رواية تؤام روح الفصل الثالث و العشرون بقلم يارا سمير
(23)
_ ايهاب ..
نظر ايهاب الى مريم ومرر بأصابعه على شعرها ووجها وقال زين :
_ اطمن الدكتور طمني وقال هتكون كويسة لكن هي محتاجة الراحة ..
_ ايه اللى حصل ؟
_ انا جيت في شغل وقولت امر على مريم عليكم يعني اسلم ، عرفت انك مش موجود فقولت لمريم تنزل وقعدنا فى مكان اكلنا واتكلمنا شويا و ( تذكر المطر وما حدث ) وجينا نروح تعبت فجأة انا مكنتش اعرف انها حامل ، الحمد هي بخير لكن الجنين للاسف ..
_ الحمدلله ( اغمض عيناها لثوانٍ وتنفس نفس عميق ) شكرًا يا زين .. الحق شغلك او اللى انت جاي عشانه .
_ ومريم ؟
نظر اليه ايهاب باندهاش :
_ انا معاها يا زين.. انا جوزها .
_ اه .. انا همشي وهبقى اطمن عليها .
_ تمام .. بكرر شكري .
نظر زين الى مريم نظرة أخيرة وكأن قلبه يرفض الرحيل لكن الواقع كان أقوى .. إيهاب رغم تهذيبه كان حازمًا فى طلبه .. لم يكن فى كلمات إيهاب نبرة عداء لكنه كان واضحًا وموقفه لا يقبل الجدل .. تردد زين لحظة عيناه لم تفارق ملامح مريم وكأنه يحاول حفظها فى قلبه قبل أن يغادر ثم أومأ بصمت دون كلمات وبدأ يتحرك نحو الباب بخطوات ثقيلة .. قبل ان يخرج التفت قليلًا القى نظرة خاطفة أخيرة على مريم ثم مضى وخرج من الغرفة وهو يشعر كأن جزءًا منه بقى هناك ..غادر المشفى وهو يحمل فى قلبه شعورًا بالحزن وبعجز قاتل ..
بعد مغادر زين بوقت قليل استيقظت مريم وفتحت عيناها تنظر حولها رأت إيهاب يجلس بجانبها وهو ضامم كف يدها بين يديه الاثنتين .. لمح استيقاظها :
_ ايهاب ..
تحرك من مكانه وطبع قبلة اعلى راسها ومرر اصابعه على شعرها :
_ حمدلله على سلامتك .. الدكتور طمنى عليكي هتبقى احسن .
كان أيهاب يتحدث بهدوء تفاجئت به مريم :
_ ايهاب انا ..
قاطع حديثها وقال :
_ ممكن متتكلميش .. مش مطلوب اى حاجة منك غير ترتاحي دلواقتي ممكن .
هزت رأسها .. ابتسم ايهاب لها ابتسامة دافئة :
_ هخرج اشوف الممرضة وراجع ع طول ..
خرج ايهاب من الغرفة واغلق الباب خلفه بهدوء وترك مريم فى سكون الغرفة وحدها مع مشاعرها الثقيلة .. تبدلت ملامحها فجأة لم تعد تملك التماسك أكثر .. مدتت يدها المرتجفةالى بطنها وانفجرت دموعها ..كانت تبكي بصمت بكاء لا يسمعه أحد لكنه يحرق أعماقها .. لم يكن الألم فى جسدها فقط بل في قلبها وروحها وعلى الذنب الذي حاصرها وأنها خذلت حياة كانت بين يديها .. كل ما تشعر به في تلك اللحظة هو فقد ووحدة ومسؤولية ما حدث .
عادت مريم الى المنزل محمولة بين صمت الحزن ورعاية ايهاب الذي لم يتركها لحظة .. كان ايهاب حنونًا يحاول أن يكون السند لها فى تعبها .. كان يجهز لها طعامها ويطمئن على أدويتها ويقول لها كلمات دافئة دائما يحاول أن يعيد إليها ولو جزءًا من طمانينة افتقدتها .. كانت مريم جسديًا تتعافى ولكنها نفسيًا تتآكل .. رغم اهتمام ايهاب لم يكن بوسعه تسكين ألمها .. كانت تبكي كثيرًاكلما تكون بمفردها وأحيانًا تنهار فى لحظة .. كانت نظراتها دائما شاردة وكأنها تحاول أن تتوارى عن العالم .. شعورها انها خذلت طفلها ولم تستطيع حمايته كان يعذبها ...
كان زين يشعر بالعجز والقلق يزداد يومًا بعد يوم يحاول أن يتواصل معها بأي وسيلة لكن مريم لم تجيب على اتصالاته وكانت تجيب ع رسائلة بردود مختصرة ، باردة، خالية من روح مريم المعتادة .. كانت كلماتها قصيرة لكن وقعها على قلب زين كان كبيرًا .. كان يقرأ بين السطور ألمًا تحاول أخفاءه وجدارًا تبنيه لتبعده أول مرة تبتعد مريم عنه هكذا ولم يكون فى استطاعته التواجد معها لتخفيف عنها ..
بعد مرور شهران ..
تم تحديد موعد كتب كتاب زين وبسنت .. في الاسكندرية فى منزل مريم رن جرس الباب وفتحت سناء لتتفاجأ بمريم تقف أمامها ..كانت ملامح مريم مرهقة لكن ع شفتيها أرتسمت ابتسامة صغيرة .. احتضنتها سناء فورًا..كانت مريم فى أمس لحاجة لهذا الحضن أغمضت عينيها فيه كأنها تحاول أن تحبس دموعها أو تذيب كل ما يؤلمها فيه .. دخلت مريم وهي تحمل حقيبتين سفر .. دخلت بخطوات بطيئة جلست فى الصالة مع سناء :
_ حبيببتي يا مريم طمنيني عليكي عاملة ايه ؟
_ الحمدلله يا ماما ..
_ متعرفيش كنا هنموت من القلق عليكي .
_ انا قدامك اهو بخير اطمني ..
امسكت يدها ربتت عليها بلطف :
_ انا عارفه ان الموقف صعب ومؤلم.. ماهو الامومة مش بالساهل .. ودا رزق من ربنا وزي ما رزقك مرة هيرزقك تاني وتالت ورابع ..تمام
_ متقلقيش يا سناء ..انا كويسه وراضية بنصيبي
_ نصيبك خير يا حبيببتي .. ربنا رزقك بزوج طيب وحنين وابن ناس ان شاء الله هيراضيكم .
تنهدت تنهيدة قوية :
ابو الكرم فين ؟
_ فى المطعم هيكون فين .. دا هيفرح انك جيتي .. انا قولتله فرح زين هيجمعنا كلنا .
ابتسمت نصف ابتسامة :
_ طيب انا هدخل ارتاح السفر كان متعب ومنمتش كويس .
- ادخلى يا حبيببتي ارتاحي ..
وقف مريم وقالت سناء :
_ ايهاب جاي أمتى ؟
نظرت اليها لثوانً:
_ هيظبط دنيته ويجي ..
_ بصراحة توقعت انكم نازلين مع بعض .
صمت مريم :
_ سيبيني اصحي لوحدى ممكن يا ماما .
_ حاضر يا حبيببتي وعقبال ما تقومي هعملك ع العشا اكله بتحبيها .
دخلت مريم الغرفة وقفت فى المنتصف تحوم بنظرها فى الانحاء ثم توجهت الى السرير دون أن تبدل ملابسها تمددت عليه ونظراتها ثابته نحو السقف شاردة ..
فلاش باك من 3 ايام ..
كانت مريم جالسة بصمت شاحب على الاريكة حين دخل ايهاب حاملا كوب عصير .. جلس بجوارها ووضع كوب العصير امامها وقال والابتسامة على وجهه :
_ هتخلصي الكوباية دى ..
_ قولتلك مش قادرة حقيقي مش قادرة ..
صمت للحظة :
_ ليه بتعملي كدا يا مريم ؟
_ بجد مش قادرة ..
نظر اليها بنظرات عتاب :
_ ليه بتعملي فى نفسك كدا ؟ ايه يستحق فى الحياة انك تجبري نفسك على حاجة رافضاها وتعيشي في عذاب بالشكل دا ؟
صمتت مريم واستكمل ايهاب حديثه :
_ انتى تستحقي تعيشي سعيدة يا مريم، تستحقي ان ضحكتك متختفيش ، من حقك تختاري وتقرري هتعيش ازاى وفين ومع مين ؟
_ ايهاب انا ..
_ ممكن تسمعيني للاخر ..
صمتت وتحدث ايهاب :
_ ميمفعش يا مريم الانسان يجبر نفسه على الحياة مع شخص و قلبه وروحه مع شخص تاني
صدمت مريم واستكمل ايهاب حديثه:
_ الاول كنت بقول مستحيل لكن مع الوقت كل لحظة وكل موقف بيأكدلي ان زين في قلبك ومفيش مكان لاى حد تاني .. مقاوحتك وكدبك على نفسك وهروبك هو اللى وصلك للحالة اللى انتى فيها دي ..زين لما بيكون موجود مبتفتكريش غيره ولما بيكون مش موجود مبتفكريش غير فيه .. لدرجة رغم انك عارفة الحركة غلط ليكي ممكن تأذيكي .. نسيتي اول ما سمعتي صوته كان اللى عاوزاه تشوفيه وحصل اللى حصل .
انسابت دموعها وقالت :
_ انا اسفة يا ايهاب انا بتعذب بسبب كدا انا اللى اذيت ابني بنفسي ..
امسك ايهاب يدها بين كفيه وضمها بدفء رغم الألم الذي بداخله كانت يده دافئة صادقة :
_ اهدى ممكن .. دا عمر واقدار فكري فيه انه كدا .. عمر وأقدار .. انا بحبك يا مريم بحبك جدًا ومحبتش فى حياتي واحدة زيك لكن مش دا سبب يخليكي تكملى حياتك معايا تكملي حياة عبارة عن رد جميل وبس .. عشان كدا فكرت وبصعوبة اخدت قرار اننا هنطلق .
صدمت مريم وقال ايهاب :
_ أسالي قلبك هل هيقدر يكمل حياته معايا .
لم تنطق مريم سوا دموعها المنهمرة بدون توقف .. ابتسم ايهاب ابتسامة خفيفة وقال :
_ مش هيقدر وانا مش هقدر اغصبه يكون معايا .. مريم اى راجل لما يعرف ان مراته بتفكر فى شخص تاني بيعمل جريمة او بيخونها وانا لا هعمل كدا ولا كدا لاني بحبك و لاني واثق انه غصب عنك .. ظروف علاقتك انتى وزين السبب يمكن لو اتعرف من بدري انكم مش اخوات كنتى هتكوني معاه وانا كنت هكون مجرد دكتور درسلك فى الكلية واتشرفت بمعرفتك مكنش كل الحاجات دى حصلت ..لكن دا القدر واختباره واحنا بنختار .. لو كملنا يا مريم هكرهك وانا مش عاوز اكرهك مش عاوز أشوهه مشاعري اللى حستها اتجاهك ..فتخفيف عنك انا أخدت القرار الصح ليا وليكي واحنا كويسين جدًا
صمتت مريم واستكمل ايهاب حديثه :
_ القرار الانفصال لاني عاوزك تعيشي حياة سعيدة بجد فيها يا مريم مش تمثلي السعادة .. مهما عملت مقدرتش احققلك السعادة اللى محتاجاها لان ببساطة سعادتك فى مكان تاني مع شخص تاني للاسف مش معايا ( تنهد تنهيدة عميقة ) انا حجزتلك تذكرة الطيران ذهاب بس وبكره هنروح انا وانتى نخلص اجراءات الطلاق ..
_ ايهاب انا اسفة ..
_ لا لا متتأسفيش .. انا اللى أسف انى كذبت احساسي وكملت على وهم ممكن يكون حقيقة ..احنا ايوه هننفصل لكن انا موجود ليكي دايما في اى وقت هفضل فى ضهرك كصديق ..العلاقة الصح اللى كانت مفروض تستمر بينا هي الصداقة بس لكن قلوبنا اوقات بيبقى ليها قرارت تانية .. انا موجود عشانك يا مريم انفصالنا انفصال كزوجين لكن كأصدقاء مستمرين ..
لحظتها تكسرت أشياء كثيرة داخلها واليوم وهي وحدها فى غرفتها تستعيد تلك الكلمات انسابت دموعها بغزارة ليس فقط على ما فقدته بل على ما لم تستطيع الشعور به يومًا فى زواجها ..
في الشركة ..
كان زين يجلس فى المكتب مع كريم يراجعان بعض الاوراق المهمة للعمل وزين يحاول التركيز وإنهاء المهام المتراكمة عليه قبل زواجه .. تحدث زين :
_ هسلمك العقد دا ومتطلبش مني حاجة ل3 شهور قدام ..
_ ليه 3 شهور ..
_ عريس وهتجوز الو
_ كتب الكتاب بعد أسبوعين وبعده ب اسبوع الفرح وهتسافر أسبوع عسل وهترجع يعني كله شهر واسبوع .. اسبوعين ..مش 3 شهور اجازة جواز مش اجازة وضع .
_ ياعم براحتى ..اخد اجازة براحتى من وقت ما اشتغلت هنا وماخدتش اجازات .. اعتبرها مكأفاة ع اجتهادي فى الشغل ..
_ انت وبسنت هكأفئ موظفين ب3 شهور اجازة .
_ كريم صحصح كدا انا شريك معاك .. صحصح بدل ما اروح اشكي لحودا وانت عارف هيعمل ايه هيقفلك الشركة دا فرحة ابنه الزغلول ..
ضحك كريم وقال :
_ ماشي يا عريس يا زغلول ربنا يتمللك ع خير يا زيزو ..
_ حبيبي يا كيمو .. عقبالك ما تحصلني .. ابقى اقرصني يوم فرحي .
_ لا انا موضوعي مختلف مش هيتفك بالقرص .
_ اومال هيتفك ب ايه ؟
_ عمل سفلي .. اخر ما هزهق هاخد اى حاجة من ملك واعملها عمل اخليها هي اللى تطلب منى اتجوزها واتنك عليها زي ماهي مطلعة عيني كدا .
ضحك زين:
_ بصراحة الله يكون فى عونك .. هتلين هتلين
_ اهو وراها لما اشوف اخرتها ..
_ ان شاء الله تحصلنا انا وميما وتدخل نادى المتزوجين
تحدث بالامبالاه :
_ مريم صحيح دى شكلها قتلت جوزها وجت لوحدها
_ مين دى اللى جت ؟
نظر اليه بتعجب :
_ مريم .. هو انت متعرفش ان مريم جت انهاردة ..جت لوحدها ؟
_ جت .. لا معرفش .
_ هو انتم مبتتكلموش ..
_ اخر فترة كان بينا رسائل ولما كلمت ايهاب وعزمتهم ع كتب الكتاب قال هيرتب ظروفه وهيجوا قولت هيجوا قبل كتب الكتاب بيومين مش ب اسبوعين .. وجت لوحدها غريبة ؟
_ لا غريبة ولا حاجة ممكن يكون مشغول جوزها وبعتها تغير جو بعد اللى حصل .
شرد زين للحظات واغلق الملفات سريعًا :
_ انا خارج ...
_ رايح فين مخلصناش ..
_ راجع تاني ..
غادر الشركة مسرعًا وكأن قلبه يسبقه ..كل ما يشغله الان هو الاطمئنان على مريم .. رؤيتها بعينيه والتاكد أنها بخير بعد كل ما مرت به .. وصل زين الى باب المنزل .. رن جرس الباب بلهفة .. فتحت سناء الباب :
_ زيزو ..
_ مريم فين ؟
_ فوق فى السطح ..
بدأ يصعد الدرجات بخطوات متسارعة ، قلبه يدق بقوة يكتاحه مزيج من الشوق والقلق عليها .. فتح باب السطح بهدوء يتلفت بعينيه يبحث عنها حتى لمح باب المرسم مفتوح وادرك انها بالداخل .. تقدم ببطء وجدها واقفة تنظر للمكان بشرود وكأنها غارقة فى ذكريات لا تنتهي .. لا تتحرك فقط عيناها تتجولان فى تفاصيل المكان .. :
_ ميما ..
انتبهت مريم لصوت زين .. لم تلتفت فورًا بل رفعت يدها تمسح دموعها ثم التفتت اليه ببطء وابتسمت تلك الابتسامة التى تخفى خلفها ألمها ..:
_ زيزو ..
دخل زين المرسم وكانت رائحة الغبار والتراب تملأ المكان ، سعل بصوت خفيف لاستنشاقه الغبار الذي ملأ الاجواء :
_ انتى واقفة وسط التراب دا ازاى .. تعالي اخرجي برا هتتعبي ..
بعد لحظات خرجا من المرسم واغلقت مريم الباب وجلسا على الاريكة ونظر اليها :
_ مالها عينك .. معيطة ؟
_ لا ابدا .. باين التراب دخل فى عيني
_ شوفتي ..قومي اغسلي وشك ولا انزل اجيبلك قطرة للعين .
_ لا مش لدرجة دلواقتي عيني هتهدأ
_ تمام .. ( ابتسم) حمدلله ع السلامة كدا متقوليش ولا حتى تبعتي رسالة .
_ الترتيب جيه فجأة..
_ انتى عامله ايه طمنيني عليكي .. ردودك المختصرة مكنتش بتطمني ع فكرة .
_ الحمدلله كويسه .
_ مريم انتى مقولتليش ليه انك حامل ؟
صمتت مريم للحظة وكأن سؤاله خنجر طعن فى صدرها :
_ زين ممكن منتكلمش عن الموضوع دا .
_ هو في حاجة حصلت ؟
_ لا مفيش ..
_ مريم .. فى حاجة صح ؟
استمرت فى الانكار :
_ لا مفيش ..
_ طيب دكتور ايهاب سابك تسافري لوحدك ازاى ؟
نظرت اليه لثوانٍ وسريعًا اجابت :
_ مشغول عنده معرض وسافر هيخلصه وهيجي .. المهم ايه اخبارك واخبار التجهيزات .
نظر اليها باندهاش كان يشعر بوجود شئ تخفيه عنه ، شئ يثقل صدرها ولكنه لم يضغط عليها واكتفى بمراقبتها بهدوء وسايرها فى الحديث رغم انه بدأ عليه القلق :
_ تمام كله تمام .. انتى عارفه العريس اخره مشوار اتنين لكن العروسة بيتهد حيلها .. فبسنت الله يعينها بقى .
_ وانت سايبها لوحدها ليه .. ليه مش معاها هي هتتجوز لوحدها .
ضحك زين :
_ والله بعودة يا ميما .. احساسك ان كل البنات بنات خالتك وبتدفعي عنهم .. لا يا ستي مش هتتجوز لوحدها لكن فى حاجات خاصة بالبنات مش هتحشر فيها بيوتي سنتر وحاجتكم الغريبة وبعدين مينفعش احنا الاتنين نملص من الشركة .. ع الاقل انا اسد عني وعنها ..
_ اها .. المهم متسبهاش لوحدها .
_ متقلقيش يا سيادة المحامي العام مش هسيبها لوحدها .
ابتسمت نصف ابتسامة والقى زين بنظرة على يدها لم يجد خاتم الزواج :
_ فى دبلتك ؟
تجمدت مريم لحظة ، ارتفعت دقات قلبها بسرعة وبدت ملامح وجهها متوترة ومرتبكة ..حاولت السيطرة على نفسها وضعت يدها على اليد الاخري لاخفاء مكان الخاتم وقالت :
_ تحت .. بعد ما خسيت بقى يقع كتير فخفت يقع مني ويضيع فشيلته فى الشنطة تحت .
_ ايهاب مش هيزعل كدا ؟
نظرت اليه :
_ انا قولتله وهو عارف خلاص يا زين .
تحدثت بعصبيه :
_ مالك يا مريم انا بسألك عادي ..
هدأت :
_ وانا جاوبت عليك .. يلا ننزل ..
_ يلا ..
اندفعت مريم للمغادرة السطح بخطوات سريعة وكأنها تهرب من شئ ثقيل على صدرها اما زين وقف مذهولًا ، لم يقتنع بكلماتها كان يشعر بوضوح أن هناك شيئًا تخفيه عنه .
فى صباح اليوم التالي قررت مريم أن تذهب الى المطعم وتعود الى طبيعتها حتى تظهر بمظهر طبيعي امام الجميع حتى لا تلفت الانتباة و محاولة إخفاء ما يثقل قلبها .. استيقظ زين وقبل ان يتوجه الى الشركة قرر المرور على منزل مريم ليطمئن عليها .. قبل ان يرن الجرس فتح الباب وقابل كرم :
_ صباح الفل يابو الكرم ..
_ صباح الفل يا زيزو .. رايح شغلك
_ ايوه ..دعواتك بالتوفيق
_ ربنا يكرمك ويوفقك انت وكريم ويوسع رزقكم .
_ امين .. انت رايح المطعم ؟
_ ايوه ..
_ مريم جوه ؟
_ لا مريم صحيت من بدري ونزلت مع ملك ، انت عارف انها مبتقعدش فى البيت .
_ اها .. طيب تمام ..
رغم ان مريم كانت تبدو طبيعية فى تصرفاتها الا أن زين شعر بقلق عميق لم يكن مطمئنًا لما يحدث بالفعل ..
في المطعم تجلس مريم مع ملك وفجأة تبدلت ملامح ملك لصدمة :
_ بتقولي ايه .. اتطلقتي ؟
_ اهدي يا ملك متلفتيش نظرهم لينا ..
_ انتى بجد اتطلقتي ؟
_ ايوه ..
_ ومخبيه ليه ..هو دا حاجة تستخبى ؟
_ مش عارفه اقولهم ازاى او معنديش طاقة ارد ع اسألتهم .
_ معندكيش طاقة ولا مش هتعرفي تجاوبي عليهم ؟
_ الاتنين ..
_ والحل ..
_ فى وقت مناسب هعرفهم بعد فرح زين .
_ ليه بعد فرح زين ؟
نظرت اليها :
_ يعني خليهم يفرحوا مش طالبه نكد ونظرات شفقة .
استدارت عين مريم وتحدثت ملك :
_ ليه اتطلقتوا يا مريم .. هو ايهاب عمل حاجة ؟
تنهدت مريم :
_ ولا اى حاجة .. انا اللى عملت يا ملك انا ..
_ عملتي ايه ؟
_ معرفتش احافظ على ايهاب ولا على بيتي ولا على ابني .. معرفتش احافظ ع اى حاجة .
_ ليه بتقولي كدا ؟ مريم انتى كنتى دايما بتقولي انك مبسوطة وانكم بخير والحياة بينكم جميلة .
تنفست نفس عميق وملامحها حزينة :
_ايهاب .. ايهاب اللى كان بيعمل كل حاجة عشان نكون بخير ، عشان حياتنا تكون جميلة ، عشان اكون مبسوطة وسعيدة .. ايهاب اللى كان بيعمل كل حاجة .
_ وانتى ..؟
_ مش عارفه اقولهالك ازاى .. انا نفسي مش فاهماني بجد.. فاكرة لما اتكلمنا انا وانتى وكريم وقولتى مش هينفع ادى حد حاجة انا مش حساها ..مينفعش اجامل بيكون حمل تقيل على روحي .
_ ايوه ..
_ دي كانت حياتي مع ايهاب .. رغم انه مقصرش في حاجة لكن اى حاجة كنت بعملها كانت مجرد رد جميل بس اقوله شكرًا .. عشان اعرف ابصله وانا شايفاه طول الوقت بيفكر فيا وبس وانا حاسه انى متقيدة مش عارفه اتحرك ولو اتحركت بتكون بصعوبة وتقل .. عارفه مفاجأته وهدايا .. مبفرحش بيهم غير لحظة.. تاثيرها لحظة عشان ميزعلش بعدها ولا اى حاجة ..
_ ودا من اول ما اتجوزتوا ولا مع الوقت بدأتى تحسيه ؟
تنهدت تنهيدة عميقة :
_ بعد جوازنا بفترة بقيت فاقدة الشغف في حاجات كتير .. في اول جوازنا كنت ملهوفه على النزول وببقي سعيدة معرفش فجأة حسيت كأني بطارية وفضيت ومهما حاولت اشحنها مبتتشحنش .. بشحنها شحن وهمي عشان ايهاب عشان احسسه ان انا تمام تقدير لمجهوده الجبار اللى بيعمله ودا بيعذبني لانه ميستحقش المعاملة دي .. لكن عارفه لما جينا هنا المرة اللى فاتت احساس كان مختلف .. حسيت اتردت فيا الروح .. بتنفس بحرية وبهدوء من غير ما افكر ..كنت بعيش اللحظة بحقيقتها .. لكن اتبخر الاحساس دا فى المطار وانا راجعه نابولي .. عارفه امتى كنت بحس انى بتنفس ؟
_ امتى ؟
_ فى المرسم اللى ايهاب عملهولي .. كنت لما بدخل بغمض عيني واتخيل ان انا هنا معاكم وفي اى لحظة زين هيدخل من الباب ..لكن بصحي من الحلم لما اللى يدخل بيكون ايهاب ..
صمتت مريم وتحدثت ملك :
_ انتى من الاساس محبتيش إيهاب يا مريم
نظرت اليها بصدمة :
_ ايه اللى بتقوليه دا ؟ اومال اتجوزته ازاى لا حبيته ؟
_ اللى حستيه اتجاه ايهاب هو انبهار .. انبهرتي بشخصيته + انه كان حلم من احلامك تقابليه وكنت بتسعي لتحقيق الحلم دا من دراستك وتخطيط لسفر تحضري معرض بتاعه صح ؟
_ ايوه لكن ..
_ مفيش لكن .. ايهاب ايوه حبك لكن انتى انبهرتي ب ايهاب مختار اللى من صورة عندك فى المرسم لشخص بيتكلم معاكي سامعه صوته ونفسه .. انبهرتي بشخصيته وقربه السريع ليكي مخلكيش تميزي مشاعرك وتحطيها تحت مسمي .. والدليل ع كدا مكنش فى فترة خطوبة كان تعارف وجواز وسفر .. ولما سافرتي كنتى فى اعلي درجات الانبهار سافرتي وروحتى اماكن كنتى بتحلمي بيها ومع مين مع ايهاب مختار .. لكن مع الوقت الانبهار قل تدريجي وفقدتي الشغف اتجاه الحاجات اللى كنتى بتتمنيها .. انتى نفسك قولتى فقدتى الشغف من كل حاجة لان خلاص انبهارك بيها اختفى .. عارفه لو حبتيه زي ما انتى بتحاولي تقنعي نفسك مكنتيش فقدتي الشغف بالعكس كنتى هتحبي تروحي اماكن اكتر وتسافري اكتر وتجربي حاجات اكتر مع الشخص اللى بتحبيه لانك حابه تشاركيه ويشاركك اللحظة دي .. زي انتى وزين من صغركم بتروحوا اماكن هى هي مغيرتوهاش لغاية ما كبرتوا وكل مرة بتكونوا انتم الاتنين فى المكان بيبقى احساسكم مختلف سعداء مرتاحين مبسوطين ..مزهقتوش ولا فقدتي الشغف ..عارف ليه ؟
_ ليه ؟
_ لانها مش بالاماكن يا مريم .. بالاشخاص ..مش مهم انتى رايحه فين وهتكوني فين المهم رايحة مع مين وهتكوني مع مين ..مش بيقولك اختار الرفيق قبل الطريق لأن الكنز فى الرحلة واللحظات اللى هتقضوها مع بعض اللى هتعمق علاقتكم مش المكان .
كانت كلمات ملك لمريم وصف دقيق لعلاقتها ب ايهاب .. صمتت وقالت ملك :
_ الطلاق مينفعش يستخبى يا ملك لازم اهلك يعرفوا .
_ هقولهم ..هقولهم ..
مرت 3 أيام بدت مريم فيهم طبيعية ، تستيقظ صباحًا وتذهب الى المطعم مع ملك وتقضي يومها كاملًا هناك بين العمل والحديث مع ملك او الجلوس بمفردها فى زاوية ..كانت تبتسم وتبدو طبيعية أمام الجميع ولكنها كانت تتعمد الا تكون بمفردها مع زين ..كانت تتهرب كلما عرض عليها تناول الطعام بالخارج :
_ متأكدة مش عاوزة ..
_ لسه واكله انا وملك وشبعانه .
نظر اليها بتعجب :
_ كنتى بتاكلى البيتزا حتى لو لسه واكله يا مريم .
_ انا تقلت فى الاكل وبعدين الايام جايه كتير .
_ دى 3 مرة افضي نفسي عشان ناكل مع بعض وتزوغي .. هو انتى خايفة نكون لوحدنا .
نظرت اليه ب اضطراب ولكنها حاولت التماسك :
_ خايفة.. اخاف ليه هتاكلني ؟
_ لا .. مثلًا تكوني مخبية حاجة وخايفة لما ازنقك تقري وتعترفي .
_ هكون مخبية ايه يعني ها ؟
_ انتى قوليلي مخبية ايه ؟
_ ولا حاجة ..
_ متاكدة ؟
نظرت اليه لثوانٍ والتفتت الاتجاة الاخر منشغلة بتوضيب طاولة :
_ ايوه متاكدة ..
وقف زين امامها :
_ ليه حاسك بتكدبي ..
_ براحتك.. بالنسبالي مفيش حاجة .. ويلا بقى ارجع لشغلك ولا روح شوف عروستك بتعمل ايه ..المفروض تكون مشغول مش فاضي كدا .
تحدثت مريم بنبرة حادة وقال زين :
_ بتوزعيني .. ماشي .. بس اعرفي ان انا عارف انك مخبية حاجة وهعرفها ..هعرفها يا مريم .م
غادر زين واحساسه الداخلي اكد له أن مريم تخفى شيئًا مهم فى قلبها لا تستطيع الإفصاح عنه ووجودهم بمفردهم معًا قد يجعلها تنهار أو تبوح بما تود قوله ..
فى المطعم فى ركن هادئ تجلس مريم بمفردها تضع سماعات الأذن عيناها مثبتتان فى نقطة بعيدة لا تنتمي للمكان .. ملامح وجهها متبدلة بين حزن دفين وشرود ثقيل ..كانت الموسيقى تتسلل الى قلبها تلامس جرحًا لم يلتئم بعد وكأنها تحاول أن تهرب من كل شئ حولها .. على الطاولة المقابلة يجلس كرم ومحمود يتحدثان ولكن بين الحين والأخر كانت عينا كرم تتسلل نحو مريم بقلق واستغراب .. لم يعتد رؤيتها هكذا ويشعر بخطب ما بها ولكنها تخفيه .. شئ ما تغير فى ملامحها وروحها المعتادة حتى ابتسامتها التى كانت تضئ المكان اصبحت تضع قناع يخفى ألمها .. كان يشعر بالقلق اتجاهها وتحدث محمود:
_ مالك يا كرم ..
_ مريم يا محمود.. من وقت رجوعها وفيها حاجة انا مش فاهمها ؟
نظر محمود اتجاهها :
_ مالها زي الفل اهي ولا عشان قاعدة لوحدها عادى ع فكرة .
_ لا فيها حاجة .. حتى فى البيت مبقتش تقعد معانا وبقت تدخل اوضتها .. مبتتكلمش مريم اللى كانت راديو بقت مبتتكلمش ولا بتهزر وتضحك زي الاول بتضحك كمجاملة عشان الموقف يعدى .. فيها حاجة انا متأكد .
_ طيب أسالها ؟
_ سألتها قالت مفيش حاجة ؟ بفكر اكلم ايهاب ؟
_ هتكلمه هتقوله ايه ؟
_ ممكن يكون فى مشكلة بينهم متخانقين مثلًا وهي مش عاوزة تقول لو كدا وطولوا ندخل احنا نصلح الامور بينهم .
_ ممكن صح.. خلاص كلمه .
حاول زين التحدث مع ملك لمعرفة سر مريم ولكنه فشل لان ملك اخبرته بعدم معرفتها وذلك لحفاظها ع سر مريم كما طلبت منها .. فى مكتب الويدنج بلينر الذي ينظم كتب كتاب زين وبسنت .. يجلس زين مع بسنت يراجعان اخر تحضيرات .. كان زين شارد فى حال مريم والغموض الذي يحيطها بينما بسنت تتحدث بحماس مع الشخص المسئول .. لاحظت بسنت شرود زين :
_ ايه رأيك يا زيزو دا احلى صح ..
_ ها .. ايوه ..
_ دا ولا دا ؟
_ اى حاجة تختاريها حلوة يا بسنت .
استأذن الشخص المسئول وتحدثت بسنت :
_ مالك يا زين متغير كدا وتركيزك مش موجود ؟
_ حاجة شاغله دماغي كدا .
_ فى الشغل ؟
_ لا برا الشغل ..
_ برا الشغل يعني مريم ؟ لسه حاسس انها مخبية عليك سر ؟
_ كل يوم احساسي بيزيد ..
_ هى حرة ..انت شاغل دماغك ليه ؟
_ يعني ايه هي حرة ؟
تعجبت بسنت من رد فعله :
_ يعني هي حرة.. كل انسان بيكون فى حياته اسرار مخبيها عن كل الناس محتفظ بيها لنفسه ..ممكن يكون دا حاجة محتفظة بيها لنفسها .. انت مخبي حاجة انا معرفهاش ؟
توتر زين :
_ حاجة اية؟
_ اى حاجة محدش يعرفها غيرك مثلًا ..
هرب من الاجابة:
_ هو انا فاضي يكون فى اسرار ..
_ هي بقى فاضية .. دا حقها يا زين سيبها براحتها .
_ مريم عمرها ما خبت عني حاجة ؟
_ ممكن تكون حاجة بينها وبين جوزها .. اسرار بينهم مينفعش حد يعرفها حتى انت .. متشغلش بالك هي لما تبقى عاوزة تتكلم هتتكلم سيبها براحتها .. وخلينا فى كتب كتابنا اللى بعد اسبوع دا .
ليلًا عادت مريم الى المنزل بخطوات هادئة ووجهه منهم لا تتوقع شيئًا سوى لحظة راحة قصيرة بين جدران غرفتها ..فتحت الباب ودخلت وتفأجأت بتواجد كرم وسناء ومحمود وسوسن كانوا جالسون حينما دخلت عيونهم مثبتة عليها وملامحهم مشدودة ما بين القلق والحزن والغضب .. دخلت والقت السلام :
_ مساء الخير ..
_ مساء الخير يا ميما ..
_ انا داخله اوضتي محتاجين حاجة مني ..
استوقفها والدها :
_ استنى يا مريم عاوزينك ..
تجمدت مكانها حين سمعت نبرة كرم الحادة .. جلست امامهم ونبض قلبها تسارع فجأة وكأن الهواء أثقل من أن يستنشق .. حاولت الحفاظ على اتزانها :
_ فى حاجة ولا ايه ؟
تحدث محمود:
_ مريم انتى كويسة يا بنتي ؟
_ الحمدلله ..
_ اكيد يعني ؟
_ ايوه الحمدلله ..
تحدثت سوسن :
_ ايهاب كويس ؟
صمتت لحظة :
_ الحمدلله
_ بتكلميه ؟
_ يعني .. ليه بتسألوا ؟
كانت سناء صامته وعيونها حزينة وهي تنظر الى ابنتها .. تحدث كرم بنبرة حزن :
_ بنسألك عشان نعرف ليه خبيتي علينا انك اطلقتي يا مريم .
شعرت مريم بشئ ينكسر داخلها وارتجفت انفاسها وما كانت تخفيه قد انكشف فجأة :
_ مين قالكم ؟
تحدث كرم :
_ إيهاب .. اتصلت به كنت فاكر في مشكلة بينكم ومزعلك قولت ندخل احنا الكبار نحلها لكن لاقيته بيعتذرلي كان فاكر انك قولتلنا انكم اطلقتوا .. ليه مقولتيش يا مريم .. ايه حصل وصلكم للطلاق ؟
لم تنطق .. لم تبك لكنها شعرت انها صغيرة وهشة محاصرة بأسئلة لم تعد تملك طاقة لإجاباتها ووسط العيون المتسأئلة شعرت مريم للمرة الاولي بأنها وحيدة حقًا .. اعاد كرم عليها السؤال مرة اخري :
_ مقولتيش ليه يا مريم ..
انفجرت مريم وتحدثت بغضب :
_ مقولتيش ليه يا مريم .. مقولتيش ليه يا مريم .. مقولتش عشان السؤال دا .. عشان القاعدة دى مقعدهاش وكأني بيتحقق معايا .. مقولتش ليه لاني مش عاوزة اقول ببساطة .. اصل هقولكم ايه .. هقولكم لاني فاشلة فشلت اكون زوجة .. فشلت احافظ على بيتي وعلى انسان كويس جدًا ( وضعت يدها على بطنها ) فشلت اكون أم .. اهو قولتلكم وعرفتوا خلاص كدا اتمنى الاجابة تكون وصلت ..
غادرت مريم المنزل ودموعها تنساب بلا توقف ، ارتسمت على وجوه الجميع ملامح الحزن العميق والأسى كأنهم يشاطرونها ألمها ويشعرون بثقل ماحدث .. صمت ثقيل خيم على المكان .. تحدثت سناء :
_ شوفها يا محمود راحت فين
تحدث محمود:
_ اكيد طلعت السطح زي العادة سيبوها لوحدها دلواقتي لغاية ما تهدأ البنت شايلة كتير جواه لوحدها ومبتتكلمش .
تحدث كرم بحزن :
_ انا كنت متأكد ان فيها حاجة كنت متأكد ,
تحدث محمود:
_ اهدى يا كرم .. مريم معانا ووسطنا هتبقى بخير متقلقش احنا مش هنسيبها لوحدها .
عاد زين الى المنزل لم يجد محمود وسوسن .. توجة الى منزل مريم فتحت سناء الباب وملامحها كانت تحمل حزنًا عميقًا فشعر زين بقلق يعتصر قلبه ..دخل وجلس معهم وعلم بالسر الذي كانت مريم تخفيه ( طلاقها ) تجمد زين مكانه واحتاجته مزيج من مشاعر الصدمة والحيرة والالم .. سأل عليها وعلم انها فى السطح .. صعد زين الى السطح يركض بخطوات سريعة باحثًا عنها بنظرات يملؤها القلق لكن السطح كان خاليًا .. وقف للحظة يلتقط انفاسه ويحاول أن يهدأ ليفكر أين يمكن أن تكون ذهبت فى ذلك التوقيت ..غلدر السطح وقابل كرم :
_ مريم فوق ؟
_ لا مش فوق ..
ارتسمت ملامح القلق على وجه كرم :
_ هتكون راحت فين لوحدها كدا
_ اطمن انا عارف ممكن تكون فين هوصل وهطمنكم ..
توجه زين الى مكانين ربما تكون ذهبت اليهم ولم يجدها وجاء على باله الشاطئ .. اتجه نحو الشاطئ الذي جمعتهما ذكريات كثيرة وبالفعل وجد مريم جالسة على الرمل امام البحر بمفردها ، قدماها مضمومتان الى صدرها تنظر الى البحر بشرود والنسيم يلععب بخصلات شعرها .. حين لمحها زين وقف وتنفس بعمق وكأن صدره تحرر من عبء ثقيل .. اخرج هاتفه بهدوء وارسل رسالة نصية الى كرم ليطمنئه ان مريم معه .. اغلق الهاتف ووضعه فى جيبه ثم بدأ يتحرك نحوها بخطوات بطيئة ..كانت عيونه معلقة بها بكل تفصيلة منها .. جلس بجانبها بصمت والتفتت مريم وتفاجئت بوجوده :
_ زين .. انت بتعمل ايه هنا ؟
_ بشم هوا
_ زين مبهزرش ..
_ ولا انا .. خلصت شغل وكنت عاوز افصل قبل ما ارجع البيت قولت اجاى اقعد هنا افضي دماغي شويا لقيتك قاعدة قعدت جنبك ... انتى بقى هنا بتعملي ايه ؟
صمتت لثوانٍ وقالت :
_ ولا حاجة كنت بتمشى ورجلى جابتني هنا .
_ بتتمشي فى وقت متأخر كدا .. انتى قلبك جمد هو الايطاليين قلبهم جامد كدا .
_ عاوز ايه يا زين ؟
_ مالك بتقفشي كدا ليه .. بنتكلم .. بنتبادل أطراف الحديث يا شق .
_ انا مش رايقة للرغي ولا الكلام عاوزة اقعد ساكته .
_ خلاص اقعدى ساكته وانا كمان هسكت وهعتبره يوجا لتصفيه الذهن .
جلسا سويًا على الرمال والاجواء صامته ..مريم كانت تنظر الى الافق عيناها تائهتان كأنها تبحث عن شئ أو تحاول الهرب من وجع لا تريد التحدث عنه ..ملامحها هادئة لكن فى هدوئها صخب لا يسمع .. اما زين فكان ينظر الى البحر والى مريم بصمت وكأنه يحاول قراءة ما خلف ذلك السكون .. فى ذهنه ألف سؤال ولكنه كان يسكت كل سؤال قبل أن يخرج لم يكن يريد أن يكسر تلك اللحظة التى اختارتها هي لحظة صمتها .. كانت الرغبة بالبوح تحترق داخله لكنه احترم رغبتها لم يضغط عليها فقط جلس الى جانبها فى صمت ..
بعد مرور وقت تحدثت مريم بصوت خافت :
_ انت هتفضل جنبي كدا ؟
_ اينعم ..عندك مشكلة ؟
_ هتستفاد ايه من القاعدة .. روح البيت احسن وارتاح .
_ وهو انا اشتكتلك ..
_ براحتك ..
_ في سؤال عاوز أسأله ؟
_ سؤال ايه ؟
_ ليه مقولتيش انك اطلقتي ؟
نظرت اليه بحده :
_ يعني مش جاى من الشغل انت جاى من البيت بعد ما عرفت منهم وجاى عشان تسألني .. بص خليك انت انا همشي .
امسك يدها ووقف :
_ رايحه فين ؟
_ اى مكان محدش فيه هيسألني ع اى حاجة .
_ خلاص اعتبريني مسألتش سحبت السؤال .. رغم انى هعرف الاجابة بس مش مستعجل .
_ زين بجد انا مش قادره اتكلم ..
_ وانا مقولتلكيش اتكلمي .. اسمعي ممكن ؟
_ نعم ؟
_ زي العادة.. انا هتكلم وانتى تسمعي ( امسكها من يدها وعادوا جلسوا ) انهاردا كان فى ميتنج مع عميل الدغ فى حرف الراء عارفه بينطقه ايه ؟ غاء .. ف انا استغل الفرصة وكتبت فى العقد اغلب الكلمت فيها حرف الراء وهو بيقرأ البنود تخيلي الموقف ..
كانت مريم تنظر اليه فى صمت وتحدث زين :
_ بقولك تخيلي الموقف .. هتخيلهولك انا ..
كان زين يتحدث بحيوية .. يحكي الموقف بطريقة طريفه ويقلد صوت الرجل ، كانت مريم تستمع له فى البداية كانت تكتفي ب ابتسامة خفيفة لكن شيئًا فشيئًا بدأت تضحك بصوتها المعتاد .. توقف عن الحديث :
_ انا جعان .. انتى جعانه ؟
_ مليش نفس ..
_ لما هتشوفيها هيبقى ليكي نفس .
_ ايه دي ؟
_ هو في غيرها حبيبتك .. البيتزا ..
اخرج هاتفه وطلب البيتزا وبعد نصف ساعة جاء عامل التوصيل وفتح زين علبة البيتزا :
_ الله على ريحتها وهي سخنة ..
_ بالهنا ..
امسك قطعة من البيتزا:
_ بالهنا علينا انا وانتى
واقترب بها لفم مريم واصر ان تتناولها :
_ افتح يا فيل يا صغنن فين الزلومة الحلوة .
ابتسمت مريم ع طريقة زين الكوميدية وفتحت فمها وقال :
_ الفيل الصغنن بتاعنا شاطورة..
بدأ يتناولا الطعام واستمر زين يحكي المواقف الطريفة التى حدثت له ويقلد الاصوات ويروي تفاصيل مضحكة ومريم كانت تبتسم ثم بدأت تضحك بصوتها المعتاد ضحكة خرجت من قلبها نقية وصافية كأنها لحظة نقاء وسط عاصفة .. كان زين ينظر اليها وهو يتحدث وكأن ضحكتها هي مكافأته الحقيقية .. استمر يحكي بحماس ويتأكد من مريم تناولها البيتزا .. بينما مريم لأول مرة منذ فترة طويلة شعرت انها قادرة على التنفس بحرية في وجود زين .. وسط كلماته وبين ضحاكتهما المشتركة ...
فى الشركة يجلس زين شارد ولاحظ كريم :
_ ايوه يا عريس سرحان فى شهر العسل وكدا ..
_ بتقول ايه ؟
_ دا انت مش هنا خالص .. ايه شاغل بالك.. متقلقش كل حاجة ماشية كويس وكتب الكتاب هيبقى جامد والحفلة اللى بعده اسكندرية هتتكلم عليها .
لم يعطي زين اى رد فعل وتحدث كريم :
_ دا الموضوع كبير .. طيب قول ونفكر بصوت عالي بتفكر في ايه .
_ بفكر أأجل كتب الكتاب ازاى .؟
_ ايه ...