رواية تؤام روح الفصل الثانى و العشرون 22 بقلم يارا سمير


رواية تؤام روح الفصل الثانى و العشرون بقلم يارا سمير


فى اليوم التالي كان اليوم ملئ بالحزن ومشاعر الوداع التى تخيم على الاجواء .. استيقظ زين مبكرًا كعادته  وذهب الى العمل ولكن هذه المرة لم يكن بالحماس كعادته  كان شارد فى اغلب الوقت .. قضى ساعات العمل وهو حاضر بالجسد فقط  ينهى مهامه بصمت .. مع اقترب موعد ذهاب مريم وايهاب الى المطار كان زين عرض عليهم إيصالهم .. توجه زين الى المطعم فتح الباب بخطوات بطيئة وقعت عيناه على الطاولة البعيدة حيث كانت مريم تجلس ودموعها تنساب تحاول أن تتماسك امام دموع سناء وسوسن لكن الحزن كان أقوى من الجميع .. كان المشهد مولمًا ثلاثتهن يمسكن بأيدي بعضهن وكأنهن يرفضن الانفصال .. صمت زين للحظة وهو ينظر اليهم من بعيد شعر كأن العالم يتقلص كأن شيئًا من روحه على وشك المغادرة .. تمالك مشاعره وتقدم نحوهم وعلى وجهه ملامح رجل يحاول أن يبدو قويًا  وقال :
_ يلا يا جماعة .. يادوب نلحق ميعاد رحلتكم ..
 تحدثت سناء وهي تبكي :
_ مش عاوزاكي تمشي يا ميما ( نظرت الى ايهاب ) متطولوش علينا يا ايهاب بالله عليك 
 قال ايهاب :
_ اول فرصة هنكون هنا وغير كدا هنتجمع كلنا فى خطوبة زين ..
 تحدث زين :
_  انتم قلبينها دراما ليه .. هتسافر وهتيجي وانتم ممكن تروحوله الدنيا قريبة دلواقتي .
 تحدثت مريم:
_ ايهاب قالك اهو يا ماما فى اقرب فرصة هاجي تاني ..

 تحركت السيارة نحو المطار والهدوء يملأ الاجواء كأن حتى الهواء قرر أن يلتزم الصمت أحترامًا لثقل الوداع .. كان زين يقود السيارة وبجانبه يجلس ايهاب يتبادلان أطراف الحديث  محاوًا التماسك بينما كانت مريم فى المقعد الخلفي تحدق فى النافذة بشرود وداخلها موجة مشاعر متضاربة  تحاول بكل قوتها الا تسقط دمعة .. عين زين لم تبتعد عن المرآة الامامية  يراقب انعكاس وجهها بصمت وكأن كل نبضة فى قلبه تنادى عليها دون صوت ، كان يقرأ فى عينيها ما تخفيه ويشعر بثقل ما تمر به تمامًا كما يشعر بنفس الثقل داخله .. 

وصلوا الى المطار .. كانت خطوات مريم بطيئة كأنها تغادر رغمًا عنها .. تبادلوا الكلمات الرسمية فى الوداع واخر ما رأته على وجهه زين تلك الابتسامة ..  تشابكت يدها مع يد ايهاب وتوجهت للداخل  ووقف زين مكانه لم يتحرك فقط تابعها بعينيه وهي تبتعد وكل خطوة كانت كأنها تسحب شيئًا من روحه .. كان واقف غارقًا فى صمت ملئ بالحزن .. 

رن هاتف زين وسط صمته العميق ، ف اهتز في جيبه كأنما يوقظه من غيبوبة الشعور .. نظر الى الشاشة فوجد أسم بسنت يضئ امامه .. تردد للحظة لم يكن فى مزاج للحديث لكن الواقع فرض نفسه وكأن صوت الهاتف اعادة الى عالمه الحقيقي .. اجاب بنبرة هادئة وادار وجهه عن بوابه المطار :
_ مسافة الطريق  هكون هناك ..
استدار بخطى ثابته نحو الخارج ومع كل خطوة كان يشعر كأن شيئًا ينتزع منه لكنه لم يلتفت فقط تابع طريقه الى الخارج ممسكًا بالهاتف وبداخله صدى غياب لا يهدأ ..

فى الطائرة حاولت مريم أن تحافظ على هدوء ظاهر يخفي المشاعر فى داخلها ، كانت يدها فى يد ايهاب الذي طبع قبله فى كف يدها وكانت ابتسامته تحاول أن تكون ملجأ لها فى لحظة الوداع المؤلمة .. بدأت الرحلة ف استندت مريم برأسها على كتف إيهاب واغمضت عينيها محاولة أن تغلق نافذة الواقع المؤلم أمامها .. غابت تدريجيًا فى النوم هاربة من أحساسيس الحزن والفراغ التى تعبث بقلبها ..

حين وصل زين الى الشركة كانت بسنت تنتظره برفقة أحد العملاء والجو فى الغرفة يعج بالحضور والجدية .. جلس زين مع العميل وارتسم على وجهه تركيز عميق وانغماس كامل فى تفاصيل الاجتماع  كانت ملامحه تعكس الالتزام والعمل الشاق ..

بعد عودة مريم وايهاب الى نابولي انشغل ايهاب بحدث معرضه ومريم انغمست  بالالوان والرسم العشوائي ..كانت تحاول ان تعبر عن مشاعرها الداخلية بطريقة فوضوية وجميلة في الوقت نفسه .. ومع مرور الايام لاحظ ايهاب تغيير فى حالة مريم عادت كما كانت قبل السفر  .. بدأت تفقد شغفها فى كل شئ حولها حتى الرسم  تضع امامها الالوان واللوح تنظر اليهم فى شرود وتتركهم وتدخل تنام .. ففي محاولة اعادة البهجة الى قلبها قرر ايهاب ان يفاجئها  ..  عاد ايهاب من الخارج وتقدم نحوها طبع قلبه على خدها :
_ حبيبي عامل ايه انهاردة 
_ الحمدلله ..
_ كنتى جيتي معايا الحفلة دى كنتى هتنبسطي بدل قاعدتك كدا .
_ الصداع استلمني لسه من شويا ابتدأ يقل فكنت مش هبقى لذيذة ..
_ كلهم  بيسلموا عليكي ..
_ الله يسلمهم ..
 وضع امامها تذاكر طيران .. لمحت مريم التذاكر  اعتقدت انها تذاكر الى مصر .. التقتطتها بلهفه تنظر الى الواجهه وجدتها ( فرنسا)  قال ايهاب :
- حجزت لينا هنسافر بعد بكره .. هنحضر المعرض بتاعي هناك  وهنتفسح ايه رايك ؟
_ جميل بجد..
_ بجد
_ ايوه.. اهو تغير جو بدل البيت  يعني .
_ انا قولت كدا .. 
 تحركت من مكانها  امسك يدها :
_ رايحة فين ؟
_ هشوف الشنط والهدوم اللى عاوزة تتغسل اوديها للغسل والكوى كدا يعني مكتوب 15 يوم .
_ اوكيه وانا هطلب عشا لينا لانى متعشتش ..
_  ولا انا ..
_ يبقى نتعشى مع بعض 
 ابتسمت له وبادلها الابتسامة وطبعت قبلة على خده وتوجهت الى الغرفة لتحضير الحقائب بالفعل ..

هبطت طائرة مريم وايهاب فى مطار باريس .. وصعدا سيارة للذهاب الى الفندق كانت شوارع المدينة تنبض بالحياة تمتزج فيها ألوان المباني التاريخية مع أضواء المقاهي التى تضئ بشفافية على الارصفة ..  وصلا الى الفندق وبدلا ملابسهم وغادروا وكانت اول وجهتهم متحف اللوفر حيث تجولت مريم بإعجاب بين لوحات الرسم القيمة  والمنحوتات القديمة .. عيناها تلتقطان كل تفصيلة وكانت تبتقط بعض الصور وترسلها الى زين كالعادة .. كانت ابتسامتها تملأ وجهها وكان ايهاب تركيزة كاملًا عليها يراقبها ب ابتسامة خفيفة   كان يشاركها تلك اللحظات ولكن رغم ابتسامتها لكن كان يلاحظ فى عينيها حزن خفى جاهل مصدره .. 

فى الايام التالية قضيا وقتا فى التنزه على ضفاف نهر السين حيث جلسا فى مقهى صغير يستمتعان بالقهوة الفرنسية والمخبوزات الشهية  وكانت مريم تلتقط صورًا لكل لحظة وترسلها لزين وفي اخر اليوم يرد عليها بردوده القصيرة اللطيفة وبعض الرسوم الرمزية ..  مع مرور الايام كان غيهاب يحاول بكل الطرق أن يعيد إليها تلك البهجة .. يخطط للنزهات الصغيرة واللحظات الحميمية والسهرات والمعارض والمتاحف  لكنه كان يشعر أان شيئًا ما لا يزال غائبًا  وانها تحارب شئ مجهول داخلها فى صمت دون البوح به .

قبل ان يعودا الى نابولي .. رافقها ايهاب الى احدى المطاعم لتناول العشاء ..  كانت الاجواء هادئة ودافئة  واثناء تناولهم للعشاء فجأة انطلق صوت أغانٍ مبهجة لعيد ميلاد .. ف التفتت مريم متفاجئة  ولمحت نادلة تدفع عربة عليها تورتة مزينة بشكل انيق تتلألأ عليها شموع مشتعلة .. ارتسمت على وجه مريم ابتسامة عريضة ومأمتلأت عيناها بالدهشة والفرح معًا .. نظر الى ايهاب الذي كان ينظر اليها مبتسمًا :
_ كل سنة وانتى طيبة يا ميما .
_ وانت طيب .. عيد ميلادى  بس دا بكرة لسه مش انهاردة ؟
_ ايوه عارف بما اننا راجعين بكرة نابولي ف حبيت احتفل بعيد ميلادك فى المكان الجميل دا ايه رأيك ؟
 كانت هذة المفاجاة لم تكن تتوقعها  تبعتها نظرات الحضور الذين بدأوا يصفقون ويشاركون الاحتفال الصغير .. نظرت الى ايهاب :
_ شكرا بجد ..مش عارفه اقولك ايه .
_ مش محتاج اسمع حاجة كل اللى محتاجة ابتسامتك دى اشوفها وان مفاجئتي تعجبك.
_  شكرًا جداًا ..
_ يلا طفي الشمع وللعلم  دا الاحتفال لكن الهدية  لما نرجع نابولي بكرة  .
_ هدية ايه ؟
_هتشوفيها بنفسك .. يلا طفى الشمع واتمنى امنية ..
 مدت يدها وامسكت يد ايهاب واغمضت عيناها وتمنت امنية ونفخت بقوة طفت الشمع .. ايهاب ابتسم وهو ينظر اليها وكان سعيد لرؤيتها تبتسم .. جلسا سويًا تحدثًا وضحكا ثم  استأذنت مريم وتوجهت الى الحمام .. وقفت امام المرآة تنظر الى وجهها الذي تبدلت ملامحه بين فرحة وحيرة .. داخلها مشاعر متضاربة كأن فرحة عيد ميلادها التى اجتاحتها  كانت لحظة عابرة سرعان ما تلاشت .. قلبها يشهد صراعًا بين السعادة الظاهرة والفراغ الذي يختفى خلف ابتسامتها .. تنهدت برقة  وحاولت ان تستجمع قواها ورسمت على شفتيها ابتسامة هادئة تعكس رغبتها فى الاستمرار ثم خرجت من الحمام لتكمل السهرة والاحتفال مع ايهاب متصدرة ابتسامتها تفاصيل تلك اللحظة رغم كل ما يختبئ في اعماقها ...

في هدوء الليل بينما ايهاب نائم  استيقظت مريم على صوت اشعار هاتفها برسالة ،  التقطت الهاتف من جانبها وكانت  من زين .. وكان مقطع فيديو . خرجت بهدوء من الغرفة منعًا لحدوث ازعاج لايهاب وهو نائم وخرجت الى غرفة المعيشة  فتحت الفيديو كان مفاجئ لها .. في السطح امام الاريكة التى كانا يجلسان عليها  على الطاولة بيتزا في المنتصف شمعة  وبدأ زين يغني لها أغنية عيد الميلاد:
_ هاذا بازا ميما .. متفتكريش عشان انتى بعيدة هطنش الاحتفال بتاع كل سنة لا خالص ، جيبت البيتزا وههف الشمعة وهاكلهالك ( ضحك) لما اشوفك المرة الجاية هبقى اجبلك غيرها .. سنة سعيدة عليكي احلى من كل سنين اللى فاتت مريم .
 كانت تبتسم مريم وهى تشاهد الفيديو .. نفخ زين على الشمع وطفى وودعها وانتهى الفيديو وغرقت مريم فى صمت طويل تنساب دموعها ببطء على وجنتيها .. كانت دموعًا تحمل فى طياتها فرحًا نابعًا من قلبها  ولكنها فى نفس الوقت نفسه كانت تعكس ألمًا عميقًا من غياب زين وقربه فى آن واحد فكانت فرحة ممزوجة بالحنين والفقد .. لم تستطيع التوقف عن اعادة الفيديو كل مرة تراه كأنها تعانق لحظة تفتقدها وتحاول أن تشبع شوقها فكان قلبها يتراقص على وترين الاول لفرحة الحب والثاني لألم البعد ..

فى الصباح داخل صالة المطار كانت مريم جالسة بجانب ايهاب واثناء حديثهم وذكر اسم زين اخرجت هاتفها :
_ عشان تعرف ان زين لاسع اكتر مني بص بعتلي ايه ؟
 فتح الفيديو وشاهده وارتسمت ع وجهه ابتسامة :
_ ع البيتزا .. دا بديل التورته يعني ولا ايه ؟
_  ايوه .. بس بص عمل ايه احتفل بعيد ميلادي ازاى وقال ايه هياكلها بيغيظني .
 كانت تنظر الى المقطع الفيديو والابتسامة تعلو وجهها .. تحدث ايهاب :
_  بس لفته حلوة منه انه فاكر رغم انك مش موجودة .
_ مستحيل ينسي ..
_ مستحيل ؟
_ ايوه .. تفاصيلنا مبتتنساش ..
ابتسم ايهاب واستكملت مريم :
_ تعتبر ذكرى هتنضاف الى بير ذكرياتنا  .
_ البير دا غويط اوي ..
_ اوي اوي اوعي تفكر تنط هتغرق 
 قالتها بضحك  وضحك ايهاب :
_ مش محتاج اغوص فى ذكريات فاتت  ودي ذكرياتكم انتم لكن انا وانتى هيبقى لينا ذكريات مع بعض نعيشها .. صح ؟
_ صح ودايما بتفاجئني  .. عيد ميلادك استنى منى مفاجأة مش هتتوقعها .
_ انا متحمس من دلواقتي ..

عندما وصلا المنزل طلب ايهاب ان تغمض عينيها :
_ ليه ؟
_ اسمعي الكلام.
_  هى مفاجاة ولا مقلب هتخوفني صح ؟
ضحك ايهاب :
_ لا طبعًا مقدرش .. هل انا ضحكت عليكي فى حاجة او عملت مقلب فيكي قبل كدا ؟
_ بصراحة لا .. بس ميضرش تجرب ..
_ يعني هجرب فى بيتنا ما اعمل مقلب برا .
_ طيب عرفني فى حاجة هتفرقع فى وشي وكدا والله بتخض .
 ضحك ايهاب بشدة من طريقتها :
_  متقلقيش.. بصي مش هسيب ايدك خالص وعد لغاية ما تفتحي عينك .
_ انت وعدت .
_ وعد يلا ..
 ربط رباطًا ملونًا على عينيها واخذها برفق إلى الداخل ووقف امام باب غرفة ثم فتحه ودخل معها  .. ثم طلب منها ان تفتح عينيها .. ظلت ممسكة يده بيدها وباليد الاخري ازالت الرباط..  عندما فتحت عينيها كانت المفاجأة الصادمة والجميلة لها فى آن واحد .. أمامها كان المرسم الخاص بها لكنه لم يكن مجرد مرسم عادي بل كان طبق الاصل عن مرسمها القديم على السطح فى الاسكندرية .. كل التفاصيل كانت متطابقة .. الالوان واللوحات والاثاث حتى الزوايا الصغيرة التى كانت تحبها .. نظرت مريم حولها بدهشة وفرح متداخلين :
_ ايه دا ؟
_  ايه رايك زي مرسمك صح ؟
_ جدًا انا لحظة حسيت انا فيه .. بتفاصيله .. حتى اللوحات عملتها ازاى دي ؟
_ حضرتك اللى قدامك ايهاب مختار بيقولوا بعرف ارسم حلو (ضحك) حاولت ارسم زيهم عشان بس احطهم انا اختار كام صورة لانك ماشاء الله مليان المرسم هناك لوحات  ف دول مجرد ديكور انتى بقي ترسمي وتمليهم بفنك وابداعك الخاص ...
_ انت عملت كل دا امتى وازاى ؟
_ فى البداية انا كنت مقرر تكون هديتى لعيد ميلادك مرسم، خسارة انك ترسمي عشوائى بدون ما يكون فى مكان ليكي وانتى رفضتي تشاركيني فى المرسم بتاعي قولتيلي دا مكانك الخاص مينفعش حد تاني يدخل فيه واحترمت رغبتك لكن كل مرة بشوفك بترسمي مرة فى كل مكان بنروحه حسيت لا انتى محتاجة مكان خاص ليكي تستقري يعني  .. و لما كنا فى الاسكندرية شوفتك اد ايه حابه السطح والمرسم عن اى مكان تاني اكتر من البيت والمطعم .. وكانت نفسيتك احسن بكتير وانتي فيه .. طبعًا مستحيل انقل السطح لاننا عايشين فى شقة  لكن اخصص غرفة لمرسم ممكن .. صعبه لكن ممكن .. ف حاولت ع اد ما اقدر انقل التفاصيل كنت عارف ان كدا هتعجبك اكتر من اى تصميم تانى  فصورت كل تفصيلة وليا صديق هنا ساعدنى وفترة سافرنا كان بيجهزه ..
_ عشان  كدا قعدنا 15 يوم ؟
_ ايوه .. لكن  الهدية كدا مخلصتش .
_ فى ايه تاني ؟
 اشار لها اتجاه احدى الاركان :
_ فى ظرف هناك شوفيه كدا ..
 توجهت الى الظرف والتقطته وفتحته  واتسعت عيناها من المفاجاة :
_ ايه دا ..
_  بيقولك انك مشاركة فى مسابقة  للمبتدئين  انا قدمتلك اونلاين ب اسمك ودفعتلك الرسوم وهى حاجات بسيطة ..
_ انت بتتكلم بجد؟
 ضحك ايهاب ك
_ كارت الانضمام اهو فى ايدك .. المسابقة هتبدء بعد شهريين يا دوب تلحقي تجهزي.
 صمتت مريم وهى تنظر اليه .. اقترب نحوها وامسك يديها  وقال :
_ انا حاولت اساعدك تنزلى معايا فى معارضي انتى رفضتي وقولتيلي لا لو هتشاركي فى معارض لازم يكون بمجهودك انتى بدون اى مساعدة على الاقل خليني اساعدك فى الحاجات البسيطة دي ..ممكن .. 
 عادت النظر فى انحاء المرسم وأحست بأن هذه اللفتة كانت بمثابة استعادة جزء من نفسها ، جزء من ذكرياتها وأحلامها .. ادركت ان ايهاب قد نقل لها هذا المكان ليعيد اليها حيويتها التى فقدتها ويمنحها فرصة لتعود الى شغفها القديم من خلال هذا المرسم الذي يعبر عن روحها .. ابتسمت مريم بهدوء ف امتدت بيدها واحتضنت ايهاب بحرارة وفرحة غامرة وقالت :
_ شكرا يا ايهاب شكرا حقيقي .
 ضمها هو الاخر وابتسم لانه اخيرًا رأى ابتسامتها الصافية .. كان حضنها مليئًا بالامتنان والدهشة وكأنه تعبير صادق عن صدق مشاعرها فى تلك اللحظة التى اعادت لها جزءًا من ذاتها وحياتها . 

 قامت مريم بتصوير المرسم مقطع فيديو وارسلته الى زين لمفاجأته .. فتح زين مقطع بفضول وما إن بدأت اللقطات بالظهور حتى اتسعت عيناه بدهشة ..كان المرسم نسخة طبق الاصل من مرسم السطح  بكل تفاصيله .. صوت مريم كان يملأ المقطع حماسًا وسعادة حقيقية .. ضحكتها تشبة ضحكتها قديمًا حين رأت المرسم لاول مرة .. ابتسم زين لا اراديًا لكنه لم يلبث أن شعر بشئ يعتصر قلبه ..سعادة مريم تلك شئ طالما كان يسعى لرؤيتها ولكنه لم يتخيل يومًا أن تكون بيد غيره .. شعر بغصة دفينة ..لم تكن غيرة فقط بل خليط من ألم الفقد والتسأؤل هل ستتراجع مكانته للخلف ؟ ورغم محاولاته لطمأنة نفسه لم يستطيع ان يمنع شعور الغضب الصامت من التسرب إليه ..غضب من نفسه ومن إيهاب والكذبة التى منعتهما عن بعض ومن كل شئ جعله يتفرج من بعيد على من أحبها تتوهج بيد غيره ..
بدأت مريم استخدام المرسم الجديد بحماس يشبه اشتعال الروح بعد سبات طويل ..كانت تتحرك بخفة بين الألوان والفرش وملابسها ملطخة بالالوان وشعرها المربوط عشوائيًا وعيناها اللامعتان وهما تتابعان تفاصيل كل لوحة كأن شيئًا بداخلها استعاد الحياة من جديد .. كانت ترسم لساعات دون كلل وتغني أحيانًا وتضحك وحدها وهي تعبث بقرشاة أو تمسح شيئًا على اللوحة كما لو انها وجدت أخيرًا ملاذها الحقيقي .. 

كان ايهاب كل حين واخر يراقب مريم فى صمت وهو يبتسم كلما لمح تلك اللمعة فى عينيها أو رأى نظرة التركيز التى كانت غائبة عنها طويلًا .. أدرك تمامًا أن قراره بأعادة خلق عالمها القديم لم يكن مجرد مفاجأة بل كان طوق نجاة انقذها من الغرق فى خمولها .. هو لم يرد أن يسعدها فقط ولكن اراد أن يعيدها الى نفسها والأن وهو يراها تتوهج بهذا الشكل شعر أنه نجح . 

تمت حفلة خطوبة زين وبسنت وسط الزينة والانوار والضحكات المتبادلة .. الحضور يهنئون والاجواء تعج بالموسيقى والصفيق وزين جالس الى جانب بسنت مبتسم بثبات ..لمح مريم تتقدم وهي تتقمص دور اخت العريس تتقدم نحوهم تحمل بين يديها الشبكة ووقفت بجانب زين والابتسامة تعلو وجهها وتمد اليه الشبكة ليضعها فى يد بسنت .. وفى لحظة سريعة التفت زين بعينيه الى مريم التى تقف بجانبه كان وجهها يبتسم ولكن عيناها لم تكن تشاركان  الابتسامة .كانت نظرتها ساكنة تحمل بين اطرافها غصة خفية حاولت مريم ان تخفيها بابتسامة حفيفية ولكنها لم تنجح فى خداع زين ..  امسك زين الشبكة وهو يضعها فى يد بسنت أحس بوخز فى قلبه كأن هناك شيئًا ناقصًا فى هذة اللحظة التى يفترض أن تكون سعيدة .. بسنت كانت جميلة كل شئ بدا مثاليًا لكن داخله فى مكان لا يرى كان هناك شعور بالفقد كأن قلبه لم يكن حاضرًا بكامله ولكنه لم يظهر ذلك ونجح فى اخفاء ما يشعر به ب الابتسامة ..

مضت الحفلة وغادرت مريم وايهاب عائدين الى نابولي لاستعداد للمسابقة قريبًا  .. في  وقت كانت مريم غارقة فى التحضير للمسابقة منعزلة عن العالم وتركيزها منحصر فى اللوحة التى امامها فقط .كان زين ايضا فى تلك الفترة منشغل بعقد ضخم ومهم يمثل نقلة كبيرة للشركة .. كانا يتابعان اخبار بعض عن طريق الرسائل القصيرة لانشغالهما وكانت مريم مهتمة بمعرفة ما وصل اليه زين فكانت تشجعه وتدعمه وكان زين يتابع مريم لتحضير للمسابقة ويحفزها بكلماته التحفيزية كعادته .. رغم انشغال مريم بتحضيرات المسابقة الا انها لم تفوت يوم اجتماع زين من اجل العقد.. كانت تتابع خطواته لحظة بلحظة عبر رسائل الواتساب  حتى وصلها الخبر المنتظر  حصول زين على العقد .. قلبها فرح تلقائيًا وكتبت له رسالة بسيطة مليئة بالفخر :
_ كنت عارفه انك قدها زيزو دايما قد اى حاجة بيعملها .
ارسلت الرسالة وعادت الى لوحتها وهي سعيدة ..  عاد زين الى الشركة  ودخل مكتبه وبعد لحظات دخلت بسنت ب ابتسامة كبيرة وتحمل بين يديها تورتة مزينة ( مبروك) ..  وضعتها ع الطاولة وقالت :
_ مبروك يا زين 
 ابتسم زين :
_ ايه كل دا ؟
_ دا احتفال بسيط بمناسبة العقد المهم اللى اجتهدت فيه جدًا لغاية ما اخدته .
_ دا ع كدا اشوف عقد غيره عشان نشوف الحاجات الحلوة دي .
_  ومن غير عقود 
_ ايه الدلع دا كله.. بسنت هو دا عشان احنا اتخطبنا وفترة الخطوبة ودلع ايام الخطوبة وكدا وبس ولا ممتد المفعول لبعد الجواز .
 ضحكت بسنت :
_ لو ممتد  ايه هيحصل .
_ هستعجل الجواز طبعًا  
 ضحكت بسنت :
_ وهنقعد فين فى المكتب ؟
_ لا عندنا مع محمود وسوسن .. اوضتي  مؤقتًا ونخلص الشقة براحتنا بقى .
_ لو مستعجل على الجواز خلص الشقة بسرعة .
_ داانا هروح للمهندس اللى مستلمها اديله امر مستعجل .
تبادلا الضحكات بينهم  .. سمع طرق على الباب ودخلت السكرتيرة ب ابتسامة رسمية  تحمل بين يديها صندوق مغطى بورق بني بسيط .. قالت :
_ مستر زين الاوردر دا جه لحضرتك .
_ من مين ؟
_ الكارت موجود جوه ..
_ طيب شكرًا ..
 خرجت السكرتيرة ومظر الى بسنت :
_ ايه مفاجأة تانية ولا ايه ؟
_ لا مش مني بس دا مينفعش فى مفاجأة تانية بس بعد الشغل .
_  اومال مين ؟
فتح زين الكارت الموجود مع الصندوق وكان مكتوب ( من ميما )  بمجرد ان قرأ الاسم اتسعت عيناه بدهشة ممزوجة بفرحة مفاجئة لم يستطيع السيطرة عليها .. سريعًا بلهفة طفل  فتح الصندوق وكانت المفاجأة التى كان لم يتوقعها .. داخل الصندوق مجموعة من سندوتشات الكبدة والسجق  مرتبة بعناية شديدة مصفوفة على شكل تورتة صغيرة  .. نظر زين الى السندوتشات وضحك ضحكة خفيفة من قلبه ..كانت عيونه لامعة وملامحه تحولت فجأة الى فرحة طفولية صافية .. قالت بسنت :
_ شكلها حلو اوي .
 قال زين :
_ بجد لاسعه ..
_ افكارها من خارج الصندوق مريم  لدرجة تخليك متفاجئ بالشكل دا .
_ رغم انها مش اةل مرة بس مريم عندها القدرة تفاجئني بنفس الحاجة واحس انها اول مرة .
  تعجبت بسنت من كلمات ولاحظ زين ذلك وقال :
_ ايام الجامعة احتفلت بعيد ميلادي كدا فاجئتني بالطريقة دي .. احنا احتفالاتنا بعيد الميلاد اكل هي بيتزا وانا كدا ..
_ اها .. بقول افكار خارج الصندوق .
 سمع صوت اشعار من هاتفه وكانت رسالة من مريم :
_  احتفالي بنجاحك على الضيق كدا .. شويا كبدة وسجق مشطشطين يحمسوك على العقد اللى بعده .. مبروك يا زيزو  دايما فى تفوق ونجاح فى شغلك .
 اغلق الهاتف ونظر الى السندوتشات وارتسمت على وجهه ابتسامة شرد معها للحظات حتى انتبه لحديث بسنت :
_ روحت فين ؟
_ معاكي .. يلا ناكل انا جعان اوي .
_  هناكل كل دا ؟
_ هناكل لغاية ما نشبع واوزع الباقي .
جلست بجواره وقالت :
_ مريم حرقت عليا المفاجئة التانية كنت هعزمك على كبدة وسجق .
_ لا حرقت ولا حاجة .. الجايات كتير .
نظرت الى زين :
_ كنت عاوزة اكون اول حد يحتفل معاك بالعقد  متخيلتش ان مريم تكون اسرع مني كدا .
 لاحظ نبرة حزن قليلًا تتحدث بها بسنت .. امسك يدها وقال :
_ انتى فعلًا اول حد يحتفل معايا  من بعد ما خلصت الميتنج انتى اول حد اقابله قالي مبروك .
 ابتسمت بسنت على كلمات زين اللطيفة .. كانت مريم ارسلت لزين رسالة راها بعد الاجتماع تبارك له على نجاحه ولكن حتى لا تشعر بسنت بالضيق كذب عليها ..:
_ يلا  ناكل بقى هتبرد وهيبقى ملهاش طعم .
 بدأ زين  يأكل وكان مستمتع وكأنه يتذوق لحظة قديمة ومحببة الى قلبه ، الذكريات والضحك الذي كان بينهم .. رغم ان بسنت كانت جالسة تتحدث معه وكان يرد عليها ردود مختصرة وايماءات خفيفة كان عقله مع مريم ومفاجئتها  والابتسامة لم تختفى من وجهه .. كانت هدية مميزة كعلاقتهم .. 

ليلة التى تسبق المسابقة .. مريم فى المرسم غارقه فى صمتها تحاول أن تستجمع قوتها .. جلست امام اللوحة المشاركة بها فى المسابقة اناملها تتشابك فى توتر واضح والفراشاة ساكنة على الطاولة .. كانت عيون مريم تتأمل اللوحة وتفاصيلها بدقة وبقلق كأنها ترى فيها شيئًا ناقصًا لا يدركه أحد سواها .. مرت اللحظات وكل دقيقة كانت تزيد من ارتباكها وقلقها ومن خفقان قلبها .. تحاول أن تهدأ تتحدث مع نفسها قائلة :
_ هتعدي يا مريم .. متخافيش انتى عملتي اللى عليكي . 
 طرق ايهاب على الباب وانتبهت مريم :
_ انا مستنيكي نتعشى مع بعض .
_ هى الساعة كام ؟
_ الساعة 1 بعد منتصف الليل .
_ يااه ..كل دا ..انا محستش بنفسي خالص .
 توجه ايهاب اليها وسحبها من يدها للخارج واجلسها على الكرسي امام الطاولة وجلس بجانبها وبدأ بوضع الطعام لها فى الطبق امامها وقال :
_ انتى قولتى هتبصي بصه وبس ونسيتي نفسك جوه ..كل شويا اقول هتخرج هتخرج .
_ بجد محستش بنفسي .. كل ما افكر اقوم ارجع تاني اقول اشوف اخر مره وهكذا .
امسك يدها وضغط عليها بلطف :
_ مريم.. اللوحة برفيكت وانتى عملتي شغل حلو اوي فيها وانا واثق هيعجب اللجنة اللى هتقيم .
_ بجد حلوة .
 قالتها بقلق .. ابتسم ايهاب اليها وقال :
_  بعيون فنان بقولك برفيكت وبعيون محب بقولك مفيش احلى من كدا .
 ابتسمت مريم  وقال ايهاب :
_ طيب يلا كلي .. انا طلبت الاكل دا انتى حبتيه اخر مره اتعشينا برا .
 نظرت الى الطعام ولوهلة اشتهت بيتزا .. فى لحظة وجدت نفسها تخوص فى ذكرياتها .. تذكرت زين حين كانت تمر بتوتر أو قلق ايام الامتحانات أو قبل حدث مهم كان يعرف كيف يقرأ ملامحها من أول نظرة دون أن تطلب او تقول شيئًا .. طريقته كانت بسيطة لكنها فعالة .. يختفى قليلًا ثم يعود ومعه بيتزا ساخنة من نوعها المفضل وبعد ان ينتهوا من تناولها وسط ضحكاتهم واحاديثهم الا منتهية كان يمسك يدها ويغادرا السطح متجهيين للشارع  للتمشية وهروبًا من الضغط .. انتبهت حين تحدث ايهاب :
_ ميما ..
_ ايووه يا زيزو ..
 تفاجئ ايهاب :
_ ايهاب ..
ارتبكت مريم :
_ اسفة بجد .. اصلي افتكرت زين فى حاجة كدا .
 بدأ يتناول الطعام وقال بهدوء :
_  افتكرتيه فى ايه ؟
_ يعني افتكرت ايام الامتحانات لما بكون مضغوطة وكل ما الامتحان يقرب كنت بكون فظيعة  مفيش حاجة بتقدر تهديني ولا تفصلني  زين كان بيعرف يتصرف فى الحالة دي .
_ كان بيعمل ايه زين ؟
ابتسمت وقالت :
_ كان فجأة يختفى ويرجع بيبتزا نقعد ناكلها يخلص نصهاوكان يلغوس وشي بالكاتشب يخليني اجري وراه لغاية ما اتعب  او ننزل نتمشى فى الشوارع ونقعد ع البحر ولو فضلنا قاعدين للصبح  نفطر سندوتشات فول وفلافل وبيتنجان مولع وبعدين نرجع البيت ننام وفعلًا كنت بنام ع طول وبصحى هادية .
كانت مريم تحكي وع وجهها ابتسامة شاردة هادئة فيها حنين ثم رفعت عينيها الى ايهاب :
_ يعني حاجات طقة كدا .
_ تحبي ننزل نتمشى تغيري جو و..
 قاطعت حديثه:
_ لا لا .. الوقت متاخر ولازم ننام بدري عشان اصحى رايقة لليوم .
_ اللى تحبيه .. ممكن تاكلي بقى مش هتنامي غير لما تاكلي .
_ حاضر .. شكرًا على الاكل .
_ يو ويلكم ..

لم تستطيع مريم النوم من القلق غادرت الغرفة بهدوء حتى لا تقلق ايهاب  وجلست فى الصالة كانت دقات قلبها متسارعة من التوتر والقلق .. حاولت ان تهدأ بتنظيم التنفس وهدأت قليلًا ولكن مازال القلق والتوتر والخوف يضغط على صدرها .. رفعت هاتفها ببطء نظرت الى الشاشة الواتساب حيث أخر رسالى من زين عبارة عن استيكر بسيط ابتسامة .. اغلقت الهاتف وجلست على الاريكة تضم قدميها الى صدرها  كانت تشعر بالوحدة فى تلك اللحظة ..محاولات ايهاب معها  كانت مسكن مؤقت واختفى اثره سريعًا ..فتحت برنامج الواتساب  واغلقته فعلت تلك الحركة ب استمرار كحالة من التردد لفتح محادثة زين وارسال رسالة والتحدث معه ولكنها تعلم انه نائم فى ذلك التوقيت ..  فى تلك اللحظة كان زين يراقب شاشة هاتفه وهو يرى ظهور مريم واختفائها على الواتساب عدة مرات وكل مرة يزداد قلقه  قائلًا :
_ كنت عارف .. كنت عارف انك مش هتعرفي تنامي من القلق والخوف يا مريم ..
 ارسل لها رسالة تفاجئت بها مريم :
_ صاحية ؟
 امسكت هاتفه واعتدلت بلهفة كغريق وجد طوق نجاته :
_ صاحي ؟
_ لا نايم .. منمتيش ليه ؟
_  انت منمتش ليه .. الوقت متاخر الساعة 4 ونص الفجر .
_ قلقت قولت اصلي الفجر وهنام.. وانتى هتصلي الفجر وتنامي ؟
_ ان شاء الله ..
_ ميما .. انتى محتاجة حاجة.. لو فى حاجة عاوزة تقوليها تتكلمي انا معاكي ؟
 امسكت الهاتف للحظات فى صمت وتنفست نفس عميق وكتبت :
_ لا مفيش .. هصلي وانام ..
_ طيب  تصبحي ع خير .
_ وانت من اهله ..
 بعد ثوانٍ:
_ ميما ..
_ ايوه ..
_ مهما كانت النتيجة انا فخور بيكي وبخطواتك اللى بتعمليها ، كسبتي خسرتي بالنسبالي انك حاولتي دا مكسب ومش مهم بالنسبالي رأى اى حد تانى .. دى اول مسابقة ليكي هتكوني خايفة وقلقانة طبيعي لكن انتى هعملتي كل حاجة ..النتييجة متفكريش فيها  لانك بالنسبالي فايزة .
 ابتسمت مريم لكلماته وتحفيزة لها .. استكمل حديثه وكتب :
_ بصي.. افتكري ليلة اخر امتحان فى الكلية افتكري نزولنا الشارع الفجر وقعدتنا على البحر .. وجرينا ورا بعض زي الاطفال مكنش هاممنا حاجة ولا حد.. يمكن اللحظات دى مش قادرين نكررها لبعد المسافة لكن عندنا لحظات تقدر تساعدنا .. غمضي عينك واستحضري الوقت دا وقولى لنفسك هتقدري وهتعدي ..ميما تقدر تعمل كل حاجة واى حاجة .
_ حاضر ..
_ نامي وانا واثق ان يومك هيكون جميل .
 اغلقت  المحادثة مع زين وكانت كلماته كنسيم هادئ دخل الى عاصفة داخل مريم وهدأت .. حديثها مع زين زال كل ثقل القلق والتوتر ..جلست واغمضت عيناها وبدأت كما قال لها زين استحضار الذكريات وبالفعل بدأت تتدفق امامها .. لحظات من دفء وحنان واهتمام واحتواء ..مع مرور كل ثانية  بدأت الراحة تتسلل الى قلبها وتبدلت نبضات قلبها السريعة بإيقاع منتظم حتى ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها تعبيرًا على السلام الداخلي الذي شعرت به ..  استسلمت للنوم بهدوء على الاريكة كأنها وجدت ملاذًا أمنًا من توترها وقلقها .. جسدها ارتاح تدريجيًا وتنفسها أصبح منتظمًا وعميقًا وعينيها المغلقتان تعكسان سلًام.. غابت كل الافكار ومشاعر القلق وحل مكانها راحة روحية تنساب معها الى عالم الاحلام .

استيقظ ايهاب فى الصباح لم يجد مريم بجانبه ولا الغرفة كاملًا .. غادر الغرفة وبحث عنها ولمحها نائمة بهدوء على الاريكة .. شعر بالدهشة والقلق .. اقترب منها وايقظها بلطف واستيقظت  مريم :
_ صباح الخير ..
_ صباح الخير ..
_ نمتى هنا ليه كدا ؟
_ كنت مش عارفه انام من القلق والتوتر وخرجت هنا قولت بلاش اقلقك مسكت الموبيل اقلب فيه زين كان صاحي  يصلي الفجر  اتكلمنا شويا  وقفل وقلبت فى الموبيل ومحستش بنفسي  غير دلواقتي .
_ طيب يلا قومي اجهزي هنفطر وننزل .
_ تمام ..
 تركت مريم الهاتف وتوجهت الى الغرفة ، نظر ايهاب الى الهاتف للحظات وداخله رغبة ملحة  لفتح محادثة مريم وزين .. التقط الهاتف بين يديه وكانت مريم غير مفعلة كلمة سر وفتح الواتساب  وحدق فى محادثة زين واخر رسالة مرسلة منه :
_ تصبحي على خير ومتقلقيش اليوم هيعدى .
وهو ممسك الهاتف ارسل زين رسالة جديدة كتب :
_ ابقى طمنيني ومهما كانت النتيجة متزعليش .
 اغلق ايهاب الهاتف  ووضعه مكان وغادر .. في قاعة المسابقة  وقفت مريم بجوار لوحتها  بقلق وتوتر ..كان ايهاب يحاول تهدئتها عن بعد ويطمئنها  ويخبرها ان تمارس تمرين التنفس لتهدأ .. رغم ممارستها لتمرين التنفس كان القلق والتوتر مستمرين.. اغمضت عيناها وتذكرت محادثة زين وكلماته التحفيزية لها كانت بالنسبة لها قودة دافئة تواجهه قلقها ، فتحت عيتيها لاستقبال النتيجة مهما كانت ..وفجأة  كان اسمها من الفائزين .. لم  تصدق فى البداية حتى شعرت بيد ايهاب تمسك يدها ويضمها لحضنه مردد:
_ مبروك يا مريم مبروك .
كانت الدهشة تسبق الفرحة لكنها سرعان ما انفجرت ضاحكة ودموع الفرحة فى عينيها ... فى طريق العودة كانت الفرحة لا تسع مريم قال ايهاب :
_ قولتلك اللوحة بريفكت وكان لازم تكسبي .
_ بجد مكنتش متوقعة .. كنت بمهد نفسي لعكس كدا وكنت هتقبلها بس حقيقي احساس الفوز مختلف احلى .. اول مسابقة فى حياتي كسبتها بعد فشلي فى المسابقة الاولي .
 ضحك ايهاب وتذكر مسابقة الجامعة :
_ اللى بيروح مننا بيجي احسن منه ..مفيش فرص بتضيع الفرص زي مياة النهر جارية بتيجي ب استمرار مرة تنجح ومره لا ولو لا اللى بعدها هتنجح كدا هي دى الحياة .
_ صح ( امسكت يده وقبضت عليها وقالت ) شكرًا يا ايهاب شكرًا على المرسم والفرصة دي وتشجيعك.. مش عارفه اقولك ايه بالظبط  ومهما عملت مش هرد جزء من عمايلك ليا .
 امسك يدها وطبع قبلة فى كفها وقال باسمًا :
_ ابتسامتك دى وفرحتك هى كل اللى انا عاوزة مش عاوز حاجة تاني .
 ابتسمت مريم  .. رن هاتفها باشعار رسالة .. نظرت الى الهاتف كانت رسالة من زين ليطمئن .. سحبت يدها من يد ايهاب وقالت :
_ زين .. هيفرح جدًا ..
 كان زين فى مكتبه يتظاهر بالانشغال امام الاوراق لكن عينيه كانت تتردد كل لحظة على شاشة الهاتف .. ينتظر خبرًا ، رسالة ، اى شئ .. وما أن وصلت الرسالة من مريم حتى ظهرت ابتسامة خفيفة على وجهه .. تنهد بارتياح ثم اعاد ترتيب أوراقه وبدأ عمله أخيرًا بتركيز وهدوء وكأن قلبه استعاد ايقاعه الطبيعي .. 

 فى يوم عاد ايهاب الى المنزل  ..فتح الباب بهدوء ودخل لمح وجود مريم نائمة على الاريكة ع غير العادة .. اقترب منها بقلق ولاحظ ملامح وجهها الشاحبة وتعبها الواضح:
_ مريم.. انتى كويسة ؟
 لم تجيب سريعًا :
 مش عارفه يا ايهاب حاسة انى تعبانه اوي .
_ ترجيع برضه .
_ ايوه ومش قادرة اشرب ماية حتى .
_ قولتلك تعالي نروح المستشفى  ممكن يكون بردتي .
_ مش عارفه بجد..
_ طيب يلا بينا على المستشفى يلا ..

في غرفة الفحص كان قلبه يدق بقوة وهو يمسك يدها ويدها الاخري معلق المحلول زز يجلسان لانتهاء المحلول ولمعرفة نتيجة الفحص .. بعد دقائق قليلة بدت كأنها ساعات  دخل الغرفة طبيب وعلى وجهه ابتسامة خفيفة وقال :
_ مفيش حاجة تقلق هي بس محتاجة راحة شويا الفترة دي .
تحدث ايهاب :
_ يعني مش محتاجة اى فحوصات ولا اى حاجة ؟
 ضحك الطبيب وقال :
_ مبروك .. مدام مريم حامل .
 نظر ايهاب الى الطبيب بذهول ثم التفت لمريم التى بدأت تستعيد وعيها .. عينيها تبحث عن تفسير ابتسم لها وقال بصوت خافت ودهشة ممزوجة بفرحة :
_ مريم.. هتكوني احلى ماما .
 نظرت اليه لتستوعب كلماته :
_ حامل ..انا ..؟
 اومأ براسه لتأكيد كلماتها وطبع قبلة اعلى راسها .. دمعة نزلت من عينيها وملامجحها تغيرت ما بين المفاجاة والخوف .. ابتسمت ابتسامة صغيرة ووضعت يدها على بطنها كأن الخبر أعاد لها جزءًا من الحياة .. جزء جديد تمامًا ..

عادا الى المنزل فى هدوء يشوبه مزيج من مشاعر كثيرة ، لحظة دخول مريم المنزل كان يمسك يدها ويحرص على راجتها اكثر من قبل .. احضر لها مشروبًا وجلس بجانبها ينظر اليها بترقب وع وجهه ابتسامة ..  مريم كانت مبتسمة عيناها تلمهات كانت فرحتها ناعمة هادئة عميقة تتحسس بطنها بين الحين والاخر كانها تحاول تصديق الامر :
_ انا مش عاوزك تعمل اى حاجة .. وليزا هخليها تكون من بكرا معاكي كتشليش كوباية .
_ مش لدرجة يا ايهاب .
_ لا لدرجة جدًا .. الدكتور مأكد علينا اهم فترة هي 3 شهور الاولي راحة تامة منعًا لحدوث اى حاجة تانية بعد الشر .. راحة .. راحة .. راحة .
 تبدلت ملامحها وقالت :
_ كلام الدكتور قلقني ..
 تحسس ايهاب بيده على شعرها وقال :
_ متقلقيش هو دا الطبيعي ان اول 3 شهور يكونوا حساسين بعد 3 شهور كله هيكون تمام ان شاء الله .. المهم ال 3 شهور متتحركيش من مكانك  انا هحاول افضي نفسي على اد ما اقدر .
 قاطعته مريم:
_ لا لا ..  متأجلش حاجة ولا تلغي حاجة.. انت الفترة الجاية مهمة عندك فى معارض ومناسبات لازم تكون موجود .. ومتقلقش انا فى البيت وليزا هتكون معايا .
في تلك الفترة كان زين فى احدى جولاته  بالخارج متنقلًا بين الاجتماعات واللقاءات الرسمية  لتوسع فى العمل ..  فلم يعلم بخبر حمل مريم لقلة الاتصالات بينهم فى تلك الفترة لتعب مريم ولانشغالة . لم ترسل مريم له لتخبره بذلك ولم يخبره عائلته اعتقادًا ان مريم ستخبره ولم يحدث .. مريم قررت ان تترك لعائلتها مهمة اخبار الاخرين كما لو أن قلبها لم يكن مستعدًا لسماع رده فعله او ربما كانت تخشى مواجهه حقيقة البعد بينهم ..  أجلت اخبار زين بخبر الحمل حتى تكون مستعدة لمواجهه تلك الزاوية القديمة فى روحها التى ما زالت تعرف جيدًا كم يعني زين لها حتى وإن كانت الحياة تمضي فى طريق آخر .. 

سافر ايهاب الى هولندا لحضور حدث ما .. قبل مغادرته حرص على الاطمئنان على مريم بكل تفاصيل يومها :
_  متقلقش انا كويسة .
_ انا قولتلك اعتذر وانتى مرضتيش 
_ وانا قولتلك مش مستاهلة انا هرتاح وكل حاجة هتبقى بخير ..
_  كلى يا مريم انا مأكد ع ليزا تاكلى ..
_ حاضر متشغلش بالك بيا ..
_ بالظبط يومين انهاردة وبكرة هكون هنا مش هتاخر .
_ تيجي بالسلامة .. وبالتوفيق .
 ضمها لحضنه وطبع قبله على خدها وغادر ايهاب المنزل .. تمددت مريم على الاريكة لتكسب بعض الراحة فى اليوم التالي وهي مستلقية على الاريكة تحاول ان تسترخى وتقاوم شعور التعب الذي لا يفارقها .. .. اقتربت منها المساعدة :
_ مدام احضرلك الغدا
_ شويا يا ليزا انا مش جعانه .
رن هاتفها نظرت الى الشاشة بكسل كان رقم غريب لا تعرفه.. ترددت قليلًا ثم أجابت بصوت خافت :
_ الو ..
وتفأجئت حين سمعت الصوت :
_ ميما ..
 تجمدت ملامحها للحظة واتسعت عيناها بدهشة لم تستطيع اخفائها :
_ زين ؟
_ لا عفريته .. 
نظرت الى الرقم وقالت :
_ دا رقم ايطالي .. هو انت ..
_ انتى كنتى قايلالي فى عمود احمر قصاد عمارتك صح .. فى مطعم  بيتزا جنبه هكون قاعد مستنيكي فيه .. ويلا عشان انا جعان جدًا .
 اغلق الهاتف دون سماع اجابتها ولا ردها .. اغلقت الهاتف في ذهول وهي تحاول ان تستوعب وجود زين فى نابولي .. نهضت من على الاريكة بسرعة وكأن نبض قلبها سبق خطواتها .. ارتبكت لثوانٍ ثم تحركت مسرعة الى غرفتها .. بدلت ملابسها بدون تفكير وخرجت من الغرفة وتجتاحها مزيج من لهفة والشوق وسعادة خفية لا تستطيع كبحها .. غادرت المنزل دون التحدث الى المساعدة معها .. توجهت بخطواتها الى المطعم  وعيناهها تجولان فى المكان بتوتر خفيف حتى وقعت عيناها على زين جالسًا فى ركن هادئ كان ينظر الى الباب ينتظرها وحين لمحها ابتسم ابتسامة دافئة وأشار لها بيده لحظتها ارتخت ملامحها وابتسمت تلقائي .. اقتربت منه بخطوات خفيفة وقلبها يخفق .. جلست امامه وهى ما تزال تبتسم غير مستوعبه وجوده امامها :
_ ايه المفاجأة دى .. زيزو هنا فى نابولي ؟
_ قولتلك هبقى اجيلك ..
_ احنا داخلين على سنة ع الوعد دا ..
_ انا محددتش امتى لكن قولتلك هجيلك صح.. اهو جيت 
 ضحكت مريم:
_ بتقنعنى بالمنطق .. ماشي .. بس بجد انت هنا لايه  مش عشانى اكيد ؟
_ انا جيت نابولي عشانك لكن عندي ميتنج فى روما بكره الصبح .
_ مقولتليش ليه ؟
_ حبيت اعمل مفاجأة وبعدين فى دين عاوز ادفعه .
_ دين ايه ؟
_ احتفالنا بالمسابقة .. المسابقة اللى كسبتيها ..
_ يعني انت جاى عشان تحتفل معايا بفوزي فى المسابقة ؟
_ ايوه .. مينفعش افوت اى مناسبة ليكي .. وغير كدا ادوق البيتزا الايطالي من بلدها .
ضحكت مريم :
_ يبقى انت قاعد فى المكان الغلط .
_ ليه مش دا مطعم ايطالي ؟
_  انت ليه بتاكل كبد وسدق من عند عم عوض وبس ؟
_ لانه بالنسبالي احلى واحد يعمل كبدة وسدق 
_ انا بقى هوديك لاحلى محل بيعمل بيتزا .. يلا .
_ يلا ..

خرجوا من المطعم الاول واتجهوا سويًا الى محل البيتزا المفضل لها .. كان زين يقود السيارة بخفة ومريم تجلس بجانبه باريحية  تتأمل كيف أن مجرد وجوده يعيد إليها نسختها القديمة .. وصلا الى المطعم وجلسا فى ركن هادي من المحل وطلبت مريم البيتزا بنفس الطريقة التى اعتادوا عليها وتختار النكهات التى كان زين دومًا يرفض بعضها ثم يرضخ لها فى النهاية وصلت البيتزا وبدأوا ياكلون ويتشاركون القطع كأن لا شئ يتغير .. قالت مريم :
_ ها .. ايه رأيك ؟
_ متختلفش كتير عن اللى عندنا  .
_ يا راجل .. بطل فشر .
_ انتى قوليلي  هي ولا اللى عندنا فى اسكندرية وقاعدة السطح .
 ابتسمت مريم وقالت :
_  السؤال دا لو سألتهولي من يومين كنت هقولك بيتزا الاسكندرية والسطح.
_ ودلواقتي ؟
_ الاتنين ..
 نظر اليها زين لثوانٍ وقال  مازحًا :
_ لانى موجود صح متنكريش  عشان اجبلك حاجة حلوة .
ضحكت مريم :
_ طبعًا واكيد بالمليون ..
_ بالمليون ..داانتى طماعه اوي .. انا كنت راسم ايس كريم وقهوة وخلاص .. انتى هتمشيني من هنا ماضي وصلات امانه .
ضحكت :
_ متقلقش هضمنك .
_ شكلك مفلسة .. محتاجة سلفه قولي متتكسفيش .
_ لا الحمدلله معايا تحب اسلفك .
_ لا شكرًا خلى فلوس الدكتور لنفسه .. هو فين صحيح فى البيت ؟
_ لا مسافر من امبارح وراجع بليل او بكرة الصبح .
_ طيب كويس مجازفتش وطلعت البيت  مكنش ينفع وهو مش موجود .
_ معايا مساعدة فوق مش لوحدى .
_ كمان مساعدة.. دا مدلعك اخر دلع  .
 _ لو مدلعتش هدلع امتى .. 
_ ادلعي براحتك .. المهم انتى كدا معايا انهاردة لغاية موعد القطر .
_ تمام معاك ..
_ يلا هتودينا فين تاني .. انا انهاردة هعمل كل حاجة عاوزاها .. يوم من ايام ميما وزيزو زي زمان .
 ابتسمت مريم :
_ يوم من ايام ميما وزيزو بتاع زمان ..

فى ذلك الوقت وسط الدفء والضحك والطعام الذي يحمل ذكرياتهم نسيت مريم تمامًا أن تخبر زين بخبر حملها ..غابت تفاصيل الواقع وبقى فقط شعورها فى تلك اللحظة .. غادرا المطعم وسارا سويًا فى الشارع وبين ضحكات مريم التى لا تهدأ وتعليقات زين الساخرة كانت خطواتهم خفيفة ..  ذهبوا الى محل الايس كريم واثناء وقوفهم فى انتظار الايس كريم السماء قررت أن تفاجئهم  وبدأ المطر ينهمر بهدوء أولًا ثم أشتد قليلًا .. الناس من حولهم يركضون للاختباء تحت المظلات يتفادون الببل أما زين ومرين فتوقفا ونظرا لبعضهما .. كانت  نظرة صامتة مليئة بالطفولة والمغامرة ثم ابتسم كلاهما وكأنهما اتفقا دون كلمات وفجأة  مد زين يده لمريم ومدت يدها وبدأ زين يدور بها ، يلفها كراقصة صغيرة وبدات مريم تضحك من قلبها وهى تبلل شعرها وثيابها بالمطر .. راحا يركضان فى دوائر يتقافان قطرات الماء ويقفزان فى البرك الصغيرة كأنهما عادا طفلين .. زين رفع راسه الى السماء مغمضًا ثم فتح عينيه ونظر الى مريم التى شاركها طفلين للعب تحت المطر .. كان زين يحدق بها متمنيًا ان تدوم تلك اللحظة للابد ..

ابتلت ملابسهم كاملًا .. نظر زين حوله كان يوجد محل هداي وملابس دخلوا المحل وهما يضحكون بصوت منخفض مبللين بالكامل من المطر .. بدأ زين يتجول بين الرفوف سريعًا يختار بعناية قطعة تلو الاخرى وهو ينظر الى مريم التى بدأ جسدها يرتعش من الملابس المبللة .. اعطى زين الملابس لمريم والتقط ملابس له ودخلوا بتبديل ملابسهم .. خرجوا وجلسوا يحتسون مشروب دافئ وسط  ضحاكتهم وحديثهم حول فعلتهم المجنونة .. قال زين :
_ لو سوسن وسناء كانوا هنا وشافونا .
_ يالهوى كانوا صوتوا فى وشنا وقالولنا هتتعبوا ..
_ احنا نلحق الدنيا ومفيش تعب ان شاء الله .
_ ان شاء الله ..
 نظر الى مريم وهى تمسك كوب المشروب بكف يديها الاثنتين والتقط هاتفه والتقط لها صورة :
_ بتاخد عليا سيديهات ..
_ طبعًا لازم أأمن نفسي للمستقبل هتطلعي سيدهاتى هطلع سيدهاتك .
_ ماشي ماشي ..
 ضحكت مريم ونظر اليها زين قائلًا :
_ عارفه يا ميما اوقات كتير بحس ان الدنيا بتحاول تراضينا باللحظات اللى بنقضيها مع بعض دي .
_ انا كمان بحس بكدا ..الضحكة اللى بضحكها معاك بتكون صافيه خارجة من قلبي من غير مجهود .. الاكل معاك له طعم مميز رغم روحت مطاعم كتير وبتقدم احلى أكل وأكلت بيتزا في كذا مكان لكن المرادي لأول مرة احس بطعمها  كل مرة بحس في حاجة ناقصة ..الوقت معاك مختلف .
 تحدث مازحًا 
_ عشان تعرفي ملكيش غيري .
_ اكيد هو زيزو واحد بس .. يلا خلصي الحاجة الدافية مش عاوزين نختمها بمرض .
_ حاضر .
_ الفيل الصغنن المطيع .
 كانت بجانبها علبه صغيرة دفعتها اتجاه :
_  يا رخم يا فصيل ..
 ضحك زين :
_ اهلا بيكي فى عالم زيزو ..
 بين المشروب الدافي وملابس جديدة وضحاتهم العابرة كان كل شئ بسيط لكنه كان ملئ بالسعادة الحقيقية ... وفجاءة شعرت مريم بألم طفيف فى بطنها وتبدلت ملامحها ولاحظ زين :
_ ايه مالك ؟ لحقتي تتعبي ولا ايه ؟
 اخفت الألم :
_ لا لا مفيش حاجة .. يلا نمشي عشان موبيلي فصل وايهاب أكيد اتصل كتير .
_ تمام يلا .. 
_ انتهوا من المشروب وتحركا مغادرين اشارت اليهم أمراة جالسة فى ركن من المكان .. اقتربوا اليها وطلبت منهم الجلوس وعرضت عليهم قراءه بطاقات التاروت ..  وافقت مريم من باب التجربة ..كانت المراة مكسيكية ومعها مترجمة .. سألها زين ع حسبب رغبتها لقراءة التاروت ليهم اجابت :
_  حواليكم هالة مميزة .. من النادر رؤية هالة واحدة تجمع شخصان من جنسان مختلفان .
_ ودا معناه ايه ؟
 فردت البطائق امامهم وطلبت من مريم وزين سحب 4 بطائق وبالفعل سحبوا وقالت :
_  تؤام روح ..
_ يعني ايه ؟
_ علاقتكم مميزة.. القدر جمعكم مع بعض من لحظة ولادتكم ، فى رباط رباطكم ببعض صعب ينقطع او ينفصل ، مهما حاولتوا تبعدوا مش هتقدروا تكملوا وانتم بعاد عن بعض .. انتم نص بعض بتكتملوا لما بتكونوا مع بعض .. فى البعد بتكونوا اجساد بدون روح ومع بعض بتكون روح داخل جسدين ..
 تبادلا مريم وزين النظرات وسحبت بطاقاقتين وتبدلت ملامحها وقالت :
_ ألم ودموع .. القدر هيختبر مدى قوة الرباط اللى بينكم وللاسف حد فيكم هيقطعه .
 صدم كلماتها كل من زين ومريم واخرج زين مبلغ من المال ووضعه امام المراة المكسيكية وامسك يد مريم وجذبها للخارج :
_ ليه خرجتنا ..  مخلصتش .
_ وانتى بتصدقي كلام الهبل دا .. احنا قولنا نجرب كتسلية لكن انتى كنتى مركزة اوي كان ناقص تقوليلها لو دخلت مسابقة هكسب ولا لا .
_ انت بتتريق .. ماهي قالت كلام صح عن علاقتنا .
_ ميما انتى لسه عبيطة .. طبيعي شايفة شاب وبنت هتقولهم حوار تؤ?



تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1