام عليكم.. كنت عايزة أقابل مديرة.
نظر الحارس لهم بتقيم ثم سأل بجدية:
_ عايزاها في إيه؟
_ انا أخصائي نفسي وبقدم بحث علمي مهم ومحتاجة أقابل المديرة في استطلاع رأي.. الموضوع بسيط جدًا.
أومأ الحارس يفسح لها المجال للذهاب، وبالفعل دلوف جميعًا دون أي عناء، تسير عاليا بفخرٍ لنفسها، ولكن أثناء سيرهم استمعت هبه لصوت نحيب مكتوم يأتي من مبني به حمامات الفتايات والفتيان ولكنه مقسم لجزئين، كادت هبه أن تتحرك ولكن شهقة مكتومة عادت مجددًا لتردد بتوترٍ:
_ أرنبة استنى.
استدار لها أرنبة بتعجبٍ، تسترسل هبه ببعض التوتر:
_ في صوت حد بيعيط وكاتم عياطه من الحمام.
نظر أرنبة نحو الحمام وظل بضع دقائق لم يسمع شيء، زفر بتهملٍ ثم قال وهو يمسك بكفها:
_ تعالي يا ست البنات مفيش حد بيعيط.
كادا أن يتحركا ولكن استمعا لصوت بكاء مرة أخرى ولكن متألم للغاية، نظرت هبه له فجأة تسرع بالحديث:
_ شوفت أهوه طلع في.
أومأ لها يحاول معرفة مصدر الصوت ثم تحرك نحو الحمام الذي يشبه مستطيل عريض للغاية، وقف أمامه ثم قال لهبه بجدية وتحذير:
_ أدخلي أنتِ الحمام البنات وأنا الرجالة بس أوعي تعملي صوت لحد ما نعرف في إيه لإن الصوت مش مريحني.
أومأت هبه وتحركت نحو الباب لتفتحه بتروي فوجدت عدة أبواب دخلية والحوض كبير ومرآة ضخمة أمامه تعكس صورة الأبواب الصغيرة الموجودة بالحمام تملأ الحائط حتى عرضه بالكامل، تحركت نحوها لتضبط حجابها ولكن جحظت عينيها مما تراه، تجمد جسدها كما لو كانت تمثال، لم تستطع حتى أن ترمش بعينيها، إنحبست الهواء داخل صدرها فهذا أخر شيء تتوقع رؤيته.
تحرك أرنبة يغادر الحمام بعدما وجده فارغ، ليبحث عن هبه فلم يجدها فتقدم من الحمام الفتايات وظل واقفًا أمامه ولكن ارتفع صوت شهقة متألمة من الداخل، توتر قليلًا من الصوت وشعر بالقلق على هبه ولكن وجدها تتراجع بذعرٍ يملأ وجهها، تحرك رأسها برفضٍ لما رأته، إزداد قلق أرنبة عليها ما أن رأها بهذا الشكل ولا تتحرك، حاول الحديث ولكن سحبته هبه بقوة لداخل الحمام ما أن رأته تشير نحو المرآة لينظر لها بأعين تتسع من الصدمة فما رأه جعل عقله يُشل تمامًا.
فلم يكن سوى ولد يبدو في الإعدادية، يمسك بطفلة صغيرة للغاية ولكن جزئها السفلي عاري تمامًا تولي ظهرها لهذا الشاب ويبدو آثار الجروح واضحها على مؤخرتها يبدو أنه اعتدى عليها بالضرب ما أن رفضت، ولكن المخيف ما يفعله هذا الولد بها بطريقة مهينة للغاية!!
تحرك أرنبة نحو الحمام سريعًا يمسك بهذا الولد يدفعه بعيدًا عن هذه الطفلة التي تأن بألم واضعة يدها على فمها تبكي بصمتٍ، تسير رجفة بجسدها بأكمله، بينما لكمه أرنبة بقوةٍ يهدر بغضبٍ جامح:
_ بتعمل إيه يا**** أنت **** إزاي تعمل كده في طفلة يا*****
سيل من السباب كان يسقط على مسمع هذا الولد، بينما أسرعت هبه نحوه تدفعه بعيدًا عن الولد الذي فر هاربًا منه، فـهدرت هبه بتحذيرٍ:
_ إهدي إحنا في المدرسة والبنت جوا.
ظل صدره يعلو ويهبط بقوةٍ، يريد الذهاب خلف هذا الطفل وصفعه حتى يدمي وجهه، ولكن هي محقة لن يستطيع، أخفض رأسه يغادر الحمام متمتمًا:
_ شوفيها يا هبه بسرعة وأنا هستنى برة ومتخفيش مش هعمل حاجة غير لما تيجي.
انطلقت هبه نحو الطفلة تضمها سريعًا لحضنها ولكن صرخت الطفلة بألمٍ مما مرت به منذ ثوانٍ فهي لاتزال تتألم، أدمعت عين هبه من صوت صرختها الضعيفة لتهتف برجفة:
_ آسفة يا حبيبتي أنا آسفة.. تعالي براحة أنزلي من على القاعدة يلا.
حاولت هبه إنزالها برفقٍ، تكبح دموعها بصعوبةٍ، ولكن صرخات الفتاة المتألم لم تجعلها تسيطر على الألم الذي غزى قلبها لتبكي بصوتٍ مكتوم، توقفت هبه عن تحريكها وأخرجت محرمة سريعًا تحاول إزالة نقاط الدماء من الفتاة، ولكن ما أن أقتربت من هذا الجزء الحساس حتى صرخت الطفلة ببكاء تترجها برجفة:
_ عشان خاطري يا طنط متعمليش زيه.. دي بتوجعني أوي عشان خاطري!!
شهقة حاولت كتمها بعدما عضت على شفتيها السفلية، تهتف بحنانٍ:
_ لا يا حبيبتي مش هعمل حاجة وحشة دا أنا هساعدك تقفي.
نفت الطفلة بخوفٍ واضح، لم تعد تثق بأحد، قُتلت براءتها، ضمر ضحكة صغيرة تنبت بها، شوّه طفولة ستصبح ذكرى مشؤومة بدلًا من ذكريات تضحك.
أنت قاتل خبيث.. لم تلُث دماء بل قتلت صرختي بصمتٍ إجباري.
أغمضت هبه عينيها ويزداد قلبها إنفطارًا عليها، لتهتف هبه بحنانٍ محاول كسب ثقتها:
_ طب بصي لو حسيتي إني هعمل حاجة زيه صرخي جامد.
نظرت الطفلة بترددٍ، فهذا عكس كلام الولد الذي هددها إن صرخت سوف تُعاقب، مدت هبه يدها بحظر تحاول إزالة بقع الدماء برفق، تمسح مؤخرتها بحنانٍ أمومي حتى انتهت لترفع لها سروالها برفقٍ ثم تساعدها على النهوض ولكن لم تستطع الطفلة الوقوف، لاحظت هبه ضعفها لتزدرد لعابها قبل أن تدخل في نوبة بكاء، تهتف برجفة حاولت السيطرة عليها:
_ تحبي أشيلك يا حبيبتي؟
أومأت الطفلة لها بضعفٍ واضح، لتحملها هبه برفقٍ بطريقةٍ خاصة، ثم تحركت خارج الحمام تسأل بلُطفٍ:
_ قوليلي اسمك إيه؟
_ اسمي ملك
نطقت بها بنوعٍ من البراءة، ابتسمت لها هبه بحبٍ، ترد ببسمة تحمل الحماس:
_ الله اسمك حلو يا ملوكة بجد أنا بحب الاسم دا.. ولو خلفت بنت هسميها زيك.
نظرت لها الطفلة بذهولٍ، ولكن تذكرت ما حدث لها لتتمتم بصوتٍ حزين يتخلله الشعور بالذنب:
_ بلاش يا طنط عشان ميحصلهاش زي وتفضل كل يوم بتعيط من الوجع ومش بتقول لحد.
صُدمت هبه من إجابتها، ظنت انها ستسعد ولكن الفتاة دُمرت بما تحمله الكلمة من معاني، نفت هبه سريعًا تردد بلهفة:
_ بالعكس بنتي هتكون زي القمر زيك وهتبقى شطورة زيك وأعرفها عليكِ كمان.
تسربت دموع ملك بشدةٍ ترفض حديث هبه تمامًا، تردد بصوتٍ باكي:
_ بلاش يا طنط هيعملوا فيها زيّ.. وهتكون وحشة أوي.
ربتت هبه على ظهرها بحنانٍ تهمس بحنو:
_ لا يا حبيبتي أنا شيفاكي مش وحشة بالعكس أنت أحلى بنت شوفتها كمان.. بس إيه رأيك تطلعي فصلك بسرعة على ما أكلم ماما تيجي تاخدك عشان ترتاحي.
أومأ الطفلة لها بطاعةٍ، ثم اقتربت تقبلها سريعًا كأنها تشكرها على تقبلها لها، وصلت هبه إلى حيث فصلها وتركتها به بعناية، بينما تحركت هبه تبحث بعينيها عن أرنبة لتجده يجلس بالقرب من مكتب المديرة الخاصة بالمدرسة، اقتربت منه قليلًا تسأل بحذر:
_ عملت إيه يا أرنبة كلمت المديرة؟
نفى برأسه ولكن علق الألم بعينيه، لم يُخل له أن يرى هذا المشهد في المدرسة، هتف أرنبة بصوتٍ مخيف:
_ المدرسة دي لزمًا تتقفل!
شهقت هبه من حديثه بصدمةٍ، لتردف سريعًا:
_ مينفعش طبعًا تعمل كده.. بس لزمًا رقابة وعشان نعمل كده محتاجين نكلم أهل البنت وناخد موافقتها الأول على إننا نرفع قضية وناخد حقها.
نظر لها بسخرية معلقًا:
_ دا على أساس إن البنت دي هي بس اللي حصلها كده مفيش تاني.. أنتِ عارفة إحنا هنا ليه أساسًا؟؟ عشان الولد اللي هددني وكان بيفكر في تفكير شمال.
حاول التحفظ على لسانه أمامها، فبالنهاية هي فتاة، زفرت هبه بحزنٍ وبلحظةٍ رأت عاليا وحربي يغادران مكتب المديرة بملامح مقتضبة للغاية، لتهتف عاليا بضجرٍ:
_ أما إنك ست صفرا بصحيح!!
نظر حربي بضيقٍ ولكن حاول ضبط إنفعاله ليردد بهدوءٍ نسبي:
_ بس يا عاليا متشتمهاش يا حبيبتي عشان متخديش ذنب..
صمت قليلًا ثم أضاف بنوعٍ من الغيظ:
_ دي خسارة تديها حسنة حتى.
ابتسمت عاليا موافقة رأيه، لتتقدم هبه نحو عاليا تحضنها سريعًا قائلة ببكاء:
_ كنتِ فين أنا محتجالك أوي.
تعجبت عاليا من طريقة هبه وبكائها، لتهتف بقلق:
_ مالك في إيه؟ وليه مجتيش معانا جوا؟
شهقت هبه ودموعها تهبط بغزارة، تحاول روي ما حدث لعاليا بصوتٍ منخفض بعيدًا عن حربي الذي لاحظ وتركها معها يسير نحو أرنبة ولكن رأى تهجم ملامحه ليسأل بتعجب:
_هي المديرة دي كلمتك ولا إيه؟
نفى أرنبة ينظر أمامه بشرود.. قائلًا بصوتٍ مختنق غاضب:
_ انت عارف مدخلناش معاك ليه؟
نظر له حربي بعدم فهم، ليكمل ارنبة ببسمة ساخطة:
_ عشان في ولد كان بيغتصب طفلة في الحمام وهي مش عارفة تصرخ!
جحظت عين حربي بصدمةٍ يردف بذهول:
_ أنت بتقول إيه؟؟
سرد أرنبة ما حدث لحربي الذي شعر بغليان دمائه، يهدر بكلماتٍ ناقمة على مدرسة، يريد قتل هذا الولد على ما فعله بطفلة صغيرة، بينما وقفت عاليا تسيل دموعها بصدمةٍ بعدما علمت ما حدث فكيف لطفل مراهق أن يغتصب طفلة صغيرة!!
قاطع تلك اللحظة صوت الحارس الذي سمح لهما بالدخول، يردف بصوتٍ هادئ:
_ لو سمحتم اتفضلوا من هنا عندي خبر إن ميس ألفت قالت تخرجوا.
نظر حربي باستحقارٍ لهذا الرجل، ثم قال من بين أسنانه:
_ صدقني هنخرج بس هنخرج عشان نقفلها خالص.
تقدم حربي نحو عاليا يسحبها برفقٍ، بينما حاول أرنبة السيطرة على أنفعالاته يسير نحو هبه ليأخذها معه ولكن صدع صوت الحارس يردف بجدية:
_ من البوابة الخلفية لو سمحتم.
زفر الأربعة بمللٍ، ثم تحركا نحو البوابة الخلفية وقبل أن يغادرا كان هناك من ضرب حربي وأرنبة على رأسيهما ليقعا مغشيان عليهما، بينما كمم أحدهما فم عاليا وهبه ليغيبا عن الوعي تمامًا!