رواية هالة الفصل السادس و العشرون 26 بقلم جميلة القحطاني

  


 رواية هالة الفصل السادس و العشرون بقلم جميلة القحطاني


إنذار، شدها سراج من شعرها بعنف، وصرخ بها كالمجنون:انتي! أنتي السبب! أنتي غريبة عنّا ومفيش غيرك عنده سبب يبيعني!
خرج بها وسط الفيلا، بين أعين العمّال والخدم، مهانة، منهكة، مربوكة.
الكل صامت… البعض حزين… لكن واحدة فقط كانت تبتسم من خلف الستائر.
فتاة ترتدي ثياب أنيقة، بعينين مليئتين بالحقد… أمل، التي كانت دائمًا ترى أن وجود هالة يهدد مكانتها عند سراج.
وفي وسط الصراخ، ترمي أمل نظرة خبيثة نحو سراج وتقول:أنا شوفتها مرة طالعة من مكتبك، وكان في ورق بإيدها.
وهكذا… اشتعل الشك أكثر.
سراج، العنيف بطبعه، لا يعرف التروي… يقرر سجن هالة في القبو، بدون طعام، بدون رحمة.
هو لا يعرف أنه مجرد أداة في لعبة أكبر… أن هناك من يسحب الخيوط بخبث من الخلف.
بردان المكان…
ورطوبة الجدران بتقطع النفس…
لكن الألم الحقيقي مش في البرد، ولا في التعب…
الألم الحقيقي كان جوا قلب هالة وهي قاعدة على الأرض، في زاوية القبو، راسها بين ركبها، ودموعها بتنزل بصمت.
في أول مرة اتحبست هنا، كانت فاكرة إنه مجرد عقاب وهيمر…
بس عدّت الأيام، ومافيش باب اتفتح، ولا صوت نادي باسمها، ولا حتى عين بصت لها بشفقة.
اللي حصل المرة دي كان أبشع…
اتبهدلت قدام الناس، اتسحلت من شعرها وهي بملابس نومها، وبعدين اندفعت في الضلمة من غير تفسير…
بس هي عارفة السبب: الشك…
الشك اللي بقى سيف على رقبتها، وكره مخزون بعيون ناس مش بيحبوا وجودها.
في الضلمة…
مافيش ساعة، مافيش نافذة…
بس كانت بتعدّ الوقت من نبض قلبها، من وجع ضهرها، من عدد مرات شهقتها وهي بتحاول ما تنهارش.
كام مرة اتحبست هنا؟
كام مرة شفت الضلمة دي وافتكرت إنها النهاية؟
وكام مرة كنت لوحدي، محدش فكر يمد إيده ويسحبني؟
اتذكرت أول مرة جت الفيلا…
كانت بنت بسيطة، لسه بتحاول تفهم العالم اللي اتحشرت فيه…
ومع كل يوم، كانت بتفقد جزء من نفسها…
من كرامتها… من قوتها…
بس المرة دي غير.
تعليقات