رواية قبلة على جبين الوهم الفصل الثانى عشر 12 بقلم خضراء القحطانى


 رواية قبلة على جبين الوهم الفصل الثانى عشر


في وسط الزحمة دي، كانت ليان بتتغدى لوحدها، بتقعد قدام التلفزيون لوحدها، حتى دموعها كانت بتنزل من غير ما حد يحس بيها.
كانت بتحس إنها غريبة في بيتها.
تبدأ تحاول ترجع لنفسها، تروح تمشي في الشارع القديم اللي كانت بتحبه، تتكلم مع ست عفاف بتاعة الكُشك، وتضحك مع العيال الصغيرين اللي بيلعبوا في الحارة.
وبالصدفة، تتعرف على آسر، جار زمان، بقى مدرس موسيقى، وبيحب الرسم، وبيحس بكل تفصيلة هي بتخبيها.
آسر يبقى الصديق اللي بيسمع، اللي بيشوف الجرح من غير ما هي تحكي، واللي يبدأ يعيد ليان لنورها. لكن جواها صراع هل تسمح لنفسها تفرح تاني؟ وهل أهلها هيفهموا في يوم إنها مش قطعة أثاث ساكنة في البيت؟
في لحظة مواجهة، ليان تنفجر وتتكلم تكسر الصمت اللي بينها وبين أمها، وتعاتب أبوها، وتبكي قدام أخوانها.
كل يوم بتكتب في نوتة صغيرة، بتحكي عن تفاصيل الخيانة، عن خوفها، عن حلم الأمومة اللي ضاع، عن بيت كانت فاكرة إنه أمان وطلع وهم.
وفي وسط ده كله.
بيظهر آسر، جاره اللي كان بيساعدها وهي صغيرة في مذاكرتها، دلوقتي راجل ناضج بيشتغل طبيب نفسي، بيفهم في الوجع اللي مش بيتشاف.
آسر بيشوف ليان مش كـ مطلقة، ولا كـ مكسورة، بيشوفها بني آدمه، وبيبدأ يسمع، ويخليها تحكي، ويفتح لها باب كانت ناسيه اسمه الذات.
وفي يوم وهي خارجة من شغلها متأخرة، لمحت رامي مستنيها عند باب العمارة. قلبها وقع... ماكانش شكل زيارة عابرة، ولا سلام مجاملة.
رامي بصّ لها بنظرة كلها تحدي وقال:فاكرة إنك هربتي مني؟! أنا لسه ما خلصتش!
مد إيده وشدها من دراعها، وهي حاولت تبعد، بس كان ماسكها بقسوة الناس حواليهم واقفين مش فاهمين إيه اللي بيحصل، وهي عينيها بتدمع من الرعب والمهانة.
وفجأة صوت جه من وراهم، هادي بس فيه حزم:سيبها فورًا، قبل ما تندم على اللحظة دي.
رامي لفّ وشه، لقاه إبراهيم الهلالي، ابن عيلة كبيرة في المنطقة، وراجل معروف بجدعنته وهيبته. إبراهيم مابيتكلمش كتير، بس لما بيتدخل الدنيا بتسكت.
رامي ضحك بسخرية وقال:ومين حضرتك علشان تدخّل نفسك؟
إبراهيم اتقدم، بص له بنظرة كلها تهديد وقال:أنا الراجل اللي هيعرفك قيمة الست اللي وقفت قدامك دي. ودي آخر مرة تمد إيدك عليها أو حتى ترفع صوتك وانت بتكلمها.
وحصلت مشادة، وإبراهيم لقّن رامي علقة محترمة، بس كانت محسوبة، لا فضيحة ولا تجريح بس كفاية تخلي رامي يفكر ألف مرة قبل ما يقرب تاني.
ليان كانت واقفة مرعوبة، مش عارفة تتكلم، بس أول ما خلص إبراهيم، بصّ لها وقال:متخافيش طول ما أنا موجود، محدش هيقربلك تاني. إحنا اتربينا نِصون الست قبل ما نحبها.
نظرة إبراهيم كانت فيها دفء ما شافتوش من سنين، كانت بداية مش حب بالمعنى التقليدي، بس أمان افتقدته، واهتمام صادق.
رامي هرب، مكسور ومنهار قدام الناس، أما ليان ففضلت واقفة، مرتبكة وخايفة، بس في نفس الوقت لأول مرة من مدة، حسّت إن في حد شافها… حد صدّق وجعها.
إبراهيم بص لها وقال:مفيش حاجة تستاهل دمعتك ولو محتاجة أي حاجة، أنا ساكن قريب.
تعليقات