رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل الرابع عشر
"مأساة المتحرش به"
اليوم سأُكسر وأكسر الجميع معيّ!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارتجف جسدها تتراجع للخلف بذعرٍ ما أن رأتهم يتقدمون لها يضعون الأصفاد بيدها، بينما انتفض محمد من مقعده بذعرٍ هاتفًا:
_ في أيه يا باشا البت عملت ايه بس؟؟
حدق به ببرودٍ ثم رأى الطفل ليشير نحو أحد أحد العساكر بأن يحضره معهم أيضًا فهو سر حضور الشرطة لهنا. هبط الدرج وخلفه عاليا التي تصرخ بذعرٍ قائلة:
_ ألحقني يا بابا دول هياخدوني بجد!!
_ وهو حد قالك إنهم هيلعبوا عسكر وحرامية يا بنت الهبلة!!
قالها بسخطٍ بعد جملتها البلهاء، فرمقته بنظرة غاضبة ثم هبطت معهم تركض حتى لا تتعثر من خطواتهم السريعة، وصلت أخيرًا للشارع لتصعد سيارة الشرطة (بوكس) بعدما دفعها العسكري داخلها، ولكنها تفاجأت بيد حربي تمسكها قبل أن تقع، نظرت له بدهشة ثم وجدت أيضًا أرنبة وهبه التي تنوح مثل الأطفال، لتهتف ببلاهة:
_ متجمعين عند النبي إن شاء الله.
رمقها أرنبة نظرة ممتعضة ثم أشاح وجهه بعيدًا، بينما نظرت عاليا نحو حربي قائلة بتوترٍ:
_ هو.. هو أنتم بتبصوا كده ليه؟
_ أخرسي خالص يا عاليا عشان أنا فاضلي تكة وهطلع الرجل الأخضر عليكِ.
تهديد صريح بين كلماته جعلتها تتوتر لتجلس مكانها بخوفٍ، تنتظر أن تصل للقسم وتعلم سر حضورها لتلك الطريقة المهينة.
بينما جلس عمر مع الضابط بالسيارة ولا يعلم هو سر كل هذا، فقط القلق عنوانه، لا يريد حدوث مكروه لهم فهم من أخرجوه من تلك الحالة البائسة فلماذا يقع عليهم اللوم، وصلوا أخيرًا لبهو الشرطة، ليجر العسكري الأربعة يدلف بهم للمبني مع عمر الذي ينظر برهبة للمكان، دقائق ودلف الجميع لغرفة الضابط وسرعان ما انتفض " سيد" والد عمر من مقعده يتقدم نحو ابنه يضمه سريعًا قائلًا براحة:
_ الحمدلله.. الحمدلله أنه جه بالسلامة ومعملوش فيه حاجة!
_ وحضرتك شايفني أكلين لحوم البشر وواخدين ابنك نتغدى بيه!!
نطق أرنبة بسخطٍ على حديث سيد، بينما ضرب الضابط يده على المكتب يهتف بغضبٍ:
_ ممنوع الكلام هنا أنتم فاهمين!!
صمت أرنبة على مضض، بينما نظر سيد نحو الضابط يردف بغضبٍ مكتوم:
_ هما دول اللي خطفوا ابني واتمنى الموضوع يتحكم فيه علطول.
أومأ الضابط بجدية، يردف بعملية:
_ تمام بس هناخد أقول ابنك الأول قبل ما نقفل المحضر.
اتسعت عين عاليا بصدمة وهي تراهم يتهمونهم بالخطف، لتنظر نحو عمر الذي يكاد يبكي لما يحدث، يحاول التحرك بعيدًا ولكن قبضة يده الفولاذية لا تريد تركه، انتفض عمر من مكانه ينظر نحو الضابط الذي قال:
_ قولي يا عمر حصل إيه من أول ما خطفوك؟
_ محدش خطفني!
ابتسمت عاليا براحةٍ تنظر لهبه التي تبادلها السعادة بأعينٍ أغرقتها الدموع، بينما ردد الضابط بهدوءٍ محاولًا إزالة أي توتر:
_ قول الحقيقة يا عمر ومتخفش محدش فيهم يقدر يعملك حاجة!
نظر له بانزعاجٍ يجيبه ببعض الضيق:
_ أنا بقول لحضرتك الحقيقة أنا متخطفتش أنا اللي هربت معاهم.
جحظت عين سيد بصدمة، بينما نظر الضابط باهتمامٍ له يكمل أسئلته:
_ ليه يا عمر هربت معاهم؟ حصل حاجة خلتك تهرب؟
صمت عمر تمامًا لم يرغب بافتضاح أمره، بينما شعر الضابط بوجود خطبًا ما بالطفل، فنظر نحو سيد وهتف بهدوءٍ:
_ معلش سبني مع الولد شوية..
أومأ سيد ولا يزال يشعر بغليان دمائه، يغادر الغرفة وهو يتوعد لعمر، بينما أتى العسكري يخرج الأربعة من الغرفة يبقى عمر والضابط سويًا، عاد الضابط يسأل باهتمامٍ:
_ فضتلك المكتب.. قولي ليه هربت؟
لا يعلم بماذا يجيب أيقول أنه أُغتصب أم يخفي الأمر ويكتفي بأرنبة فقط الذي علم، ظل التردد بادي على ملامحه فلاحظه بمهارةٍ ليسرع قائلًا:
_ أحكيلي ومتخفش يا عمر حصل إيه؟
صمت لدقائق يتخذ قراره لن يفشي سره لأحد، لا يريد أن ينكسر مجددًا فيكفي ما مر، نظر للضابط بهدوءٍ يجيبه بكلماتٍ ذات معنى:
_ اللي أقدر أقوله إن دول أكتر يومين عشت فيهم حياتي وعرفت يعني إيه أكون عمر.. ياريت يا حضرة الظابط تسبهم يمشوا أنا اللي هربت معاهم هما ملهمش ذنب.
نظر الضابط له بغموضٍ، ثم أومأ له يضغط على زر، ثم أتى العسكري ليخبره بأن يحضر سيد والأربع شباب وبالفعل دلفوا مجددًا ليخبر الضابط بأن مسألة دخول الشباب السجن صعبة ولابُد أن يقول عمر بأنه تم اختطافه منهم.
****************
_ يا حربي استنى بس هتكعبل في الاسدال!
نطقت بتذمر بعدما تعثرت عشرات المرات وهي تحاول اللحاق بحربي، ليتوقف حربي يرمقها بنظرة غاضبة حانقة، تذمرت من نظراته لتردف بضيقٍ:
_ في إيه بقى كل دا عشان دخلت القسم.. معملتش بطاقة قبل كده ودخلته!
_ لا عملت بطاقة يا حلوة بس بدخله برجلي مش ببوكس محملني أنا وتلاتة بهايم... استغفر الله العظيم بت خليني ساكت عشان لو أتكلمت وأنا متعصب هفقد أخلاقي.
عبست بضيقٍ وأشاحت بوجهها بعيدًا، بينما نظر أرنبة بمللٍ نحو هبه التي تردد بعدم تصديق:
_ دا أنا دخلت القسم.. القسم يا أرنبة.. دول جرجروني بالأسدال بتاع ماما!!
_ هم فعلًا غلطانين كانوا استنوا تلبسي سوارية.. هو فرح أمك ريحاله!!!
شهقت تنظر به بغضبٍ من سخرية اللاذعة، تتحرك بعيدًا عنه تهمهم ببعض الكلمات الغاضبة دون أن يسمعها، حاول اللاحق بها ولكنها صاحت بعنفٍ:
_ إياك تيجي.. أمشي انكشح على بيتك يلا هش أمشي..
نظر لها بصدمةٍ من طريقتها، ثم أشاح بيده لها يغادر بالجهة الأخرة مغمغمًا:
_ أمشي أمشي مش مستنيكي تهشيني زي الكلب.
**************
وقفت تطرق الباب بتعبٍ، تنتظر أن يفتح أحد لها، بينما كانت صديقتها هبه تطرق بنفس اللحظة ولكنهما تأخر بالفتح على كلتياهما، عادت تطرق عاليا بطريقة أشد وأعنف لعلهما يخلصوها من تلك الوقفة المملة، ففُتح الباب سريعًا يحدق بها محمد بصدمة قائلًا:
_ أنتِ إيه اللي جابك مش المفروض تقعدي أربع أيام على ذمة التحقيق ولا دا كلام أفلام.
حدقت به بصدمةٍ ما أن رأت والدها يمسك بزجاجة عصير كبيرة " بيج برتقال" نعم هو مشروبه المفضل عند حدوث شيء يسعده، لتهتف بذهولٍ مستنكر:
_ أنت فرحان فيا يا بابا؟؟ فرحان إنهم خدوا بنتك في بوكس؟
_ لو أطول أوزع كنزات على العسكري هعمل كده وهوزع يا عاليا.. دا ريحني خمس ساعات من زنك على المشروع.
تهجمت معالمها بحنقٍ، تسير نحو الداخل باندفاع مختنق، ولكنها رأت سالم ووالدتها والخالة نعمة يجلسون معه ويحتسون من نفس المشروب، لتصرخ بهم بغيظٍ:
_ أنتم أباهات أنتم.. بقى أبقى في القسم مقبوض عليا زي الحرامية ومهنش حتى تطمنوا عليا!!!
نهضت وداد ولا يزال كوب العصير بيدها، تحدثها مبررة بتوتر:
_ لا يا بنتي أنا قُلت الصبح هطلع على القسم وأشوف هيدوكِ كام يوم!
استنكرت حديثها تردف بحنقٍ:
_ هي دي الجدغنة بنسبالك؟؟ تشوفي هيدوني كام يوم.. أوعي من وشي يا أمي عشان فاضلي تاكة وهرقع بالصوت منكم.
دلفت عاليا غرفتها بضيقٍ، تغلق الباب بعنفٍ جعل الجميع ينتفض، ولكن خرجت برأسها تهتف بسخرية:
_ أبقى ألحق بنتك يا عم سالم بقالها ساعة بترزع على الباب.
انتفض سالم ونعمة سريعًا يركضان نحو شقتهما، بينما نفخ محمد بحنقٍ ينظر لغرفة عاليا قائلًا:
_ وأنا اللي قولت هرتاح منك يومين.. أنا لزمًا أكلم حربي يعمل الفرح ونخلص.
*****************
صفعة قاسية تلقاها أمام القسم بعدما غادروا من مكتب الضابط، يحدق بابنه بغضبٍ جامح، بينما وقف " محسن" عم عمر أمام سيد يمنعه من استكمال الضرب يهتف بمكرٍ:
_ بس يا سيد مش كده.. الولد صغير.
حدجه سيد بنظرة نارية مخيفة، يهدر بعنفٍ:
_ إيه اللي يخليه يهرب من البيت.. أكل.. شرب.. مدراس نضيفة.. كل حاجة عنده.. مرضتش أجبله مرات أب بعد ما أمه ماتت وهو في الأخر يهرب.. مفكرتش في أخوك لما تسيبه لوحده.. أنت أناني أوي يا عمر.
" أناني أوي يا عمر" ردد صدى هذه الكلمة برأسه كثيرًا، هل أصبح أناني بوجهة نظر أبيه؟ ألا يحق له أن يعيش كما يفعل أصدقائه؟ زحفت بسمة شاحبة لشفتيه، يشعر بتدني نفسه أمام الجميع، والده يضربه أمام عمه صاحب الكارثة العظمة.
لقد انتصر عمي ونصره أبي عليّ.. على ابنه!
أمسك محسن بيد عمر بطريقةٍ يعلمها جيدًا ولكنها عنيفة، يرسل له رسالة غير مباشرة فأصبح يلتقت هذه الإشارات ليعلم ما الذي سيحدث به بعد أن يترمه والده، أرتجف جسده بهلعٍ يتمنى لو لا يتركه والده الليلة، لعل يستطيع مواجهة عمه يريد ليلة واحدة بأحضان والده لتسانده من جديد وسيصبح أسدًا سيواجه الجميع.
ظل محسن يجلس جوار عمر بالمقعد الخلفي للسيارة، بينما تولى سيد مهمة القيادة فلم يسلم هذا المسكين من مضايقات عمه مستغلًا غضب سيد وعدم تركيزه، كأنه يخبره أنك لن تفلت مني الليلة أنت فريستي، بينما كان عمر يشعر بلمساته الحقيرة العنيفة التي يفعلها كأنها جمرات نار تسير على جسده، أضاء هاتفه يعلن عن رسالة عمل جعلت محسن يبتعد عن عمر الذي ود لو يشكر مخترع الهاتف بعد أن أبعد عمه، امتعض وجه محسن بضيقٍ يهتف بحنقٍ:
_ نزلني هنا يا سيد هاخد تاكسي يوديني الشغل في مشكلة!
نظر سيد من خلال المرآة قائلًا بتعجب وقلق:
_طب والعيال يا محسن.. أخاف أسيبهم لوحدهم وخاصة بعد اللي عمله عمر..
ثم أضاف بضيقٍ:
_ ربنا يسامحه صاحب الشغل مسكني شيفت مسائي كمان.
حسنًا هو يظن أنهم بآمان ولكن هم بخطرٍ حقيقي فعلًا في حضوره، ابتسم محسن بخبثٍ يجيبه بحنانٍ زائف:
_ هو أنا أقدر اتأخر على حبايب عمهم.. هحل المشكلة وأجيلك تطلع على شغلك.
أومأ سيد بتفهم يكمل طريقه، بينما نظر محسن نحو عمر بأعينٍ مليئة بالشر والشهوة، جعلت الأخر يرتعد للخلف يخشى مما سيحدث معه بتلك الليلة، كيف ينهي هذا العذاب؟ يود لو يقتل محسن هذا وينتهي عذابه ويعيش طفولته؟ يريد أرنبة مجددًا.
**************
_ أنا خايف على عمر يا حربي!
نطق بها أرنبة ينظر للسقف الغرفة، فأجابه حربي بهدوءٍ:
_ أنا مش هسيبه بكرة الصبح من نجمة نروحله أهم حاجة يكون أبوه معه بس المشكلة هنعرّف أبوه إزاي والولد. نفسه متكلمش!
أومأ أرنبة بحيرةٍ يفكر بعدم إفصاح عمر فبالرغم من كونه سيسجن عمه إلا أنه صمت، وكذلك صمت حربي وأرنبة عن الحديث لا يعلمون سر رفض عمر لكشف الحقيقة. زفر أرنبة بقلقٍ وقلبه بخبره بحدوث شيءٍ ولكن ما من فائدة في الذهاب بهذا الوقت.
*************
⚠️ تحذير: يحتوى النص القادم على مشهد حساس تتعلق بالعنف، لو كنت من أصحاب النفوس الضعيف فلا تجازف بالقراءة.
أتت رسالة عبر الهاتف يعلن عن اقترب وصول محسن، لينهض سيد من مقعده تاركًا قدح القهوة بعيدًا، ينظر على ابنه " حسن" ذو أعاقة عقلية متوسطة، اقترب منه يقبل رأسه بحنانٍ بالغ يهتف بحبٍ:
_ مع السلامة يا حبيبي هروح الشغل وهجبلك حاجة حلوة.
ضحك حسن بسعادة يلف ذراعيه حول رقبة والده ليضمه نحوه بشدة، ضحك سيد على فعلته، بينما شاهد عمر ما حدث وابتسم بحنينٍ لشقيقه العفوي، نهض سيد بعدما استطاع فك يد حسن، وغادر الغرفة ليتركه ثم توجه نحو باب الشقة ولكن أمسك بيد والده سريعًا يحاول منعه من مغادرة المنزل فإن غادر سيُقتل حتمًا على يد محسن، هتف برجاءٍ:
_ عشان خاطري يا بابا متمشيش، خليك قاعد معايا.
دفعه سيد يده بقسوةٍ، ينظر له بغضبٍ يغلي داخله، يزجره بحدة:
_ مسمعش صوتك خالص.. بتهرب من البيت يا محترم يا متربي.. لما أجي من الشغل لينا حساب مع بعض دلوقتي عمك جايلك.
اترجف جسده بشدةٍ، يتراجع للخلف بعدما غادر والده الشقة، لن يسمح بحدوث ما يفعله بكل مرة، أسرع نحو غرفته يحتمي بها، هي لحظات وسيأتي عمه وتبدأ رحلته المتألمة من جديد، أغلق الباب بإحكام، يتراجع للخلف بخطواتٍ مرتعدة، ينظر للباب كمن سيخرج منه وحش مخيف.
لحظات استمع لصوت باب الشقة، لقد أتى! ارتفع صوته الكريهة، مليء بالمكر والخبث، يناديه ولكن وضع يده على فمه لا يريد أن يعلم طريقه، طرقات خافتة على الباب ولكنها كانت بمثابة من يقتل قبله رعبًا، أمسك بطرف الفراش بقوةٍ يحاول الثبات ولكن ازدادت الطرقات عنفٍ وإزداد الهلع داخله، فوضى لو كانت تُسمع لأصمتت العالم بأكمله، أرتفع صوت محسن مليئ بالشرٍ:
_ حلو بقى بتقفل على نفسك الباب خليك زي ما أنت وأنت بنفسك اللي هتخرج عشان تقولي شُبيك لُبيك عمر تحت رجلك.
ترك محسن مقبض الباب، بينما شعر عمر بهدوء مريب، ولكن كلما إزداد هدوءًا تجتاح عاصفة مخيفة بقلبه، حاول أن يطمن نفسه أنه لن يحدث شيء عاجلًا أم أجلًا سيمر ولكن حطمت كل توقعته عندما استمع لصوت شقيقه يبكي بشدة، يتألم ولكن نوع هذا الألم يعلمه جيدًا فقد جربه مرارًا وتكرارًا، صرخ عمر به يحاول أن يكذب ما فمه:
_ أنت بتعمل ايه؟ سيب أخويا حرام عليك ؟
ابتسم محسن بشرٍ يكمل فعلته الدنيئة، ليصرخ هذا المسكين بألمٍ لا محالة، يهدر بعنفٍ وهو يلهث:
_ بعمل فيه اللي كان هيتعمل فيك.. عندي استعداد. اسيبه لو خرجت.
ارتجف قلب عمر بشدةٍ، يحاول الثبات ولكن زيادة صراخ شقيقه جعلته يحرك المفتاح سريعًا يخرج ويتفاجأ ببشاعة المنظر، عمه الذي من المفترض والده، يمسك بشقيقه بوضعٍ مأساوي، يجعل شقيقه يتألم بل ويصرخ من الألم، يبكي مما يحدث به، أي شيطان هذا سيفعل ذلك بذوي الهمم؟ ترك محسن ذلك المسكين وركض نحو عمر يمسكه بسرعةٍ بقبض كالأصفاد المخيفة، لم يستطع الإفلات فبنية جسده الضعيفة لم تسمح له بالهروب، همس له بفحيحٍ خبيث:
_ أنت عارف عملت إيه؟ عارف كام عقاب هتاخده ولا أعرفك؟ بتهرب مني يا حيلة أبوك دا أنا هطلع عليك القديم والجديد، استعد للي هيحصل.
ارتجف جسد عمر بشدة، لا يريد ذلك، نظرات عمه لا تنم على خير أبدًا، حرك رأسه برفضٍ يحاول التملص من بين ذراعيه ولكن هيهات وقد فاق القوة أضعاف قوته.
علت صوت صفعة قاسية مخيفة تلقتها وجنتيه، ليثبت جسده تمامًا، ينظر له بأعينٍ مدمعة يهمس بضعفٍ وشفتيه تنزف دمًا:
_ عشان خاطري يا عمي سبني وأبعد عني بلاش تكسر نفسي أكتر من كده!
قهقها مخيفة خرجت منه، يقترب بأنفاسه الكريهة نحوه هامسًا بكلماتٍ دنيئة:
_ طب ما *** عمك وعمك ****!
اشمأز عمر مما يسمعه، وقرر المحاولة مرة أخرى ولكن لم تفلح بعدما استنشط محسن غضبًا من تمرده. ليبدأ بضربه وصفعه بعنفٍ مخيف، أصبح يلهث بشدة مبتسمًا بانتشاء يرى جسد عمر ملقى على الفراش بإهمالٍ زحفت بسمة خبيثه يتخيله أمامه يصرخ ليبتعد ولكن لن يفعلها، أزاح سرواله بلهفة مريضة، يريده عاري أمامه، يريد أن يشبع رغبته الدنيئة بطفلٍ، بينما تسربت دموع عمر بانكسارٍ يغمض عينيه ويدفن وجهه بالفراش بعدما أداره محسن لينام على بطنه، لحظات وكانت صرخة عمر تدوي بالغرفة بأكملها، هتف محسن بسعادة ورغبة تزداد لتدفن براءة الأخر:
_ صرخ كمان وعيط.. أنت لسه شوفت حاجة.. دا أول عقاب ليك..
ظلت صرخات عمر المكتومة تزداد يكبحها بالفراش، وكلما حاول الابتعاد عنه كان محسن يلكمه بظهره بقوةٍ حتى يقع طريح الفراش مستسلمًا لما يحدث..
ظلت الدموع تتسرب حتى اللانهاية هل كُسرت بسمة تلك الأيام السابقة؟ نعم كُسرت وتلاشت سعادتي، لم أعد أنا ولن أكون أنا قتلني عمي بقوة وساعده أبي في قتلي، أنا ضحية رغبة مريضة، أنا ضحية لأناس لم يفكر قط هل هذا الطفل المتحرش كان ولا يزال متحرش به أم ماذا؟
صوت الباب يُفتح جعله يدير رأسه يمينًا ليرى من مقتحم الغرفة، إنه أبي!! هل أتيت لتشهد على كسرة نفسي العزيزة؟ أم لماذا أتيت يا أبي فأنا أخر همك لتبحث عنه!
يطل بوجهٍ مصدوم، يشعر بتيبس جسده ما أن رأى شقيقه يفعل كل هذا بابنه الذي يطلعه بنظرة شاحبة متألمة، يود الصراخ ولكن عالقة داخله مما كُسر، تراجع محسن بعيدًا عن عمر محاولًا أن يرتدي سرواله يهتف بتوترٍ من نظرات شقيقه المصعوقة:
_ هوضحلك يا سيد.. د..
قاطعه سيد وهو يتقدم منه يلكمه بقوةٍ، يطيحه أرضًا، ثم بات يركله بأنحاء جسده بشدة حتى وقع محسن فاقدًا وعيه على الأرض، شاهد عمر ما يحدث بضعفٍ لم يستطع التحرك، ظل على حاله ولم يغير وضعيته، تقدم سيد بقلبٍ منفطر وعينان تتألم من بشاعة هذا المنظر، هل لهذا السبب أراد الهروب؟ هل شارك في جريمة دون وعي؟
الدماء تسيل منه أمام عينيه بطريقة مخيفة والأهر ساكن بلا حرك حاول تحريك عمر قليلًا حتى يستلقى على ظهره و يستر عُري جسده ولكن صرخ بألمٍ، تذرف عينيه الدموع قائلًا بشحوبٍ وضعف:
_ براحة مش قادر!!
ربما لو كان نصل غُرز بقلبه لكان أفضل من جملته الآن، ألم عن أي ألم تتحدثون وقلبي يشتعل بنيرانٍ مخيفة، أدمعت عيني سيد بشدةٍ ينظر نحو وجه عمر الذي بُهت بشدة، فقد زاد نزيفه ولم يعد لجسده التحمل، لتأتي غيمة سوداء يتمنى بكل ليلة أن تحضر لعلها تخفيه من هذا العالم المخيف وتنقله لعالم أكثر لطفًا، ابتسم عمر لوالده ثم قال بوجهٍ شاحب ضعيف:
_ كان.. نفسي متكسرش يا.. بابا بس كسرتوني.. عمي كسرني وأنت ساعدته!!
أغمض عينيه باستسلام واضح، بينما صرخ سيد بقوةٍ وعينيه تذرف دموع بغزارة، يهتف برجاءٍ ممزوج بصوت محشرج:
_ لا متكسرتش يا عمر.. قوم يابني ومتعملش في أبوك كده.. أنت كده هتكسرني يا عمر قوم يابني...
ظل يهزي بكلماتٍ متألمة هستيرية، يحاول إفاقة عمر ولكن ما من جدوى، ارتفع رنين الهاتف فكان بمثابة ومضة انتباهية جعلته يترك عمر ويسرع هاتفه يجيب سريعًا ما أن رأى اسم صديقه:
_ أيوة يا وليد تعالى بسرعة بالعربية ابني بيروح مني!!