![]() |
رواية إنما للورد عشاق الفصل التاسع عشر بقلم ماهي عاطف
بعد مرور أسبوعين ..
باتت صامتة كالعادة، لكن بهيئة قوية جديدة تستطيع الآن أن تجعل جروحها تندمل بسهولة على فراقه .. فراق رجلٍ!
اعتادت على الصمود والقوة التي انتابتها جراء معاونة طبيبها النفسي "حمزة"، الذي تواعد نحو ذاته بإخراجها من حالة اليأس والاكتئاب نتيجة ما حدث لها ..
وقفت أمام المرآة تتأمل الفستان الذي ابتاعته عبر الإنترنت، بعيون لامعة واثقة وأيضًا ماكرة لعلمها بأنها أصبحت فاتنة، صارخة الإعجاب لكل من يراها .. حتى هو !!
اكتسبت الثقة بالنفس كي تقف من جديد على قدميها، فلا وقت للانهيار مرة أخرى. يكفي تقليل من شأنها كي يبادلها شعور مراوغ!
تنفست عدة مرات متخلية عن توترها، ابتسمت بإشراق هادئ يزين ملامحها بعدما انتهت من لمساتها الأخيرة.
تغلغلت بروحها السعادة، جعلتها كفراشة خفيفة الظل تتحرك بسرعة بين الزهور لإتمام علاجها والتعافي كليًا من تلك العقاقير المؤذية لجسدها!
ذهبت نحو الباب لتفتحه بعدما استمعت لطرقاته التي تدل على صاحبه. ابتسمت باستحياء حينما لاحظت نظرات "حمزة" المصوبة نحوها بتمعن كأنه يريد أن يحفر كل إنش بها بداخله!
شعرت بأنها تبادله ولو جزءًا بسيطًا من مشاعره التي شعرت بها، لكنها أرادت عدم إظهار تلك العواطف الجياشة
كونها لرجلٍ سواه .. لرفيقه !!
تنهد مستجمعًا نبرة هادئة كي تخرج دون توتر: جاهزة؟
أومأت له بعينيها التي جذبته إليها دون عناء، فحمحم قائلًا بخفوت مشيحًا بنظره عنها كي لا ينهزم أمامها: هاترجعي الفندق هنا تاني ولا هاتستقري خلاص في بيت عمك؟
صمتت لا تعلم ماذا تقول من حديث .. هل تبقى أم تمكث هناك في منزل شخص لم يملك ذرة من الرجولة كما ادعت هي!
بحيرة وتوهان أجابت: مش عارفة بس متأكدة إني مش عايزة أرجع هناك تاني.
ابتسم لها بسعادة بعدما تأكد من قوتها ونسيان حبها الذي بات كالسم الذي انتشر في روحها وقلبها اللعين الذي اختاره، وتلك المشاعر نحوه التي أدركت أنها مراوغة كأفعاله هو !!
أفسح لها المجال لتخطو للأمام، ثم يليها هو بحركة رجولية أثارتها كأفعاله الباقية ..
****
عقب استراحتها من عناء السفر، استقامت لتغتسل كي ترتدي ثيابها بعدما هاتفت "ماجد" ليصعد يبدل ثيابه هو الآخر لحضور عقد قِران ابنة خالتها "عنان" وشقيقتها الصغرى.
رمقت الصورة المعلقة على الحائط التي تجمعها به بهيام، فصارت تحمل نحوه مشاعر مختبئة لا يمكنها الإفصاح عنها بتاتًا كونها ما زالت تخجل منه، من تواجده الدائم معها !!
حتى أنه أصرّ على السفر معها تاركًا عمله الشاق من أجلها، يفعل ما بوسعه كي يكون لها عائلتها التي افتقدتها، يغدقها بحنو لم تعتاد عليه من أحد طوال أعوامها المنصهرة البائسة؛ مما جعلها تشعر بشيء غريب نحوه كإعجاب ثم يليه حب !!
شعورٌ مختلف كليًا لم تعتاده مع أحد سواه، أن تبقى مع شخص حنون يكفي أن تطلب المزيد.
دلف دون أن يطرق الباب، فأراد العبث معها قليلًا، بات يعشق خجلها واحمرار وجنتيها الذي استحوذ عليه التهامهم!
اقترب من وقفتها أمام المرآة ثم تجرأ كأيامه السابقة ووضع يده حول خصرها من الخلف، يحيطها بأنامله الخبيرة كرجلٍ، مستنشقًا رائحتها التي تغلغلت بين ثناياه ليجعلها تنهار في وقفتها.
جعلها تستدير له، فطأطأت رأسها أرضًا رافضةً النظر نحو عينيه التي تلتهم جسدها البض بنهم شديد كأنه في صحراء جرداء خالية من الطعام والشراب، حتى رآها وقد حصل على كل شيء.
قبل أن يقترب بشفتيه منها، دفعته بصعوبة، محاولةً استنشاق الهواء بعدما كان شبه منعدم لقربه المهلك.
تحدثت بعد عناء بنبرةٍ مرتبكة، مشيرةً فوق الفراش بسبابتها نحو حلته السوداء التي اختارتها بعناية: جهزت لك البدلة، خد شاور بسرعة، عقبال ما ألبس
قهقه على هيئتها المتوترة ثم اقترب منها مشاكسًا إياها:
من عيوني، يا زوجتي الجميلة
ثم أرسل لها غمزة عابثة وغادر نحو الحمام كي يرتدي ثيابه على الفور ويعود إليها متلهفًا.
لم تستطع أن تكبح قهقهتها على مزاحه وحديثه المشاكس لها من حين إلى حين. فوضعت يدها فوق ضربات قلبها التي تتزايد ثم قالت مفصحة عن مشاعرها المخبأة بكلمة واحدة: بحبك يا ماجد
****
ارتدى حلته الزرقاء ثم هبط الدرج بخطوات واثقة وثابتة نحو والدته التي كانت تقف مع مصممي الديكور. استدارت له حينما لمحت طيفه، وابتسمت له بحنان، ربتت فوق ذراعه، تعلقت به ثم اصطحبته نحو الخارج كي يتعرف على أصدقائها.
بعد نصف ساعة شعر بالملل فاستأذن ثم جاء ليصعد نحو غرفة شقيقته لكنه لمح فتاةً مقبلة عليه وبجوارها شاب وسيم. دقق النظر فاجتاحت عيناه الصدمة حينما علم بأنها "فرح" والمجاور لها رفيقه!
تطلع نحوهم بدهشة جلية فوق قسماته، والأكثر دهشة عندما وقفت أمامه ترمقه بإستخفاف قائلة بنبرةٍ ساخرة: أهلًا يا عاصي، بقالي كتير ما شوفتكش، عمومًا فرصة سعيدة
استأذن "حمزة" الذهاب إلى الحمام، فجذبها الآخر من رسغها بقوة فاصطدمت بصدره القوي مردفًا بفحيح: جاية مع حمزة ليه يا فرح، في إيه بينك وبينه؟
نفضت يدها عنوة ثم دفعته للخلف مما جعله يتأوه عندما اصطدم بالحائط، لكنها لم تبالِ واقتربت أكثر حتى لافحت أنفاسهم سويًا، فقالت بدلال أنثوي: الدكتور بتاعي وجينا سوا علشان رايحين نفس المكان
ثم تابعت باحتدام وعدوانية شديدة: وماتدخلش في حاجة
ما تخصكش، روح نام زي ما كنت نايم قبل كده وملكش دعوة بيا يا عاصي، تمام!
لم تنتظر إجابته، فأسرعت في خطواتها نحو "فيروز" التي استقبلتها بحفاوة وسعادة بالغة من عودتها بعدما أخبرهم "عاصي" بسفرها نحو الخارج كي تستريح قليلًا والعودة يوم عقد قِران شقيقته.
****
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير "
عقب إتمام عقد القِران والموافقة بين الطرفين، توالت عليهما التهاني والدعوات بحياة هنيئة لهما. عانق "عاصي" شقيقته بسعادة، فقد كان الأخ والداعم لها منذ وفاة والده، لكن بالنسبة لها لم تشعر بهذه القرابة بتاتًا، فدومًا تخبر ذاتها بأنه شخص أناني المشاعر يتجاهل الآخرين ومشاعرهم، يضع رغباته واحتياجاته في المرتبة الأولى.
ابتسمت لـ"عثمان" على استحياء حينما طلب منها أن يضع قبلة خفيفة فوق جبهتها، فأومأت له ثم وضعها، تلاها ضحكته الصاخبة لاحمرار وجهها جراء فعلته.
في زاوية بعيدة عن الجميع، وقفت تتأبط ذراع زوجها الذي يهمس لها بحديثٍ جعل عينيها تجحظان من فرط الخجل الذي استحوذ عليها بسببه. لكزته أن يصمت، فلم يهتم بفعلتها، فعاودت لكزه مرةً أخرى بغضب حينما لمحت خالتها تغمز لها بطرف عينيها.
وقفت أمامه ترمقه بغيظ مكتوم قائلة باحتدام: خالتي شافتك ما تتلم بقي يا ماجد
رفع يده باستسلام ثم أخرج جيبه الشاغر من الأموال مردفًا بلا مبالاة: ماحدش ليه حاجة عندنا يا حبيبتي ولا فلوسهم حتى في جيبي بصي
كبحت ضحكتها على فعلته، واضعةً يدها فوق فمها تمنع ابتسامتها من التباين، ثم قالت بنفاذ صبر: ولو، مينفعش كده لما نروح بيتنا، عيب كده
_" يعني أدوس براحتي في بيتنا؟ "
وضعت يدها فوق فمه كي يصمت بعدما ارتفع صوته، أجابت بنبرةٍ على وشك البكاء: اسكت بقي، منظرنا بقى زي الزفت والمعازيم بتبص علينا
تنهد ثم ابتعد عنها قليلًا شاعرًا بالضيق جراء ما تخبره به، في مخيلته دار حديثٌ عن علاقتهم المحتومة بالفشل من وجهة نظره. فكلما اقترب منها، ابتعدت عنه!
لقد فعل ما بوسعه لها، وما زالت تشعر بالنفور نحوه!
ماذا يفعل أيضًا كي تبادله مشاعره التي اتضحت للجميع سوى لها؟
على الجانب الآخر، وقفت بجوار "حمزة " تتحدث بعفوية، لم يشعرَا بالوقت والبشر من حولهما. أقسم بأنه سينهزم أمام عينيها اللتين جعلتاه لا يرى سواها، جسدها البض الفاتن الذي أبرزه فستانها بدقة، شفتيها الذي أخرج تنهيدة عميقة كلما نظر إليها، تمنى لو أخذها في عناقٍ حار يبث به شوقه المتلهف نحوها.
أعين تراقب ما يحدث بحقد وغضبٍ سافر، لم يستطع الصمود أكثر فتوجه نحو زوجته يمسك رسغها بقوة غير عابئ بنداء أحد حتى والدته، فلم يتحمل فكرة أن ينظر إليها أحد بوقاحة كما فعل هذا الأحمق الذي يُدعى رفيقه!
يا للسخرية .. عن أي رفيق يتحدث؟
رفيقه الذي انتشل منه زوجته في لمح البصر غافلاً عن المشاعر التي تحركت ونبض القلب لأجلها !!
صعد بها الدرج متوجهًا نحو غرفته، ركل الباب بقدمه ثم دفعها فوق الفراش محاصرًا إياها بين جسده، لينطق أخيرًا جازًا على أسنانه بقوة: عاجبك نظراته ليكِ؟ ردي عليا يا هانم
دفعته بيدها بصعوبة لثقل جسده، مشيرة بسبابتها كتحذير: ألزم حدودك وملكش دعوة بيا، وبعدين احنا هانطلق، نافش ريشك لية وبتتكلم كأنك غيران مثلًا؟!
_" طلاق؟! مين جاب سيرة الطلاق أصلًا؟ "
رفعت حاجبيها غير مستوعبة وقاحته اللامنتهية في حديثه، عقبت بعصبية مفرطة: احنا متفقين بلاش تمثيل، يلا طلقني حالًا، أنا اتعافيت وخلصت مراحل العلاج، يعني بقيت إنسانة طبيعية مش مدمنة
قالت الكلمة الأخيرة باستهزاء، مُذكرة إياه بقوله حينما علم بإدمانها، معايرًا إياها كأنها لا تعني له شيئًا!
فتابعت بنبرةٍ قوية تحمل السخرية: الفضل يرجع لحمزة اللي حسسني إني مش معيوبة وكان سند ليا في عز ما تخليت أنت وأهلك عني، طلقني دلوقتي علشان كده كده مش هاقعد هنا تاني، وماتضطرش إني أرفع قضية خلع اللي متأكدة إني هاكسبها في لمح البصر يا عاصي
بعدم تصديق لحديثها القوي الذي يحمل بين طياته النفور الذي استحوذ عليها منذ مجيئها في الصباح، زفر بسأم ثم تنهد مجيبًا بجمود امتثالًا لحديثها: أنتِ طالق يا فرح
لم تحزن ولم تذرف الدموع كما توقع، بل قهقهت بسعادة كأنه كان همًّا وغادر حياتها!
رمقته بإشمئزاز ، بينما هو صمت مستديرًا نحو الأسفل حتى تغادر شقيقته مع زوجها فقد رفض "عثمان" رفضًا قاطعًا أن يقيم حفل زفاف، وأراد الذهاب مع حبيبته إلى بيت الله كي يبدأ حياتهما الجديدة سويًا في نعيم بعيدًا عن الضجيج والسيئات الجارية ..
****
ساد الصمت في السيارة كالعادة بينهما فمهما حدث يعودان إلى نقطة الصفر وكأن لم يكن شيء!
تنهدت مشيحة بنظرها إلى خارج النافذة رافضةً أن تنبث بكلمة واحدة كي لا تزيد الطين بلة ويعود غاضبًا أكثر، بينما هو شرد يفكر لماذا تقف الحياة دومًا عائقًا أمام سعادته، حتى أنه حينما أراد فتح صفحة جديدة كي يحب، وقع الاختيار خطأ مرةً أخرى، فحقًا الشعور بالعذاب مُرّ المذاق!
بعد نصف ساعة وصلا المنزل ثم دلفوا ليجدوا "كوثر" ترمق "ورد" من أعلاها لأخمص قدمها بكراهية شديدة لا أحد يعلم سببها!
لم تعِ بنظرات زوجها التي تحمل التهديد، مقتربةً منها بغنج قائلة باستخفاف: شيفاكِ ما شاء الله، خدتي على الوضع بينكم بسرعة ووشك رجع ينور
أغلقت جفونها مسيطرة على ذاتها، فالوقت لا يسمح بتلك المناقشات السخيفة، ردت بدلال جعلها تود الفكاك بها: طول عمري وشي منور يا مرات عمي، مش محتاجة كلمتك دي
تحدثت بهذا الحديث ثم جاءت لتصعد مع زوجها، ففاجأتها حينما ناطحتها بقولها الحاد الماكر: أنا عايزة حفيد
_" هانجيب حفيد إزاي يا ماما وأنا مش بخلف؟ "
أصبح الأمر بالنسبة له شيئًا عاديًا كونه اعتاد على حديثها السام، راشقًا في قلبه كالخنجر، لا يهمها نبرته الحزينة فعقبت بإصرار: مليش دعوة، مش مشكلتي، أنا عايزة حفيد يا ماجد، ما هو مش معقول نخسر واحد وما نجيبش تاني!
صعد نحو غرفته يجر خيبة آماله نحو كل شيء، رغمًا عنه فرت دمعة حارة من عينيه التي طالما كانت تبتسم ولا تعلم عن الحزن شيئًا، لكن ماذا يفعل؟ فهي والدته تلك الشمطاء، لا يهمها ما يشعر به من الآلام بداخله، ولم تعِ بحساسية هذا الموضوع نحوه.
هرولت إلى الدرج كي تطمئن عليه قبل أن يهزمه الحديث من جديد، وجدته يجلس فوق الفراش، عبراته تتساقط بغزارة كطفل صغير. أشفقت عليه، مقتربة منه بتأني، ثم جلست عند ركبتيه، أمسكت بيده وطبعت قبلة بباطن كفه، ثم قالت بنبرةٍ قوية يملؤها العزيمة:
ماجد، مينفعش نبين ضعفنا لحد مهما كان خليك واثق وعارف إن ربنا مش بيعمل حاجة غلط ودايمًا الخير لينا. أُمال بتصلي إزاي؟
وثب واقفًا مبتعدًا عنها ثم قال بنبرةٍ لا حياة فيها: إحنا لازم نتطلق يا ورد، أنا بظلمك معايا
وضعت يدها فوق فمه تمنعه من تكملة هرتلته ثم عنفته بقوة: اسكت ما تقولش كده، عايز تسيبني بعد ما لاقيتك! طب ليه علقتني بيك؟ مفيش حاجة اسمها طلاق، سامع؟
أشاح وجهه بعيدًا عنها كي لا يضعف أمام حديثها الذي أشعره ولو بقليل من السعادة: مش هاينفع يا ورد، أنا بربطك معايا طول عمري، افهمي بقى أنا واحد عقيم مش بيخلف، يعني عمرك ما هاتسمعي كلمة يا ماما.
_" أنا راضية والله راضية بس ماتسبنيش بالله عليك، أنا من غيرك ممكن أضيع تاني "
غير مصدقًا حديثها، فاقترب منها يمسك وجهها بين كفيه، متسائلًا بلهفة: قصدك إنك
وضعت جبهتها فوق جبهته مغمضة عينيها، ثم أردفت بشغف: بحبك يا ماجد، بحبك أوي، مش عايزاك تسيبني
وكأنها أعطته الإجابة كي يمتلكها بكل حنان، أخذها في عناقٍ حار يبث فيه كل ما شعر به في هذه اللحظة، مقبلًا خصلاتها بلهفة، ثم احتضنها بسعادة وظل يدور بها، فامتلأت الغرفة بالضحكات الصاخبة جعلت الأذن التي تستمع إليهم تشعر بالحقد وفشل مخططها مرةً أخرى أمام تلك "الورد".
****
بعدما غادر المدعوون، صعد إلى غرفته يلتفت يمينًا ويسارًا بتوجسٍ من أن يراه أحد. قام بإغلاق الباب وأوصده جيدًا بالمفتاح، اقترب من الفراش وألقى الوسائد والغطاء الموضوع فوق الأرضية بإهمال، ثم ضغط على عدة أزرار مما جعل السرير يتزحزح من موضعه فابتسم بشيطانية.
ثم هبط الدرج الصغير الذي يقبع أسفله غرفة صغيرة معتمة كحال الليل لكنها نظيفة، جميعها باللون الأسود.
تحرك نحو المكتب وأضاء المصباح لينظر نحو الصور المعلقة أمامه بنفور، ثم أمسك بالقلم واضعًا علامة خطأ على صورة شخص كان يحقد عليه طوال حياته، فأردف بأعين منبعثة منها شرارة غضب: كنت فاكر بموتك يا فريد كل حاجة هاتتحل، بس أخوك كمل مسيرتك، استناه بقى علشان هايحصلك قريب أوي
****
صرخة دوت في الأرجاء جعلت الغارق في نومٍ عميق بجوارها يستيقظ مفزوعًا. فتح المصباح بجواره سريعًا ثم نظر نحوها، فوجدها تلهث بشدة كأنها كانت تركض!
أمسك بالماء كي ترتشف منه القليل لتهدئة ذاتها، ربت فوق ظهرها بحنو محتضنًا إياها، يبث بداخلها الأمان والطمأنينة بوجوده، ثم قال مازحًا إياها: شوفتي حلمتي إزاي حلم وحش علشان مصلتيش العشا، قومي يلا صليها، عقبال ما أنزل أعمل لك عصير، قومي يلا بلاش كسل
راقبت طيفه بحزن وأعين دامعة، أجابت بتوجسٍ ونبرة تحمل الرجاء: ياربّ مش بعد ما تعلق قلبي بحاجة تاخدها مني، ياربّ احفظه ليا