رواية تؤام روح الفصل الواحد و العشرون بقلم يارا سمير
وصلا الى الباب وطرقت مريم بخفة فتحت الباب ودخلت هي وبسنت بهدوء .. دون أن يرفع راسه متحدثًا الى بسنت :
_ حطي الملف هنا هرجعه حالًا يا بسنت .
لم يلمح ملفات توضع وساد الصمت .. وقفت امامه مريم صامته لا تنطق سوى ب ابتسامة هادئة تعلو وجههها .. رفع زين عينيه امامه :
_ فين الملف ..
فى لحظة توقفت كلماته وتجمدت ملامحه .. تسمرت نطرته وساد الصمت .. مريم امامه واقفة بعد غياب ...قالت مريم مازحة :
_ مفيش حمدالله ع السلامة ولا ارجع ؟
تجمد زين فى مكانه ، عيناه معلقتان بمريم وكأن الزمن توقف للحظة ..كان يحدق فيها بذهول ودهشة وكأن عقله يرفض تصديق وجودها امامه فعلًا بعد تلك الشهور .. حاول فتح فمه لينطق ليقول أى شئ لكنه لم يقدر الحروف خانته والكلمات لم تجد طريقها بقى صامتًا .. ينظر اليها بعينين يغمرهما خليط من الاشتياق والذهول .. تحدثت مريم :
_ الحقيني يا بسنت .. خطيبك فقد النطق ..
ضحكت بسنت :
_ زين .. زين .. انت كويس .
انتبه زين :
_ايه المفاجاءة دي ..
تضحك مريم:
_ اللى على وشك دا تاثير صدمة مش مفاجأة ..
تدارك زين الموقف سريعًا وتحرك من امام المكتب وضحك :
_ حمدالله ع السلامة ..
_ الله يسلمك ..
جلسوا .:
_ جيتي امتى وازاى وقاعدة امتى ولا ايه الحكاية ؟
_ ايه التحقيق ع السريع دا .. وبعدين ماهو انت لو بتشوف الرسائل وقت ما ببعتها كنت وفرت ع نفسك كل الذهول والاسئلة دي .
فتح زين الرسائل وكانت مريم ارسلت رسالة :
(جهز سندوتشات الكبدة والسجق والبيتزا اكسترا تشيز نتعشى بيهم سوا .)
تحدثت مريم:
_ انت الوحيد اللى بعتلك وعرفتك ..مفيش حد كان عارف ع فكرة كلهم اتفاجئوا .
_ طول اليوم مبمسكش الموبيل غير لو بتكلم مكالمة غير كدا مبفتحش اى رسائل غير قبل ما انام ..أسالئ بسنت .
_ ماانا جيت وشوفت بنفسي براءه ..
ضحكت بسنت وقالت مريم :
_ مبروك ع خطوبتكم يا بسنت كان نفسي اكون موجودة بس معرفتش
تحدثت بسنت والابتسامة تعلو وجهها :
_ هى قراية فاتحة ولبس دبل بس لكن حفل الخطوبة لسه هنرتبلها هتكوني موجودة .
_ اكيد اومال مين اللى هيمسك الصينيه اللى فيها الشبكة اخت العريس ، لازم اقوم بدور اخت العريس كما قال الكتاب ولا ايه يا زيزو ؟
كان زين ينظر الى مريم ويحرك خاتم الخطوبة فى اصبعه مرارًا وتكرارًا وضحك وقال :
_ انا بقولك اهو خلى بالك شايفاها كيوت وطيبة اهي دي اللى حماتك خلى بالك يا بسنت بقى ميغركيش طيبتها وضحكتتها دي ..عليها شويا تسخين من تحت لتحت ولا بيبان عليها ..عارفه دي هكرت ايميلاتي وكان ولا باين عليها .
ضحكت مريم:
_ انسى بقى .. وبعدين كان زمان يازيزو دلواقتي كبرنا خلاص كح كح كح
_ اهو دى الساحرة العجوزة الشريرة عارفاها ..
امسكت مناديل ودفعتها اتجاه زين وقال :
_ ومجنونه وراحه منها كمان شايفة.. انا بعرفك بس هتتعاملي مع مين ..
تحدثت بسنت :
_ متحاولش يا زين ميما قمر .. أطلع انت منها احنا اصحاب مع بعض .
نظرت مريم لاغاظة زين وهو ابتسم وقال :
_ حمدالله ع السلامة يا ميما ..
غادر الثلاثة الشركة ..كانت خطواتهم هادئة لكن يرافقها توتر خفي في الاجواء .. اقتربوا من سيارة زين وعندما فتح الباب تحركت مريم بشكل تلقائي نحو المقعد الامامي بجوار زين كما اعتادت دائمًا .. لحظة قصيرة مرت قبل ان تنتبه لما فعلته فتراجعت سريعًا وغادرت السيارة ونظرت الى بسنت التى جلست فى المقعد الخلفي :
_ انا بعتذر يا بسنت بجد مش قاصدة قومي اقعدى جنب زيزو يلا
_ لا مش مستاهله خليكي انا هنا مرتاحة .
_ لا والله ابدا .. انتى خطيبته دلواقتي تقعدى جنبه انا هقعد ورا
ظل الجدال بين مريم وبسنت وتحدث زين :
_ هتركبوا ونمشي ولا نسيب العربية ونطلب اوبر وهقعد انا جنبه وانتم الاتنين ورا .
امسكت مريم يد بسنت وسحبتها للخارج واجلستها فى المقعد الامامي بجوار زين وجلست فى المقعد الخلفي وقالت وهي تبتسم:
_ ايوه كدا الصح.. انت تقعدى جنبه مفيش حد تاني سامعه ..
نظر اليها زين بتعجب وتحركا بالسيارة الى المطعم وطوال الطريق كانت مريم وزين يناكفان بعض ويتذكران ذكريتهما سويًا وكانت بسنت تضحك عليهم فقط ... وصلوا المطعم ودخلوا وتوجه زين الى ايهاب ليرحب به :
_ حمدالله ع السلامة يا دكتور نورت اسكندرية .
_ شكرًا يا زين .. منورة ب اهلها .
رحبت به بسنت وقال لها ايهاب :
_ مبروك على الخطوبة
_ هي قراية فاتحة والخطوبة قريب اكيد هتكون موجودين ميما اكدت عليا
وقفت مريم بجوار ايهاب وتشابكت اصابعهم سويًا ورأهم زين وقال ايهاب مبتسمًا :
_ طبعًا لازم نكون موجودين ان شاء الله .. عرفونا امتى ونرتبها .
_ ان شاء الله .
مالت مريم هامسه لايهاب :
_ انا هدخل المطبخ اشوفهم .
_ تمام ..
اجتمعوا حول الطاولة كما لم يحدث منذ زمن وكانت مريم تجلس وسطهم كأن قطعة ناقصة عادت لتكمل الصورة .. الضحكات تعالت والأحاديث تداخلت والدفء في الاجواء كان ملموسًا .. زين كان يراقب فى الخفاء اغلب الوقت يبتسم حين يسمع ضحكتها ويشارك حين يعلو الحديث لكن عينيه لم تبتعدا عن مريم .. اما مريم فكانت تحاول أن تعيش اللحظة تحتفظ بها وتخبئها فى قلبها.. كانت نظراتها هي وزين تنتقلان بين بعض بحنين وكأنهم ادركوا كم كان الغياب مؤثرًا حتى وإن لم يقال .. فقد اشتاقوا لهذا الجمع الذي يشبههم ولهذا الشعور بالأمان الذي لا يشترى ..
انهوا تجمعهم وغادروا جميعهم عائدون للمنزل حتى يستريح ايهاب ومريم بعد اليوم الشاق .. تركهم زين لايصال بسنت الى منزلها وتوجهوا الباقيين الى المنزل .. كان زين يقود السيارة بصمت وبسنت تتحدث بجانبه :
_ كانت مفاجئة حلوة رجوع مريم ؟
_ ايوه فعلًا ..
_ لو كانت قالت كنت فضيت نفسي اكون معاها دى نازلة ايام قليلة اوي .
_ هي كدا لاسعة لما بطق فى دماغها حاجة بتعملها ، وبعدين متقلقيش هتلاقيها طباقلك فى الشركة مش هتحلك .
_ بجد يا زين انا محظوظة انى بقيت فرد منكم .. انهاردة وانا قاعدة معاكم وبنتعشى احساس انى فرد منكم فرحنى اوي .
_ وع اساس قبل كدا كنتى بنت الجيران عابرة سبيل بنعطف عليها صح .
_ بطل رخامة .. بص مش هتفهم احساسي ..
امسك يدها وضحك:
_ خلاص متقلبيش وشك..انا فاهم احساسك كويس بس عاوز اقولك انك من زمان وفرد مننا يعني سواء الدبلة دى فى ايدك او لا انتى واحدة مننا يا بسنت .. ولكن لقطع الشورت فى البسين لبست الدبلة عشان تكوني مننا فهمي نظمى رسمي .
ابتسمت بسنت :
_ احلى فهمي نظمي رسمي ..
ظل زين ممسك يد بسنت وهي تتحدث وهو افكارة تتخبط فى عقله دون ان تلاحظ .. فى المنزل عادت مريم وهي تحمل سعادة دافئة بين ضلوعها.. دخلت غرفتها هي وايهاب :
_ بجد يا ايهاب مش عارفه اشكرك ازاى .. انهاردة اول مره احس روحي رجعتلي .
_ مش محتاجة تقولى باين ع وشك .. المهم عندي تكوني مبسوطة
_ جدا جدا ..
_ انا هلكان عاوز انام ..
_ اليوم فعلًا كان مرهق ..
بدلت ملابسها هي وايهاب وتمددا على السرير للنوم .. من الفرحة لم تستطيع مريم النوم بينما ايهاب استسلم للنوم سريعًا ..خرجت مريم بهدوء من الغرفة والجميع نيام و جلست فى غرفة المعيشة كأن اللقاء مع الجميع اعاد لها شيئًا فى روحها .. كانت الابتسامة تعلو وجهها .. ارسلت رسالة الى زين :
_ صاحي .
_ ايوه
_ انا هطلع السطح تعالى خد هديتك انت وبسنت .
_ اوكيه ..
التقطت حقيبة هدايا ووضعت المفتاح فى جيب بنطالها وصعدت الى السطح ..حين صعدت مريم الى السطح استقبلها المكان بهدوء المعتاد وكأنه لم يتغير .. كل شئ كان كما تركته الألوان والمقاعد والزرع الصغير فى الزوايا .. كان واضحًا ان هناك من يهتم بالمكان جيدًا ينظفه ويراعيه لم يكن مهملًا بل نابضًا بروح مألوفة .. خطت خطواتها ببطء تلمس الأشياء بعينيها ويديها وابتسامة خفيفة ترسم ملامحها .. جلست على الاريكة التى كانت لها وزين ملجأ ليالي الدراسة والمذاكرة ومشاهدة الافلام والسهرات .. استسلمت مريم لتيار الذكريات .. ابتسمت تذكرت ضحاتهما وحديثهما وتفاصيل تلك الايام .. شردت قليلًا فى صمت الذكريات حتى قطع سكون اللحظة صوت مألوف جعل قلبها يخفق .. صوت زين :
_ والله بعودة يا ميما ..
نظرت اليه مبتسمة :
_ زيزو ..
تحدث وهو يقترب اليها وجلس :
_ ايه اللى مصحيكي للوقت دا الساعة 3 ؟
_ انت ايه اللى مصحيك المفروض انك بتاكل رز بلبن مع الملايكة من بدري صح ولا كنت سهران بتحب فى الموبيل وكدا قول قول متتكسفش .
ضحك زين:
_ انتى واقع منك اننا الاتنين شغالين ومطلوب مننا الساعة 8 نكون فى الشركة ..احنا عالم مش فاضية ..
_ تقصدني انا اللى فاضية .. ماشي يا زيزو بتخبط فيا من دلواقتي اومال لما تتجوز هترميني فى الشارع .
ضحكت مريم وضحك زين وقال :
_عاوز اقولك إن اللى عاوزين نقوله بنقوله فى وش بعض مااحنا طول اليوم فى وش بعض مش هنستنى المكالمات اليلية يعني .
_ بجد يا زيزو ايه احساسك وانت وبسنت طول اليوم فى وش بعض كدا؟
_ حاجة كويسة اهو فرصة بنعرف بعض اكتر عن قرب انا بفكر فيها كدا .
_ اممم ..كويس ..
نظر اليها للحظات وقال :
_ تعرفي كل مرة اطلع احس انى هلاقيكي قاعدة كدا لدرجة قولت دا جنان ياعم زيزو فوق الا الاحلام طلعت بتتحقق اهو وانتى قدامي اهو بزلومتك .
ضحكت مريم:
_ انا مش هنا ايوه لكن سايبالك عفريتي مش هيسيبك فى حالك .
_ اعوذ بالله من الشيطان الريجيم.. انصرفي انصرفي .
تبادلا الضحكات وقالت مريم :
_ بجد كنت واحشني اوي يا زيزو.. وحشتني قعادتنا وكلامنا ورغينا ورخمتنا ع بعض وزعلانا ومصالحتنا .. كل حاجة مفتقداها جدًا .
_ عاوزة تقنعيني كل الاماكن اللى روحتيها وكنتى بتفكري فيا .
_ الصور تقولك.. كل مكان بروحه بقول ياريت زيزو معايا هنا .
_ وايهاب ؟
_ ماله ايهاب موجود .
_ يعني اقصد ايهاب موجود انا اجى اعمل ايه ؟
_ عادي تتفسح معايا زي مااحنا متعودين .
تنهد زين وقال :
_ هبقى اجيلك انا وبسنت .
_ ان شاء الله .. صحيح انا مبسوطة انك مهتم بالسطح مكبرتش دماغك منه، مكدبش عليك كنت قلقانه المكان يتحول لخرابه .
_ لا مقدرش وانتى عارفه دا عمرنا هنا .
_ انا قولت الشغل اخدك ومبتردش عليا غير اخر اليوم وخطبت ف خلاص بقى .
_ لالا مقدرش اكبر دماغي من ملجأنا واحلى ذكرياتنا هنا .
_ قولي صحيح مين بيطلع هنا غيرك ؟
_ مفيش حد غريب .. اوقات كريم ودا لما ملك تقفل فى وشه محاولة من محاولاته .. وملك لما تحب تهرب من كريم ومن اى حاجة وانا واوقات بسنت لانها بصراحة تفهم فى الزرع اكتر مني وساعدتني بالاهتمام به زي ماانتى شايفة كدا .
_ جميلة بسنت .. اخيرًا شوفت فى ايدك دبلة خطوبة .. لقد وقعت .
نظر الى الدبلة وابتسم وقال :
_ انتم السابقون ونحن اللاحقون ..
ابتسمت.. وقال زين :
_ احكيلي كدا ع مغامراتك فى ايطاليا
_ امم اللى اقدر اقولهولك انى روحت اماكن مكنتش بحلم بيها كان أقصى حلم مكان او اتنين اللى حصل شوفت اكتر بكتير ..
_ مالك مش مبسوطة ولا ايه ؟
_ لا بالعكس مين مينبسطش لكن عارف لما تحس ان فى حاجة ناقصة
_ اكيد انا ..
قالها وضحك ونظرت اليه وضحكت :
_ بالظبط كدا كنت مفتقدة رخمتك وفصلانك .. امسك يا رخم يا فصيل
قدمت نحوه حقيبتين :
_ واحدة لك وواحدة لبسنت اديهالها بكره فى الشغل لما تشوفها .
_ جيبالنا ايه ؟
_ لبسنت كوزمتك وبرفيوم وانت برفيوم هيعجبك .
_ كل دا وبرفيوم هو انا محروم برفيوم يا بخيلة
ضحكت مريم:
_ شوف الاول اسم البراند وابقى اتريق بعدين
اخرج زين العبوة وكان اسم ماركة عالمية وقال :
_ يا بنت الغنية يا ميما دا انتى ع كدا فلستنى الدكتور ؟
_ لا ابدًا هو مش مضايق وبعدين انا عرفت انى جايه امبارح بليل ملحقتش اجيب حاجة ..المرة الجاية ابقى انزل اعملكم شوبنج .
_ ماشي ماشي ..
صمت زين لثوانٍ وهو ينظر الى مريم وشعرت ب ارتباك وقالت :
_ عارف نفسي فى ايه دلواقتي ؟
نظر الى الساعة كانت 3 ونص صباحًا :
_ دلواقتي .. بيتزا دلواقتي ؟ وبعدين بعد بيتزا ايطاليا الاصلية بتفكري فى التقليد هنا .
_ شفت ازاى بقى فقرية ..
_ بجد لو عاوزة انزل اجبلك ..
_ لا لا بعدين لانى تعبانة بجد وعاوزة انام عشان هصحى بدري اروح المطعم مش هضيع ساعة من 4 ايام الباقيين ..
_ هتنتقمي ..
_ بالظبط دول كنز بالنسبالي .. صحيح بكرة اخر اليوم ايه رأيك نعمل سهرة لطيفة هنا احنا ال 6 انا وايهاب وكريم وملك وبسنت وانت .
_ مفيش مشاكل .. اتفقنا .
_ خلاص انا هعرف ملك وايهاب وانت عليك الباقيين فى الشغل تعرفهم .
_ تمام ..
_ يلا تصبح ع خير ..
قامت مريم تحركت من مكانها مغادرة اوقفها زين قائلًا :
_ ميما ..
التفتت وقالت :
_ ايوه ..
_ كنت وحشانى جدًا .
ابتسمت وقالت :
- وانت جدًا ..
تركته وعادت الى منزلها ودخلت غرفتها بهدوء وتمددت بجانب ايهاب الذي شعر بعودتها وضمها لحضنه واغلقت عيناها ونامت ..
صباحًا استيقظ ايهاب ببطء فى هدوء الصباح ، مد يده بجانبه فلم يجد مريم .. فتح عينيه بتمعن ونظر حوله وقع نظره عليها جالسة امام المرآة تضع لمساتها الاخيرة فى صمت وهدوء .. بدا عليه التعجب فهي لم تعتد الاستيقاظ باكرًا بتلك النشاط .. قال :
_ مريم.. صباح الخير .
التفتت وهى تنظر اليه مبتسمة :
_ صباح الفل .. اسفة لو ازعجتك .
_ لا خالص انا محستش بيكي انا بتقلب ملقتكيش جنبي ..هي الساعة كام ؟
_ الساعة 7 ..
_ 7 الصبح.. دا انتى كدا صاحية من بدري ؟
_ سمعت الفجر قومت صليته وقعد مع كرم شويا نرغي وحضرتله الشاى وبيجهز عشان ينزل المطعم ودخلت اجهز عشان انزل معاه .
_ بدري كدا ؟
_ وانت كمان هتقوم وتجهز وهفطرك احلى فطار فى المطعم .
تحرك من على السرير ووقف خلفها وضمها وطبع قبلة على خدها وقال :
_ عارف انا الفطار دا احلى فطار اكلته فى حياتي .
_ قولتلك فطار مميز وقتها .
ظل محضنها وقال لها هامسًا :
_ عارفه ايه المميز فيه ؟
_ لانه عندنا وبس .
_ لا .. لانى هفطر معاكي وبس .
ابتسمت مريم وطبع قبلة اخري وقالت له :
_ يلا اجهز عشان ننزل مع كرم ..
_ تمام هاخد شاور سريع واجهز.
ذهبت مريم وايهاب وكرم وسناء الى المطعم ثم لحق بهم محمود وسوسن.. في المطعم كان الجو مليئًا بالاحاديث والضحكات الدافئة بين العائلة .. لحظة دخول كريم من الباب توقفت نظرات مريم للحظات قبل ان تنتقل بعفوية الى ملك التى كانت تجلس بهدوء تتحدث مع محمود .. مالت اليها قليلًا مريم وقالت لها :
_ كريم جه ..
نظرت اليه يقترب منهم وقالت :
_ ما يجي .. اقوم اعمله تشريفه يعني .
اندهشت مريم من ردها وكأن دخول كريم لم يحدث اى فرق ، بدت متزنة لا انفعال فى ملامحها ولا تغير في نبرة صوتها .. اقترب كريم والقى التحية وجلس فى طاولة مجاورة لهم وجلست بالقرب منه مريم وقالت هامسة :
_ هو ايه الحكاية ؟
_ حكاية ايه ؟
_ انت وملك.. مش كنتم كويسين مع بعض ؟
_ ايوه كويسين هي قالتلك حاجة ؟
_ لا.. بس بقولها كريم جه لاقيتها بترد لامبالاله كدا ..هو انت مزعلها فى حاجة .
بملامح ياس :
_ لا هي دى طريقتها عادي .
_ عادى كدا ؟
_ ايوه كدا.. عاوزاها تقوم تعملى تشريفه لما اجاى .
نظرت اليه بتعجب :
_ دي هى كمان قالتلي كدا ...
نظر اليها بدهشة:
_ يا شيخة ..
_ اه والله .. وبعدين ايه العلاقة دي مش مفهومة ..
_ لا مفهومة لينا .. احنا اصحاب وبس حاليًا
_ حاليًا ؟
_ ايوه لغاية ما تلين .. هى وافقت اننا نكون اصدقاء ودا نعمة احسن من مفيش كفاية عندى اجاى 10 دقائق تقعدهم معايا نتكلم فى اى حاجة وامشي .
_ وبس كدا ؟
_ لا لو احتاجت حاجة بتكلمني لأن زين مطريها ع الاخر .
_ وانت مرتاح كدا .
_ نص العمى ولا العمى كله .. وبعدين انا موريش غيرها قاعدلها .
ابتسمت مريم:
_ يا سلام على الأصرار والارادة .
_ فرصة جتلى من المستحيل مش هضيعها .. المهم طمنيني عليكي اخبارك ايه وفين الهدايا مش انتى راجعة من السفر .
_ فى البيت لما ارجع هديهالك متقلقش .
_ ايوه كدا عندنا حد بيسافر .
ضحكت مريم وقال كريم:
_ انتى عامله ايه واخبارك وايهاب عامل ايه ؟
نظرت مريم الى ايهاب :
_ فى حاجة غريبة كدا بمر بيها يا كريم ..
_ ازاي يعني ؟
_ اوقات كتير بقول ايهاب كان يستحق واحدة احسن مني .
_ ليه كدا ؟
نظرت الى كريم:
_ مش عارفه يا كريم .. ايهاب مفيش حاجة مبيعملهاش ليا .. مبيفوتش فرصة واتفاجئ بحاجة عاملها ليا .. انسان محترم وذوق ولطيف اوي معايا.. اوقات بيبقى ليا تصرفات غريبة التلقلبات المزاجية اللى انتم عارفينها وبتتجنبوني فيها رغم انه مش فاهم السبب ممكن يكون ايه لكن بيحاول يخرجني من الحالة دي بكل الطرق وبضايق من نفسي اوي .. عارف سفرنا دا هو عمله لمجرد انا حسيت انكم وحشتوني ومكنتش كويسة رغم ان عنده معرض بعد رجوعنا بيوم والمفروض يكون بيجهزله .. خطف 5 ايام عشاني .
_ انتى هبلة ولا ايه .. دا المفروض يفرحك مش يزعلك زي ماانا شايف .
_ حاسه انه بيديني اكتر ما انا بديه ودا مضايقني .
_ طيب ما بسيطة اديه اكتر ..
_ جيبت التايهه انت .. اسكت اسكت قال ايه وبتكلم معاك .
اقتربت اليهم ملك وجلست :
_ انتم بوزكوا في بوز بعض وعمالين ترغوا بتنموا ع مين عليا .. اوعوا تكون عليا .. كريم .
رمقت كريم نظرة غضب وقال :
_ ابدا ولا نقدر .. هنتكلم عليكي فى ضهرك ولا تحصل ولا ايه يا ميما انجزي .
_لا لا الكلام مش عليكي الكلام عليا انا .
_ عليكي ازاى ؟
تحدث كريم:
_ كانت بتقول ان ايهاب بيديها اكتر ماهي بتديله ودا مضايقها وانا قولتلها الحل .
_ ايه الحل اللى قولتهولها ؟
_ انها تديه اكتر وبس كدا .
_ لا شابوه بجد .. حل كان تايهه وانت اللى قفشتوا .
ضحكت مريم على سخرية ملك من حل كريم وقالت :
_ ميما .. مفيش شخص بيدي شخص تانى اى حاجة اى حاجة مهما كانت حب او اهتمام او احتواء او رغبة غير لما يكون عاوز يديه .. احساسه هو اللى بيحركه لكن انه يقرر من نفسه يديله لمجرد سد دين مبتحصلش لانها بتكون مزيفة ومرهقة .. زي كريم كدا .. سافر عشان يدرس فجأة قرر يتجوز واتجوز لانه عاوز يتجوز لانه عاوز يتجوز ..
قاطعها كريم:
_ ما انا وضحت وقولت كنت عاوز جنسية وقتها تفكيري الغبي هو اللى سيطر عليا فى حوار الجنسية ..
تجاهلته ملك ونظرت الى مريم :
_ سيبك منه .. عاوزة اقولك ان المشاعر الطبيعية بتكون اخف على الروح .. ف لو عاوزة تدي حد حاجة هتديه اللى حاسه به المشاعر الحقيقية لكن تجبري نفسك هتبقى تقيلة وسخيفة اوي ومهما عملتي هتحسي انها قليلة عارفه ليه ؟
_ ليه ؟
_ لانها مش بالكم يا مريم .. بالكيف .. ازاى تهتمي وتحبي وتحتوي الشخص اللي معاكي فى ابسط التفاصيل مش اضخمها .. مثلا تبتسمي فى وشه دا بالنسبالة جائزة كبري ، تفطري معاه تتكلمي معاه .. تقضوا لحظات لطيفة بتتفرجوا ع فيلم سوا .. تضحكوا سوا .. تسمعوا بعض .. تصنعوا لحظات وذكريات يا ميما تعيش معاكم سنين قدام .. لكن اعمل كذا وكذا وكذا بخطط وحوارات عشان اتعملي واحس انه النتيجة ولا حاجة لا بتشيلي نفسك حمل وخلاص .. العلاقات بسيطة وبساطتها فى خفة التعامل اللى هوالتعامل المتبادل بينا يكون زي الريشة على قلوبنا وروحنا بخفة .
صمتت مريم واستكملت ملك:
_ شوفي الشخص اللى معاكي يستحق ايه وانتى عاوزة تديله ايه برضا تام وعفوية اللى حاسه به مش تخطيط وصدقيني ابسط حاجة هتكون بالنسباله زي ما قولتلك جائزة كبرى ..
نظرت مريم الى ايهاب الذي كان يتحدث مع كرم ومحمود ولمحها تنظر اليه وابتسم لها وبادلته الابتسامة .. التفتت اليهم وقالت :
_ صحيح.. اعملوا حسابكم هنسهر مع بعض ع السطح.. انا وايهاب وانتم وزين وبسنت وبس .. هنرغي ونلعب وكدا يعني .. هنصنع ذكريات .. بصوا انا مش عاوزة ساعة من اجازتي تضيع من غير كل اللى بحبهم معايا ممكن فمفيش اعذار .. سامعة يا ملوكة مفيش اعذار ..
_ خلاص مفيش اعذار .. وهجيب معايا حاجات حلوة وانت يا كريم هتجيب حاجات هبعتلك ع الواتس تجيبها .
_ تمام يا فندم .. ممكن افطر بقى عشان اروح شغلى اللى باخد منه فلوس اجبلكم به حاجات ومحتاجات .
ضحكت ملك ومريم وقامت ملك لطلب الفطار لكريم وجلست مريم تستكمل حديثها مع كريم ..
تجمعوا على سطح المنزل تحت السماء الصافية والنسيم العليل يلف المكان بروح خفيفة تبعث على الراحة ..كانت الاضواء هادئة معلقة حولهم تمنح المشهد لمسة دافئة وضحكاتهم تتعالي فى الجو تتخللها نبرات حديث خفيف وذكريات قديمة .. جلسة الذكريات تلك تحولت دون أن يشعروا الى رحلة خاصة بين زين ومريم كأنهما يسافران معًا فى ممرات الوقت بمفردهم يسترجعان مواقف صغيرة تركت أثرًا عميقًا .. تبادلًا القصص من لحظات الطفولة الى مغامرات الدراسة ومرورًا بمواقفهم الطريفة فى السطح والمرسم .. كانت اعينهم تلمع بالحنين وابتسامتهم تمتد كلما تذكرا موقفًا قديمًا وكأن العالم من حولهم يتلاشى للحظات .. الباقون كانوا يضحكون معهم ويشاركونهم الذكريات ..
كانت ضحكات بسنت وايهاب خفيفة تخرج على استيحاء اشبه برد فعل على أجواء مفعمة بالذكريات لا تخصهم .. جلسا وكان الصمت رفيقهم وكأن كلا منهها يراقب من بعيد .. تابعا مريم وزين وهما يرويان المواقف ويضحكان ويتهامسان عن الاسرار احيانًا ويتشاجران بأسلوب مألوف فيه عفوية ودفء لا يولد بين يوم وليلة كانت ابتسامتهم مختلفة نابعة من أعماق خزان من الذكريات والمواقف الصغيرة التى تشكل رابطًا خاصًا لا يفسر بالكلمات ولا يختصر بزمن ,, فى لحظة تبدلت ملامح بسنت وايهاب وهما يشاهدان زين ومريم ونظرا اليهما بنظرة صامتة تحمل شيئًا من التعجب وربما الغصة .. فقد بدا أن ما بين مريم وزين اعمق مما يعتقدان انها علاقة متجذرة في عمق الماضي صعبة الوصول وأصعب من ذلك أن تنسى .. وكأن تلك الذكريات خزنت فقط بين قلبين لم يفترقا يومًا حتى وإن تفرقت الطرق بينهم ...
اقترحت بسنت فكرة لعبة .. كان الحماس واضحًا فى عيون الجميع .. قامت لهم بشرح اللعبة وهي ان ينقسموا الى ثنائيات وسيتم طرح على كل ثنائي 10 اشياء عليهم ان يختاروا نفس الاختيار وهذة اللعبة لمعرفة لاى مدى متوافقين .. تم التقسيم مريم وايهاب وزين وبسنت وكريم وملك .. بدأت اللعبة مع ملك وكريم وكانت المفاجأة أن اغلب اختيارات كريم كانت متوافقة مع اختيارات ملك مما أثار دهشتها وابتسامتها الخفيفة .. نظراتها تعبر عن استغراب لطيف وكأنها لم تتوقع هذا الانسجام بينهما فزاد جو المرح والتشويق .. كان الثانئ التالي زين وبسنت وكانت بسنت متحمسة جدًا امسكت يد زين وبدأت مريم فى طرح الاختيارات :
_ كبدة ولا سدق ؟
اجابا الاثتنين : كبدة
اضافت بسنت : مولعة
_ برتقان ولا يوستفدني ؟
اجابا الاثنين : يوستفندي .
تفاجأت مريم على مدى انسجامهم .. استكملت :
_ اخضر ولا أحمر ؟
أجاب زين أخضر وأجابت بسنت أحمر
_ الزرافة ولا القرد ؟
اجاب زين القرد واجابت بسنت الزرافة
استمرت مريم توجيه الاختيار لهم وظلا اثناتيهم يختاروا عكس بعض .. كانت النتيجة توافقهم فى 2 فقط .. جاء دور مريم وايهاب وتحمست مريم .. وكان زين من يقول السؤال لهم :
_ غروب ولا شروق
اجاب ايهاب الشروق واجابت مريم الغروب
_ الاخضر ولا الاصفر ؟
اجاب ايهاب الاصفر واجابت مريم الاخضر
_ الاسكندرية ولا أيطاليا ؟
اجاب ايهاب بتاكيد ايطاليا واجابت مريم الاسكندرية مما فؤجلى ب اجابتها وقال لها :
_ انا قولت ايطاليا لان كان حلمك تروحي هناك .
اجابته:
_ ايوه بحبها لكن بحب الاسكندرية اكتر .
كان زين يقول اجابة مريم بصوت خافت سمعته بسنت وتعجبت من التوافق .. استمر زين بطرح الاسئلة وكانت اجابتهم مختلفة .. تحدث كريم :
_ مريم وزين يلعبوها اهي دى اللى بجد هتقول عارفين بعض صح ولا هو مجرد تعود بينكم .
وافق الجميع وجلسوا بجانب بعض وبدء كريم فى طرح الاسئلة وسط ترقب الجميع :
_ جاهزين ؟
تبادلا النظرات والابتسامة وقالا :
_ جاهزين ..
_ أزرق ولا أصفر ؟
الاتنين فى نفس اللحظة .. أزرق
_ هامبرجر ولا كبدة ؟
الاثنين فى نفي اللحظة.. كبدة
واستكملوا اجابتهم وهما ينظران لبعض :
كبدة مشطشطة .. وضحكوا على تصادفهم لقول نفس الكلمة
_ الاسد ولا الفيل ؟
ضحكت مريم وقالا سويا .. الفيل الصغنن
_ بيتزا جمبري ولا بيتزا تشيكن ؟
قالا سويًا :
_ ميكس جبن اكسترا
استمرت الاسئلة وكانت اجابتهم متطابقة فى نفس اللحظة دون تفكير ولا حاجة الى وقت للتفكير .. رغم أن زين ومريم دخلا اللعبة بخفة ومزاح كانت اجاباتهم متطابقة بشكل دقيق فاجئ الجميع خاصة ايهاب وبسنت ، اتضح لهم ان بينهما تواصل خاص لا يفسر بسهولة مما أضفى على الجو روحًا من التعجب والاعجاب بين الحاضرين ..
انتهت السهرة وعلى الجميع المغادرة رافق زين بسنت ليصلها الى المنزل ..في الطريق تحدثت بسنت :
_ السهرة كانت جميلة اوي
_ مبسوط انك مبسوطة ..
_ التجميعه كانت حلوة وروحهم جميلة وانت ومريم بطنى وجعتني من الضحك بسببكم دا انتم كنتم بتعملوا كوارث في بعض ومع بعض بجد فظاع .
ضحك زين:
_ دا احنا حكينا جزء في حاجات فضايح اكتر ..
_ جميلة علاقتكم ببعض اوي .. رغم ان عندي اخ ولد لكن علاقتنا مش بالشكل دا خالص ..علاقتكم مميزة جدًا .
ابتسم زين واستكملت بسنت حديثها :
_ زين.. لو مريم مش أختك كان ممكن تحبها وتفكر ترتبط بيها ؟
السؤال صدم زين للحظات ثم ضحك سريعًا :
_ ايه السؤال العجيب دا
_ التناغم بينكم فظيع يا زين .. لوهلة حسيت انكم اتنين بتحبوا بعض لدرجة حافظين تفاصيل صغيرة في بعض ..بتفهموا بعض بالنظرة اعتقد ان العائق الوحيد انكم اخوات .. فكرت قولت لومش أخوات هل كنتم ارتبطتوا .
_ انا دلواقتي مرتبط بمين ومين دبلتها فى ايدي ؟
_ انا ..
_ بس خلصت ولا ايه ..
ابتسمت بسنت وقام زين بتشغيل الاغاني بصوت مرتفع ودندن معاها طوال الطريق ..في السطح كان ايهاب يساعد مريم فى ترتيب السطح وجاءته مكالمة تخص المعرض وغادر السطح لتحدث وجلست مريم برفقة كريم وملك على السطح يعملون معًا على ترتيب المكان واعادته كما كان وتنظيمه في هدوء ع نغمات فيروز المحببه لهم ..
انهوا الترتيب وغادر ملك وكريم وبقيت مريم وحيدة على السطح .. جلست تتأمل اللحظات الماضية والذكريات التى مرت بها ثم مددت على الأرض ونظرت الى السماء المليئة بالنجوم المتلألئة .. شردت ب افكارها بين بريقها وهدوء الليل .. بعد مدة قصيرة عاد زين ليلقى نظرة ع السطح قبل ان ينام تفاجئ برؤية مريم ممدة على الارض .. بهدوء جلس بجانبها ومدد جسدة ايضا .. نظر الاثنان الي السماء المرصعة بالنجوم فى صمت هادئ للحظات ثم قالت مريم :
_ زيزو ..
_ ها
_ بجد انت ليه مبتكلمنيش .. هما اخترعوا الانترنت عشان نتواصل مع اللى بنحبهم مش ننفضلهم بالشكل الفظيع دا .. تفتح الرسائل اخر اليوم ويادوب رأياكت وتبعت استيكر .. بتتعب .
ضحك زين :
_ بصي انا اكتشفت ان الانترنت دا من أسوء الاختراعات اللى اختراع البشر فى التواصل .
_ يا راجل .. انت بقيت عدو التكنولوجيا ؟
_ مش كلها لكن الاتصال فيديو ومكالمات بحس ملوش لازمة .
_ نعم .. ازاى ؟
_ انك تتكلمي مع حد بتحبيه وبيوحشك بشوية كلمات ومكالمة فيديو ممكن فى لحظة الصورة تقطع وتفصل .. احساس بيبقى مليان خوف التليفون يفصل النت يفصل ليه .. لكن لو قدامك ومعاكي شايفاه وحسه بنفسه معاكي .. احساسك بيكون مختلف بيكون حقيقي لحظة حقيقية .. ذكري اللى بتحصل بينكم بتثبت حتى لو قاعدين ساكتين ..ممكن يكون اللى محتاجة من الشخص اللى بتكلميه دا انه يكون موجود وبس .. هل وجوده جنبك زي مااحنا كدا زي ما اكون فى فيديو كول او مكالمة ؟
صمتت للحظة :
_ لا في فرق كبير ..
_ يعني لو اتكلمنا فيديو كول ومكالمات هل هتكون زي قاعدتنا مع بعض
_ لا خالص دا حاجة ودا حاجة تانية خالص
_ اهو دا اللى بتكلم عليه .. عشان كدا مبحبش مكالمات الفيديو .
_ وجهه نظر تحترم بصراحة لكن فرضًا انا عايشة فى مكان بعيد وعاوزة اتكلم معاك مثلًا احكيلك افضفضلك .. الانترنت اتعمل عشان كدا .
_ وسائل الاتصال اساسًا اتعملت عشان تكون وسيلة فرعية فى التواصل .. وسيلة مؤقتة مش اساسية بين اى اتنين بين البشر عمومًا .. يعني زي ماانتى بتعملي بتبعتيلي صور وانا برد عليكي رد مختصر سريع لكن نعيش ع الرسائل لا مش حياة لان فى لحظة الرسائل دى هتتمسح باى سبب وهتروح معاه وقت كبير كنا فيه .. القعدة الحقيقية احسن كتير حتى لو ع فترات لاسباب الحياة المختلفة .
_ صح ..
صمتا لبعض اللحظات وظلا يحدقان فى السماء والنجوم وقالت مريم :
_ زيزو
_ ها
_مش السما واحدة فى كل مكان ؟
_ ايوة .. اكيد يعني .
_ اومال ليه لما ببص ع السما هناك بحسها غريبة مش زي السما هنا بتكون مريحة والنجوم شكلهم حلو اوي وهما بينوروا فى السما ؟
قال زين مازحًا :
_ هو انتى قررتي تغيري مجالك لدراسة الفلك والنجوم ولا ايه ؟
خبطته :
_ دايما رخم وفصيل .
ضحك وقال لها :
أصل اسألتك غريبة بصراحة .. السما واحدة ربنا خلقها واحدة ، الفكرة هنا اللى باصص ليها هو اللى بيحدد شايفها ازاى ؟
_ ازاى يا بروفسيور ؟
_ النفسية والراحة.. انتى اللى بتحددي راحتك فين ، لو مرتاحة هتشوفي كل حاجة حواليكي مريحة حتى السما لكن لو العكس هتحسي انها غريبة ومش مريحة ومخنوقة.. الحاجات حولينا مبتتغيرش من وقت ما ربنا خلقها وهى هي بجمالها لكن الانسان نظرته للحاجات اللى بتتغير.. المكان اللى بتستريحي فيه بتشوفي كل حاجة جميلة .
_ ممكن يكون كلامك صح ..
_ زيزو دايما صح انتى ناسيه ولا ايه ؟
_ لا مش ناسيه ..ممكن تسكت بقى ثوانى وبص ع جمال ربنا فى السما .
نظر الى السما سويًا وبعد لحظات قال زين :
_ بقولك يا ميما ..
لم تجيب عليه .. نظر اليها فوجد عينيها مغمضتين وقد غلبها النوم .. بقى ثابتًا فى مكانه دون أن يتحرك .. عيناها تغمرهما السكينة وهو يحدق فيها بتأمل عميق مشردًا بين تفاصيل ملامحها التى تملأ قلبه بمزيج من الحنين والاشتياق والألم الصامت كانت تلك اللحظة تحمل كل ما لم يستطيع قوله وصمتها كان ابلغ من أى كلام .. رغم ما شعر به لوجودها بجانبه بتلك القرب تشعره بسعادة غامرة تغمر قلبه رغم كل التعقيدات ..كانت تلك اللحظة البسيطة برقتها وسكينتها كافية لتملأ روحة بالدفء والراحة التى طالما افتقدها .. ظل زين يراقبها بهدوء حتى تقطع صمت اللحظة رنين هاتفها وكان الاسم الظاهر ايهاب .. ذلك الاسم الذي عاد زين الى الواقع .. فاقترب اليها وحاول ايقاظها بلطف وفجاة نده عليها :
_ ميما ..
انتفضت من منامها ونظرت اليه :
_ يا رخم .. فى حد يصحي حد كدا ؟
_ وهو في حد ينام كدا زيك..
اعتدلت فى جلستها وقالت :
_ محستش بنفسي خالص ..
_ بقولك هو ايهاب اشتكى منك ..من نومك يعني ؟
نظرت اليه ب استغراب :
_ لا .. ليه ؟
_ شكلك كدا محتاجة تعملي اللحمية .. حسيت ان قطر الساعة 12 بليل مريح جنبي
_ يا سلام؟
_ مش عاوزة تصدقيني براحتك بس انا قلقان ع شكلك قدامك زوجك الدكتور شكل كيوت وانتى نايمة قطر داخل المحطة .
_ يا رخم ..
_ موبيلك رن صحيح .. يلا انزلي ونامي تحت .
_ تمام.. وانت كمان انزل نام .. انت ايه اللى رجعك صحيح هنا ؟
_ كنت بطمن عليكم وع شغلكم تمام ولا قلبتوا السطح ..
_ انا موجوده يبقى في قلب انسى ..
_ شق الغالي .. يلا تصبحي ع خير ..
_ وانت من اهله .. ايه مش نازل ولا ايه ؟
_ هحصلك.. اسبقيني انتى بس يلا عشان ايهاب مستعجلك .
_ اوكيه ..
غادرت مريم السطح بخطوات هادئة تاركة ورائها صمتًا ثقيلًا يملأ المكان .. تمدد زين على الارض يتأمل السماء الواسعة التى تمتد بلا حدود فوقه باحثًا عن اجابات لتسأولات قلبه المتحير .. عيونه تائهه بين النجوم وكأنها تبحث عن بصيص أمل يخفف ثقل الحيرة التى تكبل روحه فى كل نفس ياخذه يشعر يثقل الألم يتغلغل أعمق فى صدره .. يتستجد بالسماء ليخفف عنه وطأة الحنين والالم ينشد بصمت أن يرشده القدر الى طريق الخلاص من دوامة المشاعر المتضاربة التى تكسر توازنه فى هذة اللحظة كان وحده مع ألمه مع تلك السماء الشاسعة التى تحكي قصص العشاق الضائعين صامتًا لكنه ملئ بالالم والصراع الداخلي .
في الشركة فى اليوم التالي كريم وزين يجلسان يراجعان بعض الاوراق ورن هاتف زين باشعار رسالة من مريم :
_ مريم
_ ايوه.. بتأكد عليا الغدا فى المطعم .
_ انت لسه مقولتلهاش يا زين ؟
_ اقولها ايه ؟
نظر كريم بتعجب :
_ نعم.. تقولها اللى انت عرفته .. انكم مش اخوات فى الرضاعة زي ماكنتم فاكرين .
وضع الاوراق على المكتب ونظر الى كريم :
_ مش عارف اقول .. مش عارف يا كريم .
_ من حقها تعرف زي ما انت عرفت .
_ عارف .. بس مش عارف اقولها ازاى ؟
صمت كريم للحظات :
_ خلاص اقولها انا او ملك او سناء وكرم
_ سناء وكرم افضل .. ع الاقل هما هيقدروا يردوا على اسئلتها .
_ تمام انا هقولهم .. لازم تعرف قبل ما تسافر قدامها يومين .
_ ممكن نرجع لشغلنا ..
_ نرجع يلا ..
ليلًا مريم تجلس مع سناء وكرم وايهاب في المنزل .. كان الجو مختلفًا هذة المرة كانت ملامحهم متغيرة ، مشاعر مختلطة بين القلق والخوف تكسو وجوههم وكأن هناك كلمات معلقة على شفاههم تخاف من أن تخرج .. نظراتهم تتبادل الحذر والتردد الصمت كان ثقيلًا يملأ الغرفة فيما القلوب تخفق بين الخوف من رد فعلها والرغبة فى ايصال ما بداخلهم .. سناء وكرم كل منهما يحاول إيجاد الكلمات المناسبة .. قالت مريم :
_ فى ايه يا جماعة .. قولتولي عاوزينك وبقالنا ربع ساعة بتبصوا لبعض فى صمت كدا .. فى ايه بالظبط .
امسك ايهاب يدها :
_ بصي هما عاوزين يعرفوكي حاجة لازم تعرفيها من حقك تعرفيها .
تبدلت ملامحها لقلق وخوف :
_ فى ايه .. هو ايه اللى لازم اعرفه ؟
نظرت الى سناء وكرم :
_ انتم كويسين.. بابا انت تعبان ولا حاجة
اجاب كرم :
_ لا لا يا حبيببتي انا بخير ..
_ طيب في ايه يا جماعة قولوا هتموتوني من القلق .
تحدثت سناء :
_ عاوزاكي بس تعرفي انا مكنتش اعرف
_ متعرفيش ايه ؟
صمت للحظات سناء وبتردد قالت :
_ انتى وزين ..
_ مالنا ؟
_ انتى عارفه وكلنا كنا عارفين انك رضعتي من سوسن وبقيتي انتى وزين
_ اخوات بالرضاعة .. فى ايه بقى ؟
تحدث ايهاب :
_ فى ان انكم مش اخوات يا مريم .. انتم وزين مش اخوات بالرضاعة
_ انتى عارفه وكلنا كنا عارفين انك رضعتي من سوسن وبقيتي انتى وزين
_ اخوات بالرضاعة .. فى ايه بقى ؟
تحدث ايهاب :
_ فى ان انكم مش اخوات يا مريم .. انتم وزين مش اخوات بالرضاعة
_ انت بتقول ايه ..
نظرت الى والدتها وهى تضحك:
_ دا مقلب صح.. انتم بتهزروا ؟
تحدث ايهاب :
_ ممكن تسمعي بهدوء ..
تحدث كرم :
_ احنا كنا فاكرين كدا لكن سوسن طلعت مرضعتكيش غير مرة واحدة ورضعة غير كاملة ومن خوفها ع سناء قالت انها رضعتك عشان متتعبش اكتر ما كانت تعبانة .
_ نعم .. وايه اللى خلاه تقول دلواقتي ؟
_ بالصدفة ..
ارتسمت على وجه مريم ملامح الدهشة الصامتة ن عيناها اتسعتا في ذهول وكأنها تحاول أن تستوعب ما سمعته جيدًا ..ما عاشته لسنوات يتفكك أمامها فى لحظة ..تجمدت ملامحها للحظات تبحث عن خيط منطق واحدتتشبت به في هذا الكم من الصدمة .. شردت للحظات وامسم ايهاب كف يدها وربت عليها بلطف :
_ مريم ..
لم تجيب .. واعاد عليها مرة اخرى :
_ مريم ..
انتبهت له :
_ ها ..
_ انتى كويسة ..
_ تمام متقلقش تمام.. بس المفاجأة يعني ..
كانت كلماتها متقطعة وتحدث ايهاب :
_ عارفين ان اثر المفاجاة صادمة عليكي عشان كدا حبينا تعرفي هنا قبل ما تسافري .
صمتت لحظة وقالت :
_ زين .. زين عرف ؟
قالت سناء :
_ ايوه زين عرف ..
كانت الصدمة الثانية لها وهو معرفه زين بالحقيقة وقال كرم استكمالا لحديث سناء :
_ يوم فرحك .. سمع سناء وسوسن بيتكلموا
قالت سناء :
_ اليوم اللى عرفت فيه هو عرف كلنا عرفنا محدش كان متعمد انه يخبي
_ بس زين مقاليش ليه ؟
تبادلا النظرات فى صمت لجهلهم الاجابة ..وتحدث ايهاب :
_ اعتقد انه فكر انه الافضل ان مامتك وباباكي اللى يعرفوكي وانا شايف ان دا الصح ..
_ اه .. اه
_ انتى كويسة ..
رغم الغصة العالقة فى حلقها تماسكت مريم سريعًا ، ملامحها تحمل بعض الهدوء المصطنع رفعت رأسها قليلًا وعدلت فى جلستها ثم رسمت على وجهها ابتسامة خفيفية ولكنها كانت كافية لتطمئن من حولها .. قالت :
_ كويسة بس المفاجاءة زي ما قولت يعني .. عمومًا يا جماعة مفرقتش حاجة .
كانت تتحدث بهدوء كلماتها عادية كأن شيئًا لم يحدث ورغم محاولاتها لتماسك ظل ايهاي يراقبها بتوجس خفى ..
كانت الليلة ساكنة ..مريم خرجت من الغرفة بعد محاولاتها الفاشلة للنوم بخطوات بطيئة تحمل فى داخلها ضجيجًا لا يتمل .. صعدت الى السطح وكأنها تبحث عن براح وتتنفس .. تمددت على الارض ورفعت عينيها نحو السماء .. النجوم تلمع فى صمت لكن داخلها كان عكس ذلك تمامًا ..الشرود كان عميقًا ..نظرتها معلقة فى السماء كأنها تبحث عن إجابة عما تشعر به .. تحرك صدرها ب انفاس ثقيلة وكأنها تحاول أن تفرغ كل ما بداخلها مع كل شهيق وزفير .. عينيها لم تغمض بل كانت تغوص فى الفراغ ..تتذكر وتحلل وتحاول أن تفهم مشاعرها .. واكثر سؤال كان يردد فى ذهنها لماذا اخفى عنها زين .. كانت تحاول ان تجد معني للسكوت واللعشرة الطويلة بينهم وبين النجوم ووجه زين الذي لا يفارق ذهنها .. ظلت مريم على حالها صامته شاردة مثقلة بالف سؤال ..
حاول زين فى غرفته ان ينام ولكن بعدما علم بمعرفة مريم الحقيقية لم يستطيع النوم هو ايضا .. غادر غرفته وتوجه الى السطح .. وقف عند المدخل وهدوء الليل من حوله لم يكن كافيًا لإخفاء التوتر الذي ارتسم على ملامحه .. فؤجئ لرؤيته مريم ممدة على الأرض تحدق فى السماء دون حراك.. لحظة صمت طالت كأنها فصل من الحيرة لم يكتب له نهاية .. يعلم زين جيدًا سبب تواجد مريم هكذا .. نادى عليها :
_ ميما ..
لم تتحرك ولا تلتف وكأن صوته لم يصلها أو كأنها أختارت أن تتجاهله .. أقترب بخطوات بطيئة وكأن بينه وبينها مسافة نفسية أثقل من المسافات كلها .. جلس بجوارها على الارض وناداها مجددًا :
_ ميما ..
التفتت نحوه أخيرًا لكن دون كلمة نظراتها كانت كافية حادة وصامتة ومليئة بالغضب وفي تلك النظرة فهم زين كل شئ :
_ انا حقيقي بعتذرلك انى مقولتلكيش لما عرفت .
ظلت تنظر اليه فى صمت وقال :
_ هتفضلي باصالي كتير ..
اعتدلت وجلست وقالت :
_ مستنياك تقول خبيت عليا ليه ؟ ليه لما عرفت معرفتنيش ؟
_ لانه مش هيفرق حاجة يا مريم سواء عرفتي او لا .. سواء عرفت او لا .. لولا الصدفة للحمكناش هنعرف .
_ من حقي اعرف زيك ..
_ واهو عرفنا ..فى حاجة هتتغير ولا اى حاجة ولا انتى ليكي رأى تاني ؟
_ انا مبقتش عارفه ولا قادرة افكر ليه سوسن خبت ومقالتش ..ماشي خافت على سناء لكن اكيد مش طول عمري كنت برضع .. يعني كانت فى مرحلة معينة توضح لينا .
_ وبعد ما توضح لينا ؟ ايه اللى هيحصل ؟
صمتت للحظة وقالت :
_ نبقى عارفين ..
_ انا شايفك مكبرة الموضوع ع فكرة .. هو اه مفاجئ جدًا لكن مش هيغير حاجة فى علاقتنا ، انتى ميما الفيل الصغنن ابو زلومة وانا زيزو الرخم الفصيل.. اخوات مش اخوات احنا مع بعض زي ما كنا من صغرنا وهنفضل مع بعض ..
نظرت اليه وملامحها قلقة :
_ كلامك دا من قلبك ؟
_ من معاميع كليتي .. فى ايه يا مريم.. ايه ممكن يحصل ويبعدنا عن بعض ، علاقتنا مش مسمى اللى هيربطنا ببعض احنا بينا ايام ولحظات وذكريات .. عمر وحياة بينا مش سهل اى حاجة تدمر كل دا .
صمتت مريم وقال زين لاطمئنانها اكتر :
_ انا لما عرفت زيك كدا اتفاجئت بس لما فكرت لقيت مش فارق عشان كدا مقولتلكيش احنا زي مااحنا ..
_ دا وعد منك ..
_ من غير وعد انتى عارفه زيزو ميقدرش يستغنى عن ميما فى حياته ومش معنى ان كل واحد فينا عنده حياة دلواقتي .. شوية خصوصية وشوية مساحة ( ابتسمت ) دا مش هياثر بالعكس هنكمل اللى بدأنا من صغرنا لاخر العمر .. انتى فى حياتك وبيتك وزوجك وانا فى حياتي وبيتي ان شاء الله يعني مفيش حاجة هتتغير ما بينا .. حياتنا اتغيرت لكن احنا لا ..مكانا فى حياة بعض لا مش هتتغير الا كانت اتغيرت ولا ايه .
_ صح ..يعني ابعتلك وتبعتلي وهتجي ايطاليا كل حاجة زي ماهي ..
_ كل حاجة زي ماهي متوقفيش حاجة .. مريم احنا ملناش غير بعض انا وانتى وكريم احنا كبرنا مع بعض وهنفضل مع بعض .
كلماته لم تزل كل مافي قلبها من ثقل لكنها كانت بمثابة اليد التى امتدت لتطمئن قلبها المرتبك.. نظرت اليه لم ترد بكلمات لكن عينيها بدأت تفقد نظرات القلق والتوتر والغضب التى كانت فيها قبل لحظات وبدأ وكأنها تستمع لقلبه أكثر مما تسمع لأذنه .. ابتسم زين تلك الابتسامة البسيطة التى طالما اعتادت رؤيتها ثم قال :
_ هتسافري بكرا ؟
_ ايوه على العصر كدا الطيارة ..
_ تسافروا بالسلامة .. سافري وارجعي لحياتك ومتفكريش في اى حاجة تانية ماشي وانا موجود فى اى لحظة قولي زيزو هتلاقيني .
_ دا كدا كدا غصب عنك ع فكرة
ضحك زين :
_ ايوه كدا ارجع يا شق ..
ضحكت مريم وقال زين :
_ وعشان نختم اليوم دا بتأكيد ان مفيش حاجة قادرة على تدمير ما بينا .. هعزمك ع بيتزا والكبيرة كمان يلا عدي جمايل .
نظرت اليه بتعجب :
_ الساعة 1 بليل ..
_ ومن امتى بيفرق معانا يا شق ..وبعدين الفيل الصغنن بتاعنا لازم يكون مبسوط لاخر لحظة فى زيارته هنا ونضيفها لبير الذكريات اللى بينا مش احنا اتفقنا هنعيش لحظات وذكريات كتير مع بعض .
_ ايوه ..
_ يبقى نديها بيتزا .. هنزل اجيبها ع طول واجاى اوكيه ..
_ اوكيه ..
فاجأها العرض البسيط لكنه حمل فى طياته كل معاني الطمانينة والعودة .. ارتسمت على وجهها ابتسامة حفيفة لكنها صادقة وهزت راسها بالموافقة .. غادر زين وبعد وقت قصير عاد زين حاملًا 3 علب بيتزا حجم الكبير ةابتسامة واسعة تملأ وجهه كأنه يحمل معها الحل لكل شئ .. فتح العلب امامها وهو يقول مازحًا :
_ وقفت اختار قولت فك كيسك يا واد يا زيزو حدى حتى سائحة .
خبطته :
مين دي السائحة ؟
_ انتى مش بقيتي من مواطنى نابولي الايطالية .
_ لكن اصلي اسكندراني مصري .
_ ايوووه يا جدعان ..
ضحكت مريم وكان ضحكها صادقًا خفيفًا خرج من قلبها وبدت كأنها نسيت للحظة كل ما كان يثقل صدرها ..جلسا متقابلين على الارض يتناولان قطع البيتزا بشهية يتحدثان ويضحكان يتذاكران مواقف قديمة كأن الزمن دار بهم الى الوراء .. كل كلمة .. كلمة لقمة كانت تمسح طبقة من التوتر .. فى تلك اللحظات لم يكن هناك ماض مشوش ولا حاضر مضطرب فقط دفء اللحظة التى تجمع بين أثنين يملكان من الذكريات ما يكفي ليكونا ملأذا لبعضهما لبعض ونسوا كل شئ الا وجودهم ..