![]() |
رواية بقايا قلب مكسور الفصل السادس عشر بقلم رباب حسين
أخطئت..... مدركة لذلك..... ربما شعرت بألمه فهو يمر بما أمر به..... يحب ولا يجد مقابل لما يشعر..... أعلم أنني مازلت أحبه.... مازال يسكن قلبي رغمًا عني..... لا أتوقف عن التفكير به وأنا أعلم جيدًا أنه يعيش في سعادة مع حبيبته.... تزوج من يحب.....ليتني مثله..... ما كنت أظن أنني سوف أتمنى هذا يومًا ما.... ما كنت أعرف ما هو الحب ولا أدري لوعته ولكن أصابني العشق في مقتل والآن أعلم أن من أحب ملك لغيري.... ربما لذلك خشيت عليه وكذبت..... أخشى يومًا ما تُصدم بحقيقة الأمر.... أخشى أن أكون سبب حزنك وأقابل هذا العشق بالغدر والكذب..... طلبت مني أن أكذب عليك وها أنا فعلت..... كم أشعر بحقارة نفسي الآن..... أنا أستغل حبك لأجلي؟!..... ما هذا العبث.... من أنتي؟!..... كيف تحولتي إلى هذا الشخص البائس؟!.... كل ذلك لأجله فقط..... هو من ينعم في حضن أخرى وأنتي تفقدين ذاتك واحترامك..... ماذا أفعل؟.... هل لي من رجوع؟.... سعادة عينيك توقفني..... نظرة الأمل التي ارتسمت على وجهك تمنع الكلام أن يخرج من فمي..... ليس لي الآن سوى الصمت
ينظر إليها في سعادة..... نعم قالتها.... وأخذت أول خطوة تجاهي ثم قال في عدم إدراك بسعادة طفولية : بجد..... قولي كده تاني..... قوليها قوليها..... قولي لا مش بحبه..... طمني قلبي يا جالا
نظرت له جالا في هروب وقالت : ما.... ما أنا قلت
عمر : لا..... قوليها تاني..... قوليلي مش بحبه
نظرت له قليلًا ثم قالت : مش بحبه
ضحك عمر وأخذ يتحرك أمامها وكأنه فقد عقله وهو يقول : يعني.... يعني في أمل صح
اقترب منها وامسك ذراعيها وقال : في أمل يا جالا أكون أنا صح.... مش هو؟!
جالا : عمر متتسرعش..... أنا مش عايزة أتسرع وأنت عارف ده
حاول عمر تهدأت مشاعره فقال : طيب خلاص خلاص..... أنا مش هطلب أكتر من كده ومش هطمع بس..... إنتي مش متخيلة أنا فرحان أد إيه..... أنا من أول يوم شفتك فيه وأنا حسيت بحاجة اتحركت جوايا..... لما شفتك نايمة زي الملاك اتمنيت ساعتها أشوف عينيكي.... اسمع صوتك.... ولما عرفت إنك متجوزة قلبي وجعني أوي وقلت خلاص مش هتبقي ليا بس اللي حصل أداني أمل وخلاني أسيب قلبي يحبك من غير ما يخاف..... بس دلوقتي خايف..... خايف أخسرك وتبعدي عني.... حاسس إنك مش هتبقي ليا.... تقريبًا مش هطمن غير لما تبقي مراتي
جالا : براحة شوية يا عمر..... متضغطيش عليا أرجوك
عمر : مش بضغط عليكي والله..... بقول الكلام اللي كاتمه جوايا من زمان..... كان نفسي أقولك كده من ساعة ما فوقتي..... بس خلاص هسكت خلاص..... والأحسن أروح دلوقتي عشان مضغطش عليكي أكتر
ذهب عمر وهو في غاية السعادة وخرجت صفاء من الغرفة وجلست بجوار جالا الشاردة وقالت : متأكدة؟!
نظرت لها جالا وقالت في حزن : معرفش..... معرفش يا ماما..... معرفش حاجة
ثم ارتمت بين أحضانها ولأول مرة تخرج ما تشعر به فقالت : ليه يا ماما عمل فيا كده؟ ليه دخل حياتي دمرها ومشي؟ معقول يعمل فيا كده بس عشان الفلوس..... طيب وأنا..... مفكرش فيا...... ده كان بيقولي إنتي بنت عمي وعمري ما هرضالك الأذى..... طلع كل ده كدب..... خدعني وخلاني أقع في حبه وفي الأخر أعلن وفاتي عشان ياخد الشركة..... إزاى مكنتش شايفة حقيقته كل ده؟!.... إزاى خدعني كده وصدقت إنه بجد كويس أوي لدرجة إني حبيته كده؟.... أنا تعبانة أوي يا ماما..... قلبي بيوجعني كل أما أفكر إن فيه واحدة تانية في حضنه فيه سكاكين بتضرب في صدري من الوجع
بكت صفاء حزنًا عليها فلأول مرة ترى جالا بهذة الحالة..... ضعيفة.... مكسورة..... حزينة فحاولت أخراج صوتها دون بكاء وقالت : عشان ميستهالكيش..... إنتي تستاهلي أحسن منه مليون مرة...... عمر بيحبك بجد يا جالا ومع الوقت هتنسي أدهم خالص
رفعت جالا وجهها ونظرت إليها وقالت : بس أنا كده بخدعه..... أنا متضايقة من نفسي إني كدبت عليه يا ماما
أزالت صفاء الدموع من على وجهها وقالت : يا حبيبتي إنتي تستحقي فرصة تانية وعمر كمان يستاهل..... شوفي ده عمل عشانك إيه وأدهم عمل فيكي إيه..... إنتي بس لسة جرحك جديد لكن مع الوقت هتتأكدي إن أدهم ميستاهلش اللى إنتي عملاه في نفسك ده عشانه..... خدي وقتك زي ما طلبتي ولما تحسي إنك مش عايزاه أطلبي الطلاق...... ومحدش هيجبرك تبقي مع عمر..... بس وجودك على ذمته لحد دلوقتي مش صح..... متخليهوش يحس إنك مستنياه ولا معلقة نفسك عشانه وفي نفس الوقت متبقيش خاينة قدام الناس وقدام نفسك لو حسيتي بمشاعر ناحية عمر...... لازم تنهي المهزلة ديه وتاخدي حقك منه لو عايزة..... والشركة اللي ليكي فيها ديه كمان..... متخليهوش ياخد كل حاجة منك يا جالا..... كفاية أوي اللي عمله فيكي
جالا : حاضر يا ماما..... هفكر بس في الموضوع..... إديني فرصة
عاد أدهم إلى المنزل بعد يوم طويل من العمل ودخل المنزل فوجد إلهام تنتظره كالعادة فنظر لها وتجاهل وجودها ثم صعد إلى غرفته فلحقت به وقالت : هتفضل تعاملني كده لحد إمتى؟
لم يتوقف أدهم وصعد الدرج فأمسكت بيده وهي تركض خلفه وقالت في بكاء : أنا غلطت..... مكنتش فاهمة أنا بعمل إيه.... كنت فاكره إني بكده بحميك..... مردتش تكمل حياتك وأنت شايفها قدامك في الحالة ديه..... كنت فاكره إنك هتنساها بواحده تانية زي ما عملت مع نور
إلتفت إليها أدهم وقال : أنا منستش نور بيها..... أنا حبيت جالا ويمكن أكتر من نور نفسها..... إنتي حتى مكلفتيش خاطرك تسأليني إنتي قررتي ونفذتي وكان المطلوب مني أتجوز وخلاص صح؟..... طبعًا عشان الوريث..... طيب مفكرتيش لو جالا رجعت وأنا متجوز كان هيحصل إيه ولا سالم بيه كان هيعمل لما يعرف إن إحنا خدعناه....... مفكرتيش لما ترجع أنا هحس بإيه وأنا شايفها عايشة قدامي كده؟..... لا طبعًا.... إنتي بتفكرى في نفسك وبس وفاكرة إن كل حاجة إنتي شيفاها صح هي الصح والباقي كله غلط
ثم اقترب منها ونظر داخل عينيها في حزن وقال بصوت مكسور : إنتي عارفة أكتر حاجة وجعاني إيه؟.... إني صعبت على الراجل اللي شغال عندي لكن إنتي لا.... الراجل ده بقاله أسابيع واقف في الشارع متعلق بأمل يوصل لجالا عشان ترجعلي وأنا اللى فقدت الأمل خلاص.... كل أما أقوله يرجع وخلاص كفاية كده يقولي لا وبيعمل ده كله عشاني في الوقت اللي أمي عملت فيا كده..... إكتشفت إن الغريب أحن عليا منك
وضعت يدها على وجهه ونظرت له في بكاء وقالت : حقك عليا يا حبيبي..... متزعلش مني..... والله عرفت غلطي ومش هكرره تاني ومش هتدخل في حياتك تاني أبدًا
عقد أدهم ذراعيه ونظر لها في تحدي ثم قال : إنتي اللي روحتي هددتي نور من نفسك من غير ما بابا يطلب منك ده صح؟
نظرت له في خجل وقالت : اه..... أنا اللي عملت كده.... أبوك أصلًا مكنش يعرف حاجة زي كده
تيقن أدهم أنها ندمت حقًا على ما فعلت فقد سألها لأنه كان يشعر بداخله أنها كذبت عليه في أمر نور ولكن قولها الحقيقة الآن جعله يتيقن من ندمها فقال : على العموم اللي حصل حصل خلاص
إلهام : يعني خلاص مش زعلان مني؟
أدهم : لا مش زعلان منك
إلهام : طيب تعالى أقعد معايا عشان إنت واحشني أوي
ذهب معها وجلست بالبهو وقالت له : أنا سمعتك وإنت بتقول إنك ملكش حد ولوحدك.... الكلمة ديه دبحتني
أدهم : بس ديه الحقيقة..... عمرك جيتي قولتيلي مالك؟
إلهام : حقك عليا..... قولي بقى عايز تقول إيه..... أنا عايزة اسمعك بجد
أدهم : مش عارف..... من كتر اللي جوايا مش عارف أنا عايز أقول إيه
إلهام : طيب لما تشوف جالا إيه أول حاجة هتبقى عايز تقولها؟
أدهم : هو سؤال..... سؤال واحد نفسي أعرف إجابته..... لما كنت..... لما كنت بضغط على رقبتها قالتلي بحبك..... أول مرة كنت اسمعها منها بس وقتها مصدقتهاش..... كان جوايا إحساس ديه بتقول كده عشان اسيبها فا دلوقتي واقف محتار..... هي قالت كده من قلبها ولا كانت فعلًا بتهرب مني..... بس دلوقتي أتأكدت إنها مش بتحبني.... لو جالا بتحبني كانت رجعت..... مكنتش اختفت وهربت مني كده..... لو بتحبني كانت أول ما فاقت جت عشاني..... ديه لسه على ذمتي حتى..... عشان كده هقول لرعد يرجع أنا محتاجله لكن وجوده هناك مش هيفيد
تنهدت إلهام وقالت : هترجع يا أدهم..... حتى لو مش عايزاك هترجع عشان هي لسه على ذمتك..... سيبها على ربنا يحلها من عنده.... اطلع ارتاح ومتهربش من البيت كده.... الشغل مش كل حاجة
أماء لها أدهم وقبل رأسها ثم صعد إلى غرفته تحت نظرات إلهام الممتنة له أنه سامحها رغم ما فعلت به
صعد أدهم إلى غرفته وبدل ثيابه وجلس بالفراش..... شعر بالراحة عندما تحدث إلى إلهام فلأول مرة تتحدث معه بهذه الطريقة فكانت قديمًا لا تشعر به ولا ترى حزنه كان كمصباح الطريق يبكي ولا أحد يرى دمعه..... شعور الوحدة كان يذبحه والآن وجود إلهام بجواره يعطيه إحساس الراحة حتى وإن كان لايزال يبحث عنها بجواره.... يتمنى أن يضمها إلى صدره ولو لمرة واحدة.... يتذكر عبيرها وضحكاتها وطفولتها وغضبها..... يشتاق..... ويمني نفسه بالعودة ولو كانت مستحيلة ثم أمسك هاتفه وبعث برسالة إلى رعد يطلب منه المجئ إلى المنزل غدًا ويتوقف عن مراقبة منزل حسناء
أما جالا فكانت تتحدث مع حسناء عبر الهاتف فقالت لها حسناء : كده ترجعي ومتجيش تشوفيني؟.....أنا زعلانة منك.... كنت فاكرة إني وحشتك
جالا : مين قال إنك موحشتنيش..... إحنا بس رجعنا متأخر وقولت أكيد حسن رجع من شغله فا مردتش أجي يعني متأخر وكمان حصل اللي حصل ده مع عمر زي ما قولتلك وبجد مش عارفة أفكر من وقتها وأعصابي تعبانة وحاسة إني غلطت ومش عارفة أنا بعمل إيه في نفسي ولا فيه وخايفة ومرعوبة وخايفة أجرحه بجد
حسناء : بس بس..... إيه ده كله؟.... بصي حبيبتي إنتي كده كده لازم تتخطى اللي حصل وتبصي لنفسك ومستقبلك وفي يوم من الأيام لازم تحبي وتتجوزى واحد بيحبك بجد ويعوضك عن اللي حصل في جوازتك الأولانية ديه ولو فكرنا بالمنطق عمر فعلًا يستاهلك ويستاهل يتحب ومن غير خوف ولا قلق فا ليه ترفضيه وتضيعيه من إيدك إنتي كده عملتي الصح إنك لحقتيه قبل ما يمشي وبعدين أكيد مش هتفضلي مستنية أدهم وإنتي متأكدة إنه مش هيبقى ليكي وتعلقي نفسك كده لا منك متجوزة ولا منك مطلقة وبصراحة أنا من رأي طنط صفاء.... إنتي لازم تطلبي الطلاق وتاخدي حقك في شركة باباكي
جالا : يعني إنتي شايفة إني أرفع قضية طلاق فعلًا؟
حسناء : أيوة طبعًا..... على الأقل تبقي حرة تحبي بقى عمر تحبي حد غيره تمام
جالا : ماشي..... بكرة هجيلك ونتكلم
أنهت جالا المكالمة وفي الصباح ذهبت إلى منزل حسناء كي تطمئن عليها وبعد نقاش طويل توصلت إلى رفع دعوى قضائية تطالب فيها بالطلاق من أدهم ثم عادت إلى المنزل واتصلت بعمر وطلبت منه المجئ إلى منزلها بعد إنتهائه من العمل
أما أدهم فكان يتناول الفطار مع إلهام ثم دخل رعد ووقف أمامهما في حزن وقال : صباح الخير يا أدهم بيه
نظر له أدهم في سعادة وقال : حمد الله على السلامة..... ليه زعلان كده؟
رعد : كان نفسي ألاقيها..... ياريتني قولتلك في ساعتها بجد
إلهام : شايف..... قولتلك مش طايقني..... بس بصراحة أثبتلي إنه بيحبك بجد..... إنت مشفتش عمل فيا إيه وإنت في المستشفى
رعد : أنا أسف يا مدام بجد..... بس أدهم بيه غالي عليا والله
إلهام : مش زعلانة منك يا رعد عشان كان معاك حق في كل كلمة قولتها..... تعالى بقى أفطر معانا
تعجب رعد ونظر إليها في صدمة ثم نظر إلى أدهم وأعاد النظر إليها وقال : أنا؟!.... أنا أقعد معاكم؟
إلهام : ما خلاص بقى..... يلا أقعد بدل ما ارجع إلهام هانم بتاعت زمان
رعد : لا لا وعلى إيه.... الطيب أحسن
ثم جلس وتناول الفطار معاهما وذهب مع أدهم إلى الشركة وعندما دخلا إلى المكتب وجد زين يجلس به وينتظر أدهم فنظر له في غضب وقال : تاني يا زين.... إنت يا أبني مش فاهم الكلام اللي بقوله؟......أنا مش عايز أشوف وشك
زين : يا أدهم أنا جي أطمن عليك بس..... سيبني حتى أطمن عليك مش كفاية إنك عاملي بلوك من كل حتة..... وبعدين أنا عايز أصلح العك اللي عملته ومش هتشوف وشي تاني بعدها.... قولي بس مكان جالا وأنا هروح أحكيلها كل حاجة بنفسي
أدهم : معرفش مكانها..... ما أنا قولتلك كده المرة اللي فاتت
زين : طيب عايزني أدور عليها؟
أدهم : لا مش عايز منك حاجة
زين : طيب على الأقل شيل البلوك..... يا أدهم والله أنا أتغيرت ومش عايز أي حاجة غير إن إحنا نرجع صحاب تاني...... سامحني يا أدهم أنا أسف
تنهد أدهم وقال له : خلاص يا زين..... حصل خير بس متدخلش في حوار جالا نهائي
زين : حاضر.... يعني خلاص مش زعلان مني
أدهم : لا
اقترب منه زين وعانقه وقال له : والله واحشني جدًا
أدهم : وإنت كمان..... يلا بقى من غير مطرود عشان عندي إجتماع
ذهب زين وهو يشعر بالسعادة وتنهد أدهم في ارتياح.... تبقى أنتي..... هلا تعودين؟
ذهب عمر إلى منزل جالا بعد إنتهاء عمله وأخبرته بأنها ستطلب الطلاق من أدهم مما جعل عمر يشعر بالسعادة واليقين بأن جالا بالفعل بدأت تتخطى أدهم ثم طلبت منه جالا أن يبحث لها عن محامي خاص بهذه القضايا وبعد يومين ذهبت إلى المحامي وقامت برفع الدعوى وبعد ١٠ أيام وقف المحضر أمام باب منزل أدهم