رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل السابع عشر 17 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل السابع عشر

حين التقت نظرات أحمد بعيني "برنت"، كانت النظرة وحدها كفيلة بإيقاظ الرعب في روحه. لم تكن نظرة رجلٍ يغار، بل عاصفة مكبوتة تحمل نذر الدمار.

اضطر برنت إلى كسر الصمت بشيء من الارتباك:
"سيّد أحمد... إنها مع الآنسة إيفرلي."

لم يكن في الأمر غرابة، فالصداقة بين سارة وإيفرلي قديمةٌ، عميقة الجذور كعريشة عنب نمت فوق جدران الوقت. ومع ذلك، لم يكن أحمد يطلب الطمأنينة... بل السيطرة.
طلب منه أحمد ببرود يخفي خلفه جحيمًا يتصاعد:
"تابع حسابها على إنستغرام... أريد معرفة أين تأخذها."

كان يعرف أن إيفرلي لا تعبث بعواطفها فحسب، بل تُعيد تشكيل العالم من حول سارة؛ تقصّ من ذاكرتها، وتبدّل ملامحها كما يُبدّل الرسام ضربات فرشاته في اللحظة الأخيرة قبل اكتمال اللوحة.

أظهر برنت إحدى الصور على شاشة هاتفه، وأقحمها في عالم أحمد كطلقة بلا صوت.

في الصورة، وقفت إيفرلي في الواجهة، تفتخر بتجعيدات شعرها الوردية كما لو أنها تُعلن انتصارًا صغيرًا على العالم. لكن عينَي أحمد لم تتوقفا عندها، بل انزلقتا مباشرة نحو سارة، التي كانت تقف إلى الخلف، كأنها نصف ظلال، ونصف امرأة جديدة.

كان شعرها مقصوصًا عند منتصف الرأس، قصيرًا يكشف كل انحناءة في وجهها العاجي، وكل تعبير دقيق مرسوم على صفحة روحها. قميص أكسفورد بسيط ينزلق على كتفيها، كاشفًا عن عظمة الترقوة كأنها طريق حجري يؤدي إلى ماضٍ لم يُنسَ بعد. كانت تنظر إلى الأسفل، نظرة امرأة لا تفرح، لكنها لم تَعُد

تبكي أيضًا.
جمالها كان غريبًا، مزيجًا من هشاشة وصرامة، وكأنها تمثالٌ رُكّب من حطامٍ قديم، ثم صقلته يد الحياة.

تحت الصورة، كُتبت عبارة واحدة:
"وُلدتُ من جديد."

كانت يد أحمد ترتجف دون أن يشعر، أصابعه تنكمش كأنها تُمسك بطرف جرحٍ لا يريد أن يلتئم.
عامٌ من البعد، عامٌ من التوتر والعداء والكلمات القاسية... كان من المفترض أن يشعر بالراحة حين يرى سارة تبتعد، أن يقول لنفسه: "لقد انتهى الأمر."

لكنه لم يشعر بشيء من هذا... بل فقط، شعور خانق كأن هناك ثعبانًا التفّ على حنجرته.

كيف لها أن تولد من جديد وهو لم يدفنها بعد؟

ذكّر نفسه بصوت داخلي مشبع بالمرارة:
"أختك رحلت يا أحمد... هي لم تكن هناك حين انهار العالم بين يديك، فلمَ يحق لها إعلان الخلاص؟"

أقنع نفسه أن ما يشعر به ليس شوقًا... بل رغبة في الانتقام، عارٍ وملتهب، يريد أن يعيد ترتيب الوجع كما يشاء.

"لم أنتهِ بعد... لم أُسلّمها للغياب."

وهو غارق في تلك الأفكار التي تنهش وعيه، قاطعه برنت بنبرة حذرة:
"سيّد أحمد... السيدة هيلتون أخذت السيدة سارة إلى نادي دارك هورس."

ضغط برنت على الشاشة، فظهرت صورة جديدة أكثر استفزازًا، أشبه بلوحة تميل للجنون.

في غرفة ذات إضاءة خافتة تُشبه الحلم، كانت سارة مستلقية على أريكة فاخرة ناعمة، حولها ضوءٌ خافت ينساب كغبار النجوم. أمامها شاب وسيم يرتدي الأبيض، جاثٍ على ركبة واحدة، يطعمها حبّات من العنب، كأنها ملكة رومانية تُقدَّم لها القرابين.

انفجر أحمد من الداخل، وانكمش وجهه كما لو أن صاعقة سقطت على قلبه مباشرة.
قبض على هاتفه بعنف كاد يُحطّمه، ثم قال بصوتٍ قاتم، صلب كالسيف:
"اذهب إلى النادي... الآن."

هبّت نسائم الليل باردة، كأنّ الهواء نفسه قرر أن يوقظه من وهم الصلابة، غير قادر على صرف تفكيره عن ذلك الشاب الذي ظهر بالرداء الأبيض.
كان يعرف نقاط ضعفها كما يعرف شقوق راحتيه. يعرف أن الأبيض يُربك قلبها، وأنه لطالما تاهت في مراهقتها وهي ترسم صورةً لفتى أحلامها بقميص أبيض، وصدرٍ مفتوح كنافذة على حبٍ مؤجل.

وفي تلك اللحظة، كأن الزمن توقّف ليسمع ما لم يقله، أدرك أحمد أنه لا يريد الطلاق. لا الآن، ولا غدًا، ولا بعد عمرٍ من الغضب.
أرادها قربه، لا لأن الحب تسلّل مجددًا إلى قلبه، بل لأنه لم يحتمل فكرة نجاتها منه. أرادها شاهدةً على ندمه، مقيدةً بخطيئة لا تخصها، تعيش تحت نير الألم الذي وُلد من خيانة جيف، لكن تُكفّر عنه هي، وحدها.

كان غارقًا في دوامة من الغضب والعناد حين التفت إلى "برنت"، الذي كان يجلس بجانبه في السيارة، يحبس أنفاسه كمن يعيش في غرفة مغلقة النوافذ.

خلال العامين الماضيين، رأى برنت أحمد وهو يُغدق الحنان على مارينا، يلبي طلباتها، يحتمل مزاجها المتقلّب... لكنه لم يره يحبّها. لم يكن فيها الشرارة التي تُشعل عينيه.
أما سارة، فكانت العاصفة التي خلخلت كيانه... المرأة الوحيدة التي لم يستطع امتلاكها بالكامل، ولا التخلي عنها تمامًا.
وبرغم أن الكراهية

كانت وقود أحمد الوحيد مؤخرًا، فقد شعر برنت بالخوف... لأنه يعلم أن الرجل الذي يحبّ من قلب مظلم، يملك قدرة مرعبة على التدمير.
وصل أحمد إلى بوابة دارك هورس كعاصفةٍ تُهدد بابتلاع المكان. لكن الفراغ استقبله، لا سارة ولا إيفرلي في الأرجاء.
علم لاحقًا أن سارة اصطحبت صديقتها المخمورة إلى المنزل، بعد أن بدأت تُثير الفوضى كمن أضاع بوصلته.

لكن شيئًا ما كان يتحرّك داخل أحمد، إحساسٌ جديد لم يُسمّه بعد. هل هو قلق؟ شوق؟ أم فقدان بدأ يترسّخ في القلب دون استئذان؟
أمر رجاله أن يفتشوا المدينة كما لو كانت مسرح جريمة.

"فتّشوا كل مكان. لا أريد أن تختفي هكذا!"

برنت، الذي كان يحاول السيطرة على الموقف، اتصل بجميع الفنادق في أنحاء المدينة، لكن لا شيء.

قال وهو يحاول أن يبدو متماسكًا:
"سيّد أحمد، يبدو أنها رتّبت مكان إقامتها مسبقًا. العثور على شقة دون وسيط سيأخذ وقتًا."

في لحظة، تحوّل وجه أحمد إلى لوحة مشبعة بالسواد، إدراكٌ قاتم بدأ يتسلّل إليه:
إنها تنوي الرحيل... إلى الأبد.
بمجرّد حصولها على التعويض، ستنقلب الصفحة دون رجعة.

صرخ كمن رأى أحلامه تُحرق أمامه:
"انظر إليها... ابحث عنها، مهما كلّف الأمر!"

لكن في خضمّ تلك الفوضى، جاء الخبر الوحيد الذي هدّأ شيئًا في داخله: سارة لم تغادر النادي برفقة أي رجل.

رغم ذلك، لم يمرّ الأمر بسلام. فالرجال الذين استضافوها تلك الليلة تم اقتيادهم إلى أحمد.
جلس في ركنٍ مظلم، يشعل سيجارًا، يراقبهم

من خلف غلالة الدخان.
كانوا شاحبين، منهارين، وعيونهم تبحث عن مخرج لا وجود له.

قال بصوتٍ يشبه طقطقة الزجاج تحت الأقدام:
"ارفعوا رؤوسكم."

لم يتخيل أولئك الشبان، يومًا، أنهم سيجدون أنفسهم أمام شخصية بهذا السطوة، بهذا الغضب الصامت الذي يشبه هدير محيط قبيل العاصفة.

قال أحدهم، يتلعثم من شدّة الرعب:
"سيّد أحمد..."

قاطعهم، بصوتٍ يحمل لسعة الموت:
"هل ضايقتها؟"

هزّ الآخر رأسه كمن يتوسل الحياة:
"لا، لم نفعل شيئًا. لم تكن مرتاحة، أبعدتنا عنها. فقط شربت بعض الكؤوس، ثم رحلت برفقة صديقتها."

ضحك أحمد، ضحكة باردة كالمعدن، ثم رفع ذقن أحدهم بين أصابعه، يتفحّص وجهه الذي اختلطت عليه الألوان... مساحيق تجميل رخيصة، عطرٌ نفّاذ كالغش، وارتباك يتصبّب من جلده.

كان يراه ولا يراه.
كل ما كان يراه... هو ظل سارة يبتعد عنه شيئًا فشيئًا، وهو، بلا وعي، يُمسك بطرفه كما يُمسك الغريق بخيط دخان.
تجمد الهواء في صدره، ثم نطق أحمد بكلمات جاءت كالرصاص:
"كيف تجرؤ على إطعامها العنب؟ أتدري كم هو وضيع أن ترفع يدك نحو فم امرأة لا تخصك؟"

حدّق الشاب فيه بذهول، كأنّه يحاول فهم ما إذا كان هذا مجرد تهديد أو بداية النهاية.
لكن أحمد لم يمنحه حتى فرصة الرجاء. بصوتٍ منخفض، مخيف في هدوئه:
"تصرفوا معه."

فزع الشاب، وركع على الأرض كمن فقد عظامه دفعة واحدة:
"سيدي أحمد... أرجوك، لا... لا تفعل!"

كاد البكاء يخنقه، وانخرط الآخر في نحيبٍ طفولي لا يليق بجسدٍ راشد.
إلا أن "برنت"، ذلك الظل الذي رافق أحمد في صمته وسُلطته، تقدّم بخطى مترددة، يحمل في هاتفه أمل النجاة، وقال بهدوء:
"سيدي، لقد راجعتُ كاميرات المراقبة.

.. لم يحدث أي تلامس. لم تقترب منهم قط. لقد جلست، ورفضت حتى نظراتهم."
كانت الكلمات بردًا على نارٍ تكاد تشتعل.
أحمد لم يُجب. فقط نظر إليهم بازدراء، كأنهم حشرات علقت تحت زجاج قلبه، ثم أدار ظهره.

اثنان من الشبان، غرقا في دموعٍ لم تُسعفهما.
كل ما أراداه، من تلك الليلة، هو وعد زائف بنعيم مؤقت.
لكنّها لم تلتفت إليهما. لم تبادل حتى النظرات.
ثم، خرجت... ليحلّ محلها شيطان يلبس بدلته كما يلبس أحدهم قناعه الأخير.

يا لسوء الحظ!
لقد استقبلوا امرأة لا تُشبه زبائنهم، وودّعوها بكارثة.

أما أحمد، فقد كان جسده هناك، وعقله يتسكع في مكان آخر.
صعد سيارته، وترك الملهى خلفه كما تترك الحرب بلدةً مدمّرة.
قاد بلا وجهة، بلا خطة... فقط سؤال واحد يعصف به:

"إلى أين قد تذهب حين لا تجد مأوى؟"

منذ أن نُقل "جيف" إلى العناية المركزة، لم يعد هناك ما يربط سارة بالمستشفى. هاتفها مغلق.
كل الأماكن التي زارها معها، تحوّلت إلى محطات يبحث فيها عن أثر.
سار كالأعمى في مدينةٍ مليئة بالذكريات التي تبخّرت.

في النهاية، عاد إلى الفيلا التي سكنها معها لوقتٍ قصير، لكنها تشبه مقبرة أكثر من كونها منزلًا.

الفيلا... التي كانت تحمل عبيرها، ضجيجها، طريقتها في ترتيب الزهور عند كل صباح، صارت الآن مسرحًا خاليًا، جافًا، بلا نبض.

دخل بخطى بطيئة، كما لو أنه يسير داخل قلبه.
لا أصوات، لا عطر، لا أثر.
حتى المزهرية التي كانت تتصدر الطاولة اختفت، وكأنها خجلت من البقاء وحدها.

في غرفة النوم، لم يجد صورة واحدة لها.
الصور المعلّقة على الجدران

كانت قد بُترت منها... لم يبقَ فيها سوى أحمد، واقفًا كأرملة في فستان زفافها بعد الجنازة.
لم تأخذ شيئًا ذا قيمة من إرثه أو ماله... لا فساتين العلامات الفاخرة، ولا الحقائب الباهظة.
فقط حفنة من الملابس الرخيصة، وحقيبة اختفت بها كأنها تسرق نفسها من مصيرها.

حتى خاتمها... أعادته إليه.

كان كل شيء قد رحل: فرشاة أسنانها، كوبها المفضل، مناشفها المعلقة على الخطاف.
في الحمام، بدت فرشاة أسنانه الكهربائية يتيمةً على الرف، تنظر إليه وكأنها تسأله:
"أين ذهبتِ؟"

ثم خطا إلى غرفة الأطفال.
الغرفة التي لطالما اعتبرتها ملاذها، ملأتها بخططٍ لم تُكتب، وأحلام لم تولد.

دفع الباب، ويده مبلّلة بالعرق.
فتح ببطء...
وما استقبله كان صمتًا أشبه بنصل.

الغرفة فارغة.

وكأنها لم تكن هناك من الأصل.

لقد رحلت، بالكامل... قطعت كل خيطٍ يربطها به.
قال برنت بصوت خفيض يختبئ خلفه تعبُ العجز:

"سيدي أحمد... لا تقلق. لقد تواصلت مع جميع خطوط الطيران، ومكاتب القطارات، وحتى الحافلات بين المدن. لم تُسجَّل أي تذكرة باسم السيدة سارة، لا يدويًّا ولا إلكترونيًّا. وهي... ما زالت تحت المراقبة، بما أن جيف ما زال تحت الحراسة الطبية. لن تغادر المدينة، هذا مؤكد."

لكن ما لم يقله برنت، وما لم يُكتب في تقرير، هو أن المرأة لا تحتاج إلى تذكرة لتغادر... يكفي أن تغلق قلبها خلفها وتمضي.

كان أحمد جالسًا على حافة السرير، ذلك السرير الذي شهد سنوات من الصمت، واحتراق القرب، وأشلاء الحب المذبوح.
لم يكن يعلم أن الصمت يمكن أن يكون صاخبًا إلى هذا

الحد، ولا أن الوحدة تستطيع أن تلتف حولك كحبلٍ مبلولٍ بالخيانة.
في لحظة انكسارٍ داخلي، أدرك لماذا لم يقتل "جيف" رغم قدرته المطلقة على ذلك.
ربما، في مكانٍ ما مظلم في لا وعيه، كان يعرف أن "جيف" ليس مجرد رجل... بل هو نقطة ضعفها، تلك الفتحة الصغيرة في درعها.
بإبقائه حيًّا، أبقى أحمد على خيطٍ شفاف لكنه صلب

همس لنفسه كمن يوقّع أمرًا نهائيًّا:
"ابحث عنها... وأحضرها إلي."

ردّ برنت بتوترٍ مشوب بالخضوع:
"تلقّيت الأمر، سيدي."

ثم خرج كظلٍ يُنذر بليلة بلا قمر.

في غرفة النوم الرئيسية، استلقى أحمد على السرير الذي غادره الدفء منذ شهور.
حتى الليالي التي ناموا فيها منفصلين، كانت بالنسبة له أصعب من تلك التي تشاركا فيها الصمت تحت سقف واحد.
كان يشعر بنقصٍ لا يُعرَف اسمه، لكنه يحرق من الداخل.
يعلم، تمامًا، أن سارة لم تخنه... لكنه لم يستطع تجاوز رؤيتها قرب جيف، قربًا مُطعّمًا بسعادةٍ لم تكن له.

سعادتها، تلك التي بخلت عليه بها، ذكرته بأخته الراحلة... بنفس اللمعة في العين، بنفس الضحكة التي لم تكتمل، وكأن الحياة منحتها لهما فقط لتنتزعهما بعد ذلك دون مبرر.

سارة لم تختر أن تكون ابنة جيف.
لكن خطيئة المولد، في قاموس أحمد، لا تُغتفر.

كان يحمل في قلبه حبًّا لها يقطع أنفاسه، وكراهيةً تسري في شرايينه كما يسري السمّ في عروق سامة.
وحين لم يجد لنفسه مخرجًا من هذا التناقض القاتل، لم يجد سوى التعذيب وسيلةً لفهم نفسه، وللانتقام من شيء لم يرتكبه أحد.

كأنّه حين يؤلمها... يشعر، لوهلة، أنه ينتقم من العالم.

ارتسمت

على وجهه ابتسامة لم تكن ابتسامة، بل كانت شرخًا جديدًا في ملامحه.
"ربما... قد حان الوقت لعقوبةٍ جديدة."

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1