رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الثالث والعشرون

ليعلن امتلاكه لشيء يظنه لا يزال ملكا له. اقترب كظل ثقيل ينمو في قلب الغرفة تسبق خطواته رائحة تهديد لا ترى لكن تشم وتحس كما يحس الزلزال قبل أن يبتلع الأرض.
لم يكن وجهها المذعور سوى وقود... كلما ازدادت ارتعاشاتها ازداد تمسكه بمشهد السيطرة.
نبض قلبها أصبح طبل حرب داخلي يقرع في صدرها بكل ذعرة وصرخت في وجهه بصوت امتزج فيه الرجاء بالغضب
أبعد يدك عني! لا. 
لكنه لم يصغ.
كان قد انفصل عن منطق الكلمات يسبح في بحر من هواجسه 
وقلبها يرتجف كطائر صغير علق بجناحه سهم.
كان لأنفاسه رائحة ندم متأخر لكنها كانت تعرف... ربما كان قد وهب كل هذا بالأمس لمارينا.
ذلك الاشمئزاز العميق اجتاحها كعاصفة.
استجمعت آخر بقايا قوتها دفعت صدره بعنف ثم انحنت على الأرض جوار السرير وتقيأت

بصمت موجوع.
لم يكن التقيؤ من المعدة بل من الأعماق... من مكان لا تطاله الأدوية.
حدق بها أحمد كأنها خذلته مرة أخرى نظرة جمعت بين جرح الكبرياء وغضب العاجز. ثم استدار فجأة ليغادر بعد أن جاءه اتصال.
ما إن خيل لصمت الغرفة أن يستقر حتى دخلت السيدة بيرجس تحمل بين يديها منشفة ومشاعر مرتبكة.
قالت بصوت خافت حنون
سيدتي أحمد... هل أنت بخير
رفعت سارة عينيها بصعوبة وابتسمت بمرارة مغلفة بالضعف
مرحبا... سيدة بيرجس. لقد مر وقت طويل.
أومأت المرأة برأسها. آخر مرة رأيتك فيها كانت منذ عام حين انتقل السيد أحمد إلى هنا. بالمناسبة... ما الذي حدث بينكما لقد كان دائما عطوفا معك. لم أره يهتم بامرأة كما فعل معك.
استلقت سارة مجددا على السرير عيناها مثبتتان على السقف حيث أضواء خافتة على شكل نجوم تلمع
على طلاء الغرفة كما أرادت ذات يوم.
كانت تلك السماء من تصميمها... حلم قديم صنعه أحمد لها من أجلها.
تنهدت تمتما
أوه لو كنت أعرف الجواب...!
تنهدت السيدة بيرجس أيضا. أستطيع القول إن السيد أحمد لا يزال يهتم لأمرك حتى وهو يعتني بها. أعلم أنه يعود إلى المنزل متأخرا... لكنه لا يبيت ليلته في بيت تلك الثعلبة.
فوجئت سارة تخللتها رعشة مفاجئة.
كيف ألم تقل الصحف أن أحمد يبيت في خليج كولينغتون أليست مارينا هناك
لكنها سرعان ما ضحكت ضحكة يابسة.
وما أهمية أن يبيت أو لا لديه أبناء منها! هل ما زلت غبية كفاية لأسأل نفسي تلك الأسئلة
قالت السيدة بيرجس بلطف
كل الأزواج يتشاجرون سيدتي... ثم يتجاوزون الأمر. لماذا لا تتراجعين لا يجوز أن تستمر الضغينة بينكما. أنا...
قطعت جملتها بامتعاضة خفيفة من سارة
لم تظهرها.
فبيرجس رغم طيبتها لم تكن تعرف شيئا عما يدور خلف جدران هذا الزواج.
لم تكن تعلم أن العلاقة بين سارة وأحمد لم تكن علاقة زوجين... بل صراع ممتد بين ذنب يدفن وندم ينهش.
وبهدوء قالت سارة
سأغتسل.
كما تشائين سيدتي أحمد.
دخلت سارة إلى الحمام كما يدخل المصلوب إلى معبد قديم ليلتقط أنفاسه.
.. ثم تدرجت إلى شعرها.
لم تكن قد غسلت شعرها منذ أيام وعندما رأت خصلات تتساقط بكثرة جلست على أرض الحمام تطوي جسدها وتضم ركبتيها كجنين يحاول الاحتماء من العالم.
مرت لحظة طويلة قبل أن تمد يدها وتبدأ في جمع الشعر المتساقط بمنديل ورقي.
كانت هذه الطقوس اليومية أشبه بتذكير ساخر بأنها ما زالت مريضة مهما قاومت.
وحين سمعت همسات السيدة بيرجس خلف الباب سارعت بإخفاء كل أثر خشية أن يعرف أحمد خشية أن
يستغل الضعف كورقة جديدة في حرب لا تنتهي.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1