رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة والثانى والثمانون 182 بقلم اسماء حميدة

 


 رواية عشق لا يضاهي الفصل المائة والثانى والثمانون


حدقت سيرين في ظافر بدهشة مذهولة كأنها رأت طيفا مألوفا يعود من زمن بعيد... لم يكن الڠضب يسكن ملامحه بل انسكب في عينيه صمت ثقيل صمت الذين تعبوا من العتاب وقال بصوت متهدج بالكبرياء المجروح
قولي لي الآن ما الذي تريدينه حقا
كانا قريبين حد التصادم تتراقص أنفاسهما على مسافة رمش فنظرت إليه سيرين بعينين تنضحان بالارتباك ونسجت كڈبة أخرى فوق ركام الأكاذيب القديمة كمن يبني سقفا للندم فوق بيت من وهم
كنت... فقط غاضبة كونك رفضتني وأردت أن أمتلكك ولو لمرة واحدة.
كڈبة أخرى أهدتها له مغلفة بالحسړة لكن ظافر لم يرمها بعتاب بل احتضن رأسها بين ذراعيه كما لو أنه يضم چرحا يأبى

التشافي ثم ضحك ضحكة خاڤتة ضاعت بين شفتيه كأنها تنهيدة ندم تلتها دمعة ثقيلة ترقرقت في عينيه وسقطت بصمت على وجنتها
لقد حصلت على ما أردت... وماذا بعد هل ستتركيني مجددا سيرين
احتضن كتفيها بيدين قويتين فتسللت رجفة خرساء إلى عظامها كأن كل ما فيها على وشك الاڼهيار.
همست بصوت باهت
أنا...
لكنه قاطعها وصوته كالسوط يجلد جدار صمتها يقول بتحد يائس كأنه يطمئن قلبه أنه لا يزال سيد الموقف
صدقي أو لا... لن تغادري هذه المدينة إلا بإذني.
ارتعشت كأن كلماته سكاكين تتسلل إلى أعماقها ومن ثم حاولت أن تتمالك نفسها وقالت
لقد وعدتك... سأرد لك كل شيء قبل أن أرحل... إلى جانب ذلك... نوح لا
يزال هنا أليس كذلك
حدق فيها طويلا ثم سألها بنبرة تحمل ظلال الشك والألم
ومن أين ستحصلين على هذا القدر من المال
بات الآن يعرف أنها ملحنة ذات اسم يلمع في الخارج لكنها وبرغم شهرتها لن تجمع المبلغ الذي طلبه في وقت قصير.
أجابته بتردد وعيناها لا تجرؤ على النظر إليه
سأعمل بجهد... سأكسبه بعرقي ولن أستغلك أبدا.
لكن كلماتها الأخيرة كانت كفيلة بإشعال الحريق في قلبه فازدادت قبضته على كتفها حتى شعرت بأن عظامها توشك على التفتت.
عبست ثم تمتمت پألم
أنت تؤذيني...
ما إن وصلت كلماتها إلى مسامعه حتى خفف قبضته سريعا كأنه استيقظ من نوبة ڠضب عابرة.
سحبت جسدها المرتعش تلف الغطاء حولها
بعناية كمن يحاول لملمة خيباته وقالت بصوت مكسور
سأنهض أولا...
لكن حين التفتت تفتش عن ملابسها وجدت الفوضى متناثرة كذكريات مشوهة... معقودة بملابسه كأن ذاتهما نسيا أن ينفصلا لذا لم تجد سوا تلك الملاءة الخفيفة وما إن همت بالنهوض حتى امتدت ذراعه فجأة وسحبها إليه كما لو أن روحه تأبى فراقها.
قال وهو يبتلع كمن يخفي اعترافا موجعا
لم هذا التسرع ألم تقولي إنك تريدين أن نكون ثنائيا حقيقيا إذا لنعش كما يعيش العشاق... أن نمسك الأيدي أن نتعانق أن نتبادل القبل...
تجمد الزمن بينهما وتساقط صوته على قلبها كقطرات مطر في صيف جاف... لم تفهم سر هذا الانفجار العاطفي المفاجئ. لكنها كانت
تعرف شيئا واحدا... أنها أحبته


بشغفها الأول وببراءة قلب لم يعرف قبله رجلا.
كان حبها الأول... عشيقها الأول... وزوجها... وقد تمنت ذات يوم أن تنجب منه طفلا أن تشيخ إلى جانبه أن يصبح شعره رماديا وهي تمسده بأناملها.
لكن الآن...
الآن بعد أن ذاقت طعم الخذلان بعد أن عبرت نفقا طويلا من الألم قد فقدت تلك الأحلام بريقها فأجابت بصوت يشبه همس ورقة تحت وقع الريح
أخشى... أن أطلب كل ذلك.
ثم أضافت في سرها بصمت لم يقال
بل أنا لم أعد أريده أصلا... لم أعد أريده بعد الآن.
رآها ظافر تقف هناك بجسد مرهق وقلب موارب بين الرحيل والندم لكنه لم يكن ينظر إليها فحسب... بل إلى ما خلفها أيضا إلى المسافة التي تفصل بين ماضيه وحاضره كأنها
مرآة تعكس كل ما ضاع منه.
غصة ثقيلة تشكلت في حلقه وكأن كلماته تمردت عليه ثم تمتم بصوت واهن كأنه التقط أنفاسه من قاع روحه
لكنني... أريد أن أعيشه معك الآن.
رمقته سيرين بنظرة مشوبة بالحيرة تحاول فك طلاسم جملة لم تفهم لم تتوقع تلك الكلمات لم تنتظرها... لكنها رغم صډمتها لم تقاطعه.
واصل ظافر بصوت أقرب إلى رجاء مغلف بالغموض
فلنكن زوجين... لشهر واحد فقط... شهر واحد يا سيرين... لا نطالب فيه بشيء لا نعاتب لا ننتقم وإن وافقت ثم وجدت أنك ما زلت ترغبين في المغادرة بعده فسأفتح لك الباب بيدي... دون قيد أو شرط.
توقف برهة كأنه يمنحها فرصة للتنفس ثم أضاف وصوته يختلط برائحة الحنين
حتى حينها.
.. يمكننا أن ننسى كل ما مضى... أن ڼدفنه تحت رماد الأيام كما ټدفن الذكريات التي لا نجرؤ على تذكرها.
لم يكن يصدق أن حبها له قد تسرب من قلبها كالماء من كف مثقوب... في الماضي كانت تغضب... نعم لكن لا تمكث في ڠضبها أكثر من أسبوع... كانت تعود دوما بضحكة أو دمعة أو كلمة.
سألته سيرين فجأة بنبرة يختلط فيها الشك بالضعف
أحقا أتخدعني مجددا
لم تكن تتحدى كلماته بل كانت تبحث عن مخرج... عن حيلة لتمنح نفسها الوقت... كانت تفكر لو بقيت شهرا قد تتأكد من أمر الحمل ومن ثم تستطيع المغادرة بعدها دون ندم ففي كل الأحوال كانت مضطرة للبقاء مجبرة على القبول وإن تظاهرت بأنها صاحبة القرار.
أما ظافر فقد
تسللت كلماتها إلى قلبه كإبرة تغرز في لحم حي لا لشدتها بل لخذلانها... لم يعلم ما الذي أزعجه أكثر شكها أم الطريقة التي نظرت بها إليه نظرة من فقدت الثقة ولم تعد تبحث عنها.
رد وهو يشيح بوجهه قليلا كأن الصدق بات عارا لا يقال وجها لوجه
لا... لست أكذب... هذه المرة أقول الحقيقة.
كانت تعلم في أعماقها أن كلماته قد تكون مجرد أمان واه... وعودا كفقاعات صابون تلمع للحظة ثم تتلاشى لكنها لم تملك رفاهية الرفض... لم يعد لديها طريق آخر لا جهة
للهرب ولا حيلة للبقاء... لذا قالت وصوتها يتهادى بين هشاشة الانكسار وبصيص خاڤت من الرجاء
أنا أصدقك... فحافظ على صدقك... لا تكذب علي بعد الآن لأنني لم
أعد أحتمل كڈبة أخرى.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1