رواية هالة الفصل السابع و العشرون بقلم جميلة القحطاني
المرة دي هي مش بس موجوعة…
هي مكسورة…
مش علشان اتحبست، لكن علشان ولا حد خاف عليها، ولا حد حتى سأل: هالة راحت فين؟
عودة عمة هالة إلى بيت والدها الحاج عاصم الدمنهوري كانت مفاجأة أربكت الكل.
البيت اللي دايمًا فيه ضحك ولمّات، سكت شوية يوم رجوعها.
كانت تعبانة… ووشها شاحب، لكن ما قالتش حاجة.
كل اللي نطقته وهي بتدخل البيت:أنا جيت، ومش ناوية أمشي تاني.
وفي نفس اليوم، نُقلت للمستشفى بحالة صحية حرجة… والكل اتجمع حواليها، لكن في عيونهم خوف أكتر من لهفة، وكأنهم بيستعدوا لفقدان جديد.
أما في الجناح التاني من الحكاية…
فارس، حفيد عاصم، خرج من المستشفى بعد إصابة كادت تودي بحياته.
اتخيل إنه لما يرجع، الدنيا هتتغير…
لكن للأسف، رجع لنفس المعاملة الباردة… لا سؤال، لا اهتمام… كأن وجوده عادي أو زائد عن اللزوم.
الكل بيضحك… لكن هو مش قادر يضحك معاهم.
حتى أخته دنيا، بتحاول تقرب منه، تكلمه، تسأله… لكن كل مرة يصُدها بنظرة، أو كلمة مقتضبة.
سيبيني في حالي يا دنيا… انتو كلكم متعرفوش أنا بحس بإيه.
الغُربة وسط العيلة دي مش غُربة مكان…
دي غُربة روح وسط ناس شايفينك بس مش حاسين بيك.
وفي الوقت ده، مرض العمة بيكشف الستار عن أسرار قديمة…
تبدأ الشكوك تدور حوالين علاقتها بشخص غامض، ورسائل قديمة بين أوراقها، وصورة لهالة وهي طفلة…
صورة بتفتح أبواب مغلقة في قلب فارس، اللي هيبتدي يحس إن لهالة علاقة أكبر بيهم مما كانوا فاكرين.
في مساءٍ ساكن، وكانت رائحة الياسمين تتسلل من نافذة المشفى...
دخل فارس الغرفة بخطوات بطيئة، عيناه مرهقتان، وقلبه مشوش، لكنه دخل… يمكن لأول مرة بمحض إرادته.
كانت عمته نجلاء مستلقية، أنبوب المغذي في يدها، وجهها باهت، لكنها أول ما شافته ابتسمت بضعف:
نجلاء: فارس… تعال جنبي شويّة…
اقترب، جلس على طرف السرير، لم يتكلم… كان بينه وبينها جدار من الصمت، لكنه بدأ يتهاوى الآن.
فارس بهدوء متوتر: "سمعت إنك تعبانة…
نجلاء وهمسها يرتعش: مش بس تعبانة… أنا شايلة جوّه قلبي كلام لازم يطلع…
نظرت له بعيون ضايعة بين الألم والخوف:نجلاء: فارس… هالة… أنا حاسة إنها اتخطفت… مش هربت زي ما الكل بيقول.
ارتفع حاجبا فارس، قلبه دق أسرع.
فارس: إزاي يعني؟ مين؟
شهقت العمة كأن الكلام بيخنقها، ثم قالت:
نجلاء: ابن مهران العزايزي… سراج… أنا شُفت وشه قبل كده… كان بييجي الفيوم، وكان بينه وبين أبوك .