.jpg)
رواية لعنة الضريح الفصل الرابع عشر بقلم منى حارس
الجميع اصبح يخشى أينور ويتجنبها بشدة بعد مقتل صديقتها الوحيدة ريهام في ظروف غامضة وحائرة ؛ لقد سمعها الجميع وهي تردد وتهدد صديقتها بصوت عالي مرددة:
" هتندمي يا ريهام" وكأنها كانت تهددها بالعقاب الشديد , وبعدها مباشرة قُتِلَت الطفلة بوحشية شديدة وعذبت وتم سرقة اعضائها ؛ فاصبح الكل يتجنبها ويخشاها بالمدرسة ولا يجرؤ ان يضايقها احد , او حتلى يتحدث معها ، طالبا منها شيئًا، حتى المدرسين أصبحوا يخافون نظراتها الجريئة المليئة بالكراهية والحقد للجميع ، ويتجنبونها خوفا منها ويكرهون الحصص التي تكون فيها , فلون عينيها يتغير عندما يؤنبونها على شيء..
الجميع اصبح يكره تلك الطفلة بشدة ويتجنبها ؛ خوفًا منها في الحقيقية كانوا يتمنون موتها أيضا أو أن تذهب الى أي مكان إلا المدرسة , فهم لا يريدون رؤية وجهها القبيح ونظراتها المرعبة لهم ، إلا مدرّسة الرياضيات " رشا"، كانت تعاملها كباقي التلاميذ في الصف وتعتبرها فتاة عادية , ولكنها تعاني من بعض المشكلات النفسية فقط نتجة شيء سيء يحدث لها في المنزل .
أثر على سلوكها , فهي تعرف الفتاة منذ سنين طويلة وكانت اينور مثال للفتاة المثالية المجتهدة المتفوقة .
فقالت المعلمة :
أينور، قومي حلى المسـألة دي على السبورة.
فردت أينور ببرودٍ قائلة:
مش عارفة يا ميس رشا..
وهنا ترد عليها بهدوء قائلة:
انت كاتبه الواجب كله صح يا أينور مين يا حبيبتي ساعدك فيه..
فردَّت بتعجُّب من طريقتها الهادئة:
- أينور اللي حلت الواجب لوحدها يا ميس .
فنظرت لها المدرسة بحيرة قائلة:
يعنى انت اللي حليتي الواجب ليه مش عارفة تحلى المسئله تحبي اشرحها تاني ..
وهنا تنظر الفتاة باندهاش إلى المعلمة فلم تؤنبها أو تعاقبها كباقي المعلمين ، أو حتى تعاملها بطريقة سيئة بل العكس ما حدث تماما ؛ فكانت تعاملها بطيبة وحنية، لم تكن مثل الاخرين أبدا فقالت بتردد: - - إفرضي انا مش أينور هتزعلي مني وتكرهيني يا ميس رشا؟
فردَّت :
لا يا حبيبتي سواء انتي أينور أو لا، إنتي تلميذة شاطرة وبحبها وعايزاها تكون أحسن واحدة في الدنيا دي كلها ويهمنى مصلحتها وبخاف عليها فنظرت لها الفتاة بحب قائلة:
بجد هتحبيبينى يا ليليث.
فتعجبت المدرسة من الاسم ورددته قائلة:
ليليثَ ليليث مين يا أينور يا حبيبتي مش فاهمه ولكن الفتاة لم ترد عليها أو تجيب عن سؤالها بل رحلت مسرعة وغادرت الفصل ،فشعرت المعلمة بالتوتر والقلق من كلام الفتاة وترديد الاسم الغريب ..
لم تشعر بالارتياح أبدًا لاسم لليليث، وهنا رن جرس الفسحة وخرج الطلاب سريعًا إلى الملعب وخرجت هي من الفصل شاردة في افكارها ، وتفكر في اسم ليليث من تكون يا ترى ولماذا نادتها الفتاة بالاسم ؟
فلم تنتبة إلى قدم إحدى صديقاتها فدهستها بقوة فصرخت الصديقة بألم قائلة:
مش تاخدى بالك يا رشا، ماشية سرحانه بتفكرى في مين انطقي اكيد جوزك ؟
فنظرت إلى صديقتها بلهفة وكأنها وجدت طوق النجاة، فقالت :
سحر، جيتي في وقتك والله بنت حلال ، إنت مش مدرّسة درسات اجتماعية صح؟ يعني تعرفي تاريخ مش كدة ولا إيه ؟
وتضحك بعنف قائلة:
طبعًا، أنا خريجة آداب قسم تاريخ ولا سيادتك نسيتي بس نصيبي ادرس تاريخ وجغرفيا ..
قوليلى يا سحر مين هي ليليث؟
فترد سحر برعبٍ:
ليليث يا ساتر يارب ليه كدة ؟!
ومالها ليليث دي يا سحر إتخضيتي ليه كدة لما سمعتي إسمها؟
فردت سحر بفتور:
لان لليليث هي.. شيطانة الموت.
يا ساتر يارب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..شيطانة الموت ودي حقيقة يا سحر ولا إيه قولي قصتها
وهنا أخبرتها زميلتها ..
بأن ليليث الشيطانة المتمردة وأسطورة ليليث أو شيطانه الموت وقاتله الأطفال..
ليليث وهي الرياح التي تحمل الموت..
ليليث هي السبب في إجهاض النساء؛ انتقامًا لأولادها الذين قُتِلوا.
ليليث تعشق قتل الأطفال الصغار الرضع وخصوصًا الذكور منهم .
فعندما تجد طفلك الرضيع يضحك فاعرف بأن ليليث موجودة بالغرفة وتريد قتله..
اضرب الطفل على شفتيه بإصبعك حتى ترحل ليليث، اكتب هذه التعويذة لحماية طفلك من شيطانة الموت:
"سينوئي.. وسنسنوئي.. وسامينجيلوف."
وهم أسماء الثلاث الملائكة الذين توعدوا ليليث بالعذاب بعد أن رفضت العودة معهم ، وعشقت الشيطان وتزوجته وأنجبت منه 100 ولد، فقام الملائكة بقتل أولادها جميعا عقابًا لها، فقررت الانتقام من جميع أبناء حواء وحرق قلوب أمهاتهم عليهم , بقتل الأطفال الرضع والأجنة في رحم أمهاتهم، فاحذر من ليليث..
وراقب طفلك وهو نائم.. فهي تنتظر ان تغفو عنه حتى تقوم بقتله ببشاعة.
وأنهت سحر حديثها بقلق وهي تبتلع ريقها بصعوبة :
عرفتي بقى مين ليليث يا رشا شيطانة بشعة جدا ؟
شعرت الأخيرة بالرعب وهي تفكر لماذا نادتها أينور بليليث ، هزت رأسها ولم ترد ولكنها قررت أن تسأل الفتاة بنفسها لماذا نادتها بليليث ، وذهبت إلى الفصل بسرعة واستأذنت من مدرس اللغة العربية، وأخذت الفتاة من الحصة وسألتها مباشرة:
أينور، إنتي تعرفى ليليث منين ونديتي عليا ليه كدا ؟
ابتسمت الطفلة قائلة:
أعرفها من زمن بعيد أوي .
قريتي عنها في كتاب ولا حد حكالك قصتها.يا اينور
فتنظر لها بطريقة غريبة ويتغير لون عينيها قليلًا وترد قائلة:
لا، هي اللي حكتلي حكايتها كلها بنفسها , وماتخافيش أنا قولتلها متقرّبش منك ولا من البيبي اللي في بطنك، فشعرت رشا برعبٍ وتوتر شديد ومغص في معدتها حاد ، كانت تريد افراغ ما في جوفها بذعر وتشعر بالمرض .
لأنها اليوم صباحًا أجرت اختبار الحمل قبل ان تاتي للمدرسة ، وتفاجأت بأنه خطان وهناك حمل ، ولكنها لم تخبر أحدًا بالأمر ولم يعرف أحد موضوع حملها حتى تلك اللحظة ولا حتى زوجها ، فكانت تنوي أن تجعلها مفاجأة سعيدة وتحتفل معه عندما تعود من المدرسة , فكيف عرفت الفتاة بحملها وهنا سمعت صوت ضحكاتها العالي يتردد في اذنيها فنظرت المعلمة برعب شديد , واخذت تركض مسرعة من امام الفتاة حتى سقطت على وجهها بقوة , وفقدت الوعى وهى تشعر بذلك السائل الاحمر يتسرب من جسدها والالم الشديد يعتصر احشائها ويمذقها يبدوا انها فقدت الجنين .
&&&
جلس محقق الشرطة وهو يدخن سيجارته ويزفر الهواء بقوة , ويحتسي كوب كبير من القهوة ويتابع بعض التقارير امامه , رن هاتفه الجوال , رفعه الى اذنه وصرخ برعب منفعلا :
إنت بتقول ايه , ازاي دا حصل يا اغبياء .. يعني إيه الكتاب اختفى ومحدش عارف ازاي ..؟
&&&
استيقظ فهمي من نومه بفزع على صراخات زوجته ركض مسرعًا باتجاه غرفة أينور، ولم يلاحظ تلك الأيادي السوداء التي خرجت من أسفل الأرض فجذبته بقوة، فسقط فهمي على وجهه وهو يصرخ برعب متألمًا..
من شدة السقوط على الارض وفي الغرفة الأخرى، كانت هناء تنظر بتعجب شديد الى ذلك الممر أمامها فصرخت برعبٍ تستغيث وتنادي على زوجها..
ولكنها سمعت صوته وهو يرد عليها ثم يسقط على الأرض ويصرخ برعبٍ بعدها متألما فأسرعت إليه وتركت كل شيء خلفها لتساعده فقالت برعبٍ وقلقٍ وهي تنظر لجسده الممدد على الارض :
فهمي جرالك إيه إنت كويس قوم معلش يظهر إن الأرض لسه مبلولة من التنضيف.
فقال برعب:
مش عارف حاسس زي ماتكون إيد شدتني وقعتنى على وشي ، فسألها قائلًا:
وانتي كنتي بتصرخي ليه؟
فقالت هناء برعبٍ:
ايد شدتك ازاي مش فاهمه متخوفنيش
مش عارف يمكن بيتهيألي المهم انت مالك ؟
تعالى اوريك مش هتصدق عنيك. وأخذت زوجها إلى غرفه ابنتها أينور فكانت المفاجأة تنتظرها في الحجرة..
قال فهمي متألمًا من أثر السقوط على الأرض:
فيه إيه يا هناء قولي انا تعبان بجد ؟
فنظرت هناء بذهول إلى الممر فلم تجد شيئًا وقالت:
دا كان هنا يا فهمى من ثواني بس وأسرعت إلى الجدار بجوار المكتب تبحث عن العين السوداء وتتحسه بحذر فلم تجد شيئًا.
هو إيه اللي كان هنا دا يا هناء بس قولي ؟
مش عارفة زي مايكون نفق أو ممر سري، ظهر لما ضغطت على رسمة عين في الحيطة، معقول يكون بيتهيألي كل دا انا يظهر اتجننت ولا ايه .
واخذت تفتش وتبحث عن العين بغير تصديق وعن الممر والنفق المظلم، ولكن بلا جدوى ولا أمل وغادر الزوج الحجرة وتركها حائرة كان يريد الراحة والجلوس في مكان وحيدا يفكر فيما يحدث له ولعائلته, نظر سريعا الى المفتاح الاسود بين يديه .وخرج وهو يتسند على الجدران ويشعر بالدوار ...
