رواية لعنة الضريح الفصل السابع عشر بقلم منى حارس
خرج شهاب من الغرفة وهو يشعر بالسعادة والنشوة من صورة ليليث الفاتنة ، وتمنى أن تكون حقيقة وليست مجرد صورة لامرأة فاتنة، فقالت زوجته بدهشة وهي تجده لا يحمل شيئًا في يده:
فين الكتب اللي هتتخلص منها يا شهاب عايزة اشوفها الاول من فضلك ؟
فلم يرد الزوج أو حتى يسمع زوجته فنادت الزوجة قائلة:
شهاب.. ولم يسمع ما تقوله زوجته فلقد كان الرجل غارقًا بتفكيره في صورة ليليث، وصرخت في زوجها بغضب ، فالتفت لها قائلًا:
إنتي بتقولي حاجة يا منال مش واخد بالي، معلش سرحت شوية فنظرت له الزوجة بتعجُّب قائلة: - سرحان في إيه يا دكتور ؟
فردَّ الزوج بتردد:
ولا حاجة، بس خسارة نفرّط في الكتب، دي كلها كتب نادرة وقيّمة.
منال:
براحتك مدام عجبينك أوي كدة خليهم يا حبيبي .
شهاب:
تمام كدة، هروح انا بقى العيادة لأني اتأخرت اووى .
فسألته منال:
أحضرلك الغدا بسرعة؟
شهاب:
لا ياحبيبتي ماليش نِفس.
وغادر الغرفه مسرعا تاركا زوجته في حيرة وتتساءل ماذا حدث له بداخل غرفة المكتب، فلم يكن كذلك قبل أن يدخل الغرفة تعجبت بفضول ، ولكنها لم تعلق بشيء فلقد صرخت ابنتها الصغيرة وذهبت مسرعة لتراها ولم تهتم لأمر زوجها ، وفي نفس اليوم وبعد منتصف الليل، رن جرس الباب في منزل شهاب، فقام مفزوعًا من نومه على صوت الجرس المتواصل ، وذهب يفتح الباب فوجد رجلًا عجوزًا يرتدي "سروال" أسود و"تيشرت" أسود فتساءل شهاب بشكٍّ:
إنت مين وعايز إيه في الوقت المتاخر دا ؟
وردَّ الرجل الغريب قائلًا:
بلاش تلعب بالنار يا ابني آخرة اللعب بالنار ......وصمت قليلًا ثم نظر لعين شهاب وأكمل قائلًا: الموت والخراب .
بعدها سقط الرجل على الأرض فاقد الوعي، وحاول شهاب إسعاف الرجل، وهنا أتت زوجته وهي مرعوبة وتساءلت:
- فيه إيه يا شهاب؟
فردَّ شهاب:
ساعديني يا منال نحاول نفوّقه وهاتيلي..
فصرخ برعب:
- دا مااااااااااااااااات.
واتصلت منال بالشرطة التي جاءت مسرعة وجاءت الشرطة ولكن الغريب بأن الجثة قد أختفت من أمام المنزل :
فقال الشرطي بغضب:
فين القتيل يا دكتور شهاب اللي بتتكلم عنه؟
شهاب:
كان قدام باب البيت يا حضرة الظابط.
واكملت منال برعب:
كان على الأرض من دقايق ثم انهارت في بكاء هيستيري فضمها زوجها إلى صدره وحاول تهدئتها قائلًا:
خلاص يا منال اهدي مفيش حاجة.
الشرطي بشكٍّ:
- إحنا فتشنا البيت والجنينة شبر شبر مفيش أي حاجة، يظهر انكم كنتم بتحلموا أو بيتهيألكم، ياريت تتأكدوا قبل الاتصال ومش هعملكم بلاغ كاذب وإزعاج للسلطات، وأ كمل الضابط حديثه:
- وابقوا ناموا خفيف علشان الكوابيس.. يلا يا ابني انت وهو.
فنظرت منال لزوجها قائلة:
معقول يكون كان يبيتهيألنا يا شهاب، أنا شفت الراجل بعيني وهو واقع على الأرض.
فنظر لها شهاب:
إحنا مكناش بنحلم يا منال ودا أكبر دليل، ساعة الرجل وقعت منه وانا بحاول اقيس النبض، ورفع شهاب الساعة أمام وجه زوجته، فصرخت الزوجة برعبٍ قائلة:
طيب راح فين إنت متأكد انه كان ميت يا دكتور..؟
لم يرد عليها زوجها ولم يجيب فلم يكن متأكد من شيء في الحقيقية ، بعد الحادثة مباشرة، ذهبت منال لبيت أسرتها لبضعة أيام حتى تريح أعصابها وتنسى الموقف وما حدث فلقد وترها الموقف وجعلها تفقد اعصابها .
وجلس شهاب بمفرده في البيت، واعتاد الدخول يوميًّا إلى غرفة المكتب الخاصة بعمه والنظر لصورة ليليث الفاتنة وهي تبتسم له بدلال ن ويتحدث معها كثيرا ليخبرها كل شيء وما يجول بخاطره وفي إحدى الليالي، ظلَّ شهاب يقرأ في كتب عمه لوقت متأخر من الليل، وهنا سمع صوت غريب يأتي من خلفه وشعر بالهواء البارد يضرب ظهره بشدة ...
وصوت الرياح والصفير العالي في أذنيهى، فنظر خلفه فلم يجد شيء فاستمر بالقراءة فزاد الهواء برودة، وارتجف جسده وشعر بالبرد الشديد والخوف من صوت الصفير في أذنه فقال لنفسه:
"هو فيه ايه هو انا نسيت الشباك مفتوح ولا إيه؟"
فذهب يتأكد، فوجد النافذة مغلقة، فقال بحيرة: فيه إيه بس، أستغفر الله العظيم، أنا هروح انام، أحسن شكلي كدة الكتب دي أثرت عليا وألقى نظرة أخيرة على صورةالفاتنة ليليث وقال
تصبحي على خير يا فاتنة فسمع صوتًا أنثويًا رقيقًا يرد عليه قائلًا:
وانت من أهله" ثم اتبعه بصوت ضحكة ساخرة رنانة ، فقام شهاب مفزوعًا مرددًا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هو في ايه؟
وترك الغرفة مرعوبًا يردد ما تيسَّر له من آيات القرآن الكريم ويبسمل ويحوقل، ودخل غرفته لينام، ولكنه شعر لحاجته لدخول الحمام وقام مفزوعًا ليلًا ، فسمع أصواتًا تتحدث وصوت امرأة تضحك بسخرية، فذهب سريعًا وقام بفتح الباب، فلم يجد شيئًا، واستمر شهاب بسماع ضحكات وأصوات كل يوم بمنزلة إلى أن جاء اليوم الموعود.
وفي عيادة الطبيب دخلت امرأة للكشف، وكان يتحدث وقتها في الهاتف فنظر لها برعبٍ وسقط الهاتف من يده؛ فلقد كانت شديدة الفتنة والجمال وتبتسم بدلالٍ، إنها هي ليليث..
ولكن كيف خرجت من الكتاب لتأتي إليه ، وبعدها تغيَّر الطبيب كثيرًا بعد أول لقاء له مع الفاتنة ليليث، أصبح شخصًا آخر لايعرف إلا هي، نسى زوجته وابنته، نسى كل شيء إلا عيادته، أصبح ملتزمًا بمواعيده ومهتمًا جدًا بمريضاته، لكن الغريب أن كل النساء اللاتي تابعن عنده حملهن، حدث لهن جميعًا إجهاض من غير أي سبب واضح، ولم يلاحظ أحدٌ هذا الموضوع إلا الممرضة التي تعمل بالعيادة؛ "سميرة".
وفي أحد الأيام، رنَّ جرس هاتف العيادة فقامت الممرضة بالرد وكانت إحدى صديقاتها، ودار هذا الحوار بينهما:
سميرة:
ألو عيادة الدكتور شهاب ، كانت صديقتها على الطرف الآخر.
أهلًا أهلًا يا تغريد، إنتي فينك من فترة يا بنتي دا مكنش عيش وملح اللي أكلينوا سوا.
تغريد:
معلش يا سمسمة والله تعبانة ومؤيد معذبني أوووي ، واديني حامل اهو تاني والحمل الجديد تعبني أوووي إحجزيلي يا سمسمة النهارده عند الدكتور ميعاد بدري شوية.
سميرة
بلاش يا تغريد ماتروحي لدكتور تاني أحسن.
ترد :
تغريد باستغراب من كلام صديقتها :
بتقولي كدة ليه يا سميرة مش فاهمة دا الدكتور شهاب ممتاز ومؤيد مولود على إيده.
سميرة:
دا كان زمان قبل مايعرف الشيطانة اللي خلّته يسيب مراته وكل كشف تدخل معاه وكل الستات سق...
ولم تكمل جملتها فلقد شعرت بحركه في المقعد خلفها وشاهدت ليليث تجلس على المقعد وتبتسم لها ابتسامة بشعة وانخفضت درجة حرارة الغرفة مرة واحدة ونتشرت رائحة الموت كريهة بالغرفة والزفرة البشعة , ثم تغير شكلها تماما ..
وتحول إلى كائن بشع لونه أسود وذي قرون طويلة سوداء اللون، وذيل طويل مشقوق وأقدام كثيرة تشبه أرجل الأخطبوط سوداء وثلاث عيون حمراء دموية، وعيون حمراء دمويه ولم تستطع سميرة الصراخ أو بمعنى أدق، لم تجد الوقت الكافي لذلك، فلقد ظهرت من خلفها مباشرة، تلك الأيادي السوداء المشعرة ذات الأظافر المثنية الطويلة وجذبتها الأيادي السوداء بقوة إلى الجدار خلفها ، واختفت سميرة من الغرفة هي وليليث ولم يتبقَ إلا صوت تغريد وهي تصرخ في الهاتف :
سميرة يا سميرة.. إيه اللي حصل عندك بتصرخي ليه ،لم تتلقَ تغريد ايَّ جواب سوى الصمت القاتل الذي لا تستطيع أن تفعفل أي شيء تجاهه سوى بالصمت أيضا
.